
فيديو: اليوتيوبر روبر يختبر تسلا في القيادة الذاتية.. والنتائج تؤثر على أسهم الشركة
أجرى مارك روبر، المهندس السابق في ناسا وصاحب قناة مشهورة على يوتيوب، 6 اختبارات للسيارات ذاتية القيادة، للمقارنة بين نوعين من السيارات الكهربائية بأنظمة قيادة مختلفة.
السيارة الأولى هي سيارة تسلا مع نظام القيادة الآلية "أوتوبايلوت" (AutoPilot) الذي يعتمد على كاميرات بسيطة بدلا من التكنولوجيا الغالية، والسيارة الثانية لم يُظهرها الفيديو ولكنها كانت من نوع "لكزس" (Lexus) تعمل بنظام "لايدر" (LiDAR) الذي يستخدم تقنية الليزر لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد للمحيط ويحوي أجهزة استشعار لكشف الضوء وتحديد المدى.
وادعى روبر أنه أجرى هذه الاختبارات لمعرفة إذا ما كان يمكنه خداع نظام القيادة الذاتية في تسلا، الذي يعتمد على كاميرات بسيطة وليس التكنولوجيا المتقدمة، وليوضح قدرات نظام "لايدر" الذي تحدث عنه كثيرا في الفيديو، وبدأ اختباراته من الأسهل للأصعب بدءا من السيارة التي تعمل بنظام "لايدر".
اختبار التصادم البسيط
كان الاختبار الأول هو "اختبار التصادم البسيط"، حيث وُضعت دمية على شكل طفل وسط الطريق، لمعرفة على أي مسافة ستتوقف سيارة تسير بسرعة 60 كيلومترا في الساعة.
السيارة التي تعمل بنظام "لايدر" توقفت قبل 18 مترا من الطفل بالاعتماد على تقنية "الكبح الذاتي"، حسبما توقع روبر، أما سيارة تسلا، فقد كان اختبارها على مرحلتين، فعند السير بالسرعة نفسها تمكنت سيارة تسلا من التعرف على الدمية، ولكنها لم تتوقف في الوقت المناسب مما أدى إلى اصطدامها بالطفل، وهذا يعود إلى طريقة عمل نظام "الكبح الذاتي" في سيارات تسلا.
والمرحلة الثانية كانت مع تشغيل نظام القيادة الذاتية "أوتوبايلوت" وكانت النتيجة طبيعية وتوقفت السيارة في الوقت المناسب، وبما أن الحكم هو روبر فقد اعتبر أن السيارتين اجتازتا الاختبار الأول بنجاح.
ويرى روبر أن فشل سيارة تسلا بالمرحلة الأولى ونجاحها بالمرحلة الثانية يعود إلى تصميم السيارة، لأنه في وضع السياقة العادية دائما ما يكون السائق منتبها للطريق ويستخدم المكابح فقط عند التأكد من وجود مشكلة، ولا يعتمد على نظام الكبح الذاتي تجنبا للإنذارات الخاطئة التي تعوق القيادة وتتسبب في توقفات مفاجئة لا داعي لها. وهكذا تنجح السيارتان في الاختبار الأول.
اختبار عنصر المفاجئة
الاختبار الثاني كان يحاكي اندفاع طفل من خلف سيارة متوقفة، مانحا نظام القيادة الذاتية في السيارة أقل من ثانية لتحديد مكان الطفل والتوقف، وتمكنت السيارتان من اجتياز الاختبار بدون أخطاء وبنتائج متقاربة.
الاختبار الثالث كان أكثر حماسا وهو "اختبار الضباب"، حيث استخدم روبر بعض المعدات التي تحاكي ظروف الضباب مع وجود دمية لطفل وسط الطريق، وكان التحدي في كشف الطفل وسط الضباب.
بالنسبة للسيارة التي تعمل بنظام "لايدر" الموجه بالليزر استطاعت تحديد الجسم ضمن الضباب وتوقفت تلقائيا دون حدوث اصطدام، وقال روبر معلقا: "إن الليزر لا يمر عبر الأجسام الصلبة ولهذا تمكن من تحديد الطفل، بنفس مبدأ الضوء الذي يُشكل الظلال لأنه لا يمر عبر الأجسام الصلبة."
ولكن بالنسبة لسيارة تسلا لم تكن قادرة على رؤية الدمية ضمن الضباب ولم تتوقف إلا بعد أن صدمت الطفل بمسافة، وبحسب روبر فقد ضغط على المكابح تجنبا للاصطدام ولكن السيارة لم تستجب على الإطلاق لأنها في وضع القيادة الذاتية، وهذا الاختبار كان أول فشل لسيارة تسلا.
اختبار الأمطار
الاختبار الرابع كان "اختبار الأمطار" لرؤية هل تستطيع السيارات تحديد الطفل في ظروف ماطرة للغاية، وفي البداية كانت الطفل واضحا على الطريق لكل من السيارتين ولكن ما إن بدأ الماء بالهطول اختفى الطفل عن رادار السيارتين – وهنا تبدأ التجربة.
السيارة الأولى لم تتباطأ عندما اقتربت من الماء الهاطل، ولكن في لحظة ما أدركت جسما ما خلف الماء فتوقفت على الفور، ولكن سيارة تسلا اتخذت نفس القرار في "اختبار الضباب" ودهست الدمية، وهو ثاني اختبار فاشل لتسلا.
اختبار السطوع
الاختبار الخامس كان "اختبار السطوع"، وذلك من خلال توجيه 6 أضواء شديدة السطوع تحاكي شروق الشمس أو غروبها أو حتى شاحنة بأضواء ساطعة، ومعرفة هل ستمنع هذه الأضواء رؤية الطفل من قبل السيارات؟.
وتمكنت السيارتين من اجتياز هذا الاختبار حيث استطاعت رؤية الطفل والوقوف قبل حدوث تصادم، ولكن الخاسر الوحيد في الاختبار كان روبر لأنه لم يتمكن من رؤية الطفل بنفسه بسبب شدة الإضاءة.
اختبار "رود رنر"
الاختبار السادس والأخير وهو أهم اختبار بالنسبة لروبر، وكان إنشاء جدار له شكل الطريق المستقيم والذي يحاكي مشهد في برنامج الأطفال "رود رنر" (Road Runner).
وليكون الاختبار كاملا وضع روبر دمية على شكل طفل خلف الجدار لمعرفة هل ستميز السيارة الجدار أم أنها ستعتبره تكملة للطريق التي تسير عليه.
بالنسبة للبشر يمكن اكتشاف هذه الخدعة بسهولة بسبب حواف الجدار والتناقضات البصيرة الصغيرة، ولكن السيارات ذاتية القيادة لا تفكر مثلنا، وبالنسبة للسيارة الأولى تمكنت من تمييز الصورة المطبوعة على الجدار بفضل نظام "لايدر" وبالتالي توقفت السيارة دون أن تصطدم به.
أما تسلا فشلت في الاختبار وصدمت الجدار دون أي لمسة من الفرامل، وهذا يوضح أن نظام الكاميرات في تسلا غير قادر على تمييز الطريق المزيف وسيتابع السير.
رد فعل مؤيدي تسلا
لم يكن مؤيدو تسلا راضيين عن فيديو روبر واعتبروه إعلانا مبطنا عن تقنية "لايدر" أكثر من كونه اختبارا حقيقيا، وليس من المستغرب عدم وجود هذا النظام في سيارات تسلا بسبب ارتفاع تكلفته وحاجته إلى معالجة بيانات أكثر، وقد انتقد إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا هذا النظام لدرجة وصفه بأنه "مهمة حمقاء".
ويرى مؤيدو تسلا أن الاختبارات غير واقعية، فلن تجد طفلا في وسط الطريق عند شروق الشمس أو في حال كان أمام شاحنة بضوء ساطع للغاية، والأمر المثير للسخرية أنها ستصدمه حتى قبل وصول سيارة تسلا إليه.
ومن المستبعد جدا اجتماع سيارة تسلا مسرعة مع طفل وسط الضباب أو تحت مطر عزير بمكان خالي، والاختبار الأخير هو الأقرب للمستحيل فمن المضحك وجود جدار يحاكي الطريق المستقيم وسط طريق عام مع وجود طفل خلفه ينتظر سيارة تسلا لكي تصدمه.
وعلى أي حال كان الفيديو ممتعا جدا نظرا للجهود المبذولة من قبل روبرت، ولكن هذا الفيديو حول مؤيدي تسلا إلى مؤامرين يعتقدون أن شركة "لايدر" الكبيرة اشترت روبرت للترويج لها، وأنها تحاول تشويه سمعة تسلا.
سهم تسلا ينخفض 5% بعد فيديو روبر
انخفضت سهم تسلا بنسبة 5% وهو أداء ضعيف مقارنة بمكاسب السوق الأوسع التي بلغت 0.6٪بعد فيديو روبر، وبالمقابل ارتفع سهم شركة "لومينار تيكنولوجيز" (Luminar Technologies) وهي شركة رائدة في تصنيع تقنية "لايدر" بنسبة 27.5%.
وقد أثار الفيديو مخاوف الكثيرين، في الوقت الذي تستعد فيه تسلا لإطلاق خدمة "روبوتاكسي" (Robotaxi) بحلول يونيو/حزيران القادم، ومع انخفاض سهم تسلا بنسبة 38% منذ بداية العام فإن فيديو روبر زاد الطين بله وضغط على عملاقة السيارات الكهربائية.
ويتزايد تدقيق المستثمرين في اعتماد تسلا على تقنية القيادة الذاتية القائمة على الكاميرات بدلا من تقنية "لايدر" والتي يرى العديد من الخبراء أنها توفر كشفا فائقا في الظروف الصعبة، وهذا ما قد يؤثر على مصداقية تسلا وبالتالي أسهمها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
نبضات غامضة من نجم يشبه الشمس.. هل هي إشارة من حضارة فضائية؟
قبل أكثر من 60 عاما، بدأت الجذور العلمية الجادة للبحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض عبر مشروع"أوزما"، الذي أسسه عالم الفلك الشهير فرانك درايك. كان الهدف من المشروع هو رصد إشارات راديوية مستمرة أو ذات ترددات محددة قد تشير إلى وجود حضارات فضائية متقدمة، فقد افترض درايك أن مثل هذه الحضارات قد تستخدم موجات الراديو لتبادل المعلومات، لذا تم استخدام التلسكوب لرصد الإشارات القادمة من نجوم شبيهة بالشمس. ورغم أن مشروع "أوزما" لم يُسفر عن رصد إشارات مؤكدة من حضارات ذكية، إلا أنه وضع الأسس لتقنيات البحث الحديثة التي لا تزال تتطور حتى يومنا هذا. من الراديو إلى الضوء اليوم، وبعد عقود من التطور التقني، يعلن عالم ناسا المخضرم ريتشارد ستانتون عن اكتشاف مثير باستخدام تقنية أكثر حداثة تعرف بـ"رصد النبضات الضوئية السريعة"، فبدلا من البحث عن موجات الراديو، ركزت هذه التقنية على التقاط ومضات ليزرية فائقة السرعة قد تمثل إشارات من حضارات متقدمة. وبفضل هذه التقنية، تمكن ستانتون من رصد نبضات ضوئية غامضة من نجمين قريبين نسبيا، مشيرا إلى أن هذه النبضات ربما تكون وسيلة أكثر فاعلية ودقة للتواصل بين الحضارات الذكية، ما أعاد فتح الباب أمام فرضية وجود إشارات فضائية من حضارات متقدمة. وفي دراسة حديثة نشرت في دورية"أكتا أسترونوتيكا"، وصف ستانتون تفاصيل اكتشافه، الذي جاء نتيجة مسح طويل شمل أكثر من 1300 نجم شبيه بالشمس باستخدام تقنية رصد النبضات الضوئية. وكانت النتيجة اللافتة هي رصد نبضتين ضوئيتين متطابقتين بفاصل زمني 4.4 ثوان صدرتا من النجم " إتش دي 89389″، الذي يقع على بعد نحو 100 سنة ضوئية في كوكبة الدب الأكبر. 4 ألغاز محيرة ما جعل هذه النبضات لغزا علميا محيرا هو مجموعة من الخصائص الفريدة التي يصعب تفسيرها: أولا: تغير سطوع النجم بسرعة مذهلة، إذ يزداد بشكل مفاجئ، ثم يخفت إشعاعه، ثم يعود إلى حالته الطبيعية، كل ذلك خلال 0.2 ثانية فقط، وهذا التغير السريع جدا يستحيل أن يكون نتيجة ضوضاء عشوائية أو اضطرابات جوية، وقد تساءل الباحثون: "كيف يمكن لنجم يبلغ قطره أكثر من مليون كيلومتر أن يختفي جزئيا خلال عشر الثانية؟". ثانيا: تكرار نبضتين متطابقتين، ففي 3 مناسبات منفصلة، تم رصد نبضتين متشابهتين للغاية يفصل بينهما فاصل زمني يتراوح بين 1.2 إلى 4.4 ثانية، والأغرب أن مثل هذه النبضات لم ترصد إطلاقا خلال أكثر من 1500 ساعة من الرصد لنجوم شبيهة. ثالثا: تطابق البنية الدقيقة، فتفاصيل النبضة الأولى تكررت بشكل شبه مطابق في النبضة الثانية، في نمط يصعب تفسيره من خلال أي آلية طبيعية معروفة. رابعا: لا يوجد أثر لأجسام متحركة، فباستخدام أجهزة تصوير واستشعار دقيقة، لم يتم رصد أي أقمار صناعية، طائرات، شهب أو حتى طيور في الخلفية يمكن أن تفسر هذه الومضات، وهذا يُسقط معظم الفرضيات الاعتيادية. ولم يتوقف ستانتون عند الاكتشاف الجديد، بل عاد إلى تحليل بيانات أرشيفية، ووجد إشارتين ضوئيتين مماثلتين من نجم آخر شبيه بالشمس هو "إتش دي 217014″، والمعروف أيضا باسم " 51 بيغاسي"، وهذا النجم مشهور بكونه أول نجم اكتشف يدور حوله كوكب خارج المجموعة الشمسية، وذلك عام 1995. والغريب أن هذه النبضات رصدت سابقا، لكن تم رفضها آنذاك باعتبارها ناتجة عن مرور طيور أمام التلسكوب، أما الآن، فتحليل ستانتون الحديث استبعد هذه الفرضية تماما، ما يزيد من احتمال أن ما رصد قد يكون بالفعل ظاهرة غير مفهومة حتى الآن. فرضيات متعددة وفي دراسته، استعرض ستانتون عددا من الفرضيات البديلة، مثل "تأثيرات الغلاف الجوي للأرض"، "انكسار الضوء بسبب أجسام داخل النظام الشمسي"، "موجات الجاذبية"، و"ظواهر طبيعية غير معروفة"، لكن أيا من هذه الفرضيات لم يتمكن من تفسير الظاهرة بالكامل. أما الاحتمال الأكثر إثارة للجدل، فهو أن هذه النبضات قد تكون إشارات من حضارة فضائية ذكية، خاصة أن مصدر التذبذب يبدو قريبا نسبيا من الأرض، وربما داخل نظامنا الشمسي ذاته. وبناء على ما توصل إليه، دعا ستانتون إلى توسيع نطاق البحث باستخدام شبكة من التلسكوبات المتزامنة موزعة على مسافات كبيرة، وسيساعد ذلك في تحديد اتجاه النبضات، وسرعتها، وحجمها، وبعدها بدقة. ويؤمن ستانتون أن هذه الخطوة قد تكون نقطة تحول في تاريخ البحث عن الحياة الذكية خارج كوكب الأرض.


جريدة الوطن
منذ يوم واحد
- جريدة الوطن
بطاطا في المريخ
في محاولة تحاكي أفلام الخيال العلمي، يسعى علماء إلى تحقيق إنجاز غير مسبوق، وهو زراعة البطاطا على كوكب المريخ، فهل اقترب تحقيق الحلم؟. منذ عرض فيلم «The Martian» عام 2015، الذي ظهر فيه رائد فضاء يزرع البطاطا للبقاء على قيد الحياة في المريخ، استحوذت الفكرة على اهتمام العلماء، ولكنها لم تعد مجرد خيال سينمائي، بل أصبحت هدفا علميا حقيقيا يعمل عليه في المختبرات. والهدف من هذه المحاولات التي يقوم عليها علماء من وكالات فضاء ومراكز أبحاث زراعية، هو التأكد من إمكانية إنتاج غذاء ذاتيا في بيئة المريخ القاسية، خاصة مع خطط وكالة ناسا وشركات مثل «سبيس إكس» لإرسال بشر إلى الكوكب الأحمر خلال العقود المقبلة. يقوم باحثون، من بينهم فريق تابع للمركز الدولي للبطاطا، بالتعاون مع وكالة ناسا، بمحاكاة ظروف المريخ على الأرض باستخدام تربة بركانية مشابهة لتربة المريخ، وضغط منخفض، ودرجات حرارة متجمدة، وإضاءة تحاكي شمس المريخ. وقد استخدموا صنفا خالصا من البطاطا عالي التحمل، قادر على مقاومة الجفاف والملوحة. وتمت الزراعة داخل حاويات محكمة تعرف بـ«CubeSat» تحاكي الغلاف الجوي للمريخ، مع نظام دعم حياة داخلي.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
توقعات العلماء.. هل سيكون 2025 العام الأكثر حرارة على الإطلاق؟
شهد العالم في عام 2024 درجات حرارة غير مسبوقة، فقد سجل أعلى متوسط شهري للحرارة على الإطلاق، وشهد ثلثا سطح الأرض شهرًا أو أكثر من درجات الحرارة القياسية، متجاوزة في بعض المناطق المعدلات السابقة بما يصل إلى 5 درجات مئوية. بعد انقضاء هذا العام الذي حطّم الأرقام القياسية في معظم القارات، يراقب علماء المناخ عام 2025 عن كثب، ليس فقط بسبب الحرارة، بل لأنه سيُمثّل اختبارًا حاسمًا لفهمنا لمدى سرعة ارتفاع درجة حرارة الكوكب. أرقام قياسية مفاجئة منذ بداية عام 2025، تحطمت بعض الأرقام القياسية السابقة، فقد سجلت درجات الحرارة العالمية في الربع الأول من هذا العام ثاني أعلى درجة حرارة مسجلة، مواصلةً بذلك موجة حر استثنائية بدأت في يوليو/تموز 2023. وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة أن الشهر الأول من عام 2025 كان أحر شهر يناير على الأرض في تحليلات بيانات الطقس العالمية التي تعود إلى عام 1850. وشهدت مساحات اليابسة العالمية أعلى درجات حرارة مسجلة في عام 2025، كما شهدت المحيطات العالمية ثاني أعلى درجات حرارة لها. كما صنفت وكالة ناسا، و خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة تغير المناخ ومنظمة "بيركلي إيرث" (منظمة غير ربحية مستقلة تُركز على تحليل بيانات درجة حرارة الأرض لأغراض علم المناخ)، يناير/كانون الثاني 2025 على أنه أحر شهر يناير على الإطلاق، بزيادة قدرها 1.59 درجة مئوية عن الفترة 1880-1899، وتجاوز الرقم القياسي السابق المسجل في يناير/كانون الثاني 2024 بمقدار 0.12 درجة مئوية. بالنسبة للعديد من علماء المناخ، مثل عالم الأرصاد الجوية المتخصص في الأعاصير جيف ماسترز، الذي شارك في تأسيس خدمة الطقس التجارية "ويزر أندرجراوند"، كان الرقم القياسي الجديد لشهر يناير غير متوقع، إذ تجاوز الرقم القياسي السابق المسجل العام الماضي، عندما أسهم التقلب المناخي الطبيعي في إحداث ظاهرة النينيو القوية، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وتشير ظاهرة النينيو المعروفة أيضًا بالتذبذب الجنوبي، إلى ظاهرة مناخية طبيعية تتكرر كل سنتين إلى 7 سنوات، وتستمر عادة من 9 إلى 12 شهرًا، ويصبح فيها سطح المياه في وسط المحيط الهادي الاستوائي وشرقه دافئًا إلى ساخن، ولذا تحدث تغيرات في أنماط الطقس التي تؤدي إلى ظواهر مثل الجفاف الشديد وحتى الأعاصير. وبالنسبة لعلماء آخرين، مثل نيك دانستون من مكتب خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في المملكة المتحدة، فليس هذا رقما مفاجئًا بذلك المعنى، ويقول في حديثه للجزيرة نت "يأتي شهر يناير هذا العام بعد أن كان عام 2024 أحر عام على الإطلاق، كما أن هناك تقلبات أكبر في شهر واحد مقارنةً بالعام بأكمله". وأشار عالم المناخ برايان بريتشنايدر إلى أن أشهر يناير الثلاثة السابقة الأكثر دفئًا حدثت جميعها خلال أحداث النينيو، عندما أسهمت مياه المحيطات الدافئة في شرق المحيط الهادي في رفع درجة الحرارة العالمية بنحو 0.2 درجة مئوية. ولكن في يناير/كانون الثاني 2025، كانت درجات الحرارة أقل من المتوسط في شرق المحيط الهادي، وذلك بسبب ما صنَّفته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي على أنه نتيجة لظاهرة النينيا الضعيفة التي حدثت في كانون الأول/ ديسمبر 2024، وحلَّت محل ظاهرة النينيو، والتي تُخفّض درجات الحرارة العالمية قليلًا. ومن النادر تحطيم الرقم القياسي الشهري لدرجات الحرارة خلال ظاهرة "النينيا"، التي تُمثل مرحلة التبريد من دورة "التذبذب الجنوبي"، وتحدث عادةً كل 3 إلى 5 سنوات تقريبًا، ولكنها قد تحدث أحيانًا على مدار سنوات متتالية، وترتبط بالانخفاض الدوري في درجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق وسط المحيط الهادي الاستوائي. تقلبات مارس/آذار لم يكن يناير/كانون الأول الماضي الشهر الوحيد الذي حطَّم الأرقام لقياسية هذا العام، ففي مارس/آذار 2025، ظلت درجات الحرارة العالمية مرتفعة بشكل غير طبيعي، مسجلة ثاني أحر شهر مارس عالميًا، والأكثر حرارة في أوروبا على الإطلاق. وبلغ متوسط درجة الحرارة العالمية 14.06 درجة مئوية، أي أعلى بمقدار 0.65 درجة مئوية عن متوسط مارس للفترة 1991-2020، وأقل بمقدار 0.08 درجة مئوية فقط عن أعلى درجة حرارة مسجلة لشهر مارس/آذار عام 2024. ووفقًا لبيانات خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ، شهد مارس 2025 ثاني أعلى درجة حرارة لسطح البحر عالميًا خارج المناطق القطبية، حيث بلغت 20.93 درجة مئوية، أي أقل بقليل (0.12 درجة مئوية) من مارس/آذار 2024. وكانت درجات الحرارة في مارس/آذار الماضي مرتفعة على الرغم من ضعف ظروف ظاهرة النينيا خلال الشهرين الأولين من العام، والتي عادةً ما تؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة، وقد بدأت متأخرةً كثيرًا عن التوقعات السابقة، بعد أن كان شهر يناير/كانون الثاني الأكثر حرارة في التاريخ المسجل. هذا يجعل مارس الشهر العشرين خلال الأشهر الـ21 الماضية الذي تجاوز فيه متوسط درجة الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية التي تم تحديدها في قمة المناخ "كوب 21" لعام 2015، عندما وقّع 196 طرفًا على اتفاقية باريس. كما سجّل أبريل/نيسان الماضي ثاني أحر شهور أبريل عالميًا، حيث بلغ متوسط درجة حرارة الهواء السطحي 14.96 درجة مئوية، أي أعلى بمقدار 0.60 درجة مئوية من متوسط الفترة 1991-2020 لشهر أبريل، وأبرد بمقدار 0.07 درجة مئوية من أبريل/ نيسان 2024 القياسي، وأكثر دفئًا بمقدار 0.07 درجة مئوية من ثالث أعلى شهر في عام 2016. كانت فترة الـ12 شهرًا، من مايو/أيار 2024 إلى أبريل/ نيسان 2025، أعلى بمقدار 0.70 درجة مئوية عن متوسط الفترة 1991-2020، وأعلى بمقدار 1.58 درجة مئوية عن مستوى ما قبل الصناعة. بالإضافة إلى الحر شبه القياسي، سجَّل جليد بحر القطب الشمالي في مارس/آذار أدنى مستوى شهري له منذ بدء تسجيلات الأقمار الصناعية قبل 47 عامًا، متجاوزًا أدنى مستوى سابق سُجّل عام 2017 بمقدار 150 ألف كيلومتر مربع. ويصل جليد بحر القطب الشمالي إلى أقصى مستوى له في مارس من كل عام، مما يجعل أقصى مستوى لهذا العام، هو الأدنى على الإطلاق في المنطقة. وكشفت البيانات الأولية الصادرة عن المركز الوطني الأميركي لبيانات الثلوج والجليد أن غطاء الجليد البحري في القطب الشمالي شهد انخفاضًا قياسيًا جديدًا بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، وهو ثاني أدنى مستوى شهري مسجل لامتداد الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية في ذلك الوقت من العام. توقعات متباينة بدراسة العلاقة بين الأشهر الثلاثة الأولى من العام ودرجات الحرارة السنوية لكل عام منذ عام 1970، بالإضافة إلى ظروف ظاهرة النينيو، وتطورها المتوقع خلال الأشهر المتبقية، وضعت منصة "كاربون بريف" المتخصصة في علوم وسياسات تغير المناخ، توقعات لمتوسط درجة الحرارة العالمية النهائية المُرجح لعام 2025. وتشير توقعات"كاربون بريف" إلى أن عام 2025 سيكون بالتأكيد أحد أكثر 3 أعوام حرارة، مع أفضل تقدير يُقارب درجات الحرارة العالمية في عام 2023. ومع ذلك، يفترض هذا النموذج أن عام 2025 سيتبع أنماط المناخ التي شوهدت في الماضي. واستنادًا إلى بيانات درجات الحرارة للأشهر الثلاثة الأولى من العام، تشير توقعات مكتب خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في المملكة المتحدة إلى أن عام 2025 من المرجح أن يكون أحد أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، ليأتي بعد عامي 2023 و2024 مباشرة. أحد الأسباب الرئيسة وراء ذلك هو احتمالية أن تكون ظاهرة النينيا قصيرة الأجل على الأرجح، مع عدم استبعاد احتمال حدوث ارتفاع غير عادي في درجات الحرارة أو عودة ظاهرة النينيو، التي تُسبّب ارتفاعًا في درجات الحرارة العالمية وأنماطًا جوية غير متوقعة كما حدث في عامي 2024 و2023، وهذا يعني موجات حرّ أطول، وجفافًا أكثر، وهطول أمطار غزيرة في بعض المناطق. ويقول دانستون الذي قاد إنتاج توقعات خدمة الأرصاد الجوية الوطنية "يبدو أن الربع الأول من عام 2025 يُشير إلى أنه يسير على مسارٍ ليكون من بين الأعوام الثلاثة الأكثر دفئًا، على الرغم من أن الطريق لا يزال طويلًا، وكما هو الحال دائمًا، لا يُمكننا استبعاد ثوران بركاني كبير يُؤدي إلى تبريد الكوكب بشكلٍ مفاجئ". ردًا على هذه التوقعات، تقول جوليان ستروف، كبيرة العلماء في المركز الوطني الأميركي لبيانات الثلوج والجليد "من المستحيل التنبؤ بما إذا كنا سنحطم رقمًا قياسيًا آخر هذا العام. تحدث أشياء كثيرة في النظام المناخي، ويمكن للتقلبات الداخلية إما أن تزيد من الاحترار أو تبطئه". وتضيف في تصريحات للجزيرة نت "لست متأكدة من كيفية توقّع أن يكون هذا العام مشابهًا للعامين الماضيين، لا سيما وأنّ ظاهرة النينيو في مرحلة محايدة، ولكن من المرجح أنّه أن يستمرّ هذا الاتجاه". وتجدر الإشارة إلى أن الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 قد لا تُمثل العام بأكمله، إذ إن ارتفاع معدلات الاحترار التاريخية يعني أن درجات الحرارة، مقارنةً بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، تميل إلى الارتفاع في أشهر الشتاء (ديسمبر ويناير وفبراير) في نصف الكرة الشمالي. وتُشير تقديرات حديثة أخرى – مثل تلك التي نشرتها منظمة "بيركلي إيرث" – إلى أن احتمالية أن يسجل عام 2025 رقمًا قياسيًا جديدًا في درجات الحرارة تبلغ 34%، وهذا أقل بقليل من نسبة 38% المتوقعة في نهاية مارس/آذار الماضي، وأن يكون ثاني أكثر الأعوام حرارةً على الإطلاق بنسبة 46%. ومن المرجح أن يشهد ما تبقى من عام 2025 انخفاضًا طفيفًا عن درجات الحرارة المسجلة بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار. وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن يكون عام 2025 أقل دفئًا من الرقم القياسي المسجل في عام 2024. وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، يتوقع ماسترز، العالم الذي عمل سابقًا مع فريق رصد الأعاصير في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، أن يشهد عام 2025 موجات حرارة عالية، لكنه قد لا يتخطى الرقم القياسي لعام 2024، ويعود ذلك إلى أن هذا العام بدأ بظاهرة النينيو القوية، التي رفعت درجات الحرارة العالمية بشكل طفيف، ولكن من غير المتوقع أن يشهد ما تبقى من العام ظروف النينيو. ويستدل ماسترز على ذلك بقوله "شهد العام الماضي أكبر معدل زيادة لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما سيُبقي درجات الحرارة العالمية قريبة من مستوياتها القياسية، على الرغم من أن التقلبات الطبيعية ستُفضي إلى درجات حرارة أكثر انخفاضًا". اختبار حاسم لتغير المناخ بخلاف تلك التوقعات، ظهرت نظرية جديدة مثيرة للقلق في طليعة علوم المناخ لتفسير الارتفاعات المفاجئة في درجات الحرارة، وتتوقع أن يُصنّف عام 2025 من بين أشد الأعوام حرارة على الإطلاق رغم ظاهرة النينيا. في ورقة بحثية نُشرت مؤخرًا، جادل العالمان بوشكر خاريشا وجيمس هانسن من معهد الأرض بجامعة كولومبيا، بأنه من المتوقع أن يكون ارتفاع درجة الحرارة العالمية هذا العام مماثلا لارتفاع العام الماضي (العام القياسي) ما لم يحدث ثوران بركاني كبير يُبرّد الكوكب. يقول خاريشا، في حديثه للجزيرة نت "من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كان سيُسجل رقمًا قياسيًا جديدًا، ولكن كما أوضحتُ أنا وهانسن في منشور غير رسمي حديث، نتوقع أن يظل قريبًا جدًا من (أو ربما يتجاوز) الرقم القياسي المسجل في العام الماضي". بالإضافة إلى استمرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن أنشطة الإنسان، يجادل خاريشا بأن هناك سببين رئيسين: أولًا، حساسية مناخ الأرض لزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي، وثانيًا، الانخفاض الكبير في انبعاثات الهباء الجوي (الجسيمات الدقيقة في الغلاف الجوي) الناتجة عن صناعة الشحن العالمية، وهي مهمة للغاية ليس فقط لأنها تعكس ضوء الشمس، ولكن أيضًا لأنها تزيد من اتساع الغيوم وسطوعها". ويضيف "في أوراقنا البحثية الأخيرة، نقيِّم أن كلا العاملين (تأثير الهباء الجوي على الغيوم وحساسية المناخ) قد تم التقليل من شأنهما منذ فترة طويلة من قبل مجتمع علوم المناخ السائد، لذلك بالنسبة لنا، لم تكن درجات الحرارة المرتفعة الشهرية الأخيرة مفاجئة للغاية لأنها تتفق مع تحليلاتنا الأخيرة". ويجادل خاريشا بأن عام 2025 سيكون بمثابة "اختبار حاسم" لنظرياتهما حول تسارع الاحتباس الحراري، فإذا ظلت درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية أو أعلى من مستويات ما قبل الثورة الصناعية -على الرغم من تلاشي ظاهرة النينيو- فسيؤكد ذلك حدوث تحول جوهري في ديناميكيات المناخ. من ناحية أخرى، إذا انخفضت درجات الحرارة بشكل ملحوظ في عام 2025، فهذا يشير إلى أن دورات الاحترار السابقة الناجمة عن ظاهرة النينيو لا تزال مهيمنة، وأن بعض الارتفاع الأخير في درجات الحرارة ربما كان مؤقتًا. على أي حال، هذا العام أكثر من مجرد عام حار آخر، إنه تجربة حاسمة لعلم المناخ. إذا كانت توقعات خاريشا صحيحة، فقد ندخل مرحلة جديدة خطيرة من تغير المناخ، حيث يستمر الاحتباس الحراري حتى بدون تأثير النينيو.