logo
شارع الأعشى (1 – 2)

شارع الأعشى (1 – 2)

سعورس٢١-٠٤-٢٠٢٥

الملفت أن معظم منتقدي المسلسل هم من الرجال، فيما وجدنا تعاطف النساء مع المسلسل! فهل لهذا علاقة في كون كاتبة الرواية الأساسية هي إمرأة؟!
في حوار نُظمَ الاربعاء الماضي 16 إبريل في أحد مقاهي الرياض جرى نقاش حول مسلسل شارع الأعشى زُبدته أن المتحدثة وهي أستاذة أكاديمية وصفت المسلسل بعبارة صريحة واضحة وهي أن: "المسلسل يمثلنا".
فهل اتفق الجميع على أن المسلسل يمثلنا؟ وما الذي مثلنا فيه؟
رأى البعض أن المسلسل تمت كتابته بعين نسائية ، ولو كان الكاتب رجلاً
ممن عاصروا تلك الفترة لكان له رأي وإضافة ولمسات مهمة.
ويضيف: لو تم عرض المسلسل على كبار السن ممن عاشوا تلك الفترة،
لأضافوا عليه وقائع وأحداث ولمسات مهمة تجعله قريباً من الواقع أو يلامس الواقع.
نؤمن أن المبالغة في الحبكة الفنية وفي السيناريو والحوار هي سمات
الأعمال الفنية بهدف خلق تشويق للعمل التلفزيوني، وهذا الأمر غير مستغرب في الأعمال الفنية والسينمائية، بل قد يكون جزءاً مهماً فيها لكي تصل للنجاح الذي يتوق له المنتج وتحقق مشاهدات مرتفعة.
ومثال ذلك كثير من المسلسات والأفلام المصرية في السبعينات والثمانينات هل كانت تمثل طبيعة المجتمع المصري وعاداته وتقاليده؟ ألم تتضمن مبالغات ولقطات أول من استنكرها المصريون أنفسهم لكنها أسهمت بطريقة ما في خلق حوارات ونقاشات في الأوساط كافة.
كذلك مقولة "أنت فيذا" في مسلسل شارع الأعشى هل كانت رائجة في مجتمع الأعشى في ذلك الوقت؟
المؤكد أن هناك من سينفي، وآخرون سيبدون استغرابهم منها، لكن فريقاً ثالثاً سيُقر أن هذه العبارة كانت موجودة بهذه الكلمات أو بصيغة أخرى.
ونعود إلى المسلسل نفسه لنقرر أن الأعمال الروائية طابعها دوماً التخيُّل والمبالغة في تصوير المشاهد ولولا المبالغة ما شدت اهتمام القراء.
كما أن كتابة سيناريو المسلسلات والأفلام يتطلب تقنيات لغوية يضاف لها مهارات وخبرات معينة من أبرزها مقدرة عالية على تصوير الأحداث وخلق حوارات داخل المسلسل مقتبسة من بيئة المجتمع الذي تتحدث عنه ولهجته المحلية وعباراته الدارجة أو العامية لخلق إيحاء لدى المتلقي أن هؤلاء منا ويتحدثون عن حياة كانت هنا أو كما وصفت المتحدث المسلسل بأنه "يمثلنا".
ودون خوض في الاتفاق أو الاختلاف مع قولها إنه "يمثلنا"، فإن مجرد إثارة النقاش تعد حالة إيجابية للمجتمع توصله إلى زوايا اتفاق أو تفاهم بشأن القضايا المجتمعية وتعمّقُ لغة الحوار والتواصل بأسلوب حضاري، وهو ما ينبغي الانتباه له والتركيز عليه بعيداً عن إسقاطات غير محببة أو تسفيه لآراء مختلفة. (يتبع).

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكاتبة السعودية بدرية البشر تكشف تفاصيل تصوير الجزء الثاني من مسلسل "شارع الأعشى"
الكاتبة السعودية بدرية البشر تكشف تفاصيل تصوير الجزء الثاني من مسلسل "شارع الأعشى"

ياسمينا

timeمنذ 10 ساعات

  • ياسمينا

الكاتبة السعودية بدرية البشر تكشف تفاصيل تصوير الجزء الثاني من مسلسل "شارع الأعشى"

كشفت الكاتبة السعودية بدرية البشر أخيرًا عن بعض تفاصيل تصوير الجزء الثاني من مسلسل 'شارع الأعشى' والذي سيتم عرضه في رمضان 2026. حاز المسلسل السعودي الرمضاني 'شارع الأعشى' بجزءه الأول على إشادات واسعة وجماهيرية كبيرة، وكنّا قد أخبرناك عن أهم ال أسباب الجوهرية التي جعلت مسلسل 'شارع الأعشى' يتصدر بالمركز الأول على منصة 'شاهد السعودية . هل سينجح الجزء الثاني كنجاح الجزء الأول من المسلسل!؟ بلا شك كانت رواية 'غراميات شارع الأعشى' للكاتبة بدرية البشر مصدر نجاح هذا المسلسل الذي استقى أحداثه من سطور هذه الرواية، حيث أبدعت بدرية البشر في تصوير حقبة السبيعينيات، وتشكيل الشخصيات المؤثرة في المسلسل، وكانت نهاية الجزء الأول بمثابة مفاجأة للجمهور الذي أكتشف وجود جزء ثانٍ من المسلسل، حيث يترقبه الجميع لمعرفة ما حلّ بالأبطال الذين بقي مصيرهم مجهولًا. وكشفت بدرية البشر أن بداية تصوير الجزء الثاني من المسلسل ستكون في شهر أغسطس المُقبل، وأكدت بأنه لن يكون هناك وقت لكتابة رواية جديدة، وأن الأحداث والشخصيات سيتم تطويرها بشكل يتماشى مع الخط الدرامي الذي سيشوّق الجمهور. بهذا التصريح تفاعل الجمهور في الساعات الأخيرة ما بين مؤيد لفكرة الجزء الثاني وما بين معارض، ولكن يبدو أن الحمل سيكون ثقيلًا على كٌتاب العمل الذين يُحتم عليهم نسج حبكة درامية مميزة تقوي العمل وتجعل الجزء الثاني مُكملًا لنجاح الجزء الأول. في الختام تذكري أن الكاتبة بدرية البشر قد ردت على منتقدين قصة مسلسل 'شارع الأعشى' وتتوعد باللجوء للقانون .

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي
القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

سعورس

timeمنذ 4 أيام

  • سعورس

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

لم يكن هذا الشعور بسبب عضوية الدكتور وليد فحسب، بل لأنه رفعني بذكر اسمي مشكوراً في مقاله (القصيمي متمرد ساخط على المجتمع) الذي جاء تعقيباً على مقال (القصيمي وجرأة التنوير... فروسية فكر بلا سرج ولا لجام)، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور، حين أدركت موقعي المتواضع، فأنا لست بمستوى الدكتور وليد، ولا أنتمي إلى أي ناد ثقافي أو جمعية أدبية، ولا أحمل أي ألقاب براقة يمكن أن تثير (رهبة الجماهير المثقفة). ثم جاءت لحظة الحقيقة الحاسمة عند مراجعتي لمقالي، فوجدته مجرد نقولات متفرقة، كان أبرزها (دفاع القصيمي عن نفسه أمام خصومه) وهو دفاع يكفي ولا يحتاج إلى إعادة تكرار. أما عن الدكتور وليد أبو ملحة، فإني أرى من المناسب أن يعود إلى كتاب «آفة الحرس القديم» الذي جمعه وأعده علي فايع الألمعي، فربما يجد فيه ما يخرجه من (ظلال الحرس القديم) وهو توجه تأكد لي عند تصفحي لأرشيفه، حيث تفاجأت بمقاله: «شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء» الذي يهاجم فيه مسلسلاً مقتبساً عن رواية الدكتورة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى». في نهاية مقاله استخدم عبارة شديدة اللهجة كثيراً ما سمعتها من الحرس القديم: «ليس من حق أي كاتب أو صانع دراما أن ينقل الواقع كما يحب هو أن يكون...» بهذه الجملة، لم يكتف بممارسة الوصاية على المسلسل وكاتبه، بل امتدت إلى القنوات الفضائية نفسها، هل يذكركم هذا بشيء؟ بالنسبة إلي، تذكرت فتوى عام 2008 بقتل ملاك الفضائيات العربية التي استنكرتها وسائل الإعلام العالمية، كما تذكرت كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام»، الذي قدم فيه المؤلف نفسه كمتحدث باسم مليار ونصف مسلم، مستخدماً قطعيات تشبه من يرى أنه «الممثل الوحيد للإسلام والنبوة والوحي»، وهي رؤية تجعل حتى «وثيقة مكة المكرمة 2019» عرضة للنقد من هؤلاء بحجة مألوفة نعرفها جيداً: «تمييع الدين وإضعاف الإسلام». لا أنوي تحميل الدكتور وليد أبوملحة وزر (الحرس القديم) فهو إنسان مستمتع بالحياة، والدليل متابعته الدقيقة لمسلسل «شارع الأعشى» رمضان الماضي، دون أن يغير القناة بحثاً عن دراما أكثر انسجاماً مع تحفظاته الدينية والفكرية، بل تابع بشغف، ثم اختتم الشهر بمقال استنكاري، وكأنه بعد الاستمتاع، قرر أن يتمضمض بمقال يندد بالمحتوى الذي تابع تفاصيله حتى النهاية! هذه الظاهرة تذكرني بمفهوم (الاستشراف)، الذي كتب عنه الدكتور فالح العجمي في مقاله (فئات المستشرفين...) بصحيفة اليوم 2017، كما كتب عنه الدكتور عبدالرحمن الشلاش في صحيفة «الجزيرة» بعنوان أشد قسوة، وفي رأيي، أن المستشرف أقرب إلى (متلازمة ستوكهولم) منه إلى (الوعي بتموضعه الفكري). بين البداوة والحضارة أعترف أنني أتعلم (التواضع العلمي والحلم الأخلاقي) من أمثال الدكتور وليد أبو ملحة، لذا أراعي وأتفهم (تعدد الأفهام) بين: (راعي الغنم المثقف) وهو الأقرب للبداوة من أمثالي، وبين (ابن المدينة المترف) وهو الأقرب للحضارة من أمثاله، فالبداوة التهامية تفرض علي (العفوية والصدق) دون حسابات (القراءة المتربصة) التي وصفها محمد زايد الألمعي بدقة حين قال (القراءة المتربصة أسوأ من عدم القراءة، فهي تعيد إنتاج جهلها بوهم أنها قرأت وفهمت، ومن ثم تورط قارئاً آخر في الوهم ذاته). القراءة المتربصة تاريخ طويل، والبحث في تراثنا العربي يكشف جذور (القراءة المتربصة)، التي تعود إلى زمن ابن قتيبة (213 - 276ه) فقد بدأ كتابه «عيون الأخبار» بتحذير واضح ضد هذا النوع من الفهم السطحي للنصوص، قائلاً «فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه.. فاعرف المذهب فيه، وما أردنا به، واعلم أنك إن كنت مستغنياً عنه بتنسكك، فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه...» لكن هذه النزعة تفاقمت بعد (هجمة المغول 656ه) كمؤشر إلى (الانحطاط الحضاري)، فازدادت معها (سطوة القراءة المتربصة)، التي لا علاقة لها بالنقد الحقيقي، بل هي نوع من (الملاحقة الفكرية) للتراث العربي، بحيث لو استطاعت لحاربت (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري (ت 449ه)، وقبله التوحيدي (ت 414ه) وقبلهما الجاحظ (ت 255ه)، وحتى بعض كتب التفسير التراثية لن تسلم! من يقرأ التاريخ يرى كيف استهدفت هذه النزعة كتباً كثيرة، مثل «رسائل إخوان الصفا» في القرن الرابع الهجري، وحتى «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (ت 356ه)، فكيف بالنواسي وديوانه (ت 198ه) الذي جمع أخباره ابن منظور (ت 711ه)، بل امتدت لعصور طويلة بدءاً من ابن المقفع (ت 142ه)، جابر ابن حيان (ت 200ه)، الكندي (ت 256ه)، الفارابي (339ه)، ابن الهيثم (ت 430ه)، ابن سيناء (427ه)، وابن رشد (595ه) وغيرهم كثير في التاريخ العربي. (لا نريد عودة الماضي) عزيزي القارئ، لا تدفع نفسك إلى تلك (الأوهام الفكرية)، ولا تتأثر بما عايشته خلال معرض الرياض الدولي للكتاب في سنوات مضت: شجار هنا، صراخ على دار نشر (ملحدة) هناك! حتى (طاش ما طاش) استعرض هذه الظواهر سابقاً. إنها (سنوات لا نريدها أن تعود) ونأمل لمن تأخر في تجاوزها أن يجد (شفاء عاجلاً)، ولمن خلصنا منها أن يزداد قوة وتمكيناً.

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي
القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

الوطن

timeمنذ 4 أيام

  • الوطن

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

الدكتور وليد أبو ملحة يعرف نفسه في تويتر/إكس بأنه (عضو جمعية كتاب الرأي) وهذا بلا شك لقب فخم فاخر مذهل في تميزه وعبقريته، يستحق أن يخلد في سجلات الإنجاز الثقافي! لحظة قراءتي لهذا التعريف، انتابتني قشعريرة مهيبة، ورهبة اعتزاز سمت بي إلى آفاق طه حسين والعقاد من العرب، وامرسون ومونتيني من العجم، وكدت أتوهم أنني أقف على منعطف تاريخي للثقافة العربية! لم يكن هذا الشعور بسبب عضوية الدكتور وليد فحسب، بل لأنه رفعني بذكر اسمي مشكوراً في مقاله (القصيمي متمرد ساخط على المجتمع) الذي جاء تعقيباً على مقال (القصيمي وجرأة التنوير... فروسية فكر بلا سرج ولا لجام)، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور، حين أدركت موقعي المتواضع، فأنا لست بمستوى الدكتور وليد، ولا أنتمي إلى أي ناد ثقافي أو جمعية أدبية، ولا أحمل أي ألقاب براقة يمكن أن تثير (رهبة الجماهير المثقفة). ثم جاءت لحظة الحقيقة الحاسمة عند مراجعتي لمقالي، فوجدته مجرد نقولات متفرقة، كان أبرزها (دفاع القصيمي عن نفسه أمام خصومه) وهو دفاع يكفي ولا يحتاج إلى إعادة تكرار. أما عن الدكتور وليد أبو ملحة، فإني أرى من المناسب أن يعود إلى كتاب «آفة الحرس القديم» الذي جمعه وأعده علي فايع الألمعي، فربما يجد فيه ما يخرجه من (ظلال الحرس القديم) وهو توجه تأكد لي عند تصفحي لأرشيفه، حيث تفاجأت بمقاله: «شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء» الذي يهاجم فيه مسلسلاً مقتبساً عن رواية الدكتورة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى». في نهاية مقاله استخدم عبارة شديدة اللهجة كثيراً ما سمعتها من الحرس القديم: «ليس من حق أي كاتب أو صانع دراما أن ينقل الواقع كما يحب هو أن يكون...» بهذه الجملة، لم يكتف بممارسة الوصاية على المسلسل وكاتبه، بل امتدت إلى القنوات الفضائية نفسها، هل يذكركم هذا بشيء؟ بالنسبة إلي، تذكرت فتوى عام 2008 بقتل ملاك الفضائيات العربية التي استنكرتها وسائل الإعلام العالمية، كما تذكرت كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام»، الذي قدم فيه المؤلف نفسه كمتحدث باسم مليار ونصف مسلم، مستخدماً قطعيات تشبه من يرى أنه «الممثل الوحيد للإسلام والنبوة والوحي»، وهي رؤية تجعل حتى «وثيقة مكة المكرمة 2019» عرضة للنقد من هؤلاء بحجة مألوفة نعرفها جيداً: «تمييع الدين وإضعاف الإسلام». لا أنوي تحميل الدكتور وليد أبوملحة وزر (الحرس القديم) فهو إنسان مستمتع بالحياة، والدليل متابعته الدقيقة لمسلسل «شارع الأعشى» رمضان الماضي، دون أن يغير القناة بحثاً عن دراما أكثر انسجاماً مع تحفظاته الدينية والفكرية، بل تابع بشغف، ثم اختتم الشهر بمقال استنكاري، وكأنه بعد الاستمتاع، قرر أن يتمضمض بمقال يندد بالمحتوى الذي تابع تفاصيله حتى النهاية! هذه الظاهرة تذكرني بمفهوم (الاستشراف)، الذي كتب عنه الدكتور فالح العجمي في مقاله (فئات المستشرفين...) بصحيفة اليوم 2017، كما كتب عنه الدكتور عبدالرحمن الشلاش في صحيفة «الجزيرة» بعنوان أشد قسوة، وفي رأيي، أن المستشرف أقرب إلى (متلازمة ستوكهولم) منه إلى (الوعي بتموضعه الفكري). بين البداوة والحضارة أعترف أنني أتعلم (التواضع العلمي والحلم الأخلاقي) من أمثال الدكتور وليد أبو ملحة، لذا أراعي وأتفهم (تعدد الأفهام) بين: (راعي الغنم المثقف) وهو الأقرب للبداوة من أمثالي، وبين (ابن المدينة المترف) وهو الأقرب للحضارة من أمثاله، فالبداوة التهامية تفرض علي (العفوية والصدق) دون حسابات (القراءة المتربصة) التي وصفها محمد زايد الألمعي بدقة حين قال (القراءة المتربصة أسوأ من عدم القراءة، فهي تعيد إنتاج جهلها بوهم أنها قرأت وفهمت، ومن ثم تورط قارئاً آخر في الوهم ذاته). القراءة المتربصة تاريخ طويل، والبحث في تراثنا العربي يكشف جذور (القراءة المتربصة)، التي تعود إلى زمن ابن قتيبة (213 - 276هـ) فقد بدأ كتابه «عيون الأخبار» بتحذير واضح ضد هذا النوع من الفهم السطحي للنصوص، قائلاً «فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه.. فاعرف المذهب فيه، وما أردنا به، واعلم أنك إن كنت مستغنياً عنه بتنسكك، فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه...» لكن هذه النزعة تفاقمت بعد (هجمة المغول 656هـ) كمؤشر إلى (الانحطاط الحضاري)، فازدادت معها (سطوة القراءة المتربصة)، التي لا علاقة لها بالنقد الحقيقي، بل هي نوع من (الملاحقة الفكرية) للتراث العربي، بحيث لو استطاعت لحاربت (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري (ت 449هـ)، وقبله التوحيدي (ت 414هـ) وقبلهما الجاحظ (ت 255هـ)، وحتى بعض كتب التفسير التراثية لن تسلم! من يقرأ التاريخ يرى كيف استهدفت هذه النزعة كتباً كثيرة، مثل «رسائل إخوان الصفا» في القرن الرابع الهجري، وحتى «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (ت 356هـ)، فكيف بالنواسي وديوانه (ت 198هـ) الذي جمع أخباره ابن منظور (ت 711هـ)، بل امتدت لعصور طويلة بدءاً من ابن المقفع (ت 142هـ)، جابر ابن حيان (ت 200ه)، الكندي (ت 256هـ)، الفارابي (339هـ)، ابن الهيثم (ت 430هـ)، ابن سيناء (427هـ)، وابن رشد (595هـ) وغيرهم كثير في التاريخ العربي. (لا نريد عودة الماضي) عزيزي القارئ، لا تدفع نفسك إلى تلك (الأوهام الفكرية)، ولا تتأثر بما عايشته خلال معرض الرياض الدولي للكتاب في سنوات مضت: شجار هنا، صراخ على دار نشر (ملحدة) هناك! حتى (طاش ما طاش) استعرض هذه الظواهر سابقاً. إنها (سنوات لا نريدها أن تعود) ونأمل لمن تأخر في تجاوزها أن يجد (شفاء عاجلاً)، ولمن خلصنا منها أن يزداد قوة وتمكيناً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store