logo
التاريخ المنسي تحت الجليد.. إرث الهيمنة الأمريكية في غرينلاند

التاريخ المنسي تحت الجليد.. إرث الهيمنة الأمريكية في غرينلاند

تم تحديثه السبت 2025/3/29 04:29 م بتوقيت أبوظبي
لطالما كانت غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم، أرضًا نائية قاسية المناخ، لكنها لم تكن يومًا بمنأى عن الصراعات الجيوسياسية.
فمنذ قرون، تنافست القوى الأوروبية، وعلى رأسها الدنمارك، على بسط نفوذها فوق هذه الأرض القطبية، التي ظلت ذات أهمية استراتيجية رغم قلة سكانها.
لم يكن التوسع الأمريكي في غرينلاند مجرد خطوة عسكرية بحتة، بل جاء على حساب السكان الأصليين الإينويت، الذين تعرضوا للتهجير القسري وإعادة التوطين، مما أدى إلى تمزيق مجتمعاتهم التقليدية. في الوقت ذاته، جرت في الخفاء عمليات عسكرية وأبحاث نووية سرية، بعضها ما زالت تداعياته البيئية قائمة حتى اليوم.
وبينما ظل الوجود الأمريكي في الجزيرة يتغير مع تبدل أولويات السياسة العالمية، فإن إرثه لا يزال حاضرًا في ذاكرة سكانها، الذين ينظرون إلى القواعد المهجورة والجليد الملوث كمخلفات استعمار جديد، فرض عليهم باسم الأمن القومي الأمريكي.
تهجير الحرب الباردة
في ذروة الحرب الباردة، تلقى سكان قرية أوماناق النائية في غرينلاند إنذارًا مفاجئًا: إخلاء منازلهم خلال أربعة أيام فقط.
لم يكن أمام 116 شخصًا، عاشوا لقرون في هذه البقعة القطبية الواقعة على بعد 700 ميل شمال الدائرة القطبية الشمالية، سوى حزم أمتعتهم القليلة وترك الأرض التي دُفن فيها أسلافهم، وذلك بعد أن قررت الولايات المتحدة توسيع قاعدة «ثول» الجوية لتكون حاجزًا ضد الصواريخ السوفياتية.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، حمل السكان معهم ذكريات الماضي، وانطلقوا بزلاجات الكلاب عبر الجليد القاسي إلى شبه جزيرة صخرية مهجورة، حيث قضوا أشهرًا في الخيام بانتظار بناء بلدتهم الجديدة كآنك، التي تحوّلت مع مرور الزمن إلى رمز للتهجير القسري.
وتقول توكو أوشيما، إحدى قادة المجتمع في كآنك، بنبرة يملؤها الحنين والأسى: «الألم لا يغادر قلوب من عاشوا تلك الأيام.. لقد جُردنا من جذورنا بلمح البصر».
وجود في ظل الاستعمار
لم تكن أوماناق سوى إحدى حلقات سلسلة طويلة من الوجود العسكري الأمريكي في غرينلاند، التي كانت آنذاك تحت الحكم الاستعماري الدنماركي.
وخلال العقود التالية، بنت الولايات المتحدة أكثر من 12 منشأة عسكرية في هذه الجزيرة الشاسعة، تحت ذريعة حماية «العالم الحر» من التهديد السوفياتي. بعض هذه القواعد، مثل مطار كانجرلوسواك، تحوّلت لاحقًا إلى بنية تحتية مدنية بعد أن حصلت غرينلاند على الحكم الذاتي من الدنمارك عام 1979.
لكن الباحث أولريك برام غاد يشير إلى تناقض دائم في الذاكرة الجمعية للغرينلانديين، قائلًا: «يرون في أمريكا جسرًا نحو الحداثة، لكنهم في الوقت نفسه يعتبرونها قوة استعمارية جديدة تنتهك سيادتهم».
مشاريع سرية تحت الجليد
خلف أسوار هذه القواعد العسكرية، خُطِّط لبعض أخطر المشاريع السرية الأمريكية. ففي قاعدة «ثول» (المعروفة اليوم باسم «بيتوفيك»)، أُطلق مشروع «آيس وورم» عام 1960، بهدف بناء شبكة من الأنفاق النووية تحت الغطاء الجليدي، لتخزين صواريخ متوسطة المدى.
ورغم فشل المشروع بسبب عدم استقرار الجليد، تكشفت لاحقًا تفاصيل صادمة: فقد تم تنفيذ العمليات دون إخطار الدنمارك، التي كانت تحظر وجود أسلحة نووية على أراضيها.
وبعد قرابة عقد، في يناير/كانون الثاني 1968، تحطمت قاذفة قنابل أمريكية من طراز «بي-52» بالقرب من القاعدة، ما أدى إلى تسرب البلوتونيوم المشع في الجليد، تاركًا تلوثًا إشعاعيًا لا تزال آثاره تُكتشف في الكائنات البحرية حتى اليوم.
وتؤكد دراسات حديثة أن ذوبان الجليد المتسارع بفعل الاحتباس الحراري قد يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية سامة خلفها المشروع، ما يشكل تهديدًا للنظام البيئي الهش في المنطقة.
جراح لم تلتئم
حاليًا، تلعب قاعدة «بيتوفيك» دورًا محوريًا في شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكي، حيث يتمركز فيها نحو 150 عسكريًا بشكل دائم. لكن في المقابل، لا يزال سكان كآنك يعانون من تداعيات التهجير.
ورغم إعادة أراضي أوماناق إلى حكومة غرينلاند عام 2002، إلا أن المنازل القديمة أُحرقت عمدًا، ومُنع السكان من العودة أو ممارسة الصيد في مناطق أسلافهم.
ويقول أدولف سيميجاق، نائب رئيس اتحاد الصيادين، الذي وُلد لأبوين مُهجَّرين: «الأجيال الجديدة تسمع حكايات عن أرض كانت مليئة بثروات البحر، أما الآن فنعيش على هامش القاعدة، نراقب طائراتهم تحلق حيث كان أجدادنا يصطادون».
من جهتها، حاولت الدنمارك ترميم العلاقات عبر تقديم تعويض رمزي قدره 100 ألف دولار، لكن الناشطين يطالبون بالمزيد.
ويصرح أحد قادة الحركات البيئية المحلية: «التعويض الحقيقي هو إزالة القواعد المهجورة، ووقف استخدام أرضنا كرقعة شطرنج جيوسياسية».
aXA6IDkyLjExMi4xNjAuMTc0IA==
جزيرة ام اند امز
AU

Orange background

Try Our AI Features

Explore what Daily8 AI can do for you:

Comments

No comments yet...

Related Articles

غضب واسع.. مؤامرة سرية في كليات عسكرية للتمرد على أوامر ترامب
غضب واسع.. مؤامرة سرية في كليات عسكرية للتمرد على أوامر ترامب

Al Ain

time2 days ago

  • Al Ain

غضب واسع.. مؤامرة سرية في كليات عسكرية للتمرد على أوامر ترامب

واجهت كليات عسكرية أمريكية مرموقة ردود فعل غاضبة وسريعة بعد الكشف عن استخدام وسائل سرية لمناقشة كتب وقضايا حظرتها إدارة الرئيس ترامب. وكشفت تقارير عن قيام طلاب وأساتذة في الأكاديمية البحرية الأمريكية بإنشاء حسابات بريد إلكتروني خاصة - غير خاضعة للرقابة الحكومية - لتبادل أفكار حول قضايا حساسة مثل "نظرية العرق النقدية" متحدين بذلك القيود الصارمة التي فرضتها الإدارة على المناهج التعليمية العسكرية. رقابة ممنهجة وأدوات ذكاء اصطناعي لتنقية المحتوى خلال حملة ترامب لـ"تنقية" المناهج من المفاهيم التي يراها "مُسببة للانقسام"، طُلب من الأساتذة تمرير أبحاثهم عبر أنظمة ذكاء اصطناعي لفحصها قبل النشر، مع وضع قائمة سوداء تضم كلمات ممنوعة مثل "الحاجز" و"أسود" و"الاختلافات الثقافية". كما أُمر الأساتذة بتدريس الطلاب أن "الولايات المتحدة ووثائقها التأسيسية هي القوة الأكثر إيجابية في تاريخ البشرية"، وفقًا لمذكرة رسمية صادرة عن وزير الدفاع بيت هيغسيث، أحد أبرز مؤيدي ترامب. احتجاجات داخل الصفوف: "نحن نفشل طلابنا" عبّر أساتذة عن تململهم من هذه السياسات، معتبرين أنها تقوّض مهمتهم التعليمية. وقال أحدهم لصحيفة "واشنطن بوست"، رافضا ذكر اسمه خوفًا من العقوبات: "وظيفتنا إعداد ضباط قادرين على القيادة بوعي. كيف ننجح في ذلك إذا أخفينا حقائق تاريخية أو روجنا لأكاذيب؟". وأضاف أن بعض الطلاب يشعرون بالارتباك تجاه مستقبلهم العسكري في ظل سياسات تُجبرهم على الاختيار بين الولاء للأوامر والالتزام بضمائرهم، حيث نصحهم أستاذ آخر: "إذا تلقيتُم أمرًا تعتقدون أنه غير قانوني، فارفضوه ولا تساوموا على مبادئكم". استقالات رمزية وتصعيد الاحتجاج تصاعدت حدة الاحتجاجات مع استقالة غراهام بارسونز، الأستاذ في قسم الفلسفة بأكاديمية ويست بوينت، احتجاجًا على إلغاء برامج التنوع والمساواة والشمول. ووصف بارسونز في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الوضع الحالي للجيش بأنه "مُربك"، قائلًا: "كنا نناقش علنًا مشاكل العنصرية والتمييز الجنسي، أما الآن فلا يُسمح حتى بالإشارة إليها". وأكد أن استقالته جاءت بسبب عجزه عن التدريس بضمير حي في ظل مناخ "يُجرم الحقيقة". وفي خطابٍ استفزازي خلال حفل تخريج دفعة جديدة من ويست بوينت، هاجم ترامب ما وصفه بـ"الملهيات الليبرالية" داخل الجيش، معلنًا عزمه إلغاء كل البرامج الداعمة للمتحولين جنسيًا وبرامج العدالة الاجتماعية. وقال: "مهمة الجيش هي سحق أعداء أمريكا، وليس تنظيم عروض تنكرية أو تغيير ثقافات الشعوب"، في إشارة إلى عروض "الدراغ" التي كانت تُقام في القواعد العسكرية قبل إيقافها بإدارة بايدن. كما اتهم الحكومات السابقة بـ"إهدار موارد الجيش في مشاريع اجتماعية"، مؤكدًا سعيه لـ"تطهير" المؤسسة العسكرية من الأفكار "المنحرفة" وفق تعبيره. جيشٌ على مفترق طرق وتُظهر هذه الأزمة الانقسام العميق داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية بين رؤية ترى في التنوع والتحليل النقدي أدوات لتطوير الجيش، وأخرى تُصر على تحويله إلى آلة حرب "خالية من الشوائب الأيديولوجية". ويحذر منتقدو سياسات ترامب من أن قمع النقاش حول قضايا مثل العنصرية والعدالة قد يُنتج جيلًا من الضباط غير قادر على فهم تعقيدات العالم الذي يُكلَّفون بالتعامل معه، مما قد يُهدد – على المدى البعيد – مصداقية الجيش وقدرته على تجنيد كفاءات متنوعة. aXA6IDgyLjI1LjIwOS4xMDIg جزيرة ام اند امز FR

ملف المفقودين بسوريا.. دفعة جديدة لعلاقات واشنطن ودمشق
ملف المفقودين بسوريا.. دفعة جديدة لعلاقات واشنطن ودمشق

Al Ain

time2 days ago

  • Al Ain

ملف المفقودين بسوريا.. دفعة جديدة لعلاقات واشنطن ودمشق

في إعلان يأتي بعيد رفع العقوبات الاقتصادية وفتح صفحة جديدة في العلاقات، تعهّدت السلطات السورية بمساعدة واشنطن في إعلان يأتي بعيد رفع العقوبات الاقتصادية وفتح صفحة جديدة في العلاقات، تعهّدت السلطات السورية بمساعدة واشنطن في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا. وقال المبعوث الأمريكي الى دمشق توم باراك الأحد، في منشورات على منصة «إكس»: «خطوة قوية إلى الأمام. لقد وافقت الحكومة السورية الجديدة على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد أماكن المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم لإعادتهم إلى بلدهم». ومن أبرز المفقودين أوستن تايس، الصحافي المستقل الذي خطف في سوريا عام 2012. خطوات جادة يأتي ذلك التطور، بعيد إعلان مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاص إلى سوريا توماس باراك أنه التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع، مشيدًا في الوقت نفسه بـ«الخطوات الجادة» التي اتخذها فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب والعلاقات مع إسرائيل. وأضاف باراك، الذي يشغل أيضا منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، في بيان أن اللقاء عُقد في إسطنبول أمس السبت. جاء الاجتماع بعد أن أصدرت إدارة ترامب أوامر برفع العقوبات عن سوريا فعليا، والتي رحبت بها دمشق، واصفة إياها بأنها «خطوة إيجابية». وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء اليوم الأحد أن الاجتماع ركز في المقام الأول على متابعة تنفيذ رفع العقوبات، إذ قال الشرع للمبعوث الأمريكي باراك إن العقوبات لا تزال تشكل عبئا ثقيلا على السوريين وتعيق جهود التعافي الاقتصادي. وأضافت الوكالة أنهما ناقشا أيضا سبل دعم الاستثمارات الأجنبية في سوريا، وخاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية. وأبدى الجانب السوري استعداده لتقديم التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين والمساهمة في جهود إعادة الإعمار. لكن من هو أوستن تايس؟ كان تايس يعمل مراسلا متعاونا مع صحيفة واشنطن بوست وشركة ماكلاتشي للنشر، وكان من أوائل الصحفيين الأمريكيين الذين تمكنوا من الوصول إلى سوريا بعد أحداث 2011. وفي أغسطس/آب 2012، أثناء القتال في حلب، وقع في الأسر. وبعد أسابيع، نُشر مقطع مصور على موقع يوتيوب يظهر فيه تايس معصوب العينين ويداه مقيدتان خلف ظهره. واقتاده رجال مسلحون يرتدون ملابس أفغانية الطراز فيما يبدو إلى أعلى تلة وهم يهتفون «الله أكبر»، في محاولة فيما يبدو لإلصاق مسؤولية القبض عليه بـ«مقاتلين إسلاميين»، لكن المقطع المصور لم يحظ بالاهتمام إلا حين نُشر على صفحة فيسبوك مرتبطة بأنصار الأسد، بحسب مسؤول أمريكي. ويمكن سماع تايس وهو يدعو باللغة العربية، قبل أن يقول بالإنجليزية "يا يسوع، يا يسوع". وتباينت روايات ما حدث لتايس في عام 2012، منها ما يتعلق بمن اعتقله في البداية وإلى أين تم نقله. كما وقع صحفيون آخرون في الأسر في نفس الوقت تقريبا. لكن مع مرور الوقت وإطلاق سراح الصحفيين الآخرين، ظلت التفاصيل المتعلقة بتايس شحيحة. وقال اثنان من المسؤولين السابقين إن إدارة أوباما حصلت على معلومات مخابرات تفيد بأنه وقع إما في أيدي فصيل متطرف من المعارضة أو في قبضة الحكومة السورية. لكن لم يتوافر لديها وسائل للتحقق من هذه المعلومات. وعلى امتداد عقد، فقد بعض المسؤولين الأمريكيين والمدافعين عن الصحافة الثقة في التقييم الذي يفيد بأن تايس على قيد الحياة، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم وجود أدلة جديدة موثوق بها تؤكد وضعه. وتشبث آخرون بالتفاؤل، بعضهم في إدارة ترامب القادمة. في عام 2019، سافر مسؤولون من إدارة ترامب، بينهم كاش باتيل، مساعد الرئيس الأمريكي ومستشار مكافحة الإرهاب آنذاك، وروجر كارستينز، المبعوث الخاص لشؤون الرهائن، إلى دمشق للقاء مسؤولين سوريين بشأن تايس. وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن نظام الأسد رفض تقديم أدلة على حياة تايس وطالب الولايات المتحدة بالتراجع عن سياستها تجاه سوريا وسحب القوات الأمريكية من البلاد مقابل تدشين مفاوضات بشأن تايس. وأبقت إدارة بايدن على الاتصال بالحكومة السورية منذ ذلك الحين، لكن مسؤولي الأسد لم يكونوا على استعداد للتفاوض حتى توافق الولايات المتحدة على مطالبهم، بحسب المسؤولين. aXA6IDgyLjI1LjIzMC4yNDgg جزيرة ام اند امز AL

وزارة الزراعة الأمريكية تبذر «فتنة الصورة».. جدل الاستحقاق يحتدم
وزارة الزراعة الأمريكية تبذر «فتنة الصورة».. جدل الاستحقاق يحتدم

Al Ain

time4 days ago

  • Al Ain

وزارة الزراعة الأمريكية تبذر «فتنة الصورة».. جدل الاستحقاق يحتدم

باتت واجهة مبنى وزارة الزراعة الأمريكية المطلّة على متنزه "ناشيونال مول"، محط الأنظار مؤخرًا بعد تعليق صورة ضخمة للرئيس دونالد ترامب. هذا المشهد غير المعتاد أثار موجة واسعة من ردود الفعل تراوحت بين الدهشة والحيرة، والإعجاب والامتعاض، بين المارة والزوار الذين اعتادوا على رؤية هذا الفضاء كرمز وطني وتاريخي بعيد عن التجاذبات السياسية المباشرة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست". فمع تركيب اللافتات الجديدة بمناسبة الذكرى الـ163 لتأسيس وزارة الزراعة، أصبح الرئيسان (ترامب ولينكولن) يطلان على المساحة الخضراء الشاسعة الممتدة من مبنى الكابيتول الأمريكي إلى نصب واشنطن التذكاري، التي تستقطب سنويًا أكثر من 25 مليون زائر، وتُعد بمثابة "الحديقة الأمامية لأمريكا"، كما تصفها خدمة الحدائق الوطنية الأمريكية. هذه المساحة ليست مجرد متنزه، بل هي مسرح للاحتجاجات وتنصيب الرؤساء، وموقع للرحلات المدرسية والنزهات الصيفية، وموطن لمتاحف ونُصب تروي للأمريكيين تاريخهم وهويتهم الوطنية. وقد أوضح مدير الاتصالات في وزارة الزراعة الأمريكية، سيث دبليو كريستينسن، أن هذه اللافتات تخلّد لحظات مفصلية في تاريخ البلاد، وتحتفي بفكر وقيادة أبراهام لينكولن، وكذلك بترامب بوصفه "أفضل مدافع عن مزارعي ومربي ماشية أمريكا"، على حد تعبيره. غير أن هذا المشهد اللافت لم يمر مرور الكرام، إذ أبدى بعض المارة إعجابهم، وتوقفوا لالتقاط صور سيلفي أمام صورة ترامب، بينما أبدى آخرون استياءهم أو حيرتهم، معتبرين أن تعليق صورة بهذا الحجم على مبنى حكومي يحمل رمزية سياسية كبيرة. وترى جيسيكا ستيفنز، إحدى المارات، إن المبنى كان المفضل لديها بسبب أعمدته الكورنثية ورسالة الوزارة في دعم المزارعين، لكنها شعرت بأن اللافتة الجديدة "أفسدت" المبنى، مؤكدة أن الأمر يجب أن يتعلق بالناس لا بالسياسة. ووفقا للصحيفة، لم تقتصر صور ترامب على وزارة الزراعة فقط، بل ظهرت صورة مماثلة له على مقر مؤسسة "هيريتيدج فاونديشن" المحافظة احتفالًا بالمئة يوم الأولى من إدارته، مصحوبة بعبارة "أمريكا عادت". كما عُلقت لوحة له في البيت الأبيض وهو يرفع قبضته بعد محاولة اغتيال فاشلة، وأُزيحت بذلك صورة الرئيس باراك أوباما من مكانها. وقد انعكست هذه الرمزية على ردود فعل المارة والزوار، فبينما عبّر بعضهم عن دعمهم الكامل للرئيس، معتبرين أن وجود صورته على مبنى حكومي أمر مستحق، رأى آخرون أن المشهد يذكّر بأنظمة سلطوية أو حتى برواية "1984" لجورج أورويل عن "الأخ الأكبر". وقال البعض إن تعليق صورة بهذا الحجم يُضفي طابعًا سياسيًا على مكان يفترض أن يكون رمزًا للخدمة العامة والتاريخ الوطني، وليس للترويج السياسي. aXA6IDgyLjI1LjIwOS4xNzYg جزيرة ام اند امز FR

DOWNLOAD THE APP

Get Started Now: Download the App

Ready to dive into the world of global news and events? Download our app today from your preferred app store and start exploring.
app-storeplay-store