
الزلزال الذي أطلقه أبو عبيدة
كما أنه كشف في الوقت نفسه عمق الجرح النازف لأهالي غزة والمقاومين الذين تركوا وحدهم في معركة قاربت إتمام عامها الثاني وتكالب فيها الغرب الاستعماري، وقدم بسخاء كل صنوف الدعم والإسناد لإبادة شعب محاصر، يطلب حريته واستقلاله ووقف بصمود أسطوري في مواجهة قصف الطائرات والدبابات التي دكت غزة وسوّتها بالأرض.
فالخطاب بمضمونه ولهجته العالية، شكل لحظة فارقة في مسار الصراع مع الاحتلال، وخاصة في ظل الإنجازات النوعية التي حققتها المقاومة إثر استهدافها عددًا من جنود جيش الاحتلال ومحاولة أسر آخرين.
وهو ما أكَّدته العملية الأخيرة حين سيطر أحد المقاومين على سلاح أحد الجنود، ولولا تعقيدات الميدان لكانت المقاومة أضافت إلى سجلها، إنجازًا عسكريًا، يرفع منسوب الرعب، ويؤدي إلى حالة انهيار نفسي لجنود الاحتلال.
في هذا المقال، سنستعرض دلالات خطاب أبو عبيدة والرسائل التي وجهها، وأثر ذلك على مسار التفاوض والمواجهة.
من البداية عمد أبو عبيدة إلى وضع المحتل في الدائرة الضيقة وحمله المسؤولية الكاملة في إفشال المفاوضات وتبادل الأسرى.
فالاحتلال هو من "نقض العهود وانقلب على الاتفاق المبرم مع المقاومة"، وأبو عبيدة يسعى بذلك إلى توسيع أزمة نتنياهو مع عوائل الأسرى، ومع جزء كبير من الرأي العام الإسرائيلي الذي يضغط لإنهاء الحرب، وعودة الأسرى وحتى بيت نتنياهو الداخلي بدا متصدعًا، وقد ينسحب منه حليفه سموتريتش الذي لا يتوقف عن التلويح بذلك بمناسبة وبغيرها.
فأبو عبيدة يريد وقفًا شاملًا للعدوان على شعب غزة، لكنه يمسك بيده ورقة استمرار المقاومة وبسالتها في مواجهة الاحتلال، وفي ذلك إرباك لنتنياهو وعصابته المجرمة التي روَّجت كذبًا أن المقاومة شارفت على نهايتها.
فالخطاب كان قويًا وهجوميًا على العدو الذي لم يعد لديه أهداف واضحة اللهم إلا الاستمرار في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء. كما أن قوة الخطاب لم تكن مفصولة عن قوة الميدان.
وتهديد أبو عبيدة بأسر جنود من جيش العدو الصهيوني، بات أعلى من ممكن، خاصة في ظل الاشتباك المباشر والسيطرة الكلية لمقاوم على جندي إسرائيلي ونزع سلاحه، ولو كانت الظروف سانحة، لكان لدى المقاومة أسرى من ساحة المواجهة.
فأبو عبيدة يضغط بقوة على جرح نتنياهو الذي أخل بالاتفاق. فحصيلة أربعة شهور "مئات الجنود قتلى وجرحى وآلاف المصابين بأمراض نفسية وصدمات" فالاحتلال كلما مرت عليه الأيام في مستنقع غزة، غرق أكثر في رمالها المتحركة، وازداد انكشافًا أمام مقاومة شرعية، استطاعت حشد الرأي العام العالمي لصالح عدالة قضيتها، وتمكنت من كسب المعركة حتى قبل أن تضع أوزارها.
كما ركز الخطاب على تعزيز مفهوم الاستنزاف عبر العمليات النوعية، ورفع سقف المعركة إلى التهديد بأسر جنود كوسيلة تكتيكية لممارسة الضغط من أجل انتزاع وقف فوري للعدوان من طرف المفاوض الفلسطيني.
الرسالة الثانية: مأساة غزة في خذلان أمتها
لم يكن أبو عبيدة ملزمًا بانتقاء كلماته حينما توجه إلى الأمة العربية والإسلامية. فالخطاب كان مباشرًا وشديدًا بحجم الندوب التي خلفها العدوان على غزة الجريحة. فـ "الأنظمة وقوى أمتنا يتفرجون على أشقائهم يقتلون ويجوعون ويمنعون من الماء والدواء" و"رقاب قادة الأمة الإسلامية ونخبها وعلمائها مثقلة بدماء الأبرياء ممن خذلوا بصمتهم".
والحقيقة أنه ليس هناك من تفسير لهذا العجز البنيوي الذي يشل حركة أمة واسعة بزعمائها ونخبها وعلمائها، استطاعت طوال 561 يومًا، الاحتفاظ بصمتها وسلبيتها وتخاذلها أمام شعب يذبح على مرأى ومسمع العالم.
فالمقاومة والشعب الفلسطيني لا يستطيعون السكوت عن مستوى الإذلال والهوان الذي تسبح فيه الأمتان العربية والإسلامية، والحال أن كل هذا القهر والظلم الممارس على الفلسطينيين، إنما مصدره التفريط والتحلل من كل الالتزامات العربية والقومية تجاه فلسطين.
وصدق أبو عبيدة حينما أشار في معرض خطابه إلى أن الاحتلال ما كان له أن يرتكب كل هذه الجرائم والإبادة الجماعية "إلا وقد أمن العقوبة وضمن الصمت واشترى الخذلان". والواقع أن الوضع العربي والإسلامي يزداد سوءًا ويستمر في انحداره بما يجعلنا في ذيل الأمم والأقوام.
فلا أحد معفى من مسؤولية الدم النازف في غزة، وهو يعلم كما يعلم كثيرون أن الأمة بإمكانها وقف العدوان، وباستطاعتها أن تنتصر للمكلومين من النساء والشيوخ والأطفال الذين يسقطون بالرصاص، كما يسقطون من شدة الجوع.
والفلسطينيون الذين استغاثوا بأشقائهم، لم يطلبوا منهم تحريك الجيوش للقتال معهم وإن كان هذا حقهم وواجب على أمتنا ولكن أين نحن اليوم من اتفاقية الدفاع المشترك التي صارت نسيًا منسيًا. فأهل غزة طلبوا كسر الحصار وتمكينهم من الحد الأدنى الذي يبقيهم أحياء، قادرين على الصمود والدفاع عن الأرض والعرض.
الرسالة الثالثة: المجتمع الدولي منحاز
الواضح أن المجتمع الدولي منحاز إلى كيان الإجرام والولايات المتحدة على رأسه توفر الحماية والسلاح الذي يقتل به الأبرياء. كذلك دول غربية كثيرة، تعلن دعمها للاحتلال وتدوس بأقدامها على قواعد القانون الدولي الإنساني وقيم العدالة والإنصاف.
والخطير أن ترامب لم يجد مانعًا في دفع أهل غزة نحو هجرة قسرية مخالفة للقانون وتندرج ضمن جرائم الحرب. فنحن نشهد اليوم، إفلاس النظام الليبرالي الذي أنتج جشعًا وظلمًا وعدوانًا على الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي تجاوزت محنته، قرنًا من الزمان.
لا يبدو في الأفق القريب أن معاناة الإنسان المقهور باتت تقترب من نهايتها. فالعالم الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة لا يزال متعثرًا في سيره نحو إنهاء هيمنة، أضرت كثيرًا بتوازناته وعدالة أركانه.
الرسالة الرابعة: على شعوب الأمة بذل كل ما تستطيع
يحار المرء حين يتابع المسيرات والمظاهرات الضخمة التي انطلقت في أغلب العواصم العالمية ويتابع بكثير من الاحترام والتقدير مفكرين ونوابًا برلمانيين وإعلاميين من أوساط غربية، وانخراطهم المبدئي والإنساني مع غزة.
وواضح جدًا أن حركة التضامن التي انطلقت من الغرب فاقت بكثير الفعاليات في العالمين العربي والإسلامي. من هذه الحقيقة الساطعة جاء خطاب أبو عبيدة للشعوب لمضاعفة جهودها والانخراط بقوة في مختلف الفعاليات؛ من أجل كسر الحصار، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات.
حتى العملاء خصهم أبو عبيدة في خطابه بنداء. فكيان الاحتلال يستثمر في الحروب والمآسي لخلق الفتن وبث الانقسامات. فاعتماد الاحتلال على العملاء في فلسطين، يكاد، يكون ظاهرة قديمة.
والرسالة التي وجهها أبو عبيدة لهؤلاء، لم توجه اللوم لمن باعوا أنفسهم للمحتل الغاصب وإنما فتحت أمامهم باب التوبة والعودة إلى حضن الوطن قبل فوات الأوان.
والمقاومة معنية بقطع الطريق على المحتل حتى لا يجد مدخلًا إلى أبناء الشعب الفلسطيني. والرهان على حجم التضحيات والدماء التي سالت بغزارة، والوعي الذي عبر عنه الأهالي، قد يكون ذلك حافزًا لهم للقفز من مركب الاحتلال والالتحام مع الشعب في معركة الكرامة والحرية.
على سبيل الختم
لم يكن خطاب أبو عبيدة خطابًا عاديًا وإنما أحدث بلغته ومصطلحاته المنتقاة بعناية، رجة مدوية في ضمير أمتنا وأحرار العالم. فهل سيلقى الخطاب ردًا من دوائر القرار العربي والإسلامي؟ وهل سنرى في القريب قرارات تنصف غزة وأهلها الصابرين؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ترحيب عربي بقرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين ونتنياهو يندد
رحبت السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودول عربية بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل، بينما ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة – بهذه الخطوة. وقال حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني إن هذا الموقف "يمثل التزام فرنسا بالقانون الدولي ، ودعمها لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة". من جانبها، قالت حركة حماس إن قرار ماكرون "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح نحو إنصاف شعبنا الفلسطيني المظلوم"، وتعد "تطورا سياسيا يعكس تنامي القناعة الدولية بعدالة القضية الفلسطينية"، مناشدة سائر الدول ولا سيما الأوروبية منها أن تحذو حذو فرنسا في هذا المجال. كما اعتبرت الحركة أن "مثل هذه الخطوات الدولية تمثل ضغطا سياسيا وأخلاقيا على الاحتلال". من جانبها، رحبت السعودية بهذه الخطوة ورأت أن هذا "القرار التاريخي" يؤكد "حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة". وجددت الخارجية السعودية -في منشور على موقع إكس- دعوتها "لبقية الدول التي لم تعترف بعد، لاتخاذ مثل هذه الخطوات الإيجابية والمواقف الجادة الداعمة للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق". وتتشارك السعودية وفرنسا رئاسة المؤتمر الدولي بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية المقرر عقده في 28 و29 يوليو/تموز في مقر الأمم المتحدة في نيويورك على مستوى الوزراء. في السياق نفسه، رحبت الخارجية الأردنية بإعلان ماكرون، وقالت في بيان إن المملكة الأردنية "تثمن قرار الرئيس الفرنسي باعتباره خطوة هامة للتصدي لمساعي إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وتجسيد دولتهم المستقلة وذات السيادة على ترابهم الوطني". وأكد البيان أن قرار ماكرون هو "خطوة في الاتجاه الصحيح المفضي إلى تجسيد حل الدولتين وإنهاء الاحتلال". غضب إسرائيلي في غضون ذلك، ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار فرنسا معتبرا أنه "يكافئ الإرهاب" ويشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل. وقال نتنياهو إن الفلسطينيين "لا يسعون إلى دولة بجانب إسرائيل بل يريدون دولة بدلا من إسرائيل". وكذلك انتقد نائبه ياريف ليفين القرار ووصفه بأنه "نقطة سوداء في التاريخ الفرنسي ودعم مباشر للإرهاب"، معتبرا أن "الوقت قد حان الآن لتطبيق السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. أما وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس فوصف قرار ماكرون بأنه "استسلام للإرهاب ومكافأة لحماس"، وأضاف "لن نسمح بقيام كيان فلسطيني يهدد أمننا ووجودنا". وقد أعلن الرئيس الفرنسي في بيان، أمس الخميس، أن بلاده قررت الاعتراف بدولة فلسطين رسميا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، "وفاء بالتزامها التاريخي بتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط". وأكد ماكرون أن "الحاجة الملحة اليوم هي إنهاء الحرب في غزة وإنقاذ المدنيين". وبعث الرئيس الفرنسي برسالة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس شدد فيها على أن باريس باتخاذها خطوة الاعتراف تنوي "تقديم مساهمة حاسمة من أجل السلام في الشرق الأوسط" و"ستحشد كل شركائها الدوليين الراغبين في المشاركة".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
هل تواجه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مأزقا إستراتيجيا جديدا؟
تشهد المفاوضات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حالة من التعقيد المتزايد إثر قرار إسرائيل الانسحاب من المحادثات الجارية في الدوحة ، وسط تصاعد الاتهامات المتبادلة حول مسؤولية تعثر المسار التفاوضي. وبحسب المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية توماس ووريك فإن هذا الانسحاب تكتيك تفاوضي معتاد في المفاوضات رفيعة المستوى، حيث ينسحب أحد الأطراف لحين إبداء الطرف الآخر تنازلات. وأكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل و قطر تنتظر من حماس تغيير موقفها، خاصة فيما يتعلق بعدد السجناء الفلسطينيين المطلوب إطلاق سراحهم وإصرار حماس على إنهاء الحرب. ولفت المسؤول الأميركي السابق إلى أن إسرائيل لن تغير موقفها من ضرورة تخلي حماس عن موقعها القيادي في غزة وإلقاء سلاحها، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصر على هذا الموقف، في الوقت الذي تبدو المفاوضات كأنها لا تحقق أي تقدم حقيقي في الوقت الراهن. ووجّه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف انتقادات إلى حماس متهما إياها بالأنانية، وعدم الرغبة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في القطاع. وأضاف أن بلاده تدرس حاليا خيارات بديلة لإعادة الأسرى إلى ديارهم، وأنه تقرر إعادة فريق التفاوض الأميركي من الدوحة بعد رد حماس الأخير. وفي السياق نفسه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية إنه لن يقبل من حماس أن تفرض شروط استسلام على إسرائيل. وأعلن مكتب نتنياهو أن رد حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة، قيد الدراسة حاليا، وأنه تقرر إعادة فريق المفاوضات الإسرائيلي من الدوحة للتشاور. رفض الاتهامات الأميركية ومن جهته، طرح الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد وجهة نظر مختلفة تماما، ترفض الاتهامات الأميركية الموجهة لحماس بعدم حسن النية وعدم التنسيق. واستشهد زياد بتصريح لأحد المطلعين على المفاوضات يؤكد أن حماس قدمت ردا إيجابيا ومرنا حول موضوع إعادة الانتشار وتبادل الأسرى، مشيرا إلى التناقض في التصريحات الأميركية. واعتبر زياد أن هذا الاضطراب في التصريحات الأميركية يهدف إلى التهيئة لظروف سلبية قبيل زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى البيت الأبيض. وأكد أن حماس أبدت مرونة كبيرة في عدة ملفات، بما في ذلك تنازلها عن 8 أسرى جنود في اليوم الأول وتقديم إيجابية أكبر في ملفات الانتشار والمساعدات ووقف إطلاق النار. ومن زاوية أخرى، أشار الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إلى أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر -الذي يرأس الوفد الإسرائيلي المفاوض- شخص عاش معظم حياته في الولايات المتحدة ومتأثر باليمين الأميركي المحافظ. وأوضح أن ديرمر لا يفهم التجربة الإسرائيلية التاريخية ويعتبر موضوع الأسرى الإسرائيليين في غزة أولوية ثانوية مقارنة بأهداف الحرب المركزية. وكشف الخبير في الشأن الإسرائيلي أن عائلات الأسرى الإسرائيليين تحمل ديرمر المسؤولية عن تعثر المفاوضات، لأنه يركز على تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حكم حماس وليس على إنقاذ الأسرى، لافتا إلى أن نتنياهو أوكل لديرمر رئاسة الوفد بعدما كان رئيس الموساد هو المسؤول عن هذا الملف. ويرى زياد أن إسرائيل تواجه مأزقا حقيقيا ولا تملك خيارات بديلة فعالة، مؤكدا أنها جربت كل الوسائل العسكرية مع غزة دون تحقيق نتائج حاسمة، لافتا إلى أن إسرائيل ستضطر للعودة إلى طاولة المفاوضات لأنها لا تملك القدرة على كسر الإرادة الفلسطينية. وفيما يتعلق بطول فترة بقاء الوفد الإسرائيلي في الدوحة، والتي بلغت 18 يوما، أوضح زياد أنها فترة غير مسبوقة في سلسلة المفاوضات منذ بداية الحرب، واعتبر أن هذا يدل على أن إسرائيل لا تملك أن تعلن انهيار المفاوضات، أمام مرونة حماس. ويواجه نتنياهو مأزقا مزدوجا، فهو من جهة يريد صفقة لإنهاء الحرب لعدم وجود أفق عسكري واضح، ومن جهة أخرى يخاف من أن هذه الصفقة ستؤدي إلى انهيار حكومته، وفقا لمصطفى، خصوصا عقب تصاعد الخطاب الإسرائيلي حول التهجير في الأيام الأخيرة، معتبرا أن اليمين الإسرائيلي يحاول الضغط على نتنياهو. ويجيب ووريك عن سؤال حول الخيارات البديلة للمفاوضات بأنه لا يعرف على وجه اليقين ما يدور في خاطر المسؤولين، لكنه يرجح أن تشمل عمليات عسكرية لإنقاذ الأسرى أو صفقات جانبية مع فصائل أخرى. ويؤكد زياد أن حماس تواجه خيارين سيئين وليس خيارا حسنا وآخر سيئا، مشيرا إلى أن ما يُعرض على الحركة هو وصفة للانتحار والاستسلام، وحذر من أن معظم الشعب الفلسطيني في غزة يدرك أن الخريطة المعروضة تعني هلاكهم المحقق، ولذلك يفضلون الصمود رغم المأساة الشديدة.


جريدة الوطن
منذ 4 ساعات
- جريدة الوطن
تقــــدم فــــي المــفــــاوضـــــــات
اعتبر مصدران إسرائيليان، الخميس، أن رد حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار «يمكن أن يشكل أساسا للمفاوضات» مع تل أبيب. وفجر الخميس، قالت حماس، في بيان مقتضب، إن «الحركة سلّمت قبل قليل، للإخوة الوسطاء، ردّها وردّ الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن مصدر إسرائيلي لم تسمه قوله إن رد حماس يُظهر تحسنا مقارنة بالرد السابق. واعتبر المصدر أن الرد الأخير «يمكن أن يشكل أساسا للمفاوضات». كما نقل موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدر إسرائيلي لم يسمه إن رد حماس المُحدّث «يمكن التعامل معه»، دون تفاصيل. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: «نقل الوسطاء رد حماس إلى فريق التفاوض الإسرائيلي، وهو قيد التقييم حاليا». ويدور الحديث عن تبادل للأسرى ووقف لإطلاق النار لمدة 60 يوما، يتم التفاوض خلالها على إنهاء الحرب بشكل كامل. ولم يتطرق بيانا «حماس» ومكتب نتانياهو إلى فحوى رد الحركة الفلسطينية. ونقلت القناة «12» العبرية عن مسؤول إسرائيلي مطلع على المفاوضات لم تسمه إنه «يجرى دراسة رد حماس، لكن يبدو أنه لن يكون من الممكن إحراز تقدم سريع». وأوضح أن «الفجوات القائمة تدور حول مفاتيح التبادل وخطوط انسحاب الجيش الإسرائيلي» في داخل قطاع غزة، دون إيضاحات. ويقصد بمفاتيح التبادل عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم من سجون إسرائيل مقابل كل أسير إسرائيلي. وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.