logo
المنطقة وصفيحها الساخن

المنطقة وصفيحها الساخن

الاتحادمنذ 6 ساعات

المنطقة وصفيحها الساخن
صفيح المنطقة الساخن لم يبرد بعد، ومَن كانوا يتلاعبون بمعاني النصر والهزيمة لم يبق منهم حياً إلا القليل، فبشهادة التاريخ قد قُتل أكثرهم خلال عامين فقط، ولم يتبق غير الكتاب والمحللين من فئة المرتزقة التي تعتمد على خداع الشعوب لمصالح ذاتية صغيرة، بحيث يغيرون مواقفهم وتحليلاتهم كما يغيرون ملابسَهم.
مأساة غزة ما زالت مستمرةً، والقتل والتجويع والجرائم الشنيعة ما زالت ترتكب يومياً تجاهها، بسبب اليمين الإسرائيلي، نعم، ولكن أيضاً بسبب الحماقة التاريخية التي ارتكبتها حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023 حين مضت خلف قرار ما كان يعرف بـ «محور المقاومة». تاريخياً، تاجرت العديد من الأنظمة العربية بالقضية ثم تخلت عنها تباعاً، واستخدمت البندقيةَ الفلسطينيةَ في تصفية حساباتها السياسية، سواء كانت أنظمةً شيوعيةً أم قوميةً، ناصريةً أم بعثيةً، أم إسلامويةً، سنيةً كانت أم شيعيةً.. كلهم دون استثناء لم تكن القضية الفلسطينية تعني لهم شيئاً سوى المزايدات الجوفاء والشعارات الرنانة. منذ السابع من أكتوبر قبل عامين، تغيرت الخرائط في المنطقة، وأُعيد ترتيب التوازنات الإقليمية، وسقط محورٌ إقليمي وقُضي على كل أتباعه في المنطقة، وفي ثمانية أيامٍ قُضي على استراتيجيات بناها هذا المحور في أكثر من أربعة عقودٍ. الجيل الجديد، في الخليج العربي والعالم العربي، عليه أن يتعلم أن هذا الحدث تاريخي بحقٍ، وليس حدثاً عادياً، إنه تغيرٌ كبيرٌ واستراتيجي في المنطقة والعالم، قفوا عنده طويلاً وتعلموا كيف يمكن صناعة التاريخ وتغيير العالم بخططٍ محكمةٍ واستراتيجياتٍ مذهلةٍ، في صورتها الكبرى وفي تفاصيلها الصغيرة.
لقد اختفت «محاور» كبرى في شهورٍ، وهُدمت تماثيل صنمية في أيام، وأُعيد ترتيب المشهد السياسي، كل هذا جرى بقراراتٍ سياسيةٍ واستراتيجياتٍ واقعيةٍ وتخطيطٍ واعٍ، ووعيٍ متقدمٍ، دون مؤامرات في التاريخ ولا تداعياتٍ في الحاضر ولا تبعاتٍ في المستقبل، وإذا لم تكن هذه لحظة محورية في التاريخ فليس في التاريخ أي لحظاتٍ محوريةٍ. التاريخ ليس مؤامرةً، ولكنه مليء بالمؤامرات، والحرب ليست لعبةً، لكنها مليئة بالألاعيب، والسياسة ليست خدعةً، لكنها مليئة بالخداع، وإنما يفرز الفروق بينها جميعاً العلْمُ والمعرفةُ والوعيُ والتحليل والتفكير الناقد.
شهدت المنطقة في العقود الأربعة الأخيرة صراعاً بين ثلاثة محاور، محور المقاومة الذي انتهى تقريباً، ومحور الأصولية، ومحور الاعتدال العربي، الذي تقوده السعودية ودول الخليج ومن معها من الدول العربية. ومَن يعي الحاضرَ ويستحضر التاريخَ القديمَ والحديثَ ويطمح للمستقبل، فعليه أن يراقب كيف تُصنع السياسيات وتُبنى الاستراتيجيات وترتب الأولويات، ليعلم أن صناعة المستقبل عبر الاقتصاد والتنمية والوعي والرؤية تَحسم كثيراً من الجدل. في التاريخ القديم، منذ معارك الفرس والروم ما قبل الإسلام التي كتب عنها الدكتور رضوان السيد مقالتَه الرائعة «هل انتهت حرب فارس والروم؟»، وفي التاريخ الحديث وظهور فكرة «الإسلام السياسي» سنياً وشيعياً، وصولاً إلى العصر الحالي وزمن ما كان يعرف بـ «الربيع العربي»، شهدت وسائل الإعلام، فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي ازدحاماً من المحللين البهلوانيين، الذين يكذبون على الناس ويتفذلكون في التوصيف والتحليل، ثم لا يلبثوا أن يغيروا مواقفَهم سريعاً بعدما كانوا يبررون قتل عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف وتهجيرهم.
وأخيراً، فاللحظات الاستثنائية في التاريخ قليلةٌ ونحن نشهد واحدةً من تلك اللحظات المهمة على أرض الواقع، والدول العاقلة والقوية مستعدةٌ لكل التغيرات، وهي تستبق الأحداث الجديدة والمفاجئة بوعي كاملٍ واستعدادٍ تامٍ، ولهذا فهي دائمة التجدد والحيوية تجاه المتغيرات، كما تساهم بقوةٍ في صناعة التاريخ والمستقبل بناءً على الوعي واستقراء القادم.
*كاتب سعودي

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تطورات غزة.. نتنياهو يتحدث عن «فرص الاتفاق» و34 قتيلا بالقطاع
تطورات غزة.. نتنياهو يتحدث عن «فرص الاتفاق» و34 قتيلا بالقطاع

العين الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • العين الإخبارية

تطورات غزة.. نتنياهو يتحدث عن «فرص الاتفاق» و34 قتيلا بالقطاع

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أن "النصر" على إيران يوفر "فرصا" للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، فيما أعلن الدفاع المدني بالقطاع عن مقتل 34 فلسطينيا. وقال نتنياهو في مقطع مصور نشره مكتبه "أريد أن أعلن لكم، كما تعملون على الأرجح، أن فرصا عديدة توافرت الآن إثر انتصارنا. قبل كل شيء، لتحرير الرهائن" في غزة. خلال الحرب ضد إيران بين 13 و24 يونيو/حزيران، لم توقف إسرائيل هجومها في قطاع غزة رغم الدعوات لوقف إطلاق النار مع حركة "حماس". وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة إنه قد يتم التوصل إلى هدنة "الأسبوع المقبل"، وكتب على منصته تروث سوشيال الأحد "توصلوا إلى اتفاق في غزة. أعيدوا الرهائن!!!". في الأثناء، التقى رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن الأحد وفدا من حركة "حماس" لبحث جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، بحسب وكالة الأناضول التركية. وقال منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين في بيان إن "العائلات سعيدة بأن ترى رئيس الوزراء يجعل في نهاية المطاف من عودة الرهائن أولويته الكبرى، بعد عشرين شهرا" من الحرب. 34 قتيلا في غزة واندلعت حرب غزة بعد هجوم مباغت شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية. كما احتجزت حماس 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة، بينهم 34 قالت إسرائيل إنهم قضوا. وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 56500 شخص في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس. والأحد، أعلن الدفاع المدني في غزة عن مقتل 34 فلسطينيا بينهم عدد من الأطفال وإصابة العشرات في الغارات الإسرائيلية. شحّ في الغذاء ووفق المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل فإن أربعة فلسطينيين على الأقل قتلوا بنيران إسرائيلية في جنوب قطاع غزة أثناء توجههم إلى مركز لتوزيع المواد الغذائية. وفي نهاية مايو/أيار، خففت إسرائيل جزئيا الحصار المطبق الذي فرضته على غزة في أوائل مارس/آذار وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء وغيرها من السلع الأساسية. وتم إنشاء آلية جديدة لتوزيع المساعدات تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، لكن عملياتها شهدت فوضى مميتة في أحيان كثيرة. وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل 583 فلسطينيا قرب مراكز توزيع المساعدات منذ أن بدأت "مؤسسة الإغاثة الإنسانية" عملياتها في أواخر مايو/أيار. وأعلن الجيش الأحد مقتل أحد عناصره خلال اشتباك في شمال قطاع غزة. aXA6IDE1NC4xMy45MS4xNjkg جزيرة ام اند امز FR

إسرائيل تبدأ أكبر عملية إخلاء في غزة وتداهم الخليل
إسرائيل تبدأ أكبر عملية إخلاء في غزة وتداهم الخليل

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

إسرائيل تبدأ أكبر عملية إخلاء في غزة وتداهم الخليل

أصدر الجيش الإسرائيلي، أمس، أوامر إخلاء واسعة النطاق في مناطق بمدينة غزة وشمالي القطاع، دعا فيها السكان للنزوح جنوباً، تزامناً مع استمرار الحرب للشهر التاسع عشر على التوالي. وأنذر الجيش سكان غزة وأكثر من 12 حياً ومربعاً سكنياً، بإخلاء مناطقهم والنزوح نحو المواصي غرب خان يونس، وبحسب موقع «والا» الإسرائيلي، يعتبر هذا الأمر أكبر عملية إخلاء في غزة منذ أشهر. وتزامنت هذه التطورات مع تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته وقصفه المدفعي، وأعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 47 فلسطينياً بينهم نساء وأطفال بنيران الجيش الإسرائيلي في مناطق عدة من القطاع. إلى ذلك، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، إلى إنهاء الحرب في غزة، ونشر ترامب على «تروث سوشيال»: «أبرموا اتفاق غزة، واستعيدوا الرهائن». في السياق، داهم الجيش الإسرائيلي، أمس، مناطق واسعة بالضفة الغربية، ونفذ سلسلة اقتحامات واعتقالات في الخليل، شملت مخيم العروب ومدينة حلحول، ومخيم الفوار، إضافة إلى مداهمات في مدينة بيت لحم. وأعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» عن اعتقال 60 فلسطينياً، بزعم تشكيلهم خلية تضم مقاتلين تابعين لحركة حماس في الضفة الغربية. ترامب يدعو لإنهاء حرب غزة ونتانياهو يريد استمرارها إسرائيل تعلن عن تفكيك خلية لـ«حماس» بالخليل

ضغوط أميركية لوقف حرب غزة.. ونقطة الخلاف الرئيسية باقية
ضغوط أميركية لوقف حرب غزة.. ونقطة الخلاف الرئيسية باقية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

ضغوط أميركية لوقف حرب غزة.. ونقطة الخلاف الرئيسية باقية

ويريد الوسطاء أن ترسل إسرائيل وفدا إلى القاهرة لسد الفجوات المتبقية حول عدة مسائل، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امتنع عن ذلك مفضلا إرسال ديرمر إلى واشنطن، في محاولة للتوافق مع الولايات المتحدة قبل عقد جولة أخرى من المحادثات غير المباشرة في مصر، وفقا للمصدرين. وتبقى نقطة الخلاف الرئيسية، حسبما قال المصدران، مطالبة حماس بإنهاء دائم للحرب، مقابل سعي إسرائيل إلى وقف إطلاق نار مؤقت يترك خيار استئناف الهجمات متاحا. كما تطالب حماس، بدعم من الوسطاء العرب، بالعودة إلى الآليات القديمة لتوزيع المساعدات الإنسانية، أو إنشاء نظام جديد يحل محل النظام الحالي الذي تديره "مؤسسة غزة الإنسانية"، المدعومة إسرائيليا وأميركيا. وتتهم إسرائيل حماس بالاستيلاء على المساعدات، وهي تهمة طالما نفتها الحركة. وقتل مئات الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء تلقيهم مساعدات إنسانية ، في الآلية التي وصفتها منظمات دولية بـ"أفخاخ الموت". وكان الوسطاء العرب يأملون أن توافق إسرائيل على إرسال وفد إلى القاهرة، خلال اجتماع حكومي إسرائيلي رفيع المستوى عقد في وقت متأخر من ليلة الأحد، لكن تلك الجلسة انتهت من دون أي قرارات، حسبما أكدت "تايمز أوف إسرائيل". ويقول الدبلوماسي العربي إن "الوسطاء كانوا يضغطون على إسرائيل لإرسال وفد إلى الدوحة يوم 13 يونيو الجاري، لمناقشة اقتراح تقريب وجهات النظر الذي أعدته مصر وقطر، ويهدف إلى دمج أحدث عرض للمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف مع رد حماس". لكن بدلا من ذلك، بدأت إسرائيل هجومها على إيران في وقت مبكر من صباح اليوم المذكور. وأبلغت إسرائيل الوسطاء لاحقا أن محادثات بشأن غزة ستُعلق مؤقتا، إذ "تحول التركيز تماما إلى تحييد التهديدات النووية والصاروخية الإيرانية"، وفقا للدبلوماسي. وبعد التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران في 22 يونيو، أوضح ترامب لنتنياهو رغبته في أن تنتهي الحرب في غزة، حسب المصدرين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store