logo
الكوت تحترق.. والدولة تبتسم للصورة الجماعية

الكوت تحترق.. والدولة تبتسم للصورة الجماعية

موقع كتابات١٨-٠٧-٢٠٢٥
في مساءٍ كالحٍ من تموز 2025، اشتعلت الكوت. لم يكن الحريق حادثًا عرضيًا، بل تتويجًا مأساويًا لمنظومة فشلٍ مزمن، ونتاجًا صريحًا لعقدين من التفكك المؤسسي والإهمال الذي تحوّل إلى 'عرف إداري'. أزهقت النيران أرواح أكثر من 120 إنسانًا، بعضهم تفحّم حدَّ التلاشي، وكأن المدينة تحترق بما تبقّى من ضميرٍ جمعي لم تعد الدولة تمثّله.
ليست الكوت مدينة تحترق فحسب، بل وطنٌ يُحرق على جرعات. لم يكن الحريق في مجمعٍ تجاريّ جديد، بل في بنية دولة هرِمة، فاسدة، لا تُفرّق بين الإنسان والحطام. مئة وعشرون جسدًا احترقوا في الكوت، وبعضهم لم يبقَ منه ما يُعزّى به. أرواحٌ نقيّة، بسطاء كانوا يبحثون عن لقمةٍ في سوق أو لحظة فرحٍ في مطعم، احترقوا لأن الفساد لا يخجل من التواقيع، ولا يخاف من الدم. فاجعة الكوت ليست حادثًا عابرًا، بل شهادة وفاة أخرى لوطنٍ لم يعد يستحق أن يُسمّى دولة.
لا ينبغي النظر إلى الفاجعة بوصفها 'حادثًا عرضيًا'. فالدولة حين تسمح بافتتاح مجمعٍ تجاريّ من خمسة طوابق بلا أدنى مقومات السلامة، ولا إشرافٍ حقيقي من الجهات الفنية، إنما تعيد إنتاج الجريمة باسم القانون. ومن المؤسف أن مؤسسات الدولة لم تُعدّ للحريق مجرّد استعدادٍ طارئ، بل كانت مشارِكة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في صناعته: بمَنح التراخيص العشوائية، بتعطيل سلطة الرقابة، بتقنين الفساد ضمن شبكة من المصالح المتبادلة.
لم تعد الكارثة في عدد الضحايا، بل في تَحوُّل الإنسان العراقي إلى رقمٍ باهت في نهاية بيان صحفي. تُذكر أعداد الموتى دائمًا بنبرة بيروقراطية باردة، تعقبها جُمَلٌ نمطية عن 'اللجان العليا' و'التحقيقات الشفافة'. لكن التجربة العراقية أثبتت أن اللجان لا تُنجز إلا النسيان، وأن 'الشفافية' ليست سوى طقس لغوي يُستدعى عند الكوارث، ثم يُطوى مع انتهاء العاصفة الإعلامية.
في المقابل، كيف تعاملت دولٌ أخرى مع مآسيها؟ حين شبَّ حريق بسيط في كندا أسفر عن مقتل شخصين، اعتُبر ذلك 'فشلاً وطنياً' استدعى اعتذارات علنية، واستقالات طوعية، وإعادة هيكلة لأنظمة الطوارئ. في اليابان، حين انزلقت عجلة قطارٍ وراح ضحيتها شخصٌ واحد، أوقف المدير التنفيذي عمله، وتقدّم باعتذاره باكيًا أمام كاميرات العالم. في فرنسا، حين اختنق طفلٌ في لعبة ترفيهية، اعتُقلت الإدارة، واستقال الوزير. في النرويج، حين فشل حارس في إنقاذ طفلٍ غرق في مسبح عام، أُغلقت المدينة الترفيهية حتى إشعار آخر.
أما في العراق، فعدد الضحايا لا يحدد حجم رد الفعل، بل حجم الكتمان. حين يموت مئة وعشرون إنسانًا محترقين، يتصدر السياسيون بيانات التعزية، ويتناوبون على نشر صورهم بالحبر الأسود، ويتفقون بصمتٍ مريب: 'الحريق سببه تماس كهربائي'. كأن الدم صار عادياً، وكأن الأجساد التي تفحمت لا علاقة لها بالأرض التي تنزف.
يقول المفكر الفرنسي ألبير كامو: 'أسوأ ما في الدولة الفاسدة أنها تُحمل الضحية مسؤولية موته'. هكذا تُعزينا الحكومة، وكأننا شعب يهوى الحريق، ويصنع الموت بيديه. الكوت اليوم ليست مدينة منكوبة، بل شاهد عدل. نُكبتها تُدين سكوتنا، تُدين نظام الحكم، تُدين الكراهية المتبادلة بين السلطة والشعب، تُدين من اختار 'قريبه' بدل المختص، و'ابن طائفته' بدل الأمين، تُدين العقلية التي ترى في الوظيفة غنيمة، وفي المال العام سبيًا، وفي الرقابة خيانة.
في العراق، لا تُبنى الدولة بقانون، بل بشفاعة، لا تُدار المؤسسات بالكفاءة، بل بالمحسوبية. فكيف لا تحترق المدن؟ أيها العراقي الذي تحترق حولك المدن: منذ متى أصبحنا نعدّ شهداءنا كما تُعدّ درجات الحرارة؟ منذ متى أصبحنا نبحث عن اسمٍ بين قوائم الضحايا ولا نرفع صرخة؟ منذ متى مات الحياء في عيون رجال الدولة، حتى صاروا يعزوننا بنبرة القاتل لا بنبرة الإنسان؟
قال الإمام علي عليه السلام: «ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني». واليوم نقول: ما احترق بريء إلا بما بناه فاسد. وما تأخرت سيارات الدفاع المدني إلا بما سُرقت به ميزانياتها، وما صمتت الدولة إلا لأن الصمت صار شعارها الرسمي منذ سنين.
نعـــم ، يواجه العراق اليوم أزمة عميقة في العلاقة بين السلطة والمجتمع. فمن الناحية الفلسفية، السلطة الحديثة هي التي تتأسس على الاعتراف، أي على إدراك متبادل بين الحاكم والمحكوم، تُنظّمه القيم والمساءلة. لكن في الحالة العراقية، باتت السلطة تمثّل قطيعة أخلاقية مع المجتمع؛ لا ترى فيه مواطنًا، بل عائقًا، أو كيانًا هامشيًا قابلاً للاحتراق، حرفيًا.
وهنا يمكن استدعاء مفهوم 'عنف الإهمال' الذي تحدث عنه باحثو علم الاجتماع السياسي: حين يتحوّل الإهمال المؤسساتي إلى أداة سلطوية، يصبح الصمت عن الخطر فعلًا مُتعمّدًا، وتتحوّل الكارثة إلى وظيفة غير معلنة من وظائف الدولة.
عند هذا المفترق، لم يعد السؤال هو: من أشعل الحريق؟ بل: من جعل الحريق ممكنًا؟ من صمتَ حين انتهكت القوانين؟ من بارك ثقافة 'الواسطة' على حساب الكفاءة؟ من روّج لخطاب الطائفة بدل خطاب المواطنة؟ من عطّل رقابة الدولة لتصبح أداةً بيد الأحزاب؟ من جعل المؤسسات مجرد امتداد لعلاقات القرابة والنفوذ لا للضمير الوطني؟
إن المسؤولية هنا ليست جنائية فحسب، بل أخلاقية وتاريخية. فكما يقول إيمانويل ليفيناس: 'الآخر هو اختبار ضميرك'. وإن لم نهتز لحريق الكوت، فقد فشلنا في اختبار الإنسانية.
إن الغضب وحده لا يكفي. ما بعد الحريق يجب أن يكون بداية جديدة لمساءلة الذات الجمعيّة. يجب أن نخرج من طور الحزن السلبي إلى طور الفعل المدني: عبر المطالبة بلجنة مستقلة دولية للتحقيق، تشريع قانون للمساءلة عن الكوارث العامة، محاكمة المسؤولين عن الفساد الإداري، ومراجعة شاملة لآليات الإنذار والسلامة في كل منشأة.
لكن قبل ذلك كله، علينا أن نعترف أننا كمجتمع لم نعد نُجيد الغضب النبيل، ولا الحزن العادل. نسينا كيف نرثي موتانا ونحن ندفنهم جماعيًا، بلا صرخات كافية.
// هلسنكي 18.7.2025

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بريطانيا "تضغط على ترامب لإنهاء المعاناة في غزة"، و14 وفاة جديدة جرّاء "المجاعة وسوء التغذية" بينهم طفلان
بريطانيا "تضغط على ترامب لإنهاء المعاناة في غزة"، و14 وفاة جديدة جرّاء "المجاعة وسوء التغذية" بينهم طفلان

شفق نيوز

timeمنذ 17 دقائق

  • شفق نيوز

بريطانيا "تضغط على ترامب لإنهاء المعاناة في غزة"، و14 وفاة جديدة جرّاء "المجاعة وسوء التغذية" بينهم طفلان

يعتزم رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الضغط على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لإنهاء "المعاناة التي لا توصف" في غزة، وأيضا في المحادثات التجارية، وذلك خلال اللقاء المرتقب بين الزعيمين في منتجع الغولف الخاص بالرئيس الأمريكي في اسكتلندا، بحسب رئاسة الحكومة البريطانية. ومن المتوقع أن يضغط ستارمر على ترامب لحضّه على إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار المتعثرة بين إسرائيل وحماس في غزة، مع تفاقم أزمة الجوع في القطاع الفلسطيني المحاصر. وبحسب بيانٍ لرئاسة الحكومة البريطانية فإن ستارمر "سيناقش مع الرئيس الأمريكي بشكل أكبر ما يمكن فعله لضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل، وإنهاء المعاناة والمجاعة التي لا توصف في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تم احتجازهم بوحشية لفترة طويلة"، وفق ما ذكر البيان. وعلمت بي بي سي أن مساعدات بريطانية كانت على متن الطائرتين الأردنية والإماراتية التي أسقطت مساعدات على القطاع الأحد. ورغم عطلة مجلس العموم البريطاني، إلا أن ستارمر قرر استدعاء وزراء حكومته لمناقشة كيفية المساعدة في تخفيف الوضع الإنساني في غزة والدفع نحو وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل. على صعيد متصل، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن التوقف المؤقت للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة "خطوة ضرورية". وأكد أن على إسرائيل إزالة كل العوائق أمام الإغاثة الإنسانية. "الهدنة التكتيكية" تدخل يومها الثاني لليوم الثاني على التوالي، تواصل إسرائيل تطبيق "الهدنة التكتيكية" التي أعلنتها الأحد، بوقف العمليات في بعض مناطق قطاع غزة لمدة عشر ساعات يومياً، بدءاً من الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي (السابعة بتوقيت جرينتش)، بهدف تسهيل دخول المزيد من المساعدات الإنسانية التي يشتدّ الطلب عليها في القطاع في ظل أزمة الجوع التي تؤكدها الأمم المتحدة. وأعلنت إسرائيل الأحد "تعليقاً تكتيكياً يومياً محدوداً لعملياتها العسكرية" لأغراض إنسانية في بضع مناطق من القطاع المأهولة بالسكان، شملت المواصي، ووسط دير البلح، وشمال مدينة غزة. وذكرت إسرائيل الإثنين أن 120 حمولة مساعدات جرى "توزيعها" في غزة الأحد، في حين أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة دخول 73 شاحنة في شمال وجنوب قطاع غزة في اليومين الأخيرين. وقال المكتب إن معظم الشاحنات تعرضت للنهب والسّرقة. وكانت قوافل المساعدات قد عبرت معبر رفح من الجانب المصري، بعد أن وصلت إلى معبر كرم أبو سالم من الجانب المصري والذي يؤدي إلى جنوب قطاع غزة. إنزالات جويّة و"مشاهد فوضويّة" EPA قامت كل من إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة بإنزال مساعدات على القطاع الأحد. وأسقطت الأردن والإمارات 25 طناً، لكن مسؤولاً أردنياً قال لوكالة رويترز، "إن ذلك لا يُعد بديلاً عن التسليم براً"، وهي حجة دأبت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة على طرحها. وقال فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن المساعدات المُسقطة بالمظلات "باهظة الثمن وغير فعالة، وقد تؤدي حتى إلى مقتل مدنيين جوعاً" إذا لم تُنفذ بشكل صحيح، وحث إسرائيل على السماح بمزيد من عمليات التسليم بالشاحنات. وقال رشدي أبو العوف، مراسل بي بي سي لشؤون غزة، من إسطنبول، إن مشاهد "فوضوية" سادت خلال نهاية الأسبوع، حيث "تقاتل الناس على أولى عمليات الإنزال الجوي". وقال عماد قداية، وهو صحفي في غزة، يعمل لبي بي سي "إن المساعدات سقطت في مناطق خطرة". وكانت خدمة تقصي الحقائق التابعة لبي بي سي قد توصّلت إلى أدلة أكّدت وصول المساعدات إلى مناطق أعلنتها إسرائيل مناطق قتال "خطيرة". "سوء التغذية في غزة بلغ مستويات خطيرة" EPA سجّلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعة الـ24 الماضية، 14 حالة وفاة جديدة، نتيجة الجوع وسوء التغذية، بينهم طفلان أنهكهما الجوع، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). وفي سياق ذلك، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن سوء التغذية في غزة بلغ مستويات خطيرة، بسبب الحظر المتعمد للمساعدات، ما أدى إلى وفيات يمكن تفاديها. وسُجلت 63 وفاة في يوليو/تموز من أصل 74 خلال 2025، بينهم 24 طفلاً دون الخامسة. وأكدت المنظمة أن معظم الضحايا توفوا عند أو بعد وصولهم للمرافق الصحية، مع ظهور علامات الهزال الشديد. وشددت على أن الأزمة يمكن تجنبها إذا استُؤنف دخول المساعدات دون عوائق. وأفادت بأن طفلًا من كل خمسة في مدينة غزة يعاني من سوء التغذية الحاد، وقد تضاعفت الحالات ثلاث مرات منذ يونيو/حزيران، خصوصاً في غزة وخان يونس. كما أشارت إلى أن الأرقام قد تكون أقل من الواقع بسبب صعوبة الوصول، مضيفة أن أكثر من خمسة آلاف طفل تلقوا العلاج خلال أول أسبوعين من يوليو/تموز، 18 في المئة منهم بحالة حرجة. قتلى في غارات إسرائيلية على خيام نازحين Reuters وبينما تسري الهدنة العسكرية الإسرائيلية في مناطق محددة من القطاع، يتواصل القصف الإسرائيلي على مدينة غزة، مخلفاً ثلاثة قتلى صباح الإثنين. ومع الساعات الأولى من اليوم، قصف الجيش الإسرائيلي مناطق مختلفة في محافظة خان يونس من بينها خيام نازحين، مما أدى لقتلى وجرحى، وفق تلفزيون فلسطين الرسمي. وتحدث التلفزيون عن قيام الجيش الإسرائيلي بنسف منازل سكنية في مدينة خان يونس.

العراق وتحديات خارطة سياسية جديدة!محمد حسن الساعدي
العراق وتحديات خارطة سياسية جديدة!محمد حسن الساعدي

ساحة التحرير

timeمنذ 28 دقائق

  • ساحة التحرير

العراق وتحديات خارطة سياسية جديدة!محمد حسن الساعدي

العراق وتحديات خارطة سياسية جديدة! محمد حسن الساعدي تقترب الانتخابات النيابية في ظل أزمات متراكمة ومشهد سياسي مضطرب، مع ارتفاع في الخطاب الطائفي، ووضوح للنفوذ الخارجي، يرافقها ضعف ثقة الشارع بالعملية الديمقراطية، وتصاعد للمطالبات بإصلاح شامل لأوضاع البلد رغم كل ذلك تلوح في الأفق ملامح خارطة سياسية جديدة, قد تعيد تشكيل موازين القوى، وتمهّد لمرحلة انتقالية في بنية الحكم، رغم أن البيئة الانتخابية في العراق لا تزال مأزومة، نتيجة تراجع الثقة الجماهيرية بالمؤسسات، وتراكم ملفات الفساد، واستمرار تأثير السلاح المنفلت والمال السياسي.. وقد أظهرت التجارب السابقة، لا سيما انتخابات 2021، إزدياد عمق الفجوة بين المواطن والطبقة السياسية، مع ارتفاع نسبة العزوف عن التصويت، وما رافقها من إتهامات بالتزوير، وانعدام الشفافية في النتائج. مفاتيح التحول السياسي المحتمل، قد تستند على صعود القوى المستقلة والحركات الشبابية، كقوى تشرين والتيارات المدنية والتي تشكّل تحديًا للقوى التقليدية، خاصة في ظل تراجع شعبية الأحزاب الكبيرة، وتآكل مكانتها وشرعيتها الاجتماعية، إذا استطاعت هذه الحركات، التوحد ضمن برامج واقعية وتحالفات واسعة، فهي مرشحة لإحداث اختراق واضح في الخارطة السياسية، رغم صعوبة تحقيق إشتراطات ذلك.. جانب اخر يجب الإلتفات له، يتعلق بإعادة فرز القوى الشيعية، فالتيار الصدري وإن انسحب من البرلمان، فهو لا يزال لاعبًا قويًا في الشارع، ويسعى إلى إعادة تعريف الشرعية الانتخابية، بناءً على مشروع الدولة كما يراه هو.. بالمقابل فأن قوى الإطار التنسيقي تحاول الحفاظ على موقعها، لكنها تواجه تحديات داخلية وخارجية، كبيرة وكثيرة جدا.. الدور الكردي والسني هو الآخر له دور في المعادلة المقبلة، فالقوى الكردية تعاني من الانقسام والصراع الداخلي، ما قد يضعف موقفها التفاوضي، أما القوى السنية فهي تحاول إعادة تشكيل نفسها، وتجد لها مكانا جديدا للتموضع ضمن الخارطة السياسية، مع بروز تحالفات جديدة، خارج عباءة الزعامات التقليدية، مما قد يغير توازنات السلطة في بغداد. دور المرجعية الدينية العليا، قد يكون إلى جانب ضغط الشارع، ويشكل كلاهما عوامل حاسمة في رسم المشهد القادم، إما من خلال توجيه الأول للمشاركة الفاعلة أو كبح محاولات التزوير وفرض الإرادات، وسيستجيب لها الطرف الثاني بكل تأكيد، وبنسبة عالية جدا يبقى النفوذ الخارجي وتحديات السيادة، هو احد العوامل الاكثر تأثيراً في المشهد السياسي،وأن اللاعب الإقليمي والدولي في الانتخابات لا يمكن تجاهله، فإيران والولايات المتحدة كلٌ وفق أدواته، تتابعان المشهد وتدعمان أطرافًا مختلفة، ما قد يُدخل البلاد في دوامة صراع الإرادات، ويضعف المسار الوطني المستقل. مع هذه التغيرات فأن يرجّح أن تتشكل خارطة سياسية جديدة تقوم على: • تراجع هيمنة الكتل الكبرى لمصلحة توازن كتل أصغر وبشكل أكثر تعقيدًا. • بروز قوى مستقلة وشبابية قد تحصل على مقاعد مؤثرة. • إعادة توزيع التحالفات وفق معايير المصلحة الوطنية لا الانتماء الطائفي. • احتمال تشكيل حكومة بأغلبية سياسية مقابل معارضة برلمانية معقولة وهو تطور إيجابي إن تحقق. بعيدا عن تحديد مدى تحقق تلك الإحتمالات من عدمها، فالانتخابات المقبلة تمثل لحظة فاصلة في تاريخ العراق السياسي.. فإما أن تكون بوابة لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار، أو محطة إضافية في مسلسل الانقسام والشلل السياسي، والرهان اليوم ليس فقط على من سيفوزون، بل على ما إذا كان هؤلاء المنتصرون سيفهمون رسالة الشعب، ويتجهون لبناء مشروع وطني جامع، يقدّم العراق على الولاءات، والسيادة على التبعية.العراق وتحديات خارطة سياسية جديدة ‎2025-‎07-‎28

آلْآنَ يا كويت!محمد المعموري
آلْآنَ يا كويت!محمد المعموري

ساحة التحرير

timeمنذ 29 دقائق

  • ساحة التحرير

آلْآنَ يا كويت!محمد المعموري

آلْآنَ يا كويت! د. محمد المعموري في فترة من اصعب الفترات التي تمر على الامة العربية نرى ان الكويت بكل اسف تعيد للأذهان ألم وجرحا عميقا قد اصاب جسد الامة العربية في ٢ أب ' اغسطس ' ١٩٩١ ، والذي كان الاكثر الم وتفريقا للقرار العربي ….، بين ذاك التاريخ والحاضر اكثر من ثلاث عقود ولازلنا نستذكر الما كان الاجد ان ننسى وقائعه خاصه وان من تسبب به قد ذهب ونظامه والاجدر بالكويت بصورة خاصة ان تطوي تلك الصفحة وان تمحو من ذاكرة ابنائها كل ما تسبب من الم لشعبها بل هو الم للامة العربية وخاصة العراق الذي دفع شعبة ثمنا كبير لهذا القرار الذي لم يكن مسؤولا عنه . واليوم والبارحة نرى ان الكويت تثير الم العراقيين وترجعهم بين تذكير وملامة وتبدا اصوات من كلا البلدين بالتحريض والوعيد وتمتلأ صفحات التواصل الاجتماعي بأنواع التعليقات والتهديدات لكلا الطرفين وكأننا تسترجع ذكرة تزيل الم الامة العربية . واخرها ' خور عبد الله ' ونحن نعلم ان الكويت ليست بحاجة له وانها واقعة على الخليج بمساحات تتيح لها ان تنفذ للخليج بمساحات كبيرة ومواني وان العراق يعتبر خور عبد الله تراثه ومنفذه للخليج ولأني كما غيري الكثيرين لسنا معنيين بالاتفاقيات الدولية او سياسة البلدين بهذا الخصوص الا اننا كشعب معنيين بوحدة الصف العربي وتهياه اجيالنا لمرحلة قد تكون الفاصلة بين وجودها او ربما تمزيقها وفق اتفاقيات بلفورية جديدة . اكثر من ثلاث عقود والكويت تحفز ابنائها وتذكرهم حتى ان من كان طفل يجهل معنى الغزو حتى اصبح اليوم ربما فيى عقده الرابع ومن لم يولد الان دخل عقده الثالث معنى هذا ان جيل من المثقفين الشباب الذين لم يدركوا الغزو اصبحوا اليوم يتصدرون 'بعضهم ' المشهد في اثارة تلك النعرات التي لا تحمل للعراق او الكويت الا الكره ومزيد من الحقد . اليوم نحن نقف على مفترق الطرق بين ان نكون امة او نتبعثر فنصبح شعوب والاختيار صعب ان لم نكن نعي ما يمر بنا او ان نهيئ امتنا على مواجهة هذا الخطر وخير دليل هو ذاك الموقف العربي الذي لازال يبين عجزنا وتخاذلنا امام اتخاذ قرار لنصرة اهلنا في غزة وهم يتعرضون لقتل وحصار لم تتمكن او تسعى امتنا من فك ذاك الحصار عنهم ليومنا ولم نتمكن من مناصرتهم . لسنا بحاجة للنظر الى الخلف فأننا نواجه الم اليوم والخوف من غد الامة . سوف لن ينفعنا خور ولا بحر اذا كان تفكرينا اليوم وسياستنا توجه ضد بعضنا . لم يكن الشعب العراقي هو صاحب القرار في غزو الكويت فلماذا تجعل الكويت الشعب الكويتي من يحقد علينا ؟ الله المستعان كاتب عراقي ‎2025-‎07-‎28

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store