
لغة الأرقام في التصريحات الرسمية (2 – 3)*د.عبدالله سرور الزعبي
الغد
إن قطاع المياه، والذي سبق وإن كتبت عنه اكثر من مقال، كان آخرها بعنوان «وضع مائي سيئ وصيف مقبل صعب» والمنشور بتاريخ 4/1/2025، وهو القطاع، الذي تعتبر ازمته من أخطر الأزمات الهيكلية في الدولة، ومع ذلك تختلف تصريحات المسؤولين حول نسبة العجز والفاقد المائي والمشاريع المنفذة للخروج من الازمة وعدم الاعلان عن الفاشل منها (سد الكرامة وسد وادي ابن حماد، بتكلفة مالية لهما حوالي 110 ملايين دينار)، وحجم الانفاق على القطاع والعجز في الميزانية التشغيلية، وكلفة انتاج المتر المكعب، والمشاريع الاستراتيجية كمشروع الناقل الوطني والمبالغ التي تم تأمينها لهذا المشروع الاستراتيجي (وهو الامر الذي دفعني للكتابة مرة أخرى، بعد التصريح الصادر بتاريخ 14/5/2025)، وحقوق الأردن في المياه المشتركة ونسبة التحصيل منها، وحصة الفرد الأردني من المياه.
فعلى سبيل المثال، تشير معطيات وزارة المياه الى ان كميات المياه المتاحة لكافة القطاعات هي حوالي 1093 مليون متر مكعب لكافة القطاعات (الشرب والمنزلية والزراعة والسياحة والصناعة وغيرها)، وعليه فإن حصة الفرد الأردني من اجمالي كميات المياه تكون 92.4 متر مكعب (عدد سكان الأردن، حسب صفحة دائرة الإحصاءات العامة تاريخ 29/5/2025 هو 11,824,319 نسمة). إلا أن كمية المياه المخصصة للأغراض المنزلية والتي تقدر بـ519 مليون متر مكعب (حسب وزارة المياه) فتكون 43.89 متر مكعب في السنة، بينما كانت التصريحات الرسمية، تقول بانها حوالي 90 مترا مكعبا في عام 2023، وكنت قد اشرت عندها وتحديداً بتاريخ 2023/8/22 الى ان حصة الفرد الأردني من مياه الشرب قد انخفضت إلى 61 مترا مكعبا في السنة، وتعرضت للنقد الى ان جاء تصريح معالي وزير المياه بتاريخ 22/8/2024 بان الأردن الافقر مائياً وان حصة الفرد هي بواقع 61 متر مكعب سنوياً، والقادم لن يكون أفضل، في ضل الموسم المطري الأخير.
اما الفاقد المائي، فان التصريحات المتعلقة به متضاربة ايضاً، فعلى سبيل المثال، في تصريح لمسؤول في وزارة المياه، يُقدّر الفاقد بنسبة 45 %، ثم يخرج تصريح لمسؤول آخر يقول إن النسبة لا تتجاوز 30 %، وبنفس الوقت تشير الخطة الاستراتيجية لوزارة المياه للأعوام 2008-2020 والتي كان احد اهدافها خفض الفاقد المائي من 42 % الى 28 %، وعلى الرغم من الإعلان بتاريخ 27/6/2010 بان سلطة المياه نفذت مشاريع بقيمة 350 مليون دينار منها 250 مليون لاستبدال شبكات المياه، وهي الخطة التي تم استبدالها بخطة استراتيجية اخرى للأعوام 2016-2025 والتي تهدف الى خفض الفاقد المائي الى 25 %. وعلى الرغم من المشاريع المنفذة وإنفاق ملايين الدنانير، إلا أن نسبة الفاقد المائي وصلت الى 53 % في عام 2021 (صفحة 14 من تقرير قطاع المياه حقائق وارقام)، يتبعه الإعلان بتاريخ 18/12/2022 بانه تم خفض نسبة الفاقد المائي الى 35 %، والاعلان عن مشاريع بقيمة 350 مليون دولار لخفض الفاقد المائي في جميع محافظات المملكة. ثم جاء الاعلان بتاريخ 7/6/2023 عن حزمة مشاريع بقيمة 474 مليون دينار، لخفض الفاقد المائي ومشاريع متعلقة بالصرف الصحي.
بعد كل ذلك تم الإعلان عن استراتيجية وطنية جديدة للمياه للأعوام 2023-2040، والتي أحد اهدافها خفض الفاقد المائي الى 25 %، وبواقع 2 % سنوياً، ليخرج الينا تصريح يشير الى انه تم تخفيض الفاقد المائي بنسبة 6 % لتصبح 46 %حسب المنشور بتاريخ 17/8/2024، متناسياً بانه سبق وان أعلنت وزارة المياه بانها خفضت الفاقد المائي الى نسبة 35 % وذلك بتاريخ 18/12/2022.
وهنا اليس من حقنا التساؤل عن أسباب هذا التناقض بالتصريحات المتعلقة بالفاقد المائي؟
اما فيما يتعلق بالناقل الوطني للمياه، والتي سبق ان تم الإعلان بانه سيتم تنفيذه بتكلفة ماليه تقدر 2.5 مليار دولار، وان المياه ستصل من خلاله لمختلف مناطق المملكة في عام 2027 (حسب ما هو منشور، بترا 14/12/2021)، ثم يأتي تصريح من معالي وزير التخطيط السابق تاريخ 31/3/2022 بالإعلان عن تأمين 1830 مليون دولار للمشروع، كما ويعلن بتاريخ 29/3/2023 بانه تم تامين 2400 مليون دولار، واعلان وزارة المياه بتاريخ 1/10/2023 عن تأمين 2700 مليون دولار للمشروع (كافة المبالغ المعلن عنها هي منح وقروض تنموية واستثمارية) الا ان المفاجأة كانت الإعلان الأخير الصادر عن وزارة المياه وبتاريخ 14/5/2025 وعلى قناة المملكة عن تأمين أكثر من مليار دولار لإنجاح مشروع الناقل الوطني؟ (وماذا عن التصريحات السابقة)، ومثل هذه التصريحات تربك المتابعين والمواطن الأردني، لا بل صاحب القرار وبشكل كبير.
أما عندما نتحدث عن التكلفة المالية للمشروع نجد أن هناك تضاربا ايضاً في التصريحات المنشورة في الصحافة والمواقع الإخبارية، حيث أشارت بعضها إلى أن التكلفة هي حوالي 2 مليار، وتصريح آخر أشار إلى أن التكلفة 2.5 مليار، وأخرى 2.7 مليار، وغيرها اشارت الى 3 مليارات، وأخيراً تصريح لمعالي الوزير بأن التكلفة تقدر بأكثر من 3.5 مليار دينار، وهناك حديث بأن التكلفة ارتفعت لأرقام أكبر من هذا الرقم.
إننا هنا لن نتحدث عن ارقام مديونية سلطة المياه وشركات التوزيع، حيث الأرقام متفاوتة وبشكل كبير، فسبق وأن أعلن عن رقم 1.5 مليار دينار، إلا ان تقارير مستقلة تشير الى ضعف هذا الرقم. كما ولن نتحدث عن تقديرات المخزون المائي، حيث سبق وأن صرّح وزير المياه بأن الأردن بحاجة إلى 11 مليار متر مكعب من المياه سنويًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي (وهو التصريح الذي اتفق معه من حيث المعايير الدولية الطبيعية لحصة الفرد من المياه سنوياً، ولكي نكون على حد الفقر المائي العالمي، فإن الأردن يحتاج الى ما يقارب 6 مليارات متر مكعب)، وإن هناك عجزا مائيا كبيرا في الأردن (وهو الفرق بين المتاح حالياً والمقدر بحوالي 1.1 مليار متر مكعب وبين الاحتياجات للوصول الى حد الفقر المائي)، بينما أشار وزير سابق إلى وجود كميات من المياه الجوفية تكفي الأردن لعدة قرون؟، مما يبرز تبايناً في تقييم الموارد المائية، الامر الذي يربك المجتمع، ويعزز من انتشار الإشاعات التي تطول هذا القطاع.
إن مثل هذا التضارب بالتصريحات يفقد المجتمع الثقة في الأرقام الرسمية، ويربك خطط السياسات المائية طويلة الأمد، ومسؤولي القطاع في المستقبل، وثقة المؤسسات الدولية ويقلل من الفرص الاستثمارية.
في الجزء الثالث سنتحدث عن التصريحات المتعلقة بإنتاج الغاز من حقل الريشة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 37 دقائق
- الدستور
لماذا نفشل في تحويل «الثقافة» إلى اقتصاد؟!
من بين أبرز القضايا التي طُرحت في منتدى «تواصل» الأخير، برزت الصناعات الثقافية والإبداعية بوصفها مجالًا واعدًا، يجمع بين الاقتصاد والهوية والمستقبل. هذا القطاع، الذي يشكّل رافعة أساسية للناتج المحلي الإجمالي في العديد من دول العالم، لا يزال في الأردن في طور التأسيس، على الرغم من إمكاناته الكبيرة ودوره المحوري في استيعاب الطاقات الشبابية، وفتح نوافذ جديدة للعمل والإنتاج.تنبّهنا في الأردن لأهمية هذه الصناعات متأخرًا، لكنّنا بدأنا نسلك الطريق الصحيح، إذ وردت الصناعات الثقافية والإبداعية في خطة التحديث الاقتصادي (2022–2033)، كما نُص عليها بوضوح في الاستراتيجية الوطنية للثقافة (2023–2027). غير أن ما تحقق حتى الآن لا يزال متواضعًا، ولم يتبلور بعدُ في سياسات فاعلة تُخرج هذا القطاع من الهامش إلى القلب، وتربط بين مكوناته المتعددة: السياحة، والتعليم، والهوية، والإبداع الشبابي.الصناعات الثقافية، كما توضّحها الأدبيات العالمية، تشمل طيفًا واسعًا من الأنشطة: التراث والحرف اليدوية، المتاحف والآثار، الإنتاج الفني والدرامي، المسرح والموسيقى، الإعلام الرقمي، الألعاب، النشر، التصميم، والكتب. وتُعد هذه الصناعات اليوم جزءًا من اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة، إذ تصل مساهمتها إلى نسب عالية من الناتج المحلي، كما هو الحال في الولايات المتحدة (هوليوود والصناعات الرقمية)، فرنسا، كوريا الجنوبية، وإسبانيا.في الأردن، قدّرت خطة التحديث الاقتصادي حجم هذا القطاع بنحو 600 مليون دينار في عام 2021، مع هدف لرفعه إلى 1.4 مليار دينار في 2033. ورغم أن هذا التوجه يعكس وعيًا رسميًا متناميًا، إلا أن الأرقام لا تزال دون الطموح، لا سيّما في ظل غياب دراسات دقيقة، وضعف التمويل، وانفصال السياسات القطاعية، بخاصة بين وزارات الثقافة والسياحة والاستثمار والتعليم.القصور الأكبر يتمثل في غياب «النظرة الاقتصادية للثقافة». لا تزال الثقافة في الوعي الرسمي محصورة ضمن الفولكلور، فيما تُدار الفنون كمجالات دعم لا إنتاج. في المقابل، تمثل الهوية الثقافية للمدن في دول كثيرة أساسًا لصناعة اقتصادية متكاملة؛ فالتراث المعماري، والعادات المحلية، والمطبخ، واللهجات، والفن، والحكاية الشعبية، تتحول إلى منتجات وخدمات، تُخلق منها فرص عمل، وتُصنع عبرها رواية محلية قابلة للتصدير.هذا ما بدأنا نلمحه في بعض المبادرات الفردية. في السلط، أعاد شباب استثمار السوق القديم والمباني التراثية، عبر المقاهي والمطاعم والأنشطة السياحية، فخلقوا نموذجًا محليًا واعدًا. وفي عجلون، ظهرت مشاريع سياحية صغيرة تقوم على الطبيعة والهوية الريفية. هذه النماذج لا تنتظر الدولة، بل تسبقها، وتكشف عن إمكانيات هائلة يمكن توسيعها بدعم رسمي وتشريعي.ولعلّ ما نحتاجه اليوم ليس فقط خططًا على الورق، بل بناء منظومة متكاملة تبدأ من المدارس، وترتبط بالتعليم المهني والفني، وتغذّي سوق العمل بروّاد أعمال ومبدعين يمتلكون أدوات الإنتاج الثقافي الحديث. فالثقافة ليست فقط ما نرثه، بل ما نصنعه ونحوّله إلى قيمة مضافة، تعزز اقتصادنا وتعبّر عنّا.ليس من المبالغة القول إن الثقافة قد تكون «نفط الأردن» إذا ما استثمرنا في موروثه الحضاري، وتنوعه الطبيعي، واستقراره السياسي، وموقعه الجغرافي. لكن ذلك يتطلب رؤية وطنية متكاملة تدمج الثقافة بالسياحة، وتربط التعليم بالإبداع، وتستثمر في الشباب بوصفهم صانعي الهوية لا مجرد مستهلكيها.في مواجهة بطالة الشباب، لا يكفي أن نشكو. المطلوب اليوم هو أن نعيد تعريف الثقافة باعتبارها موردًا اقتصاديًا لا عبئًا، وأن ننتقل من مرحلة التقدير الرمزي إلى التخطيط العملي. فالثقافة، حين ترتبط بالمدينة، وتُعاد صياغتها بإبداع الشباب، تصبح صناعة، بل مستقبلًا ممكنًا.


الشاهين
منذ ساعة واحدة
- الشاهين
وزارة السياحة والآثار: 89 % نسبة ارتفاع مبيعات التذكرة الموحدة في أيار 2025
الشاهين الاخباري قالت وزارة السياحة والآثار، إن مبيعات التذكرة الموحدة خلال شهر أيار من العام الحالي 2025، حققت ارتفاعًا كبيرًا بنسبة بلغت 89 % مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، حيث تم بيع 15.929 ألف تذكرة في أيار 2025، مقابل 8.447 آلاف تذكرة في أيار 2024. واشارت الوزارة في بيان، إلى أن قيمة المبيعات خلال أيار 2025 بلغت نحو 1.150 مليون دينار، مقارنة بـ610 آلاف دينار في أيار من العام الماضي، وهو ما يعكس زيادة ملحوظة في الإقبال على زيارة المواقع السياحية والأثرية في المملكة. وقالت وزيرة السياحة والآثار لينا عناب، إن التذكرة الموحدة تمثل أحد أنجح أدوات الترويج السياحي التي تبنتها الوزارة ضمن استراتيجيتها لتطوير المنتج السياحي الأردني، مشيرة إلى أنها أسهمت في تحفيز السياح على زيارة عدد أكبر من المواقع الأثرية والسياحية، ما ينعكس مباشرة على زيادة مدة الإقامة ورفع حجم الإنفاق داخل المملكة. وأكدت عناب، أن التذكرة الموحدة تترجم رؤية الوزارة في تقديم تجربة سياحية متكاملة وسهلة الوصول، خاصة مع توفرها إلكترونيًا، ما يعزز تنافسية الأردن إقليميا وعالميا، ويجعل من المملكة وجهة جاذبة للسياحة الثقافية والتراثية. وبحسب الوزارة، فإن هذا الارتفاع يُعزى إلى استئناف عدد من شركات الطيران لرحلاتها التي توقفت مؤقتا نتيجة الظروف الإقليمية، مما ساهم في تعزيز حركة السياحة الدولية إلى المملكة، كما ويعد هذا النمو مؤشرًا على تعافي القطاع السياحي من آثار تلك التحديات الاقليمية. ويُذكر أن نظام التذكرة الموحدة، الذي أُطلق نهاية عام 2015، يُعد من أبرز أدوات الترويج السياحي في الأردن، ويهدف إلى تشجيع الزوار على زيارة أكبر عدد ممكن من المواقع السياحية، والمساهمة في إطالة مدة إقامتهم، وزيادة الإنفاق السياحي. وتبلغ قيمة التذكرة الموحدة 100 دولار، وتمنح حاملها صلاحية دخول 38 موقعًا سياحيًا وأثريًا لمدة تصل إلى 3 أشهر، من ضمنها مدينة البترا، مع إعفائه من رسوم تأشيرة الدخول بشرط الإقامة لثلاث ليالٍ متتالية على الأقل داخل المملكة. كما تُباع التذكرة إلكترونيًا من خلال منصة مخصصة وتطبيقات الهواتف الذكية، ما يسهل على السياح الحصول عليها بسهولة ويسر. وتعد المملكة الأردنية الهاشمية أول دولة عربية تطبّق هذا النظام السياحي المتكامل، والذي ساهم في تقديم تجربة غنية ومتنوعة للزوار، معززة بمعلومات متكاملة عن المواقع، ومواقيت الزيارة، وخدمات إضافية تدعم تجربة السائح.

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
روسيا تسجل أكبر انخفاض بإيرادات النفط منذ عامين
موسكو - أعلنت الحكومة الروسية، اليوم الثلاثاء، عن تسجيل روسيا إيرادات من تصدير النفط انخفاضا ملحوظا، مسجلة أدنى مستوى لها خلال عامين، بنسبة انخفاض تجاوزت 24 بالمئة. وقالت الحكومة الروسية في بيان صحفي:"سجل متوسط صادرات النفط البحري لروسيا خلال الأسابيع الأربعة الماضي انخفاضا بلغ قدره 3.24 مليون برميل يوميا، بانخفاض قدره 170 ألف برميل، وإيرادات تصدير النفط الروسي بحوالي 310 ملايين دولار، أو ما يعادل 24 بالمئة، ما يعد الانخفاض الأكبر منذ نحو العامين". --(بترا)