
يوم عاشوراء في مصر، من المآتم والأحزان إلى البهجة وأطباق الحلوى
وأضاف أستاذ التاريخ الإسلامي لبي بي سي، قائلاً إن 'أهل السنة ينظرون إليه كيوم عبادة وصيام وتقرب إلى الله. أما الشيعة فيكون بالنسبة لهم يوم بكاء وحزن'.
من هذا المنطلق، شهدت مصر تغيراً في شكل إحياء هذا اليوم عبر تاريخها. وتقول الدكتورة نهلة إمام، أستاذة 'العادات الشعبية والمعتقدات والمعارف التقليدية'، إن 'مصر تحب الاحتفال بالمناسبات الدينية بالكثير من البهجة، حتى لو كانت ذكرى أليمة تاريخياً'.
سنة وشيعة
أوضحت الأستاذة بالمعهد العالي للفنون الشعبية في مصر، لبي بي سي، أن 'المصريين يحتفلون في المناسبات الدينية بالكثير من البهجة التي قد تنسيهم أحياناً أصل الموضوع'، مضيفة 'نحن نمارس عاشوراء كتراث حي، وله عمق تاريخي واعتقادي'.
وقالت الدكتورة إمام إن هناك اعتقاداً سائداً أن العاشر من محرم هو اليوم الذي التقى فيه آدم وحواء، والذي رست فيه سفينة النبي نوح على جبل 'الجوديّ'، وهي معتقدات شعبية لا دليل عليها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وفق المعتقد الديني لدى السنة، فإن يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجّى الله فيه النبي موسى وبني إسرائيل من بطش فرعون بعد خروجهم من مصر.
كما ورد في الأحاديث أنه كان يوماً 'تصومه قُرَيشٌ في الجاهليَّةِ' وأن النبي محمد صامه ودعا إلى صيامه.
أما أهل الشيعة فيكرهون الصيام في ذلك اليوم، ويرون أنه 'صَوْمٌ مَتْرُوكٌ بِنُزُولِ شهرِ رمضان'، وأن الدعوة إلى صيامه محاولة للتغطية على ذكرى الحادثة التاريخية، التي لا يُنكرها أيٌّ من الفريقين، وهي مقتل الإمام الحسين حفيد النبي محمد في معركة كربلاء منذ أكثر من ألف عام وثلاثة قرون، في حدث يُعَد الأفظع في التاريخ الإسلامي.
وعلقت الدكتورة إمام على بعض ممارسات الشيعة التي تتسم بالعنف في هذا اليوم قائلة: 'لم يسبق للمصري أن احتفل بالمناسبات الدينية بهذه الطريقة، ولكنه حولها بطريقة تناسب شخصيته؛ لأنه يحب البهجة'.
كيف بدأ إحياء عاشوراء في مصر؟
لم يتحدث التاريخ بشكل واضح عن بداية إحياء المصريين لعاشوراء قبل الدولة الفاطمية في منتصف القرن الرابع الهجري، حيث كان الفاطميون شيعة على المذهب الإسماعيلي، ويقولون إن نسبهم يعود للسيدة فاطمة بنت النبي محمد وزوجة الإمام علي بن أبي طالب.
ويقول المؤرخ تقي الدين المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، الذي عرف بخطط المقريزي، إن مذهب الشيعة 'فشا بديار مصر' في القرن الرابع الهجري، بدءاً من عام 358هـ مع قدوم القائد العسكري جوهر الصقلي من بلاد المغرب في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي.
ومع ذلك، فقد تحدث المؤرخون عن 'تشيع' المصريين للإمام علي، والد الإمام الحسين وابن عم النبي وزوج ابنته، من قبل حتى توليه الخلافة بعد عثمان بن عفان، الذي يُعرف بثالث الخلفاء الراشدين بعد وفاة النبي محمد.
ويقول المقريزي 'كان التشيع بأرض مصر معروفاً قبل ذلك' مستنداً إلى ما نقله المؤرخ المصري أبي عمرو الكنديّ عن يزيد بن أبي حبيب الذي عاش في القرنين الأول والثاني للهجرة، والذي كان يعد مفتي الديار المصرية في عهد الأمويين، حيث قال: 'نشأتُ بمصر وهي عَلَوية، فقلبتُها عُثمانية'، في إشارة إلى علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان.
من هو سلطان البهرة الذي شارك في افتتاح مسجد السيدة زينب بالقاهرة؟
ويعود تاريخ التشيع للإمام علي بن أبي طالب في مصر إلى أيام خلافة عثمان بن عفان التي شهدت جدلاً واسعاً بسبب من ولّاهم على شتى بقاع الدولة الإسلامية آنذاك، وبعضهم من أهله من الأمويين، ولاقى الكثير من هؤلاء الولاة معارضة لسياساتهم.
وبحسب المؤرخين، فقد شارك وفد من مصر إلى جانب وفود من الكوفة والبصرة، في قتل الخليفة عثمان. وأراد وفد مصر تنصيب الإمام علي بدلاً عنه، بعد ثورتهم واستيائهم من سياسة من ولاهم عثمان على مصر.
وجاء في كتاب 'عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك' للأديب والمؤرخ المصري محمد حسين هيكل، أن وفد مصر قال لعثمان: 'اعزل عنا عُمّالك الفُسّاق، واستعمل علينا من لا يُتّهم على دمائنا وأموالنا، واردد علينا مظالمنا'، فكرِه عثمان ذلك ورفض أن يكون الأمر أمرهم، وكأنه كخليفة لا يملك من الأمر شيئاً.
وأضاف هيكل: 'وهكذا أراد الثوار حسم الأمر، فخيروا عثمان بين أن يمحو مظالمهم أو ينزل عن الخلافة، وإلا قتلوه. فأبى عثمان تحقيق الأمرين الأول والثاني'.
وفي عام 36 هـ في خلافة الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين، كانت 'مصر يومئذ من جيش عليّ' بحسب المقريزي، إلى أن قُتل واستقرّ الأمر لمعاوية فـ'كانت مصر جندها وأهل شوكتها عثمانية' أي من أنصار عثمان بن عفان، أو بمعنى آخر، من أنصار معاوية بن أبي سفيان، ابن عم عثمان.
واستمر التضييق على أنصار الإمام علي في مصر، بل وأُخرِج من بقي من آل البيت منها، 'واستتر من كان بمصر على رأي العلوية' حتى في الدولة العباسية، بحسب المقريزي.
ومع ذلك، أخذ أمر الشيعة يقوى بمصر بعد ذلك وصولاً إلى عصر الدولة الإخشيدية، وتحديدا في عام 350هـ، حيث يذكر المقريزي في خططه أن يوم عاشوراء من هذا العام، حدثت فيه منازعة بين الجند وبين جماعة من الرعية عند قبر السيدة كلثوم 'بسبب ذكر السلف والنوح، قُتِل فيها جماعة من الفريقين'.
وكان الشيعة – قبل وصول رأس الحسين إلى مصر لاحقاً – يتوجهون في يوم عاشوراء إلى قبر السيدة كلثوم والسيدة نفيسة، وهما من أحفاد الإمامين الحسن والحسين، ومن أبرز شخصيات آل البيت في مصر.
وأضاف المقريزي أن الجند في ذلك اليوم كانوا يسألون كل من يلقونه: من خالك؟ 'فإن لم يقل معاوية بطشوا به وشلّحوه'، ما يوضح التضييق السياسي الشديد، على من كان يود إحياء عاشوراء، الذي كان يأخذ طابع الحزن إلى حد كبير.
إغلاق الدكاكين وتعطيل الأسواق
في كتابه 'سيرة المعز لدين الله'، الذي بنى مدينة القاهرة، يذكر المؤرخ المصري الحسن بن زولاق الذي عاش في القرن الرابع الهجري، أنه في عهد هذا الحاكم الفاطمي، وتحديداً في يوم عاشوراء من سنة 363 هـ، توجهت جماعة من الشيعة إلى قبر السيدة كلثوم والسيدة نفيسة.
ويقول ابن زولاق إن الشيعة ومعهم فرسان من المغرب بدأوا 'بالنياحة والبكاء على الحسين عليه السلام، وكسروا أواني السقائين في الأسواق، وشققوا الروايا، وسبّوا من يُنفِق في هذا اليوم'، فتصدت لهم جماعة أخرى، حتى كاد الأمر يتحول إلى 'فتنة' لولا الفصل بين الفريقين، وإغلاق الدرب وعودة الجميع، الأمر الذي استحسنه المعز.
وأوضح ابن زولاق بأنه 'لولا ذلك لعظمت الفتنة، لأنّ الناس قد غلقوا الدكاكين وأبواب الدور، وعطلوا الأسواق'.
ويروي المؤرخ عز الملك المُسَبِّحيّ أنه في يوم عاشوراء بداية من عام 396 هـ، 'جرى الأمر فيه على ما يجري كل سنة من تعطيل الأسواق وخروج المنشدين إلى جامع القاهرة [الأزهر] ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد'.
وأضاف المُسَبِّحيّ أن قاضي القضاة في ذلك الوقت عبد العزيز بن النعمان، جمع سائر المنشدين الذين يتكسّبون بالنوح على كربلاء، ونهاهم عن سب السلف والتكسب من النوح، وأمرهم ألا يُلزموا الناس بإعطائهم شيئاً إذا وقفوا على 'حوانيتهم' أي محالهم التجارية.
في العصر الفاطمي، كان إحياء يوم عاشوراء في مصر مسؤولية الدولة، وكان يوماً يتشارك فيه رجال الدولة والدين والشعب المصري، فتُنصب فيه الموائد وتُوزَّع فيه الأموال على عامة الشعب.
وفي كتابه 'نصوص من أخبار مصر'، ذكر الوزير والمؤرخ المصري في عهد الفاطميين الأمير جمال الدين بن المأمون، أنه في يوم عاشوراء سنة 515هـ، 'عبُىء السماط بمجلس العطايا من دار الملك بمصر، التي كان يسكنها الأفضل بن أمير الجيوش'.
والسماط هو ما يعرف بالمائدة، يُمد ليوضع عليه الطعام في المآدب، لكنها لا تكون مأدبة بالمعنى المعروف لما لذ وطاب من المأكولات، بل تتكون وفق ما حكاه ابن المأمون من 'أجبان وسلائط ومخللات وخبز من الشعير وعدس أسود، ثم يرفع ذلك وتقدم صحون عسل النحل'.
ويقول المؤرخ المصري ابن الطوير القيسراني الذي كان شاهداً على الدولتين الفاطمية والأيوبية، إنه 'كان إذا جاء يوم العاشر من محرم، يحتجب الخليفة عن الناس، فإذا علا النهار، ركب قاضي القضاة والشهود وقد غيروا زيّهم. ثم صاروا إلى المشهد الحسيني'، وذلك بعد وصول رأس الإمام الحسين إلى مصر بسنوات.
عاشوراء في زمن كورونا: الحداد على الحسين صار رقمياً
وقد أفاد المقريزي وعدد من المؤرخين بأن رأس الإمام الحسين نُقل من عسقلان في فلسطين إلى قصر الزمرد في القاهرة في عام 548هـ، ثم دفن عند قبة الديلم.
ومنذ ذلك الحين، كان الفاطميون 'ينحرون في يوم عاشوراء عند القبر، الإبل والبقر والغنم، ويكثرون النوح والبكاء، ويسبون من قتل الحسين، ولم يزالوا على ذلك حتى زالت دولتهم'، بحسب المقريزي.
ويضيف ابن الطوير في كتابه 'نزهة المُقلَتيْن في أخبار الدولتيْن' أنه قبل وجود المشهد الحُسيني، كان يحدث ذلك في الجامع الأزهر، ومعهم قراء القرآن والشعراء الذين ينشدون في رثاء أهل البيت.
ويروي المقريزي أنه في العام التالي 516هـ، كان الخليفة الفاطمي العاشر، 'الآمر بأحكام الله' يجلس على أحد أبواب القصر على كرسيّ من الجريد 'بغير مخدّة متلثما هو وجميع حاشيته' ويسلم على جميع الأمراء والأشراف 'وهم بغير مناديل ملثمون حفاة'.
ويقول المقريزي إن سماط الحزن في عاشوراء كان يشهد مقدار ألف طبق من 'العدس والملوحات والمخللات والأجبان والألبان والأعسال والفطير والخبز المغير لونه إلى السواد بالقصد'.
ويضيف أن البياعين كانوا يغلقون حوانيتهم إلى عصر يوم عاشوراء، وبعد ذلك 'يفتح الناس ويتصرفون'.
الاكتحال وتجديد الأواني في عهد الأيوبيين
كان زوال حكم الفاطميين وبداية حكم الأيوبيين، إيذاناً بتغير شكل إحياء ذكرى عاشوراء في مصر.
ويقول المقريزي في خططه إن 'ملوك بني أيوب اتخذوا يوم عاشوراء يوم سرور يوسعون فيه على عيالهم ويتبسطون في المطاعم ويصنعون الحلاوات ويتخذون الأواني الجديدة ويكتحلون ويدخلون الحمام'.
ويوضح المقريزي أن هذه السُنّة الجديدة التي سنها الأيوبيون في مصر، كانت تقليداً لعادة أهل الشام التي كانت مركزاً للأمويين، 'سنها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالب الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم حزن على الحسين'.
ويصف الباحث المصري المعاصر صالح الورداني في كتابه 'الشيعة في مصر'، أن ذلك حدث في إطار ما وصفه بـ'الانقلاب الأيوبي' في مصر، الذي يقول إن الفقهاء والمؤرخين 'باركوه بعد أن أراحهم من خصومهم الشيعة'.
ويتفق مع الورداني، محمد صلاح، الباحث المصري في تاريخ آل البيت، الذي أشار إلى أن صلاح الدين الأيوبي أغلق الجامع الأزهر، وظل مغلقاً لنحو 100 سنة، بهدف 'تغيير جيل كامل يحمل الانتماء للفاطميين'.
وأضاف محمد صلاح في حديثه لبي بي سي إن من كان يفكر في إحياء يوم عاشوراء في ذلك العصر كان يُعد معارضاً لحكم الأيوبيين 'فكان لابد لهذه الذكرى أن تموت'.
أما الدكتور محمود إبراهيم حسين، أستاذ التاريخ الإسلامي، فيرى أن الدولة الأيوبية 'جاءت بأجندة سياسية من الدولة العباسية لتطهير مصر من آثار الفاطميين، وبالتالي لن يبقوا على أي ثقافة للفاطميين من فرح أو حزن، ولا علاقة لذلك بالدين'.
الحناء وطبخ الحبوب في الدولة المملوكية
بانتهاء الدولة الأيوبية ووصول مصر إلى حكم الدولة المملوكية في منتصف القرن السابع الهجري، يبدو أن مظاهر عاشوراء في مصر اتخذت شكلاً أكثر بهجة مما كانت عليه في السابق.
ويتضح ذلك من خلال فتاوى ابن تيمية، أحد أبرز العلماء المسلمين في تلك الفترة، الذي قضى حياته بين الشام ومصر، حيث سُئل عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من 'الكحل والاغتسال والحناء والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور'.
ورفض ابن تيمية ما وصفها بـ'الأحاديث الموضوعة المكذوبة' التي تقول إن يوم عاشوراء هو يوم 'توبة آدم واستواء سفينة نوح على الجوديّ ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار، وفداء الذبيح بالكبش'.
وانتقد ابن تيمية كلا الفريقين، الذي ينوح ويندب والذي يفرح ويحتفل، قائلاً إن ذلك من فعل 'النواصب' أعداء آل البيت، أو الجهلة 'الذين قابلوا الفاسد بالفاسد'.
ويؤكد انتشار الاحتفال بعاشوراء أيضاً ما قاله أبو الحسين الجزار، الشاعر في العصر المملوكي، الذي أراد أن يداعب الشريف شهاب الدين ناظر الأهراء، فكتب إليه في ليلة عاشوراء يدعوه للمجيء وإلا 'لأحضرنّ للهناء في غد … مُكحَّلَ العينين مخضوبَ اليدِ'.
ولم تنقطع عادة الطعام عن العهد المملوكي، وفق ما جاء في 'الخطط التوفيقية الجديدة' لعلي باشا مبارك، تحت باب 'مسجد السلطان حسن'، الذي بناه الملك الناصر الحسن بن قلاوون في عهد المماليك عام 757هـ.
ويقول المبارك في خططه، إنه 'كل سنة في يوم عاشوراء، يُصرَف برسم الصدقة قيمة أربعين قنطاراً من خبز البُر [القمح]، وعشرة قناطير من لحم الضأن، وأردبين من الحبوب التى تُعمل فى عاشوراء'.
وأضاف من ضمن ما يُصرف في الدولة 'أربعة قناطير من العسل، وعشرين رطلا من الشيرج [السمسم]، وقيمة الأبازير [التوابل] والحطب، وأجرة الطبخ وتفرقته، وبعد طبخه يُفرَّق نصفه على أرباب الوظائف وطلبة العلم، ونصفه على الفقراء والمساكين'.
'يا سي علي لوز'
يكشف لنا كتاب 'الإبداع في مضار الابتداع' للشيخ علي محفوظ الذي عاصر دولة مصر الحديثة في عهد سلالة محمد علي باشا قبل أكثر من 100 عام، جانباً من مظاهر الاحتفال بعاشوراء في ذلك الوقت في مصر.
ويقول محفوظ إن من بدع عاشوراء 'البخور الذي يطوف به على البيوت في مصر قوم من العاطلين الذين لا خلاق لهم، فيرقون منه الأطفال مع كلمات ساقطة، يقولونها بمحضر من أمهاتهم، ويسمونه: بخور العشر، وهو ملح ونحوه يصبغونه ألوانا'.
ومما أنكره أيضاً وكان يُفعل في عاشوراء 'طواف البنات في شوارع مصر بأطباق الحلوى ينادين عليها بقولهن: يا سي علي لوز'.
وبحسب 'قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية' للأديب والمفكر أحمد أمين، فإن الأطفال كانوا 'يعقِدون السكر ويصبونه في صوان صغيرة، ويضعون عليه اللوز المقشر وينادون عليه (علي لوز)'.
ويرجح أمين أن تعود تلك الحلوى إلى أيام الفاطميين، بالنظر إلى ارتباط اسمها بـ'علي' الذي ارتبطت به الكثير من المسميات في الثقافة الشعبية المصرية منذ ذلك الحين، في إشارة إلى الإمام علي بن أبي طالب.
ويقول الباحث المعاصر صالح الورداني في كتابه، إن مواكب الشيعة لإحياء ذكرى عاشوراء استمرت حتى فترة قريبة، مرجحاً عودة تلك المواكب إلى 'بقايا العهد العثماني' الذي أتيحت في أواخره فرصة لبروز شيعي وإن كان محدوداً'، مضيفاً أن علي باشا مبارك ذكر في الخطط التوفيقية ما يشير إلى ذلك.
تقول الدكتورة نهلة إمام، أستاذة الفنون الشعبية، إن كتابات المستشرقين عن مصر في القرن التاسع عشر، ذكروا أن المصريين يحتفلون في هذا اليوم ويصنعون حلوى من القمح واللبن والسكر ويعدون منها أطباقاً ويوزعونها هدايا، مضيفة أن التهادي بالأكل 'عادة منتشرة في المجتمع المصري'.
وأوضحت أن حلوى 'عاشوراء' ذُكرت في كتب التاريخ، كما أن المستشرقين حين وصفوا ما وجدوه، فإن هذا يعني أن وجودها كان أقدم من ذلك، لكن تحديد بدايتها أمر صعب ككل الميراث الشعبي، لاسيما وأن لها مسميات أخرى لدى ثقافات أخرى.
وأضافت إمام أن حلوى 'العاشوراء' في بعض الثقافات الأخرى تُصنع من سبعة حبوب، وليس القمح فقط كما جرت العادة في مصر، ويطلق عليها في دول أخرى 'عصيدة نوح' في اعتقاد منهم أن النبي نوح صنعها بعد رسو سفينته.
ولا تزال حلوى 'العاشورا' كما ينطقها المصريون، موجودة حتى اليوم، لاسيما في القرى والأرياف والمناطق الشعبية، وتدعو أستاذة الفنون الشعبية المصريين إلى صناعة الحلوى وإقامة الطقس 'للحفاظ على تراث البلد'.
'موسم عاشورا'
يقول محمد صلاح، الباحث في تاريخ آل البيت، إن شكل إحياء عاشوراء في مصر منذ موقعة كربلاء، اعتمد على وجهة نظر الدولة الحاكمة.
وأضاف لبي بي سي: 'نحن ندرس وجهة نظر الدولة الحاكمة في كل عصر، ففي عصر الدولة الأموية وما بعدها، لو قال أحدهم إن عاشوراء هو يوم حزن، فهذا يعني أنك معارض للحزب الحاكم، والعكس بالعكس في الدولة الفاطمية، وكان على الشعب التكيف مع ذلك'.
وتقول الدكتورة نهلة إمام أستاذة الفنون الشعبية إن 'المصريين لا يربطون يوم عاشوراء بمقتل الإمام الحسين'، ويعدونه 'موسماً' كغيره من المواسم الدينية، تُصنع فيه أكلات مميزة في البيوت.
وتقول إن عاشوراء في مصر، فرصة في البيوت المصرية لإعداد ما لذ وطاب، ودعوة أبنائهم المتزوجين للالتفاف حول 'البط' والحلوى.
وتضيف: 'طبيعة المصري أنه لا يحب أن يقرن الدين بالتخويف والتشاؤم والعذاب، بل بالبهجة، ويجد إليها سبيلاً في أكل أو حلوى أو زينة، ويضفي عليها هذه الغلالة من التقاليد والطقوس المصرية جدا'.
واليوم، يحتفل المصريون بعاشوراء 'كتراث حي' له عمق تاريخي واعتقادي، بحسب إمام، التي أضافت أن الاحتفال ليس قاصراً على مصر إلا أن 'المعتقد الشعبي المصري يضفي على المناسبات هالة من العمق التاريخي ومن مبررات الاحتفال'.
في المقابل، يرى صلاح، أن المصريين اليوم أخذوا من الفاطميين فكرة إقامة الولائم، بدون ذكر كربلاء، وأن الدول المتعاقبة على مصر، تعمدت طمس تاريخ عاشوراء، بالحديث عن رحلة الهجرة النبوية، التي لم تكن أصلاً في شهر المحرم، بل بدأت في أواخر صفر وانتهت في ربيع الأول.
وأشار صلاح، الذي يؤكد عدم انتمائه للسنة أو الشيعة، إلى أن اليهود الذي يُنسب إليهم صيام عاشوراء، 'لا يستخدمون التقويم القمري، ويحتفلون بخروجهم من مصر في 15 أبريل/نيسان'.
وأضاف أن الاحتفال عبر التاريخ الإسلامي بالهجرة وبنجاة النبي موسى من الغرق في يوم عاشوراء، جاء 'للتغطية على حدث مقتل الإمام الحسين، ورحلته من الحجاز إلى العراق، لما تحملها قصته من رسالة سياسية مفادها 'التصدي للظلم والفساد حتى الموت كما فعل الإمام الحسين'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
هل يجوز الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟ فهناك رجلٌ عليه صيام كفارةِ يمينٍ، وقد اعتاد صيام يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده، أي: أيام التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فهل يجوز له أن يجمع بين نية صيام الكفارة مع نية صيام عاشوراء في هذه الأيام، فيجزئه ذلك عن الكفارة شرعًا، ويُكتب له أجر صيام عاشوراء كذلك، أم أن عليه أن يخص كل عبادة بنية مستقلة؟ وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إنه يجوز للرجل المذكور أن يجَمع في الصيام بين نِيَّةِ صيام كفارةِ اليمين -حيث تعيَّن عليه الصيام لعدم قدرته على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم- ونية صيامِ عاشوراء، ويجزئه صومه هذا عن الكفارة، ويحصل له به أيضًا ثواب التطوُّع بصيام عاشوراء، إلا أن الأكمل والأكثر ثوابًا أن يصوم أيام كفارة اليمين في غير عاشوراء لينال أعظَم الأجر وأجزَل الثواب وأتَم العمل. الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء ونوهت ان الجمع بين نيَّة صيام كفارة اليمين حيث تعيَّن الصيام، وبين نية التطوع بصيام عاشوراء، متفرعٌ عما قرَّره الفقهاء في مسألة التشريكِ في النيةِ بين الواجبِ والنَّفل عند أداء الطاعة، حيث اختلفوا في أن ينوي المكلف مع العبادة المفروضة أو الواجبة عبادةً أخرى مندوبة، والمختارُ للفتوى جواز ذلك شرعًا، ومن ثم فإن الصوم يجزئ عن الكفارة وعاشوراء معًا، ويحصُلُ للصائِمِ بذلك ثوابُ التطوُّع، إضافةً إلى صوم الكفارة، وهو مذهب المالكيةِ، والشافعية في المعتمد. قال العلامة العَدَوِي المالكي في "حاشيته على شرح الخَرَشِي على مختصر خليل" (2/ 241، ط. دار الفكر): [قال البدر: انظر لو صام يوم عرفة عن قضاءٍ عليه، ونوى به القضاء وعرفة معًا، فالظاهر أنه يجزئ عنهما معًا؛ قياسًا على مَن نوى بغُسله الجنابةَ والجمعةَ فإنه يجزئ عنهما معًا، وقياسًا على مَن صلَّى الفرض ونَوَى التحيَّة] اهـ. وقال الإمام السُّيُوطِي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 21- 22، ط. دار الكتب العلمية): [القِسم الثاني: أَن ينوِيَ مع العبادةِ المفروضَةِ عبادةً أخرى مندوبة، وفيه صُوَر: منها ما لا يقتضِي البُطلان ويحصُلانِ معًا.. لو صام في يومِ عرفةَ مثلًا قضاءً أو نذرًا أو كفارة، ونوى معه الصوم عن عرفة، فأفتى البَارِزِيُّ بالصحة والحصولِ عنهما] اهـ. وقال الإمام الرَّمْلِي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 208- 209، ط. دار الفكر) عن جواز الجمع بين الصوم الواجب وصوم التطوع: [ولو صام في شوال قضاءً أو نذرًا أو غيرهما، أو في نحو يوم عاشوراء، حصل له ثواب تطوُّعها، كما أفتى به الوالدُ رحمه الله تعالى تبعًا لِلبَارِزِيِّ، وَالأَصفُونِيِّ، وَالنَّاشِرِيِّ، والفقيه علي بن صالحٍ الحَضرَمِيِّ، وغيرهم] اهـ. ومع ذلك فإنَّ الأعظَم أجرًا، والأجزَل ثوابًا، والأتَم عملًا: أن يصوم المكلَّف أيام كفارة اليمين التي عليه في غير أيام تطوُّعه؛ لما تقرر في قواعد الشرع الشريف من أن "ما كان أكثر فعلًا كان أعظَم فضلًا"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السُّيُوطِي (ص: 143). ودليل هذه القاعدة: ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لها في عُمرتها: «إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجرِ عَلَى قَدرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك"، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح". وأكدت بناءً على ذلك أن جَمع الرجل المذكور في الصيام بين نِيَّةِ صيام كفارةِ اليمين -حيث تعيَّن عليه الصيام لعدم قدرته على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم- ونية صيامِ عاشوراء -جائزٌ شرعًا، ويجزئه صومه هذا عن الكفارة، ويحصل له به أيضًا ثواب التطوُّع بصيام عاشوراء، إلا أن الأكمل والأكثر ثوابًا أن يصوم أيام كفارة اليمين في غير عاشوراء لينال أعظَم الأجر وأجزَل الثواب وأتَم العمل.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
دعاء يوم عاشوراء للهداية والفرج .. اغتنمه وردده الآن
دعاء يوم عاشوراء للهداية والفرج.. يبحث الكثير عنه اليوم الموافق العاشر من المحرم "يوم عاشوراء" رغبة منهم فى ان يرضى الله عنهم ويفرج كربهم فى هذا اليوم المبارك، لذلك سنذكر لكم مجموعة من الأدعية التى يمكنكم الاستعانة بها. دعاء يوم عاشوراء للهداية والفرج اللهم في يوم عاشوراء إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم. اللهم اجْعَلْ رَغْبَتِي فِي مَسْأَلَتِي مِثْلَ رَغْبَةِ أَوْلِيَآئِكَ فِي مَسَائِلِهِمْ، وَرَهْبَتِيْ مِثْلَ رَهْبَةِ أَوْلِيَآئِكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي فِي مَرْضَاتِكَ، عَمَلًا لاَ أَتْرُكُ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ دِيْنِكَ مَخَافَةَ أَحْد مِنْ خَلْقِكَ. أللَّهُمَّ هَذِهِ حَاجَتِي، فَأَعْظِمْ فِيهَا رَغْبَتِي، وَأَظْهِرْ فِيهَا عُذْرِي، وَلَقِّنِي فِيهَا حُجَّتِي وَعَافِ فِيْهَا جَسَدِيْ. أللَّهُمَّ مَنْ أَصْبَحَ لَهُ ثِقَةٌ أَوْ رَجَآءٌ غَيْرُكَ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَآئِي فِي الاُمُورِ كُلِّهَا، فَاقْضِ لِيْ بِخَيْرِهَا عَاقِبَةً، وَنَجِّنِيْ مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت.. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون. اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، ومن شر الغنى والفقر.. اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء. اللهم إني أسألك باسمك الفتاح أن تفتح لي من خزائنك التي لا تنفذ أبدًا، وأسألك باسمك الرزّاق أن تكتب لي من الرزق ما يكفيني وأهلي، وأسألك باسمك الجواد أن تعطيني ما يعينني على مصاعب الدنيا، وأنت أكرم الأكرمين". اللهم في يوم عاشوراء سامحني على كل صلاة تركتها وكل صلاة أخرتها واجعلني يا رب محافظا عليها وثبتني يا رب على دينك حتى ألقاك. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت.. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون. استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم يا جامع الشتات، ويا مخرج النبات، ويا محيي العظام الرفات، ويا مجيب الدعوات ويا قاضي الحاجات، ويا مفرج الكربات، ويا سامع الأصوات من فوق سبع سموات ويا فاتح خزائن الكرامات ويا مالك حوائج جميع المخلوقات ويا من ملأ نوره السموات ويا من أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددًا ويا عالمًا بما مضى وما هو آت. اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني.. اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر. اللهم لا تردنا خائبين يوم عاشوراء، ولا تعيدنا محرومين، وتب علينا يا ارحم الراحمين، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين يوم عاشوراء. اللهم لا تجعل يوم عاشوراء يمضي إلا وقد غفرت ذنوبنا وعفوت عنا واستجبت دعاءنا ورضيت عنا يا مجيب السائلين يا الله. اللهم إنا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لنا ذنوبنا، وأن تكفر عنا سيئاتنا، وأن تتولى أمرنا، وأن تختم بالباقيات الصالحات أعمالنا اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن أحسن إلي، اللهم سهل لنا كل عسير وأرنا في حياتنا ما يسرنا ويرضيك.. اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة دعاء يوم عاشوراء الذي لا يرد اللهم في يوم عاشوراء اعتق رقابنا من النار، لا تحرمنا من فضلك وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، وتعفو عنا.. ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار بنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. -اللهم بعدد تكبيرات خلقك في يوم عاشوراء ارحم من ذهبوا واغفر لهم اللهم افتح لهم باب تهب منه نسائم الجنة لا يغلق أبدا. دعاء عاشوراء مفاتيح الجنان يمكن أن يردد المسلم في دعاء يوم عاشوراء: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، «اللهم إني اسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار». اللهم يا من أنجيت موسى يوم عاشوراء وجعلت له البحر طريقا يبسا، نجنا يا الله مما نخشى ونخاف وذلل لنا كل صعب وييسر لنا الأحوال والأمور، اللهم يا مفرج كل كرب فرج كروبنا، ويا غافر الذنوب اغفر ذنوبنا ويا سامع دعوة موسى يوم عاشوراء، استجب لكل دعواتنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم في يوم عاشوراء ، افرحنا بخبر جميل واشف كل مريض وارحم كل ميت واشرح صدورنا واجعل هذا اليوم استجابة لكل خير وابعدنا من كل شر يا رب.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
قصة استشهاد الحسين يوم عاشوراء .. ما لا تعرفه عن سيد شباب أهل الجنة
يحل اليوم السبت 10 محرم 5 يوليو، ذكرى يوم عاشوراء، وبالتزامن مع الذكرى يحيي المسلمون ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سيد شباب أهل الجنة وسبط النبي صلى الله عليه وسلم. استشهاد الإمام الحسين يوم عاشوراء في يوم عاشوراء من سنة 61 من الهجرة، جرت حادثة مروعة مفجعة ألمت بالمسلمين وأفجعتهم وملأت القلوب حزنا وأسى ومرارة، ففيه قُتل سيدنا الإمام أبي عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب حفيد سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، ابن بنته السيدة فاطمة الزهراء البتول رضى الله عنهم على أيدي فئة ظالمة. فاستشهد الإمام الحسين وهو ابن ست وخمسين سنة وهـو الذي قال فيه سيدنا الرسول وفي أخيه: "الحَسَن والحُسَين سيدا شباب أهل الجنة". ودعا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم للحَسَن والحُسَين فقال: "اللّهُمّ إني أحبُّهما فأحِبَّهُما"، وقال الرسول عنهما: "هُما ريحانتاي من الدنيا. وقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإمام الحسين رضى الله عنه: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو عبد الله ريحانة النبي ﷺ وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه ولما ولد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في أذنه وهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء. مولد الإمام الحسين ولد الإمام الحسين (أبو عبد الله) رضى الله عنه، في الثالث من شعبان سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضى الله عنه، فعاش مع جده المصطفى ﷺ نيفًا وست سنوات. من سمى الإمام الحسين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما ولد الحسن سميته حربا فجاء رسول الله ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل حسن " . فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل هو حسين " . أبوه سيف الله الغالب سيدنا عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه، وأمه هي السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ سيدة نساء العالمين. استشهاد الإمام الحسين وقد استشهد الحسين، وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، واستُشْهِدَ في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعة كربلاء بالعراق، عام إحدى وستين من الهجرة. قتله حولي بن يزيد الأصبحي، واجتزَّ رأسه الشريفَ سنانُ بن أنس النخعي، وشمر بن ذي الجوشن، وسلب ما كان عليه إسحاق بن خويلد الخضرمي. وقد شهد الحسين مع والده واقعة (الجمل)، و(صِفِّينَ)، وحروب الخوارج وغيرها، كما شارك بعد وفاة أبيه في فتح أفريقيا وآسيا، كما سجَّله سادة المؤرخين. رحلة الرأس الشريف إلى القاهرة وقد دفن جسده الطاهر بكربلاء بالعراق، أمَّا الرأس الشريف فقد طيف بها إرهابًا للناس، ثم أودعه في مخبأ بخزائن السلاح، فبقي به مختفيًا إلى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز (أي بعد 35 سنة) الذي بويع له بعد سليمان بن عبد الله في سنة 96هـ، ففي أول هذه المدة من خلافته سأل عن الرأس الكريم ومسيره وما صار إليه، فأخبر بأمره فأمر بإحضاره فجئ به من مخبئه؛ فطيب وعطر ثم أمر بوضعه في طبق في جانب من الجامع الأموي بدمشق، فبقي به إلى سنة 365هـ. وفيها ثار هفتكين الشرابي غلام معز الدولة أحمد بن بويه على دمشق، فدخلها بجيوشه قادمًا من بغداد، ثم أعلن القتال، وعسكر بالجامع الأموي ونهب ما به من تحف وآثار وانتزع كسوته الذهبية إلى غير ذلك، وقد تطاولت يده إلى رأس الإمام الحسين، فأخذها من الطبق التي كانت مودعة به بناحية في المسجد الأموي، وكان المعز لدين الله حينما بلغه قيام هفتكين حاول محاربته، فاستعان عليه بعامله إبراهيم بن جعفر على دمشق ثم بغيره، فمات المعز في سنة 366هـ؛ فأشفق العزيز بالله بن المعز الفاطمي من استفحال ملكه، وعظم عليه أمر الرأس الكريم وما صنع هفتكين، فسير إليه في سنة 366هـ جيشًا عرمرمًا بقيادة القائد جوهر الصقلي، فسار إليه من القاهرة حتى وصل إلى دمشق، فعسكر بجيوشه خارجها، ثم أعلن القتال فقاتله وتابعه في كل منزل نزله حتى آخر مطافه بعسقلان، وفي أثناء ما كان هفتكين بعسقلان وقد أحس بالضعف والتقهقر وغلبة القائد جوهر عليه، دفن الرأس الكريم في مكان من عسقلان وستره عن جوهر، ثم لما اشتعلت الحروب الصليبية، وخاف الخليفة الفاطمي على الرأس؛ فأذن وزيره (الصالح طلائع بن رزيك) فنقلها إلى مصر بالمشهد المعروف بها الآن. وعندما دخلوا بالرأس الشريف دخلوا من جانب باب الفتوح بموكب حافل يتقدمه الأمراء فالأعيان فالقضاة فالعلماء فالدعاة، وكان الرأس محمولا في إناء من ذهب، وملفوفًا في ستائر المخمل والديباج والابريسم، يحمله زعيم من زعماء الدولة الفاطمية، وعن يمينه قاضي القضاة وداعي الدعاة، وعن يساره قضاة المالكية والشافعية، ووالي مدينة عسقلان، ويتقدم الجميع الوزير الصالح طلائع بن رزيك، وأمام الموكب وخلفه كتيبة من كتائب الحرس الخليفي بموسيقاها ثم حاشية القصر، ولما وصل الموكب إلى منظرة الخليفة بباب الفتوح وقف الموكب قليلًا حتى نزل الخليفة الفائز بحاشيته تظله كوكبة من الفرسان والمشاة، فتقدم الموكب بين يديه، حتى دخل به إلى قصر الزمرد في ذلك الجمع الحاشد، وكان دخولهم إليه من الباب البحري للقصر المسمى بباب الزمرد، فضمد الرأس الكريم وعطر ووضع في لفائف المخمل والحرير والديباج على كرسي فاخر وحفر له قبر في الجانب الأيمن من القصر المذكور، وعطر القبر ونزل فيه الخليفة وقاضي القضاة وداعي الدعاة، فوضعوه في منتصف القبر ثم أحكموا غلقه. واستقرت الرأس الشريفة بالقاهرة فنوّرتها، وباركتها، وحرستها إلى يوم الدين، فالحمد لله رب العالمين. زوجاته وأبناءه تزوج الحسين رضى الله عنه بعدد من النساء؛ رجاء كثرة النسل، لحفظ أثر البيت النبوي، كما فعل أبوه من قبل، وقد حَقَّقَ الله هذا الرجاء، فحفظ ميراث النبوة وعصبتها في نسل الحسن والحسين وزينب أخت الحسين، وفاطمة ابنته، رضي الله عن الجميع. وأبناء الإمام الحسين هم: عليٌّ الشهيد، أمُّه: برة بنت عروة بن مسعود الثقفي من أشرف بيوت العرب. عليٌّ الأوسط (أو المثنى)، واشتهر بالإمام ، وعليٌّ الأصغر (أو المثلث)، واشتهر بزين العابدين السَّجَّادِ، وأمهما: الأميرة مشهر بانو بنت كسرى شاهنشاه ملك الفرس. محمد، وعبد الله، وسكينة الكبرى، والصغرى، وأمهم: الرباب بنت امرئ القيس الكندية من ملوك العرب. جعفر، وأمه: القضاعية. فاطمة، وزينب، وأمهما: أم إسحاق بنت طليحة بن عبد الله من كبار الصحابة. ولكن نسل سيدنا الحسين رضى الله عنه كله كان من عليٍّ الأصغر (زين العابدين السجَّاد - لأنه كان كثير السجود -) فمن بنتيه: فاطمة وزينب ، وإن كانت ذرية فاطمة قليلة ونادرة. وقد روى الحاكم وصححه عن الرسول ﷺ قال: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، اللهمَّ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ». وروى ابن حِبَّانَ وابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عنه ﷺ أنه قال: «من سَرَّهُ أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة؛ فلينظر إلى الحسين بن عليٍّ رضى الله عنه».