logo
ليس عسكرياً.. هكذا سيُساند حزب الله إيران

ليس عسكرياً.. هكذا سيُساند حزب الله إيران

بيروت نيوزمنذ 14 ساعات

ما ظهر بشكل واضحٍ وجلي هو أن إيران قررت الرد بنفسها على الضربة الإسرائيلية التي طالتها، فجر الجمعة، والدليل على ذلك القصف الصاروخي الكثيف الذي تعرضت له إسرائيل ليل أمس السبت واليوم.
أوّل إشارة من الهجوم الذي حصل هو أن إيران لم تعد تلجأ إلى وكلائها في المنطقة، مثل 'حزب الله' والجماعات العراقية و'حماس' لمواجهة إسرائيل. يكفي فقط في خضم هذا المشهد أن تُرسل إيران مجموعة من الصواريخ للرد على ضربة قاصمة للظهر عسكرياً واستراتيجياً، وبالتالي 'حفظ ماء الوجه' بعد الاستهداف القاسي الذي طال قادتها العسكريين.
ولكن.. كيف بإمكان 'حزب الله' أن يُساعد؟ وما الذي يختلف هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة؟ مما لا شكّ فيه هو أنَّ 'حزب الله' ليس قادراً على تحقيق خطوة عسكريّة لصالح إيران، ذلك أن وحداته وقواته التي كانت متواجدة على الحدود مع إسرائيل، انسحبت وباتت في الخطوط الخلفية. وعليه، تكشف المعلومات أنَّ الحزب لم يعلن أي استنفار أو 'تعبئة' في صفوفه المدنية والعسكرية إبان الهجوم الإسرائيلي على إيران، ذلك أنَّ المسألة 'لا تعنيه' إطلاقاً، وما البيانات التي صدرت عنه سوى كافية لمؤازرة إيران بالموقف وإسنادها بالكلمة لا بالعسكر.
لكن في المقابل، يبرز دورٌ آخر لـ'حزب الله' على الصعيد المعلوماتي لصالح إيران، فهو الأقرب إلى إسرائيل والأكثر قدرة على خرقها معلوماتياً وجوياً بواسطة 'طائرات الهُدهد' التي استخدمها قبل فترات لرصد التجمعات الإسرائيلية.
هنا، ترجح مصادر معنية بالشأن العسكري أن يكون 'حزب الله' هو الذي ساعد إيران على تقديم 'داتا' معلومات جمعها بنفسه لمنشآت إسرائيلية دقيقة، مشيرة إلى أن التكامل بين الحزب والحرس الثوري الإيراني يساهم في حصول هذه المهمّة، وبالتالي ثبوت 'تبادل المعلومات'.
هنا، تقول وجهة نظر إن إيران قد لا تحتاج إلى 'الحزب' للحصول على بيانات حساسة، لكن هناك وجهة نظر أخرى تفيدُ بأنَّ الحزب يمكن أن يؤدي دوراً عسكرياً – معلوماتياً من خلال الأدوار التي قام بها سابقاً، وكل ذلك يمثل 'قيمة مضافة' للبيانات الإيرانية التي لا تغيب عن الحزب أبداً، باعتبار أن التنسيق المشترك وتقاسم الأدوار قائم بشكلٍ ثابت.
كذلك، لا تستبعد المصادر أن يكون 'حزب الله' هو من ساعد إيران على تسريب معلومات استخباراتية حساسة، وذلك من خلال شبكة عملائه التي تتعامل معه وتنقل إليه المعلومات من داخل إسرائيل، علماً أن لإيران جواسيسها أيضاً. لكن في الوقت نفسه، تعود هنا مسألة 'التكامل' ومقاطعة المعلومات لتفرض نفسها، ولهذا السبب يمكن أن يكون 'حزب الله' عين إيران في المنطقة، و'المراقب' الأبرز بالنسبة لها لتنفيذ عمليات الرّد الإستراتيجية.
إذاً، ما يمكن قوله هو أنَّ 'حزب الله' يخدم إيران 'معلوماتياً' بدرجات كبيرة، ذلك أنَّ جيشه السيبراني والتجسسي ما زال فعالاً ولم يتأثر بالحرب الإسرائيلية على لبنان. هنا، تقول المصادر إن 'القوة التقنية' لـ'حزب الله' ما زالت على حالها وقوتها، وبالتالي لا يمكن ملاحقتها باعتبار أنها لا تمتلك قواعد أو أماكن محددة، أي أنه يمكن استخدامها للعمليات الاستخباراتية من جهة وللهجمات السيبرانية من جهة أخرى في وقتٍ قد تعجز فيه إسرائيل عن لجم هذا النوع من العمليات كونه لا ساحة معركة حقيقية لها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو: الأسد الصاعد انطلقت بعد 6 شهور من التخطيط.. وترامب لم يمنع الهجوم على إيران
نتنياهو: الأسد الصاعد انطلقت بعد 6 شهور من التخطيط.. وترامب لم يمنع الهجوم على إيران

صدى البلد

timeمنذ 29 دقائق

  • صدى البلد

نتنياهو: الأسد الصاعد انطلقت بعد 6 شهور من التخطيط.. وترامب لم يمنع الهجوم على إيران

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان متلفز، أن عملية 'الأسد الصاعد' ضد إيران نُفذت بعد تخطيط استمر ستة أشهر، عقب اغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله. وأوضح أن أوامره صدرت في نوفمبر 2024 باستهداف برنامج إيران النووي، تحسبًا لتسريعه بعد ضرب وكلائها في المنطقة. من جانبها كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' أن الجيش الأمريكي أسقط صواريخ إيرانية كانت متجهة نحو إسرائيل، مشيرة إلى أن الرئيس دونالد ترامب لم يمنع الهجوم، رغم محاولاته السابقة لإبرام اتفاق نووي مع طهران. وتخشى دوائر سياسية من تصاعد المواجهة وتراجع فرص الحلول الدبلوماسية. ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديو جراف التالي.

لبنان وأيام الحرب .. في قلب التوجس امنياً واقتصادياً
لبنان وأيام الحرب .. في قلب التوجس امنياً واقتصادياً

النهار

timeمنذ 37 دقائق

  • النهار

لبنان وأيام الحرب .. في قلب التوجس امنياً واقتصادياً

في اليوم الثاني للحرب الإسرائيلية على ايران بدأ السؤال البديهي الذي شغل الشرق الأوسط والعالم هو أين حدود الحرب والى متى يمكن ان تستمر واي نتائج استراتيجية لها في ظل التفوق العسكري الاستراتيجي الواضح لإسرائيل على ايران ؟ والواقع ان مجريات اليوم الثاني اختلفت عن اليوم الأول لجهة تظهير معالم حرب متبادلة الضربات في الأعماق والأهداف في كل من إسرائيل وايران بحيث لم يعد الهجوم الإسرائيلي وحده محتلا المشهد في ظل تكثيف نسبي للرد الصاروخي الإيراني .ومع ذلك فان ميزان القوى في الحرب ظل جانحا بقوة إسرائيليا وان تكن ايران غادرت لحظات الصدمة الأولى علما ان وسائل إعلام أميركية وغربية بدأت تتحدث عن معالم انهيار في البنى الأمنية الاستراتيجية الإيرانية عكسها تراكم هائل في الخسائر التي تلحق ببناها العسكرية والنووية والبشرية تحت وطأة الهجوم المتدحرج االاسرائيلي . وسط هذه المعطيات المتسارعة ظل المشهد في لبنان ساكنا وحذرا إلى أقصى الحدود بل ازدادات وتيرة التوجس من تداعيات احتمال ان تطول الحرب على مختلف الصعد الأمنية والاقتصادية ولا سيما لجهة الخشية الكبيرة المتسعة على ضرب موسم الاصطياف فيما بدأت تظهر سريعا معالم ازمة شل حركة الطيران المدنية في معظم بلدان المنطقة والمحيط . ولكن الهاجس الأساسي بقي وسيبقى ملازما لايام الحرب لجهة تحييد لبنان عن التداعيات العسكرية والميدانية للحرب من خلال امتناع "حزب الله " عن أي تورط ميداني علما ان اليوم الثاني من الحدث رسخ الاقتناع الغالب بان الحزب يصعب عليه جدا التورط ان لأسباب استراتيجية تتشكل في ايران نفسها وتنعكس على انعدام او شلل التواصل بين طهران وأذرعها في المنطقة وان على صعيد حسابات الحزب اللبنانية التي باتت الحاجز الأقوى امام تورطه . وسط ذلك جرى رصد قيام إسرائيل بحشد عسكري كبير على الحدود مع لبنان وسوريا، بالتزامن مع شنّها غارات جوية على أهداف داخل إيران. وذكرت وسائل إعلام عبرية أنه جرت تعبئة ألوية الاحتياط في الجيش الإسرائيلي في الشمال، ونشر كتائب على طول حدود لبنان وسوريا. ووفقا لتقييم الوضع، تم خلال الـ24 ساعة الماضية، حشد مقر الفرقة 146 واللواء الاحتياط "القبضة الحديدية" (205) و "العتزيوني" (6)، والتي ستكون بمثابة احتياطي لسيناريوهات مختلفة في الساحة الشمالية. بالإضافة إلى ذلك، تم تجنيد ونشر عدة كتائب احتياط . وفي غضون ذلك أفيد ان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون تلقى اتصالا هاتفيا مساء امس من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تم خلاله البحث في التطورات المتسارعة بعد تصاعد المواجهات الإيرانية الاسرائيلية. وأكد الرئيس ماكرون للرئيس عون وقوف بلاده إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الدقيقة ودعمها لسيادته والمحافظة على الامن والاستقرار فيه. وشكر الرئيس عون نظيره الفرنسي على موقفه مؤكدا على استمرار التشاور والتنسيق لمواكبة المستجدات. وكان الرئيس عون ترأس قبل ظهر امس في قصر بعبدا، اجتماعا حضره وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى ووزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار ووزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء رائد عبدالله والمدير العام للامن العام اللواء حسن شقير والمدير العام لأمن الدولة اللواء ادغار لاوندوس ونائبه العميد مرشد الحاج سليمان، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس شعبة المعلومات العميد محمود قبرصلي، ورئيس مكتب شؤون المعلومات في الامن العام العميد جوني الصيصا، والمستشار العسكري والأمني لرئيس الجمهورية العميد انطوان منصور. وتم خلال الاجتماع عرض الأوضاع في ضوء التطورات الامنية التي نتجت عن المواجهات العسكرية بين الجمهورية الاسلامية الايرانية واسرائيل، والإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة تداعيات هذه المواجهات على الصعيد الامني، وكذلك ما يتصل بحركة الملاحة الجوية عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وفي ضوء التقارير المتوافرة لدى الأجهزة الامنية "تم اتخاذ عدد من الاجراءات للمحافظة على الاستقرار في البلاد وتأمين سلامة الطيران المدني والحركة الجوية". وشدد الرئيس عون على اهمية الجهوزية الامنية والإدارية لمتابعة الموقف من جوانبه كافة، لاسيما لجهة المحافظة على الاستقرار والامن في البلاد. وتقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لتقييم التطورات تباعاً. اما في انعكاسات الحرب فأكد وزير الأشغال فايز رسامني أن لا قرار بإعادة إغلاق مطار بيروت إلا في حال حدوث أمر غير متوقع. وأعلنت شركة طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية، استئناف تشغيل جميع رحلاتها المغادرة من بيروت والمجدولة بعد الساعة الواحدة من بعد ظهر امس السبت، والتي ستعود بعد الساعة الثانية من بعد ظهرالسبت. وشهد المطار بعد ظهر امس زحمة وحركة خانقة. وحضر وزير الأشغال للإشراف ومتابعة الإجراءات للتخفيف من الزحمة وتسهيل الحركة . على صعيد المواقف من التطورات اعلن سينودس أساقفة الكنيسة المارونية بعد دورته العادية في بكركي ان "الآباء يتابعون باهتمام كبير تسارع الأحداث السياسية والديبلوماسية في الشرق الأوسط وما يمكن ان تنعكس تأثيراتها على لبنان. ويجدون في الدعم الدولي للبنان ولحكومته فرصة، لا يمكن أن تتكرر ولا يجب أن تضيع، بل ينبغي أن يستفيد منها أركانُ الحكم، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية، ويتخذوا خطوات جريئة وحازمة وحاسمة ينتظرها جميع اللبنانيين على صعيد تعافي الدولة وحصرية مرجعيتها في شؤونهم المصيرية والحياتية" . وأضاف "يلفت الآباء انتباه السياسيين والأحزاب والكتل النيابية الى الأهمية القصوى المعلّقة على متابعة تنفيذ وثيقة اتفاق الوفاق الوطني وسدّ الثغرات في ما نُفّذ منها استنسابيًا. وهذا يحتاج برأيهم الى إطلاق مسيرة وطنية لتنقية الذاكرة، كان من المفترض أن تحصل بين اللبنانيين بعد اتفاق الطائف لتضع حدًا نهائيًا للحرب. لهذا أعلنوا في حزيران من السنة الماضية عن تأليف لجنة أسقفية تعمل على تهيئة الأجواء ووضع خطة عمل وآلية التنفيذ والتواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين'.

ما هي أنظمة الدافاع الجوي الإسرائيلية؟
ما هي أنظمة الدافاع الجوي الإسرائيلية؟

المدن

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدن

ما هي أنظمة الدافاع الجوي الإسرائيلية؟

رغم السمعة التي تحيط بمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية باعتبارها من الأكثر تطوراً في العالم، إلا أن الفاعلية العملياتية لهذه المنظومات لا تُقاس فقط بتقدمها التكنولوجي، بل بقدرتها على التكيف مع بيئة تهديدات متغيرة، تتراوح بين الصواريخ الباليستية الدقيقة والطائرات المسيّرة منخفضة البصمة الرادارية. وبالرغم من أن المنظومة التي بُنيت على فلسفة "الطبقات المتراكبة"، والتي تعتمد على التكامل بين "القبة الحديدية"، و"مقلاع داوود"، و"آرو 2 و3" (حيتس)، تتعرض لاختبارات دورية سواء في غزة، أو على الجبهة الشمالية مع حزب الله، أو في مواجهة المحور الإيراني الأوسع، وتمثل نموذجاً متقدماً تقنياً، لكنها تظل رهينة عوامل ضعف بنيوية وأخرى استراتيجية ترتبط بالاعتماد الكامل على الحليف الأميركي، وهو ما يثير تساؤلات متكررة في الأوساط العسكرية الإسرائيلية نفسها حول قدرة المنظومة على الصمود في حال تعرضها لهجوم منسق عالي الكثافة، على غرار ما قد تنفذه إيران أو وكلاؤها في أكثر من جبهة. مكامن القوة وتقوم فلسفة الدفاع الجوي الإسرائيلي على توزيع المخاطر وتعدد أدوات الاعتراض، ما يمنح المنظومة قدرة مرنة على التصدي لطيف واسع من التهديدات، وعلى مستوى الأداء الميداني، حيث أظهرت القبة الحديدية فعالية عالية في اعتراض القذائف قصيرة المدى، وبلغت في بعض التقديرات 90%، رغم تذبذب هذه النسبة في حالات الإغراق. أما مقلاع داوود، فقد بُني لمواجهة تهديدات متوسطة إلى بعيدة المدى، مثل صواريخ "فاتح-110" و"زلزال"، وتم اختباره بنجاح ضد أهداف في العمق السوري، فيما يُعد آرو-3 الذراع العليا للمنظومة، المخصص لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي. وتتكامل هذه الأنظمة عبر شبكة قيادة وتحكم متقدمة (C4I)، تسمح باتخاذ القرار شبه الفوري في عمليات الاعتراض، مدعومة ببيانات من الأقمار الصناعية، وطائرات الإنذار المبكر، وأنظمة الرادار الأرضية المثبتة على طول الحدود. ويشكل هذا التكامل رأس المال العملياتي الحقيقي للمنظومة، إذ يسمح بالتعامل مع موجات تهديد متزامنة، واستبعاد الأهداف غير الحرجة، لتوفير الذخائر الموجّهة عالية الكلفة. مكامن الضعف لكن هذه المنظومة، على الرغم من تماسكها الظاهري، تُخفي في طياتها هشاشة استراتيجية متراكمة، تتعلق بقابلية الاستنزاف السريع، إذ تعتمد الأنظمة الثلاثة على صواريخ اعتراض باهظة الكلفة، مما يجعلها عرضة للإنهاك المالي والتقني في حال التعرض لهجوم إغراقي يمتد لأيام، بالإضافة إلى اعتمادها الهيكلي على الولايات المتحدة سواء في الصيانة، أو التوريد، أو حتى في برمجيات التشغيل، وهو ما يعني أن أي خلل في العلاقات السياسية أو العسكرية مع واشنطن قد يُترجم مباشرة إلى قصور في الجهوزية. كما يشكل غياب الاكتفاء الذاتي في التقنيات الحساسة لا سيما في مجالات الموجات الرادارية الموجهة، وأنظمة المعالجة الذكية للتهديدات نقطة ضعف لا يستهان بها، حيث ما تزال الشركات الأميركية تحتفظ بتفوق تقني حاسم في هذا المجال. وتواجه المنظومة صعوبة في التوسع الجغرافي المتوازن، خاصة في مناطق الأطراف مثل النقب أو مرتفعات الجولان، حيث تتطلب الظروف التضاريسية ونمط التهديدات حلولاً غير نمطية لم تُستكمل بعد، إلى جانب العجز النسبي أمام الطائرات المسيّرة الانتحارية منخفضة البصمة الرادارية، والتي تشكل جزءاً رئيسياً من عقيدة الحرب غير المتكافئة لدى إيران وحلفائها. وفي ضوء هذه المعطيات، يتضح أن فعالية المظلة الجوية الإسرائيلية تعتمد بقدر كبير على توفر دعم أميركي مباشر ومستدام، ليس فقط تقنياً، بل تشغيلياً واستراتيجياً، ولهذا، فإن أي سيناريو تتقلص فيه المظلة الأميركية، أو تتعقد فيه جبهات المواجهة، سيفرض على تل أبيب خيارات أكثر جذرية في التموضع، والتسليح، وربما حتى في العقيدة الدفاعية نفسها. من الدعم إلى الإشراف ولم يعد الدور الأميركي في دعم منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية مقتصراً على الجانب التقني أو التمويلي، بل بات يتحرك تدريجياً نحو مستوى من الإشراف العملياتي شبه المباشر، خاصة مع تصاعد احتمال المواجهة الإقليمية المفتوحة مع إيران أو أحد وكلائها. فمنذ عقود، شكل التعاون الثنائي بين وزارة الدفاع الإسرائيلية ووكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA)، حجر الأساس لتطوير أنظمة "آرو" و"مقلاع داوود"، بالتنسيق مع شركات مثل رايثيون وبوينغ، لكن الطابع الهيكلي لهذا التعاون ازداد وضوحاً في السنوات الأخيرة، حيث نُشرت بطاريات ثاد وباتريوت أميركية داخل إسرائيل خلال حالات تصعيد، ليس فقط للحماية، بل كجزء من محاكاة عملياتية لتوزيع المهام الدفاعية، وأُجريت تدريبات جوية ومناورات اعتراض صاروخي مشتركة بمشاركة قيادات CENTCOM وEUCOM، تتضمن تبادل بيانات حيّة من الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. وأُدمجت مراكز القيادة والتحكم الإسرائيلية ضمن شبكة إنذار مبكر أميركية واسعة، تمتد من شرق المتوسط إلى المحيط الهندي. ويُفسّر هذا التحول ضمن ما يُعرف اليوم في البنتاغون بعقيدة "التمكين العملياتي للحلفاء المتقدمين"، والتي تتعامل مع إسرائيل ليس كحليف دفاعي محدود، بل كمنصة متقدمة لإدارة جزء من المعركة الجوية في حال اندلاع نزاع واسع النطاق. ووفق تقديرات مراكز أبحاث مثل "RAND" و"CSIS"، تعتبر قيادات البنتاغون أن ضمان استمرارية فاعلية الدفاعات الإسرائيلية يتطلب إشرافاً تشغيلياً مباشراً في المراحل الحرجة من أي صراع، خصوصاً عند تشعب الجبهات وتزامن التهديدات من سوريا، لبنان، العراق، وغرب إيران، وفشل أي طبقة من طبقات الدفاع الإسرائيلي في احتواء الموجة الأولى، واضطرار إسرائيل لاستخدام الذخائر الأميركية المخزّنة لديها ضمن برنامج War Reserve Stockpile. بالتالي، تتحول الولايات المتحدة من شريك دفاعي تقليدي إلى قائد تكتيكي احتياطي جاهز لتولي العمليات الجوية، وهو ما يفتح باباً لتكامل أكبر مع الناتو، ودور محتمل للحلف في إدارة عمليات الردع الجوي الشامل في شرق المتوسط. شراكة رمادية تتبلور في الظل ورغم أن إسرائيل ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن العلاقات بين الطرفين تجاوزت منذ أكثر من عقد الطابع البروتوكولي التقليدي، لتدخل نطاق ما يُعرف في الأدبيات الأمنية بـ"الشراكة الرمادية" أي شراكة غير رسمية، لكنها حقيقية ومؤثرة، تزداد تبلوراً مع تصاعد التهديدات العابرة للدول والمجالات. وقد بدأت هذه العلاقة تتخذ شكلاً عملياتياً تدريجياً منذ انضمام إسرائيل إلى برنامج "الفرص المتقدمة" عام 2016، ثم ازدادت عمقاً بعد نقلها من مظلة القيادة الأميركية الأوروبية ،إلى القيادة المركزية الأميركية عام 2021، وهو تطور مؤسسي أتاح تقاطعاً تشغيلياً مباشراً مع وحدات الأطلسي المنتشرة في المتوسط والخليج، حيث تم إجراء: 1. مناورات بحرية وجوية مشتركة، خاصة في شرق المتوسط، تتضمن محاكاة سيناريوهات هجوم صاروخي واسع. 2. تبادل بيانات استخباراتية تكتيكية حول منظومات الإطلاق الإيرانية، والمسارات الجوية للمسيّرات بعيدة المدى. 3. نقل المعرفة والخبرة الإسرائيلية في مجالي الحرب السيبرانية واعتراض التهديدات منخفضة البصمة، إلى شركاء أوروبيين يعانون فجوات مماثلة في شرق أوروبا. ورغم أن الناتو لا يمتلك سلطة نشر منظومات دفاع جوي مستقلة داخل إسرائيل، فإن احتمال تورط الحلف في حرب إقليمية، سواء عبر التزاماته مع الولايات المتحدة أو بفعل تهديد مصالحه الحيوية في المتوسط، قد يُسرع من تفعيل دور عملياتي ميداني للناتو ضمن المجال الجوي الإسرائيلي في حالتين، الأولى فشل الطبقات الدفاعية الإسرائيلية في اعتراض وابل صاروخي واسع، والثانية في حال استهداف بنى تحتية أطلسية أو مراكز انتشار للناتو في المتوسط من طرف إيران أو حلفائها، ما يُشكل ذريعة جماعية لتدخل الحلف وفق المادة الخامسة. وفي هذه الحالة، سيُطلب من الناتو توفير، مظلة إنذار مبكر ورادارات تكتيكية عبر الأصول المنتشرة في قبرص، اليونان، وإيطاليا، وتعزيز الانتشار البحري والجوي في شرق المتوسط، لتوفير تغطية إضافية ضد التهديدات العابرة للمجال الجوي الإسرائيلي، وربما المشاركة في عمليات الدفاع السيبراني والتشويش الإلكتروني ضد مصادر الهجوم. ورغم الحساسية السياسية لهذا السيناريو، إلا أن الخبراء داخل مقر الحلف في بروكسل يرونه متوقعاً لا محالة في حال اندلاع حرب طويلة الأمد بين إسرائيل والمحور الإيراني، خاصة مع التوسع المتزايد في قدرات طهران الهجومية وارتباطاتها العسكرية مع روسيا. ومع تصاعد وتيرة الضربات واتساع أمد الحرب، سيتلاشى تدريجياً الخط الذي يفصل بين منظومة الدفاع الإسرائيلية، والمنظومات الأميركية والأطلسية، وستغدو إسرائيل مكوناً فاعلاً في شبكة دفاع جوي إقليمية متكاملة، تُدار من خلال غرفة عمليات متعددة الجنسيات، وتتوزع أدوارها وفق الاعتبارات التكتيكية لا الاعتبارات السيادية. وإسرائيل، رغم تفوقها التقني، تدرك تماماً أن صمود مظلتها الدفاعية في حرب شاملة لن يتحقق دون كتف أميركية ثابتة، وغطاء أطلسي مرن، لهذا، فإن مصير هذه المنظومة – كما مصير الصراع الإقليمي كله – بات مشروطاً بإرادة التكامل، لا برغبة التفوق المنفرد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store