
لطيفة بنت محمد: نحتاج إعلاماً يقود صناعة المحتوى بعمق ثقافي ويعيد الإنسان إلى الواجهة
شهدت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، فعاليات قمة الإعلام العربي 2025، التي عقدت برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونظمها نادي دبي للصحافة، خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو الجاري، والتي حظيت بمشاركة نخبة من كبار الشخصيات والرموز والقامات السياسية والإعلامية، وصناع المحتوى والمؤثرين من داخل الدولة ومختلف أنحاء المنطقة والعالم.
وألقت سموها كلمة رئيسية مهمة تطرقت فيها للحديث عن دور الإعلام في عصر الخوارزميات، مشيرة إلى أننا نعيش في مرحلة فارقة، يتقاطع فيها الإعلام مع التحول الرقمي، وتتبدل فيها قواعد التأثير والتواصل، وتتغير فيها أدوار المؤسسات والأفراد، وهو ما يستدعي وقفة تأمل، وطرح أسئلة جوهرية تتمحور حول ماهية الإعلام الذي نريده، ودور المؤثر الحقيقي، وكيفية حماية مجتمعاتنا من الفوضى الرقمية دون أن يؤدي ذلك إلى عزلها عن التطور.
وأكدت سموها أن «الخوارزميات والذكاء الاصطناعي ما هي إلا أدوات صنعناها نحن، ونمتلك مفاتيحها، ويجب أن ننظر لها على أنها فرص حقيقية لصناعة المستقبل، وعلينا أن نتعامل معها بالوعي المسؤول الذي نمتلكه، فنحن أصحاب العقول، ونحن المبتكرون، ونحن من يحدد الهدف ويوجه المسار، وقد حان الوقت لنستعيد زمام الأمور لنكون نحن من يقودها لا العكس، فقدرتنا على التوجيه تستند إلى المعرفة والإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه المستقبل».
ولفتت سمو رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي إلى أن «عالمنا الذي نعيشه اليوم هو عالم متغير لم تعد ترسمه الجغرافيا ولا تحده الحدود بين الدول، بل تصنعه الخوارزميات التي أصبحت تنسق تفاعلنا مع المحتوى، وتأخذنا لعوالم جديدة لكل منها هويته وأفكاره وروحه، ما أثمر عن تشكل المجتمعات الرقمية التي لا تقاس فيها الهوية بالمكان أو الجنسية، بل بالفكرة والانتماء والاهتمامات والانطباعات المشتركة، لتتحول إلى مساحات للنقاش والمشاركة والبوح والتأثير، تمنح الفرصة للإنسان لأن يكون مرئياً ومسموعاً بعد أن كان مهمشاً في واقعه، حيث تجاوزنا اليوم عصر الإعلام المركزي، ودخلنا عصر المحتوى اللامركزي الذي تتعدد فيه المصادر وتتناثر فيه الحقائق، ليصبح بإمكان كل فرد أن يكون «وسيلة إعلامية» قائمة بذاتها».
وأشارت سموها إلى أن المجتمعات الرقمية أصبحت واقعاً موازياً يزاحم الواقع الفعلي في تشكيل الهوية، وتكوين العلاقات، وصناعة القرار، حيث شاركت سموها بعض الأرقام كشفت من خلالها طبيعة الواقع الذي نعيشه اليوم، فهناك ملايين المجتمعات الرقمية المصغرة التي تتشكل وتتنامى على مئات منصات التواصل الاجتماعي النشطة في جميع أنحاء العالم، في حين يقدر عدد سكان العالم في 2025 بأكثر من 8 مليارات نسمة، وهناك أكثر من 5 مليارات هوية تعكس عدد المستخدمين النشطين لوسائل التواصل الاجتماعي، أي ما يمثل 64.7 % من سكان العالم.
وذكرت سموها أن العام الماضي فقط شهد زيادة قدرها 241 مليون مستخدم، أي ما يقارب 660 ألف مستخدم جديد يومياً، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على أننا لا نشهد مرحلة تطور تكنولوجي فحسب، بل تحول جذري يعيد تشكيل علاقتنا بأنفسنا، وبالعالم من حولنا.
وعرضت سموها بعض الأمثلة التي تؤكد أن المجتمعات الرقمية ليست مجرد مجموعات، بل ثقافات وعوالم تتكون لتفتح آفاقاً للتواصل والولاء تتجاوز ما كان مألوفاً في الماضي، وقالت في هذا الجانب: «أخاطبكم اليوم كفرد من أفراد المجتمع، وكعضو في هذه المجتمعات الرقمية التي أعادت رسم خريطة العالم بمنظورها الجديد، المنظور القائم على التواصل العالمي، فشاب في الإمارات يشارك الآن خبراته في الأنمي مع مجموعة في اليابان، وآخر في هولندا يشعر باتصال مع لاعبه المفضل في البرازيل أكثر من جيرانه في نفس الحي، وآخر في أحد البلدان يعرض تجربته مع التنمر، ويتأثر بها متابعوه في مصر ولبنان وأستراليا، أو غيرها من الدول، جميعهم متصلون عبر شبكة عالمية تتخطى الحدود والقارات، حيث يجدون في هذا الانتماء الجديد معنى أعمق وربما أكثر صدقاً من ارتباطهم بالمكان الجغرافي الذي يعيشون فيه»، لافتة سموها إلى أن المؤثرين أسهموا اليوم في تشكيل الوعي العام، وأصبحوا جزءاً من الذاكرة الثقافية لعصرنا بفضل قدرتهم على الوصول المباشر والسريع إلى الجماهير، حيث باتوا ينافسون وسائل الإعلام التقليدية في التأثير بالرأي العام، وتوجيه السلوك، وصناعة التوجهات.
ووسط كل هذه التحولات، طالبت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم بإعادة التفكير في دور الإعلام وعلاقته مع الإنسان، متسائلة «كيف سيخاطب الإعلام ملايين المجتمعات الرقمية الصغيرة، وكيف يمكنه فهم الهويات الجديدة التي تشكلها الخوارزميات والتفاعل والتواصل معها؟»، مشددة على أهمية دور الإعلام كمرشد، ومسؤوليته الأخلاقية والمهنية المتمثلة في التحقق من المعلومات، وكشف الأخبار المضللة، وتقديم محتوى موثوق مبني على الحقائق والشمولية رغم سيطرة التكنولوجيا.
وخاطبت سموها المؤسسات الإعلامية، قائلة: «الإعلام غير مطالب بأن ينافس المؤثرين في صراع «الترند»، بل نريده أن يرسخ المعنى، يعيد بناء الثقة، ويقدم سرداً إنسانياً عميقاً وسط سيل المحتوى السريع والمختزل، نحتاج في هذه المرحلة إلى إعلام لا يركز على مواكبة التحول الرقمي فحسب، بل على قيادة صناعة المحتوى من جديد بعمق ثقافي وإنساني، ليعيد الإنسان إلى الواجهة، وهو ما يعيد تعريف دوره من ناقل للأخبار إلى حامل للهوية، وحارس للحقيقة»، مؤكدة ضرورة أن يصافح الإعلام العصر الرقمي من جهة، وأن يحافظ على أصالة القيم من جهة أخرى، كما يجب عليه أن يفسر الحقائق ويترجم المفاهيم، ليعزز التفاهم والقيم الإنسانية المشتركة، لا تأجيج الانقسامات، وبهذا يستعيد مكانته راوياً واعياً مسؤولاً يمتاز بالنزاهة والأصالة والانفتاح.
ودعت سموها الجمهور للنظر إلى المجتمعات الرقمية كفرص لبناء الجسور وتبادل المعرفة وصناعة محتوى هادف، لا كتهديد، مؤكدة أننا اليوم في أمسّ الحاجة إلى نشر رسائل الأمل والخير والإيجابية، وهذا ما ينبغي على وسائل الإعلام القيام به، أن تكون منارات للإلهام، وصوتاً للأمل، وشعلة تنير دروب المستقبل، لتمنحنا الثقة بغدٍ واعد أكثر إشراقاً وإنسانية.
ووجهت سموها رسالة للمؤثرين، قالت فيها: «أنتم لا تمثلون أنفسكم فحسب، بل تمثلون جيلاً كاملاً من الشباب الطامح الباحث عن الإلهام والقدوة، تقع على عاتقكم مسؤولية المساهمة في التغيير إلى الأفضل عبر محتواكم الهادف، ونفخر بكل مؤثر نجح في إحداث تأثير إيجابي، ووضع مسؤوليته الأخلاقية نصب عينيه، وسخر وعيه في خدمة محتواه، فاسعوا إلى ترك أثر طيب، فالأثر الطيب لا يُمحى».
وطالبت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم المؤسسات الإعلامية والمؤثرين وصناع الرأي بالعمل معاً لصياغة خطاب إعلامي جديد أساسه المسؤولية والوعي، يضع المعايير الأخلاقية والمهنية في قلب المعادلة.
وختمت سموها كلمتها بالتأكيد على أن المجتمعات الرقمية نشأت كامتداد طبيعي لعلاقة الإنسان بالإنسان، وحاجته لبناء الروابط وتبادل الأفكار والمشاعر، وتحقيق تطلعاته للتواصل والمشاركة والتأثير، داعية إلى الانطلاق من قمة الإعلام العربي نحو أهداف أسمى وأكبر وأعمق، بحيث نستثمر وسائل التواصل الاجتماعي في بناء مجتمعات إيجابية فاعلة، سواء واقعية أو افتراضية، لتحقيق أهداف إنسانيتنا المشتركة رغم كل الحدود والمسافات.
وفي خطوة إيجابية وسعي جاد لترك بصمة رقمية تعبر عن روح هذا اللقاء، أطلقت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم خلال الجلسة وسماً جديداً بعنوان «محتواك أثرك»، وقالت عنه: «هذا الوسم سيكون حلقة الوصل التي تربطنا ببعضنا أينما كنّا، وسينعكس فيه وعينا وقيمنا ومبادئنا، وستتجسد من خلاله تطلعاتنا نحو المحتوى الذي نطمح إليه، ليكون النتاج رصيداً غنياً من المضامين الهادفة التي نفخر بها»، مشيرة سموها إلى أن «محتواك أثرك» ليس مجرد وسم أو شعار، بل هو رسالة لنا جميعاً لأن نقف مع أنفسنا قبل نشر أي محتوى، وعهد بأن نسخر أصواتنا وحضورنا الرقمي من أجل إحداث التغيير والتأثير الإيجابي في حياتنا ومجتمعاتنا، لنكون منارات الخير والأمل للجميع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
فيديو "مرعب".. "تجمد" بين السحب بلا أكسجين ثم حدثت المعجزة
وأفادت تقارير صحفية صينية تناقلتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن بينغ حلق على ارتفاع يزيد على 8500 متر من دون أكسجين. وأظهر مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام رسمية صينية، بينغ والجليد يغطي وجهه وملابسه أثناء تحليقه بين السحب. وقال بعد نجاته لقناة الصين المركزية التلفزيونية (سي سي تي في): "كنت قد اشتريت للتو حزام طيران مظلي مستعملا وأردت اختباره، فكنت أجري اهتزازا بالمظلة". وأضاف: "بعد برهة اشتدت الرياح فجأة ورفعتني في الهواء. حاولت الهبوط بأسرع ما يمكن لكنني فشلت". وتابع بينغ: "وجدت نفسي محاطا بسحب ركامية متراكمة ومحاصرا داخلها. كان الأمر مرعبا. كل شيء من حولي كان أبيض. لولا البوصلة لما عرفت الاتجاه الذي أتجه إليه". واستطرد: "ظننت أنني أطير بشكل مستقيم لكنني في الواقع كنت أدور. في النهاية تمكنت من الطيران باتجاه الشمال الشرقي". ويقول بينغ إنه صدم عندما أخبرته معداته أنه وصل إلى هذا الارتفاع الشاهق ، ويعتقد أنه ربما فقد وعيه لفترة وجيزة، وفقا لوسائل الإعلام الصينية الرسمية. وتمكن المغامر الصيني من التحكم بطائرته المظلية باستخدام بوصلته والاتصال اللاسلكي مع زملائه، رغم أن يديه كانتا شبه متجمدتين ومخدرتين. وقال: "بمجرد خروجي من السحب شعرت بأمل شديد لأنني نجوت. كانت اللحظة الأكثر رعبا عندما حاولت الخروج من الدوامة وفشلت، وعندما هبطت مظلتي بشكل مفاجئ. لا يزال التفكير في الأمر مخيفا". وأردف: "لست متأكدا من المستقبل، لكنني بالتأكيد لن أطير لفترة من الوقت في الوقت الحالي". ويمارس بينغ الطيران المظلي منذ أكثر من 4 سنوات، وهو طيار مظلي معتمد في الصين ، وفقا لقناة "سي سي تي في".


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
في انجاز عالمي جديد ..3 جوائز لـ 'دبي للإعلام" في "آسيا والمحيط الهادي للبث"
حصدت "دبي للإعلام" ثلاث جوائز رفيعة ضمن جوائز آسيا والمحيط الهادي للبث 2025، عن فئات الإنتاج المتعدد المنصات للإذاعة والتلفزيون، وإنتاج الواقع الافتراضي، ومنصات البث الرقمي" أو، تي ، تي" ،لتحقق بذلك إنجازا عالميا رفيعا يضاف إلى سجل إنجازاتها الحافل، وتسلم الجوائز محسن حسن مدير الإذاعات في دبي للإعلام. وقال سالم باليوحة، المدير التنفيذي لقطاع المحتوى الإعلامي في مؤسسة دبي للإعلام، إن المؤسسة تستلهم دائمًا فلسفة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، "رعاه الله"، بضرورة الاهتمام بالأصالة والمعاصرة معًا، والعمل على الاستفادة من المستحدثات التقنية لترسيخ ريادة دبي في كافة المجالات. وأضاف أن هذا التتويج يؤكد تفوق المؤسسة في جميع مجالات الإبداع، ويعكس قدرتها على مواكبة أحدث الاتجاهات في الإعلام الرقمي، ما يسهم في تعزيز مكانة دبي ودولة الإمارات كقوة صاعدة في مجالي الفضاء والابتكار الإعلامي، ويؤكد دورها الريادي في تقديم تجارب إعلامية متطورة تسهم في ترسيخ صورة الامارات كدولة تقود المستقبل في الإعلام والتكنولوجيا والفضاء. وأضاف أن اهتمام المؤسسة بالاستفادة من كل ما هو حديث لدعم دورها التنويري يمثل منهجا أصيلا لممارستها الإعلامية المهنية، مشددا على أن التحديات التي تفرضها التطورات التقنية تتطلب دائما شجاعة ومبادرة وتقدما للأمام. وأوضح أن كل إنجاز يتحقق يدخل التاريخ، ومؤسسة دبي للإعلام تنظر إلى الأمام دائمًا، وتسعى إلى المزيد من الإنجازات، مشيرًا إلى أن الطموح هو كلمة السر في أي تقدم يتم إحرازه، ويعتبر بالتوازي ثمرة جهد جماعي لفريق يؤمن بالإبداع والتجديد. وشدد على أن هذا الفوز ليس نهاية، بل هو بداية مسؤولية جديدة نحو مزيد من التميّز في مواكبة التحولات الإعلامية المتسارعة، وتقديم محتوى يليق برؤية دبي وطموح الإمارات. وحازت "دبي للإعلام" على جائزة البث المباشر من إذاعة نور دبي، لفئة الإنتاج المتعدد المنصات للإذاعة والتلفزيون، عن تجربتها المتميزة في دمج البث الإذاعي مع المنصات الرقمية بطريقة مبتكرة، استفادت من التفاعل الذي تتيحه المنصات لتعزيز الرسالة الإذاعية، بما ينسجم مع فلسفة المؤسسة ذات العلاقة بأهمية الاستفادة من كل ما هو حديث مع الالتزام بالهوية الثقافية والحضارية الخاصة لدبي. كما فازت المؤسسة في فئة الواقع الافتراضي والمعزز بمشروع "محمد بن زايد سات- مهمة الإمارات الفضائية"، الذي طرح تجربة بصرية حديثة استفادت برشاده من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتصميم الديكور الهجين، مما يعد سبقا في هذا المجال. ويعد هذا المشروع نموذجا رائدا في كيفية تسخير التكنولوجيا المتقدمة لسرد قصة علمية معقدة بطريقة جذابة وملهمة، مسلطا الضوء على إنجاز إطلاق القمر الصناعي "محمد بن زايد سات" كحدث تاريخي يجسّد ريادة الإمارات في استكشاف الفضاء. وحرصت "دبي للإعلام" لدى طرح هذا العمل الحداثي، أن تواكب تقنيات الواقع المعزز وإعادة التمثيل ثلاثي الأبعاد عالية الدقة، ما أتاح للجمهور متابعة رحلة القمر الصناعي وكأنهم في قلب الحدث، يشاركون في تجربة تفاعلية استثنائية. واتسم ديكور هذا المشروع بأنه هجين مزج بين المسرح الفعلي والعناصر الرقمية الديناميكية، حيث لعب جدار الفيديو عالي التقنية دورًا محوريًا في خلق بيئة بصرية تحاكي الفضاء. وتضمنت العناصر التصميمية الأساسية، إيجاد منصة مادية متكاملة، والاعتماد على الخلفيات الداكنة والسوداء وفرش السجاد لإبراز العمق البصري الذي يعد عنصرًا مهمًا يعزز الأثر في نفس المشاهد، فضلًا تكوين الجدران بواسطة تقنيات الفيديو بحيث تعرض شكل السماء مليئة بالنجوم، مع تراكبات رقمية واقعية، الأمر الذي شكّل في مجملة حالة بصرية مبهرة، فيها بيئة سماوية غامرة، تعزز لدى المشاهد من إحساسه بالتواجد في الفضاء الخارجي. ونجح مصممو الديكور في تجاوز تحديات تقنية كبيرة لتحقيق التزامن والتناغم بين العناصر المادية والرقمية، إلى جانب الالتزام بتوفير تتبّع حركة دقيق في الوقت الفعلي، إذ اعتمدوا على حلول تقنية متقدمة وجهود إبداعية استثنائية، الأمر الذي أسفر عن تمكنهم من تقديم مستوى عالمي حداثي ومتوق في مجال الإعلام الغامر، الذي أصبحت "دبي للإعلام" رائدة في مجاله. كما حظيت المؤسسة بجائزة أفضل منصة بث رقمي عن تطبيق "أوان"، الذي يكتسب شهرته من كونه أبرز المنصات الرقمية في المنطقة، ويتميز بطرح تجربة مشاهدة مرنة وشخصية، وشهد تفاعلا واسعا من جمهور محلي ودولي.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
القارئ على موعد مع الطبيعة في أشعار ماري أوليفر
القاهرة: «الخليج» يقولون عن ماري أوليفر إنها «شاعرة يحبها الجمهور الذي لا يعرف الشعر ويكرهها النقاد» ولا يخلو أي نقاش لشعر ماري أوليفر ومسيرتها من التذكير بهذه المفارقة، وهي كيف لشاعرة كثيراً ما تم تجاهلها من قبل النقاد، وخاصة الطليعيين منهم والمنحازين إلى التجريب أن تحظى بمقروئية قل نظيرها في التاريخ الأمريكي، وربما إحدى المعضلات التي واجهت النقاد في ما يتعلق بشعر ماري أنه برغم وجاهة اعتراضاتهم على شعرها، كونه مباشراً وسهلاً، فإن تلك الأشعار مكتوبة بلغة عالية وعلى قدر عال من التماسك. يكشف كتاب «الخيال أفضل من آلة حادة» وهو عبارة عن مختارات شعرية للشاعرة الأمريكية ماري أوليفر، ترجمة وتقديم عامر فردان، أن من بين المآخذ التي أخذها النقاد على ماري أن قصائدها احتفالية ويقينية، لا مكان فيها لقلق وغموض وظلال، والشعر ليست وظيفته أن يربت على كتف إنسان، بل أن يزلزل وعي الناس، وأن الشعر معني بالسؤال لا الجواب، لكن تلك الملاحظات في النهاية ليست محل إجماع. *رواج أحد الاتهامات التي نالت من ماري أن قصائدها جاءت ملبية للنزعات التي راجت في آخر ثلاثين عاماً، والمقصود هنا ثقافة تطوير الذات والطاقة الداخلية للإنسان وثقافة «أنت تستطيع وأنت محور الكون» فكانت تلك القصائد وكأنها تعبير عن تلك الثقافة الرائجة بدلاً من أن تكون صوتاً لثقافة مضادة احتجاجية ومشاغبة. تلك الاتهامات تنطوي على ظلم لماري، التي بدأت بكتابة تلك القصائد المتماهية مع الطبيعة منذ بداية الستينات، أي قبل أن تنتشر ثقافة الإيجابية، وفي ذروة النزعات الاحتجاجية الثورية التي سادت أمريكا والعالم في عقدي الستينات وبدايات السبعينات، فمنذ ديوانها الأول الصادر عام 1965 وماري أوليفر تكتب بنفس الطريقة حتى مماتها. ماري أصدرت كتاباً بعنوان «دليل الشعر» عام 1994 يمكن أن ترى من خلاله أنها واعية بما هو الشعر، وكيف يكتب، وهي واعية بالشرط الإبداعي، وكل تفاصيل الكتابة الإبداعية، وعليه فلم يكن غريباً أن تكون محاضرة عن الشعر والكتابة في عدد من الجامعات. بخصوص أن شعرها يحتمل وجهاً واحداً للتأويل فهي تقول: «على الشعر أن يكون واضحاً، لا أحب الشعراء الذين يكتبون كدبكة الأقدام، كل ما هو غير ضروري لا يجب أن يكون في القصيدة»، وعندما وجه إليها اتهام بيقينية قصائدها قالت: «ليست لدي إجابات لكن لدي بعض الاقتراحات في شعري» فهي تريد أن تقترح شيئاً واضحاً عن وعي ودراية، لا عن سذاجة وبراءة، وهي تريد أن تخاطب القارئ مباشرة، وتقول له شيئاً، ولهذا يمتلئ شعرها بعبارات مثل «انظر وأنصت وفكر ولاحظ ولا تفعل، وهل تتبعني» وغيرها من الجمل الموجهة المباشرة المخاطبة للقارئ، هذه هي طريقتها في كتابة الشعر، وهي طريقة ظلت مخلصة لها طوال حياتها. *حياة حقيقية ما يشفع لماري أن هذه هي حياتها الحقيقية، هي عاشت هكذا، وأرادت أن تكتب شعراً يشبه حياتها، ولذلك من يقرأها منذ بواكير أعمالها حتى مماتها، سيعرف أنها شاعرة منسجمة مع طريقة عيشها، هي إنسانة غير مدعية وتكتب ما تحب وما تعرف وما تتفاعل معه. ولدت ماري أوليفر في ولاية أوهايو عام 1935 وتوفيت في فلوريدا عام 2019 وصدر ديوانها الأول تحت عنوان «لا إبحار» وتوالت دواوينها وكتبها النثرية التي وصلت إلى ثلاثين كتاباً حتى ديوانها الأخير «غبطة» عام 2015. في عام 1984 فازت بجائزة بوليتزر للشعر عن ديوانها «بدائية أمريكية» كما توجت بجائزة الكتاب الوطني عام 1992 وعاشت طفولتها ومراهقتها في بيت أبيها قبل أن تنتقل لفترة إلى نيويورك، ومن ثم إلى ولاية ماساشوستس التي ستقضي بها أغلب عمرها، وستكتب فيها أغلب أعمالها الأدبية. عندما سئلت عن شهرتها الطاغية قالت: «هذه هي الشخصية العامة، لكن أنا ينظر إليّ دائماً على أني شخص منعزل» وفي هذا تضيف: «إذا صادفني السباك الذي أعرفه وقال ما أخبار العمل؟ فهذا سهل لكن إذا جاء سياح أغراب وقالوا إنهم يودون دعوتي إلى الغداء لأنهم يحبونني فهذا موضوع صعب تلبيته لأنه يعني ترك غابتي ومكتبي». ما يميز قصائد ماري قصرها، فهي لا تكتب المطولات الشعرية، وتعتمد كثيراً على قصائد ومضية، تقول فيها ما تريد قوله، من دون إطالة: «نعم قصائدي قصيرة مثل قصائد جلال الدين الرومي، هو أيضاً يكتب قصائد قصيرة»، وقد عبرت ماري مراراً عن حبها للسيطرة على نصها الشعري، وإحدى أدوات سيطرتها أن تكتب قصائد قصيرة نسبياً، لتتحاشى الترهل. *كلاسيكية تقرأ ماري فإذا بك على موعد مع الطبيعة بمختلف أشكالها، في صورة كلاسيكية ارتجاعية لعدد من الشعراء القدماء، الذين اتخذوا من الطبيعة مسرحاً لقصائدهم، في شعر ماري جبال وكثبان وبحار وأنهار وطيور وثعالب وزواحف، هذه العناصر تستحضر بشكل متكرر إلى حد أنها أصبحت مثار تحفظ عدد من النقاد الذين اتهموا ماري بالرومانسية، الآخذة بالشعر على أنه محض كاميرا، تنقل ما يحدث في الطبيعة.