
18 عاماً من الانتظار... قصتا حاجّين مغربيين يحققان حلم العمر
في لحظة لم يتوقعاها، وبين مشاعر مختلطة من الذهول والفرح والخشوع، تقاطعت قصتا حاج وحاجة من المغرب، جمعتهما أمنية واحدة تأخرت سنوات، حتى كُتب لهما أداء فريضة الحج هذا العام. 18 عاماً من الانتظار، ومحاولة عابرة تحوّلت إلى دعوة ربانية، كانا يظنّان أن الطريق إليها لا يزال بعيداً، فإذا به يُفتح فجأة ويقودهما إلى مكة المكرمة، حيث تبدأ الحكاية.
روى الحاج المغربي لـ«الشرق الأوسط» كيف واظب على المشاركة في قرعة الحج طيلة 18 عاماً دون أن يفقد الأمل، حتى جاء الفرج. ورغم أن لحظة إعلان النتيجة لم يكن حاضراً فيها بنفسه، فإنها بقيت محفورة في ذاكرته، قائلاً: «كنت أرافق ابنتي المريضة إلى المستشفى، وذهب أخي بدلاً مني للاطلاع على نتيجة القرعة. وأثناء وجودي في المستشفى، اتصل بي قائلاً: مبروك عليك. سألته: لماذا؟ فأجابني: لأنك ستحج العام الحالي».
لم تكن لحظة عادية، بل شكّلت نقطة تحول غيّرت كل شيء، فتحت له الآفاق، وأنسته المرض، ودفعته لتحدي كل الصعاب. يقول: «تفاجأت، إنه أمر عجيب... أغلى ما يكون في العمر. لا إله إلا الله. بدأت بناتي بإطلاق الزغاريد، ومنذ تلك اللحظة وأنا أشعر بسعادة لا توصف، وأدعو الله أن يطيل عمري حتى أؤدي الحج، إن شاء الله».
وعن زيارته السابقة إلى مكة المكرمة لأداء العمرة عام 2017، قال: «لا يمكن أن أصف لك اللحظة التي رأيت فيها الكعبة. كنت دائماً أتابعها على شاشة التلفاز، وأتأملها والحنين يملأ وجداني. وحين رأيتها أمامي، أحسست كأنني طائر في السماء... لا أستطيع أن أعبّر لك عمّا شعرت به في تلك اللحظة».
الحاجة فاطمة من نية تسجيل أختها إلى أن أصبحت من ضيوف الرحمن (الشرق الأوسط)
أما الحاجة فاطمة سابق، وهي أستاذة لغة عربية، فوصفت تجربتها في الوصول إلى الحج بأنها قصة عجيبة، بدأت بمحاولة مساعدة شقيقتها في التسجيل، وانتهت باستجابة ربانية اختيرت فيها لتكون من ضيوف الرحمن هذا العام.
وتروي فاطمة التفاصيل قائلة: «طلبت مني إحدى أخواتي أن أسجّلها في قرعة الحج، وعندما دخلت إلى الموقع فوجئت بأن عملية التسجيل تمر بثلاث مراحل، فخشيت أن أرتكب خطأً يحرمها فرصة السفر. استخدمت بطاقتي الشخصية لأجرب العملية بنفسي، وفجأة وجدت اسمي ضمن المقبولين! واليوم أختي في مكة، وقد سبقتني في رحلة الأربعاء، وأنا في طريقي إلى اللحاق بها».
وتتابع بابتسامة تعلوها الدهشة: «ذهبت أختي وزوجها، وكأن الله كافأني على خوفي وحرصي ألا تُرفض مشاركتها في القرعة».
لكن لحظة الوداع لم تكن سهلة على فاطمة وعائلتها؛ فقد غادرت منزلها وسط أجواء امتزجت فيها الدموع بالفرح، حيث انهمر أبناؤها بالبكاء تأثراً بفراق والدتهم، رغم ما عُرفت به من حزم وصرامة في شخصيتها. حتى والدتها ذرفت دموعاً امتزجت فيها السعادة بالرهبة، فيما خيّمت مشاعر مماثلة على بقية أفراد العائلة، لا سيما حفيدتها الصغيرة، التي كان بكاؤها العفوي أكثر اللحظات وقعاً في قلب الحاجة المغربية.
مبادرة طريق مكة تسهل إجراءات الحجاج للدول المستفيدة (الشرق الأوسط)
وعند وصولها إلى طريق مكة، استُقبلت بحفاوة وابتسامات عكست دفء الترحيب السعودي بالحجاج. وفي لحظة عابرة تختصر مشاعر الدهشة والرهبة، وصفت فاطمة تفاعلها الأول مع من استقبلها، حين قيل لها ببساطة إنها أصبحت «حاجّة» منذ الآن، فاختلطت عليها المفاهيم بين عظمة الدخول إلى الأراضي المقدسة ورهبة الشعيرة نفسها.
وتتابع: «الجسد يقشعر لمجرد التفكير في أننا من بين المختارين... والله، بكيت بحرقة حين علمت أن اسمي قُبل، لأني لم أتوقع أبداً أن يكون هذا العام هو عام حجّي».
واختتمت فاطمة حديثها بكلمات تُعبّر عن عمق التجربة الإيمانية التي تعيشها: «والله العظيم، عندما يناديك الله لتكون ضيفاً من ضيوفه، تتخلى عن كل شيء... تتخلى عن الدنيا كلها، لأنك ستؤدي أحد أركان الإسلام. وقد تعود، وقد لا تعود... لكنك تكون قد استجبت لنداء الرحمن».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 31 دقائق
- صحيفة سبق
ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج يحطّون رحالهم في مشعر منى لرمي جمرة العقبة
وصل ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، إلى مشعر منى لقضاء أيام التشريق؛ اقتداء بهدي الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- وسط أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والطمأنينة، تحفهم عناية المولى -عز وجل- ثم الرعاية الكريمة من قيادة المملكة التي وفرت لهم الإمكانات الآلية والبشرية كاملة، ما يسر -ولله الحمد- لهم الوقوف على صعيد عرفات، ثم النفرة إلى مزدلفة بيسر وسهولة. وأنهى ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والبالغ عددهم (2443) يمثلون 100 دولة حول العالم من رمي جمرة العقبة، اتباعًا لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، مهللين مكبرين ولسان حالهم يلهج بالدعاء بأن يتقبل الله منهم حجهم, وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين، على تمكينهم بعد الله -عز وجل- لأداء فريضة الحج ضمن ضيوف البرنامج. وشاركت القطاعات المعنية في حركة تصعيد ضيوف البرنامج إلى مشعر منى؛ لضمان انتظام مرحلة التصعيد, ليؤدوا عباداتهم ونسكهم بطمأنينة, وذلك بمتابعة من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، المشرف العام على البرنامج.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
وزارة الحج والعمرة: أكثر من 5.2 مليون قراءة لبطاقة "نسك"في حج 1446هـ
كشفت وزارة الحج والعمرة عن تسجيل أكثر من 5,200,000 قراءة لبطاقة "نسك" منذ بداية موسم الحج لهذا العام 1446هـ، مؤكدة أن البطاقة أسهمت بشكل فعّال في تسهيل رحلة الحجاج ورفع الكفاءة التنظيمية لإدارة الحشود وضمان سلامة ضيوف الرحمن في مختلف مراحل تنقلهم وأدائهم للنسك. وأوضحت الوزارة أن بطاقة "نسك" تُعد من الأدوات الذكية التي مكّنت الفرق الميدانية من تتبع الحجاج، وتيسير الخدمات لهم بدقة وسرعة، كما دعمت جهود التنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة في موسم الحج. وأكدت أن التقنية المدمجة في البطاقة ساعدت على تحسين تجربة الحاج، من خلال سرعة التحقق من المعلومات، وتوفير الدعم الفوري عند الحاجة، بما يعكس توجه المملكة في التحول الرقمي لخدمة ضيوف الرحمن وفق مستهدفات رؤية السعودية 2030.


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
أمير الحدود الشمالية يستقبل المهنئين بعيد الأضحى
استقبل الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية اليوم، أصحاب الفضيلة والمعالي والمسؤولين وقادة القطاعات العسكرية، ومديري الإدارات الحكومية، وشيوخ القبائل ورجال الأعمال وأهالي المنطقة، الذين قدّموا التهاني والتبريكات لسموه بحلول عيد الأضحى. ورفع سموه باسمه ونيابة عن أهالي المنطقة أسمى آيات التهاني والتبريكات لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله – والشعب السعودي بحلول عيد الأضحى, سائلًا المولى – عز وجل – أن يحفظ قيادة المملكة وأن يعيد هذه المناسبة على الوطن بالخير والمسرات. وبادل سموه الجميع التهنئة بهذه المناسبة السعيدة، سائلاً الله تعالى أن يعيدها باليمن والخير على الجميع، منوّهًا بما يحظى به حجاج بيت الله الحرام من خدمات وتسهيلات، أسهمت في أداء مناسكهم وشعائر الحج بكل يسر وسهولة.