
مسلسل «البطل» السوري... الحرب بائسة وأقدارها بلا رحمة
يُحقّق مسلسل «البطل» تصدُّراً لافتاً بين الأعمال. حكايته من لؤم الواقع وشخوصه أحياء في بعضٍ منا؛ نلمحهم في ذاكرةٍ ما. نُشاهد ويلات الحرب وهي تُعمِّق الفجوة بين الموت والحياة، ونتابع مسار الأحداث في تصاعُدها نحو إعلان عبثيتها. العمل يُمسك تفاصيل العيش البائس ويرويها بما يحلو انتظاره.
النصّ لرامي كوسا والإخراج لليث حجو المتألّق بالكاميرا والنظرة إلى الأشياء. المكان القروي، وأغصان الأشجار العارية تحت السماء المُلبَّدة بغيم يُنذر بالهطول، وأحياناً يؤجّله، أو يستغني عنه، أو يُبقيه حبيس اللحظة، يتيحان للصورة علاقة خاصة مع ألوانها وبُعدها العاطفي. ذلك يمنح المخرج دورَ بطولةٍ آخر، فيحضُر بما لا يقلّ على حضور الآخرين.
يُحقّق مسلسل «البطل» تصدُّراً لافتاً بين الأعمال (البوستر الرسمي)
هذه سوريا تحت الوجع. تحت النار. في عروق الأوتار المقطوعة. نسمع القصف وهو يؤرق فاقدي الأمان في الليالي الطويلة. ونتعايش مع أهواله على شكل عوزٍ بشريّ، وتهجير، واحتكار، ورفع أسعار، وانسداد أفق. فمن خلال الشخصيات، تُستعاد الأعوام السورية الصعبة وارتكاباتها الفظيعة. تلك المُطلَّة بشبحها كلما ظنَّ الناجون أنهم نجوا، والحائمة مثل غراب جائع يُطلق عويلاً رهيباً فوق أحمال الذاكرة وصورها التي لا تُمحَى.
البطولة لبسام كوسا بشخصية «الأستاذ يوسف» الاستثنائية. مبهر في إفساح المجال للخير فيتقدّم ويَبرُز ثم يسطع ويلمع وسط الشرور كلّها. تركيبة الدور ترفض صَبْغ جميع البشر بلون واحد. وهو غالباً السواد العميم. فمن خلال «يوسف» يتجلّى حُسن النية واقتران القول بالفعل والاستعداد للعطاء رغم الجيوب الفارغة. تخرُج الشخصية من عمق الخراب لتقول إنّ الدنيا لا تزال بخير، وإذا كان البغض مُحرَّك الإنسان، ومُشعِلَ حروبه، وراسم أقداره البائسة، فإنّ الحبَّ يتيح تسلُّل الضوء فيجعل الحياة تُحتَمل.
ضياع «مريم» قدرٌ جماعي (لقطة لنور علي من المسلسل)
نشهد على صراع العائلة من أجل النجاة وبقايا الأحلام. الجميع في وضعية تخبُّط، مثل مراكب عائمة على موج غاضب: «مريم» (أداء لافت لنور علي) بإسكاتها دموعها وتيهها الكبير. ابنةُ «يوسف» والزوجة المستقبلية لـ«مروان» (خالد شباط)، واقعة بين الرجلين، لا تقوى على تفضيل أحدهما على الآخر. إنه الهَمّ وهو يسكُن الأبناء على مصائر الآباء المتروكين في عرائهم. والأرض عراء حين تُشتِّت مَن عليها. والوطن عراء بإرساله السقوف الآمنة إلى حتفها. ضياع «مريم» قدرٌ جماعي، فتلتهم الحيرة رأس ضحيتها وتَصعبُ القرارات حدّ التطرُّف في اتّخاذ بعضها، فنجد الخطيبَيْن بوضعية حميمية لا يأبهان بالقصف خارج الغرفة.
«فرج» من الشخصيات الملوَّعة بقدرها (لقطة لمحمود نصر من المسلسل)
و«فرج» (أداء متألق لمحمود نصر) من الشخصيات الملوَّعة بقدرها. هذا الدور غير مفهوم تماماً. يحتمل أكثر من تفسير. لا ندري أهو خير أو شرٌّ قد تأجَّل. وحدها ظروفه الواضحة. يرث الندوب ويُكمل طريقه محاولاً تخطّيها، لكنها لا ترحم. كما لم يرحم المجتمع مهنة والدته (تغسيل الموتى) وماضيها الشاق. تؤدّي جيانا عيد دوراً يُظهِر الثمن المدفوع بالعملة الصعبة. أحياناً الأبناء مجرّد ضحايا. الويل من قسوة الآخرين واللعنات المحمولة على ظهور مكسورة.
تؤدّي جيانا عيد دوراً يُظهِر الثمن المدفوع بالعملة الصعبة (لقطة من المسلسل)
وجوه الشخصيات تُشبه التلبُّد غير المُنذِر بانفراجٍ آتٍ. الجميع تقريباً يجرُّ جرحاً. نانسي خوري بشخصية «سلافة» المتروكة لوحدتها بعد خذلان حتى الأقربين، فتجد في «مجد» (وسام رضا) فسحة طمأنينة. ورغم حالتها الاجتماعية وفارق السنّ، يتعلّق بها. كلاهما شيّعا الأمان إلى مثواه الأخير ولم يبقَ أمامهما سوى العاطفة القليلة.
في موازاتهما، لم نرَ ابتسامة «راما» (رسل الحسين) سوى مرة واحدة حين خانتها خشبة السرير الزوجي فارتطمت و«فرج» على الأرض. ضحكتهما ذكَّرت بالبلسمة المُحتملة، لكنّ كلّ شعور آخر أطلَّ ليُعمِّق الجراح ويُطيل نزيفها.
نُشاهد ويلات الحرب وهي تُعمِّق الفجوة بين الموت والحياة (مشهد من المسلسل)
يكتُب «الأستاذ» لنفسه مفتتحاً الكتابة بعبارة «عزيزي يوسف». يُحاكي دواخله المُحمَّلة بالانتظار والخيبة. وبموازاة السطور، يمرُّ الذلّ على شكل صندوق مساعدات، والقهر على هيئة برد قارس، والتجاوزات من التهريب والتسلُّح إلى الأذى والذكورية وتضاؤل الرحمة.
تحوُّل «يوسف» من السير على أقدام إلى استخدام الكرسي المتحرّك، يضيف إلى فكرة الأقدار المُباغتة سبباً إضافياً لتكون حال المسلسل. ينضمّ إلى اللائحة تعذُّر سفر «مروان»، وجرُّ «رانيا» (هيما إسماعيل بدور مؤثّر لشخصية الأم المتأرجحة بين الانهيار والصلابة) إلى أفخاخ مُعدَّة سلفاً لإيقاعها، وفي الطريق إلى التضييق عليها، ينكشف فساد متجذّر ولا يبقى الابتزاز طوال الوقت خفياً.
ميزة «البطل» في التأثير العميق لمشهدياته (لقطة لخالد شباط في المسلسل)
مشهد نزوح سكان القرية جراء اشتداد القصف موجع وقاسٍ. لقطات من الأسى الإنساني والمُقامرة بالأعمار. ميزة المسلسل في التأثير العميق لمشهدياته. فغصّة «يوسف» لإحساسه باقتراب سفر ابنته تُذكّر آباء هجرهم أحبّتهم بالفراق الصعب. آلام الهجرة منفلشة بأشكالها: مرة بالهروب من أسرةٍ ضاغطة كحالة «راما»، ومرة بالبحث عن فرصة كحالة «مروان»، ومرات بمغادرة المنازل لإنقاذ ما تبقّى من حياة.
مسلسل «البطل» عما تُشوّهه الحروب. كأنه توثيق مرحلة وبوحٌ يناجي الشفاء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- مجلة هي
تكشف عمرها الحقيقي وأسرارها العائلية.. نور علي تفتح قلبها للجمهور بعد تألقها في مسلسل "البطل"
النجمة نور علي كشفت العديد من الأسرار والجوانب الجديدة عنها، بالإضافة إلى حديثها عن أبرز محطات حياتها ومسيرتها الفنية وآخرها في مسلسل "البطل" في موسم رمضان 2025، وذلك خلال لقائها الأخير في بودكاست "عندي سؤال". نور علي تكشف أسرار حياتها العائلية وتحدثت الفنانة نور علي عن نشأتها وعائلتها، وقالت إنها تربت مع 3 شقيقات بنات، وهي الشقيقة الكبرى لهن، وتحدثت عن والدها وقالت إنها ورثت عن والدها معظم الصفات الشخصية بها، مثل كونها شخصية قيادية وعصبية وحالمة ومحاربة وغيرها من الصفات، ولكنها على العكس من والدتها، حيث أن والدتها دقيقة للغاية بسبب اختصاصها في مجال الرياضيات والأرقام، وقالت إنها تشعر في الفترة الحالية إنها عادت للقرب من أسرتها، وذلك بعد فترة ابتعاد بسبب دراستها للتمثيل، وهي الفترة التي انشغلت بها بالدراسة في المعهد وبزملائها في المعهد. نور علي وقالت نور علي إن نشأتها تسببت في شعورها بعدم الأمان بسبب عدم استقرار الظروف التي تربت عليها، وهو ما جعلها تعيش بلا خطط مستقبلية، وكشفت نور علي في تصريحاتها إنها متعلقة للغاية بخالتها، ووصفتها بنقطة ضعفها في الحياة، وأضافت أن خالتها كانت صديقتها من طفولتها وكونت معها علاقة قوية، حتى أن معظم ذكرياتها من الطفولة كانت مع خالتها، ومنها أن خالتها هي من عرفتها على المسرح والتمثيل، ولكنها هاجرت إلى كندا وكانت تبكي كثيراً بسبب هجرة خالتها وهي في عمر 13 عام. الفنانة نور علي نور علي تعلق على أصداء دورها في مسلسل "البطل" وأضافت نور علي إنها تحدثت مع طبيبتها النفسية والتي أخبرتها أنها عاشت أول تجربة فقدان في حياتها مع هجرة خالتها، والتي كانت تمثل لها الراحة والأمان في حياتها، مشيرة إلى أنها "ضاعت" لفترة بسبب ذلك الفقدان إلى أن استطاعت تجاوز هذا الأمر، وتحدثت نور علي عن دراستها للحقوق في البداية بسبب رغبة أسرتها في الالتحاق بالجامعة، ولكنها كانت ترغب في دراسة التمثيل، وقالت إنها تعتبر حياتها بدأت مع الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وعبرت عن امتنانها للعمل في مجال هي تحبه كثيرا، وتعتبر تلك نعمة كبير، وتحدثت نور علي في اللقاء عن أبرز محطات مسيرتها الفنية ومنها مسلسل "لعبة الحب"، وردت على انتقادات البعض لتجارب الدراما المعربة، وقالت إنها تجربة صعبة والبعض يقلل منها ولكن في حال تجربتها سيكون رأيهم مختلف. نور علي وقالت إنها ظلت بعدها لمدة عام بلا عمل، بسبب تقديم أدوار إليها مثل دورها في مسلسل "ستيليتو"، وكانت ترغب في تقديم مواهبها وقدراتها المختلفة، وكانت ترفض حصرها في أدوار الشر، وتحدثت نور علي عن أحدث محطاتها الفنية في مسلسل "البطل"، والذي عرض في موسم رمضان 2025، وقالت إن المسلسل ينتمي إلى نوعية الدراما التي تحبها وتحب تقديمها، وتعتبر المسلسل نقطة محورية في مسيرتها الفنية، وقالت إن المسلسل أعادها إلى فترة دراستها للمسرح، وأن شخصيتها في المسلسل كانت أكثر شخصية تستغرق معها وقتاً في العمل والتحضير في مسيرتها الفنية، ووصفت العمل بالإنساني والمؤثر ومن الأعمال التي تشاهد عدة مرات. النجمة نور علي وأكدت نور علي في اللقاء إن دورها في مسلسل "البطل" أعطاها الشرعية كممثلة، وأعاد تقديم قدراتها التمثيلية الحقيقية على الشاشة، وكشفت نور علي تلقيها رسائل تهنئة هامة من العديد من النجوم على دورها في مسلسل "البطل"، وعلى رأسهم النجمة يارا صبري وأيمن زيدان، وعبرت نور عن حماسها الشديد للأعمال المقبلة في مسيرتها، خاصة أن لديها طاقة كبيرة في أداء مختلف الأدوار التمثيلية، ولا تبحث عن أضواء النجومية والشهرة بقدر ما تحب أداء مهنتها في التمثيل بشكل جيد، خاصة أن تحقيق الشهرة سهلاً في عصر السوشيال ميديا، وكذلك ترى أن الشهرة نتيجة حتمية لتركيزها على أعمالها وأدوارها التمثيلية. نور علي في مسلسل "البطل" نور علي تكشف عمرها الحقيقي وقالت نور علي في تصريحاتها إنه في حال زواجها وتكوين عائلة قد تشعر بالاستقرار، ولكن بدون علاقة جدية وحقيقية فلن يتحقق ذلك، مشيرة إلى أنها في الفترة الحالية فهي تعطي الأولوية للفن وتشعر بالأنانية لاختيارها التركيز في الفن، وكشفت نور علي عن عمرها في تصريحاتها وقالت إنها الآن 29 عاما، ولكنها متخوفة من دخول مرحلة الثلاثينيات، لأنها تريد أن تسبق عمرها وتقديم أشياء عديدة في حياتها ومسيرتها وتشعر أنها تركض من أجل تحقيق ذلك. نور علي وكانت النجمة نور علي قد تألقت في موسم رمضان 2025، من خلال مسلسل "البطل"، والذي قدمت به شخصية "مريم"، ونشرت مؤخراً عدة رسائل عبر حسابها بانستقرام حول المسلسل، وقالت في رسالة لها حول العمل: "لا أعرف من أين نأتي بالأمل ، ولا بالقدرة على الأستمرار لكنني وفي المقابل، لا أعرف من أين يأتي اليأس، فخورة أنو كون جزء من هيك مشروع فني عالي بعرف كيف انشغل بكل تفصيل، لامسني من أول لحظة وأمنت فيه.."، ونشرت صورة لها مع الفنان بسام كوسا من كواليس العمل، ووجهت إليه رسالة قالت بها: "بابا.. الأستاذ يوسف الصالح، رمضان 2025.. شرف كبير ل ألي كون حد الأستاذ الكبير بسام كوسا، استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة، ممنونة لهل تجربة يللي جمعتني معك كتير من الحب لحضرتك". الصور من حساب نور علي على انستقرام,


الوئام
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- الوئام
السورية نور علي.. الحرب تدمر حياة صاحبة 'عروس بيروت'
أدلت الفنانة السورية نور علي بتصريحات مؤثرة خلال ظهورها في برنامج 'عندي سؤال' الذي يقدمه الإعلامي اللبناني محمد قيس، حيث تحدثت عن الجوانب الإنسانية والعائلية في حياتها، موضحةً كيف أن الظروف التي مرّت بها جراء الحرب أثرت بشكل كبير على حياتها. وقالت نور: 'ناقص بحياتي الأمان، ولا أستطيع التخطيط للغد'. وأضافت أن الحرب تركت آثارًا عميقة في نفسها، مشيرة إلى أنها تعبت من الألم، وأنها دائمًا تتساءل عن كيفية عيش الناس في غياب الحرب. وفي إطار حديثها عن تأثير الحرب على حياتها الشخصية، لفتت نور إلى أن ابتعادها عن عائلتها بسبب الأوضاع التي ألمّت بها ساهم في تعميق شعورها بالغربة. وأضافت: 'لما تعيش بعيدًا عن أهلك، للأسف تبدأ تحس أنهم لم يعودوا يشبهونك'. وأكدت أنها كانت الابنة الكبرى في عائلة تضم عددًا من الفتيات، ما جعلها تتحمل مسؤوليات إضافية منذ سن مبكرة، ولعبت دورًا محوريًا داخل الأسرة. ورغم علاقتها القوية بوالدتها، أكدت نور أنها تشعر أنها تشبه والدها أكثر، مشيرة إلى أن العلاقة مع والدها كانت تتميز بالندية. وأوضحت أنها كانت الأقرب إلى خالتها في طفولتها، حيث كانت تجمعها بها ذكريات قوية، ولكن عندما هاجرت خالتها إلى كندا، شعرت بالضياع والفراغ. كما تحدثت نور عن حالتها النفسية بعد الأحداث الدامية في الساحل السوري، حيث ظهرت في مقطع فيديو وهي في حالة انهيار، مما أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. بعض الرواد اتهموها بتصوير الفيديو من لبنان أثناء تصوير مسلسل 'البطل' الذي شاركت فيه. ونفت نور تلك الادعاءات تمامًا، مؤكدة أن الفيديو تم تصويره من داخل سوريا. وأضافت أنها تواصلت مع الأمن العام السوري الذي اعترف بتجاوزات حدثت، وأكد أن الرئيس السوري شدد على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين. نور علي، التي وُلدت في 8 نوفمبر 1995، خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2018، بدأت مسيرتها الفنية بدور سارة في مسلسل 'وهم' عام 2018، وحققت شهرة واسعة بعد دورها في مسلسل 'عروس بيروت' 2019 حيث لعبت دور الخادمة 'دينا'.


الشرق الأوسط
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
سعاد بشناق لـ«الشرق الأوسط»: متعة العمل في مسلسل رمضاني تحضّني على إعادة التجربة
تطبعك موسيقى مسلسل «البطل» الرمضاني من شارته، مروراً بمقطوعات ترافق أحداثه، وصولاً إلى جنريك النهاية. المؤلفة الموسيقية سعاد بشناق نقلت مشاعر وذكريات خاصة بها، انعكست على العمل صوتاً لا يبارح أذن المشاهد، فكانت تلك المقطوعات نجوماً من نوع آخر. وكان مسلسل «البطل» قد حقق نجاحاً في موسم رمضان 2025، ومع أبطاله بسام كوسا ومحمود نصر ونور علي وخالد شباط وغيرهم، سجّل الاختلاف. لا سيما أن موضوعه المكتوب بقلم رامي كوسا وكاميرا المخرج الليث حجّو وضعه في مكانة بارزة، فنقل مشاهده من واقع المجتمع السوري أثناء الحرب، إلى مواضيع عدة بينها الفساد والتضحية والحب وغيرها. تحمل بشناق الجنسيتين الكندية والأردنية. سبق ووضعت موسيقى لأكثر من 40 عملاً مصوراً لأفلام سينمائية طويلة وقصيرة. شاركت في مهرجانات عدة مثل فينيسيا السينمائي الدولي ولوكارنو. كما وضعت موسيقى «المنعطف» لرفيق عساف. تحضّر اليوم لوضع موسيقى لفيلم سعودي، وآخر أميركي - بوسني من نوع «الوثائقي المتحرك» عن حرب البوسنة. وتفضّل في المقابل العمل على أعمال عربية، لأنها نابعة من قصص عايشتها. مقيمة في كندا وتنسب لها الفضل في إعطائها فرصاً كبيرة، وبينها ترشيحها 4 مرات لجائزة الـ«بافتا» و«أوسكار كندا». تقول سعاد بشناق في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن تجربتها مع مسلسل «البطل» كانت ممتعة. صحيح أنها تطلّبت الجهد والتعب، ولكنها زوّدتها بحماس كبير لم يسبق أن عاشت مثله. وتتابع: «كنت أعمل يومياً نحو 12 ساعة في إعداد الموسيقى. والجميل في هذه التجربة تلقي ردود الفعل مباشرة بعيد عرض كل حلقة. وفي الحلقات السبع الأخيرة بكيت تأثراً. فأدركت أن رحلتي مع (البطل) تشارف على النهاية، وكان هذا الأمر صعباً عليّ». في الموسيقى التصويرية لمسلسل ما، يجب على مؤلّفها أن يسير بين النقاط. فلا يبالغ باستعمالها من ناحية، ولا يبقيها شبه صامتة من ناحية ثانية، توضح بشناق: «الموسيقى تعطي هوية للعمل. وكأي نجم من نجوم العمل يجب أن تؤدي دورها من دون زيادة أو نقصان. وبالتالي لا تطغي على أذن المشاهد وتبدو صارخة. والمطلوب أن تحمل المشهد على أكتافها. وكانت هناك اتصالات يومية بيني وبين منتج العمل محمود جيان، فنتشاور حول تحديد مواقع الموسيقى في كل حلقة». تفضّل سعاد بشناق العمل على أعمال عربية لأنها تشبهها (حسابها على {انستغرام}) في اتصالاتها مع المخرج الليث حجو تكلّما حول الخطوط العريضة لموسيقى «البطل». «كنا على اتفاق تام بأنها لا يجب أن تكون شرقية بحتة. لا بل ذهبنا بها إلى تلك التركية والأرمنية. وكذلك إلى البوسنية حيث تتحدر أصولي التاريخية. ولذلك حضرت آلات موسيقية مثل الـ(أكورديون) و(كلارينيت) و(سارز)، إضافة لـ(تشيللو) و(القانون)». تعدّ بشناق موسيقى الأكورديون الأجمل بين باقي الآلات، تتميز بتنوع استخدامها وتليق بها أي موسيقى لآلة أخرى. في واحد من المشاهد التي تحبها في «البطل»، يجمع بين مشاعر الحزن والفرح لجأت إلى الـ«أكورديون». فهذه الآلة تعبّر عن الفرح كما عن الحنين والنوستالجيا. وعما إذا تصورت لكل نجم في العمل موسيقى خاصة به، تردّ: «اكتشفت من خلال خبرتي المهنية أن هذا الأمر بإمكانه أن يقيّدني. وكذلك يمكنه أن يوقعني في فخ التكرار. ولكن في الوقت نفسه ألّفت موسيقى لمواقف معينة. كما في مشاهد الميكروباص، ومشاهد الحب بين مريم (نور علي) ومروان (خالد شباط). كذلك استحدثتها في مشاهد تدعو إلى السعادة. أما الكلارينيت فالتزمتها لمرافقة شخصية الأستاذ يوسف». وتتابع في سياق حديثها: «الجميل في عمل المسلسلات هو الثيمة. ويجب الإشارة إليها في الوقت المناسب. قد نلجأ إلى التغيير فيها حسب كثافة مشاعر اللحظة. ولكنني استمتعت بتفاصيل ثيمة (البطل) وسكنتني طيلة إعدادي لموسيقاه». وتضيف: «حتى إن الثيمة الرئيسية لجنيريك البداية اتبعت فيها التنويع في سياق عرض الحلقات. ويمكن القول إن موسيقى (البطل) نسجتها بالخيط نفسه ولكن بتطريزات مختلفة». تأثرت بشخصية أستاذ يوسف في مسلسل {البطل} (حسابها على {انستغرام}) تبتعد سعاد بشناق عن الحشو الموسيقي في مؤلفاتها. «لأنه يضعف العمل بدل الرفع من شأنه. فحضورها بالمكان والوقت الصحيحين يجب أن يدرس بدقة. وفي مشاهد صامتة يصبح تأثيرها أبلغ وأعمق. فهي ليست مجرّد خلفية بل تساند المشاعر والأداء». أكثر الشخصيات التي تأثرت بها في المسلسل أستاذ يوسف. وقدّمه الممثل بسام كوسا باحترافية كبيرة. وتعلق بشناق: «لقد ذكّرني كثيراً بوالدي الذي يقبع مريضاً اليوم. وهو يعيش أيضاً على كرسي متحرّك. وكان شخصاً مثقفاً يتكلم ثلاث لغات، ويتمتع بعمق في التفكير ويعدّه المقربون منه مرجعاً يستشيرونه لحل مشكلاتهم. شعرت بأنه يحضر في المسلسل من خلال هذه الشخصية. في أحد المشاهد لأستاذ يوسف يجري حواراً صامتاً بينه وبين ابنته مريم (نور علي). ذكّرني كثيراً بوالدي عندما كان يبتسم لي صباحاً وهو يعطيني فنجان القهوة. تأثرت وبكيت لأن الأستاذ يوسف كان يملك نظرات والدي ساهر بشناق نفسها». سكنها مسلسل «البطل» من أوله لآخره، تعلّقت بشخصياته وأحداثه إلى حدّ الإدمان. «تخيلي أنه في إحدى المرات تأخر توصيل الحلقة لي يوماً كاملاً، فصرت أدور في مكاني لا أعرف كيف سأمضي وقت الانتظار. فقصة المسلسل بحد ذاتها تجذب مشاهدها. فكيف إذا ما كنت جزءاً منها؟». تتمنى بشناق التعاون مجدداً مع المخرج الليث حجو في تجارب أخرى مستقبلاً (حسابها على {انستغرام}) كانت تشاهد كل حلقة ترغب بإعداد موسيقى لها أكثر من 5 مرات. «كنت دقيقة في وضعي للجمل الموسيقية في مكانها المناسب، حتى بعد إعدادي الموسيقي كنت أعود وأتفرّج على الحلقة كي أتحقق من الخيارات». رغم كل الجهد الذي تطلّبه عملها في «البطل» تؤكّد سعاد بشناق أنها مستعدة لإعادة التجربة من دون تردد. وتعلّق: «لموسم رمضان نكهته الدرامية الخاصة. فشعرت وكأني أعيش في بيوت المشاهدين وواحدة من أفراد عائلاتهم. وهذا العمل المتواصل له متعته، لا سيما مع مخرج بقيمة الليث حجو. فإذا ما عرضت علي التجربة مرة جديدة معه، وفي رمضان فلن أتأخّر أبداً». تقول إن المسلسل ولّد عندها مشاعر كثيرة. «استرجعت ذكرياتي في الشام لأنني درست فيها 4 سنوات. وكذلك ذكرني بأصولي كوني من أم سورية وأب فلسطيني. أحببت جميع شخصياته، ولا سيما الأستاذ يوسف». ولآلة القانون حصّتها في موسيقى «البطل». «استخدمت هذه الآلة إضافة إلى آلة الـ(ساز)، وهي آلة موسيقية وترية تتشارك فيها مختلف الثقافات في الشرقين الأوسط والأدنى. كانتا آليتين موسيقيتين شرقيتين بطابع سوري. فكتبت جملاً غير تقليدية تشبه إلى حدّ ما موسيقى الـ(باروك)». وتعلّق: «موسيقى الأعمال المصورة ترفع من قيمة العمل، وإذا ما أغمضنا أعيننا ونحن نستمع إليها خارج سياق العرض فلا بد أن تذكرنا بالعمل الذي تنتمي إليه».