logo
صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو

صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو

خبرني١٨-٠٤-٢٠٢٥

خبرني - فازت صورة مؤثرة جدا لطفل فلسطيني عمره تسع سنوات بترت ذراعاه إثر هجوم إسرائيلي على غزة بجائزة وورلد برس فوتو، أعرق مسابقة للتصوير الصحافي، في نسختها للعام 2025.
وتظهر الصورة التي التقطتها سمر أبو العوف لحساب "نيويورك تايمز"، الطفل محمود عجور الذي أجلي إلى الدوحة بعد انفجار أدى إلى بتر ذراعه وتشوّه الأخرى العام الماضي.
وصرّحت سمر خلال تسلّم الجائزة في أمستردام بأن "العمل على هذا المشروع تجربة فريدة من نوعها لكنها مؤلمة".
وأكدت المصورة التي تعلّمت بمفردها أصول التصوير الصحافي، أن "الأطفال الفلسطينيين دفعوا ثمنا باهظا للفظائع التي قاسوها. ومحمود واحد منهم".
وسمر أبو العوف من غزة أيضا وتم إجلاؤها في ديسمبر/كانون الأول 2023. وتقوم حاليا بتصوير فلسطينيين مصابين بجروح بالغة وموجودين في الدوحة. وهي أوّل مصورة فلسطينية تفوز بجائزة وورلد برس فوتو.
وكشفت سمر "من أصعب الأمور التي قالتها لي والدة محمود إنه عندما أدرك أن ذراعيه بترتا، كانت أول عبارة قالها: كيف سأتمكن من معانقتك".
وقالت المديرة التنفيذية لـ"وورلد برس فوتو" جمانة الزين خوري "إنها صورة صامتة لكن معبّرة جدا. تتحدث عن قصة صبي واحد، لكنها تروي أيضا قصة حرب واسعة النطاق ستترك تداعيات على أجيال".
وأثنت لجنة التحكيم على "التركيبة القوية للصورة والاهتمام بالضوء" وعلى موضوعها الذي يدفع إلى التفكير خصوصا في الأسئلة المتعلقة بمستقبل الصبي محمود.
ويتمرن الصبي حاليا على الألعاب على هاتفه ويتعلم الكتابة ويفتح الأبواب بقدميه، وفق اللجنة.
وقال منظمو جائزة وورلد برس فوتو في بيان:
واختارت اللجنة أيضا صورتين لجائزة المرتبة الثانية، الصورة الأولى بعنوان "جفاف في الأمازون" (Droughts in the Amazon) بعدسة موسوك نولتي لحساب بانوس بيكتشرز ومؤسسة بيرثا، تظهر رجلا في حوض نهر جاف في الأمازون حاملا مؤنا إلى قرية لم يكن الوصول إليها ممكنا إلا بقارب.
أما الصورة الثانية فبعنوان "عبور ليلي" (Night Crossing) للمصور جون مور لحساب غيتي ايميجز، وتظهر مهاجرين صينيين يتجمعون حول نار خلال تساقط أمطار في طقس بارد بعد عبور الحدود الأميركية المكسيكية.
واطلعت لجنة التحكيم على 59 ألفا و320 صورة بعدسات 3778 مصورا صحافيا لاختيار 42 صورة فائزة من أنحاء العالم.
واختير مصورون من وكالة فرانس برس أربع مرات للفوز بجائزة إقليمية أكثر من أي مؤسسة أخرى.
وفاز لويس تاتو ومقره في نيروبي في فئة "الأحداث" (Stories) في منطقة أفريقيا عن مجموعة من الصور تظهر انتفاضة شباب كينيا.
وفاز جيروم بروييه في فئة الصور "الفردية" (Singles) في منطقة آسيا والمحيط الهادي وأوقيانيا عن صورته الشهيرة لراكب الأمواج غابريال ميدينا وهو يبدو كأنه يطفو فوق الأمواج.
ونال كليرنس سيفروي جائزة فئة "الأحداث" في الأميركتين الشمالية والوسطى عن تغطيته لأزمة العصابات في هاييتي.
وأخيرا فاز أنسيلمو كونيا بجائزة فئة الصور "الفردية" في أميركا الجنوبية عن صورته لطائرة بوينغ 727-200 عالقة في مطار سلغادو فيليو الدولي في البرازيل.
وخلال احتفال توزيع الجوائز، تطرّقت سمر أبو العوف إلى حالة زميلها إيهاب البرديني الذي أصيب بضربات إسرائيلية على خيمة للصحافيين في خان يونس يوم 7 أبريل/نيسان الجاري.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وسط تصاعد الخلاف مع ترامب.. استقالة رئيسة "سي بي إس نيوز"
وسط تصاعد الخلاف مع ترامب.. استقالة رئيسة "سي بي إس نيوز"

جو 24

timeمنذ 2 أيام

  • جو 24

وسط تصاعد الخلاف مع ترامب.. استقالة رئيسة "سي بي إس نيوز"

جو 24 : فقدت شبكة "سي بي إس نيوز" الأميركية شخصية بارزة جديدة في ظل نزاعها المستمر مع الرئيس دونالد ترامب. فقد أعلنت الرئيسة التنفيذية للشبكة، ويندي ماكماهون، استقالتها الاثنين، حسب ما أفادت عدة وسائل إعلام أميركية، نقلاً عن مذكرة داخلية وُجهت إلى الموظفين. ووصفت ماكماهون، في المذكرة، الأشهر الماضية بأنها كانت "صعبة"، وفق تقرير في صحيفة "واشنطن بوست". كما أشارت إلى أنه بات من الواضح وجود تباين في الرؤى بينها وبين الشركة بشأن التوجه المستقبلي للمؤسسة الإعلامية. برنامج "60 دقيقة" يذكر أن بيل أوينز، المنتج التنفيذي لبرنامج "60 دقيقة" الشهير، كان غادر "سي بي إس نيوز" الشهر الماضي، بعد أن رفع ترامب دعوى قضائية بمليار دولار ضد البرنامج الإخباري. ويتهم ترامب برنامج "60 دقيقة" بالتلاعب في تحرير مقابلة مع كامالا هاريس، منافسته الديمقراطية في حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي، "ما أدى إلى التأثير على مشاعر الناخبين"، وفق قوله. سعي للتوصل إلى تسوية فيما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن محامين يشككون في فرص نجاح هذه الدعوى. إلا أن شاري ريدستون، المساهم المسيطر في الشركة الأم لشبكة "سي بي إس نيوز"، وهي "باراماونت غلوبال"، لا تزال تسعى للتوصل إلى تسوية مع الرئيس. وقد يكون ذلك مرتبطاً أيضاً بخطط اندماج شركة "باراماونت" مع "سكاي دانس ميديا"، وهو اتفاق بمليارات الدولارات لا يزال بانتظار موافقة السلطات، حسب وكالة أسوشييتد برس. تابعو الأردن 24 على

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"
منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

جهينة نيوز

timeمنذ 3 أيام

  • جهينة نيوز

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

تاريخ النشر : 2025-05-19 - 11:50 am صدرت عن وزارة الثقافة عام 2024 رواية "وانشقّ القمر" للقاصّة والروائية "سمر الزعبي"، وهي من القطع المتوسط، تدور أحداثها على مدى 460 صفحة، بلغة عالية الشاعرية، ومع أحداث احتلّت حيِّزاً زمكانيّاً واسعًا ومتنوِّعاً. رواية نُسجت بدقّة عالية، ومن أهمّ ما يشدّ القارئ من التقنيات فيها هو الوصف الواضح والمهيمن على الرواية كلّها، كما أنَّ لتقنية لعبة السّرد والساردين نصيبَ الأسد أيضًا، لا سيما أنّ الرواية تنتمي إلى الرواية الجديدة -الحديثة- حيث الأبطال المشترَكون وحيث تيارُ الوعي وتعدُّدُ الأصوات. كما جعلت الروائية من استراتيجية "الماتريوشكا" مادة دسمة للقارئ الذي يحبّ الاستزادة من القصص والأحداث، فكانت ترسلُ قصصاً مؤطَّرة بين ثنايا الرواية. ولا يفوتنا ذكر أنّ الروائية طرحت عدّة قضايا اجتماعية نحو الفقر والصراع الطبقي والشرف والعرف والأخلاق والخيانة والعجز. رواية "وانشقّ القمر"، نزلت فيها الروائية "سمر الزعبي" إلى ساحة الأحداث، فغدت شخصية غير مشاركة في الأحدث لكنها مشاركة أو مسؤولة عن إلغاء فصول وإضافة أخرى على سبيل التحدي للشخصية الساردة التي أحالت "سمر" إليها دفّة الرواية؛ فأصبحت "سمر" ساردة من الدرجة الأولى، في حين تقاسم السرد من الدرجة الثانية كلٌّ من: رهف وعامر ومنار وسارة وجهاد ومروان. حيث قامت كلُّ شخصية بتقديم نفسها، واستلمت الحديث بضمير المتكلم حيث الرؤية السردية المصاحبة: "مع"، التي لا يعرف السارد فيها أكثر من الشخصية، ومثال ذلك تقديم سارة لنفسها "أنا سارة من تحبُّ رهف أنْ أعيد على مسامعها تفاصيل حكايتي مع جهاد، وأكرِّرها كلّما طلبت فتضحك ثمّ تبتسم شاردة الذهن. كنت سمينة جدّاً ولا يلتفت أحدٌ إليّ، فحرصت على ممارسة التمارين الرياضية زهاء خمس سنوات، (...) وقد اكتسبت مظهرًا جذّاباً." ص.ص19- 21. كانت الروائية تنتقل بين تقنيّات السَّرد بسلاسة، وتحوِّل الرؤى السردية من رؤية إلى أخرى، فتارة تكون رهف -على سبيل المثال- ساردةً من الدرجة الأولى مستخدمةً الرؤيةَ المصاحبةَ حيث الضمير أنا، وتارة أخرى تتحوّل إلى استخدام الرؤية من الخلف وهي في -غالب الأحيان- حالة الراوي العليم. ومن أهم التقنيات الصراع بين الروائية "سمر" والشخصية الرئيسية رهف حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى باستعمال صوت مغاير للأصوات الأخرى، وكانت تتمثل على الورق بخط غليظ مائل، تناقش الساردة من الدرجة الثانية رهف، وتهدِّدُها بحذف مقاطعَ أو إضافة أخرى، فتجادلها رهف بأنّها صاحبة القصة وهي المخوّلة بالتغييرات التي يجب إحداثها. وتختم الساردتان الرواية بمشهد صادم اتحدتا فيه، وكانت رهف تدير الدفّة بإحكام مظهرةً معلوماتٍ لم تكن سمر تعرفها، هكذا تسرّبت إدارة السّرد من "سمر" إلى رهف التي نجحت في هذا الانقلاب السردي، وأعطت الكاميرا في الفصل الأخير لـ"سمر" كي تسجِّل النهاية غير المتوقّعة التي تنسحب فيها "سمر" بكل إرادة مع إخبار رهف أنها تستطيع بجرّة قلم أن تنسف الرواية كلَّها. وتنسحبُ رهف بدورها تاركة الشخصياتِ والأحداثَ بين يدي القارئ، وتفرُّ إلى جواد بكامل وعيها، بخاتمة تفتح المجال لرواية أخرى من تأليف أحدهم. وفي إطار السّرد الشيِّق، وعند إدخال شخصية جديدة أو زيارة مكان جديد، تلجأ الروائية سمر الزعبي إلى تقنية الوصف الذي يكون الزمن فيه صفرًا، وبوجوده وبوجود الحوار -بنوعية الخارجي والداخلي- يتمّ تعطيل السّرد، فيعطي ذلك فرصة للقارئ كي يستريح. إنّه بمثابة تلك المصطبة أو الاستراحة التي يلجأ إليها القارئ ليلتقط أنفاسه بعد احتدام الأحداث وتسارعها حيناً وتباطُئِها حيناً آخر، وحقّقت الروائية سمر الزعبي هذا في مواطنَ عديدةٍ من الرواية وعلى ألسنة الساردين جميعِهم، نحو وصف الكثير: لبيت عامر ولشوارع عمان وسط البلد وبيت سارة ولمادبا وفسيفسائها ولجرش وأعمدتها... كما قامت منار بوصف عيادة الطبيب التاجر في المكان القذر، وصف عامر لبيت رهف، وصف مروان لمنار، وصف جهاد لحالة الفقر إبان طفولته.. جعلت الروائية من الوصف -على حدّ تعبير جيرار جينيت- زينة للنص وخادماً مطواعا للسرد. عمدت الكاتبة إلى قطع المشهد السردي وتعطيله بتقديم مشهد وصفي لمتلقيها تُقرِّب له فيه وضع عامر المادي عن طريق وصف بيته شديد التواضع: "عند مدخل الحارة حاويتان كبيرتان متقابلتان (...) صعدنا عدّة أدراج بلاطها مهشّم، ضرب البيت عفنٌ من الجهة الغربية وكسته أغبرة الطرق من الجهة الشرقية، ... فأصبح لوحة رمادية دون رسومات. أجمل ما في بيتهم غرفة الجلوس، التي هي غرفة الضيافة في الوقت نفسه، لأنّها واسعة بينما تضيق غرف النوم الثلاث عليهم، وأكبرها مساحة فيها سرير الوالدين، والاثنتان المتبقيتان فيهما فراش إسفنجي وخزائن حائط، بينما تفرّدت غرفة البنات بجهاز تلفاز إضافيّ (...) المطبخ صغير لا يكاد يتّسع لحركة شخصين في آن واحد. خشب خزائنه متآكل إلى حدٍّ ما وأبواب خزائنه تحت المجلى مخلوعة تماماً، ويظهر منها سطل النفايات، وبضع فوط ومواد كيميائية للتنظيف. تظلُّ غرفة الجلوس غرفة أنيقة بالقياس مع باقي الغرف. أرضيتها سيراميك، تلمع باستمرار، نظيفة للغاية، وبقية الغرف كذلك، لكن ما لحق بها من العفن وتشقُّق دهانها يوحي بخلاف الأمر، والحق أنّ كل شيء نظيف (...) نوافذها كبيرة متراصة (...) وقد ملأتها آمنة، أم عامر بأصص الورد، ونباتات من الريحان، والسجاد، والزنبق، على شبك حديدي ... وجعلت نبتة المديدة في الزوايا، فتعربشت على الشبك (...)" الرواية: ص.ص 62- 63. في هذا المشهد الوصفي الطويل جدا والذي جاء ملء صفحتين، على لسان رهف، تصف البيت المتواضع القابع في حيٍّ فقيرٍ يدل على حاله، وصف الحاويات ومنظرها ووصف الدرج المتآكل، ثم تدخل على وصف البيت من الداخل، أثاث متواضع وفرش إسفنجي ومطبخ قديم متآكل متهالك لكنه نظيف. تركز الروائية والساردة من الدرجة الأولى "سمر" عبر صوت الساردة من الدرجة الثانية "رهف" على مظهرَيْ الفقر والنظافة لعائلة عامر التي تعمل جاهدة وباستمرار على ضخ نبض الجمال والحياة والأناقة لتُبقي بيتها مريحاً، عن طريق الوصف بالتجزئة -وصف أجزاء البيت ركنًا تلو الآخر- حسب نمط الحواس وتحديدًا الرؤية، عرضت "رهف" لقارئها الوضعين: المادي والاجتماعي لحبيبها عامر، وكانت وظيفة الوصف هنا تفسيرية. وبالمقابل وصف عامر وهو سارد من الدرجة الثانية أيضاً فيلا رهف بدلاً من القول بأنّها من عائلة فاحشة الغنى، وبالتقنية ذاتها وبالنمط ذاته: "على جانبَي الفيلا من داخل الأسوار، أنشِئ بناءان من الدرج الضخم على بعد عدّة مترات يرتفعان لحدود منتصف الفيلا، أو أكثر بقليل، يأخذ كلّ منهما بالانحناء باتجاه الآخر وصولاً إلى الأرض، حيث تفصلهما مسافة عشرة مترات تقريباً، وفي أقصى ارتفاع يصل بينهما إنشاء مستطيل، أُعِدَّ كشرفة تطلّ على جهات الفيلا الثلاث". إنّ "العملية الوصفية حين تبدأ، سواء أكانت واقعية أم موهِمة بالواقعية، تفرض على الواصف اللّجوء إلى الانتقاء والاختيار، نتيجة ازدحام الأشياء والتفاصيل، الشيء الذي يحتِّم عليه تنشيط بعضها وتخدير البعض الآخر. ولا تتمّ عملية الانتقاء هذه ببراءة أبدا، وإنْ كانت تبدو أحيانًا كما لو كانت تلقائيّة؛ لأنّها بالضرورة ترسم أثرًا جليًّا للأبعاد المعرفيّة والسيكولوجية والإيديولوجية" "عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009، ص.31. والتوصيف ذاته كان على لسان رهف أيضاً في بيت سارة. كما جاء وصف عيادة الطبيب على لسان منار الساردة من الدرجة الثانية: "كان المبنى قذرًا للغاية، لا تطيق لمس دربزين الدرج، بقوائمه المرتفعة من الجنبات، صدئة ومهترئة، والدرج متهاوٍ، والبلاط مكسّرٌ، كأنَّ أحداً ما قام بتقشيره. تبرز منه نتوءات إنْ دُسْت عليها آذتك." واسترسلت في وصف عملية الإجهاض الصعبة جدا والسيئة والمؤلمة ألما يصل إلى جسد المتلقي وروحه. وهناك نموذج آخر للوصف بوظيفة أخرى وهي الجمالية أو التزيينية، وتكاد تكون مجانية، وبمثابة هدية معرفية للقارئ نحو وصف سارة ورهف لكلٍّ من جرش وفسيفساء مادبا والكنيسة والمكان البديل "أمراح سلامة" الذي تمّ وصفه عبر حوار في الصفحات: ص. ص 168- 170. لم يكن لهذا الوصف وظيفة تخدم الرواية بأكثر من استعراض معلومات تاريخيّة عن أماكنَ سياحيّةٍ في الأردن، لكنها لوحات فائقة الجمال: "توقفنا عند أيقونتَيْن في المكان عامّة، تفرّست بهما كأنّني أراهما للمرة الأولى، ثم عاد بنا يرينا شمعدانين مرتفعين، على رأس كلٍّ منهما طبقٌ كبير يحوي رمل صويلح، تتوزّع عليه الشّموع أحدهما للدعاء والآخر للترحم على الأموات"، و"تقدّمنا إلى الخارطة المرسومة بالفسيفساء على الأرض يميناً، ورُحنا نشير إلى الدّول والتضاريس التي تعبر عنها: الأردن، البحر الميت، فلسطين، لبنان، مصر، نهر النيل، البحر الأبيض المتوسط، فقد حفظناها عن ظهر قلب." في الوصف -كما نستخلص من الأمثلة أعلاه ووَفقاً لثقافة الروائية وانتمائها بعامة تحضر "هنا اللّسانيات والبلاغة يستعير منهما المفردات ليصف أقوال الشخصيات، وهناك البستنة يستعير منها الألفاظ ليصف نبات الطبيعة، وهنالك العمارة يستعير منها الكلمات ليصف مَعلمًا، وهناك التقنية يستعير منها المصطلحات ليصف آلة" Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981, pp 61-62. الوصف هو الرسم بالكلمات، فالكاتب المبدع هو الذي يصف بدقة وإتقان، وهو رسالة منه إلى متلقيه -قارئه- يوصل عبرها إليه مشاعر الشخصيات ويجعله يتفاعل معها، ويجعل القارئ يستقبل الأحداث التي يسردها من خلال الاسترسال في وصفها، فتبدو له -للقارئ- كأنها سرد للأحداث. هناك مشهد المبيت في بيت أهل سارة حيث ثلاث سيدات خرجن من بيوتهن هائمات دون هدف محدّد، وإن ذكرت سارة أنهن سيذهبن إلى جبل نيبو ولم يفعلن ذلك! بل زرن أماكن غير مبرمجة، هنا رسالة للقارئ تحمل بين طيّاتها مدى شقاء هذه السيّدات وضياعهن، رغم أنّهن تزوّجن مَنْ أحببن. وبين سرد متنوع الساردين، ووصف واسع متعدّد الأغراض، وحوار ماتع يعبر عن حالةٍ حينًا، وعن الإفصاح عن حدثٍ حينًا آخر، ويحمل طابعاً وصفيّاً في أغلب الأحيان، رسمت الروائية سمر الزعبي حيواتٍ تكادُ تصرخ بفرحة كلّما حصحص الحقّ، وأوشك القمر أنْ ينشقّ! المراجع: سمر الزعبي، وانشق القمر، وزارة الثقافة، ط1، الأردن 2024. عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009. Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981. تابعو جهينة نيوز على

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"
منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

الانباط اليومية

timeمنذ 3 أيام

  • الانباط اليومية

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

صدرت عن وزارة الثقافة عام 2024 رواية "وانشقّ القمر" للقاصّة والروائية "سمر الزعبي"، وهي من القطع المتوسط، تدور أحداثها على مدى 460 صفحة، بلغة عالية الشاعرية، ومع أحداث احتلّت حيِّزاً زمكانيّاً واسعًا ومتنوِّعاً. رواية نُسجت بدقّة عالية، ومن أهمّ ما يشدّ القارئ من التقنيات فيها هو الوصف الواضح والمهيمن على الرواية كلّها، كما أنَّ لتقنية لعبة السّرد والساردين نصيبَ الأسد أيضًا، لا سيما أنّ الرواية تنتمي إلى الرواية الجديدة -الحديثة- حيث الأبطال المشترَكون وحيث تيارُ الوعي وتعدُّدُ الأصوات. كما جعلت الروائية من استراتيجية "الماتريوشكا" مادة دسمة للقارئ الذي يحبّ الاستزادة من القصص والأحداث، فكانت ترسلُ قصصاً مؤطَّرة بين ثنايا الرواية. ولا يفوتنا ذكر أنّ الروائية طرحت عدّة قضايا اجتماعية نحو الفقر والصراع الطبقي والشرف والعرف والأخلاق والخيانة والعجز. رواية "وانشقّ القمر"، نزلت فيها الروائية "سمر الزعبي" إلى ساحة الأحداث، فغدت شخصية غير مشاركة في الأحدث لكنها مشاركة أو مسؤولة عن إلغاء فصول وإضافة أخرى على سبيل التحدي للشخصية الساردة التي أحالت "سمر" إليها دفّة الرواية؛ فأصبحت "سمر" ساردة من الدرجة الأولى، في حين تقاسم السرد من الدرجة الثانية كلٌّ من: رهف وعامر ومنار وسارة وجهاد ومروان. حيث قامت كلُّ شخصية بتقديم نفسها، واستلمت الحديث بضمير المتكلم حيث الرؤية السردية المصاحبة: "مع"، التي لا يعرف السارد فيها أكثر من الشخصية، ومثال ذلك تقديم سارة لنفسها "أنا سارة من تحبُّ رهف أنْ أعيد على مسامعها تفاصيل حكايتي مع جهاد، وأكرِّرها كلّما طلبت فتضحك ثمّ تبتسم شاردة الذهن. كنت سمينة جدّاً ولا يلتفت أحدٌ إليّ، فحرصت على ممارسة التمارين الرياضية زهاء خمس سنوات، (...) وقد اكتسبت مظهرًا جذّاباً." ص.ص19- 21. كانت الروائية تنتقل بين تقنيّات السَّرد بسلاسة، وتحوِّل الرؤى السردية من رؤية إلى أخرى، فتارة تكون رهف -على سبيل المثال- ساردةً من الدرجة الأولى مستخدمةً الرؤيةَ المصاحبةَ حيث الضمير أنا، وتارة أخرى تتحوّل إلى استخدام الرؤية من الخلف وهي في -غالب الأحيان- حالة الراوي العليم. ومن أهم التقنيات الصراع بين الروائية "سمر" والشخصية الرئيسية رهف حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى باستعمال صوت مغاير للأصوات الأخرى، وكانت تتمثل على الورق بخط غليظ مائل، تناقش الساردة من الدرجة الثانية رهف، وتهدِّدُها بحذف مقاطعَ أو إضافة أخرى، فتجادلها رهف بأنّها صاحبة القصة وهي المخوّلة بالتغييرات التي يجب إحداثها. وتختم الساردتان الرواية بمشهد صادم اتحدتا فيه، وكانت رهف تدير الدفّة بإحكام مظهرةً معلوماتٍ لم تكن سمر تعرفها، هكذا تسرّبت إدارة السّرد من "سمر" إلى رهف التي نجحت في هذا الانقلاب السردي، وأعطت الكاميرا في الفصل الأخير لـ"سمر" كي تسجِّل النهاية غير المتوقّعة التي تنسحب فيها "سمر" بكل إرادة مع إخبار رهف أنها تستطيع بجرّة قلم أن تنسف الرواية كلَّها. وتنسحبُ رهف بدورها تاركة الشخصياتِ والأحداثَ بين يدي القارئ، وتفرُّ إلى جواد بكامل وعيها، بخاتمة تفتح المجال لرواية أخرى من تأليف أحدهم. وفي إطار السّرد الشيِّق، وعند إدخال شخصية جديدة أو زيارة مكان جديد، تلجأ الروائية سمر الزعبي إلى تقنية الوصف الذي يكون الزمن فيه صفرًا، وبوجوده وبوجود الحوار -بنوعية الخارجي والداخلي- يتمّ تعطيل السّرد، فيعطي ذلك فرصة للقارئ كي يستريح. إنّه بمثابة تلك المصطبة أو الاستراحة التي يلجأ إليها القارئ ليلتقط أنفاسه بعد احتدام الأحداث وتسارعها حيناً وتباطُئِها حيناً آخر، وحقّقت الروائية سمر الزعبي هذا في مواطنَ عديدةٍ من الرواية وعلى ألسنة الساردين جميعِهم، نحو وصف الكثير: لبيت عامر ولشوارع عمان وسط البلد وبيت سارة ولمادبا وفسيفسائها ولجرش وأعمدتها... كما قامت منار بوصف عيادة الطبيب التاجر في المكان القذر، وصف عامر لبيت رهف، وصف مروان لمنار، وصف جهاد لحالة الفقر إبان طفولته.. جعلت الروائية من الوصف -على حدّ تعبير جيرار جينيت- زينة للنص وخادماً مطواعا للسرد. عمدت الكاتبة إلى قطع المشهد السردي وتعطيله بتقديم مشهد وصفي لمتلقيها تُقرِّب له فيه وضع عامر المادي عن طريق وصف بيته شديد التواضع: "عند مدخل الحارة حاويتان كبيرتان متقابلتان (...) صعدنا عدّة أدراج بلاطها مهشّم، ضرب البيت عفنٌ من الجهة الغربية وكسته أغبرة الطرق من الجهة الشرقية، ... فأصبح لوحة رمادية دون رسومات. أجمل ما في بيتهم غرفة الجلوس، التي هي غرفة الضيافة في الوقت نفسه، لأنّها واسعة بينما تضيق غرف النوم الثلاث عليهم، وأكبرها مساحة فيها سرير الوالدين، والاثنتان المتبقيتان فيهما فراش إسفنجي وخزائن حائط، بينما تفرّدت غرفة البنات بجهاز تلفاز إضافيّ (...) المطبخ صغير لا يكاد يتّسع لحركة شخصين في آن واحد. خشب خزائنه متآكل إلى حدٍّ ما وأبواب خزائنه تحت المجلى مخلوعة تماماً، ويظهر منها سطل النفايات، وبضع فوط ومواد كيميائية للتنظيف. تظلُّ غرفة الجلوس غرفة أنيقة بالقياس مع باقي الغرف. أرضيتها سيراميك، تلمع باستمرار، نظيفة للغاية، وبقية الغرف كذلك، لكن ما لحق بها من العفن وتشقُّق دهانها يوحي بخلاف الأمر، والحق أنّ كل شيء نظيف (...) نوافذها كبيرة متراصة (...) وقد ملأتها آمنة، أم عامر بأصص الورد، ونباتات من الريحان، والسجاد، والزنبق، على شبك حديدي ... وجعلت نبتة المديدة في الزوايا، فتعربشت على الشبك (...)" الرواية: ص.ص 62- 63. في هذا المشهد الوصفي الطويل جدا والذي جاء ملء صفحتين، على لسان رهف، تصف البيت المتواضع القابع في حيٍّ فقيرٍ يدل على حاله، وصف الحاويات ومنظرها ووصف الدرج المتآكل، ثم تدخل على وصف البيت من الداخل، أثاث متواضع وفرش إسفنجي ومطبخ قديم متآكل متهالك لكنه نظيف. تركز الروائية والساردة من الدرجة الأولى "سمر" عبر صوت الساردة من الدرجة الثانية "رهف" على مظهرَيْ الفقر والنظافة لعائلة عامر التي تعمل جاهدة وباستمرار على ضخ نبض الجمال والحياة والأناقة لتُبقي بيتها مريحاً، عن طريق الوصف بالتجزئة -وصف أجزاء البيت ركنًا تلو الآخر- حسب نمط الحواس وتحديدًا الرؤية، عرضت "رهف" لقارئها الوضعين: المادي والاجتماعي لحبيبها عامر، وكانت وظيفة الوصف هنا تفسيرية. وبالمقابل وصف عامر وهو سارد من الدرجة الثانية أيضاً فيلا رهف بدلاً من القول بأنّها من عائلة فاحشة الغنى، وبالتقنية ذاتها وبالنمط ذاته: "على جانبَي الفيلا من داخل الأسوار، أنشِئ بناءان من الدرج الضخم على بعد عدّة مترات يرتفعان لحدود منتصف الفيلا، أو أكثر بقليل، يأخذ كلّ منهما بالانحناء باتجاه الآخر وصولاً إلى الأرض، حيث تفصلهما مسافة عشرة مترات تقريباً، وفي أقصى ارتفاع يصل بينهما إنشاء مستطيل، أُعِدَّ كشرفة تطلّ على جهات الفيلا الثلاث". إنّ "العملية الوصفية حين تبدأ، سواء أكانت واقعية أم موهِمة بالواقعية، تفرض على الواصف اللّجوء إلى الانتقاء والاختيار، نتيجة ازدحام الأشياء والتفاصيل، الشيء الذي يحتِّم عليه تنشيط بعضها وتخدير البعض الآخر. ولا تتمّ عملية الانتقاء هذه ببراءة أبدا، وإنْ كانت تبدو أحيانًا كما لو كانت تلقائيّة؛ لأنّها بالضرورة ترسم أثرًا جليًّا للأبعاد المعرفيّة والسيكولوجية والإيديولوجية" "عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009، ص.31. والتوصيف ذاته كان على لسان رهف أيضاً في بيت سارة. كما جاء وصف عيادة الطبيب على لسان منار الساردة من الدرجة الثانية: "كان المبنى قذرًا للغاية، لا تطيق لمس دربزين الدرج، بقوائمه المرتفعة من الجنبات، صدئة ومهترئة، والدرج متهاوٍ، والبلاط مكسّرٌ، كأنَّ أحداً ما قام بتقشيره. تبرز منه نتوءات إنْ دُسْت عليها آذتك." واسترسلت في وصف عملية الإجهاض الصعبة جدا والسيئة والمؤلمة ألما يصل إلى جسد المتلقي وروحه. وهناك نموذج آخر للوصف بوظيفة أخرى وهي الجمالية أو التزيينية، وتكاد تكون مجانية، وبمثابة هدية معرفية للقارئ نحو وصف سارة ورهف لكلٍّ من جرش وفسيفساء مادبا والكنيسة والمكان البديل "أمراح سلامة" الذي تمّ وصفه عبر حوار في الصفحات: ص. ص 168- 170. لم يكن لهذا الوصف وظيفة تخدم الرواية بأكثر من استعراض معلومات تاريخيّة عن أماكنَ سياحيّةٍ في الأردن، لكنها لوحات فائقة الجمال: "توقفنا عند أيقونتَيْن في المكان عامّة، تفرّست بهما كأنّني أراهما للمرة الأولى، ثم عاد بنا يرينا شمعدانين مرتفعين، على رأس كلٍّ منهما طبقٌ كبير يحوي رمل صويلح، تتوزّع عليه الشّموع أحدهما للدعاء والآخر للترحم على الأموات"، و"تقدّمنا إلى الخارطة المرسومة بالفسيفساء على الأرض يميناً، ورُحنا نشير إلى الدّول والتضاريس التي تعبر عنها: الأردن، البحر الميت، فلسطين، لبنان، مصر، نهر النيل، البحر الأبيض المتوسط، فقد حفظناها عن ظهر قلب." في الوصف -كما نستخلص من الأمثلة أعلاه ووَفقاً لثقافة الروائية وانتمائها بعامة تحضر "هنا اللّسانيات والبلاغة يستعير منهما المفردات ليصف أقوال الشخصيات، وهناك البستنة يستعير منها الألفاظ ليصف نبات الطبيعة، وهنالك العمارة يستعير منها الكلمات ليصف مَعلمًا، وهناك التقنية يستعير منها المصطلحات ليصف آلة" Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981, pp 61-62. الوصف هو الرسم بالكلمات، فالكاتب المبدع هو الذي يصف بدقة وإتقان، وهو رسالة منه إلى متلقيه -قارئه- يوصل عبرها إليه مشاعر الشخصيات ويجعله يتفاعل معها، ويجعل القارئ يستقبل الأحداث التي يسردها من خلال الاسترسال في وصفها، فتبدو له -للقارئ- كأنها سرد للأحداث. هناك مشهد المبيت في بيت أهل سارة حيث ثلاث سيدات خرجن من بيوتهن هائمات دون هدف محدّد، وإن ذكرت سارة أنهن سيذهبن إلى جبل نيبو ولم يفعلن ذلك! بل زرن أماكن غير مبرمجة، هنا رسالة للقارئ تحمل بين طيّاتها مدى شقاء هذه السيّدات وضياعهن، رغم أنّهن تزوّجن مَنْ أحببن. وبين سرد متنوع الساردين، ووصف واسع متعدّد الأغراض، وحوار ماتع يعبر عن حالةٍ حينًا، وعن الإفصاح عن حدثٍ حينًا آخر، ويحمل طابعاً وصفيّاً في أغلب الأحيان، رسمت الروائية سمر الزعبي حيواتٍ تكادُ تصرخ بفرحة كلّما حصحص الحقّ، وأوشك القمر أنْ ينشقّ! المراجع: سمر الزعبي، وانشق القمر، وزارة الثقافة، ط1، الأردن 2024. عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009. Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store