logo

عبد الله بوصوف يكتب: الأمن المغربي من صدمة الإرهاب الى صناعة الثقة

ناظور سيتي١٦-٠٥-٢٠٢٥

أعود في كل ذكرى للاحتفال بتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني في 16 ماي، إلى الخطاب الملكي المؤسس للمفهوم الجديد للسلطة، الصادر في 12 أكتوبر من سنة 1999، والذي يُعد بحق قفزة نوعية في فلسفة منظومة الأمن بالمغرب، حيث ربط ذلك المفهوم برعاية المصالح العمومية، وتدبير الشؤون المحلية، وصون الحريات الفردية والجماعية، وتحقيق السلم الاجتماعي.
وقد شهدت الأجهزة الأمنية، منذ تاريخ صدور الخطاب الملكي، تطوراً لافتاً على مستوى التركيبة البشرية والعقلية، وعلى صعيد فعالية وعصرنة المعدات واللوجيستيك، فضلاً عن مواكبة تشريعية متقدمة، في إطار سياسة جنائية تستجيب لحاجيات المواطن في الأمن والاستقرار.
لقد كان من أولى ثمار فلسفة المفهوم الجديد للسلطة، النجاح الجماعي في تجاوز الأزمات والضربات الإرهابية، وعلى رأسها تفجيرات 16 ماي 2003، التي خرج منها المغرب قوياً، متحداً ومتماسكاً، بفضل اعتماد مقاربة أمنية تشاركية، شملت إشراك الفاعل الإعلامي والحقوقي والمواطن، ودشنت مرحلة جديدة من الإصلاحات العميقة، حملت معها تحولات ملموسة على مستوى تجديد الخطاب الديني، وخلق مؤسسات جديدة، وعلى مستوى التواصل والإعلام، والتراكم التشريعي والقانوني.
لم يتوقف طموح المغرب عند هذا الحد، فقد شهدت سنة 2018 زيارة تاريخية لجلالة الملك محمد السادس إلى مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي)، أعلن خلالها عن جيل جديد من العمل الأمني، وأسلوب حديث يروم الارتقاء بالأداء الأمني وتجويده، بفضل كفاءات أمنية وطنية ذاع صيتها خارج الحدود، حتى بات جهاز 'الديستي' علامة فارقة في الجودة والفعالية لحماية الأشخاص والممتلكات، ولضمان السلم الاجتماعي.
واليوم، ونحن نحتفل بذكرى التأسيس في ماي 2025، بكل ما يرافق هذا الاحتفال من معاني الاعتزاز والمؤسساتية، نستحضر بكل تقدير هذا الزخم والتراكم الإيجابي الذي ساهم بشكل كبير في تطور المنظومة الأمنية بالمغرب، سواء على مستوى طرق الاشتغال والنتائج الملموسة، لاسيما انخفاض أو ارتفاع معدلات الجريمة، أو على مستوى ارتفاع نسبة ثقة المواطن المغربي في أجهزته الأمنية، أو من خلال التغير الذي عرفه المخيال الشعبي في علاقته برجل السلطة، وذلك بفضل انفتاح الأجهزة الأمنية على الإعلام الوطني، والهيئات الحقوقية، وتنظيم أبواب مفتوحة أمام المواطنين لتمكينهم من الاطلاع على طريقة اشتغال المؤسسات الأمنية. كل ذلك من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي، كواحد من الغايات الكبرى للمفهوم الجديد للسلطة.
نقول هذا الكلام وكلنا إيمان راسخ ببصيرة قائد الأمة، وسبقه في إطلاق مشروع كبير يهم صناعة الأمن والحكامة الأمنية، منذ أكتوبر 1999، بكل ما يرتبط بذلك من انفتاح على الحريات، والإعلام، والتجارب المقارنة أيضًا.
لكن، وحتى نقطع الطريق على من يهوى السباحة في المياه الآسنة، ولأننا لا نقول 'كلام إنشاء'، دعونا نذكر، أولًا، بقيام فرقة 'البيسج' بإحباط وتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، كان آخرها تفكيك 'خلية الأشقاء' يوم 25 يناير 2025 بمنطقة حد السوالم، وكيف تم إفشال مخطط إرهابي بفضل يقظة الأجهزة وحنكتها الكبيرة. وهي العملية النوعية التي لاقت استحساناً واسعاً لدى المواطنين، وزادت منسوب الثقة في المؤسسات الأمنية، وهو ما ينعكس إيجاباً على الحفاظ على السلم الاجتماعي.
دعونا نذكر، ثانيًا، كل من لا يزال في موقع التشكيك، أن المغرب شهد تنظيم مسيرات تضامنية مليونية لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وللتنديد بقتل المدنيين في غزة، إضافة إلى مسيرات احتجاجية ووقفات فئوية (طلبة الطب، محامون، رجال التعليم، ومسيرات عيد الشغل…)، والتي كانت تنظم بالعشرات، وفي نفس التوقيت، في أكثر من مدينة مغربية.
ومن يتصور أن تنظيم مثل هذه المسيرات أمر هين، فهو واهم، لأنها تنطوي على فرضيات مخاطر وانفلاتات أمنية محتملة. ومع ذلك، فقد كانت السلطات المغربية تسمح بتنظيمها في إطار الضوابط القانونية المؤطرة للحريات العامة، وكانت تمر بسلاسة، تحت أنظار الأجهزة الأمنية المختلفة، وبتغطيات إعلامية واسعة، في مشهد أصبح مألوفاً في شوارع الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس وغيرها من المدن.
فإذا كانت بعض الأنظمة المجاورة، كالنظام الجزائري مثلاً، تمنع المسيرات والوقفات في الشارع العام، فإن المغرب، بفضل الورش الملكي المتعلق بالمفهوم الجديد للسلطة، وبفضل مسؤولي أجهزته الأمنية، وكفاءتهم العالية وحسهم الوطني، يعطي الضوء الأخضر لتنظيم تلك المسيرات والوقفات، لارتفاع منسوب وعي المواطن المغربي بضرورة الحفاظ على الأمن والممتلكات والسلم الاجتماعي، باعتبار ذلك مسؤولية جماعية، في إطار مقاربة تضامنية وتشاركية.
لذلك، فإن الاحتفال والاحتفاء بمؤسسة أمنية في ذكرى تأسيسها يوم 16 ماي، مؤسسة تسهر على حق المواطن في الأمن، وحق المجتمع في الاستقرار، يُلزمنا بالوقوف ترحمًا على 'شهداء الواجب'، ورفع القبعة لكل الأيادي الأمينة الساهرة على مرفق الأمن القومي بالمغرب.
عبد الله بوصوف

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العامل السيد أبو زيد يدشن مهامه بزيارة لمدينة صفرو ولإقليمها
العامل السيد أبو زيد يدشن مهامه بزيارة لمدينة صفرو ولإقليمها

صوت العدالة

timeمنذ 3 ساعات

  • صوت العدالة

العامل السيد أبو زيد يدشن مهامه بزيارة لمدينة صفرو ولإقليمها

وسط آمال عريضة وتطلعات ساكنة إقليم صفرو انبتقت بارتياح واسع سواء لدى الفعاليات السياسية أو المدنية دشن السيد أبو زيد أول مهامه منذ تعيينه وحضوته بالتقة المولوية السامية لصاحب الجلالة عاملا على إقليم صفرو، دشن مهامه باجتماع موسع حول التحضيرات لمهرجان حب الملوك في مئويته التي تصادف دورته 101 هذه السنة حيث أعطى أبو زيد توجيهاته لتكون هذه المحطة من الاحتفال بقيدوم المهرجانات في مستوى التطلعات المنشودة لمغرب التنمية والنهضة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله . كما قام عامل الإقليم بزيارة ميدانية لأحياء من مدينة صفرو وأزقتها ومعالمها بدون بروتوكولات رسمية حيث عاين عامل الإقليم، الذي بحسب مصادر أعجب بطبيعة صفرو وبهوائها النقي وعذوبة مائها زار العديد من أرجاء المدينة ، حيث وقف على بعض النقائص كما عرج عامل الإقليم على دار العجزة في زيارة مفاجئة للوقوف على مشروع من المشاريع الملكية التي دشنها الملك محمد السادس في زيارته التاريخية لمدينة صفرو في إشارة بالغة إلى الوقوف على تتبعه هذه المشاريع . كما قادت الزيارة التي قام بها عامل الاقليم قادته إلى زيارة خاطفة لرباط الخير بدون توقف حيت عاين بعض المشاريع وأخد نظرة عن البنية الطرقية لإقليم صفرو , وقد خلفت هذه الخرجة ارتياحا بالغا لدى ساكنة إقليم صفرو كعربون لبداية فترة جديدة لوجه من وجوه عدم التمركز الإداري يعرف برجل المهمات الصعبة في الإدارة خبر بتجربته قضايا التنمية ومجالاتها المتشعبة ويضع أولوياتها على رأس جدول أعماله . ومن المتوقع أن يبتدأ السيد عامل إقليم صفرو زيارته الميدانية لمختلف الجماعات الترابية مستقبلا للوقوف عينيا على وضعية وحاجيات رعايا صاحب الجلالة وحاجيات التنمية في هذه الجماعات .

خبراء 'نخرجو ليها ديريكت' يناقشون موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة
خبراء 'نخرجو ليها ديريكت' يناقشون موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة

برلمان

timeمنذ 9 ساعات

  • برلمان

خبراء 'نخرجو ليها ديريكت' يناقشون موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة

الخط : A- A+ إستمع للمقال خصص برنامج 'نخرجو ليها ديريكت'، الذي يقدمه الإعلامي عبد العزيز الرماني، ويذاع مباشرة على إذاعة 'برلمان راديو' ويبث على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، حلقة اليوم السبت، لمناقشة موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة. وأوضح الخبراء، أن عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة، له أهداف معروفة تتجلى في الحفاظ على قطيع الأغنام داخل المملكة. وأكد الخبراء، أن عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، جاء من أجل الحفاظ كذلك على أسعار اللحوم، خصوصا وأن ثمن الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء، كان سيسجل أسعارا خيالية. وأضاف الخبراء، أن الإهابة الملكية جاءت من أجل الحفاظ على مستوى معيشة المغاربة، خصوصا وأن الملك محمد السادس، وبحكمته المعهودة، قرر عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد. وتابع الخبراء، أن الملك محمد السادس أضاف 6 مليارات درهم من أجل دعم الكسابة وإعادة تشكيل القطيع الوطني. وأردف الخبراء، أن السلطات من حقها أن تقوم بواجبها، وأن تضرب بقوة على يد المتلاعبين بالمغاربة ومستقبل المغرب، وبالقطيع المغربي والفلاح المغربي، وبالاقتصاد المغربي. وقال الخبراء، إن هناك دعوة ملكية واضحة ورحيمة بالمغاربة ومن أجل هذه الرحمة، نتجند جميعا لتوقيف جميع الأشخاص الذين يقوم بالممارسات الشاردة التي تضر بالمواطنين المغاربة. وأضاف الخبراء، أنه يجب محاربة الجشع داخل الأسواق، من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدين أن المغاربة يجب عليهم أن يكونوا عند حجم المسؤولية.

سوس ماسة : تدخل إنساني لشرطة طاطا ينقذ تلميذة من الغياب عن امتحان الفلسفة في الباكالوريا
سوس ماسة : تدخل إنساني لشرطة طاطا ينقذ تلميذة من الغياب عن امتحان الفلسفة في الباكالوريا

أكادير 24

timeمنذ 10 ساعات

  • أكادير 24

سوس ماسة : تدخل إنساني لشرطة طاطا ينقذ تلميذة من الغياب عن امتحان الفلسفة في الباكالوريا

agadir24 – أكادير24 أنقذت عناصر دورية تابعة للأمن الوطني بمدينة طاطا (سوس ماسة)، زوال يوم الجمعة 30 ماي 2025، تلميذة من تضييع فرصة اجتياز امتحان الباكالوريا، بعدما تدخلت في الوقت المناسب لنقلها على وجه السرعة إلى مركز الامتحان بثانوية محمد السادس التأهيلية. وصادفت التلميذة، التي تأخرت عن موعد الحصة المسائية لمادة الفلسفة، عناصر الشرطة خلال جولتهم الاعتيادية، لتشرح لهم حالتها الطارئة، ما دفع رجال الأمن إلى التدخل فورًا، ونقلها على متن سيارة المصلحة في ظروف استثنائية، مكّنتها من الوصول إلى المؤسسة قبل انطلاق الامتحان بدقائق. هذا، فقد سمح هذا التدخل الإنساني للتلميذة بدخول قاعة الامتحان واستلام ورقة اختبارها في الوقت المحدد، وسط إشادة واسعة من الطاقم الإداري والتربوي للمؤسسة، الذي أثنى على سرعة الاستجابة والبعد المجتمعي النبيل لهذا السلوك الأمني. ويجسد هذا الموقف نموذجًا يحتذى به في تكريس مبدأ القرب من المواطن، خاصة في فترات حاسمة مثل امتحانات الباكالوريا، التي تمثل نقطة تحول في حياة التلاميذ، كما يعكس رؤية جديدة للأمن الوطني كقوة في خدمة المواطن قبل كل شيء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store