logo
تأجيل إكرامية الجيش لماذا يُحرم الجنود من فرحة العيد؟

تأجيل إكرامية الجيش لماذا يُحرم الجنود من فرحة العيد؟

اليمن الآنمنذ 2 أيام

انتصرت الثورة السورية، فرأينا فيها بارقة أمل وكرامة مستعادة. تم صرف الرواتب فورًا دون تأخير أو أعذار واهية، مثل "الكشوفات غير جاهزة" أو "النظام متعطل" أو "ننتظر التوجيهات". تم تسليم المستحقات للشعب السوري بكل وضوح وعدالة، وكأن من يديرها يُقدّر قيمة الإنسان.
أما نحن في الجيش الوطني اليمني، فتتكرر مأساتنا وتُهدر حقوقنا بين مكاتب الفساد المنظم وضمائر غائبة. نُخبر بأن "إكرامية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز" ستُصرف بعد عيد الأضحى، وكأن ابتسامتنا لا تستحق أن تُرسم في صباح العيد، وكأن فرحتنا مشروطة برضا المتنفذين.
أيها القادة، عشرات الأيام لا تكفيكم لترتيب ملفات الأفراد! على من تضحكون؟ وعلى من تكذبون؟ كيف تطمحون لحكم اليمن من صعدة إلى المهرة وأنتم تعجزون عن إعداد كشف راتب أو صرف إكرامية؟! كيف تتحدثون عن بناء وطن وأنتم تهينون كرامة جنوده، وتجوّعونهم لتشبعوا من أرواحهم المنهكة؟!
إن الأكثر إيلامًا هو اتهام من يرفع صوته للمطالبة بحقه بأنه طابور خامس، أو قولكم له: "العدو سيستغل مطالبتك!". أي عدو هذا الذي يفرح حين يأخذ الجندي اليمني حقه؟! العدو الحقيقي هو من يستخدم لقمة المواطن سلاحًا ضده، ويستمتع بإذلاله.
لقد خرجت نساء عدن وتعز وجرحى مأرب إلى الشوارع يطالبون بأبسط الحقوق، لأن الضغط بلغ مداه، ولأن الكرامة لا تؤجل ولا تقايض. تعذرتم لسنوات عن الحسم العسكري مع مليشيا الحوثي بحجة الضغوط الخارجية، فأي حجة لديكم اليوم في تأخير الإكراميات؟ من يعرقل؟ من يسرق؟ من يخفي؟ أليس من الواجب الوطني والإنساني أن نعرف من ينهب تعبنا وعرقنا؟
كفى تلاعبًا.. كفى كذبًا.. كفى فسادًا. إما أن تكونوا أهلاً للمسؤولية، أو ترحلوا وتتركوا من هو أقدر، من هو أصدق، من يحمل هم الوطن لا هم الكرسي. فاليمن – كما قال الشيخ واصل عباد – مليئة بالرجال الصادقين، فلماذا يُعاد تدوير نفس الوجوه التي فشلت؟!
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من استهان بكرامتنا، وأخر حقوقنا، وتسبب في تجويع جنود الوطن.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الوزاري الخليجي يُثمّن جهود "مسام" في تطهير اليمن من الألغام.. والقصيبي: الألغام كارثة إنسانية بكل المقاييس
الوزاري الخليجي يُثمّن جهود "مسام" في تطهير اليمن من الألغام.. والقصيبي: الألغام كارثة إنسانية بكل المقاييس

اليمن الآن

timeمنذ 30 دقائق

  • اليمن الآن

الوزاري الخليجي يُثمّن جهود "مسام" في تطهير اليمن من الألغام.. والقصيبي: الألغام كارثة إنسانية بكل المقاييس

صحيفة 17يوليو/ الكويت أشاد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بجهود مشروع «مسام» لنزع الألغام- اليمن. ونوَّه المجلس الوزاري في بيانه الختامي الصادر عن دورته الرابعة والستين بعد المئة التي عقدت اليوم الاثنين في الكويت بالمشروع السعودي الذي تمكن من نزع (493.256) لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وتطهير (66,860,348) مليون متر مربع من الأراضي في اليمن، كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة زرعتها الميليشيات الحوثية بعشوائية، وأودت بالضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن. كما نوه المجلس بالإنجازات التي حققها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبالدعم الإنساني الذي يقدمه مكتب تنسيق المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة من مجلس التعاون للجمهورية اليمنية، وبما تقدمه كافة دول المجلس من مساعدات إنسانية وتنموية لليمن، منوهاً بالمشاريع والبرامج التنموية والحيوية التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والتي بلغت (263) مشروعًا ومبادرة تنموية في سبع قطاعات أساسية، تمثلت في التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، إضافة إلى البرامج التنموية، والدعم المالي لموازنة الحكومة اليمنية ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل، والأمن الغذائي في اليمن. من جانبه، قدم الأستاذ أسامة القصيبي المدير العام لمشروع «مسام» - لنزع الألغام – اليمن خالص الشكر والامتنان لأصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الخارجية في دول المجلس ولأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم البديوي، مشيراً إلى أن المشروع الذي تشرف عليه وتموله المملكة العربية السعودية بالكامل، والذي دخل سنته الثامنة قبل عدة أيام حقق بفضل الله ثم بفضل الدعم الذي يجده من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -أيدهما الله- هذه الإنجازات التي تفوق التوقعات نظراً للظروف التي تحيط بعمله، مثل الزراعة العشوائية للألغام، وغياب الخرائط، إضافة إلى صعوبة التضاريس، وكذلك أن العمليات العسكرية لا تزال دائرة في بعض المناطق اليمنية، وتزايد أعمال زراعة الألغام والعبوات الناسفة في المواقع التي تصل إليها يد المليشيات الحوثية. وأشار في تصريح صحافي إلى أن المشروع ومنذ يومه الأول يعمل على تطوير أداء منسوبيه ومواكبة أحدث التقنيات والأساليب في مجال نزع الألغام، كما يؤدي مهامه في إعداد الكوادر اليمنية في هذا المجال. وأوضح أن مسألة الألغام في اليمن تعتبر كارثة إنسانية بكل المقاييس، حيث لم تتورع الميليشيات الحوثية الإرهابية عن استهداف المدنيين من خلال إصرارها على زراعة الألغام والعبوات الناسفة في الأعيان المدنية، متجاهلة قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وقال القصيبي أن «مسام» يثمن عالياً الدعم والمساندة التي يجدها من الأشقاء في اليمن قيادة وحكومة وشعباً، وهو ما ساهم في تحقيق معدلات الأداء المرتفعة، موضحاً أن «مسام» قام بجهود توعوية خاصة في المديريات الأكثر تضرراً من الألغام استهدفت الأطفال والنساء والذين يشكلون نسبة كبيرة من ضحايا الألغام. وفي ختام تصريحه، جدد مدير عام مشروع «مسام» لنزع الألغام - اليمن دعوته للمجتمع الدولي وكافة المنظمات الإنسانية لمراجعة الإجراءات المتعلقة بالألغام، والتي تعتبر أدوات قتل لا تميز بين ضحاياها، خاصة مع تزايد النزاعات المسلحة في العالم، واعتماد الجماعات الإرهابية مثل جماعة الحوثي على هذه الألغام لترهيب المدنيين وإجبارهم على النزوح عن قراهم ومزارعهم.

تحديًا للعقوبات الأمريكية.. سفينة غاز تبحر من عُمان نحو ميناء رأس عيسى
تحديًا للعقوبات الأمريكية.. سفينة غاز تبحر من عُمان نحو ميناء رأس عيسى

اليمن الآن

timeمنذ 41 دقائق

  • اليمن الآن

تحديًا للعقوبات الأمريكية.. سفينة غاز تبحر من عُمان نحو ميناء رأس عيسى

اخبار وتقارير تحديًا للعقوبات الأمريكية.. سفينة غاز تبحر من عُمان نحو ميناء رأس عيسى الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - 03:01 م بتوقيت عدن - عدن، نافذة اليمن: رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، أظهرت بيانات تتبّع السفن أن سفينة غاز خاضعة للعقوبات الأمريكية في طريقها إلى ميناء رأس عيسى الواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية. ونشرت منصة "يوب يوب" المتخصصة في تدقيق المعلومات وتفحص المصادر المفتوحة، أن أدوات تتبع السفن تظهر ناقلتي نفط وغاز في طريقهما إلى ميناء رأس عيسى في اليمن في أول أيام يونيو الجاري. وأشار إلى أن البيانات تظهر ناقلة الغاز توليب بي زد (TULIP BZ) باسمها الجديد سارة ((SARAH) تبحر من جيبوتي إلى ميناء رأس عيسى، وهي ناقلة غاز ترفع علم جزر القمر وتملكها شركة زاس للشحن والتجارة ومقرها لبنان، وتخضع السفينة والشركة للعقوبات الأمريكية. ووفقاً للبيانات المعلنة، فإن السفينة تحمل الغاز من ميناء الدقم بسلطنة عمان، وكانت قد غادرت ميناء رأس عيسى في أبريل الماضي. الموقع أضاف، أن ناقلة نفط أخرى تدعى أتلانتس ام زد (ATLANTIS MZ) أبحرت في نفس اليوم من ميناء جيبوتي إلى ميناء رأس عيسى، وهي ناقلة نفط ترفع أيضاً علم جزر القمر وتملكها شركة خدمات البحر الآمن ومقرها جونية في لبنان. الاكثر زيارة اخبار وتقارير الرياض ومسقط على خط الأزمة.. تحرّك خليجي مكثّف لإعادة اليمن إلى هذه المكان.. اخبار وتقارير انكشاف وكر رذيلة هذه المحافظة.. ضبط شبكة دعارة ومفاجآت في التحقيقات. اخبار وتقارير صالح يشن هجوما مباشر على الحوثي ويقرع جرس الإنذار: هذا سلاح المعركة في وجه . اخبار وتقارير مصرع تاجر ذهب بكارثة مروعة بعد يوم من دفن والدته نتيجة عجز الحوثيين.

ما بين غزة وكربلاء.. البدايات نفسها والنهايات نفسها!!
ما بين غزة وكربلاء.. البدايات نفسها والنهايات نفسها!!

المشهد اليمني الأول

timeمنذ ساعة واحدة

  • المشهد اليمني الأول

ما بين غزة وكربلاء.. البدايات نفسها والنهايات نفسها!!

في كربلاء هذا العصر كلّ الأماكن غير آمنة، وكلّ الأوقات غير هادئة، كلّ الصباحات مؤلمة، وكلّ المساءات مرعبة، أصوات القصف تطغى على ما سواها من أصوات. وكأنّ التاريخ يُعيد نفسه من جديد، وكأنّ ملحمة الحسين رضوان الله تعالى عليه تتجسّد في غزة بكلّ ما فيها من تفاصيل مؤلمة وقاسية، وكأنها اللحظات نفسها التي وقف فيها سبط رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحيداً إلا من آل بيته الأطهار وبعض المخلصين، في مواجهة أرتال المجرمين والقتلة، وكأنه الخذلان القاتل نفسه الذي واجه ثورته المباركة والمشروعة، وكأنهم الطغاة أنفسهم الذين خيّروه ما بين السلّة والذلّة، ما بين الاستسلام أو الموت، ما بين حياة ذليلة صاغرة، وبين مقتلة لا تترك ولا تذر، فاختار رضوان الله عليه من دون تردّد خيار القتل على الرضوخ، وخيار الذبح على الاستسلام، وخيار المقاومة والصمود على التسليم بمشيئة القتلة والمجرمين. في غزة، المُحاصرة، والقتيلة، والمجوّعة، والمذبوحة من الوريد إلى الوريد، تتكرّر المأساة بكلّ تفاصيلها البشعة، وبكلّ أدواتها الرخيصة والقذرة، تتكرّر كربلاء في غزة بكلّ ما فيها من خيانة وغدر وخذلان، بكلّ ما فيها من وضاعة وتخلٍ وبيع في سوق النخاسة، تتكرّر على الرغم من اختلاف الزمن، وتبدّل الأحوال، واختلاف الوجوه والأسماء. في غزة التي تُحيط بها أكثر من عشرين دولة عربية، وما يناهز ستون دولة وإمارة ومملكة إسلامية، يجوع الناس ولا يجدون ما يقتاتون عليه سوى بعض الخبز الجاف المعجون بعرقهم ودمهم، يعطش الناس ولا يجدون ما يروي ظمأهم سوى القليل من المياه الآسنة الممزوجة بالحشرات والفيروسات القاتلة، يُقتل الناس ويُحرقون في وضح النهار، وأمام بصر العالم وسمعه، ولا يبحث ذووهم إلّا عن كفن بالٍ يسترون به أجساد شهدائهم العارية، يُدفع الناس خارج ما تبقّى من بيوتهم المهدومة تحت قصف مدافع الاحتلال وصواريخ طائراته المجرمة، وأسمى أمانيهم خيمة من الكرتون أو الصفيح تقي أطفالهم حرارة الشمس اللاهبة. في غزة المنكوبة لا تكاد تجد مكاناً للفرح، ولا وقتاً لراحة البال، حتى الأطفال الذين كانوا فيما سبق يعيشون طفولتهم قريباً من المعتاد، تجدهم في هذه الأيام الصعبة والقاسية قد شابوا، وبدأت ملامح الطفولة على وجوههم البريئة تختفي، وتحلّ بدلاً منها معالم البؤس والشقاء، والحزن والخوف، بل إنهم فقدوا كلّ أمل في حياة بسيطة يعيشونها كباقي أطفال العالم، أصبحت أقصى أمانيهم رغيف خبز، أو شربة ماء، أو حفنة من العدس تقيهم الموت جوعاً، وتمنح أجسادهم بعض الطاقة لمواجهة أعباء الحياة التي لا تنتهي. في كربلاء هذا العصر كلّ الأماكن غير آمنة، وكلّ الأوقات غير هادئة، كلّ الصباحات مؤلمة، وكلّ المساءات مرعبة، أصوات القصف تطغى على ما سواها من أصوات، صرخات الألم تعلو على ما سواها من صرخات، الطرقات مدمّرة، والبيوت مهدّمة، والدكاكين مقفرة، ليس فيها ما يُشترى أو يُباع، وإن وجدت استثناءً هنا أو هناك فالأسعار خيالية، تناهز أو تزيد عن مثيلاتها في أغنى دول العالم. في غزة المشافي ترزح تحت ثقل جثامين الشهداء الملقاة في كلّ الجوانب بانتظار من يتعرّف إليها، أو يتحمّل مشقّة دفنها، إذ إنّ الدفن في هذه الأيام بات مهمة عسيرة على أصحابه، فالمقابر أو ما تبقّى منها ممتلئة عن بكرة أبيها، ويكاد معظم الناس لا يملكون ثمن ما يحتاجه القبر من حجارة وأسمنت وشاهد يكشف عن اسم ذاك الجسد المسجّى في باطنه. في المشافي أيضاً مئات الجرحى، مبتوري الأطراف، ممزقي الأجساد، محروقي الوجوه، لا تكاد تعرفهم من هول ما أصابهم، ولا يكاد بعضهم يتمنّى شيئاً أكثر من الموت، فالموت في كثير من الأحيان في غزة بات مطلباً وأمنية، كيف لا وقد أضحى مئات الأطفال في غزة بلا يدين أو قدمين، كيف لا ومئات الفتيات الصغيرات البريئات أصبحن بلا عينين، بلا شعر مجدّل مسدل على وجوههن التي كانت في يوم ما نضرة وجميلة. في شوارع وطرقات غزة كلّ المشاهد مفزعة، بيوت مهدّمة، وبنايات مدمّرة ومحترقة، وشبكات كهرباء ومياه وصرف صحي أصبحت أثراً بعد عين، في غزة كلّ الأماكن الجميلة اندثرت، وكلّ المناطق الأثرية اختفت، وكأنّ زلزالاً قد ضربها بشدة، فحوّلها خراباً تنعق فوق أنقاضه البوم والغربان. المشاهد في غزة الحزينة لا تسرّ صديقاً، ولكنّها بكلّ تأكيد تُشمّت عدوّاً، عدوّاً استخدم كلّ ما بين يديه من أدوات القتل والخراب، التي تصل إليه كلّ صباح وكلّ مساء من قوى الشرّ في العالم، حيث يمرّ بعضها في أجواء العواصم العربية والإسلامية التي يمنع بعضها الطعام عن غزة، وتساهم من دون أن يرفّ لقادتها جفن في حصارها وقتلها، ودفعها لرفع رايات الاستسلام، والرضوخ لشروط العدو المجحفة والظالمة. على كلّ حال، ولأنّ الحديث عمّا يجري في غزة طويل، ولأنّ وصف حالها وهي ترزح تحت نيران الطائرات والمدافع يحتاج إلى مئات الصفحات، وآلاف الكلمات، وبما أنّ المكان والزمان لا يسمحان بذلك، فإنني اكتفي بما أشرت إليه أعلاه، علّه يسهم في يقظة طال انتظارها، وفي وقفة آن أوانها. أختم بما شاهدته صباح اليوم في أحد أهمّ شوارع مدينة غزة، وهو الذي دفعني في حقيقة الأمر للكتابة رغماً عنّي، إذ إنّ الكتابة في مثل هذه الأجواء تكاد تكون مستحيلة، حيث لا وقت لصفاء البال، ولا مكان لسكينة الروح. في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، وهو لمن لا يعرفه أشهر شوارع هذه المدينة العريقة، والذي شهد قبل يومين حملة من القصف الجنوني لطائرات الاحتلال، استهدفت فيها منازل سكنية ومحال تجارية تحوي بين جنباتها عشرات العائلات إلى جانب مساهمتها في إعالة آلاف الأسر الغزيّة، وأنا أنظر بأسى لما حلّ بهذا الشارع الذي كان في يوم ما جميلاً ومتألقاً، شاهدت ما لم أكن أتوقّعه أو أنتظره، حيث العشرات من الشبّان يزيلون أطنان الركام المنتشرة في كلّ مكان، بأيديهم العارية، وبإمكانيّات شبه معدومة، ومن دون وجود أيّ من الأجهزة الحكومية أو ما تبقّى منها، من دون جرّافات، أو شاحنات، أو رافعات، فقط أيادٍ ومعاول بسيطة، يُمسك بها شبّان بدا عليهم أثر الجوع، وانخفاض الوزن، وجوههم شاحبة، وأجسادهم هزيلة، إلا أن المعنويات بدت في أعلى درجاتها، والهمم في أفضل حالاتها، ينادون بأعلى أصواتهم: سنعيد ترميم ما دمّره الاحتلال ولن تكسرنا كلّ هذه الجرائم، سنهيّئ محلاتنا ومعارضنا للناس، حتى لو في أكشاك من الصفيح أو الأخشاب، فنحن لن نُهزم، ولن ننكسر، ولن نرفع الراية البيضاء. تذكّرت حينها أنّ الهزيمة ليست بالضرورة أن تكون في ميدان القتال، وأيقنت أنّ ما يسعى إليه عدونا في الأساس هو هزيمة الروح وليس الجسد، وأنّ كلّ ما يقوم به من جرائم ومذابح إنما يسعى من ورائها إلى دبّ اليأس في صفوف هذا الشعب، وإلى دفعه لمغادرة أرضه تحت وطأة القتل والجوع وقلّة ذات اليد. ختاماً نقول إنّ ما يجري في غزة اليوم، وما يُعرض عليها من خيارات، هو تماماً ما حدث في كربلاء الحسين رضوان الله عليه، إما التسليم بمشيئة المحتل، والقبول بما يفرضه عليها من أوامر وإملاءات، وإما القتل والذبح قصفاً وحرقاً وجوعاً. إما تقديم فروض الطاعة لنتنياهو وترامب وحلفهما، وإما الفناء بصواريخ وقنابل تحيل الأجساد إلى غبار. إما التنازل عن الحقّ في العيش بحرية وكرامة فوق أرض الآباء والأجداد، أو مواجهة حرب إبادة جماعية لا تُبقي لا تذر. ولأنها غزة التي لم تُعطِ الدنيّة لعدّوها فيما سبق، ولأنها غزة التي ضربت أروع الأمثلة في التضحية والصمود والثبات، فإنّ ردّها على الطّغاة كان وما زال كما هو، تماماً كردّ سيدنا الحسين في كربلاء. ردّ غزة على كلّ القتلة والمجرمين، والأدعياء وأبناء الأدعياء يقول، أتخيّروننا بين السلّة والذلّة، بين الحياة الذليلة أو القتل، بين الجوع أو التسليم، بين الانحناء لكم أو الذبح، ردّ غزة يقول: 'هيهات منا الذلّة، هيهات منا الذلّة'. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احمد عبدالرحمن

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store