
هل من حق الجميع الحصول على دخل ثابت دون اعتبارات العمل والتعليم؟
Getty Images
تخيّل أن مبلغاً مالياً معيناً يُمنح لك كل شهر، بغضّ الطرف عن وضعك المالي أو الاجتماعي.
هذه هي جوهر فكرة "منحة الدخل الأساسي الشامل" أو ما يُعرف اختصاراً بـ UBIG، وهي فكرة ناقشتها حكومات حول العالم على مدى سنوات، وكانت أيضاً محور عدد من التجارب الاجتماعية.
في ألمانيا، قامت منظمة غير ربحية مقرها برلين تُدعى "دخلي الأساسي" (Mein Grundeinkommen) بمتابعة 122 شخصاً لمدة ثلاث سنوات، تلقّى كلٌّ منهم مبلغاً شهرياً غير مشروط قدره 1365 دولاراً.
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص لم يصبحوا أقل ميلاً للعمل، بل إن الجميع حافظوا على وظائفهم بدوام كامل. ومع ذلك، أبدى عدد كبير من المشاركين شعوراً أكبر بالأمان مما دفعهم لتغيير وظائفهم. كما أبلغوا عن زيادة في الرضا الوظيفي، وخصصوا وقتاً أكبر للتعليم والتدريب.
Khaled Desouki/AFP via Getty Images
تثير فكرة منح الدخل الأساسي الشامل جدلاً في الأوساط السياسية والأكاديمية
أظهرت دراسة كبرى أخرى لا تزال مستمرة في كينيا، وتموّلها منظمة غير ربحية أخرى تُدعى GiveDirectly، نتائج مماثلة – وإن كانت مؤقتة حتى الآن. ففي هذه التجربة، يتلقى أفراد في 295 قرية موزعة على مقاطعتين تحويلات مالية عبر الهاتف المحمول تمتدّ بين عامين و12 عاماً.
وعلى نطاق واسع، لم تُسجَّل أيّ تراجعات عامة في حجم القوى العاملة، لكن العديد من المشاركين غادروا وظائفهم المأجورة ليؤسسوا مشاريعهم الخاصة أو يتحوّلوا إلى العمل الحر. بعضهم حتى بدأ يجمع موارده مع آخرين ليتناوبوا على تقاسم العائدات.
وتقول كادي، وهي أرملة من دون مصدر دخل ثابت وتعيش في كينيا: "راحة البال التي أشعر بها حين أعلم أنني لن أذهب إلى النوم جائعة، لا تُقدَّر بثمن".
تعمل كادي كعاملة بالأجر اليومي، وهي من المستفيدات من البرنامج، وتتلقى تحويلات شهرية بقيمة 34 دولاراً من منظمة GiveDirectly، وهي مبالغ تقول إنها تعتمد عليها كلياً، واصفة إياها بأنها "أصبحت مصدر الأمل الوحيد والثابت في حياتي".
وتضيف: "لقد منحني هذا المشروع شعوراً بالانتماء، وأتاح لي فرصة الوصول إلى مبلغ مالي كبير دفعة واحدة – وهو أمر لم أكن أتخيله يوماً. أخطّط لشراء ثيران للحراثة عندما يحين دوري".
"يُسقطون من الحسابات"
Getty Images
هناك الكثير من مستحقي الدعم المالي لا يحصلون عليه لأسباب مختلفة
ما مدى إثارة نتائج هذه الدراسات؟ "ليست مفاجِئة على الإطلاق"، تجيب الدكتورة كيلي هاوسون، الباحثة في "معهد العدالة الاقتصادية" بجنوب أفريقيا.
وتقول هاوسون في حديثها لبي بي سي: "أي جهود تستهدف الناس بناءً على تفاوت الدخل محكومٌ عليها بالفشل دائماً. لسنا بحاجة إلى مزيد من التجارب لتبيان أن الدخل الأساسي الشامل لا يدفع الناس إلى الانسحاب من سوق العمل، بل على العكس، يُمكّنهم ذلك من إطلاق مشاريعهم الخاصة وتنشيط الاقتصاد المحلي".
وتشير إلى أن برامج الدعم المالي المشروطة، أي تلك التي تُمنح بناءً على اختبار للدخل بدلاً من أن تشمل الجميع، تؤدي دائماً إلى نوع من الإقصاء. فهناك دائماً من "يتسرب من بين الشقوق" ولا يحصل على حقه.
فعلى سبيل المثال، في جنوب أفريقيا، يعتمد الحصول على منحة دعم الدخل على توفر قدر من المعرفة الرقمية، في حين أن نحو 20% من السكان لا يملكون إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
ويُتوقَّع من المستفيدين أيضاً امتلاك هاتف ذكي بكاميرا عالية الجودة لتلبية متطلبات الهوية البيومترية. ونتيجة لذلك، تقول هاوسون إن كثيراً ممن تنطبق عليهم شروط الاستحقاق لا يحصلون في الواقع على أي دعم مالي.
وفي الهند، فإن المواطنين الحاصلين على بطاقات "تحت خط الفقر" مؤهلون لتلقي الإعانات الحكومية، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن نحو نصف الفقراء لا يملكون هذه البطاقة.
وفي مقال نُشر على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2016، كتب البروفيسور براناب باردان، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "إجراء اختبارات الاستحقاق يمكن أن يكون صعباً للغاية في بيئة تتركز فيها الوظائف في القطاع غير الرسمي، لا سيما العمل الذاتي، دون وجود سجلات أو بيانات دخل رسمية. وفي ظل هذه الظروف، فإن تحديد الفقراء يصبح أمراً مكلفاً، فاسداً، معقداً، ومثاراً للجدل".
هل يكون المال للجميع؟
Alex Plavevski/EPA-EFE/REX/Shutterstock
رجحت دراسات أن صرف منح مالية يوفر قدراً أكبر من المرونة للمواطنين للإنفاق على الأشياء التي تتناسب مع احتياجاتهم
هل تعكس نتائج التجربة الألمانية ما توصلت إليه تجارب أخرى في أنحاء مختلفة من العالم؟ وهل ما زالت فكرة الدخل الأساسي الشامل تحظى بقبول عالمي؟
شهدت السنوات الأخيرة عدداً من التجارب المشابهة في دول نامية، من بينها تجارب في ولاية ماديا براديش الهندية، وقرى في ناميبيا، فضلاً عن برنامج التحويلات النقدية الشامل في إيران الذي أُطلق عام 2011 لتعويض المواطنين عن رفع الدعم عن الغذاء والوقود، وفقاً لما أورده عدد من الاقتصاديين، من بينهم الحائز على جائزة نوبل أبيجيت بانيرجي، في ورقة بحثية نُشرت عام 2019 عن "المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية" (NBER) في الولايات المتحدة.
ورغم صعوبة استخلاص استنتاجات قاطعة من هذه التجارب المتنوعة، فإن هناك مؤشراً مشتركاً يتمثل في أن هذه المنح وفّرت للمستفيدين قدراً من المرونة. بمعنى أن كل فرد أنفق المال في المجال الذي كان أكثر ارتباطاً بحياته الشخصية – سواء لتأمين الغذاء، أو لتكاليف علاج العقم، أو حتى للحصول على وسائل منع الحمل.
وتقول الدكتورة كيلي هاوسون إن آثار الدخل الأساسي الشامل تكون إيجابية بشكل خاص في البيئات التي تشهد مستويات عالية من التفاوت الاجتماعي. لكنها تضيف أن الدعم للفكرة لا يقتصر على تيار سياسي بعينه، بل يمتد عبر الطيف السياسي بأكمله.
فبالنسبة لليسار، تنطلق الحجة من قناعة بأن الحصول على دخل هو حق أساسي من حقوق الإنسان. أما اليمين الليبرالي – رغم اختلاف المنطلقات – فيرى في الدخل الأساسي أداة فعالة أيضاً.
وتشير إلى أن شخصيات بارزة مثل الملياردير ورجل الأعمال والمستشار السياسي إيلون ماسك دافعت عن الدخل الأساسي الشامل، بحجة أنه وسيلة ضرورية للحفاظ على الطلب الاستهلاكي في ظل تصاعد وتيرة الأتمتة وانتشار الذكاء الاصطناعي.
وتضيف هاوسون: "الدخل الأساسي الشامل أداة قوية للتنمية. صحيح أن المبررات تختلف من سياق لآخر، لكن جوهر الفكرة يبقى واحداً".
وتلفت إلى فوائد أخرى محتملة من تطبيق منحة الدخل الأساسي الشامل، إذ تظهر البيانات أن لها آثاراً إيجابية على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تأثيرها الموثّق في معدلات التعليم، حيث يبقى أطفال الأسر المستفيدة في المدارس لفترة أطول.
كما توضح أن النساء اللواتي شاركن في التجارب في كينيا والهند أبلغن عن شعور أكبر بالاستقلالية، بعد أن تحرّرن من الاعتماد على الذكور في الأسرة للحصول على المال. وفي بعض الحالات، ساعدت هذه المنح النساء على الخروج من علاقات سيئة.
Getty Images
تظهر كفاءة المنح المالية في الدول ذات الدخل المنخفض
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن من الصعب استخلاص استنتاجات شاملة من التجربة الألمانية.
البروفيسورة إيفا فيفولت، من جامعة تورنتو في كندا، قادت دراسة حول منحة الدخل الأساسي الشامل (UBIG) في ولايتي تكساس وإلينوي الأمريكيتين.
وفي هذه التجربة، تلقّى المشاركون تحويلات نقدية سنوية بقيمة 12 ألف دولار لكل شخص لمدة ثلاث سنوات. لكنهم، وعلى عكس نتائج التجربة الألمانية، عملوا أقل بمعدل 1.3 ساعة في الأسبوع، وانخفض دخلهم المكتسب بنحو 1,500 دولار سنوياً.
وقالت فيفولت لبي بي سي: "البلدان ذات الدخل المنخفض تميل إلى إظهار آثار أكثر إيجابية، بينما تكون النتائج أكثر تراجعاً في الدول ذات الدخل المرتفع".
وأضافت: "في دراستنا، لاحظنا أن عدداً متزايداً من المشاركين توقفوا عن العمل أو قلّصوا عدد ساعات عملهم".
وتابعت: "قد يكون الأمر مجرد تخمين، لكن في البلدان الفقيرة، الناس غالباً ما يعانون من نقص السيولة، وبالتالي فإن المال يُحدث فرقاً كبيراً. أما في الدول الغنية، فقد تكون المشكلات التي يواجهها الأفراد أعقد من أن تُحلّ بالمال وحده".
ماذا عن دافعي الضرائب؟
قالت هوسون إن هناك اعتقاد منتشر على نطاق واسع عالمياً بأن الدخل الأساسي الشامل من شأنه أن يعزز "متلازمة الاعتمادية" وأن القاعدة الضريبية الآخذة في التضاؤل ستواجه المزيد من الضغوط لتمويل أولئك الذين لا يستطيعون - وربما لا يريدون - العمل.
وذكرت فلورا جيل، من جامعة سيدني في أستراليا، في مقال كتبته لمدونة Transforming Society في 2023، مشككةً في فكرة الدخل الأساسي الشامل "إذا أراد الناس العمل، فيجب أن يكونوا قادرين على ذلك. ولا ينطبق ذلك على الوضع الحالي على الإطلاق. وقبل أن نطبق فكرة الدخل الأساسي الشامل، نحتاج أولاً إلى ضمان حق الإنسان الأساسي".
وأعربت جيل عن مخاوفها حيال أن يكون السبيل الوحيد لتمويل الدخل الأساسي الشامل- الذي تعتقد أنه سيكون "أقل بكثير من مستوى الكفاف" - هو زيادة الضرائب بشكل كبير، مؤكدة أن "الدخل الأساسي الشامل يتطلب، في حد ذاته، ضخاً هائلاً من الإيرادات الضريبية غير المتداولة حالياً في اقتصاداتنا".
لكن هاوسون ترى أن الدخل الأساسي الشامل يحقق العكس.
وقالت: "ففي جنوب أفريقيا، هناك الكثير من المحرومين من جميع الميزات الاقتصادية. ومن أجل تعزيز القاعدة الضريبية، يجب معالجة مشكلة نقص الغذاء والجوع أولاً، وتمكين الناس من الوصول إلى أولى درجات السلم. عندها، يُمكن إطلاق العنان للإبداع البشري وروح ريادة الأعمال. فالناس يريدون أن يكونوا أكثر إنتاجية".
وبعيداً عن أن القاعدة الضريبية تتعرض لضغوط متزايدة بسبب تمويل الدخل الأساسي الشامل، "تعود الأموال إلى خزائن الحكومة إما من خلال الإنفاق، أو من خلال ضريبة القيمة المضافة، أو تأسيس الشركات. إنه استثمار في مستقبل الاقتصاد، ليس إهداراً".
مخاوف أخرى
رغم الإمكانيات الكبيرة التي يحملها مفهوم منحة الدخل الأساسي الشامل (UBIG)، إلا أن بعض الباحثين يبدون تحفظات بشأن تطبيقه.
من بين هذه المخاوف، احتمال انكماش سوق العمل إذا لم يعد لدى الأفراد حافز كافٍ للعمل، بحسب ما يقول بعض الخبراء.
وتُعدّ مسألة التضخم تحدياً آخر. ففي إيران، على سبيل المثال، لم تتمّ مراجعة القيمة التي تُصرف ضمن نظام التحويلات النقدية الشاملة منذ إطلاقه عام 2011، ما أدى إلى تآكل فعلي في القوة الشرائية للمستفيدين بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل حاد، وفقاً لدراسة نُشرت عام 2019 من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER).
ويحذّر الخبراء أيضاً من أن التماسك الاجتماعي قد يتعرض للاهتزاز، وهو ما قد يُفضي إلى حالة من عدم الاستقرار في بعض المجتمعات.
وفي المجمل، ترى البروفيسورة فيفولت أن الأمر يتعلق بقيمة "حرية الاختيار" التي ترغب الحكومات في منحها لمواطنيها، ومدى استعدادها لتحمل الكلفة. وتقول: "على المدى القصير، من غير المرجّح أن يكون تنفيذ هذا النظام على نطاق واسع سياسياً ممكناً في الدول ذات الدخل المرتفع، نظراً لتكلفته الباهظة".
وتضيف: "غالباً ما يفضّل صناع القرار في الدول منخفضة الدخل استهداف نتائج محددة في قطاعات مثل الصحة أو التعليم. وإذا كانت هذه هي الأهداف المرجوة، فمن الأجدى تطبيق برامج مصممة خصيصاً لتلك المجالات. أما المنح النقدية، فميزةُ مرونتها قد تكون أيضاً مصدر ضعف، إذ يمكن للأفراد إنفاقها بطرق مختلفة ولأغراض متنوعة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ ساعة واحدة
- الوسط
كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟
Reuters أثارت تعليقات تاكو إيتو بأنه لم يضطر أبدًا إلى شراء الأرز الغضب كان وزير الزراعة الياباني يأمل في إثارة الضحك، حين قال إنه لم يضطر قط إلى شراء الأرز لأن مؤيديه يعطونه "كميات كبيرة" منه كهدايا. وبدلاً من ذلك، أثار تاكو إيتو، موجة من الغضب كانت كافية لإجباره على الاستقالة. وتواجه اليابان أول أزمة غلاء معيشة منذ عقود، وهي أزمة تؤثر على غذاء أساسي محبوب هو الأرز الذي ارتفع سعره إلى أكثر من الضعف خلال العام الماضي، ندرة الأصناف المستوردة. واعتذر إيتو معترفاً أنه "بالغ" في تعليقاته خلال فعالية محلية لجمع التبرعات، واستقال بعد أن هددت أحزاب المعارضة بتقديم اقتراح بسحب الثقة منه. ويشكل إقالته ضربة جديدة لحكومة الأقلية بزعامة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، التي تعاني بالفعل من تراجع الدعم الشعبي لها. يمثل الأرز قضية حساسة في اليابان، إذ تسببت أزمات نقصه في اضطرابات سياسية من قبل، إذ أدت احتجاجات على ارتفاع أسعاره إلى إسقاط حكومة في عام 1918. لذا، ليس من المفاجئ أن يكون لأسعار الأرز دور في تراجع شعبية إيشيبا. وتقول ميموري هيغوتشي، البالغة من العمر 31 عاماً، لبي بي سي من منزلها في يوكوهاما: "السياسيون لا يذهبون إلى المتاجر لشراء مستلزماتهم الغذائية، لذلك فهم لا يفهمون". هيغوتشي أم لأول مرة لطفلة تبلغ من العمر سبعة أشهر، وكانت التغذية الجيدة أمراً بالغ الأهمية لتعافيها بعد الولادة، كما أن ابنتها ستبدأ قريباً في تناول الطعام الصلب. وتضيف: "أريدها أن تأكل جيداً، لذلك إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فقد نضطر إلى تقليل كمية الأرز التي نتناولها أنا وزوجي". خطأ فادح ويشرح كونيو نيشيكاوا، خبير الاقتصاد الزراعي في جامعة إيباراكي، أن المسألة ببساطة تتعلق بالعرض والطلب. لكنّه يعتقد أن هذا الوضع نتيجة خطأ في حسابات الحكومة. حتى عام 1995، كانت الحكومة تتحكم في كمية الأرز التي ينتجها المزارعون عبر تعاون وثيق مع الجمعيات الزراعية. لكن القانون أُلغي في ذلك العام، إلا أن وزارة الزراعة لا تزال تصدر تقديرات للطلب، لمساعدة المزارعين على تجنب إنتاج فائض من الأرز. لكن البروفيسور نيشيكاوا يقول إنهم أخطأوا في تقدير الطلب في عامي 2023 و2024، فقد قدروا الطلب بنحو 6.8 مليون طن، في حين أن الطلب الفعلي بلغ 7.05 مليون طن. وقد ارتفع الطلب على الأرز بسبب زيادة عدد السياح الذين يزورون اليابان وارتفاع عدد الأشخاص الذين يتناولون الطعام في المطاعم بعد الوباء. Getty Images تطلب العديد من المتاجر من العملاء شراء كيس واحد فقط لكل شخص أو عائلة لتجنب الرفوف الفارغة لكن الإنتاج الفعلي كان أقل من التقديرات إذ بلغ 6.61 مليون طن، حسبما يقول البروفيسور نيشيكاوا. قال متحدث باسم وزارة الزراعة لبي بي سي: "صحيح أن الطلب على الأرز قد ارتفع، وذلك بسبب عدة عوامل – من بينها أن الأرز كان منخفض التكلفة نسبياً مقارنة بغيره من المواد الغذائية، إلى جانب زيادة عدد الزوار القادمين من الخارج". ومضى قائلاً: "لم تكن جودة الأرز جيدة بسبب درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي مما أدى أيضاً إلى انخفاض إنتاج الأرز". لم تعد زراعة الأرز مربحة يقول كوسوكي كاساهارا، البالغ من العمر 59 عاماً والذي تعمل عائلته في الزراعة منذ أجيال، إن مزارعي الأرز لم يتمكنوا من جني أموال كافية لسنوات عديدة. ويوضح أن تكلفة إنتاج 60 كيلوغراماً من الأرز تبلغ 125 نحو دولاراً أمريكياً، لكن التعاونية في منطقته نيغاتا على الساحل الغربي لليابان عرضت شراء هذه الكمية في العام الماضي مقابل 19 ألف ين. ويضيف قائلاً: "حتى قبل 3 أو 4 سنوات، كانت الحكومة تقدم حوافز مالية للبلديات التي توافق على خفض إنتاج الأرز". وأكد المتحدث باسم الوزارة أن الحكومة عرضت دعماً لأولئك الذين يختارون إنتاج القمح أو فول الصويا بدلاً من الأرز. وفي الوقت نفسه، اختار المزارعون الأصغر سناً إنتاج أنواع مختلفة من الأرز التي تستخدم في صناعة الساكي أو مقرمشات الأرز أو لإطعام الماشية، وذلك لأن الطلب على الأرز في اليابان كان في انخفاض حتى العام الماضي. ويقول المزارع شينيا تابوتشي: "لقد سئمت من محاربة تجار التجزئة أو المطاعم الذين أرادوا مني بيع الأرز بسعر زهيد لسنوات عديدة". لكن هذا الوضع انقلب رأساً على عقب، إذ وصل سعر 60 كيلوغراماً من الأرز اليوم إلى ما بين 300 و 350 دولاراً. ورغم أن ارتفاع الأسعار يعد خبراً سيئاً بالنسبة للمتسوقين، فإنه يعني أن العديد من المزارعين المتعثرين سوف يتمكنون أخيراً من جني الأموال. وفي ظل تزايد غضب الجمهور بسبب ارتفاع الأسعار، قامت الحكومة ببيع بعض احتياطياتها الطارئة من الأرز في مزاد علني في شهر مارس/آذار الماضي في محاولة لخفض الأسعار. Getty Images لقد تسبب الأرز، وهو غذاء أساسي في اليابان، في اضطرابات سياسية من قبل وتمتلك العديد من الدول احتياطيات استراتيجية، مخزونات من السلع الحيوية، من النفط الخام أو الغاز الطبيعي استعداداً للظروف الاستثنائية، وفي آسيا، تمتلك العديد من الحكومات أيضاً مخزونات من الأرز. وفي السنوات الأخيرة، لم يتم استغلال مخزون اليابان من الأرز إلا في أعقاب الكوارث الطبيعية. ويقول تابوتشي: "لقد أخبرتنا الحكومة دائماً أنها لن تفرج عن مخزونات الأرز الطارئة للسيطرة على الأسعار، لذلك شعرنا بالخيانة". ورغم القرار النادر الذي اتخذته الحكومة بالإفراج عن الأرز، إلا أن الأسعار استمرت في الارتفاع. معالجة ارتفاع الأسعار وتشهد أسعار الأرز ارتفاعاً حاداً أيضاً في جنوب شرق آسيا، التي تمثل نحو 30 في المئة من إنتاج الأرز في العالم، وقد أدت الضغوط الاقتصادية والسياسية والمناخية إلى نقص في المعروض في السنوات الأخيرة. وفي اليابان أصبحت هذه القضية خطيرة إلى درجة أن البلاد بدأت في استيراد الأرز من كوريا الجنوبية لأول مرة منذ ربع قرن، على الرغم من أن المستهلكين يفضلون الأصناف المزروعة محلياً. كما ألمح رئيس الوزراء الياباني إلى توسيع واردات الأرز الأمريكي في الوقت الذي تواصل فيه حكومته التفاوض بشأن اتفاقية تجارية مع واشنطن. لكن المتسوقين مثل السيدة هيغوتشي يقولون إنهم من غير المرجح أن يشتروا الأرز غير الياباني. وتقول هيغوتشي: "لطالما دافعنا عن أن الإنتاج المحلي للاستهلاك المحلي، ولا بد من إيجاد طريقة تُمكّن المزارعين اليابانيين من تحقيق الربح، وتُشعر المستهلكين بالأمان من خلال قدرتهم على شراء المنتجات المحلية". MEMORI HIGUCHI تقول ميموري هيغوتشي، وهي أم لأول مرة، إنها تتردد في شراء الأرز غير الياباني وهذا يقسم الرأي بين المزارعين. ويقول تابوتشي، الذي يعتقد أن القطاع كان يتمتع بحماية مفرطة من جانب الحكومة: "قد تسمع أن هذه الصناعة تشيخ وتنكمش، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة". ويضيف: "يستطيع العديد من المزارعين المسنين بيع الأرز بأسعار زهيدة بفضل معاشاتهم التقاعدية وأصولهم، لكن على الجيل الأصغر أن يكون قادراً على جني المال، وبدلاً من ضمان دخل لجميع المزارعين وتشويه السوق، على الحكومة أن تترك المزارعين الخاسرين يفلسون". ويخالف كاساهارا هذا الرأي قائلاً: "إن الزراعة في المناطق الريفية مثل منطقتنا تعني الانتماء إلى المجتمع، إذا تركنا هؤلاء المزارعين يفشلون، فستتحول مناطقنا إلى خراب". ويرى أن الحكومة يجب أن تحدد سعر شراء مضمون يتراوح بين 32 ألفاً إلى 36 ألف ين لكل 60 كيلوغراماً من الأرز، وهو أقل من سعر اليوم لكنه لا يزال يسمح للمزارعين بتحقيق الربح. ونظراً لما حدث لإيتو، فإن هذا الموضوع يظل أيضاً موضوعاً حساساً بالنسبة للسياسيين. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات وطنية مهمة هذا الصيف، لذلك فإن إرضاء المستهلكين والمزارعين على حد سواء، وخاصة كبار السن في كلا المعسكرين الذين يميلون إلى التصويت أكثر، أمر بالغ الأهمية.


أخبار ليبيا
منذ 3 أيام
- أخبار ليبيا
ارتفاع تاريخي يشعل الأسواق العالمية.. بيتكوين تتجاوز 111 ألف دولار
سجلت العملة الرقمية 'بيتكوين' رقماً قياسياً تاريخياً مساء الخميس، بعدما تجاوزت حاجز 111,980 دولاراً على منصة 'بينانس'، لتواصل موجة ارتفاعات غير مسبوقة بدأت في نوفمبر 2024، مدفوعةً بجملة من العوامل السياسية والاقتصادية. وجاء هذا الارتفاع بعد اختراق البيتكوين لحاجز 110 آلاف دولار في الليلة السابقة، لترتفع بنسبة 4.69% خلال مساء الخميس فقط، مسجلة أعلى مستوى لها على الإطلاق، ومحدثة بذلك رقمها القياسي للمرة الأربعين خلال أقل من عام. ويعزو خبراء الأسواق المالية هذه القفزة اللافتة إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أفضت إلى فوز الرئيس دونالد ترامب، إذ سجلت البيتكوين في يوم 6 نوفمبر قفزة بنسبة 10.1% متجاوزةً 75 ألف دولار، مقارنةً بأعلى مستوى سابق بلغ 73,778 دولاراً في مارس 2024. وفي تصريحات لصحيفة 'فاينانشيال تايمز'، وصف ريتشارد تان، الرئيس التنفيذي لبورصة 'بينانس'، المرحلة الحالية بـ'العصر الذهبي للعملات المشفرة'، مشيراً إلى أن البيتكوين ارتفعت بنحو 50% خلال أسبوعين فقط بعد الانتخابات، رغم التراجعات المؤقتة التي شهدتها في مارس. وفي تحول سياسي بارز، وقّع ترامب في 7 مارس أمراً تنفيذياً بإنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين والأصول الرقمية، يشمل العملات المصادرة في القضايا الجنائية. وتشير تصريحات مسؤولين إلى أن الحكومة الأمريكية تحتفظ حالياً بنحو 200 ألف بيتكوين تُقدّر قيمتها بحوالي 17 مليار دولار. ويرى محللون أن من أبرز عوامل الدعم الإضافية للبيتكوين نموذجها الانكماشي القائم على آلية 'التنصيف'، التي تحد من المعروض الجديد كل أربع سنوات، ما يرفع قيمتها بمرور الوقت. كما ساهمت التوترات الجيوسياسية في دفع المستثمرين نحو الأصول الرقمية كملاذ آمن في وجه تقلبات الأسواق التقليدية. ومع استمرار الزخم، يحذر خبراء من احتمالات حدوث تصحيحات سعرية في أي وقت، مشيرين إلى حساسية السوق للتطورات السياسية والاقتصادية، إلا أنهم يعتبرون هذه التراجعات فرصاً للشراء ما دامت الأسس العامة للصعود قائمة. The post ارتفاع تاريخي يشعل الأسواق العالمية.. بيتكوين تتجاوز 111 ألف دولار appeared first on عين ليبيا | آخر أخبار ليبيا. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع عين ليبيا


أخبار ليبيا
منذ 3 أيام
- أخبار ليبيا
النفط يهبط تحت ضغط الدولار وتوقعات أوبك.. والذهب يتألق بأفضل أسبوع منذ أبريل!
شهدت أسعار النفط تراجعاً في التعاملات المبكرة من يوم الجمعة، متأثرة بصعود الدولار الأميركي وتكهنات بشأن إمكانية قيام تحالف 'أوبك+' بزيادة إضافية في إنتاج الخام خلال الفترة المقبلة. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 37 سنتاً إلى 64.07 دولاراً للبرميل، بينما تراجعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بـ39 سنتاً إلى 60.81 دولار، بحسب بيانات 'رويترز'. وعلى مدار الأسبوع، انخفض خام برنت بنسبة 2%، بينما خسر الخام الأميركي نحو 2.7%. جاء تراجع النفط مدفوعاً بصعود الدولار، الذي استفاد من موافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق، ضمن أجندة الرئيس دونالد ترامب، ما عزز جاذبية العملة الأميركية وأدى إلى زيادة تكلفة النفط على المشترين من خارج الولايات المتحدة. كما ضغطت على السوق تقارير إعلامية، منها ما أوردته 'بلومبرغ'، تشير إلى أن تحالف أوبك+ يدرس خيار زيادة الإنتاج بنحو 411 ألف برميل يومياً اعتباراً من يوليو المقبل، دون التوصل حتى الآن إلى اتفاق نهائي. وسبق أن أفادت 'رويترز' بأن التحالف يعتزم تسريع وتيرة زيادة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة. وتزامن ذلك مع بيانات أظهرت ارتفاعاً حاداً في مخزونات الخام الأميركية، وسط زيادة الطلب على تخزين النفط لمستويات تذكر بفترة جائحة كوفيد-19. الذهب يلمع وسط ضبابية اقتصادية في المقابل، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% إلى 3299.79 دولاراً للأونصة، متجهاً لتسجيل أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل مع مكاسب تقترب من 3% منذ بداية الأسبوع. كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب إلى 3299.60 دولار. وتراجع الدولار بأكثر من 1% خلال الأسبوع، ما عزز جاذبية الذهب المسعر بالدولار لحائزي العملات الأخرى، وسط قلق متزايد بشأن الاستدامة المالية في الولايات المتحدة، خصوصاً مع إقرار مشروع قانون مالي واسع النطاق يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام. وفي تطور موازٍ، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية في حال شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجمات على منشآت إيران النووية، على خلفية تقارير تفيد بتحضيرات إسرائيلية لضربات محتملة. وبين المعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة عند 33.07 دولاراً، وارتفع البلاتين 0.1% إلى 1082.47 دولار، فيما تراجع البلاديوم 0.3% إلى 1012.00 دولاراً. The post النفط يهبط تحت ضغط الدولار وتوقعات أوبك.. والذهب يتألق بأفضل أسبوع منذ أبريل! appeared first on عين ليبيا | آخر أخبار ليبيا. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع عين ليبيا