
صوت الأمة تدق ناقوس الخطر: هل أموال تيك توك باب خفي لتمويل الفوضى واستهداف الدولة؟
لكن التطور التكنولوجي أفرز تحديًا جديدًا أكثر خفاءً، وأكثر قدرة على التسلل إلى المجتمع دون أن يثير الشبهات في البداية، وهنا يأتي دور منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها موقع "تيك توك"، حيث يمكن أن تتحول «الهدايا الرقمية» والبث المباشر، من وسيلة ترفيه، إلى باب خفي لتمويل الفوضى والتحريض على العنف.
في الأسابيع الأخيرة، فتحت النيابة العامة تحقيقات واسعة مع عدد من مشاهير تطبيق "تيك توك"، على خلفية اتهامات تتعلق بغسل الأموال، أبرزهم: سوزي الأردنية (15 مليون جنيه)، مداهم (65 مليون جنيه)، وشاكر محظور (100 مليون جنيه تقريبًا).
التحقيقات كشفت عن تحويلات مالية ومقتنيات باهظة الثمن، ووصفتها بأنها دلائل على أن بعض إيرادات البث المباشر لم تكن دائمًا بريئة أو ناتجة عن نشاط مشروع، بل قد تكون واجهة لتدفقات مالية مشبوهة.
هذه الوقائع دفعت عددًا من الخبراء إلى دق ناقوس الخطر، مؤكدين أن «أموال التيك توك» قد تكون الباب الخلفي لتمويل الفوضى، خاصة إذا ما جرى استغلالها لتوجيه الرأي العام وإشعال قضايا داخلية.
غسل الأموال بثوب جديد
اللواء نجاح فوزي، مساعد وزير الداخلية الأسبق للأموال العامة، أوضح أن غسل الأموال، كما يُعرفه القانون، هو إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال عبر دمجها في مشروعات أو أنشطة تبدو قانونية. وتاريخيًا، كانت هذه الأموال تأتي من تجارة السلاح أو المخدرات أو الاتجار بالبشر، لتُضخ في مشاريع عقارية أو شركات وهمية، وتظهر في شكل أرباح مشروعة.
وأضاف "فوزى" لـ"صوت الامة": اليوم، ومع وجود منصات مثل تيك توك، ظهرت آلية جديدة منها شراء العملات الافتراضية (Coins) بالمال الحقيقي، وإرسال الهدايا الرقمية (Gifts) لصانعي المحتوى أثناء البث المباشر، وتحويل الهدايا إلى ألماسات (Diamonds) ذات قيمة نقدية، ثم سحب الأموال عبر حسابات مصرفية أو وسطاء دفع، وعلى الورق، تبدو العملية «دخلًا طبيعيًا» من محتوى ترفيهي، لكن في الواقع يمكن أن تكون أموالًا مُموهة قادمة من جهات مشبوهة، تستخدم في اكثر من غرض مشبوه، حيث يكون صاحب الحساب بمثابة الوسيط الذى يتولى استقبال هذه الأموال وتوزيعها في الداخل وفق المتفق عليه مع مصدر هذه الأموال، وقد يكون مصدر الأنفاق هو تمويل عمليات إرهابية.
كيف يتحول الترفيه إلى أداة تحريض؟
أما اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية للمعلومات سابقًا، فأجاب عن تساؤل مهم: كيف يتحول الترفيه إلى أداة استقطاب وتحريض؟ قائلاً إن الخطورة لا تكمن فقط في الآلية المالية، بل في التأثير الفكري والتوجيهي على صانع المحتوى، حيث يتم إغراء التيك توكرز بالأموال والهدايا وزيادة عدد المتابعين، حتى يصبح لديهم جمهور ضخم وولاء من المتابعين.
وأوضح الرشيدى لـ"صوت الأمة" أنه مع الوقت، يمكن توجيههم تدريجيًا لإبداء الرأي في قضايا حياتية تمس المواطن، مثل: قانون الإيجار القديم، ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء والمياه، أزمات المرور أو الخدمات. تُطرح هذه الموضوعات في البداية بشكل يبدو «عفويًا» أو «حرية رأي»، لكنها قد تُستخدم كمدخل لإثارة السخط الشعبي وبث رسائل سلبية عن الدولة. ومن هنا، الخطر الأكبر أن بعض هؤلاء 'التيك توكرز' قد لا يدركون أصلًا أنهم أصبحوا أداة في يد جهات تسعى لإشعال الفوضى.
ومنذ أحداث ما قبل 2013، والأجهزة الأمنية ترصد نمط استقطاب الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدايةً من استغلال المنتديات، مرورًا بالفيسبوك وتويتر، وصولًا إلى تيك توك. الفارق اليوم أن أدوات التحويل المالي أصبحت أكثر سرعة ولامركزية، وحجم التفاعل والجمهور على تيك توك أسرع نموًا، إضافة إلى أن المنصة تمنح شعورًا بالخصوصية والبعد عن الرقابة، ما يسهل تمرير الرسائل.
واتفق اللواءان فوزي والرشيدي على أن آليات غسل الأموال عبر تيك توك تشمل: شراء متابعين ولايكات لزيادة المصداقية والجاذبية، إرسال هدايا ضخمة من حسابات وهمية أو عبر وسطاء، تمرير الأموال بين حسابات متعددة قبل الوصول للمستفيد، وإيهام الجمهور بأن الأموال نتيجة نجاح جماهيري، بينما هي أموال مجهولة المصدر.
من الناحية القانونية، يصبح التمويل إرهابيًا إذا: وُجهت الأموال إلى جهات أو أفراد مصنفين كإرهابيين ودُعموا، كان هناك علم أو نية لدى المرسل أو المستقبل بغرض التمويل، أو ارتبط التمويل بمحتوى أو نشاط تحريضي أو عنيف.
لكن من الناحية الأمنية، حتى التمويل غير المباشر أو غير الواعي قد يشكل خطرًا إذا استُخدم في دعم أنشطة تحريضية أو فوضوية.
وفتحت النيابة العامة بالفعل ملفات لعدد من مشاهير تيك توك بتهم غسل أموال، وتم طلب: كشوف الحسابات البنكية، بيانات التحويلات من تيك توك، سجلات شركات الدفع الإلكتروني، مراجعة المحتوى لرصد أي تحريض أو توجيه للرأي العام.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحّة لرقابة أكثر صرامة على مصادر تمويل صانعي المحتوى، ومراقبة أي تحركات أو اتصالات مشبوهة، مع رفع وعي الرأي العام والتحذير بخطورة الانجرار وراء المحتوى الموجه، الذي قد يبدو عفويًا في ظاهره، لكنه يحمل في طياته أهدافًا تتجاوز الترفيه أو الربح.
التحذير هنا لا يعني اتهام كل صانعي المحتوى، بل الدعوة لليقظة: على المنصات فرض إجراءات تحقق من الهوية (KYC)، على الجمهور التفكير قبل إرسال أموال أو هدايا لأشخاص مجهولين، وعلى صناع المحتوى الوعي بالمخاطر وفهم أن بعض «الدعم» قد يكون لأهداف أخرى غير الترفيه.
منذ 2013، نجحت مصر في كشف وتمييز أدوات التمويل التقليدية، لكن اليوم ظهر فصل جديد من الحرب الرقمية، حيث قد يُستخدم «الترند» والشاشة الصغيرة لتحويل الناس إلى أدوات في ساحة فوضى مُموّهة، وإذا كانت سوزي، مداهم، وشاكر محظور بالفعل أرقامًا حقيقية في هذا الملف، فإن الرسالة واضحة: الحذر واجب، فالأمن الرقمي يبدأ من إدراكنا بأن الهدايا الرقميّة يمكن أن تخفي وراءها تحريضًا وتمويلًا لا يدركه مُتلقيها.
وبصفة عامة، ما زالت التحقيقات جارية، وقد تحمل الأيام القادمة الكثير في ضوء ما ستكشفه جهات التحقيق في هذا الشأن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 7 دقائق
- مصرس
بعد القبض عليها.. من هي التيك توكر لي لي؟ «من صالات الجيم إلى قفص الاتهام»
نجحت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، في القبض على التيك توكر لي لي، وذلك بتهمة نشر مقاطع مصورة مخالفة للآداب العامة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك ضمن تحركات الوزارة لملاحقة المخالفين للقانون والمتجاوزين للمعايير الأخلاقية. القبض على التيك توكر لي ليوقالت وزارة الداخلية في بيانها الصادر عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: «فى إطار جهود مكافحة الجرائم المنافية للآداب العامة.. فقد أكدت معلومات وتحريات الإدارة العامة لحماية الآداب بقطاع الشرطة المتخصصة قيام إحدى السيدات بنشر مقاطع فيديو بمواقع التواصل الإجتماعى تقوم خلالها بالرقص بملابس خادشة للحياء وبصورة مبتذلة منافية للآداب العامة».وأضاف البيان: «عقب تقنين الإجراءات تم ضبط المذكورة بنطاق محافظة القاهرة، وبحوزتها (4 هواتف محمولة «بفحصها فنيًا تبين إحتوائها على دلائل تؤكد على نشاطها الإجرامى» – كمية من مخدر الحشيش) وبمواجهتها إعترفت بحيازة المواد المخدرة للتعاطى ونشرها مقاطع الفيديو المشار إليها على صفحاتها بمواقع التواصل الإجتماعى لزيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية».وتم إتخاذ الإجراءات القانونية.من هي البلوجر لي لي؟وتعتبر التيك توكر لي لي من ابرز صناع المحتوى على تطبيق تيك توك، حيث يتابعها أكثر من 800 ألف شخص، وكانت تشارك جمهورها مقاطع مصورة من داخل إحدى صالات الجيم أثناء ممارستها التمارين الرياضية.


الدستور
منذ 16 دقائق
- الدستور
بوسي الأسد في "القفص".. تجديد حبس الراقصة لخدشها الحياء
قرر قاضي المعارضات تجديد حبس الراقصة بوسي الأسد المتهمة بنشر فيديوهات خادشة للحياء 15 يوما على ذمة التحقيقات. وألقت الأجهزة الأمنية القبض على صانعة المحتوى ميرا جمال، الشهيرة بـ"بوسي الأسد"، داخل شقة مستأجرة بمنطقة هضبة الأهرام بالجيزة، تنفيذًا لإذن النيابة العامة بضبطها وتفتيش مسكنها. وتوصلت التحريات إلى وجود المتهمة بالشقة المشار إليها، وتم ضبطها، بحوزتها أربعة هواتف محمولة تحتوي على عدة حسابات إلكترونية نشطة بأسماء "بوسي الأسد"، "الملكة بوسي" و"0211 LION"، عبر منصات مثل تيك توك، إنستجرام ويوتيوب. وكشفت الفحص الفني لتلك الحسابات عن وجود مقاطع مصورة تتضمن إيحاءات وحركات خادشة، وتعمد إبراز أجزاء حساسة من الجسد، وهو ما اعتبرته جهات التحقيق تحريضًا على الفسق والإخلال بالآداب العامة، بهدف زيادة عدد المشاهدات والمتابعين لتحقيق أرباح مادية. كما تم ضبط زجاجة خمور مفتوحة ومبلغ مالي قدره 23500 جنيه، وثلاث باروكات شعر كانت تستخدمها المتهمة في تصوير الفيديوهات.


بوابة الأهرام
منذ 32 دقائق
- بوابة الأهرام
احذر «تعليم أفراد أسرتك القيادة أو الأصدقاء».. لا تعرض نفسك للغرامة و«الحبس»
احذر «تعليم أفراد أسرتك القيادة أو الأصدقاء».. لا تعرض نفسك للغرامة و«الحبس»| عاجل نجاتي سلامه 17 اغسطس 2025 قد لا يدرك كثير من قائدي وملاك السيارات أن السماح بتعليم الزوجة أو أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء القيادة على الطرق العامة أو في الشوارع الهادئة، يعد مخالفة صريحة يعاقب عليها القانون، رغم أن الهدف في الغالب يكون بدافع المساعدة أو تجنب تكاليف مدارس تعليم القيادة. ولا يعلم هؤلاء أن هذا التصرف قد تكون عواقبه وخيمة، إذ يعرض مرتكبه للمساءلة القانونية، ويصل الأمر إلى الحبس أو الغرامة. «المادة 74 في قانون المرور» تنص المادة (74 مكرر) في قانون المرور على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قاد مركبة دون الحصول على رخصة تسيير أو رخصة قيادة». «رادارات ذكية وحملات مرورية» وتعمل وزارة الداخلية من خلال شبكة حديثة من الرادارات الذكية الثابتة والمتحركة، أبرزها الرادارات الفرنسية والألمانية، والتي ترصد المخالفات لحظة وقوعها بدقة عالية ولا تسمح بمرور أي مخالفة دون تسجيلها، كما تنفذ إدارات المرور حملات مرورية يومية على مدار الساعة لضبط المخالفين الذين يهددون حياتهم وحياة الآخرين على الطرق.