logo
بين التخزين والامتثال.. معركة الوعي في قلب المدينة

بين التخزين والامتثال.. معركة الوعي في قلب المدينة

الرياض٠٦-٠٧-٢٠٢٥
إنَّ الخطاب الذي نحتاجه اليوم، هو خطاب وعي يتجاوز الشعارات، ويبلور شراكة مكانية حقيقية بين الفرد والدولة والجهات الرقابية، فلا يكفي أن تكون المخالفة ظاهرة قانونية تُرصد، بل يجب أن تكون علامة على خلل في المنظومة الفكرية والسلوكية للمدينة، والحل يكمن في التغيير من الداخل، أي تغيير في عقلية الفرد تجاه الحيّ، وكيفية رؤيته لمستقبله في مدينته.
في قلب المدينة، وبينما تُغلق الأبواب على الواجهات التجارية اللامعة، تبدأ فصول جديدة من الفوضى في الزوايا المغلقة، ومن ذلك: مستودعات سكنية تُستغل بشكل غير مرخص، وتخزين غير منظم يتسرّب إلى الأحياء السكنية، يغرس بذور الخطر في أبسط تفاصيل حياتنا اليومية، وهنا، تتبدّى الحقيقة المؤلمة في أن إشكالية التخزين العشوائي أكثر من كونها مُخالفة تنظيمية، إلى مسألة وجودية ترتبط بالوعي المجتمعي وسلامة الإنسان والمكان.
المسألة هنا، ظاهرة تستدعي وقفة تأمّل، لذا، كيف لنا أن نسمح بتحويل شقة سكنية إلى مستودع مكتظّ بالبضائع دون رادع، ودون أن نرى فيه تهديدًا مباشراً لمفهوم العيش الآمن في المدينة؟، فهذا السلوك لا يؤثّر على المباني والبنية التحتية فقط، بل يمتد أثره إلى البيئة والصحة العامة، وقد يؤدي إلى أمور لا تُحمد عقباها، كانتشار الحشرات والقوارض، والاعتماد على طرق تخزين غير آمنة تؤدي إلى مخاطر حريق وانهيار، وحتى عرقلة خدمات الإسعاف والدفاع المدني، فهل سنصمت في وجه هذا العبث الحضري؟
الحل، لا يبدأ بالتدابير القانونية والتفتيشية فقط، بل في زرع وعي مجتمعي حقيقي، فالمواطن والمُقيم ليسوا متفرجين، بل شركاء في رسم ملامح مدن آمنة وأحياء حية، فالبلاغ عن التخزين غير المرخّص يجب أن يصبح ممارسة يومية، وأداة تحضرية يُساهم بها كل فرد في حماية محيطه وحفظ سلامة مجتمعٍ بأسره.
سجلت وزارة البلديات والإسكان خطوة إيجابية بتسليط الضوء على هذه الظاهرة، واعتبارها مسألة مجتمعية، وليست مخالفة فردية تُحلّ بمعاقبة فلان أو علان، فحينما تُطلق الوزارة حملتها التوعوية، وتفعّل تطبيقات الإبلاغ الرقمي، فإنها تقول للمواطن والمُقيم معًا "أنتم جزءٌ من الحلّ، حافظوا على أحيائكم وساهموا في بناء حياة أفضل"، وهذه الرسالة لا تؤثّر على المخالف فقط، بل تعيد صياغة العلاقة بين الفرد والمدن التي يسكنها، والانتقال من طرف سلبي مقاوم، إلى شريك فاعل ومراقب مستيقظ.
ورغم أن التوعية ضرورية، فإن التدخّل الرقمي ومواصلة تعزيز أدوات الرقابة يكفلان الاستدامة. فالتقنيات الرقمية، من تطبيقات الهواتف الذكية إلى الذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تكشف عن أي شذوذ في استخدام المباني، وتتابع الترخيص أولا بأول، فضلًا عن ربط ممارسات التخزين بمنظومة السلامة.
إن الحديث عن السلامة والجودة لا يكتمل إلا حين يُصحب بتنمية اقتصادية عادلة، إنَّ الخطاب الذي نحتاجه اليوم، هو خطاب وعي يتجاوز الشعارات، ويبلور شراكة مكانية حقيقية بين الفرد والدولة والجهات الرقابية، فلا يكفي أن تكون المخالفة ظاهرة قانونية تُرصد، بل يجب أن تكون علامة على خلل في المنظومة الفكرية والسلوكية للمدينة، والحل يكمن في التغيير من الداخل، أي تغيير في عقلية الفرد تجاه الحيّ، وكيفية رؤيته لمستقبله في مدينته.
إن ما تقوم به وزارة البلديات والإسكان، هو نواة تحوّل حضري شامل، وليس برنامج توعوي أو حملة تقنية فقط، إضافة إلى أنه صياغة جديدة لفضاء العمران والمواطن، ما يعني أن الفرصة الآن مواتية لنجعل من الإبلاغ الأساس، ومن الرقابة الرقمية ضمانًا، ومن جودة الحياة هدفًا، ومن المشاركة المجتمعية ثقافة ثابتة.
حين يتحوّل كل مواطن أو مُقيم إلى مرصد حضري واعٍ، ينحسر عبث التخزين العشوائي وتستعيد المدينة توازنها وجمالها وسلامتها.. دمتم بخير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

55 قتيلاً بنيران الاحتلال.. و أولمرت: «المدينة الإنسانية» الإسرائيلية في غزة سجن للفلسطينيين
55 قتيلاً بنيران الاحتلال.. و أولمرت: «المدينة الإنسانية» الإسرائيلية في غزة سجن للفلسطينيين

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

55 قتيلاً بنيران الاحتلال.. و أولمرت: «المدينة الإنسانية» الإسرائيلية في غزة سجن للفلسطينيين

فيما لقي قتل أكثر من 55 فلسطينياً بينهم باحثون عن المساعدات في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، من أن «المدينة الإنسانية» أو ما تعرف بـ«خطة رفح» التي اقترحها وزير الدفاع الإسرائيلي ستكون بمثابة سجن ومعسكر اعتقال للفلسطينيين، موضحاً أن إجبارهم على الدخول إليها سيكون بمثابة «تطهير عرقي». وقال أولمرت في تصريحات لصحيفة الـ«غارديان»: إسرائيل ترتكب بالفعل جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، وبناء مثل هذا المعسكر سيمثل تصعيداً خطيراً في مسار هذه الانتهاكات، مضيفاً: «إنه معسكر اعتقال.. أنا آسف». وأشار إلى أنه إذا رُحِّل الفلسطينيون إلى المدينة الإنسانية الجديدة، يُمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي. فهذا هو التفسير الحتمي لأي محاولة لإنشاء مخيم لمئات الآلاف من الأشخاص، مبيناً أن الحملة الإسرائيلية الحالية لا تُعدّ تطهيراً عرقياً. ولفت إلى أن إجلاء المدنيين لحمايتهم من القتال قانوني بموجب القانون الدولي، مشيراً إلى أن الفلسطينيين عادوا إلى المناطق التي انتهت فيها العمليات العسكرية، موضحاً أن مزاعم الحكومة الإسرائيلية حول بناء «المدينة الإنسانية» وأن هدفهم حماية الفلسطينيين هو أمر «يفتقر إلى المصداقية». وقال رئيس الوزراء السابق: «عندما يبنون مخيماً ويخططون لـتطهير أكثر من نصف غزة، فإن الفهم الحتمي لاستراتيجية هذه الخطة هو أنها ليست لإنقاذ الفلسطينيين، بل لترحيلهم ودفعهم ورميهم بعيداً، ليس لدي أي فهم آخر». يذكر مشروع «المدينة الإنسانية» أو ما تعرف بـ«خطة رفح» تحظى بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خصوصاً في ظل رفض إسرائيل الانسحاب من المنطقة التي حددها وزير الدفاع لإنشاء المخيم والتي لا تزال نقطة خلاف في المفاوضات المتعثرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة. أخبار ذات صلة

الجهات الأمنية تضبط أكثر من 20 ألف قرص مخدر وتطيح بعدة مروجين في ثلاث مناطق
الجهات الأمنية تضبط أكثر من 20 ألف قرص مخدر وتطيح بعدة مروجين في ثلاث مناطق

صحيفة سبق

timeمنذ 2 أيام

  • صحيفة سبق

الجهات الأمنية تضبط أكثر من 20 ألف قرص مخدر وتطيح بعدة مروجين في ثلاث مناطق

تواصل الجهات الأمنية في المملكة جهودها المكثفة في ملاحقة وضبط المروجين والمهربين لحماية المجتمع من آفة المخدرات، حيث أسفرت عمليات متزامنة في ثلاث مناطق عن الإطاحة بعدد من المتورطين وضبط كميات من المواد المخدرة، في إطار عمل مشترك يستند إلى الجاهزية الميدانية والتنسيق الفاعل بين مختلف الأجهزة الأمنية. وفي منطقة المدينة المنورة، تمكنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات من القبض على مقيم من الجنسية الهندية ومواطن تورطا في ترويج مادة الإمفيتامين المخدر، وتم إيقافهما واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما وإحالتهما إلى النيابة العامة. وفي منطقة جازان، أحبطت دوريات الأفواج الأمنية محاولة تهريب كمية ضخمة من الأقراص الخاضعة للتداول الطبي بلغت (20,400) قرص، وذلك بمحافظة فيفا، حيث تم تسليم المضبوطات إلى جهة الاختصاص لاستكمال الإجراءات النظامية. وفي منطقة الباحة، ألقت مكافحة المخدرات القبض على مواطن ثبت تورطه في ترويج مادتي الحشيش والإمفيتامين، وتم إيقافه وإحالته إلى النيابة العامة بعد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة. وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية و(999) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات (995)، وعبر البريد الإلكتروني (Email: 995@ وستعالج جميع البلاغات بسرية تامة، دون أدنى مسؤولية على المبلغ.

"السياحة" تضبط 10 مكاتب خدمات سفر وسياحة مخالفة في الرياض
"السياحة" تضبط 10 مكاتب خدمات سفر وسياحة مخالفة في الرياض

الرياض

timeمنذ 2 أيام

  • الرياض

"السياحة" تضبط 10 مكاتب خدمات سفر وسياحة مخالفة في الرياض

نفّذت الفرق الرقابية بوزارة السياحة زيارات تفتيشية على مكاتب الأنشطة السياحية، بما في ذلك وكالات السفر والسياحة بمدينة الرياض، وذلك ضمن حملة ضيوفنا أولوية التي أطلقتها الوزارة بهدف الوقوف على مدى التزام هذه المكاتب بالأنظمة والاشتراطات النظامية المعتمدة في مختلف مناطق المملكة. وأسفرت الحملة الرقابية في مدينة الرياض عن ضبط (10) مكاتب خدمات سياحية مخالفة، تمثلت أبرز مخالفاتها في مزاولة النشاط دون الحصول على ترخيص من وزارة السياحة، إلى جانب تنظيم حملات عمرة وزيارة مخالفة، بما في ذلك نقل المعتمرين بوسائل نقل غير مرخصة، وتسكينهم في مرافق ضيافة غير نظامية بمكة المكرمة والمدينة المنورة. وتهدف هذه الحملة التي تأتي في إطار جهود الوزارة المستمرة لحماية حقوق السياح والزوار وتنظيم عمل مكاتب الخدمات السياحية إلى ضبط المكاتب التي تمارس الأنشطة السياحية دون الحصول على ترخيص أو التي تخالف طبيعة الأنشطة المحددة في تراخيصها، في خطوة تُجسد حرص الوزارة على ضمان جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين، والتصدي للأنشطة المخالفة لنظام السياحة، بما يسهم في تعزيز التجربة السياحية وحفظ حقوق السياح والزوار في مختلف وجهات المملكة. وأكّدت الوزارة أنها ستُطبق العقوبات النظامية المقررة، التي تشمل فرض غرامة مالية تصل إلى (50) ألف ريال، تتضاعف في حال تكرار المخالفة لتصل إلى مليون ريال، بالإضافة إلى عقوبة الإغلاق أو الجمع بين العقوبتين على كل مكتب مخالف، داعية مكاتب الخدمات السياحية المرخصة إلى الالتزام بتطبيق الاشتراطات والمتطلبات التي نصّت عليها التراخيص الممنوحة لها. ودعت وزارة السياحة جميع المستفيدين من الخدمات السياحية إلى الحرص على التعامل مع المكاتب المرخصة والنظامية، حفاظًا على حقوقهم وضمانًا لتجربة سياحية آمنة وموثوقة، منوهة بإمكانية الإبلاغ عن أي ملاحظات تتعلق بالخدمات المقدمة في مرافق الضيافة السياحية عبر التواصل مع المركز الموحد للسياحة على الرقم (930).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store