
حسن بناجح والدعوة إلى سفك الدماء كسبيل للعزّة.. هكذا يعيد قادة الجماعة إنتاج فكر التطرف والإرهاب
في سياق خطاباته المتكررة ذات الطابع التحريضي، نشر حسن بناجح، القيادي بجماعة العدل والإحسان، تدوينة تحمل بين طياتها دعوات مبطنة إلى التطرف، مستخدما الحرب في غزة كغطاء لتمرير أجندة أيديولوجية تتبنى العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها.
التدوينة، التي حاول من خلالها بناجح التظاهر بإلاشادة بالتضحيات من أجل الحرية، تُبرز في واقع الأمر خطابا خطيرا يتغذى على استغلال قضايا سياسية لتبرير العنف وتمجيد التطرف.
واستهل بناجح تدوينته بالحديث عن 'العدو الذي يتوهم النصر'، في مقابل 'الأحرار' الذين يستمدون قوتهم من 'الدم النازف'، زاعما أن هذه التضحيات تشعل الروح في الأمة وتجدد عزيمتها. ثم ختم تدوينته بالإشارة إلى أن طريق الحرية لا يتحقق إلا عبر 'الدم المسفوك'، واصفا التضحية بالنفس كأعلى درجات الكرامة والعزة.
التدوينة تحمل في الحقيقة خطابا مزدوجا، يربط بين 'الدم' و'الحرية' و'العزة' في صياغة أقرب إلى الدعوة لتبني العنف كأداة مشروعة لتحقيق الأهداف. هذا النوع من الخطاب، الذي يضفي هالة 'قُدسية' على العنف، لا يمكن فصله عن السياق الأيديولوجي الذي تتبناه الجماعة، حيث يتم استغلال الرمزية الدينية والوطنية لتأجيج مشاعر الكراهية وتعزيز الانقسام.
وبالرغم من إمكانية فهم سياق التدوينة على أنه مرتبط بإعلان مقتل محمد الضيف، أحد قادة'كتائب القسام'، الذراع العسكري لـ'حركة حماس'، إلا أن اللافت في تدوينة حسن بناجح هو تجرّدها الكامل من أي سياق مباشر أو إشارة إلى هذا الحدث أو أي حدث آخر.
فالتدوينة جاءت نصّا عاما يحمل عبارات تحريضية ورمزية تصلح لأن تكون نداءا موجها لجماعات إرهابية في أي مكان وزمان، كما يمكن أن تُستخدم كمقطع من خطاب لعناصر إرهابية فقدت قادة تنظيمها وتسعى لتعزيز الروح القتالية في صفوفها.
هذا التجريد المتعمد يجعل التدوينة قابلة للتأويل المفتوح، حيث يمكن استغلالها بسهولة من قبل التنظيمات الإرهابية لإعادة تدويرها في سياقات مختلفة، وهو ما يعكس خطورة هذا النوع من الخطاب الذي يُكتب بطريقة عاطفية فضفاضة تتجاوز حدود المكان والزمان.
غياب الإشارة إلى غزة أو القضية الفلسطينية بشكل مباشر يطرح تساؤلات حول النوايا الحقيقية لصاحب التدوينة، وهل الهدف هو دعم الفلسطينيين كما يزعم أم تمرير خطاب أيديولوجي يخدم أجندة الجماعة؟
والأدهى أن الحديث عن 'العدو الذي يتوهم النصر' و'الأحرار الذين يحملون الراية بعزم لا يلين' قد يُفسر من قبل البعض على أنه إشارة ضمنية لأطراف أو أشخاص داخل المغرب يوصمون وينعتون بأنهم 'أعداء الإسلام' أو 'متواطئون' ضد القضية الفلسطينية. هذا النوع من الخطاب، مع رمزيته المبطنة، يمنح الغطاء الأخلاقي لبعض الشباب المتأثرين بفكر التطرف لاتخاذ خطوات عنيفة تحت ذريعة 'الجهاد' أو 'الدفاع عن الإسلام'.
مثل هذا التأويل الخطير يجعل التدوينة قابلة للتوظيف من قبل عناصر متطرفة ترى في نفسها 'حملة راية الأحرار'، وهو أمر يهدد السلم المجتمعي داخل المغرب. فالتحريض الضمني، حتى وإن لم يكن مقصودا بشكل مباشر، يبقى مسببا رئيسيا لتحفيز أعمال العنف، خاصة في ظل بيئة مشحونة سياسيا ودينيا. وهذا يضع على عاتق المؤسسات المغربية، سواء الإعلامية أو الأمنية، مسؤولية التصدي لهذه الخطابات التي تستغل العواطف الدينية والوطنية لتمرير رسائل قد تكون مدمرة للمجتمع.
خطاب بناجح ليس مجرد تدوينة عاطفية، بل هو امتداد لفكر متجذر في أيديولوجيا جماعة العدل والإحسان التي لطالما تبنت خطابا تحريضيا يضفي طابعا مقدسا على الصراع. الخطورة في هذه التدوينة تكمن في أمرين رئيسيين:
أولا، تمجيد العنف كوسيلة للحرية: حديثه عن 'الدم النازف' و'طريق العزة' يضفي طابع البطولة والقداسة على التضحية بالنفس، في تجاهل تام لأهمية السبل السلمية والإنسانية لتحقيق العدالة.
ثانيا، خلق ثنائية 'نحن وهُمْ': تصوير 'العدو' كطرف متوهم منتصر مقابل 'الأحرار' الذين يحملون 'الراية بعزم لا يلين' يُسهم في تعزيز الانقسام المجتمعي وتغذية الأحقاد.
وفي الوقت الذي يعيش فيه الشعب الفلسطيني معاناة إنسانية هائلة جراء الاحتلال، تحاول جماعة العدل والإحسان، من خلال أبواقها مثل حسن بناجح، توظيف هذه المعاناة كذريعة لتبرير خطابها المتطرف وتمرير رسائل تحريضية مبطنة إلى المعنيين بالأمر.
خطاب بناجح وأمثاله ليس مجرد كلمات عابرة؛ بل هو جزء من منظومة فكرية تهدد استقرار المجتمعات. هذا النوع من الخطاب التحريضي يحمل تداعيات خطيرة من أبرزها تعزيز بيئة التطرف حيث يتم تصوير العنف كطريق مقدس لتحقيق العزة يُحفز الشباب على تبني مواقف متشددة قد تتطور إلى أعمال إرهابية. هذا إلى جانب تقويض السلم المجتمعي حيث أن الخطاب الذي يزرع بذور الكراهية والانقسام يعرض المجتمعات إلى خطر التفكك والتناحر.
وعليه، فإنه لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع من الخطابات. من الضروري أن تتحمل المؤسسات الإعلامية والمجتمعية دورها في فضح الأبعاد التحريضية والأيديولوجية التي تحركها. وعلى المجتمع أن يكون واعيا للتمييز بين الدعم الحقيقي للقضايا العادلة، وبين استغلال هذه القضايا لتمرير أجندات متطرفة.
كما نناشد السلطات العمومية والأجهزة الأمنية المعنية مواصلة التصدي بكل حزم لكل أنماط التطرف والتحريض والإرهاب والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يمس، بأي شكل من الأشكال، أمن المغرب والمغاربة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 20 ساعات
- المغربية المستقلة
الوصفة السحرية التي اعتمدها العاهل المغربي لترسيخ نفوذ بلاده في القارة الإفريقية ، و بفضلها اصبح المغرب رقما صعبا
المغربية المستقلة : بقلم الصحافي حسن الخباز في تحقيق شامل وكامل خصصته للحديث عن قوة المغرب ونفوذه في إفريقيا ، ذكرت المجلة الشهيرة جون أفريك اسباب نجاح الملك محمد السادس في استعمال الدين للتعمق في ثغور إفريقيا وليصبح المغرب قوة أساسية في قلب القارة السمراء . وجاء في التحقيق المذكور أن إصلاحات محمد السادس وتحديثه للمؤسسات فضلا عن ترسيخ الطرق الصوفية ، تمكن أمير المؤمنين من تحويل الدين لاداة ديبلوماسية حقيقية . واضافت جون أفريك انه بفضل سياسته الحكيمة حقق استراتيجية دقيقة بين الإيمان والسياسية والقوة الناعمة الإفريقية ، لكون الدين بالمغرب لا يعد فقط مسألة روحية ، إنما ايضا اداة استراتيجية عمل الملك منذ اعتلائه العرش على الاستفادة منها كرافعة أساسية للنفوذ والقوة الناعمة بإفريقيا على وجه خاص . إنه عمل صعب – تضيف المجلة الإفريقية ، وقد تأتى بفضل تاريخ طويل من المجهودات الجبارة والعمل المتواصل للعاهل المغربي ، لذلك فهو الآن يجني ثمرة ذلك بتصنيف بلده ضمن افضل عشرين دولة من حيث الاداء . جدير بالذكر ان العلاقة الروحية بين المغرب وقارته انطلقت من بداية رحلات المستكشف المغربي الشهير ابن بطوطة والذي كان يزور إفريقيا في إطار جولاته الاستكشافية ، ولا يمكن إغفال اهمية توقف الافارقة خلال فترة راحة بالعاصمة العلمية للمملكة وتاديتهم الصلاة في الزاوية التيجانية . وقد عمل امير المؤمنين على ترسيخ هذه العلاقة وتمتينها اكثر فأكثر عن طريق 'الإسلام المغربي' المنظم والمؤطر والمصدر كمورد سياسي في حد ذاته لتكريس النفوذ المغربي على المستوى الإقليمي . تحقيق شيق يرصد القوة التي فرضها المغرب بنعومة واصبحت كلمته مسموعة بفضلها وصار ذا تأثير قوي ورقم صعب في القارة برمتها ، وهو إنجاز يحسب للملك محمد السادس الذي تربطه علاقات قوية ومتينة بحكام القارة خاصة وباقي قادة العالم على وجه العموم . ويهدف امير المؤمنين من خلال استراتيجيته طويلة الامد هذه ليضمن استقرار بلاده وليواجه في نفس الوقت الإنحرافات المتطرفة التي يمكن ان تأتي من المحيط الإقليمي على وجه التحديد كما اوردت مجلة جون أفريك . وفي هذا السياق ، استشهدت االمجلة بقول الملك في خطابه أمام علماء المغرب يوم 30 أبريل 2004: . حيث قال بالحرف : 'نحن اليوم في طور استكمال وتنفيذ استراتيجية متكاملة، شاملة ومتعددة الأبعاد لحماية المغرب من نزعات التطرف والإرهاب'. وقد كانت تلك الكلمات بمثابة خارطة طريق ، تَحدَّد توجّه المملكة الشريفة في مواجهة التهديدات الأيديولوجية، ومراهنة قائدها على إسلام معتدل، متجذر في المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني. وهي مدارس مألوفة لجزء كبير من غرب إفريقيا، حيث تمارس منذ زمن بعيد. وهكذا، يتقاسم المغرب مع العديد من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء 'تراثاً عقدياً يشكل عاملاً قوياً في التقارب بين شعوب المغرب وشعوب جنوب الصحراء'، بحسب ما يؤكد نفس الأكاديمي المذكور سابقاً. وقد جاء في نفس التحقيق ان الملك المغربي اسس عام 2006 الرابطة المحمدية للعلماء لتكون مركز تفكير ديني ينتج فهما عقلانيا للإسلام ، وقد تخرج منها العشرات من الطلبة الافارقة ، تعلموا اصول الدين المعتدل المتسامح قادرين على مواجهة التطرف والتشدد دون المساس بسيادة الدول الشريكة كما اكد الدكتور احمد العراقي لجون افريك . ولعل اقوى قوة ناعمة استغلها العاهل المغربي هي مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والتي تستقبل علماء دين من القارة بأكملها، وتنسج علاقات دائمة مع النخب الدينية المحلية، وتنظم حوارات عابرة للحدود حول إسلام ملائم للسياقات المحلية. 'هذه الدبلوماسية تخلق بيئة مواتية للاستثمار على المدى الطويل'


يا بلادي
منذ 2 أيام
- يا بلادي
رئيس الوزراء الفرنسي ينتقد "موضة" التركيز على الإسلام في النقاش العام
جدّد رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، رفضه لتحويل الإسلام إلى "موضوع تركيز" في النقاش العام الفرنسي أو إلى ورقة "مزايدة سيادية". وقال خلال استضافته يوم الثلاثاء على قناتي BFMTV و RMC: "أدرك أن ذلك أصبح موضة. وربما يلقى صدى لدى بعض الأوساط. لكن علينا أن نتعايش". وتأتي تصريحات بايرو في سياق تشهد فيه الساحة السياسية الفرنسية تنافسًا محمومًا بين الوزراء والمسؤولين المقربين من الرئاسة، بشأن تصريحاتهم الإعلامية المرتبطة بالإسلام وقضايا "الإسلامية". وكان تقرير نُشر الأسبوع الماضي حول ما وُصف بـ"الاختراق" من قبل جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا قد حظي بدعم واضح من وزير الداخلية، برونو ريتايو، لكنه قوبل بانتقادات من خبراء أشاروا إلى هشاشة منهجيته واعتماده على معطيات غير موثوقة. وفي سياق متصل، وُجّهت إلى بايرو أسئلة بشأن مقترح غابرييل أتال، القيادي في حزب النهضة، القاضي بحظر ارتداء الحجاب على الفتيات دون سن الخامسة عشرة. وردّ رئيس الوزراء بالقول: "لست أفهم تمامًا ما المقصود بذلك". وكان قد عبّر سابقًا عن تحفّظه إزاء استخدام مصطلح "الإسلاموفوبيا"، مفضلًا التريث في إطلاق توصيفات مثيرة للجدل. عقب الهجوم الذي استهدف مسجد "غراند كومب" في 25 أبريل الماضي، تساءل بايرو عن سبب الإحجام عن استخدام "المصطلحات الدقيقة". وصرّح آنذاك: "لا يمكننا محاربة ما لا نرغب في تسميته"، داعيًا إلى "التحلي بالشجاعة لقول الأمور كما هي". وقد تبنّى بذلك توصيفًا كان وزير داخليته يرفضه سابقًا.


كواليس اليوم
منذ 3 أيام
- كواليس اليوم
دكار.. مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تنظم مسابقة لحفظ القرآن الكريم
وكالات نظم فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالسنغال، أمس الأحد بدكار، النسخة السادسة لمسابقة حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده. واختارت لجنة التحكيم، المكونة من أعضاء بمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، المتأهلين من مختلف المراكز الدينية بالبلاد، في ثلاث فئات؛ وهي الحفظ الكامل مع الترتيل برواية ورش عن نافع، والحفظ الكامل مع الترتيل بمختلف القراءات والروايات، والتجويد مع حفظ خمسة أحزاب على الأقل. وفي ختام هذه المسابقة التي استضافها المسجد الكبير بدكار، تفوق ثلاثة متسابقين في الفئات الثلاث على أن يتنافسوا قريبا في المرحلة النهائية لهذه المسابقة التي تتوخى تعزيز اهتمام الشباب الإفريقي المسلم بالقرآن الكريم وتشجيعهم على حفظه وترتيله وتجويده. وتم توزيع الجوائز على الفائزين الثلاثة خلال حفل أقيم بحضور أعضاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وشخصيات دينية وعدد من المدعوين. وفي كلمة بالمناسبة، أعرب رئيس فرع السنغال لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، محمد القرشي نياس، عن خالص شكره وعميق امتنانه لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس على الرؤية المستنيرة والجهود التي ما فتئ جلالته يبذلها من أجل النهوض بالقيم النبيلة للإسلام. وأبرز، بهذه المناسبة، أهمية إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة كإطار علمي رائد، وخطوة لإعادة تنظيم الحقل الديني، بغية توحيد جهود العلماء المسلمين في المغرب وباقي الدول الإفريقية، والتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها. من جهته، قال سفير المغرب بدكار، حسن الناصري، إن 'العلاقة مع السنغال ليست مجرد علاقة أعمال، بل هي علاقة ذات طابع أعمق بكثير'. وأضاف أنه 'إلى جانب الروابط الإنسانية، فإن المغرب والسنغال تجمعهما علاقة استثنائية قائمة على انتمائنا المشترك للإسلام السني وممارسته'، مشيدا بتقديم البلدين مساهمة مهمة في المعارف الإسلامية. وأوضح قائلا 'لقد أنتجنا معا معرفة دينية. سواء في مخطوطات تيفوان، أو توبا، أو كاولاك، لا نزال نجد آثارا لهذه المراسلات والتبادلات التي كانت قائمة باستمرار بين المغرب والسنغال'. من جانبه، أبرز مدير الشؤون الدينية وإدماج حاملي الشهادات في اللغة العربية برئاسة جمهورية السنغال، دجيم عثمان درامي، أن هذا الحفل المهم يجسد بالأساس متانة العلاقات العريقة بين المغرب والسنغال، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين روحية وثقافية وعلمية وحضارية. وأشار إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى مواصلة تحفيز الشباب على الاهتمام بشكل أفضل بالقرآن الكريم والمعرفة والمعارف الإسلامية.