
خامنئي يرفض مقترحات أميركا ويبقي باب المفاوضات مفتوحاً
بعد أربعة أيام من زيارة قصيرة أجراها وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي لطهران، قدّم خلالها مقترحاً مكتوباً من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، أعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن تخصيب اليورانيوم يمثل "خطاً أحمر"، واصفاً وقفه بأنه يتعارض مع استقلالية البلاد الوطنية. وفي خطابه، وصف المسؤولين الأميركيين بـ"الوقحين وقليلي الأدب"، موجّهاً كلامه إليهم قائلاً: "من أنتم لتقولوا لنا ما إذا كان علينا امتلاك برنامج نووي أم لا؟ عليكم مغادرة المنطقة".
وخلال الشهرين الماضيين، شهدت إيران والولايات المتحدة خمس جولات من المفاوضات النووية في مسقط وروما. وقد جاءت تصريحات خامنئي، خلال الذكرى السادسة والثلاثين لوفاة قائد الثورة الإسلامية روح الله الخميني، لتكون الأوضح والأكثر حدة في معارضة المقترحات الأميركية، التي لم تُعلن رسمياً، وتعتمد في معظمها على التسريبات والتوقعات.
وأفادت وسائل إعلام قريبة من دوائر القرار في واشنطن بأنّ أحدث مقترح أميركي يتضمن البندين الآتيين:
أولاً: إنشاء كونسورتيوم يضم إيران والولايات المتحدة والسعودية والإمارات وقطر وتركيا لإنتاج الوقود النووي، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للدول الراغبة في تطوير برامج نووية مدنية. وتشير مواقف المسؤولين الإيرانيين إلى أن طهران لا تعارض فكرة إنشاء الكونسورتيوم، شرط أن تستمر في عملية تخصيب اليورانيوم بشكل مستقل داخل أراضيها. وشدد خامنئي على أن "دورة الوقود النووي، من المنجم إلى المحطة، لا تكتمل من دون تخصيب اليورانيوم"، مؤكداً أن إيران "لن تتخلى عن هذا الحق، ولن يستطيع أي طرف حرمانها منه".
ثانياً: اقترحت الولايات المتحدة أيضاً تقليص التخصيب موقتاً إلى 3.67%. وكان من المقرر تحديد مدة هذا التعليق من خلال المفاوضات. ويبدو أن إيران لا تعارض من حيث المبدأ تعليق التخصيب بنسبة 20% إلى 60% كخطوة لبناء الثقة، لكنها ترفض خفض النسبة إلى 3.67% فقط. وفي هذا السياق، ذكّر خامنئي بحق إيران في التخصيب بنسبة 20%، مشيراً إلى أن الدول الغربية كانت قد وعدت قبل نحو عقدين بتزويد إيران وقوداً نووياً مخصباً بنسبة 20% في مقابل حصولها على وقود مخصب بنسبة 3.67%، لكنها لم تفِ وعودها، مضيفاً: "لذلك لا يمكننا الوثوق بالقوى الغربية".
ومدى الأشهر الماضية، قدّم المسؤولون الأميركيون تصريحات متضاربة بشأن شروطهم، وحتى الرئيس دونالد ترامب لم يلتزم مواقف متسقة. وهو ما دفع خامنئي إلى وصف الإدارة الأميركية بأنها "حكومة صاخبة". كما انتقدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني التشتت والتناقض في مواقف المسؤولين الأميركيين، مؤكدة أن موقف إيران من القضايا النووية واضح وشفاف.
وتُبرز تصريحات المرشد الأعلى أن إيران ترفض بشكل قاطع وقف تخصيب اليورانيوم، وتعارض المقترح الأميركي القاضي بخفض التخصيب إلى حد أقصى يبلغ 3.67%.
ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذه التصريحات نهاية لمسار المفاوضات أو إعلاناً عن فشلها. فإيران أعلنت مراراً، ومن خلال تصريحات المرشد أيضاً، أنها لا تزال مستعدة لمواصلة التفاوض، حتى لا تتحمّل وحدها تبعة الانسحاب من طاولة الحوار. وتعتبر طهران أن تعليق التخصيب لمدة زمنية محددة، مع ضمان الاعتراف بحقها في التخصيب، هو مقترح قابل للنقاش.
لم تقتصر تصريحات خامنئي على مخاطبة الأميركيين فحسب، بل وجّه جزءاً منها إلى القاعدة الشعبية للنظام داخل إيران. ففي الأسابيع الأخيرة، أبدت التيارات المؤيدة للنظام قلقاً متزايداً من احتمال تقديم تنازلات في المفاوضات مع أميركا، والقبول برؤية التيارات الإصلاحية المؤيدة للتقارب مع الغرب. وقد ساهم الخطاب الحاد للمرشد في تهدئة هذه المخاوف، مؤكداً أن المبادئ الثورية للنظام لن تُمسّ خلال العملية التفاوضية. وشدّد على أن العقلانية لا تعني الاستسلام، بل إن الثبات والمقاومة في سبيل الأهداف الوطنية هما جوهر العقلانية التي اتبعها الخميني.
على أي حال، يبدو أن تصريحات خامنئي، رغم أنها قد تؤدي إلى تأجيل الجولة السادسة من المفاوضات بين طهران وواشنطن، فإنها لن تنهيها. بل قد تثير ردوداً حادة من إسرائيل وبعض الدول الأوروبية، إلا أن الولايات المتحدة أظهرت استعداداً لإبداء مرونة، وقد تعيد النظر في بعض مقترحاتها بهدف إنجاح المسار التفاوضي، وخصوصاً أن الأوضاع في أوكرانيا وغزة لم تستقر بعد. وفي حال فشلت المفاوضات مع إيران، فإن ترامب سيكون في موقف حرج إزاء وعوده بإنهاء الحروب وخفض التوترات حول العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
فايننشال تايمز عن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: متفائل بإجراء الولايات المتحدة وإيران محادثات جدية، والقدرات النووية الإيرانية لا يمكن تدميرها بضربة واحدة.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 17:51 فايننشال تايمز عن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: متفائل بإجراء الولايات المتحدة وإيران محادثات جدية، والقدرات النووية الإيرانية لا يمكن تدميرها بضربة واحدة. 17:50 الرئيس الأميركي دونالد ترامب: على الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض سعر الفائدة بنقطة كاملة، وأوروبا شهدت 10 تخفيضات في أسعار الفائدة بينما لم يشهد بلدنا أي تخفيض. 17:08 وزير المالية "الاسرائيلي" سموتريتش: لدينا خطة تصعيدية في الضفة إذا واصلت فرنسا ودول أوروبية أخرى الدفع نحو الاعتراف بدولة فلسطينية. 17:08 وزير المالية "الاسرائيلي" سموتريتش: خطتنا تشمل فرض السيادة على المناطق ج بالضفة وتهجير سكان الخان الأحمر وتعطيل المنظومة المصرفية. 17:07 سرايا القدس: قصفنا بالاشتراك مع كتائب القسام مركز قيادة وسيطرة للعدو جنوب شرقي خان يونس. 17:07 شهيدان بنيران مسيرة "إسرائيلية" شمال غربي مدينة خان يونس.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
تحذيرٌ إيراني لـ"الترويكا": سنرد بحزم على أي انتهاك لحقوقنا!
وجه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تحذيراً شديد اللهجة إلى الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، بريطانيا، وألمانيا)، المعروفة بـ"الترويكا"، مؤكداً أن طهران سترد بحزم على أي انتهاك لحقوقها. وفي منشور على حسابه في منصة "إكس" اليوم الجمعة، قال عراقجي: "بعد سنوات من التعاون الجيد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أفضت إلى صدور قرار أنهى المزاعم المنحازة بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة (PMD) لبرنامج إيران النووي السلمي، تُتهم بلادنا مجدداً بعدم الامتثال". وأضاف، "بدلاً من التفاعل بحسن نية، اتخذت الدول الأوروبية الثلاث خطوة منحازة ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة. وعندما انتهجت هذه الدول نفس السلوك عام 2005، أدّى ذلك إلى ولادة عملية تخصيب اليورانيوم في إيران من نواحٍ عديدة. هل فعلاً لم تتعلم الترويكا شيئاً خلال العقدين الماضيين؟". كما أشار عراقجي إلى أن "توجيه اتهامات باطلة لإيران بانتهاك اتفاقات الضمانات، استناداً إلى تقارير ضعيفة ومسيّسة، يتم بهدف خلق أزمة واضحة". وختم قائلاً: "بينما تقف أوروبا على أعتاب ارتكاب خطأ استراتيجي جسيم جديد، تذكروا كلامي: إيران سترد بشكل حازم على أي انتهاك لحقوقها. المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الأطراف غير المسؤولة التي لا تتردد في اتخاذ خطوات تصعيدية". هذا التحذير يأتي في وقت كشف فيه دبلوماسي غربي رفيع أن الدول الأوروبية تعتزم، للمرة الأولى منذ 20 عاماً، تقديم مشروع قرار خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل، يعلن عدم امتثال إيران لالتزاماتها المتعلقة بالضمانات. وسيُقدم القرار بشكل مشترك من فرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة، بحسب ما نقلت وكالة "أسوشييتد برس". وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجري مشاورات مع الحلفاء الأوروبيين بشأن الخطوات التالية قبيل اجتماع مجلس محافظي الوكالة المقرر من 9 إلى 13 حزيران، مؤكدة أنها تدرس جميع الخيارات معبرة عن "مخاوف جدية بشأن البرنامج النووي الإيراني وفشلها المستمر في الوفاء بالتزاماتها". تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث تسعى واشنطن وطهران إلى التوصل إلى اتفاق يحد من البرنامج النووي الإيراني، رغم عقد الجانبين خمس جولات من المحادثات دون تحقيق توافق حتى الآن. وفي تقرير سري نشر في 31 أيار الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران جمعت حتى 17 أيار 408.6 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، ما يضعها خطوة واحدة فقط من مستوى 90% اللازم لصناعة السلاح النووي، بزيادة تقارب 50% منذ شباط الماضي. في المقابل، وصفت طهران التقرير بـ"المسيس" واعتبرت أن الاتهامات التي يتضمنها "لا أساس لها".


المردة
منذ 2 ساعات
- المردة
إيران تحذر أوروبا من 'خطأ استراتيجي كبير'
حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن طهران سترد بحزم على أي انتهاك لحقوقها، وأن أوروبا تقترب من ارتكاب 'خطأ استراتيجي كبير آخر'. وقال عراقجي في تصريحات صحفية: 'في الوقت الذي تقترب فيه أوروبا من ارتكاب خطأ استراتيجي كبير، تذكروا كلامي: إيران لن تتردد في الرد على أي انتهاك'. وأضاف: 'المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الجهات غير المسؤولة التي تدفع نحو التصعيد'. يأتي ذلك في وقت أعلن فيه عراقجي قبل يومين أن طهران ستعلن ردها على المقترح النووي الأمريكي خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أن 'استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه'. كما وصف المقترح الأمريكي المقدم بشأن البرنامج النووي بأنه 'غامض'.