
معمل « نجيب محفوظ» السرى !
حين يصبح الإنسان شغوفًا بالكتابة، يتعامل مع الكتب وكأنها لعبة، يجب تفكيكها حتى يعرف أسرار صناعة، وتركيب هذا العمل، وبهذا نجح الباحث عمرو فتحى فى إعداد كتاب «نجيب محفوظ عن الكتابة»، الذى يتحدث عن معمل محفوظ الإبداعى السرى، كيف ابتكر هذه الروايات التى صارت علامات بارزة فى تاريخ الأدب المصرى والعالمى؟!، وتركت أثرًا على عدد كبير من الأدباء فى مشروعات كتاباتهم.
أراد «فتحى» فى هذا الكتاب -الصادر حديثًا عن دار الكرمة-أن يسهم فى تسليط الضوء على أهم جانب فى حياة نجيب محفوظ، وهو رأيه فى الكتابة والعملية الإبداعية، وتقديم دراسة نقدية غير تقليدية لأدب نجيب محفوظ، ليس من خلال تحليلات النقاد، ولكن من خلال ما قاله أديبنا الكبير نفسه فى تصريحاته، وأحاديثه المختلفة فى وسائل الإعلام على مر السنين، وأن يكون الكتاب دليلًا مباشرًا - دون وسطاء - لفهم العملية الإبداعية لدى نجيب محفوظ.
كان محفوظ مهتما بالابتكار فى صناعة أساليب سردية جديدة فى كل رواية جديدة؛ حيث لو لم يقدم العمل رؤية جديدة، لا يستحق أن يصبح عملاً إبداعيًا، فالقارئ لا يقبل على الرواية أو القصيدة ليقرأ فيها ما سبق أن قرأه من قبل بأقلام مؤلفين آخرين.
ويحكى محفوظ أن عملية الكتابة بشكل يومى لم تكن بسيطة، بل تحتاج إلى شجاعة، وصبر ومثابرة، ويضيف: لم يكن جلوسى اليومى للكتابة بالأمر السهل، لأنه يقتضى أولاً أن يكون موضوع الكتابة قد اختمر فى ذهنى، وكان هذا الأمر يجعلنى فى حالة تفكير مستمر أثناء وجودى فى الوظيفة، وفى أوقات العمل، وفى أثناء المشى، وحتى فى وقت تناول الطعام، وفى كل مرة تأتينى تفصيلة من جسم الرواية، وما الرواية إلا مجموعة تفاصيل صغيرة تتجمع وتكون العمل الروائى فى النهاية... فى بعض الأحيان كنت أسجل بعض الملاحظات، والأفكار العابرة التى تأتينى أثناء وجودى خارج المنزل فى ورقة صغيرة حتى لا أنساها، وكنت أهتم بتسجيل هذه الملاحظات خلال فترة اهتمامى بالكتابة الواقعية، أجلس على المقهى مثلاً فتجذب اهتمامى ملاحظات، وتفاصيل صغيرة كانت تفيدنى أثناء الكتابة، وفى مرحلة لاحقة لم تعد لتلك التفاصيل نفس الأهمية حيث انصب اهتمامى الأكبر على الفكر والتأمل.
كما تحدث محفوظ عن كيفية ابتكار الشخصية الروائية قائلاً: شخصيات رواياتى يجىء جوهرها دفعة واحدة كما تجىء الأفكار، ولكن بناءها يتم على فترات، على مثال تبلور الشعر، ونتيجة للرؤية، والملاحظة والخيال والذكريات والأحلام والواقع، بل قد تمتص الشخصية الواحدة شخصيتين أو أكثر، فضلاً عن اندساس المؤلف برؤيته ومزاجه وكافة تعقيداته الواعية وغير الواعية، العلاقة بين الشخصية الروائية والشخصية الطبيعية تظهر فى المعادلة الآتية: الشخصية الروائية - الشخصية الطبيعية المؤلف، فإظهار شخصية طبيعية فى عمل فنى كما هى فى الحياة محال، فليس لدينا الوقت أو الفرصة لمتابعة شخص فى الحياة فى ظروفه وأحواله، ولو انقطعنا له، الشخصية الطبيعية عند دخولها فى الرواية تتخذ وظيفة جديدة، وتدل على معنى جديد، وتكون جزءًا من لوحة كبيرة، حتى إننا فى النهاية ننسى الأصل، ولا يبقى لنا إلا الشخص الخيالى باعتباره الخادم لفكرتنا ولإحساسنا. فلكل شخصية أصل فى الحياة، ولكنها فى الرواية غيرها فى الحياة، وإلا ما كانت فنًا على الإطلاق، خذ مثلاً: الحجر فى الجبل، والحجر فى «الفيلا» ستجده فى الحالة الثانية أخذ معنى جديدًا، واكتسب وظيفة جديدة.
جمع مؤلف الكتاب أحاديث محفوظ عن جميع رواياته ومن بينها روايتا «خان الخليلى» و»القاهرة الجديدة»، قال عنهما: الروايتان قالوا عند نشرهما إن الأدب مفروض أن يقدم المثاليات، كانوا ما زالوا يحيون فى الرومانسية الجميلة، لم يكونوا قد فهموا الواقعية الموجودة فى مثل هذه الأعمال، كانت مزعجة لهم غاية الإزعاج. مزعجة لمن؟، لمن كانوا يقرأون فى ذلك الوقت والنقاد؟، لم يهتموا بما أكتبه إلا بعد ذلك بكثير، لم يلحقوا بنا سوى بعد هذا بفترة طويلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم المصرية
منذ 5 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
معمل « نجيب محفوظ» السرى !
حين يصبح الإنسان شغوفًا بالكتابة، يتعامل مع الكتب وكأنها لعبة، يجب تفكيكها حتى يعرف أسرار صناعة، وتركيب هذا العمل، وبهذا نجح الباحث عمرو فتحى فى إعداد كتاب «نجيب محفوظ عن الكتابة»، الذى يتحدث عن معمل محفوظ الإبداعى السرى، كيف ابتكر هذه الروايات التى صارت علامات بارزة فى تاريخ الأدب المصرى والعالمى؟!، وتركت أثرًا على عدد كبير من الأدباء فى مشروعات كتاباتهم. أراد «فتحى» فى هذا الكتاب -الصادر حديثًا عن دار الكرمة-أن يسهم فى تسليط الضوء على أهم جانب فى حياة نجيب محفوظ، وهو رأيه فى الكتابة والعملية الإبداعية، وتقديم دراسة نقدية غير تقليدية لأدب نجيب محفوظ، ليس من خلال تحليلات النقاد، ولكن من خلال ما قاله أديبنا الكبير نفسه فى تصريحاته، وأحاديثه المختلفة فى وسائل الإعلام على مر السنين، وأن يكون الكتاب دليلًا مباشرًا - دون وسطاء - لفهم العملية الإبداعية لدى نجيب محفوظ. كان محفوظ مهتما بالابتكار فى صناعة أساليب سردية جديدة فى كل رواية جديدة؛ حيث لو لم يقدم العمل رؤية جديدة، لا يستحق أن يصبح عملاً إبداعيًا، فالقارئ لا يقبل على الرواية أو القصيدة ليقرأ فيها ما سبق أن قرأه من قبل بأقلام مؤلفين آخرين. ويحكى محفوظ أن عملية الكتابة بشكل يومى لم تكن بسيطة، بل تحتاج إلى شجاعة، وصبر ومثابرة، ويضيف: لم يكن جلوسى اليومى للكتابة بالأمر السهل، لأنه يقتضى أولاً أن يكون موضوع الكتابة قد اختمر فى ذهنى، وكان هذا الأمر يجعلنى فى حالة تفكير مستمر أثناء وجودى فى الوظيفة، وفى أوقات العمل، وفى أثناء المشى، وحتى فى وقت تناول الطعام، وفى كل مرة تأتينى تفصيلة من جسم الرواية، وما الرواية إلا مجموعة تفاصيل صغيرة تتجمع وتكون العمل الروائى فى النهاية... فى بعض الأحيان كنت أسجل بعض الملاحظات، والأفكار العابرة التى تأتينى أثناء وجودى خارج المنزل فى ورقة صغيرة حتى لا أنساها، وكنت أهتم بتسجيل هذه الملاحظات خلال فترة اهتمامى بالكتابة الواقعية، أجلس على المقهى مثلاً فتجذب اهتمامى ملاحظات، وتفاصيل صغيرة كانت تفيدنى أثناء الكتابة، وفى مرحلة لاحقة لم تعد لتلك التفاصيل نفس الأهمية حيث انصب اهتمامى الأكبر على الفكر والتأمل. كما تحدث محفوظ عن كيفية ابتكار الشخصية الروائية قائلاً: شخصيات رواياتى يجىء جوهرها دفعة واحدة كما تجىء الأفكار، ولكن بناءها يتم على فترات، على مثال تبلور الشعر، ونتيجة للرؤية، والملاحظة والخيال والذكريات والأحلام والواقع، بل قد تمتص الشخصية الواحدة شخصيتين أو أكثر، فضلاً عن اندساس المؤلف برؤيته ومزاجه وكافة تعقيداته الواعية وغير الواعية، العلاقة بين الشخصية الروائية والشخصية الطبيعية تظهر فى المعادلة الآتية: الشخصية الروائية - الشخصية الطبيعية المؤلف، فإظهار شخصية طبيعية فى عمل فنى كما هى فى الحياة محال، فليس لدينا الوقت أو الفرصة لمتابعة شخص فى الحياة فى ظروفه وأحواله، ولو انقطعنا له، الشخصية الطبيعية عند دخولها فى الرواية تتخذ وظيفة جديدة، وتدل على معنى جديد، وتكون جزءًا من لوحة كبيرة، حتى إننا فى النهاية ننسى الأصل، ولا يبقى لنا إلا الشخص الخيالى باعتباره الخادم لفكرتنا ولإحساسنا. فلكل شخصية أصل فى الحياة، ولكنها فى الرواية غيرها فى الحياة، وإلا ما كانت فنًا على الإطلاق، خذ مثلاً: الحجر فى الجبل، والحجر فى «الفيلا» ستجده فى الحالة الثانية أخذ معنى جديدًا، واكتسب وظيفة جديدة. جمع مؤلف الكتاب أحاديث محفوظ عن جميع رواياته ومن بينها روايتا «خان الخليلى» و»القاهرة الجديدة»، قال عنهما: الروايتان قالوا عند نشرهما إن الأدب مفروض أن يقدم المثاليات، كانوا ما زالوا يحيون فى الرومانسية الجميلة، لم يكونوا قد فهموا الواقعية الموجودة فى مثل هذه الأعمال، كانت مزعجة لهم غاية الإزعاج. مزعجة لمن؟، لمن كانوا يقرأون فى ذلك الوقت والنقاد؟، لم يهتموا بما أكتبه إلا بعد ذلك بكثير، لم يلحقوا بنا سوى بعد هذا بفترة طويلة.


الدستور
منذ 4 أيام
- الدستور
"ركن نجيب محفوظ".. متحف صغير في حضن مكتبة الإسكندرية يهمس بحكايات الأديب الخالد
وسط أروقة مكتبة الإسكندرية، وبين عبق الكتب وسكون المعرفة، وُلد ركنٌ صغير يضج بالحياة، يعيد الزائر عقودًا إلى الوراء، إلى زمن نجيب محفوظ، حكّاء الحارات وأديب نوبل. ليس مجرد معرض عابر، بل تراث ينبض بحياة "محفوظ" من خلال مقتنياته الشخصية، صوره النادرة، وما يقرب من 2400 كتاب أدبي يتوزع بين مؤلفاته وترجماته، في محاولة لصياغة سيرة هذا العملاق كما لم تُروَ من قبل. وعقب افتتاح مكتبة الإسكندرية ركنًا توثيقيًا خاصًا بالأديب العالمي نجيب محفوظ، تخليدًا لمسيرته الأدبية وتكريمًا لإسهاماته التي تركت بصمة خالدة في تاريخ الأدب المصري والعربي والعالمي، أجرت "الدستور" جولة بـ"ركن نجيب محفوظ"، والذي يضم كتبه ومقتنياته الشخصية التي أهدتها أسرته لمكتبة الإسكندرية. Messenger_creation_1C9CFFD0-D518-4DFD-ADD1-0C11461BA95C قال محمد غنيمة، رئيس وحدة الوثائق بالمكتبة، إن الركن يمثل توثيقًا شاملًا لإحدى أبرز الشخصيات الأدبية في العالم، ويضم مجموعة فريدة من الصور والمقتنيات والوثائق التي توثق لحياة نجيب محفوظ ومسيرته الحافلة. وأوضح 'غنيمة' أن الركن يبدأ بصورة بورتريه لمحفوظ، يليها عرض فيلم وثائقي يسلط الضوء على سيرته وأبرز أعماله الأدبية والجوائز التي نالها، بما في ذلك جائزة نوبل في الأدب. Messenger_creation_B2F9FE05-0502-4CDC-96A5-3A6BE4C294F9 خطابات رؤساء مصر ويضم الركن مجموعة من الوثائق الرسمية، منها خطابات من رؤساء جمهورية مصر العربية، مثل خطابات وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس محمد أنور السادات، والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي بعث برسالة تهنئة لمحفوظ عقب فوزه بجائزة نوبل. Messenger_creation_80D3E496-B6DC-4E92-9ECD-4D1F9C30FA8D كما يعرض الركن صورًا أرشيفية نادرة، من بينها صورة للأديب وهو يرتدي قلادة النيل، وصور أخرى تجمعه بعائلته، وابنته أم كلثوم التي أهدت مقتنياته للمكتبة. ويحتوي الركن أيضًا على تمثال نصفي لمحفوظ، إضافة إلى عدد من رواياته وأعماله الأدبية المترجمة إلى لغات عدة، مثل الألمانية والفرنسية والإسبانية. Messenger_creation_B6986CAE-454D-4AD9-95BD-862CB1126839 ومن بين المقتنيات الشخصية المعروضة، توجد سماعتي أذنيه، والأقلام التي اعتاد الكتابة بها، ومسبحته الخشبية، إلى جانب بورتريهات رسمها له فنانون ومثقفون من دول مختلفة، مؤكدًا أن هذا الركن يعكس تقدير المكتبة وامتنانها لمسيرة محفوظ الأدبية والإنسانية. وأشار غنيمة إلى أن مكتبة الإسكندرية تضم، إلى جانب هذا الركن، مجموعة كبيرة من مؤلفات محفوظ وترجماته، بالإضافة إلى ما كُتب عنه، وذلك في جناح الكتب المتخصصة. واختتم بالقول إن من بين أهداف مكتبة الإسكندرية توثيق أعمال الشخصيات المصرية والعالمية التي أثرت في مسيرة البشرية، سواء داخل المكتبة أو من خلال المنصات الرقمية التابعة لها، مثل موقع "ذاكرة مصر المعاصرة". Messenger_creation_564E7859-D265-46D2-A350-47CA45EEAC4E Messenger_creation_19B4FD85-BC35-430F-8481-A4C91133A8F9 Messenger_creation_E8B0D974-4106-4CFA-8AB4-77DFD5A3DBB7 Messenger_creation_216C82C0-E53A-492D-8BF4-8B863519FDC6 Messenger_creation_E730FEF9-6A1C-4BC4-86A2-2A5C936EEA6E Messenger_creation_1C9CFFD0-D518-4DFD-ADD1-0C11461BA95C


24 القاهرة
منذ 6 أيام
- 24 القاهرة
والدة نجيب وناصف ساويريس ضمن قائمة تايم لأكثر 100 شخصية تأثيرًا في العمل الخيري
أدرجت مجلة تايم يسرية ساويرس، والدة نجيب و ناصف ساويريس ، في قائمة أكثر 100 شخصية تأثيرًا في مجال العمل الخيري لعام 2025، تقديرًا لجهودها المستمرة التي تمتد لأكثر من 40 عامًا في دعم الفئات المهمشة في مصر. والدة نجيب وناصف ساويريس ضمن قائمة تايم لأكثر 100 شخصية تُعرف يسرية بانتمائها لعائلة من أغنى العائلات المصرية التي تنشط في مجالات الاتصالات والبناء والتكنولوجيا والسياحة، لكنها كرّست حياتها للاستفادة من نفوذ العائلة في خلق فرص للخروج من الفقر، منذ طفولتها، حرصت على غرس قيم العطاء في أبنائها، حيث كانت تصطحبهم لزيارة الأحياء الفقيرة وتشجيعهم على المساهمة في تحسين حياة المحتاجين. منذ عام 1984، شاركت لوزة ساويرس في العديد من المبادرات الخيرية، وترأست مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية منذ تأسيسها عام 2001، ولا تزال تشغل منصب رئيسة المؤسسة التي يشارك أبناؤها في إدارتها. وقد استثمرت المؤسسة أكثر من 65 مليون دولار في أكثر من 150 مشروعًا، استفاد منها أكثر من مليون شخص، مع تركيز خاص على التمكين الاقتصادي والاجتماعي والتعليم ودعم الفنون والثقافة. بحضور سميح ساويرس.. الجناح المصري يستضيف جلسة نقاشية حول فرص التصوير في مهرجان كان السينمائي نجيب ساويرس: مصر والمغرب وسوريا ولبنان مرشحون لتعزيز العلاقات مع أوروبا وتشمل مبادرات المؤسسة برامج توفير فرص العمل، والتدريب على المهارات الأساسية، ومحو الأمية، والمنح الدراسية، بالإضافة إلى جوائز للفنانين، مما يعكس التزامها العميق بتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في مصر.