logo
لماذا تتعثر مفاوضات الهدنة؟

لماذا تتعثر مفاوضات الهدنة؟

جريدة الاياممنذ 2 أيام

لماذا تتعثر مفاوضات الهدنة؟
عشرات الجولات التفاوضية بين «حماس» وإسرائيل انتهت بالفشل، وفي كل مرة توافق «حماس» على الشروط التي يضعها المفاوض الإسرائيلي فيأتي الرفض من قِبل نتنياهو، ثم تأتي جولة جديدة وتنازلات جديدة وأيضا دون طائل.. الشرط الأهم لـ»حماس» والذي يرفضه نتنياهو هو الإعلان عن وقف الحرب.. أما شروط نتنياهو فهي كما يظهر في الإعلام: سحب السلاح، وخروج القيادات، وتسليم كافة الرهائن.
إذاً، الفجوة بين الطرفين كبيرة، إسرائيل في وضع المتفوق، وأميركا منحازة بالكامل لصالح إسرائيل، والوسطاء يضغطون على الطرف الأضعف «حماس»، وهذا أحد أسباب تعثر المفاوضات.
في تقارير صحافية عديدة، ظهر أن قطر تعيق التوصل لاتفاق، وأنها تعمدت إفشال المبادرة المصرية، وضغطت على «حماس» لتجاوز مقررات القمة العربية ومبادرتها، من خلال فتح قناة اتصال بين «حماس» وممثلين عن الإدارة الأميركية.. ودوافع قطر أنها تريد الاستئثار بالدور الإقليمي، وإحباط أي مسعى مصري أو سعودي أو إماراتي في سياق التنافس على الرضا الأميركي، أو لأغراض أخرى ستكشفها الأيام في وقت ما.
الغريب أن وقف الحرب تحول من هدف إلى شرط تفاوضي.. والفرق بين الطرحين كبير جدا؛ فعندما يضع المفاوض شرط وقف الحرب، فهذا يعني أن له أهدافا أخرى ولكن تحقيقها يشترط وقف الحرب ثم البحث عن تلك الأهداف.. والأغرب أن تتمسك «حماس» بشرط توفر تعهد إسرائيلي وضمانات أميركية لوقف الحرب.. و»حماس» نفسها تدرك تماماً أن إسرائيل لا تلتزم بأي تعهد، وأميركا لا تضمن شيئا.. ولدينا عشرات الأمثلة والبراهين. فحتى لو تعهدت إسرائيل وضمنت أميركا من الذي سيمنع إسرائيل من استئناف العدوان، واختراع مبررات جديدة والعودة للحرب؟ فلماذا التمسك بهذا الشرط الوهمي؟ هل السبب قلة خبرة سياسية؟ أم هناك أسبابا أخرى ستتكشف لاحقا؟
ثمة إجماع بين المحللين أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب؛ لأن ذلك سيجره إلى المحكمة بتهم الفساد، وسيفتح ملف الإخفاق في السابع من أكتوبر، ومحاكمة نتنياهو على سلوكه السياسي في تسيير وصول الأموال القطرية لـ»حماس» على مدى سنوات طويلة.. وهذا يعني نهايته السياسية ودخوله السجن تحت وطأة الاتهامات التي يحاول التملص منها متحصنا بمكانته الوزارية.
من وجهة نظري، هذا الطرح صحيح نسبيا، ولكنه فخ إعلامي وقع فيه الكثيرون، وجرى تضليل الرأي العام به، لدرجة أن العالم بات يعتقد أن مشكلة التطرف والجنون والإجرام ليست في إسرائيل (كمشروع استعماري توسعي عنصري)، بل المشكلة في شخص نتنياهو، الذي إذا تخلصنا منه سنحصل على حمائم سلام.. حتى نتنياهو نفسه استخدم هذا التضليل من خلال ادعائه أنه تحت التهديد المستمر من قبل بن غفير وسموتريتش، ما يعني أنه رجل سلام، لكن بعض وزرائه متطرفون!
الحقيقة أن طبيعة المشروع الصهيوني هي المعضلة الكبرى بصرف النظر عن اسم رئيس حكومتها، والمعضلة الثانية أن حكومة نتنياهو الحالية هي خلاصة توجه يميني قومي ديني متطرف بدأ يتغلغل في بنية الدولة ومؤسساتها وجيشها منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد وصل هذا اليمين إلى ذروته الإجرامية بهذه الحكومة.. وهذه الحرب العدوانية هي أثمن فرصة يحصل عليها اليمين الإسرائيلي، الذي سيستغلها أبشع استغلال، وسيستنفدها بالكامل، ولن يتوقف حتى يبلغ غايته.
وإذا ما مورست ضغوطات دولية أو أميركية على إسرائيل، أو طرأ تغير في المشهد الإقليمي، أو انتزعت منها كل مبررات الحرب، ومسوغات استمرارها وأُجبرت على إيقافها فهذا سيعني نهاية مشروع اليمين الإسرائيلي، وليس مجرد نهاية مستقبل نتنياهو.. فانتهاء الحرب سينجم عنه تغيرات جذرية في داخل الكيان، وستجري انتخابات، ومن شبه المؤكد أن تؤدي إلى تشكل نخبة سياسية جديدة في إسرائيل، وقد تتأزم التصدعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي (كما كانت تسير بتسارع رهيب في السنة التي سبقت الحرب).
لنأتِ إلى الجهة المقابلة. فكما أن نتنياهو وحكومته تتشبث بكل قوتها بالسلطة والحكم، فإن «حماس» في شرطها وقف الحرب، ورفضها تقديم تنازل لصالح السلطة الوطنية أو منظمة التحرير، أو تسليم الملف لجامعة الدول العربية، فهي مصرة على بقائها في الحكم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولن توافق على أي شروط قد تؤدي إلى انتهاء حكمها، أو الإقرار بفشل مشروعها.
وكما كتب الدكتور تيسير عبد الله: «(حماس) لا تمثل دولة مؤسسات منتخبة تقوم على تداول السلطة، إن سقطت يقوم بدورها غيرها؛ فالانتخابات معطلة منذ 18 سنة. ولا هي حركة لها قاعدة شعبية عريضة تستمد بقاءها من دعم شعبي عريض وواسع؛ ولكنها حزب سياسي مغلق له أهدافه وارتباطاته الإقليمية. وأكثر قوتها تستمدها من الخارج وليس من الداخل: فهي مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين الدولية التي توفر لها الفتاوى والدعم المعنوي والمالي. ومرتبطة بقوى إقليمية مثل قطر التي تمنحها جميع منصاتها الإعلامية والدعائية. ومرتبطة بإيران التي تعتبرها أحد أهم أذرعها.. وقبول (حماس) لأي صفقة لا تضمن بقاءها في الحكم هي نهاية مادية حقيقية لها ضمن التوازنات الفلسطينية الداخلية. وهزيمة لمشروع الإخوان المسلمين في غزة، آخر قلاعهم في المنطقة بعد انتهائهم في مصر والأردن وسائر الدول المجاورة. وهي نهاية المشروع الإيراني في المنطقة بعد تفكك (حزب الله)، وتبدل النظام في سورية. وهو فشل للمنظومة السياسية والإعلامية القطرية التي دعمت الحركة بكل الوسائل منذ أكثر من عقد ونصف من الزمان. ولذلك من غير المسموح لـ(حماس) أن تخرج من الحرب صفر اليدين».
جميعنا يعرف أن إسرائيل دولة مارقة ومجرمة، ولا تتورع عن ارتكاب أبشع المجازر بحق المدنيين.. أما «حماس» فعلى لسان قادتها قالت: «إن الضحايا المدنيين مجرد خسائر تكتيكية»، «التضحية الحقيقية هي في صفوف القيادة، وليست في الشعب»، «أهلنا في غزة ورقة ضغط، ولا بأس أن يستشهد مائة ألف منهم»، «سنقاتل بدماء أطفالنا»، «جاهزون لأن نُقتل عن بكرة أبينا، حتى آخر طفل فينا، وأن نُحرق نساء وأطفالا كما حُرق أصحاب الأخدود»، «إن دماء الأطفال والنساء والشيوخ لا أقول تستصرخكم؛ بل إننا نحتاجها لتوقظ فينا روح الثورة والعناد»، «الشهيد يُعاد إنتاجه».. مع أمثلة فيتنام والجزائر وقصة المليون شهيد.. في المحصلة الشعب، المدنيون هو وحدهم من يدفع الثمن غالياً.
في هذه المفاوضات لا قيمة للوقت، ولا قيمة للدماء والأرواح التي تزهق كل ثانية. وكل طرف يريد أن يخرج منتصرا ولكن بعد مسح قطاع غزة عن وجه الأرض.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصحة بغزة: 40 شهيدا و208 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية
الصحة بغزة: 40 شهيدا و208 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية

فلسطين اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين اليوم

الصحة بغزة: 40 شهيدا و208 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية

فلسطين اليوم - غزة أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54,510، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأضافت الوزارة في تقريرها الإحصائي اليومي حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 124,901، منذ بدء العدوان. وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 40 شهيدا (منهم 1 انتُشل جثمانه)، و208 إصابات خلال الساعات الـ24 الماضية. كما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 (4,240 شهيدا، و12,860 إصابة)، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم وحسب وزارة الصحة، فقد استُشهد 27 مواطنا، وأصيب أكثر من 161 بينهم حالات خطيرة، في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بحق المواطنين الذين ينتظرون المساعدات في المناطق المخصصة للتوزيع فجر اليوم.

الأورومتوسطي: "إسرائيل" أقامت مراكز إنسانية مزعومة لقتل المُجوَّعين في غزَّة وسط صمت دولي
الأورومتوسطي: "إسرائيل" أقامت مراكز إنسانية مزعومة لقتل المُجوَّعين في غزَّة وسط صمت دولي

فلسطين أون لاين

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين أون لاين

الأورومتوسطي: "إسرائيل" أقامت مراكز إنسانية مزعومة لقتل المُجوَّعين في غزَّة وسط صمت دولي

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي" قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني قرب مراكز المساعدات في أسبوع واحد وسط انعدام المساءلة. وأوضح الأورومتوسطي، أنّ "إسرائيل" لم تكتف بتجويع المدنيين بل أقامت مراكز إنسانية مزعومة لتقتلهم على مشارفها وسط صمت دولي مشين. وأشار إلى أنّ فريقه الميداني وثّق إطلاق جيش الاحتلال النار تجاه المدنيين الذين تجمعوا فجر اليوم قرب نقطة مساعدات مزعومة برفح ما أدّى لاستشهاد 27 مدنيًا على الأقل وإصابة 90 آخرين. وأكد، أنّ "قناصة الجيش استهدفوا المدنيين المُجوَّعين بأعيرة نارية مباشرة أغلبها في الرأس رغم عدم تشكيلهم أي خطر على القوات". وأضاف، "عادة ما ينفي جيش الاحتلال ارتكاب قواته تلك الجرائم أو يبررها باستهداف "مشتبه بهم" ولا يقدم أدلّة على رواياته التي تكون متناقضة في كثير من الأحيان". وشدد الأورومتوسطي على أنّ هذه الجرائم تؤكد تعمد "إسرائيل" وضع نقاط التوزيع في مناطق خطرة لتكون فخًا مميتا لآلاف المجوعين. وطالب المجتمع الدولي بتحرك فوري صارم لإلزام "إسرائيل" بوقف العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة. المصدر / فلسطين أون لاين

حماس: المواقف الصَّادة عن "ميلر" اعترافٌ مهم يُدين الاحتلال ويؤكّد جرائمه الدَّامية في غزَّة
حماس: المواقف الصَّادة عن "ميلر" اعترافٌ مهم يُدين الاحتلال ويؤكّد جرائمه الدَّامية في غزَّة

فلسطين أون لاين

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين أون لاين

حماس: المواقف الصَّادة عن "ميلر" اعترافٌ مهم يُدين الاحتلال ويؤكّد جرائمه الدَّامية في غزَّة

قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ المواقف الصادرة عن المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، والتي أكّد فيها أنّ (إسرائيل) ارتكبت جرائم حرب في غزة، يعتبر اعترافًا مهمّاً يدين الاحتلال ويؤكّد جرائمه، ويكشف محاولات الإدارات الأمريكية التعمية عن حقيقة هذه الحرب الوحشية ضد المدنيين الأبرياء في قطاع غزة. وأوضحت "حماس" في تصريح صحفي، اليوم الثلاثاء، أنّ ميلر كشف بوضوح أنّه لم يكن مسموحًا له قول الحقيقة وهو في منصبه، وأنه كان مضطرًا للالتزام بالرواية الرسمية للحكومة الأمريكية حول ممارسات الاحتلال، وهو ما يفضح التواطؤ السياسي العميق للإدارات الأمريكية مع الاحتلال وتستّرها الإجرامي على انتهاكاته الوحشية. وأكدت، أنّ هذا الاعتراف لا يُدين الاحتلال وحده، بل يضع واشنطن أمام مسؤوليتها المباشرة كشريكٍ فعلي في جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، عبر التمويل والتسليح وتوفير الحماية السياسية والدبلوماسية، والتغطية الإعلامية المضلّلة. وطالبت "حماس" المجتمع الدولي والمؤسسات القضائية الدولية بترجمة هذه الاعترافات الخطيرة إلى تحقيقات وإجراءات قانونية عاجلة، ومحاسبة كل من تورّط أو تواطأ في هذه الجرائم، سواء من مجرمي الحرب الصهاينة، أو من وفّر لهم الدعم والغطاء. المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store