logo
الطريق إلى السلام يبدأ من القدس!علي ناصر محمد

الطريق إلى السلام يبدأ من القدس!علي ناصر محمد

ساحة التحريرمنذ 20 ساعات

الطريق إلى السلام يبدأ من القدس!
علي ناصر محمد
يعيش الكيان العدواني الصهيوني بالحرب وقد تعود جيشه على أن لايتوقف عن القتل. ارتكب عدوانا غاشما مبيتا ومنسقا مع امريكا وبريطانيا والمانيا ضد
إيران في ١٣ يونيو الجاري.
قوبل بإدانة واسعة من الرأي العام العربي والإسلامي والدولي.
وكان الهدف الحقيقي من هذا العدوان إسقاط النظام في إيران، وليس مجرد القضاء على قدراته النووية المزعومة التي تذكر بما حدث في العراق الشقيق عام ٢٠٠٣، عندما تم اتهامه بامتلاكه أسلحة دمار شامل من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن ورئيس الوزراءالبريطاني تونر بلير، وإلحاح الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنح مفتشيها مهلة أشهر قليلة لاستكمال عملهم .
لقد فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها من هذا العدوان، الذي أدى إلى تماسك الجبهة الداخلية الإيرانية واستعداد إيران لخوض معركة دفاعية طويلة الأمد ضد الكيان الصهيوني، الذي تعوّد على حرب الضربات الخاطفة مستعينًا بحلفائه.
كان الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي مزلزلًا، باستهدافه تل أبيب وحيفا وبئر السبع وغيرها من المدن والموسسات الاستراتيجية الإسرائيلية، في سابقة لم تشهدها إسرائيل منذ صُنعها بقرار أممي عام 1947 الأمر الذي أجبرها على قبول الوساطة الامريكية لوقف عدوانها على إيران، حفاظًا على ماتبقى من هيبتها المتداعية وصورتها أمام العالم.
كشفت حرب الإثني عشر يوما للمرة الثانية بعد حرب اكتوبر ١٩٧٣ أن جيش العدو يمكن أن يُقهر. بجانب ذلك ألحقت إيران بالكيان الصهيوني أضرارًا اقتصادية ومعنوية ونفسية كبيرة، قيست بمليار دولار يوميا، ومن بعض مظاهرها موجة هجرة عكسية للمستعمِرين في فلسطين، خاصة أولئك الذين يحملون جنسية الدول التي جاؤوا منها إلى فلسطين المحتلة.
ويبقى السؤال الملحّ: أين سيفتح نتنياهو النار غدًا، بعد أن أشعلها في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق؟.
إن كل عدوان جديد يرتكبه الكيان الصهيوني في المنطقة لا يخلّف سوى المزيد من الأحقاد ويراكم العداوات تجاهه، وهو الكيان الدخيل الذي زرعته الحركة الصهيونية وحلفاؤها في قلب المنطقة، خدمةً لمشاريع الهيمنة والتقسيم.
ورغم إدراك نتنياهو لهذه الحقيقة، إلا أنه يصر على مواصلة اللعب بالنار بتصدير أزماته الداخلية وإشعال الحروب خارج حدود الكيان المحتل، هربًا من مواجهة الإسرائيليين الذين يخرجون يوميًا إلى الشوارع في مظاهرات تطالب بوقف العدوان على غزة، وتدعو للإفراج عن الأسرى، بل وترفع الصوت للمطالبة بإقالته وإسقاط حكومته اليمينية الفاشية، التي باتت عبئًا على الداخل والخارج.
لقد أصبح نتنياهو اليوم شخصية منبوذة في المنطقة والعالم، وهو الذي يواجه مذكرات ملاحقة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ويعي بأن مساحات التعاطف مع أسرائيل تتقلص رسميا وشعبيا في عدد كبير من دول العالم وأن الغالبية الساحقة في المجتمع الدولي بدأ ت تدرك أن استمرار نهجه العدواني لا يهدد فقط الاستقرار والسلام في المنطقة، بل ينذر بعواقب وخيمة على الأمن والسلم الدوليين.
وفي الوقت الذي تحرّك فيه العالم سريعًا لمنع توسّع الحرب بين إسرائيل وإيران، كنا نتمنى أن يتحرك مجلس الأمن والمجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بالذات بنفس السرعة والجدّية، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم الذي خلّف عشرات الألاف من الشهداء والجرحى، وألحق دمارًا هائلًا بالممتلكات، وسط صمت دولي غير مألوف.
إن الطريق الحقيقي للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم يبدأ من إنهاء الاحتلال لفلسطين والتخلي عن العقيدة الصهيونية التوسعيةفي فلسطين وفي دول الجوار ، ووقف سياسات العدوان، والاعتراف التام بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس.
‎2025-‎06-‎27

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ردًا على خامنئي .. ترمب يتوعد طهران مجددًا 'عودوا للنظام العالمي أو استعدوا للأسوأ'
ردًا على خامنئي .. ترمب يتوعد طهران مجددًا 'عودوا للنظام العالمي أو استعدوا للأسوأ'

موقع كتابات

timeمنذ 5 ساعات

  • موقع كتابات

ردًا على خامنئي .. ترمب يتوعد طهران مجددًا 'عودوا للنظام العالمي أو استعدوا للأسوأ'

وكالات- كتابات: جدّد الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، اليوم السبت، انتقاده لتصريحات المرشد الإيراني الأعلى؛ 'علي خامنئي'، بشأن الحرب مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، مشككًا في صحتها. ونقلت وكالة (رويترز) عن 'ترمب'؛ قوله: 'لماذا يقول خامنئي إنه انتصر في الحرب مع إسرائيل، وهو يعلم أن تصريحاته كذبة، والأمر ليس كذلك'، زاعمًا أنه كان على دراية تامة بمكان تواجد 'خامنئي'، لكنه لم يسمح للقوات المسلحة الأميركية أو لـ'إسرائيل' بالقضاء عليه. وأضاف 'ترمب': 'في المرحلة الأخيرة من الحرب؛ طالبت إسرائيل بإعادة مجموعة كبيرة من الطائرات كانت متجهة إلى طهران'، مدعيًا أنه كان يعمل في الأيام الماضية على إمكانية رفع العقوبات عن 'إيران' وخطوات أخرى كان من شأنها أن تمنحها فرصة للتعافي. ودعا 'ترمب'؛ 'إيران'، إلى العودة للنظام العالمي، محذرًا من أن الأوضاع ستزداد سوءًا بالنسبة لها إذا لم تفعل ذلك. كما نفى 'ترمب' بشكلٍ قاطع الأنباء التي تناولت نيته منح 'إيران': (30) مليار دولار لبناء منشآت نووية مدنية، واصفًا تلك الادعاءات بأنها: 'خدعة' من وسائل إعلام كاذبة تهدف إلى التشّويه. وكانت شبكة (سي. إن. إن) وشبكة (إن. بي. سي نيوز)؛ قد ذكرتا يومي الخميس والجمعة على التوالي، أن إدارة 'ترمب' ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لـ'إيران' مقابل وقف حكومتها تخصيّب (اليورانيوم). ونقلت (سي. إن. إن) عن مسؤولين قولهم؛ إنه تم طرح عدة مقترحات، لكنها كانت أولية. وكتب 'ترمب' في منشور على منصة (تروث سوشيال): 'من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن الرئيس ترمب يُريد أن يُعطي إيران (30) مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية. لم أسمع يومًا عن هذه الفكرة السخيفة'، واصفًا التقارير بأنها: 'خدعة'. يُشار إلى أن 'ترمب' كان قد صرّح، أمس الجمعة، زاعمًا بأنه أنقذ حياة المرشد الإيراني؛ 'علي خامنئي'، من ما وصفه: 'موت بشع'، قائلًا إن على الأخير أن: 'يشكره'، في إشارة إلى ما يزعمه وتروج له الآلة الدعائية الأميركية وتوابعها الغربية والعربية من قرار سابق بعدم استهدافه خلال 'حرب الـ 12 يوميًا' مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.

غروسي: لا نعرف أين اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب
غروسي: لا نعرف أين اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 7 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

غروسي: لا نعرف أين اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب

صرّح مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بإنه بعد ضربات واشنطن على المنشآت النووية الإيرانية "يمكن أن يكون جزء من اليورانيوم المخصب دمر لكن قد يكون تم نقل جزء منه"، إذ أشار في تصريحات لقناة "سي بي إس" نيوز، غروسي إلى أنه "بعد مرور ما يقرب من أسبوع على الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، لا توجد أي معلومات عن موقع حوالي 900 رطل من اليورانيوم عالي التخصيب الذي تزعم إيران أنه أزيل قبل الهجوم". وأضاف "لا نعرف أين يمكن أن يكون اليورانيوم الإيراني المخصب الآن". كما ذكر أن إيران "كان لديها برنامج نووي واسع وطموح وقد يكون جزء منه لا يزال قائما"، لافتا بأن إيران دولة متقدمة في التكنولوجيا النووية ولا يمكن محو هذا بعمليات عسكرية أو بدونها". كذلك أكد أنه "لن يحل ملف إيران النووي بشكل نهائي بالعمل العسكري وسيكون علينا التوصل إلى اتفاق". وكانت الوكالة قد أعربت سابقا عن مخاوفها بشأن نقص الشفافية في بعض جوانب الأنشطة النووية الإيرانية، "خاصة في ظل تزايد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% وتقييد وصول المفتشين إلى بعض المنشآت". وفي الأيام الماضية، وافقت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني على مشروع قانون يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وملاحقة مديرها رافائيل غروسي بتهمة التجسس. وكانت إسرائيل قد شنت عملية ضد إيران في 13 يونيو، متهمة إياها بتنفيذ برنامج نووي عسكري سري. واستهدفت الغارات الجوية منشآت نووية، وجنرالات، وعلماء فيزياء نووية بارزين، وقواعد جوية. ورفضت إيران هذه الاتهامات، وردت بهجماتها الخاصة. وتبادل الطرفان الضربات على مدى 12 يوما، وانضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل، حيث شنّت هجوما لمرة واحدة على المنشآت النووية الإيرانية ليلة 22 يونيو. بعد ذلك، في مساء 23 يونيو، شنت طهران ضربات صاروخية على قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، مؤكدة أن الجانب الإيراني لا ينوي التصعيد أكثر.

الرهان النووي لبوركينا فاسو: هل تنكسر هيمنة الغرب من بوابة الطاقة؟إدريس آيات
الرهان النووي لبوركينا فاسو: هل تنكسر هيمنة الغرب من بوابة الطاقة؟إدريس آيات

ساحة التحرير

timeمنذ 7 ساعات

  • ساحة التحرير

الرهان النووي لبوركينا فاسو: هل تنكسر هيمنة الغرب من بوابة الطاقة؟إدريس آيات

الرهان النووي لبوركينا فاسو: هل تنكسر هيمنة الغرب من بوابة الطاقة؟ إدريس آيات في زمن التشظي الجيوسياسي وإعادة ترتيب الأوراق على المسرح العالمي، لم يكن مستغربًا أن تتحول بوركينا فاسو، تلك الدولة الحبيسة التي طالما نظر إليها الغرب كظلّ استعماري لا أكثر، إلى لاعب إقليمي جريء يعيد تعريف تحالفاته ومصالحه بمعزل عن الإملاءات الغربية. التوقيع الأخير على اتفاقية التعاون النووي السلمي بين بوركينا فاسو وروسيا، هو خطوة استراتيجية ذات أبعاد جيوسياسية واقتصادية وأمنية عميقة تعكس انقلابًا في فلسفة الحكم، وميلاد جيل جديد من القادة الأفارقة الذين لم يعودوا يرون أنفسهم بوصفهم توابع، بل صانعي قرار. في الثاني عشر من يونيو 2025، أعلنت بوركينا فاسو رسمياً دخول اتفاقها مع مؤسسة 'روساتوم' الروسية حيّز التنفيذ، بهدف إنشاء مفاعل نووي مصغر لتوليد الكهرباء، في وقت لا تتجاوز فيه نسبة السكان المرتبطين بالشبكة الوطنية 19%، بينما يُعد العجز في الكهرباء من أبرز معوقات التنمية الصناعية. هذا الاتفاق لم يأتِ في فراغ، بل هو امتداد لخطاب رئيسها إبراهيم تراوري في قمة روسيا-أفريقيا في يوليو 2023، حيث أعلن بوضوح: 'نحن لا نغادر مستعمَرًا إلى آخر، إنّما نناقش شراكات وفق مصالحنا.' هكذا تكشف القيادة البوركينية الجديدة عن عقلية غير تقليدية ترفض التموضعات الكولونيالية وتتبنى خيارات واقعية تتماشى مع تحديات الداخل لا وصايا الخارج. فوفق بيانات البنك الدولي لعام 2022، يبلغ متوسط تكلفة الكيلوواط/ساعة في دول غرب أفريقيا بين 0.25 و0.30 دولار أمريكي، وهي من أعلى الأسعار في العالم، مقارنة بمتوسط عالمي يراوح بين 0.12 و0.15 دولار. وفي حال دخول المفاعل النووي الروسي الصغير للخدمة، تشير تقديرات أولية إلى انخفاض سعر الكهرباء في بوركينا فاسو بنسبة 60% على الأقل خلال العقد الأول، مع إمكانية الوصول إلى تكلفة إنتاجية تنافسية في حدود 0.05 دولار للكيلوواط/ساعة، وهو رقم يضع الدولة في صدارة جاذبية الاستثمار الصناعي غرب أفريقيا. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه التقنية النووية ليست مرهونة بحجم الإنتاج فحسب، بل بنموذج 'المفاعلات المصغرة' (SMR – Small Modular Reactors) التي باتت توجّهًا عالميًا للتحول السلس نحو الطاقة النظيفة في الدول منخفضة الدخل. وهي مفاعلات لا تحتاج إلى بنى تحتية ضخمة ولا ميزانيات خيالية، بل توفّر حلًا عمليًا لبلدان مثل بوركينا فاسو ومالي، التي وقعت بدورها اتفاقًا مماثلاً مع روسيا في يونيو 2025. وقد استثمرت روساتوم مليارات الدولارات خلال العقد الماضي في تطوير هذا النموذج، مستفيدة من إرثها السوفيتي وتقدمها التقني الذي جعلها الرائدة عالميًا في إعادة تدوير الوقود النووي واستخدام النفايات كمصدر طاقة جديد. من الناحية الجيوسياسية، فإن دخول روسيا بهذا الثقل في الحلبة النووية الأفريقية، وتحديدًا في مستعمرات فرنسية سابقة مثل بوركينا فاسو ومالي، يضع باريس في مأزق استراتيجي مزدوج: فهي من جهة تخسر آخر أدوات النفوذ الطاقي في منطقة تُعد من أهم مصادر اليورانيوم عالميًا، ومن جهة أخرى تواجه تراجعًا في الهيمنة الثقافية والسياسية أمام صعود تحالفات بديلة ترفض الرضوخ للفرنكوفونية بوصفها امتدادًا للاستعمار الناعم. والسؤال المؤلم الذي لا يزال يلاحق باريس: كيف لدولة مثل النيجر، التي تُنتج قرابة 7% من يورانيوم العالم (بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، أن تعاني من عجز كهربائي يصل إلى 90% من السكان، وتستورد الطاقة من نيجيريا؟ ولماذا لم تبادر فرنسا -خلال ستين عامًا من الهيمنة على البلاد- إلى تقديم صفقة نووية شبيهة بما فعلته روسيا مع بوركينا فاسو؟ الجواب ببساطة يكمن في طبيعة العلاقة: علاقة استنزاف، لا شراكة. علاقة لا ترى في النيجر سوى مخزون خام لا يحق له التصنيع أو السيادة التقنية. إبراهيم تراوري، أصغر رئيس شارك في قمة سان بطرسبورغ، لم يكن نجمًا إعلاميًا فقط، بل قائدًا يُعيد رسم مسار بلاده بإرادة جذرية. لقد أدرك مبكرًا أن المعركة الحقيقية لا تُخاض بالسلاح فقط، بل بالسيادة على المعرفة والتكنولوجيا والطاقة. ولهذا اختار روسيا، ليس كبديل عن الغرب، بل كشريك لا يشترط الولاء السياسي ولا يفرض أجندات أيديولوجية، بل يعرض تكنولوجيا ومصلحة متبادلة في عالم تتغير فيه مراكز القوة. وبينما يتحدث البعض عن 'الاستعمار الجديد'، فإن الوقائع الميدانية تعري هذا الخطاب الذي غالبًا ما يُردّد من دوائر غربية متحاملة، أو نخب أفريقية مُنقطعة عن نبض الشعوب. فروسيا لم تبنِ قواعد عسكرية استعمارية في أفريقيا، ولم تفرض لغتها الرسمية، ولم تدعم انقلابًا لتنصيب دمية على رأس السلطة، بل دخلت من بوابة التعاون في المجالات التقنية، وخاصة الطاقة، والبنى التحتية والأمن. وحتى 'فاغنر'، التي يُروّج لها كرمز للنفوذ الروسي، لم تُسجَّل ضدها أدلة دامغة على احتكار مناجم الذهب أو نهب الثروات، كما فعلت شركات فرنسية كـ'أريفا' في النيجر لعقود دون حسيب أو رقيب. ومن المهم هنا التذكير بأن فرنسا لم تترك في مستعمراتها السابقة بنية علمية نووية واحدة، رغم أنها كانت تستخرج ما يصل إلى 3,000 طن من اليورانيوم سنويًا من النيجر وحدها. أما روسيا، فتدخل إلى مالي وبوركينا فاسو بمختبرات بحثية، ومراكز تدريب، ونقل تقنية، واتفاقات لإعادة تدوير النفايات النووية محليًا أو شحنها آمنًا إلى منشآت روسية. وفي هذا السياق، تستحق روساتوم أن تُدرَس كحالة منفردة؛ فهي الشركة الوحيدة التي تزوّد المفاعلات الأمريكية والفرنسية بوقود معاد التدوير، حتى في زمن العقوبات والحصار مع الحرب الأوكرانية، ما يعكس مكانتها كحجر زاوية في أمن الطاقة العالمي. وفي ضوء هذه التطورات، فإن التحوّل الجاري في الساحل الأفريقي لا يُمكن فصله عن تحولات أعمق في المشهد الدولي. فنحن أمام تفكك فعلي لأحادية الغرب، وصعود قوى بديلة قادرة على تقديم نماذج غير استعمارية للتعاون. ولهذا فإن وصف الشراكات الجديدة بأنها 'نقل من سيد إلى سيد' هو اختزال ساذج، بل يحمل عنصرية مبطنة ترى الأفارقة كأتباع لا يحق لهم اختيار شركائهم. لقد حان الوقت لإعادة تعريف مفردات العلاقات الدولية. فالشراكة مع روسيا أو الصين ليست استعمارًا جديدًا، بل محاولة لتوسيع هامش السيادة الوطنية بعد عقود من التبعية المقنّعة. وإذا نجحت بوركينا فاسو في تشغيل أول محطة نووية في غرب أفريقيا، فإنها لن تُضيء فقط مصابيح المدن، بل ستنير طريقًا جديدًا للقارة بأكملها نحو السيادة الصناعية. ختامًا، إن بوركينا فاسو اليوم ليست فقط على أعتاب الاستقلال الطاقي، بل على أعتاب استقلال القرار. إنّها لحظة وعي سياسي نادر، لحظة تكسر فيها دولة صغيرة معادلةً كُتبت بالحبر الفرنسي منذ 1960، وتكتب بمفاعلات روسية مصغّرة مستقبلًا كبيرًا. ويبقى السؤال: من التالي؟ وهل تكون النيجر، التي أهدرت عشرات آلاف الأطنان من اليورانيوم مقابل كهرباء مستوردة، قادرة على اللحاق بركب المستقبل؟ أم تظل رهينة في سجنٍ يُضاء فقط من باريس؟ فمن المعلوم أن الطاقة لم تعد فقط مورداً اقتصادياً، بل أصبحت مؤشراً سياديًا. ومن فهم هذه المعادلة، لن يُساق مجددًا تحت قبة أي استعمار، مهما تغيرت أسماؤه أو ألوان أعلامه. ‎2025-‎06-‎28 The post الرهان النووي لبوركينا فاسو: هل تنكسر هيمنة الغرب من بوابة الطاقة؟إدريس آيات first appeared on ساحة التحرير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store