
هل تدخل طرابلس حرباً أخرى؟
الليبيون بطبعهم قدريون. يقبلون طائعين خاشعين ما يأتيهم من الله. ولهذا السبب، لم تُحدث الهزّة الأرضية التي ضربت العاصمة طرابلس مساء السبت الماضي خوفاً وهلعاً. قوة الهزّة كانت 4.1 بمقياس ريختر. شعر بها البعض ولم يشعر بها البعض الآخر من السكان.
خوف سكان العاصمة الليبية طرابلس هذه الأيام يأتي مما يدبر ويخطط وراء كواليس. أرتال من السيارات والمدرعات العسكرية قادمة من مدن عدة: مصراتة والزاوية والزنتان، تعبر الشوارع مثيرة الهلع في القلوب خشية من اندلاع حرب أخرى. ما يتسرب من أخبار يشير إلى رغبة رئيس الحكومة في التخلص من بعض الجماعات المسلحة، بسبب اتساع نفوذها. أكبر جماعتين مسلحتين في المدينة: جهاز الردع، وجهاز دعم الاستقرار، أعلنتا النفير العام.
التوتر العسكري في طرابلس وصل إلى مرحلة الاحتقان، يجعل الزائر للمدينة يظنّ أنّه دخل خطأ معسكراً. أصوات إطلاق النار تسمع بوضوح خلال ساعات الليل. «التسخين» هو الاسم الشعبي الذي يطلقه سكان طرابلس على تلك التدريبات التي تتم في مختلف المعسكرات استعداداً للحرب.
في الأيام السابقة كاد أن ينفجر الوضع برمّته، لدى قيام جهاز دعم الاستقرار بالهجوم على شركة الاتصالات (القابضة) بمنطقة زاوية الدهماني، واعتقال رئيسها ونائبه، وإصابة مسؤول آخر برصاصة. وأدى ذلك إلى إضراب العاملين بالشركة المسؤولة عن كل الاتصالات في ليبيا، ومن ضمنها المنظومة الإلكترونية الأمنية. تعطل الأخيرة أفضى إلى توقف إدارة الجوازات عن العمل وإصدار الجوازات الإلكترونية لمدة يومين. وتقول الأخبار إنه تم الإفراج عن المعتقلين يوم الأربعاء الماضي، وأرسل الثالثُ المصاب للعلاج في الخارج.
التوتر بين الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة والجماعات المسلحة في طرابلس ليس جديداً. إلا أنّه من الممكن الاستنتاج أن الأسباب وراء التوتر الحالي قد يعود إلى المسارات الجديدة التي أعلنت عنها بعثة الأمم المتحدة، بخصوص ترتيب الساحة، وإنشاء قيادة عسكرية موحدة في كل البلاد، تحت قيادة مدنية والإعداد لانتخابات، وتكون البداية بتعيين حكومة واحدة. المقترح في الأصل أميركي، وهدفه استبعاد الوجود الروسي في شرق البلاد. يضاف إلى ذلك الإجراءات الأخيرة التي قام بها المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي، وتمثلت في الاستعانة بخبرات شركة أميركية عالمية في رصد ومراقبة التحويلات المالية، الأمر الذي يسد الطريق أمام قادة الجماعات المسلحة في نهب المال العام، ويعوق خططهم في شراء الذمم والنفوذ وتهريب الأموال.
البعض من المحللين المحليين يرون أن التصعيد العسكري خطة ولدت في أروقة مكاتب رئيس الحكومة لتحويل الأنظار عن فضيحة الاتفاق مع الأميركيين حول ترحيل مهاجرين ومساجين إلى ليبيا. وهو تحليل لا يجد أرضاً يقف عليها؛ لأن المشروع الأميركي سُحب نتيجة الغضب الشعبي الهائل، مما اضطر الحكومتين في طرابلس وبنغازي إلى الإعلان عن رفضه.
ويظل من المهم الإشارة إلى أن سكان العاصمة لا هَمَّ لهم هذه الأيام إلا رصد وتصوير وتوثيق، بعدسات أجهزتهم المحمولة، ما يدخل العاصمة من أرتال عسكرية مسلحة، وبث الصور في الإنترنت، والتحريض على رفض الأرتال والمطالبة بعودتها إلى مدنها. ورفع شعار لا للحرب في طرابلس.
أخبار الحرب الوشيكة استحوذت على الاهتمام، حتى إنها غطّت على قضية النائب المختطف إبراهيم الدرسي. النائب العام سافر من مدينة طرابلس ووصل إلى مدينة بنغازي للتحقيق في القضية. حكومة بنغازي التي أعلنت على لسان رئيسها أن الشريط المرئي المعروض على الإنترنت للنائب من عمل الذكاء الاصطناعي، لم تعد إلى تكرار ذلك التبرير، واكتفت بالصمت بعد أن تبيّن أن الشريط المرئي أصلي. ومع ذلك لم يخرج رئيس الحكومة ويعتذر للمواطنين، ويبين لهم ما غمض من أمور تتعلق باختطاف النائب. ويشاع أن مسؤولين في حكومة بنغازي اجتمعوا بأعيان من قبيلة النائب المختطف، وأبلغوهم أن وراء اختطافه أجهزة مخابرات أجنبية! وهو إن صحَّ دليل على أن الارتباك قد بلغ أشده، ولم يعد ممكناً تغطية عين الشمس بغربال؛ لأن التفسير المقدم لأهل الضحية زاد الأمر سوءاً، كونه غير قابل للتصديق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
عاطف ابو حجر يكتب: تحالف الزوجات
بقلم : عاطف أبو حجر - في زمنٍ أصبح فيه الزواج مرة واحدة يُعتبر بطولة وطنية، هناك من قرر أن يفتح على نفسه "أربع جبهات"، ويخوض معركة الحياة الزوجية بـ"فِرقة كاملة"! لكن المفاجأة؟ أن هذا الخيار، رغم ما يقال عنه، قد يحمل في طياته وجهاً مشرقًا… نعم، نحن نتحدث عن تحالف الزوجات: تلك المنظومة الفريدة التي تجمع بين المنافسة، والرعاية، والمراقبة الجماعية! في بيت الرجل المتعدد، المهام لا تتراكم، بل تتوزع كما تتوزع المناصب الوزارية في حكومة وفاق. واحدة تُعد الطعام، والأخرى تُلبّس الأطفال، والثالثة تنظّف وهي تغنّي، أما الرابعة فتنتظر الزوج عند الباب بابتسامة دبلوماسية وكوب عصير، وكأنها سكرتيرة في مكتب تنفيذي رفيع المستوى. الزوج في هذا البيت لا يمشي، بل يُحمل على الأكتاف (مجازيًا طبعًا)! كل زوجة تسعى لإثبات أنها الألطف، والأجمل، والأجدر بالقلب والمعدة معًا. فإحداهن تطبخ المنسف، والثانية تجهّز الحمام المغربي، والثالثة تبتكر نكتة لتضحكه، أما الرابعة فتكتب له شعرًا وتختمه: "زوجي، يا تاج العز في قلبي!" لا يغترّن أحد بهذا النعيم الظاهري، لأن ما خفي أعظم! تحالف الزوجات هو اتحادٌ أنثوي لا يُستهان به، فيه مراقبة دقيقة، وتحليلات نفسية، وتقارير تُرفع أولاً بأول. أي تصرف مريب من الزوج سيُرصد، وسيناقَش في اجتماع مغلق داخل المطبخ، وسيتلقى الزوج بعدها "نظرات موحّدة" كأنهن لجنة تحقيق عليا. وفي دولة الصومال الشقيقة، لا يُعتبر التعدد خيارًا، بل فرض كفاية اجتماعي! الشاب هناك يتزوج في الثامنة عشرة، وإن بلغ العشرين دون زواج، تتحرّك القبيلة وتُحاسب أهله: "كيف تسمحون له أن يعارَس؟!" وبعد أول مولود، تُفاجئه والدته قائلة: "حان وقت الزوجة الثانية، وهذه اختياري!" ثم في الثلاثين، تُقام له حفلة استقبال للزوجة الثالثة. أما الكارثة الكبرى؟ أن يبلغ الأربعين بلا زوجة رابعة… فهنا تنعقد المجالس، وتُرفع التقارير، وقد يُنزع منه لقب "رجل" حتى إشعار آخر! وأنا، شخصيًا، لا أرى في التعدد عيبًا ولا فضيحة، بل أقولها علنًا: أنا مع تعدد الزوجات، وبكل فخر. لكن بشروط واضحة لا لبس فيها: أن تكون مقتدرًا ماليًا، صحيًا سليمًا، نفسيا مستقرًا، والأهم: أن تكون عادلاً بكل ما تعنيه الكلمة. فلا تعيش بين أربع نساء وتوزّع الظلم كما توزّع الورود! لأن الله تعالى قالها صريحة في كتابه: "ولن تعدلوا". ومن لا يقدر على العدل، فليبقَ على واحدة… ويُكثر من الشاي والهدوء. في النهاية، أن تكون في قلب إن أحسنتَ التعامل، فأنت هارون الرشيد… وإن أسأت الإدارة، فأنت هاربٌ من العدالة النسائية!

السوسنة
منذ 3 ساعات
- السوسنة
أردنيّو الإنتماء هاشميّو الولاء
م. ولاء السرحانفي مثل هذا اليوم من كل سنة يرتسم في كياني نفس الإحساس والشعور شعور الولاء والبهاء والكبرياء فيملأني شموخًا واعتزازًا، وكأنما مشاعر الشموخ و الفخر والاعتزاز تتجدد فيه وتنغرس بالقلب والعقل والروح وكيف لا تتجدد! فهذا اليوم المميز محفور في قلب وذاكرة كل نشمي اردني. من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها يتزين الأردن بنبض قلوب أبنائه ورجاله ونسائه وأطفاله، ويرفرف علم بلدنا مرفوعا عاليا شامخا ابيا. في ذكرى الاستقلال لا نستذكر ماضينا فحسب؛ وإنما نقوي عزيمتنا في تطوير بلدنا والإسهام في رفعة هذا الوطن في كافة القطاعات ومجالات الحياة.ليبقى الأردن دائما وابدا :الأردن اولا.الذي أولته القيادة الهاشمية الرشيدة محط اهتمامها التي قادت البلد إلى بر الأمان وسطرّت النجاحات المتتالية في ساحات البناء والتطوير في كل القطاعات التي ارتقت إلى التميز والإبداع. ففي الخامس والعشرون من ايار نقف وقفة عزٍ وشموخ استعدادًا للنهوض لبقاء الاردن قويا مُهيبا معتزا بكرامته ثابتًا لاينحني. وكذلك فإن للجميع مسؤوليته ولكل فرد من أفراد المجتمع دور يؤديه، فالرجال والأطفال والشباب والمرأة لهم دور بارز في رفعة الأردن الغالي. لا بد لنا من السعي دائما لتحقيق رؤية جلالة الملك الرائدة التي ترتكز على تحقيق التنمية المستدامة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكافة جوانب الحياة وتعزيز مشاركة جميع المواطنين في المشاركة الفاعلة في صنع القرارات التي تؤثر إيجابياً على حياتنا المستقبلية وبناء مستقبل الأردن الرائد.ومن مقولة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه "أنتم مطالبون بأن تكونوا على قدر هذه المسؤولية، وجديرين بهذا الحمل، لأن مستقبل الأردن أمانة نودعكم إياها ولأن غد الأردن هو اليوم، وشباب الأردن هم غد الوطن وآفاقه الرحبة"وفي الختام لا يسع المقام إلا لأن أقول:دمت يا أبا الحسين عالي المقام وقائد الدرب وصانع المستقبل ومُلهم التطوير وعِشت يا أردن عزيزًا مكرما، ودامت رايتك خفّاقة شامخة ترفرف عالية متألقة بالفخر والكرامة.

عمون
منذ 4 ساعات
- عمون
عيد الاستقلال: مسيرة قادة ووفاء شعب
يأتي عيد الاستقلال كل عام ليوقظ في القلوب مشاعر العزة والكرامة، ويذكر الأجيال بأن ما ينعم به الوطن اليوم من حرية وأمن واستقرار، لم يكن إلا ثمرة كفاح طويل خاضه القادة الأوائل بوعي وعزيمة، وسند من شعبٍ وفيّ لم يعرف الهزيمة، بل ظل شامخًا صامدًا في وجه التحديات. إن الاستقلال لم يكن لحظة عابرة في التاريخ، بل هو مسيرة بدأت بقرار، وتكرّست بتضحيات عظيمة. فقد وقف الهاشميون المؤسسون في وجه الظلم والاستعمار، متحدين الظروف الصعبة، حاملين راية الوطن، وواضعين نصب أعينهم هدفاً واحداً: أن يعيش أبناؤهم في وطن حر، سيد، مستقل. وهكذا، سطروا بأفعالهم صفحات من نور، أصبحت نبراساً لكل من يسعى للحرية والكرامة. حيث اثبت الأردنيون انهم على قدر المسؤولية، فوقفوا خلف قيادتهم، صامدين في وجه الصعاب، مشاركين في البناء والتنمية، ومتمسكين بقيم الانتماء والولاء. وقد أثبت التاريخ أن الشعب الذي يفتخر بماضيه، ينجح في رسم مستقبله. عيد الاستقلال هو تذكير دائم بأن الحرية مسؤولية، وأن الحفاظ على مكتسبات الوطن واجبٌ لا يقل أهمية عن نيلها. ففي كل احتفال، نُجدد العهد بأن نبقى أوفياء لتضحيات أجدادنا، ماضين على دربهم، عاملين من أجل مستقبل أكثر إشراقاً لأبنائنا. في هذا اليوم المجيد، نرفع رؤوسنا فخرًا، ونقف احترامًا لكل يدٍ ساهمت في بناء الوطن، ولكل روحٍ ارتقت من أجله، ونعاهد الله والوطن والقيادة أن نبقى الجنود الأوفياء، نحمي الإنجاز ونرعى الأمل.