logo
حزب الأصالة والمعاصرة: سبعة عشر عاماً من البناء ، حين يلتقي البياض الشفاف بزرقة الثبات*

حزب الأصالة والمعاصرة: سبعة عشر عاماً من البناء ، حين يلتقي البياض الشفاف بزرقة الثبات*

في عالم السياسة، كما في عالم الرموز، نادرًا ما يستمرّ الضوء في السطوع إذا لم يكن منبثقًا من جوهر صلب. وحزب الأصالة والمعاصرة، منذ أن أبصر النور في 8 غشت 2008، ظل وفيًّا لرمزيته الثنائية التي تختزل كل فلسفته: أبيض يشع بالوضوح، وأزرق يرمز إلى الثبات. وفي هذا العالم، هناك من يُطلّ عابرًا، وهناك من يختار أن يكون من النّسّاجين الكبار، الذين يطرّزون المستقبل بخيوط الرؤية والعمل. ومنذ نشأته، اختار حزب الأصالة والمعاصرة أن يكون من الفئة الثانية؛ حاملًا مشروعًا سياسيًا متميزًا، يُؤمن أن الجدية ليست ترفًا، وأن بناء الثقة يبدأ من الوضوح الأبيض ويمتد إلى ثبات الأزرق، ذاك اللون الهادئ في ظاهره، الصلب في جوهره، الذي لا يعرف التراجع.
وما بين بياض الشفافية وزرقة العمق، نسج الحزب هويته السياسية المتفرّدة، فجعل من الأصالة جسرًا نحو الجذور، ومن المعاصرة نافذةً على المستقبل. لم يكن التأسيس مجرد إعلان تنظيمي فقط، بل موقفًا فكريًا ومشروعًا وطنيًا، يستجيب لحاجة المجتمع المغربي إلى عرض سياسي جديد، عقلاني، حداثي، يؤمن بالمؤسسات، ويحترم الفعل الميداني.
وعلى امتداد سبعة عشر عامًا، ظل الحزب وفيًّا لهذا التوجّه، يقود تحوّلاته برويّة الاستراتيجي، ويتقدّم بثقة من لا يغريه بريق اللحظة، بل يحركه الأمل في مغرب أكثر عدالة وتوازنًا. فقد تحوّل الحزب من قوة فتية إلى فاعل محوري في الحياة السياسية الوطنية، مؤثرًا في هندسة القرار العمومي، ومنتجًا حقيقيًا للأفكار والمشاريع داخل المؤسسات.
ولم يكن هذا المسار ليتحقق لولا كفاءات وازنة طبعت مسيرة الحزب، خصوصًا على مستوى التنظيم الداخلي، حيث برزت جهود مكثفة في إعادة الهيكلة، وتأطير الطاقات الصاعدة، وتوسيع القاعدة القاعدية على أسس متينة من الانضباط والفعالية. لقد أدركت القيادات الحزبية، منذ وقت مبكر، أن قوة الحزب لا تأتي من صوته المرتفع، بل من انتظامه الداخلي وانسجامه الهيكلي، فحرصت على أن يكون التنظيم وسيلةً للتماسك، لا مطيّةً للتنازع.
وعلى مستوى التدبير العمومي، تميزت قيادات الحزب بتجربة نوعية في قطاعات حيوية تمس الشأن اليومي للمواطنين، من خلال إطلاق مشاريع تنموية كبرى، مكّنت شريحة واسعة من المواطنين من تحسين شروط العيش الكريم، وأعادت الاعتبار للمجالات الهشة، مستندةً إلى رؤية استراتيجية، ومرتكزة على الحكامة والفعالية في الإنجاز. فحزب الأصالة والمعاصرة سواء من موقع المعارضة أو الأغلبية، ظل يُنتج المعنى، ويُراكم الفعل، ويؤمن بأن التغيير الحقيقي يتم عبر المؤسسات لا عبر ضجيج المنابر.
ولعلّ ما يميّز حزب الأصالة والمعاصرة هو أنه، رغم الحملات المغرضة ومحاولات التشويش، لم يسقط في فخ الردود العقيمة، بل آمن دومًا بأن البياض لا يتأثر بمحاولات التلطيخ، وأن الأزرق لا يرتبك أمام العواصف، لأنه لون البحر العميق، رمز الاتساع والهدوء والثقة بالنفس. لذلك ركّز حزب الأصالة والمعاصرة على ما يُجيد فعله: الإنجاز، العمل، التأطير، والحضور الوازن.
إن الذكرى السابعة عشرة لتأسيس الحزب ليست لحظة احتفاء فقط، بل مناسبة للتأمل في منجزٍ سياسي أصبح راسخًا. فقد استطاع الحزب أن يُرسّخ حضوره في الجماعات الترابية، أن يُساهم في صياغة السياسات العمومية، وأن يُواكب تطلعات المغاربة في قطاعات حيوية مهمة.
وإذا كان البياض في شعار الحزب هو التزام أخلاقي، فإن الأزرق هو رمز لقوة الهدوء وصلابة التخطيط. وما بينهما، خطّ الحزب صفحات من الفعل السياسي الرصين، بعيدًا عن المزايدات، قريبًا من واقع الناس، مخلصًا لفكرة أن السياسة ليست مهنة، بل التزام ومسؤولية.
ولأن السياسة في جوهرها فن الإصغاء والتفاعل، لم يكن حزب الأصالة والمعاصرة يومًا حزبًا منغلقًا أو مكتفيًا بذاته، بل اختار منذ تأسيسه أن يكون فضاءً مفتوحًا على الكفاءات والطاقات الحية، يؤمن بأن التغيير لا يتم إلا عبر الإنسان المؤهل، وأن تجديد النخب ليس خيارًا تكتيكيًا، بل ركيزة محورية لأي مشروع إصلاحي عميق. فالحزب لا يُراكم الأعضاء من أجل العدد، بل ينتقي ويحتضن الاختلاف الخلّاق، منطلقًا من قناعة راسخة بأن التنوع قوة، والنقاش الجاد مقدّمة للقرار الرصين. ولذلك ظل فضاءه الداخلي فضاءً يتسع للجميع ، ويثمّن المساهمات النوعية، ويوفّر الفرص أمام الكفاءات الحزبية الصاعدة لتكون فاعلة في الحاضر، وصانعة للمستقبل.
واختيارُنا لحزب الأصالة والمعاصرة لم يكن صدفة ولا مجرّد انخراط عابر، بل قناعة راسخة تشكّلت لدى جيل من الشباب، الذين وجدوا في هذا المشروع السياسي أفقًا للإيمان والعمل. لقد آمنا أن هذا الحزب يُجسّد فعلًا مختلفًا في المشهد السياسي، مشروعًا يؤمن بالتغيير الجاد، ويحتضن الكفاءات، ويُقدّر الانتقاء ويُثمّن الاختلاف. لم نأتِ طلبًا لموقع، بل حملًا لقناعة، ورغبةً في أن نكون جزءًا من دينامية سياسية تُراهن على التجديد، وتُعلي من قيمة المشاركة المسؤولة، وتُوفّر لنا فضاءً نُسهم فيه بصناعة مغرب الغد.
وهكذا، يواصل حزب الأصالة والمعاصرة مسيرته، متسلحًا برصيد من التراكم، وإرادة متجددة، وثقة متنامية من المواطنات والمواطنين، ليؤكد مرة أخرى أن المستقبل لا يُصنع بالشعارات، بل يُكتب بالأثر، ويُوقّع بلونين: الأبيض الذي يضيء الطريق، والأزرق الذي يحرسه.
نوال اليتيم
عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هجمات الرعاة الرحل على دواوير نواحي أكادير فوق طاولة وزير الداخلية
هجمات الرعاة الرحل على دواوير نواحي أكادير فوق طاولة وزير الداخلية

عبّر

timeمنذ 23 دقائق

  • عبّر

هجمات الرعاة الرحل على دواوير نواحي أكادير فوق طاولة وزير الداخلية

وجه النائب البرلماني حسن أومريبط، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية، يطالبه فيه بالتدخل العاجل لمعالجة ما وصفه بالوضع المقلق الناتج عن تجدد هجمات الرعاة الرحل على عدد من دواوير جماعة إمسكين المحاذية لمدينة أكادير. وأشار أومريبط في سؤاله إلى أن جهة سوس ماسة تعرف انتشارا واسعا لظاهرة الرعي الجائر، الناتجة عن توافد أعداد كبيرة من رؤوس الماشية التي يسوقها الرعاة الرحل، الأمر الذي يتسبب في معاناة متكررة للساكنة المحلية، ويؤدي إلى خسائر بيئية واقتصادية جسيمة، خصوصا على مستوى الغطاء النباتي وأشجار الأركان. وأوضح النائب البرلماني أن المنطقة الجبلية الممتدة بين أزرراك وتباطكوكت شهدت مؤخرا دخول آلاف رؤوس الماعز والغنم والإبل، مما خلف أضرارا كبيرة بالمجال البيئي وأملاك المواطنين، إلى جانب ما سماه تجاوزا للضوابط الأخلاقية والتنظيمية المرتبطة بالمجالات الرعوية، والتي دأبت الساكنة المحلية على احترامها، خاصة في فترات الراحة البيئية ومنع جمع ثمار الأركان. وأضاف أومريبط أن هذه الوضعية تتكرر رغم التفاعل الإيجابي السابق من طرف السلطات، الذي كان قد بعث الأمل في نفوس الساكنة، غير أن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، مما ينذر باحتقان اجتماعي جديد في حال عدم التدخل الفوري. وطالب النائب، في ختام سؤاله، بضرورة التحرك العاجل من طرف وزارة الداخلية لمعالجة هذا الوضع بشكل جذري، بما يضمن حقوق الساكنة في الأمن والاستقرار وحقهم المشروع في بيئة سليمة وعيش كريم.

مطالب برلمانية بإعادة النظر في توقيت مباريات وزارة التربية ضمانا لتكافؤ الفرص
مطالب برلمانية بإعادة النظر في توقيت مباريات وزارة التربية ضمانا لتكافؤ الفرص

عبّر

timeمنذ 23 دقائق

  • عبّر

مطالب برلمانية بإعادة النظر في توقيت مباريات وزارة التربية ضمانا لتكافؤ الفرص

وجه النائب البرلماني حسن أومريبط، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالًا كتابيًا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول ما وصفه بـ'الضغط الكبير' الناجم عن البرمجة الزمنية المكثفة لبعض الاستحقاقات والمباريات التي أشرفت عليها الوزارة خلال أواخر السنة الدراسية الجارية. وسجّل البرلماني أن عدداً من المحطات التربوية الهامة، سواء المؤطرة بالمقرر التنظيمي السنوي أو المحددة عبر مذكرات وزارية، تم برمجتها في فترات متقاربة، دون منح الوقت الكافي للتحضير لها بشكل ملائم، مما أدى إلى إرهاق كبير في صفوف موظفي الوزارة والأطر المشتركة بمختلف المديريات والأكاديميات والمصالح المركزية. وأوضح أومريبط أن شهر يوليوز الماضي وحده شهد تنظيم امتحانات الدورة الاستدراكية للباكالوريا، وفتح باب الترشيح لاجتياز مباريات ولوج سلك الإدارة التربوية وسلك التفتيش، إلى جانب إجراء الشقين الكتابي والشفهي لهذه المباريات، فضلاً عن تنظيم مباراة شغل منصب مدير بمؤسسات التعليم الثانوي العمومي، إضافة إلى مهام إدارية وتنظيمية أخرى. وأشار إلى أن هذا التراكم الزمني شكل ضغطاً واضحاً قد يفتح الباب أمام الارتباك والأخطاء، بالرغم من مجهودات الأطر التربوية والإدارية، مما يُثير تساؤلات حول مدى احترام معايير الجودة والمصداقية المطلوبة في تدبير هذه الاستحقاقات. وفي هذا السياق، طالب النائب البرلماني وزارة التربية الوطنية بالكشف عن التدابير التي تعتزم اتخاذها لضمان برمجة زمنية متوازنة للاستحقاقات التربوية، بما يضمن تكافؤ الفرص والإنصاف، ويُحافظ على مصداقية وجودة العملية التربوية برمتها.

اكسيـوس الحرب التجارية الامريكية لم تنته بل بدأت للتو
اكسيـوس الحرب التجارية الامريكية لم تنته بل بدأت للتو

المغرب اليوم

timeمنذ 23 دقائق

  • المغرب اليوم

اكسيـوس الحرب التجارية الامريكية لم تنته بل بدأت للتو

دخلت، اعتبارًا من اليوم الخميس، رسوم جمركية عالمية جديدة حيّز التنفيذ. ومن ظن أنّ الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض الرسوم هو نهاية المطاف في الحرب التجارية ، سيكتشف قريبًا أنه كان مخطئًا تمامًا. وطبقا لتقرير من موقع أكسيوس الأميركي اليوم الخميس، فبعكس العقود السابقة، لم تعد المفاوضات التجارية عملية لها بداية ونهاية وهدفها الوصول إلى اتفاق دائم. بل أصبحت عملية مستمرة، يمكن للولايات المتحدة خلالها فرض رسوم جمركية على أي دولة، في أي وقت، لأي سبب، بغضّ النظر عن الاتفاقات المبرمة أو التفاهمات السابقة. ترمب، وبعد أشهر من التلميح بقرب توقيع اتفاق تجاري مع الهند، فرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على وارداتها، ثم ضاعفها بعد أقل من أسبوع، بحجة شرائها النفط الروسي، رغم أنه لم يتخذ الإجراء ذاته مع الصين، التي تستورد كميات مماثلة. كما أعلن فرض رسوم بنسبة 100% على أشباه الموصلات، قبل صدور نتائج تحقيق طال انتظاره بشأن القطاع. لكنه وعد فورًا باستثناء الشركات التي تنتج داخل الولايات المتحدة، مما يفتح ثغرة تستفيد منها أكبر شركات صناعة الرقائق عالميًا. أفادت وسائل إعلام يابانية أن فهم طوكيو لآلية احتساب الرسوم يختلف جذريًا عن تفسير إدارة ترمب، لا سيّما عند مقارنتها بالاتفاق الأوروبي. وزير المالية الألماني، بحسب تقارير، هاجم اتفاق بروكسل مع واشنطن، وسافر إلى الولايات المتحدة لإعادة التفاوض على أجزاء منه، رغم أنه لم يُعلن رسميًا بعد. الرئيسة السويسرية بدورها توجّهت إلى واشنطن لمناقشة رسوم مفاجئة على صادرات بلادها، وغادرت دون نتائج. بيانات صينية جديدة أظهرت ارتفاعًا في الصادرات خلال يوليو، ليس إلى الولايات المتحدة، بل إلى دول تستخدم كوجهات وسيطة لإعادة تصدير البضائع إلى أميركا وتجنّب الرسوم. وردّت إدارة ترمب برسوم بنسبة 40% على ما يُعرف بـ«إعادة الشحن»، دون توضيح كيفية التطبيق. أظهر استطلاع ربع سنوي أجرته «كونفرنس بورد» ومجلس الأعمال أن ثقة الرؤساء التنفيذيين ارتفعت بشكل كبير في يوليو، مع تراجع مخاوفهم من «الرسوم والتجارة». وقالت ستيفاني غيشار، كبيرة الاقتصاديين بمؤسسة «كونفرنس بورد»: «التحسن يعكس تراجع التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، وربما يعكس أيضًا تقدمًا مستمرًا في المفاوضات». أسواق المال تفاعلت بارتياح، مع اقتراب مؤشرات الأسهم من مستويات قياسية، بفضل الإعفاءات في رسوم الرقائق الإلكترونية. وأشار كريستيان كير، رئيس الاستراتيجية الكلية في «إل بي إل فايننشال»، إلى أن تقلبات الأسواق باتت في أدنى مستوياتها منذ سنوات. الأسابيع المقبلة قد تشهد مزيدًا من الرسوم الجمركية: - إلى جانب تحقيق أشباه الموصلات، يُنتظر صدور تقارير مشابهة حول الخشب والأدوية، مع احتمال فرض رسوم ثقيلة. - عقوبات جديدة تلوح ضد روسيا، قد تؤدي إلى رسوم أعلى على دول متعددة، مع اقتراب موعد نهائي مرتقب. - من المتوقع انتهاء الهدنة التجارية مع الصين في 12 أغسطس، ورغم إعلان بكين رغبتها في التمديد، فإن ترمب لم يتحرك بعد. وأفادت مؤسسة «إيفركور ISI» في تقريرها هذا الأسبوع أن هناك نحو 12 قرارًا مرتقبًا خلال شهرين، بشأن رسوم مكافحة الإغراق والدعم على سلع صناعية واستهلاكية مثل ألواح الأبواب، حديد التسليح، البابريكا، والرقائق الزخرفية. ما نعيشه حاليًا ليس نهاية الحرب التجارية... بل هو نهاية بدايتها فقط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store