
وفاة حامل كل سبع دقائق: أسوأ بلاد للأمهات في العالم
كانت نفيسة صلاحو وعمرها 24 عاماً، ستصبح مجرد رقم في نيجيريا، حيث تموت امرأة واحدة كل سبع دقائق، وهي تضع حملها.
ولأن المخاض جاءها أثناء الإضراب، لم تجد في المستشفى طبيياً مختصاً يتعامل مع مضاعفات حالتها.
وعلق رأس مولودها أثناء الوضع، وطلب منها العاملون في المستشفى أن تبقى ممدة أثناء المخاض. واستمرت حالتها ثلاثة أيام.
وفي النهاية أجريت لها عملية قيصرية، بعدما قبل طبيب مختص مساعدتها.
تقول صلاحو لبي بي سي، في كانو، شمالي البلاد، "الحمد لله على ذلك، لأنني كنت على وشك الموت. لم تبق لي قوة، ولم يتبق في شيء".
أنقذت العملية حياتها، ولكن مولودها مات.
وفي 11 عاماً الأخيرة، ذهبت إلى المستشفى نفسه للولادة عدة مرات. وتتعامل مع الأمر باستسلام تام، وتقول: "أعرف أنني كنت بين الموت والحياة. ولكنني لم أعد أخاف".
والتجربة التي مرت بها، صلاحو، ليست نادرة، فنيجيريا أخطر بلاد في العالم يمكن لامرأة أن تضع فيها مولودها.
وبحسب الإحصائيات، التي جمعتها الأمم المتحدة عن البلاد من 2023، فإن امرأة واحدة من بين 100 تموت أثناء الولادة أو في الأيام التي تليها.
وهذا يضعها على رأس قائمة لا تريد أي بلاد أن تتقدم فيها.
وفي عام 2023، سجلت نيجيريا أكثر من ربع عدد وفيات النساء أثناء الولادة في العالم، بنسبة 29 في المئة.
ويعني ذلك، وفاة 75 ألف امرأة بسبب الولادة في العام، أي امرأة واحدة كل سبع دقائق.
والمحبط في الأمر أن عدداً كبيراً من هذه الوفيات، مثل التي يسببها نزيف ما بعد الولادة، يمكن تجنبها.
وكان عُمر تشينينيي نويزي 36 عاماً عندما نزفت حتى الموت في المستشفى، منذ 5 سنوات، في بلدة أونيتشا، جنوب شرقي البلاد.
ويتذكر أخوها، هنري إيده، أن "الأطباء كانوا بحاجة إلى دم. لم يكن لديهم ما يكفي. وكانوا يذهبون ويجيئون، وأختي تموت بين أيديهم. إنه أمر لا أتمناه للعدو. فالألم فوق الاحتمال".
ومن بين أسباب وفاة الأمهات الأخرى عسر الولادة، وارتفاع ضغط الدم، والإجهاض في ظروف غير آمنة.
وبحسب مارتن دولستين، من مكتب يونيسف في نيجيريا، فإن "ارتفاع معدل الوفيات أثناء الوضع في نيجيريا تتسبب فيه جملة من العوامل".
من بين هذه العوامل اهتراء المنشآت الصحية، ونقص الأطباء، وغلاء تكلفة العلاج، والتقاليد والعادات، التي تؤدي إلى فقدان الثقة في العاملين بقطاع الصحة.
وتقول مابيل أونويمينا، المنسقة الوطنية في جمعية مساعدة وتطوير النساء، "لا تستحق أي امرأة أن تموت وهي تضع مولودها".
وتضيف أن بعض النساء، خاصة في المناطق الريفية، يعتقدن أن "الذهاب إلى المستشفى مضيعة للوقت"، ويفضل العلاجات التقليدية، بدل طلب المساعدة الطبية، وهو ما يعطل الرعاية الحيوية التي يمكن أن تقدم لهن".
وبالنسبة للبعض، يعد الوصول إلى المستشفى ضرباً من المستحيل، لعدم وجود وسائل مواصلات. وتقول أونويمينا، إنهم حتى إن وصلوا إلى المستشفى فإن مشاكلهم لا تنتهي.
"فالعديد من المنشآت الصحية تنعدم فيها التجهيزات والمواد الطبية البسيطة، وكذا العاملون المدربون. وهذا ما يجعل توفير خدمات نوعية عملية صعبة".
والحكومة الاتحادية في نيجيريا لا تنفق حالياً إلا 5 في المئة من ميزانيتها على الصحة. وهو أدنى من نسبة 15 في المئة، التي التزمت بها البلاد في اتفاقية الاتحاد الأفريقي لعام 2001.
وفي عام 2021، بلغ عدد القابلات 221 ألفاً في بلاد عدد سكانها 218 مليون نسمة. وأقل من نصف الولادات في البلاد يجري تحت إشراف عاملين صحيين مؤهلين. وتحتاج البلاد وفق التقديرات إلى 700 ألف ممرض وقابلة إضافيين، لتستجيب لتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وهناك نقص حاد في عدد الأطباء أيضاً. ويدفع نقص العاملين المؤهلين والمنشآت البعض إلى التردد في طلب المساعدة الطبية.
وتقول جميلة إسحاق، "صراحة لا أثق في المستشفيات. فقصص الإهمال كثيرة جداً، خصوصاً في المستشفيات الحكومية".
وتضيف: "عندما كنت سأضع ابني الرابع، حدثت لي مضاعفات في المخاض. أشار علي العاملون بالمصحة المحلية بالذهاب إلى المستشفى. عندما ذهبت إلى هناك لم أجد من يتكفل بحالتي، فعدت إلى البيت. ووضعت مولودي في بيتي".
وتنتظر إسحاق، 28 عاماً، الآن مولودها الخامس. وتقول إنها تفكر في الذهاب إلى مصحة خاصة لكن الأسعار في غير متناولها.
أما تشينويندو أوبيجيزي تنتظر مولودها الثالث. وهي قادرة على دفع مصاريف الرعاية الصحية الخاصة في المستشفى، ولا تفكر في الولادة في أي مكان آخر.
وتقول إن وفيات الأمهات أثناء الولادة أصبحت نادرة اليوم، ولكنها كانت في وقت مضى تسمع عنها كثيراً.
وتعيش في أحد الأحياء الراقية في أبوجا، حيث المستشفيات متوفرة أكثر، وحال الطرقات أفضل، وخدمات الطوارئ متوفرة. وعدد أكبر النساء المتعلمات أكبر. ويعرفن أهمية الذهاب إلى المستشفى.
وتقول أوبيسيجي: "أحرص دائماً على تلقي رعاية ما قبل الولادة. ويسمح لي ذلك بالحديث مع الأطباء بانتظام، وأجري الاختبارات والأشعة، واهتم بصحتي وصحة الجنين".
"وعلى سبيل المثال، خلال الحمل الثاني، توقع الأطباء أن أنزف فحضروا كمية إضافية من الدم، لاستعمالها عند الحاجة. ولحسن الحظ لم تكن لها حاجة، وتمت العملية على ما يرام".
ولكن واحدة من معارفها لم تكن محظوظة.
في مخاضها الثاني، "لم تستطع القابلة إخراج المولود. حاولت استعمال القوة فمات المولود. وعندما وصلت إلى المستشفى فات الأوان. وأجريت لها عملية جراحية لاستخراج الجنين الميت. كان أمراً يفطر القلب".
وتقر الطبيبة، نانا شاندا أبو بكر، من الوكالة الوطنية للرعاية الصحية الأولية بأن الأوضاع سيئة، لكنها تقول إن خطة جديدة وضعت لمعالجة بضع القضايا.
وأطلقت الحكومة النيجيرية في نوفمبر/ تشرين الثاني، مبادرة تجريبية للتقليل من عدد الوفيات بين الأمهات أثناء الولادة. وتشمل المبادرة في مرحلة أولية 171 منطقة في 33 ولاية. وهذه هي المناطق التي تسجل أكثر من نصف نسبة الوفيات في البلاد.
"نحدد هوية كل حامل، ومكان إقامتها ونساعدها في مدة حملها، وأثناء الوضع وبعده".
وحددت المبادرة حتى الآن 400 ألف حامل في ست ولايات في عملية مسح ميدانية، مع تفاصيل عن كل واحدة، إذا كانت تتلقى رعاية ما قبل الولادة أم لا.
"وتعمل الخطة إلى ربطهن بالمصحات للتأكد من تلقيهن الرعاية وإنجابهن في ظروف آمنة".
وتسعى المبادرة إلى التعاون مع شبكات المواصلات المحلية من أجل تمكين المزيد من النساء من الذهاب إلى المصحات، وتشجيع الناس على الحصول على التأمينات الصحية الرخيصة.
ومن السابق لأوانه الحديث عن تأثير المبادرة، لكن السلطات تأمل أن تلتحق البلاد بالركب العالمي في هذا المجال.
فعلى المستوى العالمي تراجعت الوفيات بين الأمهات أثناء الولادة بنسبة 40 في المئة في عام 2000، بفضل توسيع الرعاية الصحية. وارتفعت الأرقام في نيجيريا في الفترة نفسها ولكن بنسبة 13 في المئة فقط.
ويرحب الخبراء بهذه المبادرة والبرامج الأخرى، ولكنهم يعتقدون أن المطلوب هو الاستثمار أكثر في القطاع.
ويقول دولستن من يونيسف، إن "النجاح مرهون باستمرار التمويل، والتنفيذ الفعال، والمتابعة المستمرة، لضمان الوصول إلى النتائج المرجوة".
وفي أثناء ذلك، تمثل وفاة كل أم في نيجيريا بنسبة 200 كل يوم كارثة لعائلتها وأقاربها.
ولا يزال السيد إيده يتألم لوفاة أخته. ويقول عنها "تكفلت برعايتنا بعد وفاة والدينا ونحن صغاراً".
"عندما أخلو بنفسي، أذكرها وأبكي بحرارة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
وفاة حامل كل سبع دقائق: أسوأ بلاد للأمهات في العالم
كانت نفيسة صلاحو وعمرها 24 عاماً، ستصبح مجرد رقم في نيجيريا، حيث تموت امرأة واحدة كل سبع دقائق، وهي تضع حملها. ولأن المخاض جاءها أثناء الإضراب، لم تجد في المستشفى طبيياً مختصاً يتعامل مع مضاعفات حالتها. وعلق رأس مولودها أثناء الوضع، وطلب منها العاملون في المستشفى أن تبقى ممدة أثناء المخاض. واستمرت حالتها ثلاثة أيام. وفي النهاية أجريت لها عملية قيصرية، بعدما قبل طبيب مختص مساعدتها. تقول صلاحو لبي بي سي، في كانو، شمالي البلاد، "الحمد لله على ذلك، لأنني كنت على وشك الموت. لم تبق لي قوة، ولم يتبق في شيء". أنقذت العملية حياتها، ولكن مولودها مات. وفي 11 عاماً الأخيرة، ذهبت إلى المستشفى نفسه للولادة عدة مرات. وتتعامل مع الأمر باستسلام تام، وتقول: "أعرف أنني كنت بين الموت والحياة. ولكنني لم أعد أخاف". والتجربة التي مرت بها، صلاحو، ليست نادرة، فنيجيريا أخطر بلاد في العالم يمكن لامرأة أن تضع فيها مولودها. وبحسب الإحصائيات، التي جمعتها الأمم المتحدة عن البلاد من 2023، فإن امرأة واحدة من بين 100 تموت أثناء الولادة أو في الأيام التي تليها. وهذا يضعها على رأس قائمة لا تريد أي بلاد أن تتقدم فيها. وفي عام 2023، سجلت نيجيريا أكثر من ربع عدد وفيات النساء أثناء الولادة في العالم، بنسبة 29 في المئة. ويعني ذلك، وفاة 75 ألف امرأة بسبب الولادة في العام، أي امرأة واحدة كل سبع دقائق. والمحبط في الأمر أن عدداً كبيراً من هذه الوفيات، مثل التي يسببها نزيف ما بعد الولادة، يمكن تجنبها. وكان عُمر تشينينيي نويزي 36 عاماً عندما نزفت حتى الموت في المستشفى، منذ 5 سنوات، في بلدة أونيتشا، جنوب شرقي البلاد. ويتذكر أخوها، هنري إيده، أن "الأطباء كانوا بحاجة إلى دم. لم يكن لديهم ما يكفي. وكانوا يذهبون ويجيئون، وأختي تموت بين أيديهم. إنه أمر لا أتمناه للعدو. فالألم فوق الاحتمال". ومن بين أسباب وفاة الأمهات الأخرى عسر الولادة، وارتفاع ضغط الدم، والإجهاض في ظروف غير آمنة. وبحسب مارتن دولستين، من مكتب يونيسف في نيجيريا، فإن "ارتفاع معدل الوفيات أثناء الوضع في نيجيريا تتسبب فيه جملة من العوامل". من بين هذه العوامل اهتراء المنشآت الصحية، ونقص الأطباء، وغلاء تكلفة العلاج، والتقاليد والعادات، التي تؤدي إلى فقدان الثقة في العاملين بقطاع الصحة. وتقول مابيل أونويمينا، المنسقة الوطنية في جمعية مساعدة وتطوير النساء، "لا تستحق أي امرأة أن تموت وهي تضع مولودها". وتضيف أن بعض النساء، خاصة في المناطق الريفية، يعتقدن أن "الذهاب إلى المستشفى مضيعة للوقت"، ويفضل العلاجات التقليدية، بدل طلب المساعدة الطبية، وهو ما يعطل الرعاية الحيوية التي يمكن أن تقدم لهن". وبالنسبة للبعض، يعد الوصول إلى المستشفى ضرباً من المستحيل، لعدم وجود وسائل مواصلات. وتقول أونويمينا، إنهم حتى إن وصلوا إلى المستشفى فإن مشاكلهم لا تنتهي. "فالعديد من المنشآت الصحية تنعدم فيها التجهيزات والمواد الطبية البسيطة، وكذا العاملون المدربون. وهذا ما يجعل توفير خدمات نوعية عملية صعبة". والحكومة الاتحادية في نيجيريا لا تنفق حالياً إلا 5 في المئة من ميزانيتها على الصحة. وهو أدنى من نسبة 15 في المئة، التي التزمت بها البلاد في اتفاقية الاتحاد الأفريقي لعام 2001. وفي عام 2021، بلغ عدد القابلات 221 ألفاً في بلاد عدد سكانها 218 مليون نسمة. وأقل من نصف الولادات في البلاد يجري تحت إشراف عاملين صحيين مؤهلين. وتحتاج البلاد وفق التقديرات إلى 700 ألف ممرض وقابلة إضافيين، لتستجيب لتوصيات منظمة الصحة العالمية. وهناك نقص حاد في عدد الأطباء أيضاً. ويدفع نقص العاملين المؤهلين والمنشآت البعض إلى التردد في طلب المساعدة الطبية. وتقول جميلة إسحاق، "صراحة لا أثق في المستشفيات. فقصص الإهمال كثيرة جداً، خصوصاً في المستشفيات الحكومية". وتضيف: "عندما كنت سأضع ابني الرابع، حدثت لي مضاعفات في المخاض. أشار علي العاملون بالمصحة المحلية بالذهاب إلى المستشفى. عندما ذهبت إلى هناك لم أجد من يتكفل بحالتي، فعدت إلى البيت. ووضعت مولودي في بيتي". وتنتظر إسحاق، 28 عاماً، الآن مولودها الخامس. وتقول إنها تفكر في الذهاب إلى مصحة خاصة لكن الأسعار في غير متناولها. أما تشينويندو أوبيجيزي تنتظر مولودها الثالث. وهي قادرة على دفع مصاريف الرعاية الصحية الخاصة في المستشفى، ولا تفكر في الولادة في أي مكان آخر. وتقول إن وفيات الأمهات أثناء الولادة أصبحت نادرة اليوم، ولكنها كانت في وقت مضى تسمع عنها كثيراً. وتعيش في أحد الأحياء الراقية في أبوجا، حيث المستشفيات متوفرة أكثر، وحال الطرقات أفضل، وخدمات الطوارئ متوفرة. وعدد أكبر النساء المتعلمات أكبر. ويعرفن أهمية الذهاب إلى المستشفى. وتقول أوبيسيجي: "أحرص دائماً على تلقي رعاية ما قبل الولادة. ويسمح لي ذلك بالحديث مع الأطباء بانتظام، وأجري الاختبارات والأشعة، واهتم بصحتي وصحة الجنين". "وعلى سبيل المثال، خلال الحمل الثاني، توقع الأطباء أن أنزف فحضروا كمية إضافية من الدم، لاستعمالها عند الحاجة. ولحسن الحظ لم تكن لها حاجة، وتمت العملية على ما يرام". ولكن واحدة من معارفها لم تكن محظوظة. في مخاضها الثاني، "لم تستطع القابلة إخراج المولود. حاولت استعمال القوة فمات المولود. وعندما وصلت إلى المستشفى فات الأوان. وأجريت لها عملية جراحية لاستخراج الجنين الميت. كان أمراً يفطر القلب". وتقر الطبيبة، نانا شاندا أبو بكر، من الوكالة الوطنية للرعاية الصحية الأولية بأن الأوضاع سيئة، لكنها تقول إن خطة جديدة وضعت لمعالجة بضع القضايا. وأطلقت الحكومة النيجيرية في نوفمبر/ تشرين الثاني، مبادرة تجريبية للتقليل من عدد الوفيات بين الأمهات أثناء الولادة. وتشمل المبادرة في مرحلة أولية 171 منطقة في 33 ولاية. وهذه هي المناطق التي تسجل أكثر من نصف نسبة الوفيات في البلاد. "نحدد هوية كل حامل، ومكان إقامتها ونساعدها في مدة حملها، وأثناء الوضع وبعده". وحددت المبادرة حتى الآن 400 ألف حامل في ست ولايات في عملية مسح ميدانية، مع تفاصيل عن كل واحدة، إذا كانت تتلقى رعاية ما قبل الولادة أم لا. "وتعمل الخطة إلى ربطهن بالمصحات للتأكد من تلقيهن الرعاية وإنجابهن في ظروف آمنة". وتسعى المبادرة إلى التعاون مع شبكات المواصلات المحلية من أجل تمكين المزيد من النساء من الذهاب إلى المصحات، وتشجيع الناس على الحصول على التأمينات الصحية الرخيصة. ومن السابق لأوانه الحديث عن تأثير المبادرة، لكن السلطات تأمل أن تلتحق البلاد بالركب العالمي في هذا المجال. فعلى المستوى العالمي تراجعت الوفيات بين الأمهات أثناء الولادة بنسبة 40 في المئة في عام 2000، بفضل توسيع الرعاية الصحية. وارتفعت الأرقام في نيجيريا في الفترة نفسها ولكن بنسبة 13 في المئة فقط. ويرحب الخبراء بهذه المبادرة والبرامج الأخرى، ولكنهم يعتقدون أن المطلوب هو الاستثمار أكثر في القطاع. ويقول دولستن من يونيسف، إن "النجاح مرهون باستمرار التمويل، والتنفيذ الفعال، والمتابعة المستمرة، لضمان الوصول إلى النتائج المرجوة". وفي أثناء ذلك، تمثل وفاة كل أم في نيجيريا بنسبة 200 كل يوم كارثة لعائلتها وأقاربها. ولا يزال السيد إيده يتألم لوفاة أخته. ويقول عنها "تكفلت برعايتنا بعد وفاة والدينا ونحن صغاراً". "عندما أخلو بنفسي، أذكرها وأبكي بحرارة".


BBC عربية
منذ 3 أيام
- BBC عربية
كيف عاشت غزة "اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء"؟
يحيي العالم في الرابع من حزيران من كل عام "اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء" الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في أغسطس عام 1982، لتسليط الضوء على معاناة الأطفال ضحايا العدوان في مناطق الصراعات عبر العالم. ويتوافق إحياء هذا اليوم من هذا العام مع اشتداد معاناة أطفال غزة وبلوغها حدا لم يشهد التاريخ مثيلا لها، حسب وصف العديد من المنظمات الدولية المعنية بحماية الأطفال ورعايتهم في مناطق الحروب. وتقول تلك المنظمات، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، إن حقوق الأطفال الفلسطينيين في غزة تتعرض لانتهاكات صارخة ومتعمدة بالقتل والتنكيل والعنف والتهجير القسري وقطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء عنهم وعن أهاليهم. وذهبت العديد من تلك المنظمات إلى وصف العمليات العسكرية المتواصلة للجيش الإسرائيلي في القطاع بأنها جرائم إبادة جماعية بحق الأطفال الفلسطينيين وأهاليهم جراء القصف الإسرائيلي للمنازل والمدارس والمستشفيات التي تؤويهم ومنع وصول المستلزمات الطبية إليهم. واعتبرت تلك المنظمات أن ما تقوم به إسرائيل في القطاع يشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م التي نصت على سلسلة من القواعد التي تولي الأطفال حماية خاصة ضد كل أشكال العنف والتعذيب التي قد تمارس ضدهم في مناطق الصراع. وطبقا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة بقطاع غزة فقد تجاوز عدد القتلى من ضحايا القصف الجوي والبري العسكري الإسرائيلي من الأطفال الفلسطينيين، الفئة الأضعف في المجتمع الفلسطيني في غزة 16500 بحلول منتصف مايو/أيار الماضي، ناهيك عن عدد المفقودين تحت الركام والمصابين بجراح متفاوتة الخطورة. وشملت أعداد القتلى من الأطفال في غزة كل الفئات العمرية: 916 من الرضع لأقل من عام، و4365 من الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد وخمسة أعوام و6101 بين سن 6 و12 عاما و5124 من الفتية بين 13 و17 عاما. وإذا كانت هذه الأرقام من الأرواح البريئة التي أُزهقت في غزة تعتبر مفجعة لكثير من المنظمات الدولية مثل "أنقذوا الأطفال" و"اليونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية وغيرها، فإن تقارير معاناة الجرحى والناجين والنازحين ترسم صورا فظيعة لما يجري في ما بقي من مستشفيات غزة كما ينقلها أطباء ومسعفون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية الدولية. ويقول هؤلاء إن أمراضا نفسية عدة شاعت بين أطفال غزة جراء نوبات الخوف والهلع والقلق التي تنتابهم كلما سقط صاروخ أو انفجرت قذيفة بالقرب منهم، حتى أن الأطباء حاروا في علاجها. وتفاقمت تلك الحالات النفسية بل وخلفت تغيرات جسدية ومضاعفات مرضية. وطبقا لدراسة نشرها مركز غزة للصحة النفسية في الأسابيع القليلة الماضية حول تأثير الحرب على ارتفاع حالات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة لدى النازحين، أظهرت النتائج أنّ لدى 70% من عينة الدراسة الأعراض مجتمعة. ويشكو الأطباء الذي يشرفون على علاج بعض الحالات النفسية المستفحلة بين أطفال غزة من أنهم يخوضون معركة يصعب عليهم حسمها ضد الأمراض النفسية لدى الأطفال. ويقولون إن جهودهم تذهب سدى. فكلما تكررت عمليات القصف والأحزمة النارية العنيفة للجيش الإسرائيلي عادت نوبات الهلع عند المصابين وارتفع منسوب القلق والخوف لديهم من الموت. ويضيف هؤلاء الأطباء أن تداعيات الحرب خلفت أمراضا غريبة لدى أطفال غزة لم يجدوا تفسيرا لبعضها، خصوصا وأن قدراتهم على التشخيص محدودة في ظل ظروف الحرب السائدة وعدم وجود مختبرات متقدمة. ومن الروايات التي أوردها أحدهم أن طفلا فلسطينيا نجا من الموت في حادث سقوط صاروخ على بيت عائلته. لكنه فقد والديه في الهجوم، وعاين رجال الإسعاف وهم ينتشلون جثتي والديه ويلفانهما بالأغطية، وعاش لحظات الجنازة والوداع ومراسم الدفن. وتركت تلك المشاهد بقلب الطفل ندوباً مؤلمة وأصبح يعبر عن حزنه بسلوك عصبي، وبات يخاف من اقتراب أي شخص منه ومن صوت طرق الباب، وعندما يسمع صوت القصف يتذكر والديه ويبدأ في الصراخ. ويقول أطباء غزة إنهم عجزوا عن تشخيص حالات نفسية نادرة كثيرة، بين الأطفال في مختلف الأعمار، ناجمة عن اضطرابات ما بعد الصدمة، واضطرابات النوم بعدما دمر الجيش الإسرائيلي 38 مستشفى حكومياً، وتوقف 81 مركزاً صحياً عن العمل، وتعطل 164 عيادة طبية. ويلخص المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني الوضع في غزة بأنه "مصيدة للموت" للكبار مثل الصغار بسبب خطة توزيع المساعدات التي وضعتها إسرائيل بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية. ووصفها لازاريني بأنها "نظام مهين" يجبر آلاف الفلسطينيين الجوعى على السير لعشرات الكيلومترات دونما ضمانات بعودة إلى خيامهم سالمين. برأيكم سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 04 حزيران/ يونيو خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@ كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب


BBC عربية
منذ 3 أيام
- BBC عربية
بيل غيتس يتبرع بمعظم ثروته البالغة 200 مليار دولار لأفريقيا
تعهّد الملياردير الأمريكي بيل غيتس بإنفاق معظم ثروته في تحسين خدمات الصحة والتعليم في أفريقيا، على مدى العشرين عاماً المُقبلة. وقال المؤسس المشارك لمايكروسوفت، والبالغ من العمر 69 عاماً، إن "إطلاق الإمكانات البشرية، عبر الصحة والتعليم، كفيلٌ بأن يضع كل بلد في القارة الأفريقية على طريق الرخاء". أدلى غيتس بتلك التصريحات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيثُ حَثّ المبدعين الشباب الأفارقة على التفكير في تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين الرعاية الصحية في القارة. وأعلن غيتس، الشهر الماضي، أنه سوف يتبرّع بنسبة 99 في المئة من ثروته الضخمة – التي يتوقع هو أنها قد تبلغ 200 مليار دولار بحلول عام 2045، حيث تخطط "مؤسسة غيتس" أن تُنهي أعمالها. ومن مقرّ الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، قال غيتس: "تعهّدتُ مؤخراً بالتبرّع بثروتي على مدى العشرين عاماً المقبلة. معظم هذه الأموال ستوجه لمساعدتكم في مجابهة التحديات هنا في أفريقيا". إعلان غيتس لاقى ترحيباً من غراسا ماشيل، سيدة موزمبيق الأولى سابقاً، التي قالت إنه "جاء في وقت أزمة". وأضافت ماشيل: "نحن نعوّل على التزام غيتس المُخْلص للاستمرار في السير معنا على طريق التحوّل". وقلّصت حكومة الولايات المتحدة مساعداتها إلى أفريقيا، بما في ذلك برامج رعاية مرضى نقص المناعة المكتسب (الإيدز) – في إطار سياسة "أمريكا أولاً" التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتثير هذه السياسة الأمريكية المخاوف بشأن مستقبل الرعاية الصحية في القارة الأفريقية. ويسعى غيتس، ومؤسسته بما لها من تاريخ طويل من العمل في أفريقيا، إلى التركيز على تحسين الرعاية الصحية الأوليّة. وقال غيتس: "ما تعلّمناه هو أن مساعدة الأم في العناية بصحتها بشكل جيد وفي الحصول على تغذية جيدة قبل وأثناء الحمل، كفيلة بالحصول على أفضل النتائج". وأضاف: "أيضاً، تأمين التغذية الجيدة للطفل في السنوات الأربع الأولى كفيل بأن يصنع كلّ الفارق". وفي رسالة إلى الشباب المبدعين، قال ملياردير التقنية إن الهواتف المحمولة قد أحدثت ثورة في قطاع البنوك في أفريقيا، ورأى غيتس أن الذكاء الاصطناعي كفيلٌ بأنْ يُسخَّر الآن لخير القارة. "تحوّلت أفريقيا عن نُظُم الصيرفة التقليدية، والآن أمامكم الفرصة سانحة، وأنتم تدشّنون الجيل الجديد من نُظم الرعاية الصحية، للتفكير في تسخير الذكاء الاصطناعي لهذا الهدف"، وفقاً لبيل غيتس. وتضع مؤسسة غيتس لنفسها ثلاث أولويات هي: إنهاء الوفيات التي يمكن الوقاية منها بين الأمهات والأطفال، والعمل على ضمان أنْ ينمو الجيل المقبل دون أنْ يعاني من الأمراض المُعدية والفتاكة، وإخراج ملايين البشر من دائرة الفقر. وقالت المؤسسة في بيان لها: "بعد 20 عاماً، ستغرُب شمس المؤسسة عمَليّاً". وكتب بيل غيتس في مدوّنة: "سيقول الناس الكثير من العبارات عنّي بعد وفاتي، لكنّني عازمٌ على ألّا تكون عبارة (قد مات غنياً)، من بينها". لكنْ حتى التبرّع بـ 99 في المئة من ثروة خامس أغنى رجل في العالم، يتركه مليارديراً، بحسب وكالة بلومبرغ. ويقول بيل غيتس إنه استلهم فكرة التبرّع بالأموال من رجل الأعمال وارِن بافيت، وآخرين من رُوّاد الأعمال الخيرية. لكنّ ناقدين يرون أن غيتس يستخدم الأعمال الخيرية لمؤسسته من أجل تفادي الضرائب، كما يرون أن للمؤسسة نفوذاً غير مستحَقّ على نظام الصحة العالمي.