المملكة والطب الرقمي
وحين نعود إلى فكرة الطب الاتصالي نجدها قد بدأت ربما منذ ستينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية عندما انطلقت أول عيادات طبية توفر بعض خدماتها عن بعد، إذ كانت تُقدم الخدمات الصحية المهنية والطارئة للموظفين والمسافرين في مدينة بوسطن بينما كانت في الواقع على بعد ثلاثة أميال عن المستشفى. بعدها تم تطوير أول نظام تفاعلي للطب الإلكتروني يعمل على خطوط الهاتف القياسية، ومُصمم لتشخيص ومعالجة المرضى الذين يحتاجون إلى الإنعاش القلبي عن بعد، ثم توالت التقنيات وصولاً إلى ما نراه اليوم .
تتنوع أهمية وفوائد الطب الاتصالي حيث يزيد من فرص تحسين الرعاية الصحية، عبر الوصول إلى المرضى وتقديم خدمات طبية تخصصية دون الحاجة إلى السفر، وهو ما يساعد في خفض التكاليف وتقليل التنقل والانتظار ودخول المستشفيات من خلال المتابعة المنزلية، ويسهم في تحسين الكفاءة وجودة الرعاية ومراقبة المرضى المزمنين عن كثب، وتقديم تدخلات سريعة بناءً على البيانات الفورية. ويعمل أيضًا على تعزيز الوقاية والتثقيف الصحي من خلال تقديم استشارات توعوية وفحوصات مبكرة.
وقد أثبت الطب الاتصالي فعاليته خلال جائحة كوفيد-19 حيث تم استخدامه على نطاق واسع لتقليل العدوى والحفاظ على استمرارية تقديم الرعاية. وفي تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية فإن مايزيد عن 70% من الدول توسعت في استخدام الطب الاتصالي خلال الجائحة.
وتعد المملكة اليوم رائدًا إقليميًا وعالميًا في مجال الطب الاتصالي، حيث سُجل مستشفى صحة الافتراضي ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر مستشفى افتراضي في العالم، كما حصل على الاعتماد الطبي الكندي في الفئة الماسية كأول مستشفى افتراضي في العالم، واعتمدته الهيئة السعودية للتخصصات الصحية مركزًا تدريبيًا معتمدًا لشهادة البورد السعودي في طب الأسرة وطب الأشعة التشخيصية.
مع ذلك لا بد أن أشير إلى أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه الطب الاتصالي كالخصوصية وحماية البيانات الصحية، حيث يمثّل ذلك تحديًا هائلًا للقطاع الصحي في مختلف الأنظمة الصحية العالمية، كما أن نقص البنية الرقمية قد يعيق تطور الخدمات الصحية عن بعد، مع الحاجة إلى تدريب العاملين الصحيين على استخدام المنصات الرقمية والتكنولوجية، وإقرار تشريعات موحدة لضمان سلامة وجودة الطب الاتصالي.
ومع اتجاه العالم نحو دمج الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية بدقة وسرعة، يتشكّل أفق مستقبلي سيساعد بفاعلية على توسيع منصات الرعاية الافتراضية لتشمل العديد من التخصصات في مختلف المجالات.
وتشهد الأنظمة الصحية في مختلف بلدان العالم المتقدم تطورات متسارعة في نقل المعرفة والتقنيات الطبية الحديثة، وتأتي الشراكة الإستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في القطاع الصحي كمثال بارز في تطوير بنية رقمية مميزة، تشمل برامج سحابية متقدمة، لتقديم الخدمات الصحية رقميًّا، بما يتماشى مع التحولات العالمية. كما يجري تطوير نماذج رعاية ذكية، لتُسهم التقنية في تقديم الخدمة الصحية، مما يعزز من جودة الرعاية الصحية الرقمية والافتراضية في المملكة.
ختامًا ، يمثل الطب الاتصالي الحديث نقلة نوعية في تقديم الرعاية الصحية، ويُعد جزءًا أساسيًا من التحول الرقمي الصحي في المملكة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030. ومع استمرار تطوير البنية التحتية الرقمية وتحديث الأطر التنظيمية، فإن الطب الاتصالي سيكون عنصرًا محوريًا في تحقيق رعاية صحية فعالة، ميسورة، وشاملة بحول الله.
*مدير عام المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 40 دقائق
- الرياض
قبل انسحاب أمريكا...دول تتعهد بأكثر من 170 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية
قالت منظمة الصحة العالمية إن الصين وسويسرا ودولاً أخرى تعهدت بتقديم أكثر من 170 مليون دولار للمنظمة اليوم الثلاثاء، وإن هذه الدول قبلت أيضا زيادة في رسومها للمساعدة في تعويض الخسارة المتوقعة من انسحاب الولايات المتحدة، أكبر مانحي المنظمة. وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام للمنظمة في بيان "أنا ممتن لكل الدول الأعضاء والشركاء الذين تعهدوا بالتبرع. وفي ظل مناخ مليء بالتحديات للصحة العالمية، ستساعدنا هذه الأموال في الحفاظ على عملنا المنقذ للحياة وتوسيع نطاقه".


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
ستطلب إدارة الغذاء والدواء الأميركية من مختبرات الأدوية إجراء تجارب سريرية حول فوائد اللقاحات للأشخاص الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما
تعتزم الولايات المتحدة زيادة القيود على تلقي اللقاحات المضادة لكوفيد، مع حصر التوصية بها للأشخاص في سن 65 عاما وما فوق أو لأولئك المعرضين للخطر بصورة أكبر، على ما أعلن مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى الثلاثاء. وكتب المسؤولان في إدارة الغذاء والدواء الأميركية (اف دي ايه) مارتي مكاري وفيناياك براساد في مقال أن هذا التغيير في السياسة من شأنه أن يسمح بمواءمة التوصيات الأميركية مع تلك التي تطبقها الدول المتقدمة الكبرى الأخرى منها دول الاتحاد الأوروبي. وأضافا في النص الذي نشرته مجلة "ذي نيو انغلاند جورنال أوف ميديسين" الطبية "بينما توصي كل الدول الغنية الأخرى بتلقيح كبار السن (الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما بشكل عام) أو الأشخاص المعرضين للإصابة بحالة خطيرة من كوفيد-19، اعتمدت الولايات المتحدة مقاربة موحدة لمختلف الفئات العمرية". وستقتصر توصيات إدارة الغذاء والدواء الأميركية بالتطعيم ضد كوفيد-19 على الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما وما فوق، أو الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و64 عاما ولديهم عامل خطر واحد على الأقل للإصابة بشكل خطر من المرض. وتعريف عوامل الخطر واسع النطاق من الربو إلى الإيدز ومرض السكري والبدانة والفصام أو حتى التدخين أو عدم ممارسة نشاط بدني. وستطلب إدارة الغذاء والدواء من مختبرات الأدوية إجراء تجارب سريرية حول فوائد اللقاحات للأشخاص الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما، بحسب المسؤولين.


الوطن
منذ ساعة واحدة
- الوطن
متلازمة القلوب السعيدة
قيل إن صحابية تناهى إلى سمعها أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يرغب في خطبتها، فماتت من شدة الفرح. نشر خبر عن متهم عفا عنه أصحاب الحق في يوم قصاصه فقتله سروره، وجائزة مالية كبيرة لم يتوقعها صاحبها تسببت في وفاته، وقرأنا كثيرًا عن مشجعين ماتوا فرحًا بفوز فريقهم ببطولة، وقصص كثيرة تحكي عن أشخاص قضى عليهم شدة فرحهم. الحب كان المتهم الوحيد في قضايا القتل فقالوا (من الحب ما قتل)، بعد ذلك اكتشفوا نظرية القلب المكسور، فشارك الحزن الحب في التهمة، تعددت الأسباب والموت واحد، ألم نسمع عن أشخاص قضوا من شدة الخوف، كل المشاعر المتطرفة تقتل صاحبها، لماذا يا تُرى؟ الموت من شدة الفرح أطلقوا عليه (متلازمة القلب السعيد)، ووجدت الدراسات أن أكثر ضحايا متلازمة القلب السعيد والقلب المكسور هم من النساء، غالبًا لرقة مشاعرهن، فقد أجريت دراسة على 1750 مريضا بالقلب من 25 مركزا طبيا من دول مختلفة، فوجدوا 485 شخصا أصيبوا بمشكلة في القلب بسبب محفز عاطفي محدد، من بين هؤلاء كان %20 بسبب أحداث سعيدة ومبهجة، كحفلة عيد ميلاد، أو حفل زفاف، أو احتفال مفاجئ، أو بسبب فوز الفريق المفضل، بينما 465 (%96) حدثت بعد أحداث حزينة ومرهقة، مثل وفاة الزوج أو الطفل أو الوالد، أو حضور جنازة، أو حادث، وأحيانًا بسبب القلق بشأن مرض أو مشاكل عائلية. %95 من المرضى كانوا من النساء في كل من مجموعتي «القلوب المكسورة» و«القلوب السعيدة»، وكان متوسط عمر المرضى 65 عاما بين «القلوب المكسورة» و71 عامًا بين «القلوب السعيدة»، مما يؤكد أن غالبية الحالات تحدث عند النساء بعد سن الستين، كانت هذه التغيرات عبارة عن ضعف مفاجئ في عضلات القلب يتسبب في تضخم البطين الأيسر وفشل عمل عضلة القلب. ما يدل على تفاعل القلب والدماغ، ويعمل الباحثون على فهم العلاقة بين القلب والدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للنظر في طريقة عمل أجزاء من الدماغ معروفة بمشاركتها في معالجة العواطف وردود الفعل والسلوك وصنع القرار والذاكرة كاللوزة الدماغية وقشرة الفص الأمامي من الدماغ (الجهاز الجوفي). هناك علاقة قوية بين العواطف وصحة القلب، عندما نشعر بالتوتر أو الخوف أو الحزن أو حتى الفرح، فإن كل هذا يؤثر في القلب، لأن الدماغ يرسل إشارات للقلب فيتغير معدل ضربات القلب. يكشف العلم أن الحب يمكن أن يخفض ضغط الدم، ويثبت معدل ضربات القلب، ويساعدنا على التعافي من الأحداث القلبية، ولكن شدته قد تتسبب في إحداث فوضى، القدرة على الاعتدال في العاطفة، تحقق الصحة الأفضل للقلب، التعافي من متلازمة القلب المكسور إن لم تُزهق روح صاحبها، يحتاج إلى دعم، لا يعني هذا ألا يشعر بالتوتر، أو الحزن، أو القلق، أو الخوف، أو الغضب، الهدف ليس أن تكون سعيدا طوال الوقت، ولكن أن تكون على دراية بمجموعة كاملة من المشاعر الإنسانية، وأن تكون منفتحا عليها، وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من الإجهاد المرتبط بالقلب، عليهم: * بناء علاقات داعمة. * الانخراط في أنشطة ممتعة. * الدعم المهني إذا لزم الأمر لتعزيز الصحة النفسية والقلبية.