
من ريشون لتسيون إلى الكرياه… صواريخ إيران تُفشل دفاعات الاحتلال وتُربك الكيان سياسيًّا
تتسارع تطورات المشهد في الأراضي المحتلة مع تسجيل ارتفاع في حصيلة القتلى إلى أربعة، والجرحى إلى مئتين، وفق ما أكدته الجهات الصحية التابعة للاحتلال الصهيوني، وذلك بعد أن كانت الحصيلة المعلنة في البداية ثلاثة قتلى ومئة جريح.
هذه الزيادة في الأرقام، والتي تم الإعلان عنها على مراحل، تكشف عن استمرار نهج التضليل الإعلامي المعتمد من قبل الاحتلال، الذي يتعمد تأخير نشر الخسائر البشرية حفاظًا على تماسك جبهته الداخلية، وتفاديًا لتأجيج الهلع الشعبي في ذروة التصعيد.
وفي سياق متصل، عكست المشاهد الجوية التي بثتها وسائل إعلام مختلفة من مدينة ريشون لتسيون – عيون قارة، حجم الدمار الهائل الذي طال المنطقة، وأعادت للأذهان صور الخراب في غزة وجنوب لبنان. غير أن ما يلفت الانتباه هذه المرة أن الدمار حلّ في عمق الكيان المحتل، وتحديدًا في ريشون لتسيون، ما يُعد تحوّلًا نوعيًّا في معادلة الاشتباك.
كما أن الضربات الإيرانية لم تقتصر على هذه المدينة، بل امتدت لتشمل معظم مناطق تل أبيب الكبرى (غوش دان)، واتسعت جنوبًا حتى منطقة القدس والوسط، مخلفةً أضرارًا جسيمة في منشآت حيوية، كان أبرزها مقر قيادة الأركان الصهيونية المعروف بـ'الكرياه'، حيث سُجلت انفجارات متتالية فجر اليوم وأمس قرب هذا الموقع، رغم كونه من أكثر المواقع تحصينًا داخل الكيان.
إلى جانب ذلك، بدأت تداعيات القصف تنعكس على بنية النظام السياسي في كيان الاحتلال. فقد كشف المحلل الصهيوني 'إيال' عن احتمال اتجاه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع المعارضة، بعد لقائه المسبق بزعيم المعارضة يائير لابيد وإطلاعه على نية تنفيذ العدوان على إيران. هذا التوجه يُعد مؤشرًا على ارتباك داخلي عميق، ويعكس حجم الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو في ظل إخفاقات ميدانية متراكمة، وفقدان ثقة متصاعد على المستوى الشعبي والعسكري.
وفي الموازاة، جاءت تصريحات السفير الأميركي لتفتح بابًا لاحتمال تدخل مباشر للولايات المتحدة في المواجهة، حيث أكد أن 'حسم الحرب مع إيران يتطلب تدخلًا أميركيًّا بقاذفات استراتيجية'، مشيرًا إلى وجود نحو 700 ألف صهيوني يحملون الجنسية الأميركية داخل الكيان، واصفًا هذه الكتلة بـ'الدائرة الانتخابية الكبرى'، في تلميح انتخابي موجّه للرئيس السابق دونالد ترامب لدخول الحلبة سياسيًا وعسكريًا.
في الوقت نفسه، أشارت مصادر صهيونية إلى أن الاحتلال يعتمد بشكل متزايد على أذربيجان كمنصة استخباراتية وعسكرية لشن عمليات ضد إيران، عبر غرف عمليات يتم إدارتها من هناك، ما يوسّع من خريطة التورط الإقليمي في التصعيد.
أما على مستوى البنية التحتية، فلا يزال مطار بن غوريون الدولي مغلقًا حتى اليوم، مع تمركز الطائرات الحربية الإسرائيلية في قبرص تجنبًا للاستهداف، بينما يسود شلل شبه كامل في الضفة الغربية، حيث أُغلقت الطرق لليوم الثاني على التوالي، وتم منع الصلاة في المسجد الأقصى باستثناء الحراس وموظفي الأوقاف.
وما يزيد من خطورة هذا التصعيد هو عجز المنظومات الدفاعية الصهيونية عن التصدي له. فقد فجّرت الضربات الدقيقة التي أصابت مناطق مركزية في 'تل أبيب'، لا سيما في ريشون لتسيون ورمات غان، تساؤلات حادة داخل الكيان: أين هي منظومات الدفاع الجوي؟ ولماذا لم تتمكن من اعتراض هذه الصواريخ؟ ووفقًا لتقارير فلسطينية، تم العثور على بقايا صواريخ اعتراضية في مدن وقرى مختلفة من الضفة الغربية، ما يُشير إلى إخفاق القبة الحديدية في أداء مهامها، ويعكس فشلًا تقنيًّا وأمنيًّا كبيرًا.
ومن ناحية أخرى، أكدت مصادر عسكرية داخل الكيان أن الصواريخ الإيرانية لم تكن من نوع واحد، بل شملت أنماطًا جديدة ومتعددة، أربكت أنظمة الرصد والتحليل، ومنعت اعتراضها بنجاح. هذه المفاجأة التقنية تُعد ضربة استخباراتية قاسية للعدو، وتكشف عن تطوّر نوعي في القدرة الصاروخية الإيرانية.
وبالانتقال إلى المواقف الإقليمية، عبّر الفلسطينيون عن مرارة عميقة تجاه مواقف بعض الأنظمة العربية، التي لم تكتفِ بالصمت، بل فتحت أجواءها للطيران الحربي الإسرائيلي، وقدّمت تسهيلات لوجستية واستخباراتية، وفق ما نقلته مصادر ميدانية. كما رُصدت طائرات أردنية تتعقب مسيّرات إيرانية قبل دخولها الأراضي المحتلة، وسط تساؤلات متصاعدة حول دور قاعدة 'العديد' الأميركية في قطر في نقل المعلومات لصالح العدو.
ويزداد هذا المشهد قتامة في ظل استمرار المجازر بحق المدنيين في غزة، ومنع قوافل الإغاثة من الدخول إلى القطاع، ما يُعزز القناعة الفلسطينية بأن الصمت العربي قد تحوّل إلى شراكة فعلية، وأن الموقف العربي لم يعد يُقرأ على أنه حياد، بل أصبح تواطؤًا موصوفًا.
وهكذا، تتكامل صورة التصعيد على أكثر من جبهة: فشل عسكري داخلي، تذبذب سياسي، ارتباك استراتيجي، واختراقات إقليمية، فيما يُطرح السؤال الجوهري من قلب المشهد الفلسطيني: هل أصبح التواطؤ العربي مع العدو واقعًا لا يُخفى؟ وهل ما يجري مجرّد معركة عابرة، أم تحوّل تاريخي في موازين الصراع؟
المصدر: موقع المنار

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 29 دقائق
- صدى البلد
نتنياهو: الأسد الصاعد انطلقت بعد 6 شهور من التخطيط.. وترامب لم يمنع الهجوم على إيران
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان متلفز، أن عملية 'الأسد الصاعد' ضد إيران نُفذت بعد تخطيط استمر ستة أشهر، عقب اغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله. وأوضح أن أوامره صدرت في نوفمبر 2024 باستهداف برنامج إيران النووي، تحسبًا لتسريعه بعد ضرب وكلائها في المنطقة. من جانبها كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' أن الجيش الأمريكي أسقط صواريخ إيرانية كانت متجهة نحو إسرائيل، مشيرة إلى أن الرئيس دونالد ترامب لم يمنع الهجوم، رغم محاولاته السابقة لإبرام اتفاق نووي مع طهران. وتخشى دوائر سياسية من تصاعد المواجهة وتراجع فرص الحلول الدبلوماسية. ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديو جراف التالي.


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
الاحتلال يغلق الضفة لليوم الثاني وإصابات في قباطية وطولكرم
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي إغلاقا للضفة الغربية لليوم الثاني، حيث أغلق معظم مداخل البلدات والقرى ونصب حواجز عسكرية، كما نفذ حملة اعتقالات واقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة، أصيب خلالها فلسطينيان على الأقل بالرصاص الحي. فقد أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن فرقه تعاملت مع إصابة رصاص باليد لشاب خلال اقتحام قوات الاحتلال بلدة قباطية جنوبي جنين بشمالي الضفة. كما أفاد بإصابة فتى عمره 16 عاما بالرصاص الحي في الرجل في مخيم طولكرم، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ نحو 139 يوما. وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن جيش الاحتلال دفع بتعزيزات عسكرية إلى بلدة قباطية بعد تسلل قوة خاصة إلى البلدة، واعتقل عددا من الشبان. وفي قلقيلية، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب عاكف نزال عقب اقتحام منزله وتدمير محتوياته، كما اعتقلت والد الأسيرة سماح حجاوي بعد اقتحام منزله. وفي بلدة السيلة الحارثية بمحافظة جنين، اقتحم جنود الاحتلال منزل الشاب أحمد جرادات أبو مسعدة، وعاث فيه خرابا واعتدى على صاحبه بالضرب. وفي نابلس، اعتقلت قوة إسرائيلية شابين بعد اقتحام مخيم عسكر القديم شرق المدينة، وشابين آخرين من قرية عوريف جنوبا. كما اعتقلت قوات الاحتلال والد الشهيد سائد الكوني ونجله سعدي بعد مداهمة منزلهما في منطقة الجبل الشمالي في نابلس. ووسط الضفة، اعتقلت قوات إسرائيلية 3 شبان من مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله. وقد أخلى الاحتلال الإسرائيلي، المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي من المصلين وأغلق أبوابهما، تزامنا مع فرض إغلاق شامل في الضفة الغربية بعد ساعات من بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران. وبالتوازي مع الإبادة الجماعية في غزة، صعّد جيش الإحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى مقتل 978 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق تقارير هيئات فلسطينية.

المدن
منذ 4 ساعات
- المدن
أضرار المنشآت الإيرانية النووية.. لم تحقق الطموحات الإسرائيلية؟
وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضرب البنية التحتية النووية في إيران، هدفاً أساسياً للهجوم الإسرائيلي المستمر لليوم الثاني على التوالي، إلا أن الأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، لا يبدو أنها تتسق بحجمها مع أهداف تل أبيب حتى الآن. واستهدفت إسرائيل خلال الهجمات، منشآت نووية حسّاسة داخل إيران، أبرزها منشأة نطنز، أكبر مواطن تخصيب اليورانيوم في إيران، إلى جانب منشأة فوردو، وأخرى قرب أصفهان، جنوب العاصمة طهران. الأضرار محدودة؟ وتظهر مراجعات الخبراء صور أقمار صناعية، أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، جراء الموجة الأولى من الضربات الجوية الإسرائيلية، أمس الجمعة، محدودة على ما يبدو، بحسب وكالة "رويترز". وبحسب الخبير النووي من معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد ألبرايت، فإن اليوم الأول من الهجوم الإسرائيلي، كان "يستهدف أموراً يمكن تحقيقها، كاغتيال القادة، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد". وقال: "لا يمكننا رؤية أي أضرار ظاهرة في فوردو أو أصفهان. وهناك أضرار في نطنز. لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض". وأضاف الخبير بحسب تحليله لصور الأقمار الصناعية، بأنه ربما كانت هناك أيضاً ضربات بطائرات مسيرة على أنفاق تؤدي إلى محطات أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض، وهجمات إلكترونية لم تترك آثارا يمكن رؤيتها بالعين. وتابع: " فيما يتعلق بالأضرار المرئية، فإننا لا نرى الكثير"، مشيراً إلى أن الضربات الإسرائيلية لاتزال في مرحلة مبكرة. أضرار بنطنز وأمس الجمعة، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، إن الوكالة على اتصال مع السلطات الإيرانية، للحصول على معلومات عن حالة المرافق النووية المعنية، وتقييم أي آثار أوسع نطاقاً قد تترتب على صعيد الأمان والأمن النوويين. وأضاف في بيان، أن السلطات الإيرانية أكدت تأثر موقع نطنز بالعملية الإسرائيلية، وأنه لا توجَد مستويات إشعاع عالية، مضيفةً أن موقعي أصفهان وفوردو لم يتأثرا حتى الآن بالعملية حتى الآن. وخلال إحاطته في جلسة مجلس الأمن، أمس الجمعة، قال غروسي إن محطة التخصيب فوق الأرض في موقع نطنز دُمرت، مضيفاً إيران أبلغت عن هجمات على فوردو وأصفهان. وقال خبير حظر الانتشار النووي في "معهد ميدلبري للدراسات الدولية" جيفري لويس، إن الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز كانت "متوسطة"، وإن إسرائيل دمرت منشأة تجريبية لتخصيب الوقود وبعض المباني الداعمة المرتبطة بإمدادات الطاقة. وأصابت الضربات الإسرائيلية، مبنى يستخدم للدعم قرب منشأتين لتخصيب اليورانيوم، لكن لم تظهر أي أضرار على المنشآت تحت الأرض أو المنشأة الجبلية المجاورة، بحسب لويس. إعادة ترميم وأكدت إيران على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، أن الأضرار التي لحقت بمجمع نطنز النووي كانت "سطحية ومحدودة"، مؤكداً أن الغالبية العظمى من المنشآت الحيوية الواقعة تحت الأرض "لم تتأثر". وقال كمالوندي، إن "القسم المتضرر فوق الأرض لم يتسبب بأي تلوث إشعاعي"، مؤكداً عدم وجود أي تهديد للصحة العامة". وعن موقع فوردو، أفاد المسؤول الإيراني عن بعض الأضرار الطفيفة، لكنه أكد بأنها لا تُعدّ خطيرة من الناحية الفنية، فيما لفت إلى أن الهجمات في أصفهان، تسبّبت باندلاع حرائق. وأكد أن إيران حضّرت مسبقاً واتخذت إجراءات وقائية، ضمنها "نقل الأجهزة والمواد الحساسة مسبقاً، ما حال دون وقوع خسائر كبيرة". وختم كمالوندي: "عمليات الترميم بدأت بالفعل، وسيتم إعادة بناء المتضرر بجودة أعلى من السابق، مع الاستفادة من القدرات العلمية والفنية المحلية".