logo
إغلاق بيوت الثقافة.. إفقار للوعي وتغذية للتطرف

إغلاق بيوت الثقافة.. إفقار للوعي وتغذية للتطرف

البوابةمنذ 3 أيام

في مشهد يعكس التناقض الصارخ بين الحاجة الملحة لنشر الثقافة وبين السياسات الرسمية التي تسير في الاتجاه المعاكس، جاء النقاش الساخن الذي أجرته الروائية والنائبة البرلمانية ضحى عاصي مع وزير الثقافة بشأن قرار إغلاق نحو 130 بيت ثقافة في أنحاء مصر. كما كتبت عبر صفحتها على الفيس بوك، وعلى الرغم من تأكيد الوزير على وجود "استراتيجية بديلة"، فإن ما يبدو واضحًا هو أن هذه الاستراتيجية تنطلق من منطق مركزي بيروقراطي لا يرى في الثقافة سوى فعالية موسمية داخل قصر كبير، لا في نبض الناس وحاجتهم اليومية للمعرفة والتنوير.
ثقافة الهامش أم ثقافة المركز؟
تبرير الوزير بأن بعض بيوت الثقافة "غير مؤهلة" أو "لا تصنع ثقافة" يحمل في طياته استخفافًا خطيرًا بدور الثقافة المحلية في بناء الوعي المجتمعي. فالبيوت الثقافية، خاصة في القرى والمراكز الصغيرة، لا تهدف فقط إلى تقديم عروض فنية أو ندوات، بل هي في جوهرها حوائط مقاومة للجهل، منصات لتصحيح المفاهيم، ومتنفسات لمحاصرة الأفكار الظلامية التي تتسلل في فراغات الغياب الرسمي.
عندما يُغلق بيت الثقافة، يفتح الباب أمام الشيخ المتشدد، ويفسح المجال لمنابر التحريض والفتاوى غير المنضبطة، ويُترك الشباب في مواجهة مباشرة مع خطاب الكراهية والانغلاق دون أي بديل معرفي.
الثقافة كأمن قومي
إن اختزال أزمة الثقافة في "ضعف الإمكانيات" أو "تضخم الموظفين" هو تجاهل لحقيقة أساسية: الثقافة ليست ترفًا، بل هي قضية أمن قومي. محاربة التطرف لا تكون فقط عبر الأجهزة الأمنية، بل عبر نشر الفكر المستنير، وتشجيع النقاش، وبناء الشخصية النقدية منذ الصغر.
كل بيت ثقافة يُغلق هو فرصة مهدورة لإنقاذ عقل من السقوط في هوة التطرف. كل جدار ثقافي يهدم هو جدار يُبنى داخل وعي شاب متحمس سيبحث عن هوية، وقد يجدها في السلاح بدل القلم.
المواطن ليس المسؤول
كلمات النائبة ضحى عاصي كانت في منتهى الوضوح: "المواطن ليس مسؤولًا عن إهمال الوزارة لهذه الأماكن، وليس مسؤولًا عن تضخم حجم الموظفين حتى يُحرم من الخدمة الثقافية". وهو موقف لا بد أن نثني عليه، لأنه يعيد النقاش إلى أساسه الصحيح: الوزارة وُجدت لخدمة الناس، لا العكس.
فبدلًا من إغلاق البيوت الثقافية، يجب ترميمها وتطويرها وربطها بالمجتمع المدني، واستثمار الطاقات الشبابية والفنية والأدبية فيها. حتى البيوت التي لا تعمل الآن يمكن أن تتحول إلى مراكز إشعاع معرفي، لو توفرت الإرادة الحقيقية لذلك.
الثقافة ليست رفاهية
في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وضغوط اجتماعية، قد يبدو الحديث عن الثقافة رفاهية، لكنه في الحقيقة أول الطريق نحو مجتمع أكثر تماسكًا. فالفكر المتطرف لا ينمو في بيئة مزدهرة بالكتب والمسرح والسينما، بل في عقول مغلقة تعيش على هامش الحياة.
وإذا كانت الدولة جادة في تجفيف منابع التطرف، فإن الحفاظ على بيوت الثقافة وتوسيعها هو رهان رابح على المستقبل.
السؤال الأهم
في ضوء هذا المشهد، يبقى السؤال الذي طرحته النائبة ضحى عاصي هو الأهم: "كيف ترى الثقافة يا معالي الوزير؟"
هل تراها عبئًا على الميزانية، أم طوق نجاة من الغرق في التطرف والانغلاق؟
هل تراها مقصورة على العواصم الكبرى، أم حقًا لكل مواطن في قرية أو نجع؟
الإجابة على هذا السؤال ليست فقط مسؤولية وزير الثقافة، بل مسؤولية دولة بأكملها تبحث عن الخلاص من فكر عنيف، لن يُهزم إلا بثقافة أقوى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إغلاق بيوت الثقافة.. إفقار للوعي وتغذية للتطرف
إغلاق بيوت الثقافة.. إفقار للوعي وتغذية للتطرف

البوابة

timeمنذ 3 أيام

  • البوابة

إغلاق بيوت الثقافة.. إفقار للوعي وتغذية للتطرف

في مشهد يعكس التناقض الصارخ بين الحاجة الملحة لنشر الثقافة وبين السياسات الرسمية التي تسير في الاتجاه المعاكس، جاء النقاش الساخن الذي أجرته الروائية والنائبة البرلمانية ضحى عاصي مع وزير الثقافة بشأن قرار إغلاق نحو 130 بيت ثقافة في أنحاء مصر. كما كتبت عبر صفحتها على الفيس بوك، وعلى الرغم من تأكيد الوزير على وجود "استراتيجية بديلة"، فإن ما يبدو واضحًا هو أن هذه الاستراتيجية تنطلق من منطق مركزي بيروقراطي لا يرى في الثقافة سوى فعالية موسمية داخل قصر كبير، لا في نبض الناس وحاجتهم اليومية للمعرفة والتنوير. ثقافة الهامش أم ثقافة المركز؟ تبرير الوزير بأن بعض بيوت الثقافة "غير مؤهلة" أو "لا تصنع ثقافة" يحمل في طياته استخفافًا خطيرًا بدور الثقافة المحلية في بناء الوعي المجتمعي. فالبيوت الثقافية، خاصة في القرى والمراكز الصغيرة، لا تهدف فقط إلى تقديم عروض فنية أو ندوات، بل هي في جوهرها حوائط مقاومة للجهل، منصات لتصحيح المفاهيم، ومتنفسات لمحاصرة الأفكار الظلامية التي تتسلل في فراغات الغياب الرسمي. عندما يُغلق بيت الثقافة، يفتح الباب أمام الشيخ المتشدد، ويفسح المجال لمنابر التحريض والفتاوى غير المنضبطة، ويُترك الشباب في مواجهة مباشرة مع خطاب الكراهية والانغلاق دون أي بديل معرفي. الثقافة كأمن قومي إن اختزال أزمة الثقافة في "ضعف الإمكانيات" أو "تضخم الموظفين" هو تجاهل لحقيقة أساسية: الثقافة ليست ترفًا، بل هي قضية أمن قومي. محاربة التطرف لا تكون فقط عبر الأجهزة الأمنية، بل عبر نشر الفكر المستنير، وتشجيع النقاش، وبناء الشخصية النقدية منذ الصغر. كل بيت ثقافة يُغلق هو فرصة مهدورة لإنقاذ عقل من السقوط في هوة التطرف. كل جدار ثقافي يهدم هو جدار يُبنى داخل وعي شاب متحمس سيبحث عن هوية، وقد يجدها في السلاح بدل القلم. المواطن ليس المسؤول كلمات النائبة ضحى عاصي كانت في منتهى الوضوح: "المواطن ليس مسؤولًا عن إهمال الوزارة لهذه الأماكن، وليس مسؤولًا عن تضخم حجم الموظفين حتى يُحرم من الخدمة الثقافية". وهو موقف لا بد أن نثني عليه، لأنه يعيد النقاش إلى أساسه الصحيح: الوزارة وُجدت لخدمة الناس، لا العكس. فبدلًا من إغلاق البيوت الثقافية، يجب ترميمها وتطويرها وربطها بالمجتمع المدني، واستثمار الطاقات الشبابية والفنية والأدبية فيها. حتى البيوت التي لا تعمل الآن يمكن أن تتحول إلى مراكز إشعاع معرفي، لو توفرت الإرادة الحقيقية لذلك. الثقافة ليست رفاهية في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وضغوط اجتماعية، قد يبدو الحديث عن الثقافة رفاهية، لكنه في الحقيقة أول الطريق نحو مجتمع أكثر تماسكًا. فالفكر المتطرف لا ينمو في بيئة مزدهرة بالكتب والمسرح والسينما، بل في عقول مغلقة تعيش على هامش الحياة. وإذا كانت الدولة جادة في تجفيف منابع التطرف، فإن الحفاظ على بيوت الثقافة وتوسيعها هو رهان رابح على المستقبل. السؤال الأهم في ضوء هذا المشهد، يبقى السؤال الذي طرحته النائبة ضحى عاصي هو الأهم: "كيف ترى الثقافة يا معالي الوزير؟" هل تراها عبئًا على الميزانية، أم طوق نجاة من الغرق في التطرف والانغلاق؟ هل تراها مقصورة على العواصم الكبرى، أم حقًا لكل مواطن في قرية أو نجع؟ الإجابة على هذا السؤال ليست فقط مسؤولية وزير الثقافة، بل مسؤولية دولة بأكملها تبحث عن الخلاص من فكر عنيف، لن يُهزم إلا بثقافة أقوى.

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تهنئ الفاتيكان بانتخاب البابا الجديد
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تهنئ الفاتيكان بانتخاب البابا الجديد

البوابة

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • البوابة

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تهنئ الفاتيكان بانتخاب البابا الجديد

هنأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب الكاردينال روبرت فرانسيس البابا الـ٢٦٧ للڤاتيكان، وجاء ذلك خلال برقية تهنئة نشرتها الكنيسة عبر صفحتها الرسمية على الفيس بوك. بيان الكنيسة جاء النص كالأتي: تهنئ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ومجمعها المقدس، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، الكنيسة الكاثوليكية في كل أنحاء العالم، من إكليروس وشعب، بانتخاب سيادة الكاردينال روبرت فرانسيس البابا ال ٢٦٧ للڤاتيكان والرئيس الأعلى للكنيسة الكاثوليكية، قداسة البابا ليو الرابع عشر. نصلي من أجل أن يعطيه الرب نعمة وحكمة في قيادة الكنيسة الكاثوليكية، وأن يعينه على المهام الجسام المطلوبة من الجالس على كرسي روما الرسولي، والشهادة للمسيح في كل مكان، وترسيخ القيم الإيمانية والمبادئ المسيحية الحقة.

برلمانية: تحرير العلاقة الإيجارية يتسبب في إشكالية كبيرة للمستأجرين
برلمانية: تحرير العلاقة الإيجارية يتسبب في إشكالية كبيرة للمستأجرين

البوابة

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • البوابة

برلمانية: تحرير العلاقة الإيجارية يتسبب في إشكالية كبيرة للمستأجرين

طالبت النائبة ضحى عاصي، عضو مجلس النواب، أن يكون هناك حد أقصى لزيادة الإيجار بمشروع تعديل قانون الإيجار القديم، مشيرة إلى أن هناك بعض الحالات في حال الزيادة 20 مثلا يصل لنحو 8 آلاف جنيه. وأشارت خلال اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب، أثناء مناقشة مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، إلى أن تحرير العلاقة الإيجارية يتسبب في إشكالية كبيرة لدى المستأجرين. وأوضحت عضو مجلس النواب، أن بعض التعديلات قد تتسبب في أزم حقيقية. ضمان السلام الاجتماعي لنحو ٦ ملايين شخص من جانبه أكد النائب فريدي البياضي، عضو مجلس النواب، أهمية أن يراعي مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، ضمان السلام الاجتماعي لنحو ٦ ملايين شخص. وأشار إلى أن مشروع التعديل المقدم من الحكومة، فيه ظلم للمالك والمستأجر، لاسيما وأن فيه كذلك تسطيح للأمور مثل ما يتعلق بالقيمة. فترة انتقالية في زيادة الأجرة وشدد عضو مجلس النواب، على ضرورة أن يكون هناك فترة انتقالية في زيادة الأجرة، على أن يكون المرجع في رفع القيمة الإيجارية معدل التضخم الذي يعلنه البنك المركزي. ورفض النائب، تحرير العلاقة الإيجارية، مقترح عمل صندوق حكومي يوفر أموال للمستأجرين لدفع إيجار الشقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store