logo
العطاء مفيد لصحتنا

العطاء مفيد لصحتنا

شبكة النبأ٢٩-٠٣-٢٠٢٥

تقديم العون للآخرين يحمينا من الآثار السلبية للضغط النفسي. الأشخاص الذين يتعرَّضون للضغط العصبي في يوم يُفيدون عامةً بشعورهم بالاستياء. لكن الذين يقدِمون على أيٍّ من أنواع سلوكيات الإحسان للآخرين لا يَشعرون بالتأثيرات السلبية للضغط النفسي على حالتهم المزاجية. يتمتَّع الأشخاص الذين يقدِّمون الدعم الاجتماعي للآخرين بمعدلاتٍ أدنى من ضغط الدم...
من الأسباب التي تجعل العطاء فكرةً مُستحسنة: العطاء مُفيد لصحَّتنا فعليًّا. في الواقع، يرتبِط العطاء للآخرين بفوائد صحية حتى بين الأشخاص الذين يُعانون أمراضًا مزمنةً خطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والإيدز.
في إحدى الدراسات، أُعطي أشخاص يُعانون ارتفاعَ ضغطِ الدم ١٢٠ دولارًا، وطُلب منهم أن يُنفقوا هذه النقود على أنفسهم أو على أشخاص آخرين خلال ستة أسابيع. كان الأشخاص الذين طُلب منهم إنفاق المال على آخرين لديهم معدلات أدنى من ضغط الدم عند المتابعة، مما يُوحي بأن العطاء قد يُفيد صحة المُعطي بشكلٍ مباشر. وكشفت دراسة أطول امتدَّت على مدار سنتَين عن نتائج شبيهة؛ في الواقع، كلما زاد إنفاق الناس على غيرهم، كان ضغط دمهم أقل. لذلك فإن حثَّ الناس على الكرم مع الآخرين قد يكون بنفس فاعلية البدء في تمرين روتيني أو حتى تعاطي دواء.
لماذا يُؤدِّي العطاء لمثل تلك النتائج الصحية الإيجابية؟ يبدو أن تقديم العون للآخرين يحمينا من الآثار السلبية للضغط النفسي. إليك مثالًا بسيطًا لأنواعٍ بسيطة حتى من العطاء: الأشخاص الذين يتعرَّضون للضغط العصبي في يوم يُفيدون عامةً بشعورهم بالاستياء. لكن الذين يقدِمون على أيٍّ من أنواع سلوكيات الإحسان للآخرين -بدءًا من إمساك الباب ليدخل منه شخص، وصولًا إلى الاستفسار إن كان أحدٌ يريد مساعدة- لا يَشعرون بالتأثيرات السلبية للضغط النفسي على حالتهم المزاجية.
يضرُّ الضغط النفسي المرتفع بالصحة؛ لذلك فإن الأشخاص الذين يجدون طرقًا للسيطرة على هذا الضغط يحدُّون من آثاره الفسيولوجية السلبية على الصحة. يتمتَّع الأشخاص الذين يقدِّمون الدعم الاجتماعي للآخرين بمعدلاتٍ أدنى من ضغط الدم ومعدلاتٍ أعلى من الأوكسيتوسين، أحد الهرمونات التي تعزِّز مشاعر القرب من الآخرين، مما يدُل على أنه قد يكون للعطاء فوائد فسيولوجية مرتبطة بالصحة ارتباطًا مباشرًا.
الأهم أن العطاء من الممكن أن يُطيل العمر. رغم أننا كثيرًا ما نفترض -عن حق- أنَّ تلقِّي الدعم الاجتماعي يساعد على التخفيف من الآثار السلبية للضَّغط النفسي، فإنَّ تقديم العون للآخَرين هو الآخر يعود بفوائد صحية هامة. في الواقع، اكتشفت دراسة عن المتزوِّجين من كبار السن أن الأشخاص الذين كانوا يقدِّمون العون لأصدقائهم أو أقاربهم أو جيرانهم كان خطر تعرُّضهم للوفاة خلال السنوات الخمس التالية أقل مقارنةً بمن لم يفعلوا ذلك. من جهة أخرى، لم يرتبط تلقي العون بانخفاض خطر التعرُّض للوفاة.
درس باحثون في إحدى الدراسات معدَّلات التطوع لدى عينة من كبار السن الذين يعيشون في كاليفورنيا. ثم درسوا معدَّل البقاء على قيد الحياة بين هؤلاء الأشخاص بعد خمس سنوات. وُجد أن الأشخاص الذين كانوا يتطوَّعون لاثنين من المنظمات أو أكثر كان احتمال تعرُّضهم للوفاة أقل بنسبة ٤٤ في المائة خلال فترة المتابعة مقارنةً بالأشخاص الذين لم يتطوَّعوا. هذه الفجوة في متوسِّط العمر المتوقَّع بين المتطوعين وغير المتطوعين ظلت موجودة حتى حين وضع الباحثون في اعتبارهم عوامل أخرى تؤثِّر على طول العمر، مثل السن والحالة الصحية العامة والتدخين وممارسة الرياضة.
تحقَّق الباحثون مباشرةً في دراسة مثيرةٍ للفضول مما إذا كان تقديم العون للآخرين له فائدة خاصة لمن يتعرَّضون لضغوط نفسية كبرى. أولًا: كشفت نتائجهم عن أن المسنِّين الذين عانوا حدثًا واحدًا مُثيرًا للضغط النفسي على الأقل - مثل مرض خطير، أو خسارة وظيفة، أو موت شخص عزيز - خلال العام السابق كانوا أكثر عرضة للموت خلال السنوات الخمس التالية.
بيْد أن تأثير هذا الحدث المثير للضغط النفسي تفاوت تفاوتًا كبيرًا باختلاف الأشخاص. فالأشخاص الذين لم يُفيدوا بقيامهم بسلوكيات مفيدة تجاه الآخرين كانوا أدنى في البقاء على قيد الحياة بنحو ٣٠ في المائة خلال السنوات الخمس التالية. أما الأشخاص الذين أفادوا بمساعدتهم للآخرين، فلم يكونوا أكثرَ عرضة للوفاة. هذه النتائج دليلٌ قوي على أن مساعدة الآخرين من الممكن أن تزيد فعليًّا من متوسِّط العمر المتوقَّع.
هذه البيانات مهمَّة على وجه الخصوص؛ لأننا كثيرًا ما نسمع عن مزايا اللجوء للدعم الاجتماعي في أوقات الضغط النفسي، لكنَّنا لا نسمع كثيرًا عن فوائد مساعدة الآخرين. وكما يُشير الباحثون الذين أجرَوا هذه الدراسة: «دائمًا ما تُنصَح الجماعات المعرَّضة للخطر بالتماس الدعم من شبكاتها الاجتماعية. وهناك رسالة أقل شيوعًا، وإن كانت تستحق المزيد من التشديد، تتمثَّل في أن يقدِّموا هم أنفسهم الدعم للآخرين أيضًا.»
والدوافع مهمة أيضًا
ان الدوافع مهمَّة ايضا. فنحن نحصد أكثر فوائد العطاء للآخرين حين نختار العطاء بمحض إرادتنا؛ أما الأشخاص الذين يُطلب منهم البذل من أجل الآخرين - لتتذكَّر برامج التطوع الإجبارية أثناء الدراسة - فلن يشعروا بنفس الارتفاع في المعنويات الذي يأتي من تقديم العون على الإطلاق.
في إحدى الدراسات، طلب باحثون من طلبة جامعيِّين أن يُداوموا على كتابة مذكراتهم لمدة أسبوعين حيث يُدوِّنون فيها كيف كان شعورهم كل يوم وما إذا كانوا ساعدوا شخصًا آخر أو فعلوا شيئًا في سبيل هدف نبيل. وكما توقَّعوا، كان شعور الطلاب أفضل في الأيام التي أتَوا فيها بأي سلوك من السلوكيات الإيجابية تجاه الآخرين.
غير أن الفوائد التي تعود على الفرد من مساعدة الآخرين لم تُشهد إلا حين أقدَم الطلاب على المساعدة لأنهم أرادوا ذلك؛ أما الطلاب الذين طُلب منهم أن يُقدِّموا المساعدة أو شعروا بأنهم مضطرون لذلك، أو أن الآخرين سيَغضبون منهم، فلم يشعروا بتلك الفوائد.
بالمثل، يُساعد التطوُّع على تخفيف الآثار السَّلبية للضغط النفسي على الصحة، ويُؤدِّي إلى ارتفاع متوسط العمر، لكن فقط لأولئك الذين يهتمُّون بالآخرين ويرغبون بحق في تقديم العون. فالذين يتطوَّعون بدافع من عطف حقيقي تجاه الآخرين تكون أعمارهم أطولَ ممن لا يتطوعون. لكن الذين يتطوَّعون بدوافع شخصية، مثل الشعور بالرضا عن أنفسهم أو الهروب من مشكلاتهم، لا يعيشون أعمارًا أطولَ ممن لا يتطوعون.
خلاصة القول: إذا أردت أن تكون سعيدًا مدى الحياة، فساعِد شخصًا آخر.
كما يخبرنا هذا القول الصيني المأثور، بأن العطاء واحد من أفضل الطرق للعُثور على السعادة. عِلاوة على ذلك فإن المساعدة بأيٍّ من الطرق المختلفة تجعلك في حالةٍ من الانشراح؛ سواء بالتبرع لعمل خيري، أو التطوع، أو إعطاء هدية لصديق، أو شراء قهوة لغريب، وما إلى ذلك. تعود علينا طرقُ العطاء المختلِفة كلُّها بطريقة تفكير أكثرَ إيجابية وتعاطفٍ مع الآخرين، وهو ما يجعلنا بدوره نشعر بالانشراح.
بناءً على ذلك، فلتتبيَّن أيٌّ من أنواع العطاء يجعلك أكثرَ شعورًا بالرضا، وضعْ خطة. خصِّص كلَّ أسبوع ٢٠ دولارًا واعزم على إنفاقها على شخصٍ آخر خلال الأسبوع - فلتُعطِها لشخص مشرَّد، أو ادعُ صديقًا للغداء، أو اشترِ قهوة لزملائك في العمل. اكتب خطابًا كلَّ شهر لشخصٍ تقدِّره. اقضِ بضع ساعات كل شهر في التطوع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صحة وطب : ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوبًا من الحلبة في الصباح؟
صحة وطب : ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوبًا من الحلبة في الصباح؟

نافذة على العالم

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • نافذة على العالم

صحة وطب : ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوبًا من الحلبة في الصباح؟

الأحد 11 مايو 2025 05:45 مساءً نافذة على العالم - بذور الحلبة معروفة بخصائصها الطبية منذ عدة قرون، حيث إن تناول كوبًا من الحلبة في الصباح يمنحك جرعة من العناصر الغذائية التي تساعد أيضًا على التخلص من الوزن الزائد ودهون البطن المزعجة، حيث يعتبر مشروب الحلبة طريقة رائعة لبدء يومك، فهو لا يساعد فقط على إنقاص الوزن، بل إنه أيضًا مناسب لمرضى السكر، وفقًا لموقع "Food-ndtv". الحلبة متعددة الاستخدامات بشكل رائع، ويمكنها أن تساعد في تقليل الدهون، وفقدان الوزن، وخفض الكوليسترول وسكر الدم، وموازنة الهرمونات، بالإضافة إلى فوائد أخرى عديدة، ومع أنه يمكنك تناول الحلبة في أي وقت من اليوم، إلا أن الصباح قد يكون من أفضل الأوقات لتناوله لفقدان الوزن والتحكم في سكر الدم. فيما يلى.. فوائد عديدة لتناول مشروب الحلبة خاصة في الصباح: إنقاص الوزن من بين خصائص الحلبة الرائعة قدرتها على تعزيز الشعور بالشبع وتقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام، بفضل أليافها القابلة للذوبان، حيث أن تناول الحلبة على معدة فارغة يعزز عملية الأيض ويخفف الانتفاخ، وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة Clinical Nutrition Research أن شرب الحلبة يمكن أن يقلل الشهية. فقدان دهون البطن بفضل المركبات الموجودة في الحلبة والقابلة للذوبان في الماء والتي تساعد على كبح الشهية، إلى جانب محتواها العالي من الألياف، يُمكن أن تُساعد في تقليل الانتفاخ، مما يُساعد بدوره في تقليل دهون البطن. التحكم في نسبة السكر في الدم مشروب الحلبة ضروري لمرضى السكر، إذ يُساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، ويُحسّن حساسية الأنسولين، كما يُخفّض مستويات الجلوكوز في الدم أثناء الصيام. تعزيز الهضم بذور الحلبة غنية بالألياف القابلة للذوبان، والتي تُسهل عملية الهضم من خلال تنشيط حركة الأمعاء، وقد أشارت دراسة إلى أن مكملات الحلبة تُحسن تنوع ميكروبات الأمعاء، مما يُحسن صحة الجهاز الهضمي. الرضاعة تُعرف الحلبة بأنه مدر للحليب، ويُنصح به غالبًا للأمهات المرضعات لزيادة إمدادات الحليب، كما أنها مفيدة في حالات عدم الراحة أثناء الدورة الشهرية وقد تعمل التأثيرات المضادة للالتهابات وموازنة الهرمونات على تخفيف الانزعاج المصاحب للدورة الشهرية عند تناولها بانتظام. تعزز المناعة تحتوي الحلبة على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، مما قد يساعد على تقوية دفاعات الجسم ضد العدوى. من لا يجب عليه تناول الحلبة؟ يُنصح الحوامل بتجنب تناول الحلبة، فقد تحتوي على هرمون الأوكسيتوسين، مما قد يُسبب انقباضات الرحم، كما يُنصح مرضى السكر الذين يتناولون بذور الحلبة في شكل أدوية باستشارة الطبيب أولًا، لأن استخدام بذور الحلبة كأدوية قد يُخفض مستويات السكر في الدم بشكل خطير.

تجنب العزلة.. العلاقات الاجتماعية تؤثر إيجابيًا على صحتك وتطيل العمر
تجنب العزلة.. العلاقات الاجتماعية تؤثر إيجابيًا على صحتك وتطيل العمر

الأسبوع

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • الأسبوع

تجنب العزلة.. العلاقات الاجتماعية تؤثر إيجابيًا على صحتك وتطيل العمر

العزلة عبد الله جميل العلاقات الاجتماعية.. تؤثر العلاقات الاجتماعية بشكل كبير على الصحة العامة للإنسان، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن التفاعل الاجتماعي لا يقتصر فقط على تحسين الحالة النفسية، بل يمكن أن يكون له تأثير مباشر على الصحة الجسدية وطول العمر. في عالمنا اليوم، أصبحت العزلة الاجتماعية من التحديات التي يواجهها الكثيرون، سواء بسبب انشغالات الحياة اليومية أو بسبب تأثيرات جائحة كورونا التي أدت إلى زيادة في حالات العزلة. تأثير العلاقات الاجتماعية على الصحة النفسية والجسدية أثبتت الأبحاث العلمية أن العلاقات الاجتماعية السليمة تُحسن الصحة النفسية بشكل كبير، حيث تقلل من مستويات التوتر والقلق. فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة يسهم في إفراز هرمونات تحسن من المزاج مثل الأوكسيتوسين، الذي يعرف بهرمون الحب، والذي يؤدي بدوره إلى تقليل مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر. وفيما يخص الصحة الجسدية، كشفت الدراسات أن الأشخاص الذين يملكون شبكة اجتماعية قوية وأصدقاء مقربين يميلون إلى تقليل احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري. كما أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يتفاعلون مع الآخرين بانتظام لديهم معدلات أقل للإصابة بالاكتئاب والقلق مقارنةً بمن يفضلون العزلة. العزلة وأثرها على الصحة العامة من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي الانعزال عن المجتمع إلى تأثيرات سلبية على الصحة. فقد أكدت العديد من الدراسات أن العزلة الاجتماعية تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية، وتضعف جهاز المناعة، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض. كما أن العزلة قد تؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والتوتر، مما يؤثر سلبًا على جودة الحياة. كيف يمكن تعزيز العلاقات الاجتماعية؟ لتعزيز العلاقات الاجتماعية، يمكن للفرد البدء ببعض الخطوات البسيطة مثل الانضمام إلى الأنشطة الاجتماعية أو التطوعية، والالتزام باللقاءات العائلية أو تجمعات الأصدقاء بشكل دوري. ومن المهم أيضًا أن تكون هذه العلاقات مبنية على أسس من الاحترام والتفاهم المتبادل، حيث تسهم هذه العلاقات في بناء بيئة نفسية صحية تدعم الفرد في مواجهة تحديات الحياة.

العطاء مفيد لصحتنا
العطاء مفيد لصحتنا

شبكة النبأ

time٢٩-٠٣-٢٠٢٥

  • شبكة النبأ

العطاء مفيد لصحتنا

تقديم العون للآخرين يحمينا من الآثار السلبية للضغط النفسي. الأشخاص الذين يتعرَّضون للضغط العصبي في يوم يُفيدون عامةً بشعورهم بالاستياء. لكن الذين يقدِمون على أيٍّ من أنواع سلوكيات الإحسان للآخرين لا يَشعرون بالتأثيرات السلبية للضغط النفسي على حالتهم المزاجية. يتمتَّع الأشخاص الذين يقدِّمون الدعم الاجتماعي للآخرين بمعدلاتٍ أدنى من ضغط الدم... من الأسباب التي تجعل العطاء فكرةً مُستحسنة: العطاء مُفيد لصحَّتنا فعليًّا. في الواقع، يرتبِط العطاء للآخرين بفوائد صحية حتى بين الأشخاص الذين يُعانون أمراضًا مزمنةً خطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والإيدز. في إحدى الدراسات، أُعطي أشخاص يُعانون ارتفاعَ ضغطِ الدم ١٢٠ دولارًا، وطُلب منهم أن يُنفقوا هذه النقود على أنفسهم أو على أشخاص آخرين خلال ستة أسابيع. كان الأشخاص الذين طُلب منهم إنفاق المال على آخرين لديهم معدلات أدنى من ضغط الدم عند المتابعة، مما يُوحي بأن العطاء قد يُفيد صحة المُعطي بشكلٍ مباشر. وكشفت دراسة أطول امتدَّت على مدار سنتَين عن نتائج شبيهة؛ في الواقع، كلما زاد إنفاق الناس على غيرهم، كان ضغط دمهم أقل. لذلك فإن حثَّ الناس على الكرم مع الآخرين قد يكون بنفس فاعلية البدء في تمرين روتيني أو حتى تعاطي دواء. لماذا يُؤدِّي العطاء لمثل تلك النتائج الصحية الإيجابية؟ يبدو أن تقديم العون للآخرين يحمينا من الآثار السلبية للضغط النفسي. إليك مثالًا بسيطًا لأنواعٍ بسيطة حتى من العطاء: الأشخاص الذين يتعرَّضون للضغط العصبي في يوم يُفيدون عامةً بشعورهم بالاستياء. لكن الذين يقدِمون على أيٍّ من أنواع سلوكيات الإحسان للآخرين -بدءًا من إمساك الباب ليدخل منه شخص، وصولًا إلى الاستفسار إن كان أحدٌ يريد مساعدة- لا يَشعرون بالتأثيرات السلبية للضغط النفسي على حالتهم المزاجية. يضرُّ الضغط النفسي المرتفع بالصحة؛ لذلك فإن الأشخاص الذين يجدون طرقًا للسيطرة على هذا الضغط يحدُّون من آثاره الفسيولوجية السلبية على الصحة. يتمتَّع الأشخاص الذين يقدِّمون الدعم الاجتماعي للآخرين بمعدلاتٍ أدنى من ضغط الدم ومعدلاتٍ أعلى من الأوكسيتوسين، أحد الهرمونات التي تعزِّز مشاعر القرب من الآخرين، مما يدُل على أنه قد يكون للعطاء فوائد فسيولوجية مرتبطة بالصحة ارتباطًا مباشرًا. الأهم أن العطاء من الممكن أن يُطيل العمر. رغم أننا كثيرًا ما نفترض -عن حق- أنَّ تلقِّي الدعم الاجتماعي يساعد على التخفيف من الآثار السلبية للضَّغط النفسي، فإنَّ تقديم العون للآخَرين هو الآخر يعود بفوائد صحية هامة. في الواقع، اكتشفت دراسة عن المتزوِّجين من كبار السن أن الأشخاص الذين كانوا يقدِّمون العون لأصدقائهم أو أقاربهم أو جيرانهم كان خطر تعرُّضهم للوفاة خلال السنوات الخمس التالية أقل مقارنةً بمن لم يفعلوا ذلك. من جهة أخرى، لم يرتبط تلقي العون بانخفاض خطر التعرُّض للوفاة. درس باحثون في إحدى الدراسات معدَّلات التطوع لدى عينة من كبار السن الذين يعيشون في كاليفورنيا. ثم درسوا معدَّل البقاء على قيد الحياة بين هؤلاء الأشخاص بعد خمس سنوات. وُجد أن الأشخاص الذين كانوا يتطوَّعون لاثنين من المنظمات أو أكثر كان احتمال تعرُّضهم للوفاة أقل بنسبة ٤٤ في المائة خلال فترة المتابعة مقارنةً بالأشخاص الذين لم يتطوَّعوا. هذه الفجوة في متوسِّط العمر المتوقَّع بين المتطوعين وغير المتطوعين ظلت موجودة حتى حين وضع الباحثون في اعتبارهم عوامل أخرى تؤثِّر على طول العمر، مثل السن والحالة الصحية العامة والتدخين وممارسة الرياضة. تحقَّق الباحثون مباشرةً في دراسة مثيرةٍ للفضول مما إذا كان تقديم العون للآخرين له فائدة خاصة لمن يتعرَّضون لضغوط نفسية كبرى. أولًا: كشفت نتائجهم عن أن المسنِّين الذين عانوا حدثًا واحدًا مُثيرًا للضغط النفسي على الأقل - مثل مرض خطير، أو خسارة وظيفة، أو موت شخص عزيز - خلال العام السابق كانوا أكثر عرضة للموت خلال السنوات الخمس التالية. بيْد أن تأثير هذا الحدث المثير للضغط النفسي تفاوت تفاوتًا كبيرًا باختلاف الأشخاص. فالأشخاص الذين لم يُفيدوا بقيامهم بسلوكيات مفيدة تجاه الآخرين كانوا أدنى في البقاء على قيد الحياة بنحو ٣٠ في المائة خلال السنوات الخمس التالية. أما الأشخاص الذين أفادوا بمساعدتهم للآخرين، فلم يكونوا أكثرَ عرضة للوفاة. هذه النتائج دليلٌ قوي على أن مساعدة الآخرين من الممكن أن تزيد فعليًّا من متوسِّط العمر المتوقَّع. هذه البيانات مهمَّة على وجه الخصوص؛ لأننا كثيرًا ما نسمع عن مزايا اللجوء للدعم الاجتماعي في أوقات الضغط النفسي، لكنَّنا لا نسمع كثيرًا عن فوائد مساعدة الآخرين. وكما يُشير الباحثون الذين أجرَوا هذه الدراسة: «دائمًا ما تُنصَح الجماعات المعرَّضة للخطر بالتماس الدعم من شبكاتها الاجتماعية. وهناك رسالة أقل شيوعًا، وإن كانت تستحق المزيد من التشديد، تتمثَّل في أن يقدِّموا هم أنفسهم الدعم للآخرين أيضًا.» والدوافع مهمة أيضًا ان الدوافع مهمَّة ايضا. فنحن نحصد أكثر فوائد العطاء للآخرين حين نختار العطاء بمحض إرادتنا؛ أما الأشخاص الذين يُطلب منهم البذل من أجل الآخرين - لتتذكَّر برامج التطوع الإجبارية أثناء الدراسة - فلن يشعروا بنفس الارتفاع في المعنويات الذي يأتي من تقديم العون على الإطلاق. في إحدى الدراسات، طلب باحثون من طلبة جامعيِّين أن يُداوموا على كتابة مذكراتهم لمدة أسبوعين حيث يُدوِّنون فيها كيف كان شعورهم كل يوم وما إذا كانوا ساعدوا شخصًا آخر أو فعلوا شيئًا في سبيل هدف نبيل. وكما توقَّعوا، كان شعور الطلاب أفضل في الأيام التي أتَوا فيها بأي سلوك من السلوكيات الإيجابية تجاه الآخرين. غير أن الفوائد التي تعود على الفرد من مساعدة الآخرين لم تُشهد إلا حين أقدَم الطلاب على المساعدة لأنهم أرادوا ذلك؛ أما الطلاب الذين طُلب منهم أن يُقدِّموا المساعدة أو شعروا بأنهم مضطرون لذلك، أو أن الآخرين سيَغضبون منهم، فلم يشعروا بتلك الفوائد. بالمثل، يُساعد التطوُّع على تخفيف الآثار السَّلبية للضغط النفسي على الصحة، ويُؤدِّي إلى ارتفاع متوسط العمر، لكن فقط لأولئك الذين يهتمُّون بالآخرين ويرغبون بحق في تقديم العون. فالذين يتطوَّعون بدافع من عطف حقيقي تجاه الآخرين تكون أعمارهم أطولَ ممن لا يتطوعون. لكن الذين يتطوَّعون بدوافع شخصية، مثل الشعور بالرضا عن أنفسهم أو الهروب من مشكلاتهم، لا يعيشون أعمارًا أطولَ ممن لا يتطوعون. خلاصة القول: إذا أردت أن تكون سعيدًا مدى الحياة، فساعِد شخصًا آخر. كما يخبرنا هذا القول الصيني المأثور، بأن العطاء واحد من أفضل الطرق للعُثور على السعادة. عِلاوة على ذلك فإن المساعدة بأيٍّ من الطرق المختلفة تجعلك في حالةٍ من الانشراح؛ سواء بالتبرع لعمل خيري، أو التطوع، أو إعطاء هدية لصديق، أو شراء قهوة لغريب، وما إلى ذلك. تعود علينا طرقُ العطاء المختلِفة كلُّها بطريقة تفكير أكثرَ إيجابية وتعاطفٍ مع الآخرين، وهو ما يجعلنا بدوره نشعر بالانشراح. بناءً على ذلك، فلتتبيَّن أيٌّ من أنواع العطاء يجعلك أكثرَ شعورًا بالرضا، وضعْ خطة. خصِّص كلَّ أسبوع ٢٠ دولارًا واعزم على إنفاقها على شخصٍ آخر خلال الأسبوع - فلتُعطِها لشخص مشرَّد، أو ادعُ صديقًا للغداء، أو اشترِ قهوة لزملائك في العمل. اكتب خطابًا كلَّ شهر لشخصٍ تقدِّره. اقضِ بضع ساعات كل شهر في التطوع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store