
هكذا ينظر أصحاب (المسيرة القرآنية) للقرآن الكريم!!
نهاية العام 2020، أعلنت وسائل إعلام حوثية العثور على مصحف قالوا إنه بخط علي بن أبي طالب. فهل حقاً ثمة نسخة من القرآن بخط علي أم أن المسألة برمتها تندرج ضمن سلسلة تخرصات طويلة تعكس أنهم يعيشون أزمة حقيقية مع القرآن الكريم، وعلى أساس تلك الأزمة القديمة سموا زعيم جماعتهم (القرآن الناطق) وسموا عصاباتهم (المسيرة القرآنية) وأطلقوا على كهنتهم ومشعوذيهم (قرناء القرآن)!!
المسألة ليست بالبساطة التي قد يتخيلها البعض.. دعونا نلقي نظرة سريعة على بعض أسباب ونتائج أزمتهم الدائمة والقديمة مع كتاب الله.
أزمة مستند
استوجبت نظرية الوصي الوثنية التي تجعل من علي وأبنائه ورثة للحكم والنبوة، وتسمى أيضا (الولاية، الحق الإلهي)، استوجبت مجموعة من التعديلات الفكرية اللازمة على جوهر الدين لكي تستقيم النظرية إذ لا دليل قرآني لها وليس لديها مستند نبوي صحيح.
وقد ترتب على هذه التعديلات مجموعة هائلة (ومتناقضة) من الاستدلالات تفرعت إلى قسمين أحدهما من جانب القرآن، والآخر من جهة السنة. فأما ما يتعلق منها بالقرآن الكريم (موضوع حديثنا) فهي ما يلي:
أولاً: التأويل التعسفي لمدلول الآيات!
نشوء التأويل لآيات القرآن الكريم بنسبة أو بأخرى لجعل آياتٍ معينة تفضي، بالتأويل، إلى تأكيد الوصيّة؛ فالآية: ﴿يا أيها الرسولُ بلّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعلْ فما بلّغتَ رسالتَه﴾(المائدة67)، وهي من أوائل ما نزل في المدينة، ولكنهم زعموا أنها نزلت بعد حجة الوداع حتى يتسنى لهم ادّعاء أن أمر التبليغ في الآية كان بخصوص ولاية علي.
ويزعمون أنه بمجرد نزولها جمع النبي المسلمين في طريق عودته من الحج في "غدير خم" وخطب بهم خطبةً أعلن فيها أن علياً هو الإمام من بعده، كما يفترون، وبعد ذلك البلاغ نزلت الآية: ﴿اليومَ أكملتُ لكم دينَكم...﴾ (المائدة 3) وهي الآية التي ثبت أنها نزلت في يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) أي قبل يوم "الغدير" بتسعة أيام.
نموذج آخر في التأويل، الآية: ﴿إنما يريدُ الله ليُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهرَكم تطهيراً﴾ (الاحزاب 33)، رغم أن السياق الذي وردت فيه الآية يدلّل أن المقصود فيها نساء النبي، قال تعال: ﴿يا نساء النبي لستُنّ كأحدٍ من النساء إن اتّقَيتنَُّ فلا تخْضَعْنَ بالقول فيطمعُ الذي في قلبِه مرضٌ وقُلْنَ قولاً معروفا. وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ ولاَتَبَرَّجْنَ تبرُّجُ الجاهلية الأولى وأَقِمْنَ الصلاةَ وءاتِيْنَ الزكاةَ وأطِعْنَ اللهَ ورسولَه إنما يريدُ الله ليُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهرَكم تطهيراً. واْذكُرْنَ ما يُتلى في بُيوتِكُنّ من ءَاياتِ الله والحكمةِ إن اللهَ كان لطيفاً خبيراً﴾ (الأحزاب 32، 33، 34).
الآية واضحة أنها تقصد بأهل البيت نساء النبي إلا أنهم زعموا أنها في علي وفاطمة والحسنين وذريتهما، ثم جعلوها دالةً على اشتراكهم مع النبيّ، عليه الصلاة والسلام، في قوله تعالى: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (الفتح 2)..
يعزّز ذلك تأولّهم -أيضاً- قوله تعالى: ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى﴾ (الشورى 23)، فهذه الآية مكّية ولم يكن عليّ حينها قد تزوج بفاطمة، ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله وبينهم قربى، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت، وتفسيرها "ما دمتم قد أبيتم إجابة دعوتي وطاعتي، فاحفظوا حق القربى بيني وبينكم ولا تؤذوني.. ولكن هوى الشيعة اقتضى أن يفسّروها وفقاً لنظريتهم، فجعلوا المخاطب فيها المسلمين، والقربى عليّاً وأبناءه من فاطمة، وتجاهلوا قوله تعالى: ﴿فإن توليتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين﴾ (يونس 72)، والعديد من الآيات التي تدحض افتراءاتهم..
وأما (حبل الله) في قوله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً...﴾ (آل عمران 103)، فهو بحسب تأويلهم الأئمة من العِتْرة، وهم أيضاً النحل في قوله تعالى: ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون﴾ (النحل 68)، وأما الشراب الذي يخرج من بطونها فهو علْمهم.."(راجع الإسلام الصحيح، محمد النشاشيبي).
يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي في كتابه "مذاهب الإسلاميين": إن الصفة المشتركة التي يدين بها الذين اعتنقوا نحلة الباطنية هي تأويل النص بالمعنى الباطني تأويلاً يذهب مذاهب شتى قد يصل إلى حد التناقض، فهو يعني أن النصوص الدينية المقدسة (القرآن) رموز وإشارات إلى حقائق خفية وأسرار، وأن الطقوس الدينية أيضا رموز وإشارات إلى حقائق خفية، بل إن الأحكام العملية (العبادات) هي الأخرى رموز وأسرار.
ثانياً: القول بنقص القرآن!
ثم لمّا لم يكن التأويل كافياً لإثبات مسألةٍ مهمةٍ، كالولاية العامة، نشأت فكرة "نقص القرآن" وبرز من يقول بنقصه من جهة السور وأن الصحابة أخفوا سورة الولاية وهي موجودة عند بعض الشيعة على النحو التالي: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم * نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير * إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم * والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون * إن لهم في جهنم مقاماً عظيماً إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين * ما خلفتهم المرسلين إلا عني وما كان الله ليظهرهم إلى أجل قريب وسبح بحمد ربك وعليٌّ من الشاهدين": تعالى الله عما يفترون. (أحمد جوادة، من هم الشيعة، ص 197).
ثالثاً: القول بتعرض القرآن للتحريف
ولأنهم امتداد شاخص لمدرسة الشرك وتيار النفاق، ولا يجدون في القرآن إلا ما ينسف أهواءهم ودعاواهم، فقد قالوا بأن القرآن تعرض لعملية تحريف واسعة مغطاً لحق علي وأبنائه في مسألة الولاية.. أشهرها: كتاب "فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب" للنوري الطبرسي، الذي جمع فيه أكثر من ألفي رواية (موضوعة) تنص على تحريف القرآن الكريم، وجمع فيه أقوال جميع فقهاء وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين، حيث ثبت أن جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدمين منهم والمتأخرين، يقولون إن هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرّف، ومنهم هاشم البحراني، ونعمة الله الجزائري، وأن القرآن الحقيقي هو "الذي عند علي والأئمة من بعده عليهم السلام، حتى صار عند القائم (عج)، وهو الإمام الثاني عشر الغائب.." (الموسوي، لله ثم للتاريخ).
رابعاً: المصاحف المخبّأة!!
وعندما يحتج عليهم، سواء من قبل أناس من الشيعة أو السنة، بأن مقاصد آيات القرآن الكريم يشدّ بعضها بعضاً لنسف الشرك والوثنية، فإنهم يزعمون أن القرآن الكريم ليس إلا مصحفاً واحداً من بين جملة مصاحف هي:
- "الجامعة": يقولون: هي "صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه، وخَطِّ عليّ بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش". (الكافي، وبحار الأنوار).
- صحيفة "الناموس": يقولون: عن الرضا في حديث علامات الإمام "المهدي المنتظر" قال: وتكون صحيفة عنده فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها اسماء أعدائهم إلى يوم القيامة.
- صحيفة "العبيطة": يقولون نقلا عن عليّ أنه قال: وأيْم الله إن عندي لصحفاً كثيرة قطائع رسول الله صلى الله عليه وآله، وأهل بيته، وإن فيها لصحيفة يقال لها العبيطة وماورد على العرب أشد منها، وإن فيها لستين قبيلة من العرب بهرجة، ما لها في دين الله من نصيب"!!
- صحيفة "ذؤابة السيف": يقولون: عن أبي بصير عن أبي عبدالله أنه كان في ذؤابة سيف رسول الله صحيفة صغيرة فيها الأحرف التي يفتح كل حرف منها ألف حرف.. قال أبو بصير: فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة.
- صحيفة "علي": يقولون: عن أبى عبدالله قال: وُجِدَ في ذؤابة سيف رسول الله صحيفة فإذا فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، إن أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله، ومن ضرب غير ضاربه، ومن تولى غير مواليه، فهو كافر بما أنزل الله تعالى على محمد، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً..
- الجفر: وهو نوعان: الجفر الإبيض، والجفر الأحمر. يقولون: "عن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله يقول: إن عندي الجفر الأبيض قال: فقلت: إيّ شيء فيه؟ قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم والحلال والحرام..، وعندي الجفر الأحمر.. قال: قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال: السلاح، وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل. فقال له عبدالله بن أبي اليعفور: أصلحك الله، أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: أي والله، كما يعرفون الليل أنه الليل، والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم". (أصول الكافي).
يقول حسين الموسوي: "وقد سألت مولانا الإمام الراحل الإمام الخوئي عن الجفر الأحمر، من الذي يفتحه ودم من الذي يراق؟ فقال: يفتحه صاحب الزمان عجل الله فرجه، ويريق به دماء العامة النواصب (الأمة من غير الشيعة) فيمزقهم شذر مذر، ويجعل دماءهم تجري كدجلة والفرات، ولينتقمن من صنمي قريش وابنتيهما (عائشة وحفصة) ومن نعثل (وقصد به: عثمان) ومن بني أمية والعباس فينبش قبورهم نبشاً".
- مصحف فاطمة: يقولون: عن علي بن سعيد عن أبي عبدالله أنه قال: ".. وعندنا والله مصحف فاطمة، ما فيه آية من كتاب الله، وإنه لإملاء رسول الله وخط عليٍّ بيده".
في نفسهم منه شك!!
واختصارا لنظرة هؤلاء لكتاب الله يرجى العودة لمؤلفات إحسان إلهي ظهير رحمه الله رحمة واسعة. والبعض قد يقول إن الاستدلالات التي اعتمد عليها هذا المقال خاصة بشيعة إيران والعراق والحق أنها معتمدة لدى شيعة اليمن بوصفهم امتدادا لنفس الفكرة الشيطانية، ومرتهنون لها فكريا وسياسيا!!
ومن كل ما سبق يتبيّن كيف أن محاولة إصباغ الشرعية على أهواء وثنية؛ قد أدى في النهاية إلى تقويض مصدر التشريع نفسه.
*صفحته على الفيسبوك
Page 2

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
مليشيا الحوثي تختطف مدير دار قرآن في إب بالتزامن مع اغتيال الشيخ حنتوس
اختطفت مليشيا الحوثي الإرهابية، مدير دار القرآن الكريم، في منطقة اليهاري بمحافظة إب (وسط اليمن) ضمن حملة شعواء ضد المعلمين، ومدرسي القرآن، والتي كان آخرها اغتيال الشيخ صالح حنتوس في محافظة ريمة. وقالت مصادر محلية، إن مليشيا الحوثي الإرهابية، تشن منذ أيام حملة اختطافات واسعة بحق معلمين وأكاديميين، ومحفّظي القرآن الكريم، طالت العشرات منهم، في محافظة إب. وأضافت المصادر أن المليشيات اختطفت حلال حملتها المسعورة، الدكتور محمد قايد عقلان، مدير دار القرآن الكريم في منطقة اليهاري بمحافظة إب، إلى جانب آخرين. وأوضحت المصادر أن من بين من اختطفتهم المليشيات الحوثية، كلًا من: د. أحمد ياسين د. نبيل اليفرسي د. صادق اليوسفي د. عبده يحيى الجابري د. توفيق العاطفي د. طه عثمان د. محمد قايد عقلان . وتأتي الحملة الحوثية في محافظة إب، بالتزامن مع حملة استهدفت الشيخ صالح حنتوس مدير دار القرآن الكريم، في مديرية السلفية محافظة ريمة، وهي الواقعة التي أثارت إدانات حقوقية واسعة النطاق.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
فتحي بن لزرق: التعايش مع هؤلاء مستحيل والمخرج الوحيد ثورة شعبية
كريتر سكاي/خاص أكد الصحفي البارز فتحي بن لزرق أن التعايش المجتمعي مع جماعة الحوثي أمر "مستحيل بطبيعته"، وذلك في تعليق له يلقي الضوء على رؤيته لطبيعة العلاقة بين الجماعة والمجتمع. وقال بن لزرق: "واهمٌ من يظن، ولو بعد ألف عام، أنه قد يصل إلى صيغة تعايش مجتمعي مع جماعة الحوثي، لا لشيء سوى أن ذلك مستحيل بطبيعته". وبرر ذلك بأن "جوهر العلاقة المجتمعية لدى هذه الجماعة يقوم على إيمان راسخ بأن المجتمع ليس سوى قطيع من العبيد خلقهم الله لخدمة 'آل البيت'، وتقديسهم، ورعايتهم". ويرى بن لزرق أن "المخرج التاريخي من هذه العلاقة الشائكة لا يكون إلا بأحد خيارين: إما أن يثور الناس وينتزعوا حريتهم وكرامتهم، وإما أن يتقبلوا واقعهم المرّ كعبيد في القرن الحادي والعشرين، ويتعايشوا مع وضع مؤلم ومهين كهذا". واختتم بمثل شعبي يمني يلخص رؤيته للموقف: "ياتشل ياتحط لا يوجد خيار ثالث للأسف..!"، في إشارة إلى غياب أي حلول وسط أو تسويات ممكنة للوضع الراهن.


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
الحوثيون يصعّدون حملتهم لاستئصال التيار السلفي
أخبار وتقارير الأول /متابعات بعد 10 سنوات من إبرام جزء من أتباع التيار السلفي في اليمن اتفاقيات تعايش مع جماعة الحوثيين ذات الأقلية الشيعية، يواجه هذا التيار اليوم حملة استئصال امتدت إلى ما تبقى من مراكزه التعليمية ومساجده في 3 محافظات، بعد أن تمت إزالة وجوده في معظم مناطق سيطرة الجماعة، منذ ترحيلهم أول مرة من محافظة صعدة مطلع عام 2014. في ظل هذا التصعيد، أفاق اليمنيون، الأربعاء، على نبأ تصفية الداعية السلفي صالح حنتوس الرجل السبعيني في محافظة ريمة بعد حصار منزله من قبل الجماعة وقصفه وجرح زوجته وآخرين من أقاربه. وعلى وقع النيران المتصاعدة من منزل حنتوس في محافظة ريمة الواقعة شرق محافظة الحديدة وصف التيار السلفي ما يحدث بأنه حملة لتصفية بقية وجوده في مناطق سيطرة الحوثيين، وبالذات في محافظات إب وذمار وريمة وعمران، بعد أن تم تجفيف هذا الوجود في المحافظات الأخرى. وتحدث التيار عن حرب «مسعورة» تشن منذ عدة أيام على المساجد ودور القرآن الكريم التي يديرونها، بتوجيهات ومتابعة شخصية من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وكان منتصف نهار الثلاثاء شاهداً على فشل كل الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، حيث تابع قطاع عريض من اليمنيين وقائع قصف الحوثيين منزل مدير دار القرآن الكريم في مديرية السلفية بمحافظة ريمة، والنيران تشتعل في المنزل الذي يقطنه الرجل وأسرته، رغم أن الدار كانت قد أُغلقت قبل 5 أعوام، لكن أُعيدت أسباب الهجوم الجديد إلى قيام الداعية السلفي بفتح حلقات لتعليم القرآن الكريم في المسجد المجاور. تعسف في إب وعمران تصفية الحوثيين للداعية السلفي حنتوس في ريمة جاءت عقب هجوم مماثل شنّوه على مسجد ومركز «السُّنّة» في مديرية العدين غربي محافظة إب، حيث اقتحموا المسجد وسحبوا الإمام عبد السلام البعني من المحراب بالقوة، واعتدوا عليه وعلى عدد من الطلاب، كما أمروا بإخلاء سكن الإمام والطلاب تمهيداً لإحلال مسلحي الجماعة فيه. وقالت مصادر محلية إن الحوثيين كانوا قد استولوا على جامع النساء وتوابعه في المركز ذاته، وتم توزيعه كمساكن للمسلحين الحوثيين. وليس مسجد «السنة» حالة استثنائية، إذ تشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وفق مصادر التيار السلفي، سلسلة من الاقتحامات والاستحواذ الجزئي أو الكلي على عشرات المساجد، تحت إشراف مسؤول الإرشاد الحوثي بالمحافظة أحمد العصري، المعروف بسوء تعامله مع الدعاة، وممارسته لأساليب الاستقواء ضد المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم. وفي محافظة عمران، الواقعة إلى الشمال من صنعاء، كان المسلحون الحوثيون قد اقتحموا مسجداً للسلفيين في مدينة «خَمِر» واقتادوا عدداً من الطلاب من داخل المسجد. وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو غالب الغيلي، المعيّن نائباً لمدير أمن مديرية خمر، قاد مجاميع مسلحة اقتحمت مسجد الشيخ عايض مسمار الواقع في وسط المدينة، حيث اعتقلوا عدداً من الطلاب الذين قدموا من صنعاء لتقديم دروس دينية فيه. كما تم اعتقال 9 أشخاص، بينهم خالد مصارط، أحد أبرز دعاة السلفية في المديرية، ونقلهم إلى سجن إدارة الأمن، وتم إغلاق المسجد. اتفاقات منتهكة كان جزء من التيار السلفي في اليمن قد أبرم في 26 يونيو (حزيران) 2014 اتفاق هدنة مع جماعة الحوثيين، مثّله المركز السلفي الشهير في مديرية معبر بمحافظة ذمار. ونصت «وثيقة التعايش» على التعايش السلمي، وعدم السماح بالصدامات أو الفتنة، مع الحفاظ على حرية الفكر والثقافة للجميع. كما دعت الوثيقة إلى وقف الخطاب التحريضي من الطرفين، وغرس روح التعاون، والتواصل المباشر لحل أي طارئ أو خلاف. وقد وقّعها عن الحوثيين القيادي يوسف الفيشي، لكنها لم تتضمن آلية واضحة للتنفيذ، سوى استمرار التواصل بين الطرفين. لاحقاً، وبعد تمدد الحوثيين إلى ذمار وإب والحديدة وريمة، أُبرمت اتفاقات شفهية أخرى في مارس (آذار) 2015، وفي يناير (كانون الثاني) 2019، شُكلت لجان مشتركة سلفية–حوثية لضمان التعايش، بينها لجنة «ترشيد الخطاب الديني» التي أوكلت إليها مهمة ضبط خطب المساجد. لكن هذه اللجنة سرعان ما تحوّلت إلى أداة لتقييد الخطاب السلفي، حيث فرض الحوثيون شروطاً صارمة من أبرزها عدم التحريض عليهم، وعدم تثبيط الناس عن القتال ضد الحكومة الشرعية، والدعاء في نهاية الخطبة ضد أميركا وإسرائيل، بما يتماشى مع الخط السياسي للجماعة.