
وزير الدفاع الإسباني الأسبق: واشنطن طالبت مدريد بإعادة الجزر الجعفرية للمغرب
كشف وزير الدفاع الإسباني الأسبق فدريكو ترييو، أن واشنطن، إبان أزمة جزيرة ثورة المغربية (المشهورة باسم جزيرة ليلى) في صيف 2002، اقترحت على مدريد إعادة الجزر الجعفرية إلى الرباط.
ونشب نزاع بين المغرب وإسبانيا، خلال صيف 2002، على جزيرة ثورة التي تقع على بعد مئة متر من الساحل الجنوبي لمضيق جبل طارق، أي الساحل المغربي، فتدخلت الإدارة الأمريكية وقتها لفضّ النزاع، حيث تولّى وقتها وزير الخارجية الراحل كولن باول الوساطة.
وفي برنامج على قناة التلفزيون الإسباني 'أنتينا 3' بعنوان 'مرآة المجتمع' خلال الأيام الماضية، أكد وزير الدفاع الأسبق فدريكو ترييو، الذي كان في حكومة خوسيه ماريا أثنار، أنه قبل تدخل القوات العسكرية الإسبانية لاستعادة الجزيرة من الجنود المغاربة الذين كانوا يتواجدون فيها، اقترحت واشنطن على مدريد ضرورة تسليم الجزر الجعفرية وصخرة القميرة إلى السيادة المغربية.
وهذه جزر تقع في البحر المتوسط، بينما الصخرة مرتبطة مباشرة بالبر المغربي، وكانت مرفأ وقاعدة عسكرية في القرون الوسطى. كما كشف الوزير الإسباني السابق، كيف أخبر الأمريكيون المغاربة بالتدخل الإسباني في جزيرة ثورة.
ولأول مرة يتم الكشف عن أسرار من هذا النوع رافقت الأزمة الشائكة بين الرباط ومدريد صيف 2002 ودور واشنطن، وهو ما خلق اهتماما كبيرا بهذا الملف، والتساؤل عما إذا كان من حق الوزير السابق الكشف عن هذه المعطيات.
وبالموازاة مع الموقف الأمريكي حينئذ، اقترح الرئيس الفرنسي جاك شيراك على مدريد ضرورة التفكير في إعادة ليس فقط الجزر الجعفرية وجزيرة ثورة إلى المغرب، بل وكذلك سبتة ومليلية المحتلتين.
وتكشف هذه المعطيات الجديدة، إلى جانب أخرى قديمة، كيف أن عددا من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، غير مقتنعة بالتواجد الإسباني في ما تبقى من مستعمرات إسبانية شمال المغرب.
ولهذا، لم يكن الحلف الأطلسي يشمل سبتة ومليلية المحتليتن والجزر بالحماية العسكرية، والأمر ما يزال غامضا في الوقت الراهن رغم تأويل مدريد لبعض بنود القانون الأساسي للحلف، والقول بأن المدينتين والجزر مشمولة بحماية الناتو.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ 2 أيام
- برلمان
صحيفة أمريكية: دعم جزائري–إيراني يمكّن البوليساريو من التحول إلى فاعل تخريبي إقليمي
الخط : A- A+ إستمع للمقال أعلن النائب الجمهوري جو ويلسون، في أبريل الماضي، عزمه تقديم مشروع قانون يصنّف 'جبهة البوليساريو' المدعومة من الجزائر منظمة إرهابية، في خطوة تهدف إلى لفت انتباه إدارة ترامب إلى ما تعتبره تهديدا مباشرا على الجناح الجنوبي لحلف الناتو، وذلك وفقا لتقرير نشره موقع 'The Daily Signal'. التقرير أشار إلى أن مقاتلي البوليساريو باتوا يستخدمون طائرات مسيّرة من صنع إيراني، ويتعاونون مع قوافل تموين تخدم وكلاء روسيا في منطقة الساحل، كما يفرضون ضرائب على شبكات التهريب التي تموّل جماعات جهادية ناشطة هناك. إذ يعود آخر اعتداء مباشر للجبهة على مواطنين أمريكيين إلى سنة 1988، حين أسقطت صواريخ البوليساريو طائرتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مما أودى بحياة خمسة أمريكيين، في حادثة لم تترتب عنها أي عقوبات، حسب التقرير ذاته. وبحسب 'The Daily Signal'، فإن استئناف الجبهة لأعمالها العسكرية منذ انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020، شكّل نقطة تحوّل خطيرة، حيث شنت هجمات صاروخية على طول الجدار الأمني المغربي، وهددت منشآت اقتصادية وقنصليات أجنبية. ويعتمد النفوذ العسكري والسياسي للجبهة، وفقا للمعطيات ذاتها، على ثلاث ركائز: دعم جزائري مستمر، دعم لوجستي وتكنولوجي من إيران، وتغلغل داخل شبكات اقتصاد غير شرعي يموّل الإرهاب في الساحل. وتؤكد مصادر التقرير أن الجزائر توفّر ملاذا آمنا لمعسكرات البوليساريو قرب تندوف، خارج نطاق أي رقابة دولية، ما يمكّنها من تخزين الأسلحة وتطوير الشراكات مع فاعلين خارجيين مثل إيران وروسيا. كما تتحمّل الجزائر، حسب 'The Daily Signal'، التكاليف التشغيلية للجبهة، من أجور القيادات إلى نفقات الدعاية، دونها لما أمكن للبوليساريو الاحتفاظ بتركيبتها العسكرية الحالية. وتقدّر التقييمات الدفاعية، التي نقلها التقرير، عدد المقاتلين الفاعلين بنحو 8000، لكن قدرة المعسكرات قد تصل إلى 40 ألف عنصر، ما يُثير مخاوف من استقطاب هذه الفئة من قبل التنظيمات الإرهابية في المنطقة. ويعود تاريخ العلاقة بين إيران والبوليساريو إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث نشرت صور في 1980 تُظهر مقاتلي الجبهة يرفعون صور الخميني، وهو ما اعتُبر مؤشراً مبكراً على تقاطع أيديولوجي، حسب المصدر نفسه. وحسب ما أوردته 'The Daily Signal'، فإن ثلاثة ضباط من حزب الله زاروا تندوف عام 2018 لتدريب مقاتلي الجبهة، أحدهم متورط في الهجوم على قاعدة كربلاء في العراق سنة 2007. وفي 2022، أعلن ما يسمى 'وزير داخلية' البوليساريو أن مقاتليه يتدربون على استخدام طائرات مسيّرة هجومية، وهو ما تأكد بعد نشر صور لذخائر إيرانية الصنع استخدمت في هجوم بمدينة السمارة خلف ثلاثة قتلى، بحسب ما أفادت به مصادر إعلامية محلية ونقلها التقرير. كما أشار التقرير إلى تنسيق متزايد بين الجبهة وحزب الله بشأن تطوير القدرات العملياتية، معتمدا على تسريبات استخباراتية نشرتها صحيفة دي فيلت الألمانية. إذ في الجانب الروسي، شارك ممثلون عن البوليساريو منذ 2015 في أنشطة مناهضة للغرب بتمويل روسي، خاصة من خلال حركة يشرف عليها ألكسندر إيونوف، الذي اتُّهم من قبل القضاء الأمريكي بالعمل لصالح جهاز الاستخبارات الروسي 'FSB'، وفقا للمصدر نفسه. وتُظهر وثائق تعود لسنة 2016 وجود ممثل الجبهة في موسكو إلى جانب مقاتلين من ميليشيات شرق أوكرانيا، نفس التشكيلات التي استُخدمت لاحقًا في سوريا عبر مجموعة 'فاغنر'، حسب التقرير. وبهذا، يحوّل التداخل بين البوليساريو وشبكات التهريب العابر للصحراء الجبهة، بحسب 'The Daily Signal'، إلى لاعب مركزي في نقل المخدرات والأسلحة، ما يدر عليها عائدات تُستخدم لتمويل جماعات مرتبطة بالقاعدة. ويذكر التقرير أن عدنان أبو الوليد الصحراوي، زعيم 'داعش' في الصحراء الكبرى، تلقى تدريبه في معسكرات البوليساريو قبل أن يقود عمليات دموية في مالي والنيجر. كما نقل التقرير تهديدات صريحة صادرة عن الجبهة في 2021 ضد شركات إسبانية عاملة بالصحراء، مثل 'سيمنس غاميسا'، ما يهدد مصالح اقتصادية غربية كبرى. وفي أبريل 2025، أعلن مسؤول في الجبهة أن أي أجنبي يزور الصحراء لن يُعد 'مدنيا بريئا'، في لهجة عدائية تُبرز تحولا في خطاب الجبهة نحو التهديد الصريح، وفقًا لما رصده التقرير، حيث يتقاطع هذا التصعيد مع تهديد إيراني مباشر أطلقه الجنرال محمد رضا نقدي بإمكانية إغلاق البحر المتوسط ومضيق جبل طارق في حال استمرار الضغط الغربي على طهران، ما يؤكد، حسب التقرير، دور البوليساريو كورقة إيرانية استراتيجية على ضفة المتوسط. فيما يرى كاتبا التقرير أن الولايات المتحدة مطالبة بالجمع بين الدعم الدبلوماسي للمغرب وبين تحرك أمني حازم، من خلال تصنيف الجبهة ضمن لائحة المنظمات الإرهابية، بموجب الأمر التنفيذي 13224. واختتم التقرير بالتشديد على أن تجاهل هذا التهديد، كما حصل سنة 1988، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، داعيا الإدارة الأمريكية إلى التحرك الفوري لتطويق الخطر المتصاعد الذي تمثله البوليساريو في منطقة استراتيجية محورية.


وجدة سيتي
منذ 6 أيام
- وجدة سيتي
من المفارقات أن تكون الجنسية الغربية حقيقية عندما يكون حاملها صهيونيا بينما تكون صورية عندما يكون حاملها عربيا أو مسلما
من المفارقات أن تكون الجنسية الغربية حقيقية عندما يكون حاملها صهيونيا بينما تكون صورية عندما يكون حاملها عربيا أو مسلما تابع الرأي العام العالمي حدث إطلاق حركة حماس الجندي الصهيوني الحامل للجنسية الأمريكية الذي أسرته حركة المقاومة حماس خلال عملية طوفان الأقصى بعد اتفاق أو تفاهم مع الإدارة الأمريكية، ولم يكشف لحد الساعة عما حصلت عليه مقابل ذلك. وهذا الحدث كشف عن أمر لم يكن مستغربا من قبل ألا وهو ثنائية الجنسية الغربية أمريكية كانت أم أوروبية حيث تكون في حالة حقيقية ، وفي أخرى صورية ، وهذه مفارقة . فإذا ما قارنا بين الجندي الصهيوني » عيدان ألكسندر » والصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة ، نجدهما معا حاملين للجنسية الأمريكية إلا أن تجنس عيدان حقيقي، بينما تجنس شيرين صوري، والقرينة أو الدليل على ذلك أن الإدارة الأمريكية تدخلت بقوة لدى حركة تعتبرها إرهابية من أجل إنقاذ الجندي الصهيوني المجنس بجنسيتها ، وفي المقابل لم تفعل شيئا ، ولم تحرك ساكنا من أجل محاسبة الجندي الجاني الصهيوني الذي قتل الصحفية الفلسطينية ، والذي قيل أنه لقي حتفه على يد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة حسب ما تداولته وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا ، وتلك عدالة الله عز وجل الذي يمهل ولا يهمل حين تغيب أو تُعطل عدالة البشر. وهناك أيضا حالة الإعلامي والصحفي السعودي جمال خاشقجي الحامل للجنسية الأمريكية الذي اختفى في السفارة السعودية بتركيا ولا يعرف لحد الساعة مصيره، ولا كيف اختفى ، ولم تفعل الإدارة الأمريكية من أجله شيئا مع أنه يحمل جنسيتها تماما كما حصل في حالة الصحفية شيرين أبو عاقلة . وما يهمنا من المقارنة بين عيدان الصهيوني، وشيرين الفلسطينية في هذا المقال هو موضوع ازدواجية مكيال الجنسية التي يعطيها الغربيون أمريكان أو أوروبيون للأجانب من جنسيات مختلفة بحيث تكون حقيقية في حالات، وصورية في أخرى حسب جنس أو عرق حاملها ، وتحديدا عندما يكون من يحملونها عربا أو مسلمين . ولا يكفي أن يحمل العرب والمسلمون جنسيات غربية أو يحصلوا على جوازات سفر البلدان التي تُجنِّسهم ، والتي طالما حلموا بها ، وفيهم من عانى الأمرين، وكابد من أجل الحصول عليها رغبة في أن يعاملوا معاملة مواطنين غربيين على وجه الحقيقة، لكنهم يظلون مواطنين غربيين صوريين فقط . وليس بوسع أحد أن ينكر هذه الحقيقة أو يجادل فيها بذريعة أن المُجنَّسين العرب والمسلمين في بلاد الغرب لهم حق التصويت في الانتخابات ، وحق العضوية في البرلمانات ، وأنهم سواسية في الحقوق والواجبات مع الموطنين الأصليين … إلى غير ذلك مما يُتَذرع به ذرائع واهية، والتي يكذبها الواقع ويدحضها . ولو صح شيء منها لكان الأمريكان الذين بذلوا كل الجهود ، وسعوا بحرص وإصرار من أجل تحرير الصهيوني المجنس بجنسيتهم الحقيقية لسعوا نفس السعي، وحرصوا نفس الحرص لحظة اغتيال الصحفية الفلسطينية مراسلة قناة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة والأمريكية صوريا على إدانة قاتلها ومتابعته أمام عدالتهم أوأمام العدالة الدولية ، لكنهم لم يفعلوا إلى غاية هذا اليوم ، ولكانوا فعلوا أيضا نفس الشيء لحظة اختفاء الإعلامي السعودي جمال خاشقجي الأمريكي صوريا كذلك . ولا نريد الخوض في التصرفات العنصرية التي تواجه العرب والمسلمين المجنسين بجنسيات غربية بسبب أصولهم العرقية ، و بسبب دينهم على وجه الخصوص فضلا عن ألوان بشرتهم ، وألوان عيونهم ،ولغاتهم الأمهات . ويكفي أن نمثل لذلك بتجربة أجريت في بلد غربي نشرت عبر الأنترنيت ، وتداولتها وسائل التواصل الاجتماعي حيث تظاهر رجلان أحدهم أبيض البشرة، أشقرالشعر، وبعينين زرقاوين، والآخر أسمر اللون أجعد الشعر بالعمى محاولين يديهما إلى أيدي المارة من المواطنين الغربيين البيض طلبا للمساعدة في اجتيازهما أحد الشوارع الغاصة بالمارة ، فكان هؤلاء المواطنون يمدون أيديهم بأريحية وعن طيب خاطر إلى الرجل الأبيض ، بينما كانوا ينفرون، ويتقززون من الرجل الأسمر مع أنه يحمل جنسيتهم كزميله الأشقر، وكانا معا قد اتفقا على خوض هذه التجربة للكشف عن درجة الحس الإنساني لدى المواطنين الغربيين البيض لكنهما اكتشفا رواسب العنصرية لديهم والتي لم تقض عليها قيم الحضارة الغربية المتطورة علميا وتكنولوجيا والمنحطة أخلاقيا ، وهي أخلاق سقط عنها القناع بسبب السكوت عند السواد الأعظم منهم عن جرائم الإبادة التي حصلت في قطاع غزة ، ولا زالت تحصل لحد الساعة، وهي دليل دامغ على انحطاطهم على مستوى القيم حيث لا زال هذا السواد الأعظم منهم يؤيدون الجلاد الصهيوني ، ولا يبالون بالضحية الفلسطيني باستثناء الشريحة المتنورة الحية ضمائرها والتي عرفت حقيقة العنصرية الصهيونية عيانا وبالملموس من خلال جرائمها البشعة ، وهو موقف يحمد خصوصا حين يقارن بمواقف محسوبين على العروبة والإسلام ممن يؤيدون الصهاينة في إجرامهم ، وفيهم من يرفع شعار كلنا صهاينة في عقر بلدان العروبة والإسلام . ومن المفارقات أيضا أن يحمل اليهود وفيهم المتصهين جهارا الجنسيات العربية والإسلامية في بلدان العروبة والإسلام على وجه الحقيقة وليس صوريا ، وربما يكون منهم جنود ملطخة أيديهم بدماء الفلسطينيين ، ومع ذلك يعيشون بأمن وسلام ، بل لهم امتيازات ليس مثلها للمواطنين العرب والمسلمين ، وفي المقابل يحمل العرب والمسلمون الجنسية الصهيونية في أرض فلسطين المحتلة وهم مواطنون من الدرجة الدنيا في المجتمع الصهيوني . فإلى متى ستظل الجنسيات التي يحملها العرب والمسلمون في بلاد الغرب صورية وليست حقيقية ؟؟؟ وإلى متى ستظل المجتمعات الغربية تباهي بقيمها التي تنعتها بالإنسانية والجنسيات التي تفاخر بالتكرم بها على الأجانب الذين يعيشون فيها خصوصا العرب والمسلمين جنسيات حقيقية وأخرى صورية ؟ وما أتعس هذا العالم الذي لا زالت فيه بلاد الغرب تضم ضم شرائحها الاجتماعية عنصريين يمينيين متطرفين يحكمهم التعصب للعرق الذي هو من مخلفات الماضي السحيق ، وإنه لأمر مخجل، ومؤسف ، ومحزن .


أكادير 24
منذ 6 أيام
- أكادير 24
'الصحراء المغربية في ميزان السياسة الدولية: كيف أعادت الرباط رسم خارطة المواقف العالمية؟'
تُظهر التحولات المتسارعة التي يعرفها النظام الدولي اليوم أن النزاعات الإقليمية لم تعد تُقرأ بمنظار الشعارات القديمة، بل من خلال مقاربات عملية تُراعي الاستقرار، الأمن، والتنمية. وفي هذا السياق، تبرز قضية الصحراء المغربية كواحدة من أبرز النماذج التي انتقلت من نزاع سياسي مُزمن إلى ملف استراتيجي تُعاد فيه صياغة المواقف وفق منطق الواقعية السياسية. حيث أن السياسة الخارجية المغربية منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه المنعمين أخذت السياسة الخارجية منحى جديد، بدأت بتصنيف الولايات المتحدة الأمريكية المغرب حليف رئيسي خارج الناتو عام 2003. وشكلت قضية الصحراء المغربية جوهر القضايا الخارجية للمملكة المغربية، حيث استطاعت الدبلوماسية المغربية، خلال العقدين الأخيرين، أن تُعيد تموقع ملف الصحراء على الأجندة الدولية، مستفيدة من تنويع الشراكات وتوسيع دوائر التأييد. والمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي طُرحت سنة 2007، باتت تُعتبر لدى عدد متزايد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، مرجعية واقعية وجادة لتسوية النزاع، بما يحفظ السيادة ويضمن للساكنة تدبير شؤونها المحلية في إطار الوحدة الوطنية. ويمكن بناء تحليلي على النقط التالية : 1- تطور المواقف الدولية من الحياد الى الحذر إلى الدعم الفعلي: شهدت المواقف الدولية إزاء قضية الصحراء المغربية تحولًا كبيرًا على مدار العقود الماضية، ما يعكس تغيرًا في فهم المجتمع الدولي للواقع الجيوسياسي وأولويات الاستقرار الإقليمي. ففي البداية، كان أكثر من 80% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتبنى موقفًا حياديًا حذرًا، حيث كانت تفضل دعم المسار الأممي دون الانحياز لأي طرف. هذا الحياد كان في الغالب نابعًا من الرغبة في الحفاظ على العلاقات مع جميع الأطراف، خصوصًا في ظل تعقيدات النزاع. لكن مع بداية العقد الثالث من القرن الـ21، بدأنا نلاحظ تحولًا نوعيًا في المواقف الدولية. ففي السنوات الأخيرة، أيدت أكثر من 30 دولة بشكل علني وصريح مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة المغربية منذ 2007، معتبرة إياها 'حلًا واقعيًا وذا مصداقية'. هذا التغيير لم يكن مجرد تعديل في الخطاب السياسي، بل كان تعبيرًا عن إدراك المجتمع الدولي لحق المغرب في سيادته على أقاليمه الجنوبية، ولأهمية الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا. من أبرز محطات هذا التحول كان الاعتراف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب على صحرائه، وهو قرار استراتيجي تبنته إدارة الرئيس دونالد ترامب، وأكدت الإدارات اللاحقة على استمراريته. ثم تبعتها إسبانيا في مارس 2022، حيث أيدت رسميًا مبادرة الحكم الذاتي المغربية، مُعبرةً عن تغيير جذري في موقفها السياسي بعد سنوات من الحذر والتردد. كما لاقت المبادرة المغربية دعمًا مشابهًا من ألمانيا في يناير 2023، ومن هولندا أيضًا، التي أكدت أن المبادرة تمثل أساسًا جادًا لحل النزاع. أما بالنسبة لفرنسا، التي كانت في الماضي من الدول التي تحاول التوازن بين مواقفها لدعم مصالحها في المنطقة، فقد شهدت مواقفها تغيرًا لافتًا. على الرغم من محاولات بعض الأطراف التصعيدية، والاتهامات التي كانت توجه للمغرب حول التجسس، إلا أن الدبلوماسية المغربية الهادئة والرزينة كانت لها دور بارز في تحويل المواقف. في عام 2024، جاء الاعتراف الرسمي من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمغربية الصحراء، وهو موقف يُعتبر نقطة فارقة في السياسة الفرنسية إزاء هذا النزاع. 2- فتح القنصليات في الصحراء تكريس واقعي للسيادة : أن فتح القنصليات في مدينتي العيون والداخلة ليس مجرد تطور دبلوماسي عابر، بل هو تحول جوهري في ملامح التوازنات الإقليمية والدولية حول ملف الصحراء المغربية. إنه تعبير واضح عن دعم فعلي وملموس لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وانعكاس لمكانة الرباط المتقدمة على المستوى القاري والدولي، اليوم وقد تجاوز عدد القنصليات المفتوحة في الصحراء أكثر من 28 قنصلية من مختلف القارات، أصبح من الواضح أن هناك إجماعًا دوليًا متناميًا على تجاوز منطق 'النزاع المفتعل'، والتعامل مع الأقاليم الجنوبية باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي. هذا الواقع الميداني يُعبر عن نفسه من خلال قرارات سيادية لدول اختارت أن تتموضع بوضوح إلى جانب الشرعية التاريخية والسياسية للمملكة. من منظور العلاقات الدولية، فإن هذا المعطى يُشكّل نقلة نوعية ففتح قنصلية في منطقة ما هو أداة دبلوماسية تعكس اعترافًا ضمنيًا، بل وأحيانًا صريحًا، بسيادة الدولة المضيفة على الإقليم المعني. وبالتالي، فإن هذه الخطوات تمثل دحضًا عمليًا لروايات الانفصال، وتؤكد أن المقاربة المغربية، التي تقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية، باتت تحظى بالقبول كحل وحيد واقعي وعملي لهذا النزاع الإقليمي. كما أن هذه الدينامية الدبلوماسية تُعد ترجمة لاستراتيجية المغرب في تعزيز عمقه الإفريقي والانفتاح على شركاء جدد من أمريكا اللاتينية وآسيا، بما يخدم التوازنات الجيوسياسية الجديدة. إن الدول التي قررت فتح تمثيلياتها في العيون والداخلة لا تقوم بذلك من باب المجاملة، بل لأنها ترى في المغرب شريكًا استراتيجيًا موثوقًا يضطلع بدور محوري في أمن واستقرار المنطقة، وفي تنمية إفريقيا جنوب الصحراء. سياسيًا، يُعبر هذا التوجه عن نهاية مرحلة التردد والغموض في المواقف الدولية، وبداية مرحلة الاعتراف الواقعي بمغربية الصحراء. وهو ما يشكل ورقة قوة أساسية في يد الدبلوماسية المغربية، ويمنحها موقعًا تفاوضيًا متقدمًا في كل المحافل الدولية، ويُحبط محاولات التشويش التي لا تزال تراهن على أطروحات لم تعد تجد صدى في الساحة الدولية. 3- تفكيك الهيمنة الرمزية للبوليساريو في الاتحاد الافريقي : ما يشهده الاتحاد الإفريقي اليوم من تحولات في موقفه من قضية الصحراء المغربية يُمثّل نهاية تدريجية للهيمنة الرمزية التي مارستها جبهة البوليساريو داخل المنظمة منذ ثمانينيات القرن الماضي. فخلال فترة غياب المغرب عن منظمة الوحدة الإفريقية، ثم الاتحاد الإفريقي لاحقًا، استغلت الجبهة، بدعم جزائري مكثف، هذا الفراغ لتكريس وجود 'جمهورية' غير معترف بها في الأمم المتحدة ولا في الغالبية الساحقة من دول العالم، وفرض سردية انفصالية داخل الفضاء القاري بدافع إيديولوجي أكثر منه قانوني أو سياسي. غير أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في يناير 2017، لم تكن عودة شكلية بل استراتيجية، هدفها إعادة التوازن وتصحيح اختلالات ظلت تهيمن على المواقف الإفريقية الرسمية. فبمجرد عودة المغرب، أطلق دينامية دبلوماسية واقتصادية فعالة، عبر تعزيز حضوره في أجهزة القرار داخل الاتحاد، وإبرام شراكات تنموية مباشرة مع دول إفريقية من غرب القارة إلى شرقها، بما في ذلك في مجالات البنية التحتية، الفلاحة، والتكوين المهني. هذا الحضور لم يُضعف فقط نفوذ البوليساريو داخل الاتحاد، بل أظهر أن الرؤية المغربية تستند إلى واقعية سياسية وتنموية لا يمكن تجاهلها. اليوم، أكثر من 30 دولة إفريقية سحبت اعترافها بـ'الجمهورية الصحراوية'، في مؤشر واضح على أن منطق الانفصال لم يعد يحظى بالدعم نفسه داخل القارة. بل إن البيانات الصادرة عن الاتحاد الإفريقي في السنوات الأخيرة أصبحت تقتصر على دعم المسار الأممي دون الإشارة إلى الجبهة الانفصالية، ما يُظهر تراجع تأثيرها الرمزي والمؤسساتي. كما أن العديد من الدول الإفريقية باتت ترفض مناقشة ملف الصحراء داخل الاتحاد، معتبرة أن مكانه الطبيعي هو تحت إشراف الأمم المتحدة، وهي رؤية تتقاطع مع الموقف المغربي. هذا التفكيك التدريجي لهيمنة البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي هو أيضًا انعكاس لتحوّل أوسع في العقليات داخل القارة، حيث لم تعد الدول الإفريقية، خصوصًا تلك التي تواجه تحديات تنموية وأمنية، ترى في دعم الكيانات الانفصالية خيارًا عقلانيًا. فهناك إدراك متزايد بأن دعم الوحدة الترابية للدول وتعزيز الاستقرار الإقليمي هو السبيل الحقيقي لتحقيق التكامل القاري، في إطار 'أجندة 2063' التي تضع في صلب أولوياتها الأمن والتنمية واندماج الشعوب. باختصار، ما نشهده اليوم داخل الاتحاد الإفريقي ليس فقط نهاية لمرحلة من التوظيف السياسي لقضية الصحراء، بل بداية لمرحلة جديدة تعكس نضجًا إفريقيًا متزايدًا في التعاطي مع القضايا السيادية بعيدًا عن الاصطفافات القديمة والضغوط الإيديولوجية. 4- المسار الأممي من الاستفتاء إلى الواقعية السياسية : أن المسار الأممي في قضية الصحراء المغربية شهد تطورًا ملحوظًا خلال العقود الماضية. في البداية، كان خيار الاستفتاء هو الحل الذي تبنته الأمم المتحدة في التسعينات، لكنه فشل بسبب الصعوبات الكبيرة في تحديد من يحق لهم التصويت بسبب التوزيع الديمغرافي المعقد والتدخلات السياسية. هذا الفشل دفع الأمم المتحدة إلى إعادة التفكير في الحلول المقترحة. منذ 2007، قدمت المملكة المغربية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وعملي، يتيح للأقاليم الجنوبية للمغرب قدرًا كبيرًا من الاستقلالية في تدبير شؤونها تحت السيادة المغربية. هذه المبادرة نالت تأييدًا واسعًا من قبل العديد من الدول الكبرى والمنظمات الدولية، التي اعتبرتها حلاً جادًا وذا مصداقية. اليوم، تدعو الأمم المتحدة إلى حل سياسي واقعي يعترف بالحقائق على الأرض، وهو ما يعني عمومًا تبني فكرة الحكم الذاتي كإطار لحل النزاع. الواقعية السياسية اليوم تقوم على الاعتراف بأن الحل لا يمكن أن يكون في الاستفتاء الذي أصبح غير قابل للتطبيق، وإنما في إيجاد تسوية تضمن حقوق جميع الأطراف ضمن إطار الوحدة الوطنية المغربية. وبذلك، أصبحت الواقعية السياسية هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا نحو تسوية مستدامة، في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المعقدة في المنطقة. إن ما حققته الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء هو إنجاز استراتيجي يعكس نضجًا كبيرًا في منهجية الاشتغال السياسي الخارجي، وحنكة قيادية واضحة على أعلى مستوى. لقد استطاع المغرب، في ظرف وجيز نسبيًا، أن يُحوّل مواقف العديد من الدول الفاعلة من الحياد إلى الدعم العلني، بفضل دبلوماسية رزينة، متزنة، ومرتكزة على الشرعية التاريخية والقانونية. هذا التفوق لم يكن ليحدث لولا القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من قضية الصحراء أولوية مركزية في السياسة الخارجية للمملكة، ووظّف في ذلك أدوات متعددة: من الحضور الاقتصادي والروابط الإفريقية المتينة، إلى الحزم السيادي والانفتاح على الشراكات الدولية المؤثرة. فالرؤية الملكية قامت على إقناع العالم، لا بالصوت المرتفع، بل بالفعل الهادئ والواقعي، بأن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، وأن مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الوحيد الجدي والعملي للنزاع. اليوم، يشهد المجتمع الدولي على تحول عميق في تموقع المغرب إقليميًا ودوليًا، وعلى قدرة دبلوماسيته على كسب الرهانات الكبرى دون تصعيد أو تنازلات تمس بمبادئه. إنها لحظة تؤكد أن المغرب، بقيادة جلالة الملك، لا يدافع فقط عن وحدته الترابية، بل يرسّخ نموذجًا سياسيًا واقعيًا ومسؤولًا في التعاطي مع الأزمات والنزاعات، ويُثبت أن السيادة تُبنى بالتدرج والثبات، لا بالشعارات.