
لماذا لم يختر الكرادلة بابا من أفريقيا؟
Getty Images
أربعة رجال يقفون عند كشك لبيع الصحف في أحد شوارع نيروبي، يتصفحون الصحف التي تحمل صورة البابا ليو الرابع عشر
بينما كان العالم يترقّب هوية القائد الجديد للكنيسة الكاثوليكية، طرح كثير من المراقبين في الفاتيكان سؤالاً مهماً: من أي منطقة في العالم سيكون البابا الجديد؟
وكان التساؤل الأبرز عمّا إذا كان الاختيار سيقع عل مرشح من القارة التي تنمو فيها الكنيسة الكاثوليكية بوتيرة سريعة، وهي قارة أفريقيا.
رغم أن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يضم ثلاثة باباوات على الأقل من أصل أفريقي، إلا أن آخرهم كان البابا غيلاسيوس الأول، الذي تُوفي منذ أكثر من 1500 عام، وقد رأى البعض أن الوقت قد حان لعودة البابوية لأفريقيا.
كان البابا فرنسيس يحرص على أن يعكس قادة الكنيسة الامتداد العالمي للكاثوليكية، فقام بترقية 18 كردينالاّ من أصل 108 كرادلة من أفريقيا. وكان من بين هؤلاء، ثلاثة مرشحين بارزين لمنصب البابا، وهم: فريدولين أمبونغو بيسونغو من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وروبرت سارا من غينيا، وبيتر توركسون من غانا، كما كان الكاردينال توركسون مرشحاً قوياً أيضاً في انتخابات 2013 التي انتهت باختيار البابا فرنسيس.
Getty Images
تجمع الكرادلة بينما كان البابا ليو الرابع عشر يُحيي الحشود من شرفة الفاتيكان - بيتر توركسون من غانا هو الثالث من اليمين.
وعندما تم انتخاب الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست ليحمل اسم البابا ليو الرابع عشر، عبّر الكاثوليك في أنحاء العالم عن فرحتهم، لكن البعض تساءل ما إذا كان قد تمّ تجاهل أفريقيا.
عملية انتخاب البابا سرية للغاية، لذا من المستحيل معرفة ما الذي نوقش داخل الاجتماع.
لكن من المحتمل أن الكرادلة الـ133 الذين شاركوا في التصويت تساءلوا، كما يقول الأب لورانس نيغوروغي – الكاتب الكاثوليكي وأستاذ في جامعة جومو كينياتا في كينيا: "هل ننتخب بابا يواصل نهج البابا فرنسيس، أم نختار من يسلك طريقاً مختلفاً؟ أتصور أن هذا كان محور انقسام كبير".
البابا فرنسيس كان مصلحاً، فبالرغم من أنه لم يغيّر العقيدة، إلا أنه اعتمد لهجة أكثر ليونة في بعض القضايا، مثل السماح للمطلقين بتناول القربان، وترك القرار للأساقفة حول هذه القضية.
وفي النهاية، يرى الأب نيغوروغي أنه "رغم وجود كرادلة أفارقة مؤهلين تماماً لمنصب البابا، فإن المسألة الأهم كانت تتعلق بإرث البابا فرنسيس".
كما كانت هناك عوامل أخرى، فالكنيسة الكاثوليكية عالمية ويجب على البابا أن يتفهم قضايا واحتياجات كل القارات.
Getty Images
ويقول الأب جوزيف نيومونغا، المدير الروحي لمعهد القديسة أنا في نيروبي، إن أفريقيا لا تزال تتعافى من آثار الاستعمار، مضيفاً: "نحن قارة مجروحة، لدينا حروب في الكونغو والسودان. حين تتولى قيادة كنيسة بهذا الحجم، تحتاج إلى شخص هادئ ومستقر".
ويوضح الأب أن على الكنيسة في أفريقيا أن تركز على بناء هويتها لخدمة الناس بشكل أفضل، مشيراً إلى أن "السؤال هو: ماذا تحتاج أفريقيا الآن؟ هل تحتاج بابا، أم تحتاج العودة إلى جذورها لفهم ما يستنزف شعوبها؟".
Getty Images
وُلد البابا ليون الرابع عشر في الولايات المتحدة وقضى سنوات عديدة في أمريكا
وليست أفريقيا وحدها التي تشهد نزاعات، فالحروب مستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا أيضاً.
وسيواجه البابا الجديد تحديات كبيرة، مثل صعود قادة استبداديين والاضطرابات الاقتصادية المختلفة، كما يجب عليه أن يخاطب احتياجات الجنوب العالمي حيث تنمو الكنيسة الكاثوليكية، وفي الوقت ذاته، يجب عليه العمل لإحياء الحضور الكاثوليكي في أوروبا، التي تُعدّ أضعف مناطق الكنيسة ديناميكيةً، بحسب الفاتيكان.
ويقول الأب نيغوروغي إن الكرادلة كانوا يبحثون عن "مرشح يخدم الكنيسة بأفضل شكل، بغض النظر عن جنسيته أو عرقه".
ويُنظر إلى البابا ليو الرابع عشر على أنه شخصية تُصغي جيداً وقادرة على احتواء الفصائل المختلفة داخل الكنيسة، والأهم أنه يجمع بين الشمال والجنوب العالمي؛ فرغم ولادته في الولايات المتحدة، إلا أنه قضى سنوات في العمل التبشيري في بيرو، وزار كل الدول الخمسين التي تعمل فيها رهبنته (الآوغسطينيون).
وكان البابا الجديد في نيروبي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبدأ مشاريع في معظم الدول الأفريقية التي تنشط فيها رهبنته.
ورغم أنه ليس أفريقياً، قد يكون البابا ليو الرابع عشر هو الشخصية التي رآها الكرادلة قادرة على فهم احتياجات الكاثوليك في أفريقيا والتواصل معهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 6 ساعات
- الوسط
"يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة"- الإندبندنت
Getty Images أدى تفاقُم الأوضاع الإنسانية في غزة إلى إعلان عدد من العواصم الغربية أخيراً عن رفضها لاستمرار تلك الأوضاع، وقد ترددت أصداء هذا الموقف الغربي في عدد من أعمدة الرأي العالمية، ونستعرض في جولة الصحف لهذا اليوم بعضاً من تلك الآراء. نستهل جولتنا من الإندبندنت البريطانية، والتي نشرت افتتاحية بعنوان: "أخيراً الغرب يتحدث بصوت عالٍ عن غزة- لكن لا يجب أن يتوقف الأمر عند ذلك". وقالت الصحيفة إنه "يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة، وإن الوقت قد حان للحديث بصوت عالٍ"؛ على أن يكون هذا الحديث مصحوباً بنشاط دبلوماسي قوي، مع التركيز على إقناع واشنطن بخطورة وأهوال ما يقع في القطاع الفلسطيني. ورأت الإندبندنت أن الأوضاع في غزة تُعطي دافعاً أخلاقياً وإنسانياً لإدارة ترامب لكي تتخذ موقفاً، كما تعطي أيضاً دافعاً سياسياً ودبلوماسياً قد يجده الرئيس الأمريكي والدائرة المحيطة به أكثر إقناعاً- وهو أن "تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تصُبّ في مصلحة أمريكا"، بحسب الصحيفة. وأوضحت الإندبندنت أن الحرب في غزة الآن يبدو أنها تستهدف تسوية القطاع بالأرض وإجبار أهله على النزوح منه، على نحو يستحيل معه تحقُّق طموح ترامب فيما يتعلق بتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام والاعتراف الرسمي بإسرائيل من قبل أصدقاء ترامب في دول الخليج، على حدّ تعبير الصحيفة. وقالت الإندبندنت إنه على الرغم من الصفقات المثمرة- العامة والخاصة- التي أبرمها ترامب في الخليج، فإن "المنطقة لن تنعم أبداً بالاستقرار ما لم تنتهِ الحرب في غزة". كما أن الاستثمارات الأمريكية في كل من السعودية والإمارات وقطر لن تكون آمنة، فضلاً عن أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مستحيلا، وفقاً للصحيفة. ونبّهت الإندبندنت إلى أن الرئيس ترامب أظهر قدرة على اتخاذ موقف مستقل إزاء الحوثيين في اليمن، وعلى صعيد العلاقات مع القيادة السورية الجديدة بل وحتى على الصعيد الإيراني- وكلها مواقف لا تروق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ "أما على صعيد غزة، فإن الرئيس الأمريكي لم يُحرّك ساكناً بعد"، على حدّ تعبير الصحيفة. وحذّرت الإندبندنت من أن المأساة في غزة قد تُسفر قريباً عن موجة من هجرة آلافٍ عديدة من الفلسطينيين إلى الغرب بحثاً عن حياة جديدة- فيما يُعتبر دافعاً آخر ومُبرّراً قوياً لإنهاء الحرب في غزة فوراً. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى تدابير أخرى يمكن أن يتّخذها المجتمع الدولي في هذا الصدد- ومنها "الحدّ من تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة"، وهناك أيضاً، "مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية" والتي يمكن أن تُطرَح أكثر للنقاش المفتوح، في إطار حلّ الدولتين، وفقاً للإندبندنت التي أشارت كذلك إلى خيار الضغوط الاقتصادية على حكومة نتنياهو. ورأت الصحيفة أنه سيكون مفيداً في هذا الصدد، أن يكسِب الساسة البريطانيون ونظراؤهم حول العالم، الجدال مع نتنياهو بشأن الحرب في غزة- بالإشارة إلى أنه "لم ينجح في إطلاق سراح الرهائن بسرعة؛ ولم يكسر حركة حماس ولا هو أنهى تماماً تهديد الهجمات الإرهابية؛ وأنه (نتنياهو) ربما نجح في التخلّص من عدد من قيادات حماس، لكن ذلك لم يأتِ نتيجة للقصف العشوائي وإنما نتيجة لسياسة الاغتيالات". "وليقُل الساسة البريطانيون لنتنياهو إن حربه في غزة لم تتسبب فقط في كارثة إنسانية مستمرة، وإنما فشلت في تحقيق أهدافها المُعلَنة؛ كما تركت هذه الحرب الشعب الإسرائيلي أقلّ أماناً مما كان عليه قبلها- وهذا في حدّ ذاته ينبغي أن يكون أكبر تُهمة توجّه إلى نتنياهو"، وفقاً للصحيفة البريطانية. "أقلّ ما يمكن فِعلُه في سبيل تحقيق السلام" AFP وننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية والتي نشرت افتتاحية بعنوان "المساعدات الإنسانية تعود إلى غزة- وحماس". وقالت الصحيفة إن "إسرائيل أعادت تدفُّق المساعدات إلى غزة يوم الاثنين رغم إدراكها الكامل بأن الكثير من هذه المساعدات ستسرقه حركة حماس، وبأن بعض الإمدادات ستُباع مُجدداً للناس، بما يموّل المجهود الحربي لحماس ويساعدها في البقاء في حُكم القطاع". ونوّهت وول ستريت جورنال إلى أن إسرائيل كانت قد سهّلت دخول 25 ألف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات الإنسانية أثناء الهدنة التي انتهت في 18 مارس/آذار، وأنها كانت واثقة أن غزة لديها إمدادات تكفيها لمدة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أشهر، لكن بعد أن "سرقت حماس المساعدات"، ظهر نقص الإمدادات بشكل واضح بعد ثلاثة أشهر فقط، وفقاً للصحيفة الأمريكية. "فماذا كان للعالم أن يفعل- هل يضغط على حماس لإعادة ما سرقته؟ أم يضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المزيد لحماس لكي تسرقه؟ الإجابة دائما تأتي باختيار الشق الثاني من السؤال، رغم ما يعنيه ذلك من إطالة زمن الحرب"، بحسب الصحيفة. ورأت وول ستريت جورنال أنه "ينبغي أن يكون من مصلحة الجميع ألّا تصل المساعدات إلى أيادي حماس"، قائلة إن "التوقف عن تزويد الإرهابيين بالإمدادات هو أقل ما يمكن للمنظمات الحقوقية أن تفعله في سبيل تحقيق هدف السلام"، وفقاً للصحيفة الأمريكية. غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية" Reuters عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان. ونختتم جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وافتتاحية بعنوان "الحقيقة المزعجة هي أن يائير غولان مُحقّ بشأن ما أصبحت عليه إسرائيل". وقالت هآرتس إن عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية". ورأت الصحيفة أن "هذا هو التفسير الأكثر دقّة للهجوم الذي يتعرض له غولان من كل الطيف السياسي الإسرائيلي تقريباً- من أقصى اليمين إلى الوسط المعتدل، بعد أنْ أدلى بتصريحاته يوم الثلاثاء". ونقلت هآرتس بعضاً مما قاله غولان من أن "إسرائيل على الطريق لكي تصبح دولة منبوذة، على نحو ما كانت عليه جنوب أفريقيا ذات يوم، إذا هي لم تعُد وتتصرف كدولة عاقلة.. وإن الدول العاقلة لا تشنّ حرباً ضد مدنيين، ولا تقتل أطفالاً رُضّع كهواية ولا تضع لنفسها أهدافاً من قبيل طرد الشعوب". وأكدت هآرتس أن الحقيقة التي انطوت عليها هذه التصريحات هي بالضبط السبب وراء الهجوم الشامل الذي تعرض له صاحبها- غولان. ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو، الذي يعرف الجميع علاقته بهذه الحقيقة التي نطق بها غولان، اتّهم الأخير بالـ "تحريض ضد الجنود الإسرائيليين وضد دولة إسرائيل". كما حذّر وزير الخارجية جدعون ساعر من أن تصريحات غولان من شأنها أن "تغذّي نيران معادات السامية". أيضاً، وزير الدفاع يسرائيل كاتس وصف تصريحات غولان بأنها "افتراء دموي وضيع"، مطالباً بإقصاء صاحب هذه التصريحات من الحياة العامة. ووزير الاتصالات شلومو كرعي هو الآخر اتهم النائب يائير غولان بأنه "إرهابي"، وفق الصحيفة. ولفتت هآرتس إلى وصول هيستريا الهجوم على غولان إلى خطوط المعارضة؛ فاتهم أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا غولان بالإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي. وقال زعيم حزب الوحدة الوطنية بِيني غانتس إن تصريحات غولان "تضع حرية الجنود الإسرائيليين في خطر". كما سارع زعيم حزب هناك مستقبل، يائير لابيد إلى الإعلان عن أن "القول إن الجنود الإسرائيليين يقتلون الأطفال الرُضّع كهواية هو خطأ وهديّة لأعداء إسرائيل". ونبّهت هآرتس إلى أن "الةقل التي تناضل من أجل إنهاء الحرب تخضع للاضطهاد ولتكميم الأفواه"، مشيرة إلى أن تسعة ناشطين أُلقي القبض عليهم هذا الأسبوع لأنهم تظاهروا احتجاجاً على استمرار الحرب. وطالبت الصحيفة بإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين على الفور، قائلة إن "الطريق الوحيد للدفاع عن الحق هو: الانضمام لهؤلاء الذين تجرّأوا ونطقوا به؛ والدعوة إلى إنهاء الحرب والقتل؛ وإلى إطلاق سراح الرهائن".


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
حرب غزة: هل هناك بوادر شقاق بين إسرائيل والدول الغربية الحليفة لها؟
Getty Images في تطور جديد بشأن الموقف الدولي بخصوص حرب غزة، علقت المملكة المتحدة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة يوم الثلاثاء 20 مايو/ أيار. وفي حديثه أمام مجلس العموم، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "لقد علّقنا المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة. سنراجع التعاون معها بموجب خارطة الطريق الثنائية 2030، وإنّ "تصرفات حكومة نتنياهو جعلت هذا الأمر ضرورياً". كما أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، استدعاء سفيرة إسرائيل تسيبي حوتوفلي في البلاد على خلفية توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأشارت إلى أنه "من غير الممكن إحراز تقدم في المناقشات بخصوص اتفاقية تجارة حرة جديدة ومحدثة مع حكومة نتنياهو التي "تنتهج سياسات فظيعة في الضفة الغربية وغزة". وأكد لامي أن أسلوب إدارة الحرب في غزة يضر بالعلاقات مع حكومة إسرائيل. في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضها الشديد لقرار الحكومة البريطانية تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين وفرض عقوبات على عدد من سكان المستوطنات في الضفة الغربية. وقالت الوزارة في بيان رسمي إن "المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة لم تشهد أي تقدم يُذكر في الفترة الأخيرة بسبب عدم تجاوب الحكومة البريطانية، رغم أن الاتفاق كان من شأنه أن يعود بالنفع المتبادل على كلا الطرفين". وأضاف البيان: "إذا كانت الحكومة البريطانية، بدافع مواقف معادية لإسرائيل واعتبارات سياسية داخلية، مستعدة للإضرار بمصالحها الاقتصادية، فهذا قرار تتحمّل مسؤوليته بنفسها". واعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن "فرض العقوبات على سكان يهودا والسامرة (الضفة الغربية) خطوة غير مبررة ومؤسفة، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية". واختتم البيان بالتشديد على أن "الانتداب البريطاني انتهى قبل 77 عاماً، وأن أي ضغوط خارجية لن تثني إسرائيل عن الدفاع عن وجودها وأمن مواطنيها في مواجهة التهديدات المستمرة". كان قادة كل من بريطانيا وفرنسا وكندا هددوا يوم الاثنين 19 مايو/ أيار باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية على قطاع غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية. وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية أن "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي". وجاء في البيان أنه "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الجديد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، سنتخذ إجراءات ملموسة أخرى ردا على ذلك". وقال القادة الثلاثة في البيان المشترك "دعمنا دوما حق إسرائيل في الدفاع عن الإسرائيليين ضد الإرهاب. لكن هذا التصعيد غير متناسب على الإطلاق". وأضافوا أنهم لن يقفوا متفرجين بينما تواصل حكومة نتنياهو "هذه الأعمال الفظيعة". وعبروا أيضا عن دعمهم للجهود التي تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وقالوا إنهم ملتزمون بالاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في تحقيق حل الدولتين. وفيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية، قالت الدول الثلاث إنها "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية… ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف". يأتي تحرك الدول الثلاث بعد إعلان نتنياهو أن إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة بأكمله وبعد يومين من بدء الجيش الإسرائيلي عملية جديدة في القطاع. كما يأتي أيضا بعد تحذيرات دولية من نذر مجاعة تلوح بالفعل في قطاع غزة بسبب استمرار إسرائيل منع دخول المساعدات إليه. نتنياهو يرد Getty Images وفي رده على بيان الدول الثلاث قال نتنياهو إن "القادة في لندن وأوتاوا وباريس يعرضون جائزة ضخمة للهجوم على إسرائيل بهدف الإبادة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ويدعون إلى المزيد من هذه الفظائع". وأضاف نتنياهو أن إسرائيل ستدافع عن نفسها بالوسائل العادلة حتى تحقيق النصر الكامل، مؤكدا شروط إسرائيل لإنهاء الحرب والتي تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين ونزع السلاح من قطاع غزة. كانت إسرائيل منعت دخول الإمدادات الطبية والغذائية والوقود إلى غزة منذ بداية شهر مارس/ آذار في محاولة للضغط على حركة حماس لتحرير الرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عندما قادت الحركة هجوما على بلدات في جنوب إسرائيل. يأتي هذا في وقت أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغت إسرائيل بأنها ستتخلى عنها إذا لم تُنه حرب غزة. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على المناقشات قوله، شرط عدم الكشف عن هويته، إن فريق ترامب أبلغ إسرائيل أنه "سنتخلّى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب". في المقابل ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، نفى هذا الادعاء، قائلاً لموقع واي نت الإخباري: "تقاريرهم هراء. عليهم أن يستمعوا إلى ما يقوله الرئيس لا إلى ما يدّعيه مصدرغير مطلع". وأضاف مسؤول أمريكي كبير لموقع "تايمز أوف إسرائيل" أنه على الرغم من احتمال وجود خلافات بين إدارة ترامب وإسرائيل، فإن "فكرة التخلي عن إسرائيل سخيفة". استمرار المأساة الإنسانية Getty Images في غضون ذلك، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثية، توم فليتشر، من أنّ حوالي 14 ألف رضيع قد يموتون في غزة في غضون الـ 48 ساعة المقبلة إذا لم يحصلوا على مساعدات إغاثية. وكان المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لايركه، أعلن أن المنظمة الدولية حصلت من إسرائيل على إذن بإدخال "نحو 100 شاحنة" مساعدات إلى قطاع غزة، لكنه لم يحدد موعدا لدخولها. وسمحت إسرائيل بدخول 9 شاحنات تحمل مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة يوم الاثنين، وهو ما وصفه مسؤول الشؤون الإنسانية بالمنظمة الدولية بأنه "قطرة في محيط" بعد 11 أسبوعا من الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل. من جانبه قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إن 5 شاحنات تابعة للأمم المتحدة تحمل مساعدات إنسانية من بينها أغذية للأطفال سُمح لها بدخول قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم. وقال نتنياهو يوم الاثنين إن على إسرائيل تفادي حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية". وأضاف نتنياهو، في مقطع مصور نشر على قناته على منصة تلغرام، "يجب ألا نسمح للسكان (في غزة) بالانزلاق نحو المجاعة، وذلك لأسباب عملية ودبلوماسية على السواء"، مشيراً إلى أن حتى الداعمين لإسرائيل لن يكونوا متسامحين مع "مشاهد المجاعة الجماعية". برأيكم لماذا جاء الموقف الجديد للدول الثلاث في هذا التوقيت؟ هل هناك تنسيق أوروبي أمريكي ما لزيادة الضغط على نتنياهو؟ إلى أي مدى ستنجح الضغوط الأوروبية والأمريكية في إنهاء الأزمة الإنسانية والحرب في غزة؟ هل بدأ حلفاء إسرائيل النأي بأنفسهم عنها بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 21 مايو/ أيار. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني
ALIREZA/AFP via Getty Images مراسم تشييع إبراهيم رئيسي صعد إبراهيم رئيسي سريعاً في هيكل السلطة في إيران، لكن رئاسته انتهت فجأةً، بحادث تحطم مروحية، لم يُسهم تفسيره الرسمي - المتعلق بالطقس - في تهدئة أمة غارقة في الشكوك. في 19 مايو/أيار 2024، توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، بالقرب من الحدود مع أذربيجان. كما قُتل في الحادث أيضا وزير الخارجية آنذاك، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من كبار المسؤولين. بعد عام، لا يزال التفسير الرسمي - أن سوء الأحوال الجوية تسبب في اصطدام الطائرة بجبل - موضع تساؤل واسع النطاق داخل إيران، حيث يسود انعدام ثقة الجمهور في روايات الحكومة. التقارير الرسمية والتناقضات Getty Images فريق الإنقاذ بجوار حطام المروحية التي كانت تقل إبراهيم رئيسي أصدر الجيش الإيراني ثلاثة تقارير تستبعد التخريب أو الاغتيال. وأشار أحدثها إلى تراكم الضباب المتصاعد كسبب. مع ذلك، صرّح رئيس الأركان السابق في عهد رئيسي بأن الطقس كان صافيا، ويشير منتقدون إلى احتمال وجود أعطال فنية بالطائرة. بينما حاولت الدولة إغلاق القضية، تزايدت التكهنات العامة. ولم تؤدِّ الصور المحدودة والضبابية لحطام الطائرة إلا إلى تأجيج الشكوك. شكوك داخلية ورحلة مثيرة للجدل Getty Images جاء الحادث بعد تغيير في خطط سفر رئيسي. ووفقاً لـ مجتبى موسوي، الذي ترأس شقيقه فريق أمن رئيسي وتوفي في الحادث، فإن الرحلة إلى حدود أذربيجان لم تكن الوجهة الأصلية - وقد عارضتها وحدة الأمن بشدة. وقال إنه تم تقديم خطاب رسمي يعترض على الزيارة. رفض الجيش هذه التعليقات ووصفها بأنها محاولة "لزرع الشك"، لكن هذه الرواية اكتسبت زخماً، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية واجتماع رئيسي مع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، قبل وقت قصير من الحادث. شائعات التصفية السياسية Getty Images عُثر على حطام مروحية الرئيس الإيراني على سفح جبل ألمح سياسيون متشددون علناً إلى أن رئيسي ربما يكون قد قُتل عمداً. ادعى عضو البرلمان، حامد رسايي، أنه "أقُصي" لإزالة عقبة داخلية أمام التطورات الإقليمية. وذهب نائب آخر، وهو كامران غضنفري، إلى أبعد من ذلك، مدعياً وجود عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأذربيجان أسفرت عن مقتله - دون تقديم أدلة. تتزامن هذه الادعاءات مع أحداث إقليمية، بما في ذلك مقتل قادة من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني على يد إسرائيل. وقد نفى المسؤولون الإسرائيليون أي تورط في الحادث. في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع تظهر امرأة، عُرِّفت بأنها والدة رئيسي، في حالة من الضيق الشديد، وهي تقول: "أياً كان من قتلك، أرجو من الله أن يُقتل". لم يتسن التحقق من صحة الفيديو بشكل مستقل، ولكنه انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. غموض حول موقع التحطم كانت التقارير الإعلامية الإيرانية الأولية متناقضة. قال البعض إن رئيسي واصل رحلته براً، ووصف آخرون الحادث بأنه "هبوط اضطراري". وسرعان ما تحول السرد إلى حادث تحطم مميت، وبدأت حملة وطنية للدعاء. كان رئيسي على متن إحدى ثلاث طائرات هليكوبتر تحلّق في دوائر. أدلى المسؤولون بتصريحات متضاربة حول ترتيبات الموكب. استغرق تحديد موقع الحطام أكثر من 16 ساعة، على الرغم من مزاعم بأن أحد الركاب رد على اتصال عبر هاتف محمول بعد الحادث. أعلنت تركيا أن إحدى طائراتها المسيرة حددت الموقع، لكن بي بي سي الخدمة الفارسية وجدت أن الإحداثيات التي تمت مشاركتها غير دقيقة. بدلاً من ذلك، كانت مجموعة من سائقي الدراجات النارية عبر الطرق الوعرة أول من وصل إلى الموقع، وهي حقيقة لم تعترف بها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. جثث محترقة، وأمتعة غير محترقة Getty Images مراسم إحياء ذكرى إبراهيم رئيسي ورفاقه مع صورهم أمام الشموع أظهرت الصور المنشورة جثثاً متفحمة، إلا أن بعض المتعلقات والأمتعة بدت سليمة نسبياً. زعم أحد المشاركين في التأبين، وهو مؤيد للحكومة، أن جثمان رئيسي كان محترقاً بشدة لدرجة أنه تم إجراء "التيمم" للكفن، بدلاً من الغسل التقليدي. وبحسب ما ورد، لم يُسمح لزوجة الرئيس ووالدته برؤية الجثمان. صرح بعض المسؤولين لاحقاً بأنه لم يتم العثور على أجزاء من جثمان رئيسي، ما زاد من شكوك الرأي العام. إرث من انعدام الثقة لا يمكن فصل الشكوك المحيطة بوفاة رئيسي عن تاريخ إيران الطويل من السرية. من إسقاط طائرة أوكرانية عام 2020، إلى وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، إلى عقود سابقة من الاغتيالات السياسية، شهد الإيرانيون مراراً وتكراراً روايات رسمية لم تحل ألغاز تلك الأحداث. حتى لو كان حادث التحطم عرضياً بحتاً، فإن سجل الدولة أدى إلى عدم تصديق رواية الأجهزة الأمنية من قِبل مواطنيها. Getty Images قبل ساعات من وفاته، افتتح رئيسي سد "قيز قلعة سي" مع نظيره الأذربيجاني، إبراهيم علييف، على الحدود بين البلدين صعود رئيسي وأفوله السياسي كان رئيسي، رجل الدين ورئيس السلطة القضائية السابق، يُنظر إليه في السابق على أنه "خليفة محتمل" للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. بدعم من النخبة المحافظة في إيران، انتُخب عام 2021، مع وعوده بالإصلاح الاقتصادي والاستقرار السياسي. لكن رئاسته واجهت صعوبات. ارتفع التضخم بشكل حاد، وتعثرت دبلوماسيته الدولية، وأدت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إلى إضعاف إدارته بشكل أكبر. ووصف محللون من مختلف الأطياف السياسية حكومته بأنها غير فعالة. بحلول عام 2024، كان مستقبل رئيسي السياسي غامضاً. لقد أنهى موته فجأةً مشروعاً سعى إلى بناء جيل جديد من القيادة "الشبابية والثورية". نهاية مفتوحة Getty Images إبراهيم رئيسي في احتفال يوم الجيش قبل أسابيع قليلة من تحطم المروحية على الرغم من جهود الدولة لتصوير رئيسي على أنه "شهيد"، إلا أن ظروف وفاته زادت من سخرية الرأي العام. وبعد مرور عام على الحادث، لا تزال فكرة أن الرئيس الإيراني اختفى في سحابة، بالنسبة لكثير من الإيرانيين، غير معقولة لدرجة يصعب تقبلها.