logo
نقاط توزيع المساعدات... هل أضحت «مصيدة» للغزيين؟

نقاط توزيع المساعدات... هل أضحت «مصيدة» للغزيين؟

الشرق الأوسطمنذ 3 ساعات

بعد حصار مشدد فرضته الحكومة الإسرائيلية، طيلة أشهر على قطاع غزة، يتهافت أهلها بطبيعة الحال على نقاط توزيع المساعدات الغذائية أملاً في الحصول على القليل مما يمكن أن يسد رمقهم وعائلاتهم؛ غير أن الأمر أضحى وكأنه «مصيدة» لمن يقترب.
فعلى نحو يومي - أو يكاد - يسقط عشرات الضحايا من أهل القطاع بين قتيل وجريح نتيجة هجمات إسرائيلية إما عند نقاط توزيع المساعدات التي خصصتها «مؤسسة غزة الإنسانية» الأميركية، المدعومة إسرائيلياً، أو قرب أماكن دخول شاحنات المساعدات عبر بعض المنافذ التي خُصصت لذلك، مثل زيكيم شمال القطاع، وكيسوفيم ما بين الوسط والجنوب، ومعبر كرم أبو سالم جنوباً.
مصابون في ضربة إسرائيلية وقعت بينما كانوا ينتظرون مساعدات غذائية في خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم الثلاثاء (رويترز)
في حصيلة غير نهائية لأعداد الضحايا الذين كانوا ينتظرون المساعدات، الثلاثاء، لقي ما لا يقل عن 67 فلسطينياً حتفهم، من بينهم أكثر من 55 في خان يونس، بعد قصف منطقة التحلية في أعقاب تجمع المئات لمحاولة الوصول لشاحنات المساعدات في تلك المنطقة.
وتسبب القصف المدفعي والجوي من طائرات مُسيرة على المواطنين بإصابة أكثر من 200 آخرين، بينهم 25 حالتهم خطيرة، ومعرضون للموت مع نقص الإمكانات الطبية الحاد.
ومنذ بدأت عملية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة نهاية مايو (أيار) الماضي، قُتل نحو 400 فلسطيني تقريباً عند مراكز التوزيع أو قرب نقاط مرور شاحنات المساعدات، استناداً لإحصاءات وزارة الصحة بالقطاع.
تقول مصادر ميدانية ومحلية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «تعمداً واضحاً» لاستهداف المواطنين الذين ينتظرون المساعدات بفارغ الصبر على أمل الوصول إليها وسد رمق أطفالهم.
فلسطينيون متجمعون للحصول على مساعدات غذائية في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
وتضيف أن المؤسسة الأميركية تحدد ساعة معينة لافتتاح نقاط التوزيع، تكون في الغالب في السادسة صباحاً، ويخرج السكان ليقضوا ليلهم في أماكن قريبة حتى يكونوا هناك في الموعد المحدد، خصوصاً وأن كثيرين يقطعون أشواطاً طويلة سيراً على الأقدام في رحلة منهكة لا يجدون بديلاً عنها؛ لكنهم يفاجأون بفتح نقاط التوزيع الساعة الثانية أو الثالثة قبل الفجر أحياناً، وفي أحيان أخرى يتأخر التوزيع إلى الظهر.
وتشير المصادر إلى أن هذا يدفع السكان للاحتشاد خلال ساعات النهار المختلفة، الأمر الذي يسمح للقوات الإسرائيلية باستهدافهم بحجة عدم التزامهم بالتعليمات، أو «بحجج واهية».
وتقول إن هذه العملية، التي تفتقر لآلية واضحة ونظام جليّ يحدد طريقة التوزيع، تُجبر السكان على التهافت بغية الوصول باكراً إلى نقاط التوزيع، ما يجعلهم «لقمة سائغة» أمام فوهات الاستهداف بطرق مختلفة، منها القصف المدفعي، ومنها إطلاق النار من الطائرات المسيرة.
في العديد من الحالات، لا يعلق الجيش الإسرائيلي على تلك الأحداث، لكنه أقر بأن قواته قتلت يوم السبت الماضي 12 فلسطينياً على طريق صلاح الدين، وأصابت عدداً آخر بعد اقترابهم من شاحنات مساعدات الأمم المتحدة، مدعياً أنهم وصلوا لمكان غير مخصص لتوزيع المساعدات، وأن الجنود شعروا بالخطر ففتحوا النار. وقال إنه يجري التحقيق في الحادث.
فلسطينيون يتلقون رعاية طبية بسيطة هي المتاحة بمستشفى ناصر في خان يونس بعد إصابتهم بنيران إسرائيلية قرب مركز لتوزيع الغذاء (أ.ف.ب)
عقب أحداث الثلاثاء الدامية، قال الجيش إنه رصد تجمعاً لسكان غزة بالقرب من شاحنة مساعدات علقت في منطقة خان يونس، وبالقرب من مكان انتشار قواته، ما تسبب بسقوط قتلى ومصابين عقب اقتراب الحشود من تلك القوات. وقال إن التفاصيل قيد التحقيق، وعبَّر عن أسفه لأي أذى لحق بأشخاص «غير متورطين»، كما نقلت صحيفة «هآرتس».
ووفقاً لمؤسسات أممية ودولية، منها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وغيرها، فإن مواصلة إدخال المساعدات بهذا الشكل تزيد من فرص استمرار الفوضى وعدم التوزيع العادل، مؤكدةً على ضرورة إدخال المساعدات بشكل منتظم ومنظَّم، يسمح بتأمينها وتوزيعها على جميع سكان القطاع.
وكثيراً ما تتهم حركة «حماس»، إسرائيل، بتعمد ارتكاب «المجازر» بحق منتظري المساعدات و«المجوَّعين» في غزة، على حد وصفها، وتقول إنها تحاول فرض وقائع جديدة بدعم عصابات مسلحة للسيطرة على المساعدات وإحداث فوضى في القطاع، وتجويع السكان، وقتلهم من خلال تحويل نقاط التوزيع إلى «مصيدة».
فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)
وتقول «حماس» وفصائل أخرى وجهات حقوقية وأممية ودولية إن آلية توزيع المساعدات الإنسانية الحالية أثبتت «فشلاً ذريعاً»، أشبه «بفشل» الميناء العائم الذي كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وضعته جنوب مدينة غزة.
ووفقاً لمصادر محلية متطابقة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تجري اتصالات بين جهات محلية، منها عشائر وغيرها، مع منظمات أممية، مثل برنامج الأغذية العالمي ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أجل وضع آلية تسمح بإدخال المساعدات على النحو الذي كان متَّبعاً خلال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) الماضي، وبما يسمح بتأمينها وتوزيعها ودخول بضائع للقطاع الخاص.
وأشارت المصادر إلى احتمال التوصل لاتفاق واضح المعالم بهذا الشأن، قد يدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، في حال التوافق مع إسرائيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

" أبو الغيط " يدعو للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن نهب مُقدرات الشعب الفلسطيني
" أبو الغيط " يدعو للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن نهب مُقدرات الشعب الفلسطيني

صحيفة سبق

timeمنذ 31 دقائق

  • صحيفة سبق

" أبو الغيط " يدعو للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن نهب مُقدرات الشعب الفلسطيني

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن النهب المستمر لمُقدرات الشعب الفلسطيني، الذي يهدف لتقويض السلطة الفلسطينية ووضع العراقيل في طريق الاستقلال. جاء ذلك خلال استقبال أبو الغيط، مندوب دولة فلسطين لدى الجامعة السفير مهند العلكوك، الذي سلّمه رسالة من رئيس وزراء فلسطين ووزير خارجيتها الدكتور محمد مصطفى، وذلك بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة اليوم. وقال أبو الغيط في بيان له: "إن رسالة رئيس الوزراء الفلسطيني تناول فيها الأزمة المالية الخانقة التي تُعاني منها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني جراء ما تقوم به سلطات الاحتلال من سرقةٍ لأكثر من ثُلثي أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية، التي تقوم بجمعها من خلال ما يُعرف بنظام المقاصة". وشدد على أن الوقوف إلى جانب السلطة الفلسطينية في هذه الظروف الصعبة هو فرضٌ واجب على كل طرفٍ قادر على الإسهام، عادًا أن تعزيز قدرة السلطة في مواجهة مساعي الاحتلال المكشوفة لتقويضها يُعد سبيلًا أساسيًا لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، ويُمثل أسلوبًا عمليًا لإسناد الشعب الفلسطيني ودعم صموده البطولي.

الأمين العام للجامعة العربية يدعو المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال الإسرائيلي
الأمين العام للجامعة العربية يدعو المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال الإسرائيلي

الرياض

timeمنذ 32 دقائق

  • الرياض

الأمين العام للجامعة العربية يدعو المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال الإسرائيلي

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للتوقف عن النهب المستمر لمُقدرات الشعب الفلسطيني، الذي يهدف لتقويض السلطة الفلسطينية ووضع العراقيل في طريق الاستقلال. جاء ذلك خلال استقبال أبو الغيط، مندوب دولة فلسطين لدى الجامعة السفير مهند العلكوك، الذي سلّمه رسالة من رئيس وزراء فلسطين ووزير خارجيتها الدكتور محمد مصطفى، وذلك بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة اليوم. وقال أبو الغيط في بيان له: "إن رسالة رئيس الوزراء الفلسطيني تناول فيها الأزمة المالية الخانقة التي تُعاني منها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني جراء ما تقوم به سلطات الاحتلال من سرقةٍ لأكثر من ثُلثي أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية، التي تقوم بجمعها من خلال ما يُعرف بنظام المقاصة". وشدد على أن الوقوف إلى جانب السلطة الفلسطينية في هذه الظروف الصعبة هو فرضٌ واجب على كل طرفٍ قادر على الإسهام، عادًا أن تعزيز قدرة السلطة في مواجهة مساعي الاحتلال المكشوفة لتقويضها يُعد سبيلًا أساسيًا لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، ويُمثل أسلوبًا عمليًا لإسناد الشعب الفلسطيني ودعم صموده البطولي.

هل يكفي أن تقود السوق مستقبل الابتعاث؟
هل يكفي أن تقود السوق مستقبل الابتعاث؟

الاقتصادية

timeمنذ 43 دقائق

  • الاقتصادية

هل يكفي أن تقود السوق مستقبل الابتعاث؟

مع تسارع التحولات في الاقتصاد العالمي، أعادت عديد من الدول النظر في سياساتها التعليمية، خصوصًا ما يتعلق بتوجيه برامج الابتعاث. في هذا السياق، يبرز توجه متزايد نحو ربط مسارات الابتعاث بما يُعرف بـ "الاحتياج الفعلي في القطاع الخاص"، وهو توجه يستند إلى منطق عملي يسعى إلى تقليل الفجوة بين التعليم والتوظيف. غير أن هذا الربط، على وجاهته من حيث الكفاءة، يطرح تساؤلات إستراتيجية أعمق حول دور الدولة في توجيه المعرفة، وحول مدى نضج السوق ذاته في قيادة الأولويات المستقبلية . بطبيعة الحال، يُعد القطاع الخاص شريكًا أساسيًا في النمو وتوليد الفرص، لكن أولوياته غالبًا ما تتركز على المدى القصير، وتُبنى على ديناميكيات السوق اللحظية. في المقابل، تضطلع الدولة بمسؤوليات أوسع وأطول مدى، تشمل بناء القدرات الوطنية، والاستثمار في الكفاءات التي لا تُقاس بعائد مباشر، وتهيئة الأرضية لقطاعات لم تنضج بعد، لكنها تحمل فرصًا تنموية طويلة الأجل . أحد الإشكالات التي تبرز عند الاعتماد الكامل على السوق لتوجيه الابتعاث، هو أن بعض القطاعات الواعدة قد تكون ببساطة غير جاهزة بعد لاستيعاب الكفاءات التي تحتاجها الدولة. هذا لا يعني غياب الحاجة، بل غياب البيئة المؤسسية التي تُدرك هذه الحاجة أو تستطيع التعبير عنها. وبالتالي، فإن ترك الابتعاث لما "تطلبه السوق" فقط قد يؤدي إلى تعطيل مبكر لبناء منظومات مستقبلية ، في الوقت الذي يُفترض أن يكون الابتعاث أداة استباقية لا استجابية . تتجلى هذه الإشكالية بوضوح في قطاعات مثل الرياضة. فرغم ما أصبحت تمثله الرياضة من أهمية اقتصادية واجتماعية وثقافية، إلا أن ما تطلبه السوق فيها غالبًا ما ينحصر في وظائف تشغيلية مباشرة. في المقابل، فإن النهوض بهذا القطاع يتطلب بناء كفاءات في مجالات مثل السياسات الرياضية، الحوكمة، التشريعات الدولية، الاقتصاد الرياضي، وإدارة حقوق البث والرعاية، وهي مجالات لا تعبّر عنها السوق اليوم بالطلب، إما لغياب النضج المؤسسي أو لقصور التصور حول وظائف الرياضة في الاقتصاد والمجتمع . هذه الفجوة بين ما تطلبه الأسواق وما تحتاجه الدولة لبناء المستقبل ليست حكرًا على قطاع الرياضة، بل تنطبق أيضًا على قطاعات مثل الثقافة، البحث العلمي، الذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الإبداعي، والتخطيط الحضري. ما يجمع هذه القطاعات هو أنها تتطلب استثمارًا معرفيًا طويل الأمد، غالبًا ما يبدأ قبل أن تكون البنية السوقية جاهزة لاستيعابه. وهنا، يبرز دور الدولة في المبادأة، لا المتابعة . تؤكد التجارب الدولية على أهمية هذا الدور الاستباقي للدولة. فسنغافورة، مثلًا، لم تنتظر السوق لتُحدد لها التخصصات التي تحتاجها، بل ابتعثت في مجالات لم تكن مطلوبة في حينها، لبناء منظومة إدارية ومعرفية تقود التنمية. وفي الصين، تم الاستثمار في تخصصات ترتبط بإدارة الأحداث الكبرى والحوكمة الرياضية، كجزء من إستراتيجية طويلة المدى لبناء صورة دولية وإدارة فعالة للفعاليات. وفي دول مثل النرويج وفنلندا، دعمت الحكومات تخصصات معرفية وثقافية غير مدفوعة بالسوق، لكنها أساسية لبناء مجتمع متماسك وسيادة ثقافية قوية . ما نحتاج إليه هو موازنة واعية بين متطلبات السوق ورؤية الدولة. المواءمة مطلوبة، لكن لا ينبغي أن تتحول إلى خضوع كامل للطلب الآني، خصوصًا حين يكون هذا السوق نفسه في طور التشكُّل. فالابتعاث ليس مجرد أداة لتلبية وظائف، بل وسيلة لإعادة هندسة ما يُطلب أصلًا، عبر تمكين الأفراد والمؤسسات من تجاوز الحاضر، نحو ما هو أكثر اتساعًا وتأثيرًا . حين تُبنى سياسات الابتعاث فقط على ما تعبّر عنه السوق حاليًا، فإننا نخاطر بأن نُفوّت فرصًا إستراتيجية لا تظهر في مؤشرات التوظيف، لكنها حاسمة في بناء اقتصاد متنوع، ومجتمع معرفي، ودولة تقود التغيير بدل أن تُقاد به .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store