
الأخبار: المشروع الأميركي – السعودي: نزع الشرعية عن المقاومة تمهيداً لفتنة داخلية!
ليس بين الحاضرين في الغرف الرسمية والدبلوماسية في لبنان مَن هو ساذج إلى حدّ الاعتقاد بأن قراراً يصدر عن مجلس الوزراء قادرٌ على إنهاء مسيرة مقاومة يعود عمرها إلى عمر الاحتلال نفسه. وليس بين هؤلاء مَن يملك أولاً القدرة على تحمّل مسؤولية بهذا الحجم، فضلاً عن سؤال أكثر جوهرية يتعلق بالقدرة على تحقيق هذا الهدف؟
هذه الحقيقة لا تقتصر على مَن يتداولون الأوراق والأفكار محلياً، بل هي راسخة أيضاً لدى أصحاب الوصاية الخارجية، في قلب الإدارة الأميركية، وفي المملكة العربية السعودية، ومن خلفهما إسرائيل.
لا حاجة فعلية إلى السؤال عن موقف أطراف محلية ارتضت، منذ زمن طويل، أن تكون أداةً بيد أطراف الوصاية الخارجية، سواء كانت تلك التي خضعت سابقاً للوصاية السورية - السعودية، أو التي انضمت لاحقاً إلى محور الوصاية الأميركية - الأوروبية - السعودية، قبل أن ينضوي الجميع، اليوم، تحت سلطة الوصاية الأشد فتكاً، والمتمثّلة بالولايات المتحدة والسعودية.
السؤال موجّه فعلياً إلى من يمثّلون قسماً وازناً من الجمهور، أي إلى أولئك الذين يدركون أن أي موقف يتخذونه اليوم سيرتدّ مباشرة على قواعدهم الشعبية. وهي قواعد لا تتشكّل فقط على أساس سياسي، بل أيضاً على أسس طائفية ومذهبية ومناطقية، وستكون هي من يدفع ثمن قرارات ممثّليها في مواقع القرار.
يتصرّف عون وسلام على أساس أن مهلة السماح المُعطاة لهما خارجياً قد انتهت بينما يواجه بري تحدّياً مباشراً حول من يحفظ الدور الشيعي
وهو سؤال ينبغي أن يتأمّله كلّ من يظنّ أن الخضوع للوصاية الخارجية اليوم يمكن أن يعفيه من المساءلة في الغد، أو أنه سيمنحه حصانة دائمة لدى أطراف الوصاية أنفسهم. ومن يحتاج إلى دليل، يكفيه أن ينظر في طريقة إدارة الولايات المتحدة والسعودية لملفات دول وشعوب كالأردن، والسلطة الفلسطينية، وسوريا الجديدة!
أما بالنسبة إلى المسؤولين الحاليين في موقع القرار، أي الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام، ومن ثم الرئيس نبيه بري، فإن المقاربة تأخذ منحى مختلفاً بعض الشيء. إذ إن طريقة تعاطي رئيسَي الجمهورية والحكومة مع ملف السلاح، وما طرحاه خلال الأسبوعين الماضيين، تشير إلى أمر واضح: فترة السماح التي منحتها لنا أطراف الوصاية التي أوصلتنا إلى مناصبنا انتهت، ونحن اليوم أمام اختبار أخير لا يحتمل التردّد أو المناورة، وعلينا ألّا نغامر بما تبقّى لنا من رصيد لدى هذه الجهات التي يعرف عون وسلام قبل غيرهما أنها هي من أوصلتهما إلى حيث هما اليوم.
أما في ما يتعلق بالرئيس بري، فإن السؤال يُطرح مجدّداً وبقوة: ما هي آلية تعاطيه في هذه المرحلة مع أطراف الوصاية الخارجية من جهة، ومع شركائه في الحكم من جهة أخرى؟
ولكي يكون الحديث مباشراً، فإن رئيس المجلس النيابي، يتصرّف باعتباره الممثل الأول للشيعة في لبنان، والمؤتمن على مصيرهم ودورهم وحضورهم في سلطة ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا.
والسؤال هنا، عما تحقّق فعلياً نتيجة اعتماد سياسة بدت، في كثير من الأحيان، مرنة إلى حدّ المبالغة، ليس فقط في التعامل مع ممثّلي الوصاية داخل لبنان، بل مع أطراف الوصاية أنفسهم. ويزداد هذا السؤال إلحاحاً، لأن بري يدرك تماماً أن ما يجري حالياً - ولا سيما ما تقوم به السعودية، قبل الولايات المتحدة - لا يخرج عن إطار مشروع متكامل يهدف إلى «تحجيم الحضور الشيعي»، ليس فقط في مفاصل الدولة، بل أيضاً في الحقول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية.
ويعرف رئيس المجلس أيضاً أن هدف نزع سلاح المقاومة لا يقتصر على البُعد الإسرائيلي، المتعلق بإزالة ما يهدّد أمن الكيان، بل يتعداه إلى ما يطمح إليه أطراف الوصاية وجماعتهم في لبنان، ممن يرون في هذا السلاح عائقاً يحول دون إمساكهم الكامل بمفاصل السلطة، والعودة بالبلاد إلى ما قبل 6 شباط 1984.
ومن هنا، تترتّب على بري مسؤولية تتجاوز حتى مسؤولية قيادة حزب الله. فالحزب، من جهته، حسم خياره، وأبلغه إلى رئيس المجلس بوضوح، مع شروحات مفصّلة، مفادها أن سلاح المقاومة ليس مطروحاً للنقاش أو التفاوض، ولا يمكن أن يدخل في بازار المساومات السياسية.
لكن، لماذا يصرّون على المضيّ في هذا الفعل المشين؟
صحيحٌ أن البعض قد يخرج ليقول إن أي قرار يصدر عن مجلس الوزراء في هذا الشأن لن يكون قابلاً للتنفيذ. هذا قول نعرفه جيداً، كما يعرفه من سيصادق على القرار داخل الحكومة، ويعرفه الأميركي والسعودي، بل حتى الإسرائيلي، قبل كثيرين من اللبنانيين. لكنّ كل هؤلاء لا يتعاملون مع القرار بوصفه خطوة تنفيذية آنية، بل كمدخل لمسار طويل، لا أحد يستطيع التنبؤ إلى أين سينتهي. ومن تلتبس عليه الأمور حول خطورة ما يجري، من المفيد تذكيره بالآتي:
أولاً، إن الحكومة الحالية تحاول التصرف باعتبارها تمثّل مركز الشرعية والدستور في البلاد. وبالتالي، فإن اتخاذها قراراً بنزع سلاح المقاومة لا يُقرأ فقط بوصفه قراراً إدارياً، بل بوصفه إعلاناً بنزع الشرعية الوطنية عن هذا السلاح، وتحويل المقاومة من حركة تحرر وطني تحظى بغطاء الدولة كمؤسسة تعبّر عن إرادة شعبها، إلى مجموعة خارجة عن القانون، يجب ملاحقتها، وتجريمها، ومحاربتها.
ثانياً، هذا القرار هو فاتحة لمرحلة جديدة من الإجراءات التصعيدية المتدرّجة، تبدأ بنزع الصفة الرسمية أو القانونية عن أي مؤسسة يُعتقد أنها تصبّ في مصلحة المقاومة أو تدعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وإذا كان أزلام الوصاية لا يدركون حجم ما ينخرطون فيه، فليسألوا سلطة رام الله، أو ملك الأردن، أو حاكم دمشق الحالي، عن المطالب التفصيلية التي فُرضت عليهم. وغداً سنسمع من يطالب وزارة الداخلية بإلغاء ترخيص «جمعية القرض الحسن»، أو من يدعو إلى إقفال «مؤسسة الشهيد» وكل ما يتفرّع عنها، من مستشفيات ومستوصفات ومراكز تعليم. وسيتقدّم لاحقاً من يعتبر أن المدارس والجامعات التي تتلقّى تمويلاً من «جهة مارقة» يجب أن تُغلق، قبل أن يخرج علينا من يطالب بسحب تراخيص جميع المؤسسات المدنية التابعة للمقاومة. وحينها، لن يكون مستغرباً أن نصل إلى لحظة تُجرّم فيها الدعوة إلى التبرّع للمقاومة أو دعم مجاهديها، في مشروع لإلغاء فكرة المقاومة من الوجود، وليس فقط تحجيم قدراتها.
ثالثاً، برامج الحصار المالي المفروضة على بيئة المقاومة ستأخذ منحى مختلفاً، عندما يبدأ وزراء ومسؤولون - هم في الحقيقة ليسوا أكثر من «خدم» عند الوصيَّيْن الأميركي والسعودي - بالمجاهرة بالمطالبة بمصادرة كل قرش يُشتبه بأنه يصبّ في مصلحة المقاومة باعتبارها «عصابة» مطاردة من العدالة.
رابعاً، إن من يسهّل مرور قرار مجلس الوزراء بشأن نزع سلاح المقاومة، إنما يفتح الباب أمام برنامج متكامل لتجريم من ذكر أسماء مقاومين استشهدوا من أجل بلادهم وأهلهم، وسيكون عرضة للعقاب كل من يفكر بالدعوة إلى تبنّي فكر المقاومة، وسيكون لبنان مركزاً لنبذ فكرة المقاومة ضد الاحتلال. ولا نعلم ما إذا كان هؤلاء المجانين سيقودون البلاد إلى تجريم تمجيد بطولات المقاومين أو الاحتفال بإنجازاتهم، لأن الوصي، لن يترك شيئاً إلا ويلاحقه، وصولاً إلى إلغاء عيد المقاومة والتحرير... ألم تروا كيف تصرّف أهل الحكم مع تحرير المناضل جورج عبدالله... أين هم أهل الدولة منه اليوم؟.
خامساً، إن قراراً يصدر عن مجلس الوزراء يعتبر سلاح المقاومة مخالفاً للدستور وللقوانين، سيسمح لأطراف الوصاية، خصوصاً الأميركيين والسعوديين، بفرض الحرم على كل من يتعاون أو يتحاور أو يتحالف أو يتشارك الأفكار مع حزب الله. وهو سقف سياسي يراد منه محاصرة المقاومة عشية الانتخابات النيابية المقبلة. ومن خضع وقبل بهذا النوع من التمثيل السياسي في حكومة نواف سلام، قد يجد نفسه بعد بضعة أشهر أمام لائحة يختارها فضلو خوري للمرشّحين عنه إلى المجلس النيابي.
الحقيقة أن المقاومين أنفسهم، أو قيادتهم، ليسوا في موقع المُصاب بالذعر جرّاء ما ينوي أزلام الوصاية القيام به. وحتى جمهور المقاومة والبيئة الداعمة لها، وإن كانا في ذروة الشعور بالاستفزاز، ليسا في وارد الاستجابة للمشروع الأميركي - السعودي - الإسرائيلي بخلق فتنة تتحوّل إلى حروب أهلية متنقّلة في لبنان.
تحدّيات وقف العدوان الإسرائيلي، وتحرير الأسرى اللبنانيين، والضغط على هذه الدولة - المسخ لإطلاق عملية الإعمار، كلّها أمور تدفع المقاومة إلى مراجعة سياسة الانفتاح والتعاون التي اعتمدتها منذ وقف إطلاق النار وانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة... وقد تجد نفسها في لحظة تحتاج فيها إلى ما هو أبعد من البيانات والمواقف فقط!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 33 دقائق
- المنار
مجلس النواب يمهل اللجان الفرعية لإنجاز تقرير قانون الانتخابات
في مجلس النواب، مهلة لفرعية اللجان المشتركة كي ترفع تقريرها بشان قانون الانتخابات الى الهيئة العامة لمجلس النواب. تقرير: حسين عواد المصدر: موقع المنار


MTV
منذ 33 دقائق
- MTV
06 Aug 2025 22:49 PM ايران: خطة نزع سلاح حزب الله ستفشل
أكد وزير الخارجية الإيرانية أن خطة نزع سلاح الحزب والتي أقرتها الحكومة اللبنانية ستفشل، وقال إن هذا السلاح أثبت فعاليته في ساحة المعركة.


MTV
منذ 33 دقائق
- MTV
06 Aug 2025 22:37 PM مقدمات نشرات الأخبار المسائية
مقدمة نشرة أخبار mtv: جلسة تاريخية بقرار تاريخي. عبارة تختصر ما حصل أمس في قصر بعبدا. فمجلس الوزراء اتخذ القرار المنتظر من معظم اللبنانيين، وخطا خطوة متقدمة على طريق اعادة بناء الدولة الواحدة، القادرة، وسيدة نفسها وقرارها. طبعا ثمة من يحذر، مستعيدا تجربة 7 أيار 2008. ويقول كما وأن 5 أيار 2008 أدى إلى 7 أيار، فان 5 آب 2025 سيولد 7 آب جديدا. لكن فات هؤلاء أن أيار 2008 غير آب 2025. فحزب الله الذي كان مخيفا أضحى خائفا. وحزب الله الذي كان جزءا من هلال ممانع يبدأ في لبنان وينتهي في ايران مرورا بسوريا والعراق واليمن، كسر هلاله، بحيث أضحى وحيدا ، ومعزولا، ومحاصرا. وحزب الله الذي كان رمز المقاومة ويلتف حوله قسم كبير من اللبنانيين، أضحى بلا حليف داخلي قوي، وها هم حلفاؤه التاريخيون يتساقطون واحدا بعد واحد، لاستلحاق انفسهم وحتى لا يغرقوا معه. لذلك لا تخافوا ايها اللبنانيون، فلا داعي للهلع. صحيح أن الحزب أصدر اليوم بيانا شديد اللهجة اعتبر فيه قرار الحكومة بمثابة خطيئة كبرى، وصحيح انه قال انه سسيتعامل مع القرار كأنه غير موجود. ولكن اللبنانيين ما عادوا يأبهون بعبارات الاستقواء والتنمر التي يطلقها الحزب. فالدولة متى حزمت أمرها لا يمكن لاحد ان يخالف قراراتها، وبخاصة إذا كان من يواجهها فاقدا للمنطق تماما. والا فكيف يمكن ان نفسر ان الحزب اعتبر في بيانه ان القرار يجرد لبنان من سلاح مقاومة العدو الاسرائيلي. فليقل لنا حزب الله اين تمكن سلاحه من الدفاع عن الوطن منذ حرب الاسناد الى اليوم؟ وأليس هذا السلاح بالذات هو من اعاد الاحتلال الاسرائيلي الى لبنان، والمستمر الى الان من خلال النقاط الخمس؟ وفي السياق نفذ الجيش ضربة نوعية استهدفت أوكار المطلوبين في الشراونة ما ادى الى مقتل ثلاثة من اخطر المهربين والمجرمين، ابرزهم أبو سلة. ما يثبت مرة جديدة ان زمن الدويلات ولى، وان الكلمة للدولة والدولة فقط ، عبر جيش قوي ينفذ اخطر المهمات وادقها. * مقدمة نشرة أخبار الـ "أن بي أن" في بلاد تتعرض لعدوان اسرائيلي لا يتوقف حتى قبل وبعد وخلال إنعقاد مجلس وزرائها لبحث حصرية السلاح بيد الدولة كان الأجدى لو أن سلطتها التنفيذية تروت وراعت المصلحة الوطنية وحرصت على العمل بما يخدم لبنان ولا يهدد أمنه. بات جليا ان ما حصل من تحديد مهلة زمنية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري لا يخدم تحصين الوضع الداخليبل يشكل تجاوزا للتوافق الوطني فيما المسؤولية الوطنية كانت تقتضي إعطاء الفرصة لنقاش هادئ يحصن أي قرار. على اية حال وفيما يستكمل مجلس الوزراء النقاش في جلسة تعقد يوم غد الخميس رأت حركة أمل أنه كان الحري بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الاسرائيلي باتفاقات جديدة ان تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولا ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح. ورأت الحركة ان الحكومه بقرارها تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وبما يخالف بيانها الوزاري وبالتالي جلسة الغد فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان. اما حزب الله فأعلن في بيان أن حكومة الرئيس نواف سلام ارتكبت خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يجرد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي مؤكدا انه سيتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود. وفي الوقت نفسه شدد الحزب على انه منفتح على الحوار وإنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وتحرير أرضه والإفراج عن الأسرى والعمل لبناء الدولة وإعمار ما تهدم بفعل العدوان الغاشم مبديا الاستعداد لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني ولكن ليس على وقع العدوان. وبالحديث عن العدوان الإسرائيلي فإن مسيراته استهدفت بريتال بعد جلسة مجلس الوزراء بالامس و استبقت جلسة الغد بقصف في الخيام وقتل فتى يافع في تولين. وفي غزة المجازر مستمرة والدمار يتوسع فيما تتعثر كل محاولات وقف إطلاق النار وسط تعنت إسرائيلي واشتداد الحصار على المدنيين. من جهة أخرى سجلت تحركات سياسية على خط حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا حيث حط المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في موسكو اليوم لمناقشة امكانية التوصل الى وقف الحرب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. دماء الفتى اللبناني عباس عوالا في تولين اصدق انباء من بيان حكومي كتب بالحبر الاميركي، فما يكتب بالدم اصدق وابقى. ولكي لا يبقى البلد رهن موفد من هنا او مفوض سام من هناك يعملون لخدمة الموقف الصهيوني ،او يظن البعض انه قادر على اخذ البلد غيلة او خشية من الخارج الى خارج موقعه الطبيعي، كان موقف حزب الله بان قرار حكومة نواف سلام بالامس كأنه لم يكن، وان قرارها بتجريد لبنان من سلاح مقاومة العدو الاسرائيلي واضعاف الموقف امام العدوان الاسرائيلي الاميركي هو خطيئة كبرى، وانقلاب على خطاب القسم وعلى البيان الوزاري للحكومة نفسها، وهو جزء من استراتيجية الاستسلام بدل استراتيجية الامن الوطني التي ابدى حزب الله استعداده لمناقشتها لكن ليس على وقع العدوان. جلسة الثلاثاء الحكومية اعتبرتها حركة امل استعجالا بتقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الصهيوني، آملة في بيان لها ان تكون جلسة الخميس فرصة للتصحيح وعودة التضامن اللبناني كما كان. ومهما كان حجم التهويل والضغوط، واستسلام البعض للاملاءات الخارجية او الاحقاد الداخلية، فان ذلك لا يبرر خطورة الخطوة الحكومية بضرب الميثاقية كما قال نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الذي اعتبر ان الوزراء بقرارهم هذا سلكوا طريقا خطيرا يهدد مصير الوطن، وهم يعيدون التجارب الفاشلة نفسها، معتبرا ان تحرير الارض وحماية السيادة لا يكون بالمواقف ولا بالغرف المبردة، بل في ساحات المواجهة وتقديم التضحيات وتحمل المسؤوليات. مسؤوليات يبدو أن البعض لم يقدر حجمها وماهيتها، ويستمر بهروبه الى الامام، فان كانت الحكومة قد ناقشت بالامس موضوع السلاح، فلماذا تناقش الخميس ورقة الموفد الأميركي توماس براك، ام انها جلسة لتثبيت الانصياع للاملاءات الاميركية. على كل حال فان ما يجري ليس غير سحابة صيف عابرة، وتمر ان شاء الله، وقد تعودنا ان نصبر وان نفوز كما قال بيان حزب الله. وكما تقول سنن التاريخ، فان الامعاء الخاوية – كما في غزة اليوم، هي اقوى من القلوب الخالية من اي رحمة او انسانية، وان الفرج آت لاهل الحق الفلسطيني مهما عظمت التضحيات. * مقدمة الـ "أو تي في" يعقد مجلس الوزراء عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الخميس الواقع فيه 782025 جلسة في القصر الجمهوري لاستكمال النقاش في البند الاول من جلسة 5-8-2025. على هذه العبارة، اقتصرت الدعوة التي تلقاها الوزراء للمشاركة في جلسة الاستلحاق الوزارية غدا، من دون أن يرد على جدول الأعمال أي بند إضافي. واذا كان الوضع في الشارع مضبوطا حتى اللحظة، فالمناخ السياسي المحيط بالجلسة اتخذ خلال ساعات النهار منحى تصعيديا غير مسبوق منذ بداية الولاية الرئاسية الحالية، التي اتسمت بعلاقة ممتازة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، وبتفهم متبادل بين بعبدا وحزب الله. فحركة أمل اتهمت ببيان رسمي حكومة الرئيس نواف سلام بأنها تعمل عكس ما جاء في خطاب قسم رئيس الجمهورية وبما يخالف بيانها الوزاري. وشددت الحركة على ان جلسة الغد فرصة للتصحيح والعودة إلى التضامن اللبناني كما كان. اما حزب الله، فاتسم موقفه بحدة كبيرة، حيث اعتبر ان الحكومة ارتكبت خطيئة كبرى، مشددا على ان القرار فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري، وهو جاء نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي توم براك. ورأى حزب الله أن الحكومة ضربت بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القسم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني، فما قررته هو جزء من استراتيجية الاستسلام. غير ان الاهم في موقف حزب الله ورد العبارة التالية: ان هذا القرار يسقط سيادة لبنان، ويطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل معه كأنه غير موجود. وختم البيان الذي كرر الاستعداد للحوار بوصف الوضع الراهن بأنه غيمة صيف وتمر وقد تعودنا أن نصبر ونفوز، على ما قال حزب الله. لكن على المقلب الآخر من حكومة التحالف الرباعي الجديد الواحدة، سادت اجواء احتفالية، ووصف القرار بالتاريخي. وفي الموازاة، تكشف النقاب اليوم عن محطة جديدة من محطات الاستهداف السياسي بقرار اتخذته الحكومة بحق مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، شكل محط استنكار واسع خلال التحرك الذي نظمه التيار الوطني الحر مع المدير العام لكازينو لبنان رولان خوري في ساحة 7 آب في العدلية، معتبرا إياه بمثابة المعتقل السياسي. * مقدمة الـ "أل بي سي" يستكمل مجلس الوزراء غدا مناقشة ورقة توم براك وتعديلات لبنان عليها بندا بندا، بعدما قرر أمس تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، على أن تعرض على الحكومة نهاية آب. وزراء أمل وحزب الله سيحضرون الجلسة، وسيناقشون ما ورد في بيانات الحزبين اليوم: فـ "أمل" اعتبرت القرار مخالفا لخطاب القسم والبيان الوزاري وهي دعت لأن تكون جلسة الغد فرصة للتصحيح، بينما وصف "حزب الله" القرار ب"الخطيئة الكبرى"، وأكد التعامل معه كأنه غير موجود. وبين الاثنين، حقيقة دامغة: القرار اتخذ، والدولة منحت الجيش الغطاء السياسي، ولا عودة عنه. ويبقى السؤال بعد الجلسة: كيف سينفذ القرار؟ وهل أصبح سلاح الحزب الموجود في مخازن الحزب اليوم من التاريخ، فهو إما محكوم بالزوال مع الوقت، أو محكوم بالاستهداف الاسرائيلي اذا حرك؟ وماذا سيكون موقف إسرائيل وسوريا المعنيتين ببنود الورقة؟ وما سر الصمت الرسمي الأميركي والسعودي حيال القرار حتى الآن؟ من الأمس إلى اليوم الى الغد، تغير الكثير. سقوط نظام بشار الأسد هز محور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان، وقطع خطوط الدعم عن حزب الله. والحزب، ومعه الرئيس بري، مدعوان لقراءة هادئة للواقع الإقليمي هذا، بعيدا عن منطق الاستسلام، وعن منطق اتهام رئاسة الجمهورية والحكومة بالخضوع لاملاءات واشنطن والرياض، وبواقعية تحمي لبنان من أي مواجهة داخلية تخطط لها إسرائيل، وتمنح اللبنانيين ما يريدونه فعلا: دولة حقيقية فقدوها منذ العام 1975. * مقدمة "الجديد" خطوة مقابل لا خطوة مختصر اليوم التالي لثلاثاء السلاح قبل خميس الورقة الأميركية. وعلى التوقيت ما بين الجلستين جريمة إسرائيلية تضاف إلى السلسلة باغتيال من بات أصغر الشهداء عباس عواله ابن الحادية عشرة عاما بمسيرة في بلدة تولين الجنوبية خطت الحكومة اللبنانية الخطوة الأولى واستحصلت على وكالة السلاح الحصرية ووضعت الملف تحت إمرة الجيش اللبناني وكلفته وضع خطة سحب كل السلاح خلال شهر آب على أن تنتهي آلية التنفيذ بانتهاء العام الجاري. في الجلسة أراد كل طرف أن يديرها لصالحه وفيها ارتدى رئيس الحكومة نواف سلام ثوب القاضي وتحصن بدستور الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري متخذا الخطوة الجريئة في زمن مفصلي بوضع آلية الحل بعهدة الجيش. بمفعول رجعي عن الزيارة الفرنسية والصورة التشبيهية التي حمله إياها الرئيس الفرنسي عن المأزق الذي ينتظر لبنان تحت لاءات ثلاث: لا تجديد لليونفيل لا مؤتمر للاعمار ولا استقرار أمنيا في حال عدم المبادرة لإقرار حصرية السلاح بعد الزيارة. وبحسب معلومات الجديد بدأت عملية البحث بين الرؤساء الثلاثة عن صيغة تحظى بإجماع مجلس الوزراء على أن تبدأ طريق الألف ميل بخطوة السلاح الفلسطيني قبل سلاح حزب الله وألا تصدر المهل عن الحكومة وأن يترك تحديد ساعة الصفر بعهدة الجيش بعد إعداد خطته. إلا أن الجلسة سارت بعكس ما تشتهيه "سفن" الثنائي فكان الانسحاب التكتيكي وكان القرار النهائي فانقسمت الآراء بين اللاعودة إلى الوراء وبين حزب الله الذي اعتبر في بيان أن القرار غير موجود ومصادر مقربة منه سجلت عتبه على رئيس الجمهورية, لكنها أكدت أن الحزب ضنين بالاستقرار ولن يترك "ميدان" الخميس وسيسجل حضوره في الجلسة التي ستطرح الورقة الأميركية على طاولة البحث. بثوابت لبنانية تقوم على وقف الاعتداءات الإسرائيلية وترسيم الحدود وتحرير الأسرى لبنان قدم مرافعته والباقي يقع على مسؤولية الإدارة الأميركية في الضغط على حليفتها إسرائيل لتنفيذ المطلوب منها كي لا يبقى اتفاق تشرين حبرا على الورق. الإسرائيلي تماما كمصير مفاوضات غزة التي يهرب منها نتنياهو باستراتيجية تلو أخرى تحت مسمى النصر المطلق لإطالة أمد الحرب عليها وهو طرح في سوق تداول الخطط فرضية احتلال القطاع للقضاء على حماس وتحرير الأسرى بموافقة ترامب وحشر رئيس هيئة أركان الجيش بين خيارين: إما التنفيذ أو الاستقالة, في وقت حذر أكثر من خمسمئة مسؤول إسرائيلي من أمنيين ودبلوماسيين سابقين من أن احتلال غزة خطير وقد ينتهي بفشل مدو.