
التاريخ المنسي تحت الجليد.. إرث الهيمنة الأمريكية في غرينلاند
تم تحديثه السبت 2025/3/29 04:29 م بتوقيت أبوظبي
لطالما كانت غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم، أرضًا نائية قاسية المناخ، لكنها لم تكن يومًا بمنأى عن الصراعات الجيوسياسية.
فمنذ قرون، تنافست القوى الأوروبية، وعلى رأسها الدنمارك، على بسط نفوذها فوق هذه الأرض القطبية، التي ظلت ذات أهمية استراتيجية رغم قلة سكانها.
لم يكن التوسع الأمريكي في غرينلاند مجرد خطوة عسكرية بحتة، بل جاء على حساب السكان الأصليين الإينويت، الذين تعرضوا للتهجير القسري وإعادة التوطين، مما أدى إلى تمزيق مجتمعاتهم التقليدية. في الوقت ذاته، جرت في الخفاء عمليات عسكرية وأبحاث نووية سرية، بعضها ما زالت تداعياته البيئية قائمة حتى اليوم.
وبينما ظل الوجود الأمريكي في الجزيرة يتغير مع تبدل أولويات السياسة العالمية، فإن إرثه لا يزال حاضرًا في ذاكرة سكانها، الذين ينظرون إلى القواعد المهجورة والجليد الملوث كمخلفات استعمار جديد، فرض عليهم باسم الأمن القومي الأمريكي.
تهجير الحرب الباردة
في ذروة الحرب الباردة، تلقى سكان قرية أوماناق النائية في غرينلاند إنذارًا مفاجئًا: إخلاء منازلهم خلال أربعة أيام فقط.
لم يكن أمام 116 شخصًا، عاشوا لقرون في هذه البقعة القطبية الواقعة على بعد 700 ميل شمال الدائرة القطبية الشمالية، سوى حزم أمتعتهم القليلة وترك الأرض التي دُفن فيها أسلافهم، وذلك بعد أن قررت الولايات المتحدة توسيع قاعدة «ثول» الجوية لتكون حاجزًا ضد الصواريخ السوفياتية.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، حمل السكان معهم ذكريات الماضي، وانطلقوا بزلاجات الكلاب عبر الجليد القاسي إلى شبه جزيرة صخرية مهجورة، حيث قضوا أشهرًا في الخيام بانتظار بناء بلدتهم الجديدة كآنك، التي تحوّلت مع مرور الزمن إلى رمز للتهجير القسري.
وتقول توكو أوشيما، إحدى قادة المجتمع في كآنك، بنبرة يملؤها الحنين والأسى: «الألم لا يغادر قلوب من عاشوا تلك الأيام.. لقد جُردنا من جذورنا بلمح البصر».
وجود في ظل الاستعمار
لم تكن أوماناق سوى إحدى حلقات سلسلة طويلة من الوجود العسكري الأمريكي في غرينلاند، التي كانت آنذاك تحت الحكم الاستعماري الدنماركي.
وخلال العقود التالية، بنت الولايات المتحدة أكثر من 12 منشأة عسكرية في هذه الجزيرة الشاسعة، تحت ذريعة حماية «العالم الحر» من التهديد السوفياتي. بعض هذه القواعد، مثل مطار كانجرلوسواك، تحوّلت لاحقًا إلى بنية تحتية مدنية بعد أن حصلت غرينلاند على الحكم الذاتي من الدنمارك عام 1979.
لكن الباحث أولريك برام غاد يشير إلى تناقض دائم في الذاكرة الجمعية للغرينلانديين، قائلًا: «يرون في أمريكا جسرًا نحو الحداثة، لكنهم في الوقت نفسه يعتبرونها قوة استعمارية جديدة تنتهك سيادتهم».
مشاريع سرية تحت الجليد
خلف أسوار هذه القواعد العسكرية، خُطِّط لبعض أخطر المشاريع السرية الأمريكية. ففي قاعدة «ثول» (المعروفة اليوم باسم «بيتوفيك»)، أُطلق مشروع «آيس وورم» عام 1960، بهدف بناء شبكة من الأنفاق النووية تحت الغطاء الجليدي، لتخزين صواريخ متوسطة المدى.
ورغم فشل المشروع بسبب عدم استقرار الجليد، تكشفت لاحقًا تفاصيل صادمة: فقد تم تنفيذ العمليات دون إخطار الدنمارك، التي كانت تحظر وجود أسلحة نووية على أراضيها.
وبعد قرابة عقد، في يناير/كانون الثاني 1968، تحطمت قاذفة قنابل أمريكية من طراز «بي-52» بالقرب من القاعدة، ما أدى إلى تسرب البلوتونيوم المشع في الجليد، تاركًا تلوثًا إشعاعيًا لا تزال آثاره تُكتشف في الكائنات البحرية حتى اليوم.
وتؤكد دراسات حديثة أن ذوبان الجليد المتسارع بفعل الاحتباس الحراري قد يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية سامة خلفها المشروع، ما يشكل تهديدًا للنظام البيئي الهش في المنطقة.
جراح لم تلتئم
حاليًا، تلعب قاعدة «بيتوفيك» دورًا محوريًا في شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكي، حيث يتمركز فيها نحو 150 عسكريًا بشكل دائم. لكن في المقابل، لا يزال سكان كآنك يعانون من تداعيات التهجير.
ورغم إعادة أراضي أوماناق إلى حكومة غرينلاند عام 2002، إلا أن المنازل القديمة أُحرقت عمدًا، ومُنع السكان من العودة أو ممارسة الصيد في مناطق أسلافهم.
ويقول أدولف سيميجاق، نائب رئيس اتحاد الصيادين، الذي وُلد لأبوين مُهجَّرين: «الأجيال الجديدة تسمع حكايات عن أرض كانت مليئة بثروات البحر، أما الآن فنعيش على هامش القاعدة، نراقب طائراتهم تحلق حيث كان أجدادنا يصطادون».
من جهتها، حاولت الدنمارك ترميم العلاقات عبر تقديم تعويض رمزي قدره 100 ألف دولار، لكن الناشطين يطالبون بالمزيد.
ويصرح أحد قادة الحركات البيئية المحلية: «التعويض الحقيقي هو إزالة القواعد المهجورة، ووقف استخدام أرضنا كرقعة شطرنج جيوسياسية».
aXA6IDkyLjExMi4xNjAuMTc0IA==
جزيرة ام اند امز
AU

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 4 ساعات
- العين الإخبارية
هدنة أوكرانيا بعيدة المنال.. وإحباط ترامب يتفاقم
رغم مساعي التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، تبدو الجبهة الأوكرانية أكثر اشتعالا ما يفاقم إحباط دونالد ترامب. وبدا الرئيس الأمريكي أكثر تشاؤما بشأن قدرته على التوسط للتوصل لصفقة لتحقيق السلام في أوكرانيا. وفي تصعيد لموقفه الودي تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شنّ ترامب هجومًا لاذعًا على الكرملين متهما إياه بعدم رغبته في التفاوض على وقف إطلاق النار في حين يواصل الرئيس الأمريكي دراسة تشديد العقوبات على روسيا، وذلك وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. وفي خطابه الأشد قسوة ضد نظيره الروسي حتى الآن، أعلن ترامب أن بوتين "يلعب بالنار"، في إشارة إلى تصعيد روسيا قصفها لأوكرانيا في الأيام الأخيرة، على الرغم من جهود الرئيس الأمريكي للتوسط في اتفاق سلام بين كييف وموسكو. إحباط رغم المديح جاءت رسائل ترامب بشأن بوتين متباينة، حيث يتأرجح الرئيس الأمريكي بين مدحه ووصفه بأنه زعيم يعتقد أنه قادر على العمل معه، وبين إحباطه من عجزه عن جلب روسيا إلى طاولة المفاوضات. وهذا الإحباط بلغ ذروته حين ألمح في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، إلى أنه كان يحمي بوتين من عواقب وخيمة. وجاء هذا المنشور في أعقاب تلميح ترامب يوم الأحد الماضي بأنه قد يكون منفتحًا على فرض عقوبات على روسيا. ويعد ذلك تحولا كبيرا بعد أشهر كان فيها حذرًا للغاية بشأن الضغط على بوتين لدرجة أنه أعفى موسكو من الرسوم الجمركية التي فرضها على معظم دول العالم. وفي تصريحات سابقة، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض: "هذه الحرب خطأ جو بايدن، وقد أوضح الرئيس ترامب أنه يريد رؤية اتفاق سلام تفاوضي كما أبقى جميع الخيارات مطروحة بذكاء". لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب مستعدًا لفرض المزيد من العقوبات، وكشف دبلوماسي مطلع رفض الكشف عن هويته أن وزارتي الخارجية والخزانة تعملان على صياغة حزم عقوبات محتملة ضد روسيا تركز على قطاعات الطاقة والبنوك. تقييم وخيار وقال الدبلوماسي لـ"واشنطن بوست"، إن فرق العمل في الوزارتين تُقيّم أيضًا فعالية نظام العقوبات الحالي وتفكر في إلغاء بعض العقوبات القائمة، مشيرا إلى أن أي تحول سيعتمد على التفضيل الشخصي لترامب. وحاليا، لم يتم اتخاذ أي إجراء للضغط على بوتين أو دعم أوكرانيا التي لا تزال تتلقى الدفعات الأخيرة من المساعدات العسكرية التي تمت الموافقة عليها خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن وستنتهي خلال الأشهر المقبلة دون إشارة إلى إحيائها أو تمديدها. وقال ديفيد شيمر، المدير السابق لشؤون أوكرانيا في مجلس الأمن القومي لبايدن "هناك خيار يواجه الإدارة الحالية، وهو السماح بمساعدة أمنية إضافية لأوكرانيا حتى تستمر في تلقي الأسلحة التي تحتاجها أو رسم مسار مختلف، والسماح بتقليص المساعدات الأمنية وهو ما يضر بأوكرانيا، ويصب في مصلحة روسيا، ويشجعها على مواصلة الحرب". وعد لم يتحقق لسنوات، أشاد ترامب بعلاقته الوثيقة مع بوتين، وألقى باللوم على أوكرانيا في الحرب وانتقد بايدن لسماحه باندلاعها، وأعلن خلال حملته الانتخابية، نيته حسم الحرب في غضون "24 ساعة"، وحتى قبل توليه منصبه، لكنه قال لاحقا إنه كان "ساخرًا بعض الشيء". ودائما ما حرص ترامب على العلاقات مع الرئيس الروسي، فأشاد الأسبوع الماضي بـ"محادثته الجيدة مع رجل لطيف يُدعى فلاديمير بوتين"، وأن "نبرة وروح المحادثة ممتازة". وأوضح ترامب رغبته في تجاوز الحرب لإحياء العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم رفض بوتين للصفقة الأمريكية الروسية، ومثلما فعل أمس، أعرب ترامب أحيانًا عن إحباطه من بوتين لكنه لم يفعل أي شيء حيال ذلك. وفي أواخر أبريل/ نيسان الماضي، وبعد لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جنازة البابا فرانسيس في روما، انتقد ترامب بوتين وقال "لم يكن هناك سبب لإطلاق الصواريخ على المناطق المدنية خلال الأيام القليلة الماضية" وأضاف "هذا يجعلني أفكر أنه ربما لا يريد وقف الحرب، ويجب التعامل معه بطريقة مختلفة، من خلال المعاملات المصرفية أو العقوبات الثانوية.. يموت الكثير من الناس". «ضوء أخضر»؟ يرى خبراء في الشأن الأوكراني أن غياب رد فعل ملموس من واشنطن أعطى موسكو الضوء الأخضر لمواصلة الحرب. وقال ويليام تايلور، السفير السابق لدى أوكرانيا "رأينا تصريحات من الرئيس وآخرين حوله تُعبّر عن إحباطه وغضبه.. كل هذه التصريحات لم تُؤثّر إطلاقًا.. بوتين لا يأخذها على محمل الجد.. ما قد يدفعه إلى أخذنا على محمل الجد هو اتخاذ خطوات فعلية." وأضاف أن زيادة العقوبات على روسيا، وتجديد الدعم العسكري لأوكرانيا، وتشجيع الأوروبيين على استخدام 300 مليار دولار من الأصول السيادية الروسية المجمدة لمساعدة كييف، كلها عوامل قد تُغيّر حسابات بوتين بشأن الجلوس على طاولة المفاوضات. لكن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي "إذا بدأتم بالتهديد بفرض عقوبات، فسيتوقف الروس عن الحديث". ويتناقض هذا السلوك مع استراتيجية ترامب بشأن الإكراه الاقتصادي، والتي تبناها كتكتيك تفاوضي ضد الاتحاد الأوروبي والصين وجامعة هارفارد وشركات المحاماة التي يعتبرها منتقدة لأفعاله. واعتبر خبراء العقوبات أن هناك إجراءات يمكن تشديدها بما يتجاوز جهود إدارة بايدن، وقال إدوارد فيشمان، الذي ساعد في تصميم عقوبات روسيا خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما: "عندما نتحدث عن زيادة العقوبات على روسيا، فهناك في الواقع قدر كبير منها". وأضاف "مجرد عزل الشركات والبنوك الروسية الفردية عن النظام المالي الأمريكي، وتجميد أصولها، ومنع قدرتها على التعامل بالدولار، يعني أنه لا تزال هناك أهداف قائمة". aXA6IDgzLjE2OC43MS45IA== جزيرة ام اند امز PL


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
خفص أمريكا مساعدات الصومال.. مخاوف من تنامي إرهاب «الشباب»
يربك تراجع تركيز الولايات المتحدة على أفريقيا ديناميكيات القوة العالمية كما يعزز المخاوف من تنامي الحركات الإرهابية. يُجري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصلاحات شاملة على السياسة الأمريكية في أفريقيا من خلال خفض برامج المساعدات الخارجية وتقليص المساعدات للقوات المتحالفة في المنطقة وذلك في الوقت الذي يتقدم فيه مسلحو حركة «الشباب» الإرهابية بالصومال. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، استعادت حركة الشباب، التي تعد إحدى أكثر الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة تمويلًا وأكثرها فتكًا على مستوى العالم، بلدات مهمة من القوات الصومالية. ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب الثانية تعتقد أن المعركة ضد الحركة يجب أن تظل أولوية أو ما إذا كانت الحكومة الصومالية قادرة على قيادة القتال وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. وقال مات برايدن، مؤسس ساهان، وهو مركز أبحاث مقره نيروبي "يبدو أن إدارة ترامب غير مقتنعة بأن حركة الشباب تمثل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية"، مؤكدا أن المكاسب التي تحققها الجماعة "ستكون لها آثار بعيدة المدى على السياسة الأمريكية في أفريقيا ومعظم الشرق الأوسط". في ولايته الأولى، أمر ترامب الجيش الأمريكي بمغادرة الصومال و"التنقل إلى العمل" من الدول المجاورة، وهي استراتيجية قال الجنود إنها تستغرق وقتًا طويلاً وخطيرة. يربك تراجع تركيز الولايات المتحدة على أفريقيا ديناميكيات القوة العالمية كما يعزز المخاوف من تنامي الحركات الإرهابية. ورغم عودة القوات الأمريكية، فقد سحبت واشنطن دعمها للقوات الخاصة الصومالية كما أنها تعيد النظر في خطط نشر مئات الجنود الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد وانسحب معظم المدربين الأجانب بعد تخفيضات في المساعدات الأمنية، ويتردد أن الروح المعنوية بين القوات المحلية آخذة في التراجع. في غضون ذلك، يبدو أن التوترات بين المسؤولين الأمريكيين والسلطات الصومالية تقترب من ذروتها. وقال مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية "جلستُ مع مسؤولين من البيت الأبيض، وسألوني: ماذا لو تركنا الصومال يحترق؟ هل يمكننا احتواؤه؟.. أجبت: لا!". وأقر مسؤول في البيت الأبيض بالإحباط المتزايد من الحكومة الصومالية وقال "نحن قلقون بشأن إعطاء الرئيس حسن شيخ محمود الأولوية للسياسة الداخلية على جهود مكافحة الإرهاب، لا سيما في ضوء التهديد المتزايد من حركة الشباب". وقال المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأمريكية إن انسحاب الولايات المتحدة قد يُغذي توسع حركة الشباب في كينيا وإثيوبيا المجاورتين، ويسمح لمسلحي الشباب بتعزيز علاقاتهم الناشئة مع الحوثيين في اليمن. وأشار المسؤول إلى توثيق خبراء بالأمم المتحدة مؤخرا لاجتماعين بين حركة الشباب والحوثيين حيث تضمن الاجتماع الأخير إرسال الحركة اليمنية خبير متفجرات إلى جلب بجوبا الوسطى عاصمة الشباب الفعلية. وأضاف أن أي انسحاب أمريكي إضافي، قد يُفاقم الانقسامات السياسية في الصومال ويُعرّض جهود احتواء أحد أخطر التهديدات الأمنية في القارة للخطر. وقال حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي الصومالي، إن الولايات المتحدة تساعد في تنظيم شركاء الصومال الأمنيين السبعة الأساسيين، وهم بريطانيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة وأخيرا الاتحاد الأفريقي الذي لم يحصل جنوده على رواتبهم منذ يناير/كانون الثاني، وبلغت متأخرات قواته 96 مليون دولار وأضاف علي "في مجالات مكافحة الإرهاب، يُعدّ الأمريكيون شريكنا الرئيسي". وهذا العام فقط، وبعد التنسيق مع المسؤولين الأمريكيين بدأ الصومال باستخدام بيانات قائمة مراقبة الإنتربول ومشاركة تفاصيل المسافرين على متن الرحلات الجوية الدولية. وفي خضمّ جولة جديدة من الاضطرابات السياسية، تبدو العلاقة بين الولايات المتحدة والصومال الآن محفوفةً بالمخاطر بشكل متزايد. وقال مسؤول بالبيت الأبيض "حث المسؤولون الأمريكيون الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أكثر من مرة على إعادة التركيز على التعاون الأمني والشمول الإقليمي، لكنهم يشعرون بخيبة أمل إزاء عدم إحراز تقدم". وأضاف أن "تركيز محمود على مركزية السلطة يُعيق التقدم في مكافحة الإرهاب، ونعتقد أن تغيير الأولويات أمرٌ ضروري لمواجهة التهديد المتصاعد". ومنذ فبراير/شباط الماضي، استعاد المتمردون عشرات القرى، بما في ذلك بلدة عدن يابال الاستراتيجية، واستعادوا القدرة على العمل في ما يقرب من ثلث الأراضي التي خسروها أمام القوات الفيدرالية في عام 2022 كما قصف مقاتلو الشباب مطار مقديشو الدولي بقذائف الهاون. وفي مارس/آذار الماضي، قصفوا موكب الرئيس الذي نجا لكن أربعة آخرين قُتلوا جراء الهجوم الذي تزامن مع انخفاض الدعم الأمريكي للقوات الخاصة الصومالية وهي وحدة قوامها 2500 فرد تُعرف باسم لواء "داناب " وقادت تقليديًا القتال ضد حركة الشباب. ولم يتضح بعد ما إذا كان إنهاء رواتب "داناب" مرتبطًا بمزاعم الفساد أم بالتجميد الأوسع لبرامج المساعدات الخارجية في عهد ترامب. ويرى بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين أن تدفق الأموال الدولية إلى الصومال لا يؤدي إلا إلى تأجيج الفساد المتجذر في البلاد ويؤكد آخرون أن استمرار تمويل وحدة صغيرة مختارة تعمل جنبًا إلى جنب مع القوات الأمريكية هو الخيار الأفضل من بين الخيارات السيئة. ووفقًا لمسؤولي الأمن الأمريكيين، فإن خطط نشر حوالي 500 جندي أمريكي في الصومال في جميع أنحاء البلاد لدعم "داناب" تخضع للمراجعة الآن. و"داناب" هي الوحدة العسكرية الصومالية الوحيدة التي يمكنها طلب غارات جوية أمريكية، وقد استفادت من عشرات التدخلات الأمريكية العام الماضي. وفي عهد ترامب، كثفت الولايات المتحدة غاراتها الجوية على فرع لداعش في بونتلاند وواصلت العمليات الجوية ضد حركة الشباب وقال مسؤول عسكري غربي "الضربات الجوية لا تكون مفيدة إلا إذا كان لديك قوات برية". وقال مسؤول عسكري أمريكي سابق إنه على الرغم من أن القتال في الصومال شاق وطويل الأمد، إلا أن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) رأت أن الإنفاق والمخاطر التي تتعرض لها القوات الأمريكية تكلفة مقبولة لاحتواء تهديد محتمل. aXA6IDE1NS4yNTQuMzcuMjcg جزيرة ام اند امز GB


العين الإخبارية
منذ 3 أيام
- العين الإخبارية
غضب واسع.. مؤامرة سرية في كليات عسكرية للتمرد على أوامر ترامب
واجهت كليات عسكرية أمريكية مرموقة ردود فعل غاضبة وسريعة بعد الكشف عن استخدام وسائل سرية لمناقشة كتب وقضايا حظرتها إدارة الرئيس ترامب. وكشفت تقارير عن قيام طلاب وأساتذة في الأكاديمية البحرية الأمريكية بإنشاء حسابات بريد إلكتروني خاصة - غير خاضعة للرقابة الحكومية - لتبادل أفكار حول قضايا حساسة مثل "نظرية العرق النقدية" متحدين بذلك القيود الصارمة التي فرضتها الإدارة على المناهج التعليمية العسكرية. رقابة ممنهجة وأدوات ذكاء اصطناعي لتنقية المحتوى خلال حملة ترامب لـ"تنقية" المناهج من المفاهيم التي يراها "مُسببة للانقسام"، طُلب من الأساتذة تمرير أبحاثهم عبر أنظمة ذكاء اصطناعي لفحصها قبل النشر، مع وضع قائمة سوداء تضم كلمات ممنوعة مثل "الحاجز" و"أسود" و"الاختلافات الثقافية". كما أُمر الأساتذة بتدريس الطلاب أن "الولايات المتحدة ووثائقها التأسيسية هي القوة الأكثر إيجابية في تاريخ البشرية"، وفقًا لمذكرة رسمية صادرة عن وزير الدفاع بيت هيغسيث، أحد أبرز مؤيدي ترامب. احتجاجات داخل الصفوف: "نحن نفشل طلابنا" عبّر أساتذة عن تململهم من هذه السياسات، معتبرين أنها تقوّض مهمتهم التعليمية. وقال أحدهم لصحيفة "واشنطن بوست"، رافضا ذكر اسمه خوفًا من العقوبات: "وظيفتنا إعداد ضباط قادرين على القيادة بوعي. كيف ننجح في ذلك إذا أخفينا حقائق تاريخية أو روجنا لأكاذيب؟". وأضاف أن بعض الطلاب يشعرون بالارتباك تجاه مستقبلهم العسكري في ظل سياسات تُجبرهم على الاختيار بين الولاء للأوامر والالتزام بضمائرهم، حيث نصحهم أستاذ آخر: "إذا تلقيتُم أمرًا تعتقدون أنه غير قانوني، فارفضوه ولا تساوموا على مبادئكم". استقالات رمزية وتصعيد الاحتجاج تصاعدت حدة الاحتجاجات مع استقالة غراهام بارسونز، الأستاذ في قسم الفلسفة بأكاديمية ويست بوينت، احتجاجًا على إلغاء برامج التنوع والمساواة والشمول. ووصف بارسونز في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الوضع الحالي للجيش بأنه "مُربك"، قائلًا: "كنا نناقش علنًا مشاكل العنصرية والتمييز الجنسي، أما الآن فلا يُسمح حتى بالإشارة إليها". وأكد أن استقالته جاءت بسبب عجزه عن التدريس بضمير حي في ظل مناخ "يُجرم الحقيقة". وفي خطابٍ استفزازي خلال حفل تخريج دفعة جديدة من ويست بوينت، هاجم ترامب ما وصفه بـ"الملهيات الليبرالية" داخل الجيش، معلنًا عزمه إلغاء كل البرامج الداعمة للمتحولين جنسيًا وبرامج العدالة الاجتماعية. وقال: "مهمة الجيش هي سحق أعداء أمريكا، وليس تنظيم عروض تنكرية أو تغيير ثقافات الشعوب"، في إشارة إلى عروض "الدراغ" التي كانت تُقام في القواعد العسكرية قبل إيقافها بإدارة بايدن. كما اتهم الحكومات السابقة بـ"إهدار موارد الجيش في مشاريع اجتماعية"، مؤكدًا سعيه لـ"تطهير" المؤسسة العسكرية من الأفكار "المنحرفة" وفق تعبيره. جيشٌ على مفترق طرق وتُظهر هذه الأزمة الانقسام العميق داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية بين رؤية ترى في التنوع والتحليل النقدي أدوات لتطوير الجيش، وأخرى تُصر على تحويله إلى آلة حرب "خالية من الشوائب الأيديولوجية". ويحذر منتقدو سياسات ترامب من أن قمع النقاش حول قضايا مثل العنصرية والعدالة قد يُنتج جيلًا من الضباط غير قادر على فهم تعقيدات العالم الذي يُكلَّفون بالتعامل معه، مما قد يُهدد – على المدى البعيد – مصداقية الجيش وقدرته على تجنيد كفاءات متنوعة. aXA6IDgyLjI1LjIwOS4xMDIg جزيرة ام اند امز FR