
نقص التمويل يهدد إزالة مخلفات حرب السودان
تواجه فرق إزالة مخلفات الحرب في السودان تحديات عدة، منها نقص التمويل والدعم اللوجستي بالمعدات المستخدمة في عمليات التطهير والنزع، مما يعرقل جهود التعافي وإعادة تطبيع الحياة حتى يتمكن العالقون داخل العاصمة والآتون من مناطق النزوح واللجوء من استئناف حياتهم الطبيعية دون أخطار وأزمات.
وتتطلب خطة إزالة المخلفات والمسح على النحو الأمثل 90 مليون دولار، في وقت تتضاءل المساعدات بعد خفض التمويل الأميركي وتوقف دعم برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، مع الحاجة إلى مئات الفرق المتخصصة ومعدات حديثة لعمليات التطهير.
كلفة عالية
وقال المدير العام لـ "المركز القومي لمكافحة الألغام" اللواء خالد حمدان إن "ولاية الخرطوم تعد من أكثر المناطق التي توجد بها مخلفات حرب، وهناك سبع فرق تعمل، وأنجزت بالفعل تنظيف مباني الأمم المتحدة والمؤسسات الحكومية والبنوك من القذائف غير المتفجرة، فضلاً عن وجود فرق منتشرة أيضاً في ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق، وكذلك النيل الأبيض وكردفان"، مشيراً إلى أن "الموازنة المطلوبة لإزالة الألغام وإكمال مهمة التخلص من مخلفات الحرب تبلغ 90 مليون دولار، في وقت تأثرت عمليات إزالة المخلفات بقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف المساعدات الخارجية، كما أن مكتب الأمم المتحدة المتخصص بالأعمال المتعلقة بالألغام في بورتسودان كاد يغلق أبوابه لولا الدعم الكندي الذي قدم لمواصلة الأنشطة".
ولفت حمدان إلى صعوبة المهمة نظراً إلى أن الحرب دارت في مناطق مأهولة بالسكان، مما يتطلب جهوداً مكثفة للتوعية وحث المواطنين على التبليغ عن وجود أية مخلفات".
حوادث وضحايا
وتتزايد المخاوف من تعرض النازحين واللاجئين العائدين لمنازلهم إلى أخطار الموت والإصابات نتيجة عدم اكتشاف مواقع أخرى للمخلفات الأرضية القابلة للانفجار، بخاصة عقب عودة أكثر من 100 ألف شخص للعاصمة ومعظم مناطق وسط البلاد التي حررها الجيش السوداني من قبضة قوات الدعم السريع.
وتشهد مدن ومناطق عدة انفجارات يومية تقتل وتبتر وتجرح، وأسفر انفجار مقذوف مدفعي كبير داخل إحدى المدارس في قرية الغبشة شرق مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان عن سقوط ثلاث ضحايا وتسعة جرحى، وفي شمال أم درمان شكا مواطنون من وجود نفايات حربية جرى تفريغها من قبل مجهولين غرب الحارة (80) بينها ذخائر متنوعة غير منفجرة تسببت في بتر أصابع يد طفل حاول العبث ببعضها.
خطوات وإجراءات
وفي السياق قال المسؤول في "مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الألغام" في السودان معتز عبدالقيوم لـ "اندبندنت عربية"، إن "عمليات إزالة المخلفات الحربية والأجسام غير المتفجرة مكلفة وطويلة، وإجراءات التدقيق والبحث تستغرق فترة زمنية طويلة قد تطرأ خلالها أحداث مؤسفة في حال كثافة عودة السكان لأحياء الخرطوم المختلفة"، مضيفاً أن "الموازنة المقدرة من 'المركز القومي لمكافحة الألغام' والبالغة 90 مليون دولار لن تكفي لتنفيذ خطة إزالة المخلفات، إضافة إلى أنها لم تحدد أماكن العمل إن كانت محصورة في الخرطوم أم تشمل كل مدن البلاد التي شهدت نزاعات مسلحة".
وأوضح عبدالقيوم أن "إدارة التمويل والقوانين التي تحكم حركة المال أثناء العمليات مهمة لتلقي الدعم المالي من المنظمات، إضافة إلى ضرورة تحديد الجهة التي تتحكم في التمويل وتقدم التقارير للمانحين، خصوصاً وأن مجتمع المانحين حين يطلع على موازنة بـ 90 مليون دولار فسيتضح له أن الجهة المقدمة للمنحة ليست لديها خبرة كافية"، مشيراً إلى أن "إدارة العمليات وتحديد مناطقها ونوعها من الحاجات المهمة، فضلاً عن طبيعة المعايير ومطابقتها لبرامج الأمم المتحدة، إضافة إلى أن تنفيذ العمليات يحتاج إلى 10 فرق وسيكتمل العمل خلال أربعة أعوام، لأن المناطق التي تشهد زرع المخلفات في الخرطوم يجري اكتشافها بصورة دورية كل 60 يوماً"، وما يزيد الوضع تعقيداً، وفق عبدالقيوم، أن عمليات زرع الألغام في ولاية الخرطوم على وجه التحديد جرت بصورة عشوائية ومن دون أي خرائط أو ترك أي دليل على مناطق وجودها.
أخطار وعقبات
وعلى الصعيد نفسه أوضح المتخصص في مجال التوعية بأخطار مخلفات الحرب مختار سعد أن "اكتشاف وجود المخلفات مرتبط بصورة وثيقة بعودة النازحين واللاجئين لمنازلهم في الخرطوم وبقية المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، إذ شكا مواطنون كثر وجود الأجسام الغريبة والذخائر غير المنفجرة داخل منازلهم أو قربها، فضلاً عن تزايد أعداد ضحايا تلك المخلفات كل يوم".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونبه سعد إلى أن "الأخطار الكبيرة المترتبة على المخلفات من نفايات ملوثة وذخائر غير منفجرة، مثل القنابل والقذائف الكبيرة، أقلها الموت أو الإصابات البالغة والإعاقات المستدامة، والأمر المأسوي هو أن معظم ضحاياها من المدنيين"، داعياً إلى ضرورة التعامل الخاص مع المخلفات من ذخائر ومقذوفات وحديد المركبات القتالية، وكذلك النفايات والسيارات المحروقة وأغطية الصرف الصحي وكوابل الكهرباء وفق معالجات نوعية خاصة، لما تمثله من خطر أمني وبيئي طويل الأمد، يهدد بتلوث البيئة بمكوناتها الكيماوية التي قد تتسرب إلى مصادر المياه والأنهار والأحياء المائية، وبما تشكله المتفجرات المنسية أو المدفونة من خطر على أرواح الناس".
وتابع سعد أن "الكلفة المالية التي أعلنها 'المركز القومي لمكافحة الألغام' في السودان والبالغة 90 مليون دولار أقل بكثير من المتوقع ولا تلبي سوى نحو 30 في المئة من الحاجات الفعلية لفرق إزالة مخلفات الحرب في البلاد، إضافة إلى المعدات الحديثة والفرق الفنية"، مشيراً إلى أن "السودان من الدول التي لا تمتلك المعدات اللازمة أو المرادم المخصصة لمعالجة مثل تلك النفايات والمخلفات، علاوة على تهالك وقدم المعدات المستخدمة في عمليات التطهير التي تستخدم منذ عام 2002 وحتى اليوم".
تقصير وقلق
وعلى صعيد ذي صلة قال رئيس "برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام" في السودان صديق راشد "نحتاج إلى مئات الفرق وليس لدينا سوى عدد قليل منها، كما أن مشكلات الحصول على تصاريح السفر تعرقل العمل أيضاً، والأمر مقلق للغاية لأن هذه المناطق تحتاج إلى فحص من فريق متخصص قبل أن يعود السكان لديارهم"، مشيراً إلى أن "فرق إزالة الألغام لم تقم بعمليات مسح إلا على السطح، ولا سيما في المناطق الواقعة خارج العاصمة الخرطوم والتي تضررت بشدة، وإذا لم تكن هناك عمليات مسح مناسبة فسيكون السكان متروكين لحماية أنفسهم بأنفسهم".
وأعرب راشد عن قلقه من احتمال تزايد الأخطار خلال الفترة المقبلة، وبخاصة من الذخائر غير المنفجرة والتي يمكن أن ينفجر كثير منها بأدنى لمسة أو حركة، وتكون موجودة في المنازل والساحات وبعضها مرئي أو غير مرئي، إضافة إلى وجود مخلفات خطرة مختلطة بالأنقاض، ونخشى على المواطنين مع عودتهم والبدء في تنظيف منازلهم وتجهيزها للإقامة والعيش فيها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
الدولار يتراجع مع تصاعد توترات التجارة
منحت إدارة ترامب الدول مهلة حتى اليوم الأربعاء لتقديم أفضل عروضها بشأن التجارة، وهو نفس اليوم الذي يبدأ فيه رفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى المثلين لتصبح 50 بالمئة. وفي وقت مبكر اليوم الأربعاء، انخفض الدولار 0.09 بالمئة إلى 143.82 ين. وارتفع اليورو 0.13 بالمئة إلى 1.1385 دولار. واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل الين واليورو وأربع عملات أخرى، عند 99.159. ولم يطرأ تغير يذكر على الدولار الأسترالي الذي سجل 0.6460 دولار أمريكي قبل صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي. وارتفع الوون الكوري الجنوبي بنحو 0.2 بالمئة إلى 1375.25 مقابل الدولار بعد فوز المرشح الليبرالي لي جيه-ميونج في الانتخابات الرئاسية.

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
بريطانيا تعد بتسليم 100 ألف مُسيرة لأوكرانيا
وقالت الحكومة البريطانية إن المسيرات البالغة قيمتها 350 مليون جنيه إسترليني (473 مليون دولار) تُعد جزءا من مبادرة دعم عسكري أوسع نطاقا لأوكرانيا تصل قيمته إلى 4.5 مليار جنيه إسترليني. ومن المقرر أن يعلن وزير الدفاع جون هيلي عن هذا القرار في اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا التي تضم 50 دولة في بروكسل والذي تشارك ألمانيا في استضافته. وفي بيان قبيل الاجتماع، أكد هيلي أن " بريطانيا تكثف دعمها لأوكرانيا من خلال تسليم مئات الآلاف من الطائرات المسيرة هذا العام واستكمال إنجاز كبير في تسليم ذخيرة مدفعية بالغة الأهمية". وإلى جانب تسليم المسيرات، قالت بريطانيا إنها أتمت شحن 140 ألف قذيفة مدفعية إلى أوكرانيا منذ يناير وإنها ستنفق 247 مليون جنيه إسترليني هذا العام لتدريب قوات أوكرانية.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
الدولار يتراجع مع تصاعد توترات التجارة
تراجع الدولار اليوم الأربعاء مع ترقب السوق بيانات توظيف أمريكية بينما تنتظر التطورات في مفاوضات الرسوم الجمركية التي يجريها الرئيس دونالد ترامب مع شركاء تجاريين رئيسيين. منحت إدارة ترامب الدول مهلة حتى اليوم الأربعاء لتقديم أفضل عروضها بشأن التجارة، وهو نفس اليوم الذي يبدأ فيه رفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى المثلين لتصبح 50 بالمئة. وفي وقت مبكر اليوم الأربعاء، انخفض الدولار 0.09 بالمئة إلى 143.82 ين. وارتفع اليورو 0.13 بالمئة إلى 1.1385 دولار. واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل الين واليورو وأربع عملات أخرى، عند 99.159. ولم يطرأ تغير يذكر على الدولار الأسترالي الذي سجل 0.6460 دولار أمريكي قبل صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي. وارتفع الوون الكوري الجنوبي بنحو 0.2 بالمئة إلى 1375.25 مقابل الدولار بعد فوز المرشح الليبرالي لي جيه-ميونج في الانتخابات الرئاسية.