
ضوضاء تاريخي من الخداع
كتابي المفضل هو قصة الحضارة (ل-ول ديورانت) وهو يتميز بأسلوبه السلس والمشوق، حيث يقدم ديورانت تحليلات عميقة للأحداث التاريخية والشخصيات المؤثرة، يحتل واجهة مكتبتي. يشكل مرجعية تاريخية لي وأحيانا سردا ادبيا تختلط فيه مناهج عدة، رغم اعتماده على مصادر لاترقى الى المصادر الاركيولوجية الدقيقة الا ان فيه الكثير من الاحاطة بالحضارة العالمية وهي عملية شاقة جدا. بين طياته قرات الكثير من الضوضاء التاريخي وهو موضوع مثير ومعقد، قد تم استخدامه في مجالات متنوعة مثل السياسة، الحرب، الدعاية، والفنون. أحينا، يتم تزييف الأحداث التاريخية لأغراض متعددة تؤدي إلى تأثيرات بعيدة المدى على الهوية الوطنية. هناك حالات معروفة حيث تم تعديل السجلات التاريخية لتلبية احتياجات الأنظمة الحاكمة، وتم استخدام الخداع لخلق أساطير قومية، مثل الأساطير حول الأبطال القوميين، التي تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية، يعتبر الخداع جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الانسان، حيث تم استخدامه بطرق متنوعة لتحقيق أهداف مختلفة. الخداع يلعب دورًا معقدًا في تشكيل الأحداث التاريخية وتوجيه مسارات مجتمعية، فهم هذه الظاهرة يساعدنا على تحليل التاريخ بشكل أعمق ويدعو إلى استخدام التفكير النقدي والقراءة الترانسدالية في تحليل المعلومات التي نتلقاها، موضوع الأصول الجينية للخداع التاريخي وهو موضوع مثير للاهتمام، لكنه يتطلب تمييزًا بين الخداع كظاهرة اجتماعية وثقافية وبين العوامل البيولوجية أو الجينية التي قد تؤثر على السلوك البشري. يميل البشر إلى استخدام الخداع لأغراض البقاء والتكيف، يمكن أن يكون الخداع وسيلة للحصول على الموارد أو تجنب المخاطر، لكن تحديد الجينات المرتبطة بالخداع هو عملية صعبة وموضوع معقد، كون السلوكيات الفردية تتأثر بتفاعل الجينات مع البيئة، مما يجعل من الصعب عزل الجينات المسؤولة عن الخداع بشكل دقيق، بعض العلماء يرون أن الخداع قد يكون له دور في التطور، حيث أن الأفراد الذين يستطيعون الخداع قد يحققون ميزة تنافسية في التكيف مع البيئة، الخداع كظاهرة اجتماعية قد تطور عبر الزمن، مما يعكس التغيرات في القيم والمعايير الثقافية بينما قد تكون هناك جوانب جينية تؤثر على السلوك البشري، فإن الخداع كظاهرة تاريخية يعتمد بشكل كبير على السياقات الاجتماعية والثقافية. لذا، من المهم دراسة الخداع من منظور متعدد التخصصات يجمع بين علم النفس، علم الاجتماع، وعلم الأحياء.
الشخصية النمطية والخداع التاريخي
الشخصية النمطية في ظل الأنظمة الفاسدة والخداع التاريخي تُعتبر موضوعًا معقدًا، حيث تتشكل من خلال تفاعل عدة عوامل اجتماعية ونفسية وثقافية. في الأنظمة الفاسدة، يمكن أن تنمو شخصية نمطية تميل إلى الامتثال للسلطة، حيث يخشى الأفراد من العقاب أو الانتقام وقد يتبنى الأفراد سلوكيات معينة تساهم في بقائهم، مثل التظاهر بالولاء أو إخفاء الآراء الحقيقية في ظل الأنظمة الفاسدة، قد يتطور الأفراد إلى شخصيات أكثر مراوغة، تستخدم الخداع كوسيلة للبقاء والتكيف مع الظروف يصبح الأفراد بارعين في قراءة وإدارة المعلومات، مما يمكنهم من التكيف مع الأنظمة القمعية، الخداع التاريخي يمكن أن يؤدي إلى تشكيل هويات جماعية مبنية على روايات مزيفة، مما يؤثر على كيفية فهم الأفراد لتاريخهم ومكانتهم ،الأنظمة الفاسدة غالبًا ما تعيد كتابة التاريخ لتبرير أفعالها، مما يخلق شخصية نمطية تتقبل هذه الروايات دون نقد،قد تنمو مشاعر عدم الثقة بين الأفراد، حيث يصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة والخداع مع زيادة الوعي بالفساد ، الشخصية النمطية في ظل الأنظمة الفاسدة والخداع التاريخي تتشكل من تفاعل معقد بين العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية. فهم هذه الديناميات يساعد في تحليل كيفية تأثير الأنظمة الفاسدة على الأفراد والمجتمعات، وهي دعوة إلى التفكير في سبل التغيير والإصلاح.
العوامل الاساسية في تشكيل الخداع التاريخي
بعض الدراسات تشير إلى أن البشر لديهم ميول فطرية للخداع، حيث يمكن أن يكون الكذب جزءًا من استراتيجيات البقاء والطموح والخوف من الفشل. الرغبة في السلطة يمكن أن تدفع الأفراد إلى استخدام الخداع لتحقيق الأهداف. الأنظمة الفاسدة غالبًا ما تعزز الخداع، حيث يسعى الأفراد للحفاظ على مكانتهم أو الحصول على السلطة من خلال التضليل، بعض الأبحاث تشير إلى أن بعض السلوكيات، منها الكذب والخداع، قد يكون لها جذور جينية. لكن تأثير الجينات على السلوكيات يعتمد أيضًا على السياقات الاجتماعية، الجينات يمكن أن تؤثر على الاستجابة للمواقف الاجتماعية، مما يساهم في تشكيل سلوكيات الأفراد، العوامل النفسية والاجتماعية تتفاعل بطريقة معقدة وتؤثر على أنماط الخداع. على سبيل المثال، قد تؤدي الظروف الاجتماعية إلى تعزيز سلوكيات معينة تكون جذور جينية عبر الزمن، يمكن أن تؤدي هذه التفاعلات إلى تشكيل أنماط خادعة تجسدها المجتمعات في سردياتها التاريخية.
عقدة اوديب والخداع التاريخي
عقدة أوديب، التي تم تطويرها بواسطة عالم النفس سيغموند فرويد، تشير إلى مشاعر الحب والغيرة التي يشعر بها الابن تجاه والدته، وكره غير واعٍ تجاه والده. بينما يبدو أن هذا المفهوم نفسي بحت، يمكن استخلاص بعض الروابط بينه وبين الخداع التاريخي من عدة زوايا، كما يسعى أوديب إلى تحدي والده، فإن الأجيال الجديدة قد تسعى لتحدي السرديات التاريخية التي وضعتها الأجيال السابقة، مما يؤدي إلى إعادة تقييم الأحداث التاريخية، يمكن أن ينطوي هذا التحدي على نوع من الخداع الذاتي، حيث يؤمن الأفراد بمعلومات مزيفة أو مشوهة عن تاريخهم لتبرير مواقفهم، كما أن عقدة أوديب تعكس الصراع الداخلي، يمكن أن يعكس الخداع التاريخي التوتر بين الأجيال عبر تغير المجتمعات، حيث يسعى الأفراد لفهم مكانتهم في سياق تاريخي مشوه، يمكن أن تؤثر روايات الخداع التاريخي على الهوية الجماعية، مما يؤدي إلى صراعات مشابهة لصراعات أوديب، حيث يسعى الأفراد للبحث عن الحقيقة في التاريخ الموازي ،التاريخ غالبًا ما يُكتب من خلال عدسة معينة، مما يشبه كيفية سرد الأساطير. كما يُستخدم الخداع لتشكيل الهوية الثقافية، يمكن أن تُستخدم عقدة أوديب لتفسير الصراعات الأسرية والثقافية في الحضارات القديمة والوسطى مثلما يسعى الأب لفرض سلطته، تسعى الأنظمة السياسية أحيانًا إلى الحفاظ على سلطتها من خلال ترويج سرديات تاريخية معينة، مما يؤدي إلى نوع من الخداع الجماعي. يمكن أن يُنظر إلى عقدة أوديب كرمز للصراعات الداخلية التي تعكس تصورات أوسع عن السلطة والهوية. بينما تتفاعل هذه الديناميات مع الخداع التاريخي، يمكن أن تؤدي إلى إعادة تقييم الروايات التاريخية وسرديات الهوية.
تقييم الروايات التاريخية وسرديات الهوية
إعادة تقييم الروايات التاريخية وسرديات الهوية تعكس صراعات الجيل الجديد مع السرديات التقليدية. من خلال هذا التفاعل، يمكن أن يحدث تغيير عميق في فهم الهوية الجماعية والتاريخ، مما يؤدي إلى هوية أكثر شمولية وواقعية، صراعات الجيل الجديد مع السرديات التقليدية تركز بشكل عميق على فهم الهوية الوطنية، وذلك من خلال عدة جوانب يسعى الجيل الجديد إلى تحدي القيم والتقاليد التي قد تعتبرها قيدًا على حريتهم، مما يؤدي إلى إعادة تقييم ما تعنيه الهوية ،يمكن أن تتضمن الهوية الجديدة قيمًا أكثر توافقًا مع التغيرات الاجتماعية مثل المساواة وحقوق الانسان، تعزز الصراعات بين الأجيال الحوار بين الموروث والحاضر المتخلف مقارنة بالواقع الحالي للحضارة العالمية والنمو الهائل للتكنولوجيا مما يتيح للجيل الجديد التعبير عن آرائه وتجاربه، من خلال هذا الحوار والاحترام المتبادل يسعى الجيل الجديد إلى تعريف هويته بشكل أكثر تنوعًا، مما قد يتضمن التقدير للتجارب الفردية والاعتراف بتعدد الهويات داخل المجتمع، يمكن أن يؤدي هذا التحدي إلى رفض الأنماط التقليدية التي قد تكون مقيدة، مثل تلك المرتبطة بالأنتماءات الطائفية أو التوقعات الاجتماعية، صراعات الجيل الجديد مع السرديات التقليدية تؤدي إلى إعادة تقييم شاملة لفهم الهوية ، مما يساهم في تعزيز الحوارواحترام التنوع، وتمكين الأفراد. هذه الديناميات تعكس تحولًا في كيفية رؤية الأجيال الجديدة لعلاقاتهم المجتمعية ومكانتهم داخلها.
الخداع التاريخي والحضارة الانسانية
المصير المتوقع للخداع التاريخي على الحضارة الإنسانية يمكن أن يتخذ عدة اتجاهات، بناءً على كيفية تأثير هذه الظاهرة على المجتمعات والثقافات. مع زيادة الوعي بالخداع التاريخي، قد تسعى المجتمعات إلى إعادة تقييم الروايات التاريخية. هذا يمكن أن يؤدي إلى فهم أكثر دقة وشمولية للتاريخ الإنساني، يمكن أن تظهر روايات جديدة تسلط الضوء على تجارب الفئات المهمشة، مما يعزز من التنوع التاريخي ومواجهة الخداع التاريخي، يمكن أن تعزز من الفكر النقدي لدى الأفراد، مما يدفعهم إلى تحليل المعلومات بشكل أعمق وفهم الظروف المحيطة بها، يمكن أن يؤدي الكشف عن الخداع التاريخي إلى زيادة الوعي الاجتماعي والسياسي، مما يحفز الأفراد على المشاركة في الحياة العامة والمطالبة بالتغييرفي بعض الحالات، قد تؤدي إعادة تقييم التاريخ إلى ردود فعل عنيفة من قبل أولئك الذين يتمسكون بالروايات التقليدية، يمكن أن يؤدي الوعي بالخداع التاريخي إلى إعادة تشكيل الهوية الجماعية، حيث يسعى الأفراد إلى فهم أنفسهم في سياق تاريخي أكثر دقة، هذا التحول يمكن أن يؤدي إلى انقسامات جديدة بين الأجيال أو الفئات المختلفة، أو يمكن أن يعزز من الوحدة حول فهم مشترك للتاريخ، المصير المتوقع للخداع التاريخي على الحضارة الإنسانية يعتمد على كيفية استجابة الأفراد والمجتمعات لهذه الظاهرة. يمكن أن يؤدي إلى إعادة تقييم شامل للتاريخ وتعزيز الفكر النقدي، ولكن أيضًا يمكن أن يسبب انقسامات وصراعات جديدة. في النهاية، سيتحدد هذا المصير من خلال قدرة المجتمعات على التعلم من أخطاء الماضي وبناء سرديات تاريخية أكثر دقة وشمولية، بناء سرديات تاريخية شاملة يتطلب جهدًا جماعيًا وتعاونًا بين الباحثين والأفراد والمجتمعات من خلال جمع المعلومات المتنوعة، وتحليلها نقديًا، وتضمين وجهات نظر متعددة، يمكن خلق سرديات تعكس تاريخًا أكثر دقة وعمقًا، لكن بناء سرديات تاريخية في غياب الأدلة الأركيولوجية يتطلب منهجية شاملة تستند إلى تحليل النصوص، مقارنة المصادر، واستخدام العلوم الاجتماعية. من خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن تعزيز الفهم التاريخي وتجاوزحالة الخداع التاريخي رغم نقص الأدلة المادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- موقع كتابات
هل تستطيع الفيزياء معالجة مشكلة الكذب؟
من المؤكد اننا نكافح كل شيء من اجل العيش في حياة أفضل، الا أننا نعاني من مشكلة لا يمكن أن نجد ونحصل لها على أجابة كافية، بالفعل أن الكذب عاهة بشرية مستديمة ومرض لا خلاص منه، لا يمكن القضاء عليه لذا فأن المجتمع البشري، الذي يعتمد على الكذب بشكل كامل وقد يكون مفيداً شيء ما في مجالات عديدة، و منها العمل والانجاز العمل والصدق بالقول والوعود،والامانة وغيرها بل يدخل الكذب في مجال التعاون المجتمعي ، كما أنه من الضروريات لبقاء ودوام الانظمة والحكومات الفاسدة و الاعلام الزائف والكثير من المجالات التي تعتمد بالمباشر على الكذب ..لذا فأن علم الفيزياء مجال علمي يركز على دراسة الظواهر الطبيعية والقوانين التي تحكمها ، وعلى الرغم من أن الفيزياء تلعب دورا مهما في فهم العالم المادي بشكل بحت ، وكل شيء حولنا كذلك فأن هذه التطبيقات التقنية المتنوعة بكل اشكالها وانواعها ومحدوديتها إلا أنها ليست موجهة نحو التعامل مع الظواهر الاجتماعية والنفسية مثل الكذب. الكذب هو بالذات سلوك بشري يرتبط بمجالات علم النفس والاجتماع والأخلاقيات، و لمعالجة مشكلة الكذب تتطلب نهجا شاملا يشمل علم النفس لدراسة دوافع السلوك، وعلم الاجتماع لفهم تأثيرات البيئة والمجتمع، والأخلاق لتقييم السلوك من منظور القيم والمبادئ. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تستخدم التقنيات الفيزيائية مثل الكذب والتنصت، بما في ذلك اختبار الكذب (بوليغراف) لقياس الاستجابات الفسيولوجية المرتبطة بالكذب ومع ذلك، فأن هذه الأدوات ليست دقيقة بنسبة 100٪ وقد تعتمد على التفسيرات النفسية للتغيرات في الاستجابات الجسدية. ولتصحيح مثل هذه السلوكيات مثل الكذب، نحتاج إلى تدخلات تعتمد على التربية النفسية والتعليم و التوجيه النفسي و المجتمعي لتعزيز القيم الأخلاقية وتشجيع الصدق والنزاهة، وبناء بيئات خاصة تساهم ترسيخ حقيقة الصدق وتعزز الثقة بين الأفراد والجماعات والمجتمعات، يمكن لها أن تكون أكثر فعالية وتأثيراً في معالجة مشكلة الكذب ، أما يمكن من أستخدام تقنيات علمية يمكنها الحد من الكذب والقضاء عليه فأعتقد هذا لا يمكن حصوله في هذا الوقت وبما يكون له قولاً وقتاً اخر في المستقبل .


موقع كتابات
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- موقع كتابات
العلم والقرآن: تكامل أم تعارض؟
لطالما بحث الإنسان عن تفسير لما يراه في الكون، من النجوم الساطعة إلى أدق تفاصيل جسده. ومع تقدم العلوم، تكشفت أسرار مذهلة حول طبيعة المادة والطاقة، مما أثار تساؤلات حول العلاقة بين الحقائق العلمية والنصوص الدينية. لكن التأمل في القرآن الكريم يظهر أنه لا يتعارض مع هذه الاكتشافات، بل يوجه الإنسان إلى إدراك قوانين الكون وفهمها. يقول الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) هذه الآية تحمل دعوة صريحة للتأمل في آيات الله المنتشرة في الكون الفسيح وفي النفس البشرية، وهو ما يفعله العلماء اليوم عند بحثهم في فيزياء الفضاء وعلم الأحياء والطاقات الكونية. من أعظم الاكتشافات العلمية التي أعادت تعريف مفهومنا للكون هي معادلة أينشتاين الشهيرة حول الطاقة. تثبت هذه المعادلة أن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة، حيث يمكن تحويل الكتلة إلى طاقة هائلة والعكس صحيح وبذلك، لم يعد الكون مجرد فضاء مملوء بالمادة، بل هو في جوهره طاقة تتجلى في أشكال مختلفة، من الضوء والحرارة إلى القوى الكونية الهائلة التي تحكم النجوم والمجرات. ترصد هذه الظاهرة في العمليات الفيزيائية التي تبقي الكون في حالة توازن مستمر، مثل الانفجارات النجمية التي تطلق طاقة هائلة، أو حتى في العمليات الحيوية داخل الجسم البشري، حيث تتحول الطاقة الكيميائية إلى حركة وفكر ووعي. أكد العلم أن الكون في حالة تمدد مستمر، وهو ما يتوافق مع قوله تعالى: هذا التوسع الكوني يشير إلى أن الطاقة في الكون ليست ثابتة، بل في حالة تغير ديناميكي، حيث تتحول المادة إلى طاقة والعكس عبر عمليات فيزيائية معقدة. ومن أعظم مظاهر الطاقة في الكون الضوء، وهو أحد أهم أشكال الطاقة التي تتيح لنا رؤية المجرات البعيدة. بفضل سرعة الضوء الهائلة (300,000 كم/ث)، يمكننا قياس المسافات بين الأجرام السماوية بملايين ومليارات السنوات الضوئية، مما يسمح لنا برؤية الماضي الكوني، وكأننا نشاهد تاريخ الكون عبر نوافذ الزمن. وقد كشف العلم أن اختلاف درجات الحرارة والكثافة بين المياه المالحة والعذبة يمنع اختلاطهما المباشر، مما يخلق نوعًا من 'الطاقة الحدودية' التي تحفظ توازن البيئة البحرية. حتى في داخل الإنسان، تتجلى عظمة الطاقة الكونية في الدماغ البشري، الذي يحتوي على نحو 200 مليار خلية عصبية، تعمل بتناسق مذهل عبر إشارات كهربائية وكيميائية. هذه الطاقة العصبية هي التي تمنح الإنسان القدرة على التفكير والإبداع واتخاذ القرارات، مما يعكس تعقيد هذا النظام الحيوي، كما أشار القرآن بقوله: عندما نتأمل في هذه الحقائق العلمية، نجد أنها لا تتناقض مع القرآن، بل تؤكد عمق المعاني التي وردت فيه منذ قرون. فبينما يكتشف العلماء قوانين الكون، يوجه القرآن الإنسان إلى التفكر في هذه الآيات الكونية. وهكذا، فإن العلم لا ينفي وجود الله، بل يكشف عن القوانين التي وضعها في الكون، مما يجعل العلاقة بين العلم والقرآن تكاملية، لا تصادمية. المشكلة الحقيقية لا تكمن في الأديان نفسها، بل في الاستخدام السيئ لها من قبل بعض الأفراد والجماعات الذين يحرفون تعاليمها من أجل السلطة والنفوذ أو لخدمة مصالحهم الضيقة. فالكتب السماوية، وفي مقدمتها القرآن الكريم، جاءت لترسيخ قيم العدل والرحمة والتعاون، وإرساء نظام إنساني يقوم على الأخلاق والعلم والتقدم. لكن حين يُساء استغلال الدين، يتحول من وسيلة لبناء المجتمعات إلى أداة للفرقة والصراعات. لذلك، فإن المسؤولية تقع على عاتق البشر في فهم الرسائل السماوية كما أنزلت، والعمل على بناء نظام يتطور يهدف الى تحقيق مقاصدها في نشر الخير والسلام بين الناس.


موقع كتابات
١٤-٠٣-٢٠٢٥
- موقع كتابات
الاحلام من منظور علم النفس
احمد المغير تعرف الأحلام في علم النفس، بأنها أي أفكار أو صور أو عواطف يختبرها الشخص أثناء النوم. لم يتفق علماء النفس بعد على سبب أحلامنا وماذا تعني هذه الأحلام ، ولكن هناك العديد من النظريات المهمة. نظرية فرويد للتحليل النفسي للأحلام يعتقد سيغموند فرويد أن محتويات أحلامنا مرتبطة بأرضاء الرغبات ، وأن أحلامنا تمثل أفكار ودوافع ورغبات اللاوعي لدينا. علاوة على ذلك اعتقد فرويد أن الغرائز الجنسية التي يقمعها الوعي تظهر في أحلامنا. في كتاب فرويد ، تفسير الأحلام، قسم فرويد الأحلام إلى مكونين: المحتوى الواضح او الظاهر- الأفكار والمحتوى والصور الفعلية التي نشاهدها في الحلم. المحتوى الكامن او المخفي- المعنى النفسي المخفي وراء الأحلام ، قسمه فرويد وصولا الى ما وراء الحلم إلى خمسة أجزاء متميزة: الإزاحة: عندما يتم تمثيل الرغبة في شيء ما من قبل شيء ما أو شخص آخر. الإسقاط: عندما يتم دفع رغبات الحالم إلى شخص آخر في الحلم. الترميز: عندم يتم تمثيل التصرف المجازي في الحلم. التكثيف: عندما يتم ضغط الكثير من المعلومات في صورة أو فكرة واحدة ، مما يجعل من الصعب فك تشفير المعنى. المراجعة الثانوية: المرحلة الأخيرة من الحلم ، حيث يتم إعادة تنظيم العناصر غير المتماسكة في حلم قابل للتعبير. بينما دحضت الأبحاث نظرية فرويد عن المحتوى الكامن الذي يتنكر خلف المحتوى الواضح او الظاهر ، فإن عمل سيغموند فرويد ساهم بشكل كبير في الاهتمام بمجال تفسير الأحلام. يعتبر ما قام به فرويد في تفسير الاحلام محطة هامة في تاريخ علم النفس حيث فتح الباب امام وضع تفسير علمي للأحلام من منظور علم النفس وبذلك تجاوزت البشرية التفسيرات الغيبية والأدبية للأحلام . نظرية كارل يونغ في الأحلام بينما كان يونغ يؤمن بالكثير مما اقترحه فرويد بما يتعلق بالأحلام ، اعتقد يونغ أن الأحلام لم تكن مجرد تعبير عن الرغبات المكبوتة ، ولكنها عوضت أيضا عن تلك الأجزاء من النفس التي كانت متخلفة أثناء حياة اليقظة. يعتقد يونغ أيضا أن الأحلام تكشف عن اللاوعي الجماعي واللاوعي الشخصي ، وتظهر لنا النماذج الأصلية التي كانت تمثل أفكار غير واعية. نموذج التنشيط والتوليف للحلم في عام 1977 ، أنشأ روبرت مكارلي وج آلان هوبسون نموذج التنشيط والتوليف ، حيث اقترحوا أن الأحلام ناتجة عن العمليات الفسيولوجية للدماغ. وفقا لنموذج التنشيط والتوليف ،فأنه خلال المرحلة الأخيرة من دورة النوم المعروفة باسم نوم حركة العين السريعة (REM) ، تنشط الدوائر داخل جذع الدماغ ، والتي بدورها تنشط أجزاء من الجهاز الحافي تلعب دورا رئيسيا في الذاكرة والإحساس والعاطفة. ثم يحاول الدماغ إنتاج معنى من هذا النشاط الداخلي ، مما يؤدي إلى الأحلام. عندما ظهر نموذج التنشيط والتوليف ، قوبل بمعارضة في داخل علم النفس ، وخاصة من قبل أولئك الذين درسوا تعاليم فرويد. نظرية هول في الاحلام اقترح عالم النفس كالفن اس هول أن الهدف من تفسير الحلم هو فهم الفرد الذي يحلم ، وليس مجرد فهم الحلم نفسه. ادعى هول أن تفسير الأحلام بشكل صحيح يتطلب فهم عدة عناصر وهي: الإجراءات التي يشارك فيها الحالم داخل الحلم ،أي أشكال أو أشياء تظهر في الحلم، جميع التفاعلات التي تحدث بين الحالم والشخصيات داخل الحلم، إعدادات الحلم، أي انتقالات تحدث داخل الحلم، نتيجة الحلم. نظرية دومهوف في الأحلام درس ويليام دومهوف تحت إشراف كالفن هول ، وتوصل إلى استنتاج مفاده أن الأحلام هي في الواقع انعكاسات لأي أفكار أو مخاوف تحدث أثناء حياة اليقظة للفرد الذي يحلم. وفقا لنظرية دومهوف ، فإن الأحلام هي نتيجة العمليات العصبية. الموضوعات الشائعة الموجودة في الاحلام فيما يلي عشرة من أكثر الموضوعات شيوعا التي يختبرها الناس أثناء الحلم ، بالإضافة إلى المعاني المحتملة لهذه الموضوعات وفقا لنظرية فرويد. 1. إجراء اختبار وكنت تشعر أنك لم تكن مستعدا له: هذا النوع من الأحلام لا يتعلق فقط بالاختبار الأكاديمي ، وعادة ما يكون خاصا بالحالم. يتعلق هذا النوع من الأحلام مع الشعور بالتعرض لموقف، وقد يرمز الاختبار إلى الحكم على الشخص الحالم أو تقييمه من قبل شخص آخر. 2. أن تكون عاريا أو ترتدي ملابس غير لائقة: يتعلق هذا النوع من الأحلام بمشاعر الخجل أو الضعف. 3. المطاردة أو الهجوم: هذا النوع من الأحلام أكثر شيوعا عند الأطفال ، الذين تميل أحلامهم إلى التركيز على المخاوف الجسدية بدلا من المخاوف الاجتماعية. يمكن أن يجعلهم حجمهم يشعرون في كثير من الأحيان بأنهم ضعفاء جسديا. في البالغين ، يمكن أن يكون هذا النوع من الأحلام علامة على التعرض للضغط. 4. السقوط: يمكن أن يمثل السقوط شعورا بالإرهاق الشديد من وضعك الحالي وفقدان السيطرة. 5. الضياع في المرور: غالبا ما يمثل هذا الشعور بالضياع ، أومحاولة الحصول على شيء ما أو العثور على طريقك وعدم التأكد من كيفية القيام بذلك. 6. فقدان سن: يمكن أن يمثل هذا شعورا بأنك (غير مسموع أو غير مرئي) في علاقة شخصية أي كما نقول في العراقي ملبوس، أو مشاعر عدوانية. 7. الكوارث الطبيعية: يمكن أن يشير هذا إلى الشعور بالإرهاق الشديد من المشاكل السابقة لدرجة أنه يبدو أنها تخرج عن نطاق السيطرة. 8. الطيران: يمكن أن يمثل هذا الرغبة في الهروب أو التحرر من الموقف. 9. الموت أو الإصابة: يمكن أن يمثل هذا شيئا في الحياة اليومية للحالم لم يعد يزدهر أو بدأ يذبل ، مثل علاقة شخصية أو سمة شخصية ، ولا يعني بالضرورة أفكارا حقيقية عن الموت. 10. فقدان السيطرة على السيارة: يمكن أن ينتج هذا النوع من الأحلام عن مشاعر التوتر والخوف ، وعدم الشعور بالسيطرة على الحياة اليومية. في حين أن علماء النفس لا يزالون لا يفهمون الأحلام تماما ، فإن تفسيرهم يضع مفتاح في علم النفس الحديث. من تفسير فرويد لتحليل الأحلام والذي يشير إلى أن الأحلام مرتبطة باللاوعي وتمثل رغباتنا المكبوتة ، إلى عمل ويليام دومهوف الذي اعتقد أن الأحلام كانت مجرد نتيجة للعمليات العصبية ، أن فهم سبب حدوث الأحلام والمعاني المحتملة وراء ذلك لا تزال جزءا مهما جدا من علم النفس. د احمد مغير