logo
تحديات كبيرة في مشاركة الجيش البريطاني بأوكرانيا

تحديات كبيرة في مشاركة الجيش البريطاني بأوكرانيا

Independent عربية٢٣-٠٢-٢٠٢٥

عندما ترددت أنباء عن عزم المملكة المتحدة قيادة الجهود الرامية إلى تقديم وحدات لقوة حفظ السلام في أوكرانيا، وتجهيز ربما ما يصل إلى 20 ألف عنصر للمشاركة فيها، بعث إليَّ أحد معارفي من الضباط في مقر الجيش البريطاني في أندوفر برسالة قال فيها: "من أين جاء هذا الرقم؟ ومن الذي يطرح الفكرة؟ إننا بالتأكيد لا يمكننا القيام بذلك!".
لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى تقلص هذا "العرض" إلى ما بين 10 و12 ألف جندي لقوة برية لم تحدد معالمها بعد. لكن الذعر بين مخططي الجيش ظل على ما هو عليه ولم يتغير: فلم يكن هناك أي طلب رسمي لتنفيذ مثل هذا الانتشار، والجيش لا يملك الجاهزية لتقديم هذه الأعداد، وليس لديه التمويل اللازم لتحقيق ذلك.
ما هو أسوأ، أن الجيش البريطاني يفتقر إلى القدرة على نشر قوة قتالية متماسكة تلبي متطلبات الحرب في أوكرانيا - فمعداته إما قديمة أو غير متوافرة أو لا تزال في انتظار التسليم، بينما مخزون الذخيرة لديه لن يصمد لأكثر من أسبوع في حال اندلاع مواجهة، كذلك أنظمة الاتصالات هي الأخرى متهالكة ولا يمكن الاعتماد عليها.
ولن يكون من قبيل المبالغة القول إن الجيش البريطاني يمر بأسوأ حالاته منذ يونيو (حزيران) عام 1940، عندما أجليت "قوة الاستطلاع البريطانية" من ساحل دونكيرك في شمال فرنسا، في إطار "عملية دينامو" Operation Dynamo.
لمزيد من التوضيح، تراجعت قوة "الدبابات القتالية الرئيسة" إلى أدنى مستوياتها. وفي حين أن مجموعة "تشالنجر 2" (التي كان تتألف أساساً من أكثر من 400 دبابة عند شرائها في التسعينيات) تمتلك قوة 213 دبابة بشكل نظري، بعد إرسال 14 منها إلى أوكرانيا. لكن هذه المدرعات تعرضت لأعوامٍ من الإهمال الجسيم مع خفض موازنات الصيانة على مدى العقدين الماضيين، كما لم تُشترَ قطع غيار كافية، فيما انهارت سلاسل التوريد مع إفلاس الشركات المصنعة. وبحلول عام 2023، لم تكن هناك سوى 160 دبابة فقط صالحة للاستخدام (بعد عمليات إصلاح مكلفة وطويلة). ومع ذلك، ازداد الوضع سوءاً منذ ذلك الحين.
أما النتيجة، فكانت عجز "فيلق المدرعات الملكي" عن نشر فوج متكامل من دبابات "تشالنجر 2" يضم 59 دبابة منذ أعوام عدة. ومع محدودية الأعداد المتاحة، تقلصت طموحات المؤسسة العسكرية لتقتصر على تشغيل ما بين 20 و25 دبابة فقط، في أفضل الأحوال.
عندما تمتلك الدنمارك والسويد قوة دبابات أكثر قدرة من المملكة المتحدة، فإن ذلك يشير بوضوح إلى وجود مشكلة. وقد أظهرت الحرب في أوكرانيا أن للدبابات دوراً محورياً في ساحة المعركة، فكيف إذا ما أريد لقوة حفظ السلام أن تكون رادعاً جدياً وقوياً هناك؟
أما سلاح المدفعية، فكانت لديه ترسانة تضم أكثر من 100 مدفع ذاتي الحركة من طراز "أي أس 90" AS90، لكن كما حصل مع دبابات "تشالنجر 2"، تُركت هذه المدافع تتهالك، ولم يتبق منها سوى عدد محدود يُستخدم للتدريب فقط. وقبل جائحة "كورونا" مباشرة تحدثتُ مع مقدمٍ في الجيش يتولى قيادة فوج من مدافع "أي أس 90"، وكان تقييمه شديد الصراحة حين قال: "لدي 24 مدفعاً مخزناً، بلا مسارات ولا محركات. وسيكون الحفاظ على الروح المعنوية تحدياً كبيراً بالنسبة إلينا". كان ذلك قبل أكثر من خمسة أعوام، ومنذ ذلك الحين، ازدادت الأمور سوءاً نتيجة استمرار النقص في قطع الغيار وانهيار سلاسل التوريد.
يُشار إلى أن المملكة المتحدة قدمت ما لا يقل عن 32 مدفعاً من طراز "أي أس 90" لأوكرانيا ـ وهو قرار منطقي تماماً. إلا أن هذا القرار لم يترك للجيش البريطاني سوى القليل من قطع المدفعية أو لا شيء تقريباً. وقد تم الحصول على دفعة صغيرة من 14 مدفعاً سويدياً من طراز "أرتشر" Archer عيار 155 ملم. لكن هذا العدد ليس كافياً على الإطلاق. فقد أظهرت الحرب في أوكرانيا بوضوح أن سلاح المدفعية يظل حاسماً في ساحة المعركة. وأية قوة بريطانية تُرسل إلى أوكرانيا لن تكون ذات صدقية ما لم يكن لديها مزيد من المدافع.
حتى لو تمكن الجيش البريطاني من نشر 12 مدفع "أرتشر" كجزء من قوة برية في أوكرانيا (من الناحية المثالية، سيكون من الضروري نشر 24 إلى 36 مدفعاً في الأقل)، فستبقى هذه الوحدة بحاجة ماسة إلى إمدادات كبيرة من الذخيرة كي تكون فعالة في الميدان.
وبحسب وقائع القتال في أوكرانيا، فقد تبين وجوب تخصيص ما لا يقل عن 200 قذيفة يومياً لكل مدفع - وهذا الرقم يُعد الحد الأدنى فقط، وليس الأقصى. ويتعين تخصيص إمدادات تكفي لمدة 30 يوماً في الأقل، ومن الناحية المثالية 60 يوماً. وهذا يعني أنه سيكون من الضروري توفير ما لا يقل عن 75 ألف قذيفة، بكلفة تُقدر بنحو 350 مليون جنيه إسترليني (441 مليون دولار أميركي)، وربما يصل العدد إلى 150 ألف قذيفة بكلفة 700 مليون جنيه إسترليني. في الوقت الراهن، لا يمتلك الجيش البريطاني ما يكفي من ذخيرة مدفعية مخزنة لخوض صراع بهذا الحجم. وفي الواقع، قد يستغرق الأمر أعواماً عدة للوصول إلى الكميات المطلوبة.
دبابة "تشالنجر 2" تمر عبر منطقة التدريب "درافسكو بومورسكيا" في بولندا (وزارة الدفاع البريطانية)
هذان المثلان يعطيان فكرة عن الحال الأوسع والأكثر خطورة التي وصلت إليها معدات الجيش البريطاني. فالمركبات المدرعة الأخرى هي أيضاً في وضع يُرثى له. والصورة تبدو على النحو الآتي: قبل 35 عاماً، شاركت مركبات مشاة قتالية مدرعة من طراز "ووريور" Warrior في الهجوم على الكويت. ومنذ 30 عاماً، نُشرت مجموعة قتالية بريطانية مزودة بمركبات من الطراز نفسه في البوسنة، حيث لاقت تقديراً كبيراً. لكن المركبات التي ما زالت في الخدمة اليوم هي نفسها إلى حد كبير، ولم يطرأ عليها أي تغيير يُذكر، وذلك نتيجة تهميش فرص التحديث والترقية بصورة مستمرة.
قد يشير بعضهم إلى مجالات لا تبدو فيها الصورة سيئة للغاية. فقد دخلت ناقلة الجند المدرعة "بوكسر" Boxer في مرحلة الإنتاج الكامل، بحيث تُسلم هذه المركبات إلى الوحدات العسكرية. كذلك فإنه يُجرى العمل على تحديث دبابات "تشالنجر 3" لتصبح نسخة حديثة عن "تشالنجر 2". وفي الوقت نفسه، تُنتج مركبات مدرعة من فئة "أيجاكس" Ajax. وفي العام الماضي، تُوصل إلى اتفاق مع ألمانيا على تطوير نسخة مدفعية مشتركة من "بوكسر". ومن ثم يبدو أننا بدأنا نرى بعضاً من بصيص الأمل بعد فترة مظلمة طويلة.
لكن المشكلة تكمن في أن دبابات "تشالنجر 3" لن تكون جاهزة للتسليم قبل عامين في الأقل. وحتى ذلك الحين، لن تكون متاحة إلا للتجارب، وليس للاستخدام الفعلي. وعلى رغم العروض التي قدمها قطاع التصنيع لتسريع تسليم ناقلات "بوكسر"، فإن الجيش البريطاني ووزارة الدفاع لم يبديا استجابة له، وهذا يعني أن المسألة ستستغرق أعواماً عدة أخرى، قبل أن يصبح الجيش جاهزاً للانتشار الفعلي في مناطق قتال.
وبالمثل، لن تكون منظومات المدفعية الجديدة متاحة حتى نهاية هذا العقد، مما يعني الانتظار لمدة تتفاوت ما بين خمسة وستة أعوام (على سبيل المقارنة، سُلمت أنظمة المدفعية "بوكسر" الأوكرانية في غضون 27 شهراً فقط من الطلب. وقد قُدم عرض بتسريع عمليات التسليم للمملكة المتحدة، لكن لم يُتخذ أي قرار في هذا الشأن حتى الآن). وماذا عن "أيجاكس"؟ إن أحداً لا يستطيع التكهن، فقد تأخر المشروع بالفعل عن الجدول الزمني بنحو عقد من الزمن.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذاً، ما الذي يمكن للجيش أن يسهم به بشكل واقعي في مهمة حفظ السلام في أوكرانيا؟ يقول مصدري في أندوفر: "هل يمكن جمع 12 ألف جندي مع أسلحتهم، وتنظيمهم وإرسالهم إلى أوكرانيا؟ ربما. لكن ما الذي يمكنهم القيام به لدى وصولهم إلى هناك؟ هناك حقول ألغام غير محددة في كل مكان، لذا فإنهم سيحتاجون إلى كثيرٍ من المركبات المحمية - وهي إما أننا لا نملكها، أو تركناها تتقادم في المستودعات. والسؤال التالي هو: ما الخطة؟ هل ندعهم يقومون بدوريات في سيارات "لاند روفر" غير مدرعة مرة أخرى كما لو أن ذلك كان تجربة ناجحة في كل من العراق وأفغانستان؟
حتى لو أمكن حشد قوة قوامها 12 ألف جندي، فسيتعين استبدال عددها بعد نحو ستة أو ثمانية أشهر بـ12 ألفاً آخرين. ثم الاستمرار مرة أخرى بعد ذلك، في دورات مماثلة. وفي ظل الترتيبات المالية الراهنة، فإن الجيش البريطاني (ومن ضمنه "البحرية الملكية" و"سلاح الجو الملكي") غير مهيأ للقيام بذلك.
أما بالنسبة إلى كلف مهمة حفظ السلام في أوكرانيا، فاستناداً إلى العمليات السابقة في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الـ21، تتفاوت كلف نشر 12 ألفاً إلى 15 ألف جندي ما بين 3 مليارات إلى 5 مليارات جنيه إسترليني (3 مليارات و780 مليون دولار و6 مليارات و300 مليون دولار) في الأقل. ومرة ​​أخرى، لا توجد موازنة لذلك، لذا يتعين تمويلها من الاحتياط المركزي.
بناءً على ما تقدم، لا بد من طرح مجموعة أوسع من الأسئلة. فهل كانت المؤسسة العسكرية البريطانية صادقة مع السلطة السياسية في شأن ما يمكنها تحقيقه بالفعل، أم أن الموقف المعروف المتمثل في "نستطيع القيام بذلك" Can Do كان هو السائد، استناداً إلى المقولة: "لا تقلق، كل شيء سيسير على ما يرام في النهاية"؟ وهل كانت الرغبة في تجنب الإحراج هي التي دفعت إلى إخفاء أوجه القصور، ما جعل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يفتقر إلى الصورة الواضحة عن مدى خطورة الموقف فعلاً؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السلطات البريطانية تحاكم مغني راب إيرلنديا لرفعه علم "حزب الله"
السلطات البريطانية تحاكم مغني راب إيرلنديا لرفعه علم "حزب الله"

Independent عربية

timeمنذ 15 ساعات

  • Independent عربية

السلطات البريطانية تحاكم مغني راب إيرلنديا لرفعه علم "حزب الله"

أعلنت شرطة لندن مساء أمس الأربعاء أن ليام أوهانا، أحد أعضاء فرقة الراب الإيرلندية الشمالية "نيكاب"، اتهم بارتكاب جريمة إرهابية، بعدما لوح بعلم "حزب الله" خلال حفلة موسيقية في لندن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأوضح بيان للشرطة أن المغني، وخلال حفلة موسيقية في قاعة "أو 2" (O2) في لندن، "رفع علماً، بطريقة أو في ظل ظروف تثير شكوكاً منطقية بأنه من مؤيدي منظمة محظورة هي حزب الله"، وهذه جريمة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000. ونفت "نيكاب" دعمها لـ"حزب الله"، وقالت في بيان "ننفي هذه الجريمة وسندافع عن أنفسنا بكل قوة". وأضاف البيان أن "14 ألف طفل على وشك الموت جوعاً في غزة، ومرة جديدة تصب المؤسسة السياسية البريطانية تركيزها علينا"، منددة بما وصفته "الشرطة السياسية". وتعتبر المملكة المتحدة "حزب الله" اللبناني مجموعة إرهابية. ومن المقرر أن يمثل ليام أوهانا، واسمه الفني مو شارا في فرقة "نيكاب"، أمام المحكمة في لندن بتاريخ الـ18 من يونيو (حزيران). الفرقة تنفي دعم "حزب الله" تعرضت الفرقة التي تضم ثلاثة أعضاء متحدرين من بلفاست، والمعروفة بمواقفها المؤيدة للفلسطينيين، لانتقادات شديدة منذ اتهامها إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني" في غزة، خلال مهرجان "كواتشيلا" في كاليفورنيا. ومذاك، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من حفلات كثيرة لها، تظهر مثلاً أحد أعضاء الفرقة وهو يصرخ "هيا يا حماس! هيا يا حزب الله!". ومطلع مايو (أيار) الجاري، أعلنت شرطة مكافحة الإرهاب أنها تحقق في عدد من مقاطع الفيديو، مشيرة إلى "وجود أسباب كافية للتحقيق في جرائم محتملة". وأكد مغنو الراب من جهتهم أنهم "لا يدعمون حماس أو حزب الله، ولم يدعموهما مطلقاً". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إلغاء حفلات في الأسابيع الأخيرة، استبعدت الفرقة من مهرجان في جنوب إنجلترا، وألغيت حفلات كثيرة لها كانت مرتقبة خلال سبتمبر (أيلول) في ألمانيا. ودعا مجلس نواب اليهود البريطانيين منظمي مهرجان "غلاستونبري" البريطاني الشهير إلى إلغاء حفلة لـ"نيكاب"، كانت مقررة في نهاية يونيو. ومطلع مايو، وقع عدد كبير من الأسماء البارزة في القطاع الموسيقي، من أمثال "بالب" و"فونتين دي سي" و"ماسيف أتاك"، رسالة دعم لفرقة "نيكاب"، معتبرين أن أعضاءها الثلاثة يتعرضون لـ"قمع سياسي"، و"محاولة واضحة ومنسقة للرقابة وإلغاء حفلات". وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها الفرقة الجدل، إذ سبق أن سحبت أغنيتها الأولى "CEARTA"، التي تعني "حقوق" باللغة الإيرلندية، من إذاعة "آر تي إي" العامة الإيرلندية بسبب إشارتها إلى المخدرات. ودائماً ما اتهم منتقدو "نيكاب" الفرقة بالترويج لتعاطي المخدرات ونشر الخطاب المناهض للمملكة المتحدة، من خلال الدعوة إلى إعادة توحيد إيرلندا، وتحمل إحدى أغانيها عنوان "غيت بور بريتس أوت" (أخرجوا البريطانيين).

هل تعود بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي من الأبواب الخلفية؟
هل تعود بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي من الأبواب الخلفية؟

الاقتصادية

timeمنذ 3 أيام

  • الاقتصادية

هل تعود بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي من الأبواب الخلفية؟

بعد سنوات من الضجيج الذي رافق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020، خيم صمت نسبي على الملف، بفعل انشغال البريطانيين والأوروبيين بجائحة كوفيد-19 ثم الحرب الروسية الأوكرانية؛ غير أن الملف عاد أخيرا إلى واجهة الأخبار وبقوة . مثّلت القمة التي عقدت في لندن بين قادة الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أول اجتماع رفيع المستوى بين الجانبين على الأراضي البريطانية منذ استفتاء عام 2016، الذي مهد لخروج المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي. الكثير من الخبراء المهتمين بمتابعة هذا الملف اعتبروا هذه القمة تتويجا لعملية إعادة بناء العلاقات بين الطرفين، حيث بدا واضحا هيمنة اللهجة التصالحية على الأجواء المتفائلة التي سادت القمة. صاحبت تلك الأجواء تأكيدات بأن الاتفاقات الموقعة مفيدة للطرفين، خاصة مع إقرار رئيس الوزراء البريطاني، ولو بشكل غير مباشر، بأن الاتفاق كان ضروريا بعد تراجع الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي 21% وانخفاض الواردات 7%. وعلى الرغم من أن ستارمر توقع أن يضيف الاتفاق نحو 12 مليار دولار إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040، فإن الاتفاقية لم تسلم من الانتقادات الحادة التي وجهتها التيارات الرافضة لها. بريطانيا تعود إلى الاتحاد الأوروبي "بشروط أسوأ" يرى الخبير الاقتصادي إم. دي. لارسن إن الاتفاق يمثل "عودة من الباب الخلفي إلى الاتحاد الأوروبي بشروط أسوأ ". ومن وجهة نظره، فإن بريطانيا أصبحت "خاضعة لقواعد الاتحاد الأوروبي من جديد" وما تم توقيعه "يلحق ضررا ببعض الصناعات الأساسية، وعلى رأسها صناعة صيد الأسماك". وقال لـ "الاقتصادية": إن "هناك غموضا يكتنف التفاصيل المتعلقة بإقامة الشباب الأوروبيين وعملهم في بريطانيا، وهو ما يعيد الجدل حول حرية التنقل، التي كانت أحد الأسباب الجوهرية وراء التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد. " مؤيدو اتفاق بريطانيا مع أوروبا يرونه لا يمثل عودة للتكتل يرى أنصار الاتفاق في المقابل أن انتقادات المعارضين تفتقر إلى العمق وتمثل "ذرائع واهية"، حيث لا يمثل من وجهة نظرهم بأي حال عودة إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، وإن أقروا بوجود توجه واضح لدى رئيس الوزراء البريطاني نحو تعزيز العلاقات مع أوروبا . الدكتورة فلورا مالتوس، أستاذة الاقتصاد البريطاني، قالت لـ "الاقتصادية" إن الاتفاق "لا يعني بأي شكل من الأشكال إلغاء الخروج من الاتحاد الأوروبي؛ رئيس الوزراء استبعد تماما العودة إلى السوق الأوروبية الموحدة أو الاتحاد الجمركي؛ كما أن الأوروبيين متحفظون بشدة تجاه منح بريطانيا مزايا عضوية التكتل دون التزامات مالية محددة ". ينص الاتفاق على ربط أسواق الكربون بين الطرفين، ما يجنّب الصناعات البريطانية كثيفة الانبعاثات مثل الصلب والإسمنت رسوما إضافية، ويفتح المجال لبيع الكهرباء البريطانية داخل دول الاتحاد، بحسب مالتوس. لكن ما المكاسب التي جناها داوننج ستريت من هذه الاتفاقية، رغم ما أثارته من جدل داخلي؟ نقاط جوهرية ومناطق رمادية في الاتفاق البريطاني الأوروبي يتمثل أحد أبرز بنود الاتفاق في صفقة تمتد لمدة 12 عاما، وتسمح لطواقم الصيد الأوروبية بمواصلة نشاطها داخل المياه الإقليميّة البريطانية مقابل تخفيف الإجراءات البيروقراطية المفروضة على المزارع ومصايد الأسماك البريطانية الراغبة في التصدير إلى أوروبا . النقطة الأهم من وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية الدكتور مايكل فيليب تكمن في الاتفاق الأمني والدفاعي بين الجانبين . فالاتفاق مع بروكسل، سيفتح الباب أمام بريطانيا للمشاركة في صندوق الدفاع الأوروبي البالغ حجمه 150 مليار إسترليني، والذي ستسهم فيه لندن مقابل الحصول على قروض لمشروعات دفاعية، وتسريع حركة القوات والمعدات، وتبادل المعلومات الأمنية، واعتماد سياسة مشتركة بشأن أمن الفضاء، بحسب فيليب. يأتي هذه الاتفاق في ظل ما يصفها أستاذ العلوم السياسية بالتحولات الجيوسياسية العالمية "والمواقف غير المألوفة للإدارة الأمريكية تجاه أمن أوروبا". مع ذلك، تبقى هناك مناطق رمادية في الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بـتنقل الشباب وإمكانية الإقامة والعمل بين الجانبين. ونظرا لحساسية هذه القضايا، فقد حافظت الصياغات على عموميات مثل "تعزيز التعاون" مع وعود بإجراء محادثات استكشافية مستقبلية .

وكالة: لندن وبروكسل تعززان التعاون في مجالات الهجرة والطاقة والدفاع
وكالة: لندن وبروكسل تعززان التعاون في مجالات الهجرة والطاقة والدفاع

أرقام

timeمنذ 4 أيام

  • أرقام

وكالة: لندن وبروكسل تعززان التعاون في مجالات الهجرة والطاقة والدفاع

اتفقت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على إعادة ضبط العلاقات بينهما، في ظل وجود خلافات بين الجانبين تتعلق بعودة بريطانيا إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي، بحسب مصادر لشبكة "سي إن بي سي". وذكرت المصادر أن الجانبين توصلا إلى اتفاق اليوم للوصول المتبادل إلى مياه الصيد حتى نهاية يونيو 2028، بالإضافة إلى اتفاق بشأن التعاون في مجال الطاقة وإبرام شراكة أمنية ودفاعية. كما اتفق الجانبان على تعميق العلاقات بين البريطانيين والأوروبيين، وخاصة بين الشباب، من خلال السماح لهم بالعمل والدراسة والتطوع أو السفر بينهما بدون تعقيدات لفترة محدودة. واتفقت المفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة كذلك على تعميق التعاون بشأن تحديات الهجرة غير النظامية، مع النظر في إمكانية عبور حاملي جوازات السفر البريطانية للبوابات الإلكترونية في المطارات الأوروبية. وهي الخطوة التي لاقت استحسانًا من البريطانيين، الذين اضطروا سابقًا إلى الوقوف وقتًا طويلًا لعبور مطارات الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من الكتلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store