logo
واصفة تهديد مادورو بـ'أمر مشين' .. طهران تدين تدخلات واشنطن في شؤون فنزويلا

واصفة تهديد مادورو بـ'أمر مشين' .. طهران تدين تدخلات واشنطن في شؤون فنزويلا

موقع كتاباتمنذ 7 أيام
وكالات- كتابات:
أعلنت 'وزارة الخارجية' الإيرانية، اليوم، تضامنها الشامل مع 'فنزويلا' شعبًا وحكومة، مدينةً التدخّلات غير القانونية لـ'الولايات المتحدة' في شؤونها الداخلية.
واعتبرت 'الخارجية الإيرانية' أنّ تهديد 'واشنطن' للرئيس الفنزويلي؛ 'نيكولاس مادورو'، أمرٍ: 'مشيَّن'، ويُمثّل أكبر دليل على: 'إدمان صنّاع القرار في الولايات المتحدة على السياسات العدائية والأساليب القسرية لتحقيق أهدافهم غير المشروعة'.
وأضافت الوزارة أنّ: 'هذا السلوك الخطير يستهدف الأسس الأخلاقية للأمم المتحدة'.
وفي وقتٍ سابق؛ أعلنت المدّعية العامة الأميركية؛ 'بام بوندي'، رفع قيمة المكافأة إلى: (50) مليون دولار، متهمةً الرئيس الفنزويلي بالتعاون مع جماعات إجرامية، منها (ترين دي أراغوا) و(كارتل سينالوا).
من جانبه، زعم وزير الخارجية الأميركي؛ 'ماركو روبيو'، أن 'مادورو' يقود منذ أكثر من عقد منظمة (دي لوس سوليس) الإجرامية، المتورطة في تهريب المخدرات إلى 'الولايات المتحدة'، وهي المنظمة التي صنّفتها 'الخارجية الأميركية'؛ في تموز/يوليو الماضي: 'إرهابية عالميًا'.
ويُذكر أنّ 'واشنطن' كانت قد عرضت سابقًا مكافأة قدرها: (25) مليون دولار مقابل معلومات عن 'مادورو'، قبل أن تضاعفها في الإعلان الأخير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي
الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي

الحركات الإسلامية

timeمنذ 10 ساعات

  • الحركات الإسلامية

الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي

في ظل التحولات السياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية خلال العقدين الأخيرين، ومع صعود تيارات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية إلى واجهة المشهد في أكثر من بلد، يبرز سؤال جوهري حول أسباب هيمنة هذه القوى على مسارات التغيير، وعجز التيارات الأخرى، بما فيها اليسارية والليبرالية، عن منافستها في الميدانين السياسي والاجتماعي. في هذا الحوار، نستضيف الباحث المصري صبحي نايل المتخصص في الفلسفة والفكر العربي والإسلامي المعاصر، وصاحب كتاب "استراتيجيات التأويل وأصول العنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر"، للحديث عن المشهد السوري، وديناميات صعود الجماعات الإسلامية، ودور النخبة في صياغة مستقبل المنطقة، وأين يجب أن يبدأ التغيير. ما رأيك فيما حدث في سوريا من إسقاط النظام الحاكم من قبل الإسلاميين بقيادة تنظيم إسلامي " جبهة تحرير الشام " المعروفة بجبهة النصرة الإرهابية _ ثورة أكملها الإسلاميين وفشل في تحقيقها اليساريين كيف ترى ذلك؟ المعطيات العلنية لم حدث في سوريا لا توفر ما يمكن أن يُبنى عليه رؤية واضحة، ففي ظرف أيام سقط نظام الأسد وأصبحت سوريا تحت سيطرة جبهة تحرير الشام. ولا يمكن أن ننكر فرحتنا جميعا بسقوط الأسد، فكان نظام الأسد نظام مجرم بلا شك، فصنع بشعبه ما لم تصنعه دول الاحتلال والاستعمار، وحكم البلاد من نار، ولكن في الوقت عينه استمراره منذ انتفاضات عام 2011، وسقوطه في غضون أيام في نهاية عام 2024، وخروج أحمد الشرع من قائمة الإرهابيين المطلوبين، وإلغاء الخارجية الأمريكية المكافأة التي أعلنتها لمن يدلي بمعلومات عنه وكانت تبلغ 10 ملاين دولار، توضح أن ما حدث في سوريا كان باتفاق أمريكي واضح مع هيئة تحرير الشام.وعن فشل اليساريين فإن الحال في سوريا لم يكن يسمح بانتصار من لا يحمل السلاح، والحرب الأهلية السورية التي راح ضحيتها الآلاف وتهجر بسببها الملاين خير شاهد على ذلك، وكما ذكرت فإن جبهة تحرير الشام هي جبهة النصرة سابقًا المعروفة بنشاطها المسلح مما جعلك تصفها بالإرهابية، واليساريين لم يملكوا التنظيم ولا السلاح الذي تملكه جبهة تحرير الشام، لذا آلت الأمور في يدها، فضلا عما يعرفه الإسلام السياسي والجهادي من المراوغة التي لا تمانع من اتفاقه مع أي دولة ما كانت، ومساعيه الدائمة للسلطة ولا يمانع إذا أودى بالدولة في حرب شاملة في سبيل وصوله للسلطة، ولنا في السودان خير مثال على ذلك. ولا أريد أ تفهم إجابتي بوصفها تنزيها لليساريين ولكنها اعترافًا بقوة التنظيم، والقدرة على المراوغة اللتان تعرفهما الجماعات الإسلامية، وما يعرف عن الجماعات الإسلامية والجهادية تنظيميتها الشديدة، والسرية كذلك، وتفتقد التيارات اليسارية ما تملكه الجماعات الإسلامية من قوة تنظيمية، وقدرة على المراوغة. في أغلب محاولات التغيير في العالم العربي كانت التنظيمات الإسلامية تتصدر المشهد بالمبادرات والتحركات ماذا يعني هذا؟ كما قلت لك تكمن قوة الجماعات الإسلامية في تنظيمها، وعملها السري كذلك، فهي بارعة في العمل السري إلى ذلك الحد الذي يربكها حين تعمل بشكل علني، ولنا في الإخوان المسلمين في مصر خير مثال على ذلك؛ فقد نجحوا في الاستمرار كتنظيم سري منذ فترة عبد الناصر حتى تسنت لهم الفرصة في الظهور مرة أخرى إثر انتفاضات المصريين في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، وتقلدوا السلطة وتعاملوا مع الدولة بمنطق العشيرة، وأربكهم وجودهم العلني وفشلوا فيه. ووجودهم السري وقوتهم التنظيمية يمكنوهم من الحضور فور توفر أي فرصة من الفراغ السياسي، ولا مانع عندها من الاستهلاك الديني داخل المجتمعات، لتبني خطابها بوصفه خطاب دفاع عن الدين، وعن الأرض المفتقدة والمحتلة (فلسطين) وهو خطاب له شعبيته في ظل حالة الانهزام الحضاري التي تعانيه منطقة الشرق الأوسط، تجاه المجتمعات الأوروبية الأمريكية. وتبني الجماعات الإسلامية نفسها من خلال الثغرات التي تتركها الدولة، لتحضر عندما تغيب الدولة في صورة جمعيات خيرية ومنظمات مدنية، وتصنع لنفسها شبكة إدارية داخل الدولة، وشعبية موازية لشعبية الدولة، لتستغلها في معاركها السياسية، حال إمكانية وجود مثل هذه المعارك. ولا يمكن أن نغفل عن براعة التنظيمات الإسلامية في استغلالها لحالات الاستبداد السياسي لتقدم نفسها بوصفها البديل لمثل هذه النظم الفاسدة المستبدة، وتعرض نفسها بوصفها البديل الأصيل المناضل الذي يقف أمام الهيمنة الأمريكية، وتستخدم في ذلك الخطاب الديني وتمد صلاحيتها لتعلن أن خطابها يمثل الخطاب الإلهي، وأن ما تقدمه هو نظام الحكم الإلهي مقابل نظام الحكم البشري، وهو اتهام ضمني لمن لا يقف معهم بالكفر، وهو اتهام نجحت هذه التنظيمات في السيطرة على المجتمعات من خلاله، إلى حد أن الخطابات النخبوية أصبحت تتوخى الحذر وعدم التصادم معهم، وذلك لم يحمله هذا الاتهام من نفي اجتماعي وعدم القبول داخل الأطر الاجتماعية، فضلا عن العقوبات القانونية. وعلينا ان ننتبه لم يملكه الخطاب الديني من تأثير قوي في المجتمعات العربية الإسلامية، خاصة أنه صاغ هويته من خلال الميزة الدينية، ورأى أن وجوده كمسلم يعني تفوقًا على الغرب المتقدم، وصاغ كل ما يدور بوصفه مؤامرة تقام له خصيصًا. ومن ثم يكون خطاب الجماعات الإسلامية بما يحمله من استغلال للبعد العقائدي، وإعلانه النضال في الوقت الذي تحتاج فيه المجتمعات العربية لأي وجود ندي، خطابًا مسيطرًا على الشارع العربي، ويرى فيه خطاب يمثله بما يشعر به من تهديد وانهزام دائمين أمام السيطرة الحضارية والسياسية للمجتمعات والحكومات الأوروأمريكية. من يقود إدارة المستقبل؟ ومن أين يجب أن يبدأ التغيير؟ هذا السؤال على قدر عموميته تكون أهميته، ومن الجيد إنني أنهيت منذ أيام المفهوم العاشر والأخير من سلسلة المفاهيم المكونة للعقل العربي المعاصر، وكان بعنوان مفهوم المستقبل: الانحصار في النموذج والمصير المحتوم، وأوضحت فيه عمل العقل العربي بمبدأ المصير المحتوم الذي لا فرار منه سواء كانت الحداثة الأوروبية، أو ما يقدمه من صورة للماضي يُطالب الواقع بالمثول إليها والسعي نحو فرضها على المستقبل. والسؤال عمن يقود إدارة المستقبل أظن أن الإجابة عادة ما تكون النخبة، فالنخبة هي المعنية بتحديد أزمات الواقع ومشكلاته، ومحاولة إعادة صياغة الواقع بصورة أفضل تحل مشكلاته وأزماته، والنخبة العربية وضعت لنفسها حد الشرح والاستهلاك فقط، فتنتظر ما تنتجه الحضارة المُسيطرة لتستهلكه، حتى على مستوى الأفكار.وحال الجامعات مؤسف ومُضحك ومُبكي، يتم استيراد نمط الاختبارات من السياقات الأوروبية والأمريكية بصورة شكلانية تفقدها طبيعتها، ولا يتم الانتباه لطرق التدريس وعدم أهلية أساتذة الجامعات لمكانتهم، وعدم أهلية تقاليد البحث العلمي للبحث العلمي، فأضحينا نرى البحث العلمي شرح للنظريات الأوروبية ليس إلا. ومن المُضحك التقليد العلمي المُتبع الآن في السياق العربي وهو البحث عن أي كاتب، فيلسوف، عالم غير عربي لم يكتب فيه أحد ليكون موضوعًا لرسالة دكتوراه أو ماجستير، وأصبح عدم وجود أي كتابات سابقة عنه هو ما يعطي للبحث جودته وأصالته، دون الانتباه لم يقدمه البحث من إضافة، وطريقة تناوله وقوة منطقه، وهذا ما ينتج أبحاثًا كثيرة من حيث الكم، خالية من حيث الكيف، وهذا ما أشار إليه قبل ذلك طيب تزيني. وفشل النخبة في أنتاج نمط معرفي واقعي ينطلق من الواقع ومشكلاته، ويعمل على سد احتياجات الواقع، يُخلي الوعي الجمعي للخطابات الدينية التي تعمل على بناء الوعي وفق مصالحها، فتسيطر جماعات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية على الشارع وتقود الوعي، وتُعلن نفسها حارسة على الوعي، وهذا ما ظهر عند إعلان تأسيس مؤسسة تكوين الفكر العربي في مصر، وتصويرها كمؤسسة داعية للإلحاد، وخرج رد الفعل العنيف عليها وحملات التشويه من مشاركتها في صياغة الوعي الجمعي، وهو ما يُقلق الجماعات الإسلامية، ويخرج الوعي من سيطرتها. من أين يبدأ التغييـر؟ أي تغيير هو تغيير في بنية الوعي، وإذا كان الحديث عن التغيير جادًا فإنه يبدأ من المؤسسات العلمية والمعرفية المسؤولة عن بناء الوعي، ومن النخبة، فالنخبة العربية تكتفي بلوم الشعوب وربما إهانتها واتهامها؛ فمن يزعمون انطلاقهم من الخطاب الإسلامي ورجال الدين يتهمون المجتمعات العربية بالفسوق والفجور، ويطالبونهم بالخضوع لخطابهم وقيادتهم باسم الدين والقيادة الروحية التي تضمن لهم صلاح الدنيا والآخرة. وحال المُجددين ورجال الحداثة لا يختلف كثيرًا؛ فهم أيضا يتهمون المجتمعات العربية بالتخلف وعدم أهليتهم للحضارة والعقلانية، وبنفس المنطق يطالبونهم بالخضوع لخطابهم وقيادتهم، ولكن هنا باسم العقل والمنطق والحضارة، والصورة لا تختلف في الطرفين عن بعضهما، فكلاهما ينتج خطاب إنشائي يعلن نفسه كمسؤول عن الواقع وإدارته، ويقدمه في صورة نضالية تجعل المجتمع مدان له، ولا ينظر لرؤيته واحتمالية أهليتها لهذا الواقع الذي يرفضها. لذا أصر على أن التغيير يبدأ بالنخبة التي تكون الوعي، والتي تعلن نفسها كمسؤولة عنه وعن قيادة المجتمع، والاهتمام بالمؤسسات العلمية والإنتاج المعرفي، وكيفيته وليس الاهتمام الكمي فقط. وأعرف أن كلامي هذا يحمل من النظري أكثر منه للعملي، ولكن أظن أن هذا هو دوري أشكلة الرؤى والانطلاق من الواقع، والجزء التطبيقي العملي هو من صميم عمل المؤسسات التي أهدف أن ترى دورها ومهمتها، ومستقبلها كذلك. إصلاح التعليم في الدول التي ظهر فيها التطرف هل يكون (الإصلاح) مفتاح التغيير نحو الحل؟ الإصلاح في عمومه يكون من التعليم، فالعملية التعليمية هي المسؤولة عن بناء الوعي، وتحديد الأفق في المجتمع، فالمنظومة التعليمية التي تعمل بمبدأ المُعلم العارف الذي يملك كافة الإجابة على كافة الأسئلة، وتعامل الطالب كوعاء يجب أن يحفظ ما يُقدم إليه، تنتج عقولًا عاجزة عن الاستقلال في حاجة دائمة إلى مرشد، وتكون سهلة الانقياد، فقد تربت عليه. أما المنظومات التعليمية التي تفهم العملية التعليمية بوصفها عملية بنائية يشارك فيها الطالب رأيه، ويقلب الإمكانات والأسئلة ويساهم في صياغتها، فإنها تنتج عقولًا غير سهلة الانقياد دائمة التساؤل وتسعى عادة نحو الاستقلال. وللأسف الشديد فإن المنظومات التعليمية في البلدان العربية والإسلامية تعمل على الحفظ، وتتعامل مع العملية التعليمية كما يتعامل عامل توصيل الطلبات، أو البريد، ليحمل المُعلم طردًا مكلف بتوصيله إلى الطالب، لذلك نجد أن المُعلم لا يُمانع أن يغني ويرقص غاية أن يحفظ الطالب المعلومة. والعملية التعليمية في مجتمعاتنا اليوم لا تهدف لشيء غير اجتياز الامتحان، ومن ثم فهي تنتج ممتحنين جيدين ورائعين، ولكنها عاجز عن إنتاج كوادر تغطي احتياجاتها، وفقدت الشهادات العلمية قيمتها لأنها لم تعد تعبر عن أهلية صاحبها للتفكير.لذلك أؤكد القول بأن إصلاح التعليم هو الطريق نحو الحل، وبناء أفق متعدد الرؤى منفتح على الجميع، والإصلاح هنا يعني الإصلاح الكيفي ودخول الطالب ضمن المعادلة التعليمية، ليكون له دور ويربى على إمكانية الخروج عن الأطر وإنتاج ما هو جديد، والخروج من دور المُتلقي التائه الذي في حاجة دائمة إلى الإرشاد، لأن مثل هذه الذهنية سهلة الانقياد لخطاب التطرف، وذلك لبراعته في لعب دور المُرشد.والمؤسسات التعليمية لا يمكنها أن تنتج الإبداع، بيد أن براعتها تكمن في احترامه، ومؤسساتنا التعليمية تقدس الإتباع والخضوع، وهي أمور تحتاج الثقافة الإسلامية والعربية مراجعتها. إلى أي حد تجد الخطاب السائد حاليا خطاب عقل؟ في الواقع لا أستطيع أن اتهم الخطاب السائد حاليًا أو ابرأه في الوقت نفسه، ولا أستطيع أن انفي انتمائي إلى هذا الخطاب، فأنا مصري عربي أنطلق من مشكلات وأزمات ومجتمع، ومن أفق هذا الخطاب، وأصر دائمًا على الحاجة إلى النقد والمراجعة الدائمين، فالنقد هو ما يضمن سلامة البناء، والمُراجعة هي ما تُعيد بوصلة أي خطاب، وللأسف الشديد الخطاب المعاصر يحركه الدفاع أكثر مما يحركه أي شيء آخر، ويسعى للحضور الندي أمام الحضارة المُسيطر، ويعمل على استهلاك التراث والحداثة ليثبت حضوره الندي بأي شكلٍ ما كان.وحالة الانهزام الحضاري والسياسي التي يعيشها الواقع العربي تمكن الخطابات الأصولية من الحضور القوي في المجتمعات العربية، فبعد أحداث السابع من أكتوبر نشطت الجماعات الأصولية بصورة ملحوظة، مُستغلة في ذلك المسألة الفلسطينية، والضغط من خلالها على المجتمعات، واتهام الحكومات بالتواطؤ والعمالة، وهي ثغرة وجدت فيها إمكانية الحضور من جديد. وتحضر الجماعات الأصولية عادة من طريق المشروع الندي المناهض للحضارة السائدة، والرافض للاستبداد الأمريكي وحالة الهيمنة الدائمة. وهذه الصورة من الخطاب المُهدد الذي يقف عند حدود الإنشائية ولا يتجاوز إطارها إلى الدور البنائي، والانطلاق من مشكلات الواقع وأزماته، تنشغل بالتأكيد على فكرتها أكثر من دراستها، والبحث عن أبعادها الواقعية وإمكانية حضورها الفعلي، ومن ثم فهو لا يعبر عن الواقع ولا يعد ذي نفع على المجتمع، بل ربما يمثل عقبة أمامه. في ظل ما يجري من أحداث متسارعة في العالم العربي هل يمكننا تحديد رؤية للمستقبل القريب والبعيد؟ في ظني المُستقبل القريب أو البعيد بالنسبة للشرق الأوسط معروف؛ فهذه المجتمعات تقف موضع المفعول به، وأقصى ما تتمناه أن تختار سيدًا أفضل من الآخر، يؤسفني أن أجد مسألة الحضور الفعلي والمساهمة في بناء الحضارة أبعد من الأفق العربي المعاصر. والواقع فإن الدور السلبي لمجتمعات ودول الشرق الأوسط يجعل حاضرها مثل ماضيها، مثل مستقبلها، يجعل حلم الوحدة العربية حلمًا يتلاشى كل يوم عن الآخر، ومسألة الحضور الحضاري تبعد كل يوم عن الآخر، وتقف هذه المجتمعات في موقف المُستهلك للحضارة ولا تتعداه، ومن ثم فإننا لا ننتظر منها شيء.صحيح أن الأحداث متسارعة وتوضح تهالك الدول العربية، ولكنها لا تُحدث تغييرًا فعليًا ما لم تكن إرادة عربية لذلك، وكما ذكرت تقف الإرادة العربية عند تحديد من تتبعه. ولا أنتظر تغييرًا فعليًا في العالم العربي ما لم يكن هناك تغيير في بنية الوعي، وينطلق التغيير في بنية الوعي، من تحديد الوعي العربي وكيفية عمله، وكيف يمكن تغييره وما الذي يحتاجه، وهو لا يحتاج لشيء في رؤيتي أكثر من الاستقلال. من سقوط بغداد 2003 إلى سقوط دمشق 2024 كيف تقرأ ما حدث؟ لا أرى أن وصف السقوط لم حدث في سوريا دقيق بم يكفي، وكذا أيضا لا أرى وصف التحرير دقيق بم يكفي، فكلاهما في نظري لا يصفون حالة الوضع السوري، فالوضع السوري انتقل من وضع لوضعٍ مشابه على نفس المستوى، ولكن بمرجعية مُختلفة. لا ننكر أن الأسد كان طاغية قتل الآلاف من شعبه وشرد الملايين من أجل تشبثه بالسلطة، وساعدته إيران على ذلك لم بينهما من مرجعية شيعية واحدة. ولا تحمل جبهة تحرير الشام رؤية مختلفة، ولكنها تحمل مرجعية مختلفة، فهي لا تقبل بتعدد الأحزاب والسلطات، وترى منطق السيادة ولكن بمرجعية سنية، وهذا ما ظهر من إعلانهم عودة دولة بني أمية. وتظهر الصورة الندية والمشابهة للنظامي الأسد والشرع فيما حدث مع العلويين والمسيحيين كذلك، وما حدث من هدم تمثال الشهداء في حلب، ونزع السيف من تمثال صلاح الدين تمهيدًا لهدمه، وهو أمر مفهوم وليس جديد على الإدارة الحالية صاحبة المرجعية الجهادية، التي ترى في الفن خطيئة دينية، وترى في التماثيل أصناما كتلك التي كانت في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية.والمُشكل الرئيس في السياق العربي هو عدم إيمانه بتعدد الرؤى، ويرى الأمور عادة من ثنائية الحق والباطل، وكذا هو الوضع السياسي عادة؛ فلا يوجد إيمان بضرورة التعددية الحزبية ومنطق تبادل السلطة، وعدم الاستبداد بالسلطة، لذا تأتي السلطة عادة معلنة نفسها بوصفها الحق والسيادة والوطنية، وترفض أي رؤى مختلفة وتتهمها بعدم الوطنية، وفي حال الإسلام السياسي تتهمها بعدم الإيمان. وينعكس هذا على الوضع السياسي العربي، فعندما تسمح الظروف بوجود فراغ سياسي يمكن أن تتم من خلاله تجربة سياسية جديدة، يظهر الفريق الآخر وفي حالنا يكون الإسلام السياسي كما نرى، ويعلن نفسه بوصفه البديل الوحيد والند للسلطة السابقة التي يرفضها المجتمع. ونجح الإسلام السياسي في أن يطرح نفسه بديلًا فور وجود مساحة للتداول السلطة، ويرجع هذا في ظني إلى سرية عمله وتنظيمه، وربما اتفاقاته مع السلطة الحاكمة في العديد من الأحيان. والسقوط الفعلي لسوريا كان بوجود الأسد بعد قتل شعبه وتهجيره علنًا، فمن أجل شخص واحد طاغية تشرد شعب بأكمله، ولا يعنى هذا أن دخول الشرع قصر الرئاسة تحريرًا لسوريا، فهو انتقال على نفس المستوى ولكن مختلف الاتجاه. وأقول بكل وضوح أني لستُ مطمئنًا على المستقبل السوري، أو العربي، فكلاهما ينحدر نحو الجهل،والتعصب، والتطرف، والاستبداد.وصحيح أننا لا يمكن ان نحكم على التجربة السورية وهي في طور النشء بعد، ولكن لنا تجارب مع الإسلام السياسي في المنطقة العربية، ومراوغته وأساليبه المعتادة للحفاظ على السلطة والسعي لها، ويرى البعض أن ما حدث فتح الباب على الممكن الذي لم يكن مفتوحًا في عصر الأسد، ولكني أتوقع وأخشى أن يُغلق عما قريب مع الإدارة الحالية، ومن كل قلبي أتمنى ان يخطئ توقعي. وعن رؤيتي للوضع من سقوط بغداد 2003 إلى تولي التيارات الإسلامية السلطة في دمشق 2024، فإنني أرى أن الوضع العربي يزداد سوءً يومًا بعد الآخر، وتصرف أمريكا في الشرق الأوسط كمالكة له ليس جديدًا، بل إن دول الشرق الأوسط تسعى جاهدة نحو التحالف مع الوليات المتحدة الأمريكية، ولا أرى في الاتفاق الأمريكي مع الشرع على خروج الأسد والصعود مكانه جديدًا على المجتمعات العربية، فهذا ما نراه كل يوم في العالم العربي. ولا يمكن ان ننكر الضعف الملحوظ للدول العربية، خاصة السياسي، فالوضع العربي اليوم في حالة عجز وضياع عن سابقه. وأقول وأكرر أنه لا جديد وأقول وأكرر أنه لا جديد من حيث المواقف ورد الفعل، وبنية الوعي للأسف الشديد، فسقوط العراق 2003 وتولي الشرع السلطة 2024 باتفاق أمريكي حدثان لا يختلفان في منطقهما، من حيث السيطرة الأمريكية.

"هل غيّر الاعتراف بدولة فلسطينية قواعد اللعبة في غزة؟"
"هل غيّر الاعتراف بدولة فلسطينية قواعد اللعبة في غزة؟"

شفق نيوز

timeمنذ 12 ساعات

  • شفق نيوز

"هل غيّر الاعتراف بدولة فلسطينية قواعد اللعبة في غزة؟"

في جولة الصحف العالمية اليوم، نستعرض مقالات تناقش خطوة الاعتراف بدولة فلسطينية، وما إذا كانت تمثل تحولاً في مسار الحرب الدائرة في غزة، وسط تصاعد الضغوط الدولية وتراجع شعبية حماس. كما نسلط الضوء على التحليلات المتعلقة بالمكاسب الروسية المحتملة في ظل عودة ترامب، واللقاء مع بوتين في ألاسكا. وفي منحى مختلف، تحذر الصحافة الفرنسية من تفاقم آثار الشاشات على الأطفال، داعية إلى حظر بيع الهواتف الذكية لمن هم دون سن 15، إلى حين تفعيل قوانين الحماية الرقمية فعلياً. "الحرب أخذت بعداً دولياً متزايداً" البداية من صحيفة "دبليو إيه توداي" الأسترالية، ومقال بعنوان "هل غيّر الاعتراف بالدولة قواعد اللعبة في غزة؟ فقط للواهمين" للصحفية إيريس ماكلر. ماكلر تناقش انضمام أستراليا إلى فرنسا والمملكة المتحدة وكندا في دعم الاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل. وتوضح أن رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، أشار إلى أن حماس لا تدعم حل الدولتين، بل تسعى للسيطرة على كامل الأرض بين النهر والبحر، وهو ما تؤيده الكاتبة. تشير ماكلر إلى أن حركة فتح، المسيطرة على الضفة الغربية، كانت هي من اختارت مسار التسوية وتقسيم الأرض، على عكس حماس التي تسيطر على غزة. "رغم رفضها لحل الدولتين، تحاول حماس توظيف الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية كنصر سياسي، بعد حرب مدمرة استمرت 22 شهراً، قُتل فيها، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، أكثر من 60 ألف فلسطيني، وتعرضت مناطق واسعة من غزة لدمار شامل". تقول الكاتبة إن حماس بدأت الصراع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما وصفته "أعنف هجوم منذ تأسيس إسرائيل"، وأدى إلى أطول وأكثر الحروب كلفة في تاريخها. لكنها تستدرك القول بأن المشهد تغير مؤخراً، إذ انتقدت جهات عربية حماس، ودعتها إلى نزع السلاح وإطلاق سراح الرهائن والانسحاب من غزة. لكن ردّ حماس، كما تذكر ماكلر، جاء على لسان قياديها غازي حمد في مقابلة مع قناة الجزيرة، حيث أكد أن "السلاح لن يُلقى"، واعتبر أن "الضربة القوية في 7 أكتوبر/ تشرين أول أجبرت العالم على الاعتراف بالقضية الفلسطينية". وتشير الكاتبة إلى استطلاعات أظهرت تراجع شعبية حماس، وانخفاض تأييد الهجمات المسلحة، مقابل صعود الدعم للحل التفاوضي مع إسرائيل. وفي داخل إسرائيل، تنقل ماكلر أن أكثر من 75 في المئة من الإسرائيليين يريدون إنهاء الحرب من أجل إعادة الرهائن، البالغ عددهم نحو 50، يُعتقد أن 19 منهم فقط ما زالوا أحياء. كما توضح الكاتبة أن خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة "لتوسيع العمليات العسكرية واحتلال غزة مؤقتاً، لا تلقى دعماً في إسرائيل حتى من الجيش". وتعبّر ماكلر عن أن الحرب أخذت بعداً دولياً متزايداً، إذ بدأت دول مثل ألمانيا بفرض حظر على تصدير الأسلحة لإسرائيل، بينما ترى الولايات المتحدة، رغم دعمها العسكري الضخم، أن الضغط الأمريكي قد يكون العامل الوحيد القادر على تغيير مسار الحرب. وتذكر الكاتبة أن واشنطن قدمت لإسرائيل مساعدات عسكرية خلال الحرب تتراوح بين 12.5 و17.9 مليار دولار. وتختم الكاتبة بأن الاعتراف بدولة فلسطينية سيظل رمزياً ما لم يحصل على دعم أمريكي حاسم، كما أن حدود هذه الدولة لا تزال غير معترف بها من قبل الأطراف الرئيسية، بما فيها إسرائيل، وحماس، وفتح. ومع ذلك، ترى ماكلر أن الاعتراف الدولي المتزايد يلحق الضرر بصورة إسرائيل، ويقوّض طموحات اليمين المتطرف بضم الضفة وغزة، في وقت باتت فيه إسرائيل تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة، بحسب تعبيرها. "ينبغي على بوتن أن يكون حذراً بشأن ما يتمنى" Reuters في مقالها المنشور بصحيفة نيويورك تايمز، ترى الدكتورة حنا نوتي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يظن أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تمثل مكسباً استراتيجياً لروسيا، لكنها تحذّر من أن هذه النظرة قد تكون خادعة. وتحت عنوان "ينبغي على بوتن أن يكون حذراً بشأن ما يتمنى"، تقول الكاتبة إن ترامب، خلال أشهر قليلة من ولايته الثانية، نجح في إرباك حلفائه بتصريحات متذبذبة حول الناتو، والحروب التجارية، وإطلاقه هجمات على ما وصفه بـ"أيديولوجيا الجندر" – وهي مواقف تتماهى مع السياسات الروسية غير الليبرالية. وتوضح نوتي أن ترامب، من خلال تهديداته التي شملت "ابتلاع" كندا وغرينلاند وقناة بنما، يمنح الشرعية الضمنية للنزعات التوسعية التي لطالما استخدمها بوتين لتبرير غزوه لأوكرانيا. وفي عالم يعيد ترامب تشكيله بقواعد مرنة وعلاقات متقلبة، تصبح فيه القوة المجردة العملة الوحيدة، تبدو روسيا، بحسب الكاتبة، "مقيدة الموارد، عالقة في حرب لا تنتهي، وعاجزة عن استعراض قوتها الحقيقية". تشير نوتي إلى أن ترامب لم يمنح بوتين أوكرانيا كما كان يأمل. ورغم استبعاد أوكرانيا وأوروبا من قمة "السلام" التي يعقدها ترامب في ألاسكا، والتي تعتبرها الكاتبة "انتصاراً دبلوماسياً لروسيا"، فإن النتيجة الحقيقية ليست في صالح موسكو. وتشرح الكاتبة أن التقدم الروسي على الأرض باهظ الثمن وبطيء، وحتى إن حقق الجيش الروسي اختراقاً جديداً، فإن مقاومة الشعب الأوكراني ورفض أوروبا التخلي عن كييف سيحولان دون تحقيق الحلم الروسي. تشير نوتي إلى تراجع نفوذ روسيا في مناطق كانت تعدها ضمن مجالها الحيوي. ففي ناغورنو كاراباخ، وقفت موسكو مكتوفة الأيدي أمام تقدم أذربيجان، وتخلّت عن الأسد في سوريا. وحتى في مواجهة الضربات الأمريكية والإسرائيلية على إيران، اكتفت روسيا بالإدانة. وتضيف أن دولاً مثل أرمينيا وكازاخستان وجورجيا ما زالت معرضة للضغط الروسي، لكن قدرة بوتين على التوسع محدودة طالما استنزفته حرب أوكرانيا، التي لا يبدو أنه مستعد لإنهائها. وتختم الكاتبة بالقول إن بوتين ما زال يؤمن بأن أوكرانيا يجب أن تكون له، لكن في عالم "يحكمه مزاج ترامب ومبدأ القوة تصنع الحق"، فإن هذا الهوس قد يكلّف روسيا أكثر مما تستطيع تحمّله. يجب حظر بيع الهواتف الذكية لمن هم دون 15 عاماً PA في مقال رأي مشترك نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، تدق كل من الطبيبة النفسية كارين دو لوس، وطبيبي الأطفال إيريك أوسيكا وسيلفي ديو أوسيكا ناقوس الخطر بشأن التأخر في تنفيذ إجراءات الحماية الرقمية للأطفال في أوروبا، مطالبين بحظر بيع الهواتف الذكية لمن هم دون سن 15 عاماً كإجراء احترازي عاجل. توضح الكاتبة والطبيبان أن الإعلان الأخير للمفوضية الأوروبية، في 14 يوليو/تموز، عن إطلاق نظام فني للتحقق من العمر ضمن قانون الخدمات الرقمية، يشكل خطوة مهمة نحو حماية القاصرين من المحتوى الإباحي والعنيف. ويضيفون أن قرار فرنسا بإعادة فرض التحقق العمري على المواقع الإباحية بعد أن تم تعليقه، يمثل إشارة سياسية قوية. لكنهم يحذرون من أن الطريق نحو التنفيذ الفعلي لهذه القرارات لا يزال مليئاً بالعراقيل. تقول الكاتبة: "ما يزال هناك فجوة ضخمة بين الطموحات القانونية والواقع الرقمي الذي يعيشه أطفالنا". فالقانون الذي دخل حيّز التنفيذ في فبراير/شباط 2024 لن يصدر تقاريره الرقابية الأولى قبل 2026، في حين أن الواقع الإحصائي صادم: 90 في المئة من الأطفال في سن 12 يملكون هواتف ذكية، ونصف الفتيان في هذا العمر يزورون مواقع إباحية شهرياً، ويعاني واحد من كل خمسة مراهقين في أوروبا من اضطرابات نفسية، بحسب منظمة الصحة العالمية. من هنا، يدعو "ائتلاف التعرض المفرط للشاشات" الذي يضم أطباء أطفال، معلمين، وأخصائيين نفسيين – إلى حظر بيع الهواتف الذكية للقاصرين تحت 15 عاماً إلى أن يتم إثبات فعالية القانون الأوروبي وتطبيقه الكامل. وتعبر الكاتبة بوضوح: "الفكرة قد تكون صادمة، لكننا نفضل إطلاق الإنذار الآن بدلاً من أن نشهد انهيار الصحة النفسية لجيل كامل". وتختم المقال بقولها: "ما يحتاج إلى تنظيم اليوم ليس فقط المحتوى، بل شروط الوصول إليه وتوقيت التدخل. وكل تأخير سيوسّع الفجوة بين الواقع الذي يعيشه المراهقون في غرف نومهم، والنصوص على الورق الأوروبي. لقد تحولت النوايا الحسنة إلى بنود في الميزانيات – ويبقى أن نحولها إلى حماية حقيقية، قبل أن يدفع أطفالنا ثمن التراخي مرة أخرى".

من البصرة إلى مانهاتن.. القصة الكاملة لاحتجاز أموال العراق في الفيدرالي الأميركي
من البصرة إلى مانهاتن.. القصة الكاملة لاحتجاز أموال العراق في الفيدرالي الأميركي

شفق نيوز

timeمنذ 15 ساعات

  • شفق نيوز

من البصرة إلى مانهاتن.. القصة الكاملة لاحتجاز أموال العراق في الفيدرالي الأميركي

مع طلوع الفجر، ترسو ناقلات النفط العملاقة على أرصفة ميناء البصرة، أنابيب التحميل تلمع تحت الأضواء، والمضخات تدفع ملايين البراميل من الخام إلى بطون السفن المتجهة إلى أسواق العالم. مشهد يعكس ثروة هائلة، لكن ما يغيب عن الأعين هو أن الجزء الأكبر من عائدات هذا "الذهب الأسود" يسلك طريقًا لا ينتهي في بغداد، بل يمتد عبر المحيط الأطلسي ليستقر في قلب مانهاتن في نيويورك، داخل مبنى الاحتياطي الفدرالي الأميركي المحصّن. هناك، تتحول الثروة العراقية إلى أرقام في دفاتر مالية أميركية، تخضع لرقابة مشددة وإجراءات لا تترك مجالًا للمناورة، في ترتيبات وُلدت عام 2003 لكنها لا تزال قائمة حتى اليوم، رغم أن مبرراتها الأصلية (على الورق) قد زالت. بالنسبة لكثير من العراقيين، هذه المعادلة ليست سوى مزيج من الحماية والوصاية، حيث يردّد مسؤولون ومحللون أن أي محاولة لفك هذا الارتباط قد تعني تجميد الأرصدة، أو تعطيل دفع رواتب الموظفين، أو حتى فقدان السيطرة على أموال البلاد. هذه المخاوف لم تأتِ من فراغ، بل هي امتداد لمسار طويل بدأ بقرارات أممية وأوامر تنفيذية أميركية رسمت ملامح إدارة هذه الأموال منذ 2003. ولهذا، شرع فريق وكالة شفق نيوز في تقصّي خلفيات هذا الملف، وفتح ما يصفه البعض بـ"الصندوق الأسود" للعلاقة المالية بين بغداد وواشنطن، كيف وُلد الترتيب، ولماذا استمر حتى اليوم، ومن المستفيد من بقاء أموال العراقيين تحت إشراف خارجي؟ من مجلس الأمن إلى المظلة الأميركية في أيار/مايو 2003، أصدر مجلس الأمن القرار 1483، الذي ألزم العراق بتحويل جميع عائدات النفط والغاز إلى حساب خاص باسم البنك المركزي العراقي لدى الاحتياطي الفدرالي الأميركي، تحت إشراف الأمم المتحدة، مع اقتطاع 5% من العائدات لتعويضات الكويت عن غزو 1990. بالتوازي، أصدر الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأمر التنفيذي 13303، الذي منح هذه الأموال حصانة قانونية كاملة ضد أي حجز أو مصادرة. على مدى نحو عقدين، استمر العراق في دفع التعويضات حتى بلغ إجمالي ما سدده 52.4 مليار دولار، وأغلق ملف الكويت نهائيًا في 2022. لكن على الرغم من انتهاء الالتزام الأصلي ورفع الحماية الأممية منذ 2011، واصلت واشنطن تجديد الأمر التنفيذي عامًا بعد عام، وكان آخرها في أيار/مايو 2025. بالنسبة لصانعي القرار الأميركيين، تجاوز الترتيب هدفه الأصلي، ليصبح أداة لضمان الاستقرار المالي في بلد يعاني من تقلبات سياسية واقتصادية، وفي الوقت ذاته وسيلة لمراقبة حركة الدولار وحماية المصالح الاستراتيجية. في واشنطن، لا ينظر الخبراء الاقتصاديون إلى هذه الآلية على أنها مجرد إجراء مالي تقني. مثلاً د. فرانك مسمار، الخبير الاقتصادي ورئيس المجلس الاستشاري بجامعة ميريلاند، يصفها بأنها "أكثر من مجرد إجراء مالي". ويقول لشفق نيوز: "الفيدرالي يمنح العراق مكانًا آمنًا لعائداته وسط تقلبات أسواق الطاقة، ويعزز ثقة المستثمرين بأن الأموال تُدار وفق معايير شفافة. كما أن وجودها هناك يتيح للعراق سهولة الوصول للنظام المالي الأميركي، ما يسهل سداد الديون وتمويل الواردات." لكن مسمار يحذر من الوجه الآخر لهذه المظلة: "هذا سيف ذو حدين. الولايات المتحدة تستطيع، إن أرادت، استخدام هذه الأموال كورقة ضغط سياسية. العراق هنا بين الاستقرار المالي وفقدان جزء من سيادته الاقتصادية." على الضفة الأخرى ومن بغداد، يدافع مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، عن بقاء الأموال في الفيدرالي باعتبارها "شبكة أمان قانونية" سمحت بتنويع الاحتياطيات وإيداع جزء منها في بنوك مركزية أخرى محمية بالقانون. ويقول للوكالة: "الولايات المتحدة لا تتحكم بإيرادات النفط ذاتها، لكنها تتحكم بحركة الدولار، وهو واقع يفرضه موقع العملة الأميركية في النظام المالي العالمي." أموال تحت المجهر وفق تسريبات حصلت عليها وكالة شفق نيوز من مصدر رفيع في البنك المركزي، تتراوح الأرصدة المودعة في الاحتياطي الفدرالي بين 80 و85 مليار دولار. تُستخدم هذه الأموال لتمويل التجارة الخارجية، وسداد التزامات الدولة، وضبط سعر صرف الدينار، وكبح التضخم. لكن بعد اكتشاف مسارات لتهريب الدولار إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات، شددت وزارة الخزانة الأميركية الرقابة، وفرضت عقوبات على 35 مصرفًا من أصل 72 في العراق، بينها مصرف بغداد الذي يحتفظ بحسابات تخص موظفي السفارة الأميركية. هذه القيود قلّصت تدفق الدولار إلى السوق المحلية، ما رفع سعر الصرف وزاد كلفة الاستيراد، وألقى بثقله على النشاط التجاري ومعيشة المواطنين. مخاطر الديون القديمة في الأسواق الدولية، تُقرأ هذه الاحتياطيات كضمانة أساسية للوفاء بالمدفوعات الدولية، وكصمام أمان أمام تقلبات أسعار النفط. أي إشارة إلى تغيير آلية الإيداع أو تخفيف الإشراف الأميركي قد ترفع كلفة الاقتراض على العراق، وتؤثر على تقييمه الائتماني، وربما تدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية. وبهذا النسق يحذر الخبير الاقتصادي نبيل التميمي من أن الاعتماد المفرط على المظلة الأميركية يخفي خطرًا أكبر، ويلفت إلى أن "هناك ديوناً ومطالبات لم تُسوَّ منذ 2003، ما يجعل الأرصدة عرضة للحجز إذا خرجت من حماية الفيدرالي. الإهمال في إغلاق ملفات الديون ترك ثغرات قانونية يمكن استغلالها." ويضيف أن جزءًا من هذه المخاطر يعود إلى "خلل في الأداء الحكومي بعد 2003، وغياب المتابعة الجادة لهذه الالتزامات". في المقابل، يرى محمود داغر، وهو مسؤول مصرفي سابق، أن إخراج الأموال من الفيدرالي سيكون "خطأ استراتيجيًا"، مشيرًا إلى أن "الحصانة الدولية التي يتمتع بها الفيدرالي تحمي العراق من أي مطالبات، في ظل وجود قضايا مالية دولية غير مغلقة تجاه وزارة المالية". ويعتمد العراق على النفط لتمويل أكثر من 90% من ميزانيته، ما يجعل وصول العائدات في الوقت المناسب أمرًا بالغ الحساسية. أي تأخير سواء لأسباب سياسية أو فنية قد يؤدي إلى أزمة ثقة محلية ودولية، ويدفع الدينار إلى مواجهة ضغوط إضافية في الأسواق. وبين الرغبة في استعادة السيطرة الكاملة على الأموال، والحاجة إلى الحماية القانونية التي توفرها المظلة الأميركية، يظل الملف مفتوحًا على احتمالات متعددة، من إعادة التفاوض على آلية الإيداع، إلى الإبقاء على الوضع الراهن بحكم الضرورة. لكن السؤال الأعمق يدور حول امكانية العراق أن يوازن بين سيادته الاقتصادية وحماية أمواله، كما يحذر مسمار، فإن "الاعتماد على الفيدرالي الأميركي أشبه بالسير على حبل مشدود؛ فهو يوفر للعراق مظلة أمان مالية، لكنه قد يتحول في أي لحظة إلى أداة ضغط إذا تغيرت الحسابات السياسية في واشنطن"، في تذكير بأن إدارة الثروة الوطنية ليست فقط مسألة أرقام وحسابات، بل اختبار يومي لاستقلال القرار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store