
د . صلاح جرار : هل غيّرت دولة الاحتلال وجه الشرق الأوسط؟
أخبارنا :
يزعم قادة الاحتلال الصهيوني في فلسطين أنّهم تمكنوا في الأشهر القليلة الماضية من تغيير وجه الشرق الأوسط، ويتزامن هذا الزعم مع توعدهم هم وحلفاؤهم الأميركان بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط ليصب في النهاية في خدمة المصالح الصهيونية وتحقيق المطامع التوسعية الصهيونية، ويطلق الصهاينة هذه المزاعم والتصريحات بكل ثقة وكأنهم يملأون أيديهم من نجاح خططهم ومشاريعهم وكأن أحداً في الشرق الأوسط كله لا يملك أن يعارضهم أو يخالف ما يعلنون عنه.
أما مصطلح الشرق الأوسط فهو مصطلح يشير إلى بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية والأناضول ومصر وإيران والعراق، وقد يشمل دولاً أخرى تصل إلى الجزائر غرباً وأفغانستان وباكستان وبلاد القوقاز شرقاً، ويضمّ ما يزيد على تسع عشرة دولة، وهي دول يتحدث عنها نتنياهو بكلّ تبجّج وكأنّها لا تساوي شيئاً ولا تملك إرادة ولا تستطيع فعل شيء أمام مطامعه العدوانية، ويلاحظ أن هذه الدول أكثرها عربية وإسلامية.
ومصطلح الشرق الأوسط مصطلح أوروبي له دلالات سياسية واستخدمته وزارة الخارجية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر، ثم استخدمه أحد ضباط البحرية الأميركية (الفرد ثاير ماهان) في مقال له نشر سنة 1902، وخلال الحرب العالمية الثانية أطلق هذا المصطلح على القيادة البريطانية في مصر، ومنذ إنشاء دولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين صدرت دعوات كثيرة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بتشكيل شرق أوسط جديد، ومن أهم من أطلقوا هذه الدعوة المؤرخ اليهودي البريطاني الذي حصل على الجنسية الأميركية برنارد لويس أطلقها في الخمسينيات من القرن الماضي وتبنت الإدارات الأميركية المُتعاقبة هذا المشروع ولا سيما بعد أحداث (11) سبتمبر/ 2001)، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس من أكثر المُتحمسين لها سنة 2006 إبّان الحرب الإسرائيلية على لبنان، وبعد عملية طوفان الأقصى في السابع من شهر تشرين الأول 2023 تجدّدت الدعوة في أميركا وفي الكيان الصهيوني إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط أو تغيير وجهه، وأصبحت المُجاهرة بالتوسع الصهيوني في دول عربية وإسلامية تعلو بصوت واضح على ألسنة الزعماء اليمينيين في الكيان المحتل. وتقف من ورائهم إدارات أميركية صهيونية تمدّهم بالمال والسلاح والدعم السياسي والدبلوماسي.
وقد ردّد نتنياهو في خطاباته وتصريحاته ومقابلاته الأخيرة التي نشرها بعد إبرام صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة في غزّة وإبرام اتفاق هدنة مع المقاومة اللبنانية أنه استطاع أن يغير وجه الشرق الأوسط وأنه سوف يواصل إحداث هذا التغيير بالقوة العسكرية، وحتى يقنع الناس بصحة كلامه نجد جيشه يواصل القيام باعتداءات داخل رفح وغزة وداخل القرى اللبنانية وعلى الحدود السورية اللبنانية تحت ذرائع مختلفة، وإلى جانب ذلك يُطلق يومياً تقريباً تهديدات ضدّ إيران ويقسم بشرفه أنه لن يسمح لها بامتلاك سلاح نووي، ويحاول التدخل في الشأن السوري ويحتل أراضي سورية ويحذّر من اقتراب الجيش السوري الجديد من جنوب دمشق ومن درعا.
ومنذ تغيير نظام الحُكم في سوريا والإسرائيليون يحاولون الإيحاء لنا بأن ذلك تم بتخطيط إسرائيلي وضمن مشروعهم لتغيير وجه الشرق الأوسط.
إن الذي يتابع سيرة الاحتلال الصهيوني في فلسطين يعرف أن الصهاينة لا يملون من الكذب والافتراء، وأنّ أكثر أكاذيبهم وإعلامهم موجّه للجمهور الإسرائيلي المُهيأ سلفاً لتصديق كل الأكاذيب، وكذلك للجمهور الغربي في أميركا وأوروبا، وهو جمهور سطحي الثقافة ومهيّأ لتصديق كلّ أكذوبة صهيونية بسبب الدور الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربيّة التي يملكها الصهاينة وداعموهم في الغرب. ويجيد الصهاينة استغلال الفرص والظروف والأحداث وتوجيهها لخدمة أكاذيبهم؛ فالهدنة في غزة هي مما اضطرت إليه دولة الكيان وكذلك الهدنة في لبنان، وما جرى في سوريا من تغير نظام الحُكم هو استحقاق تاريخي قديم، وتوقف إطلاق الصواريخ من اليمن وغيرها هو نتيجة طبيعية للهدنة في غزة، وعليه فإنّ مزاعم هذا الكيان الكاذب بأنه غير وجه الشرق الأوسط ما هي إلا أكاذيب تأتي في سياق خداع الجمهور الصهيوني وفي سياق الحرب الإعلامية والنفسية على المقاومة الفلسطينية والشعوب العربية.
ويبقى السؤال المُوجه للدول العربية والإسلامية التي تقع ضمن خارطة ما يُعرف بالشرق الأوسط: ما هو ردكم أو استعداداتكم لمواجهة التهديدات الإسرائيلية المُتواصلة بالاستمرار في تغيير وجه الشرق الأوسط وخارطته بالقوة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 12 ساعات
- أخبارنا
القناة 12 العبرية: رئيس الشاباك الجديد يعارض صفقات تبادل الأسرى مع حماس ويعتبر الحرب على غزة أبدية
أخبارنا : ذكرت القناة 12 العبرية أن رئيس الشاباك المعين اللواء ديفيد زيني عارض خلال اجتماع مغلق صفقات تبادل الأسرى مع حماس. وذكرت القناة العبرية أن زيني يعتبر الحرب على قطاع غزة "أبدية". وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة مصورة حول تعيين زيني رئيسا لجهاز "الشاباك" أنه كان يتابعه منذ سنوات. وأضاف: "عندما قرأت التقرير الذي كتبه، قبل ستة أشهر من المجزرة( هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر)، حذر على وجه التحديد من وجود خطر غزو بري قد يفاجئنا، وأننا بحاجة إلى الاستعداد بشكل مختلف". وبحسب قوله، "لقد شعرت بالأسف لأن هذا التقرير لم يصل إلي، ولكنني كنت سعيدا أيضا لأن هناك من حذر حقا وحذر ورأى الأمور كما ينبغي أن تكون". يتبع..


سواليف احمد الزعبي
منذ 2 أيام
- سواليف احمد الزعبي
'انهيار التنسيق وفرار الجنود'.. جيش الاحتلال يُقرّ بفشله في 'كيسوفيم'
#سواليف نشر #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، نتائج تحقيقاته الرسمية حول #الفشل_العسكري في مستوطنة 'كيبوتس #كيسوفيم' خلال معارك السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي شكّلت واحدة من أبرز نقاط #الانهيار في منظومة الأمن العسكري الإسرائيلي خلال هجوم المقاومة الفلسطينية. وأقرّ التقرير أن القوات الإسرائيلية فشلت في تنفيذ مهمتها الأساسية بحماية مستوطني 'كيسوفيم'، مشيرًا إلى أن القوات واجهت صعوبة كبيرة في العمل كوحدة منسقة، بسبب كثافة المقاومين وسرعة تحركهم، وهو ما أربك القيادة وأفشل محاولات التصدي للهجوم. وكشف التحقيق أن السيناريو الذي جرى التحضير له مسبقًا من قِبل الجيش كان 'خاطئًا من الأساس'، حيث لم تتناسب التجهيزات الميدانية مع طبيعة التهديد الحقيقي، في حين أن القوات لم تكن مدرّبة بشكل كافٍ على القتال داخل مستوطنة إسرائيلية مكتظة بالمهاجمين. وأشار التقرير إلى أن استعادة السيطرة على 'الكيبوتس' تأخرت بشكل كبير، وأن القوات التي دخلت لم تنفذ عمليات تفتيش ميداني منهجية واحترافية، ما سمح للمهاجمين بالمناورة داخل الموقع لفترة طويلة. ولفت إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يكن عاملاً رئيسيًا في التصدي للهجوم، وهو ما أضعف قدرة الجيش على استعادة السيطرة في الوقت المناسب. وعلى مستوى القيادة والسيطرة، أشار التحقيق إلى أن أداء الكتيبة في ساعات الصباح كان 'جيدًا'، لكنه تراجع بشكل لافت خلال العمليات داخل 'الكيبوتس'، حيث كانت القيادة 'أقل فعالية' مما تطلبه الموقف الميداني. وخلال عرض نتائج التحقيق أمام سكان 'كيبوتس ميفلاسيم'، ظهرت مشاهد توثّق لحظات تقاعس مثيرة للجدل، من بينها توثيق لسيارتين عسكريتين من طراز 'داود' وصلتا إلى مدخل الكيبوتس تقلّان جنودًا، لكن الجنود لم ينزلوا من العربات ولاذوا بالفرار، في مؤشر على حالة من الإرباك والتردد في مواجهة مقاتلي المقاومة. يأتي هذا التحقيق في إطار سلسلة من المراجعات التي يجريها جيش الاحتلال عقب الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضمن عملية 'طوفان الأقصى'، والتي كشفت عن ثغرات أمنية وعسكرية عميقة داخل منظومة الاحتلال، وأثارت انتقادات واسعة في الأوساط الإسرائيلية.


الوكيل
منذ 2 أيام
- الوكيل
تراشق بين قادة إسرائيل بعد هجوم المتحف اليهودي بواشنطن
01:35 م ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- تبادل قادة إسرائيل الاتهامات ما بينهم بعد حادثة مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن مساء أمس الأربعاء، وقال 3 وزراء إن دم موظفي السفارة يتحمله رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان، في حين حمل غولان حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن الحادث. اضافة اعلان فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن هناك علاقة مباشرة بين الدعاية المعادية للسامية وبين عملية القتل التي حصلت في واشنطن، معتبرا أن ممثلي إسرائيل حول العالم "هدف للإرهاب"، ودعا زعماء العالم للتوقف عن التحريض ضد إسرائيل. وأشار إلى أن "الإرهاب يلاحقنا في كل مكان ولن نستسلم له"، مؤكدا "علينا تعزيز الوحدة بين الإسرائيليين من أجل تحقيق الانتصار". من جهته قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن "معادي السامية في العالم يستمدون القوة من السياسيين الأشرار في إسرائيل"، في إشارة إلى تصريحات غولان ووزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون التي انتقدا فيها حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة. كما عبر وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهر عن شعوره بالصدمة إزاء الهجوم الدامي على موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وقال إن الهجوم "نجم عن تشويه سياسيين دنيئين سمعتنا باتهامات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب"، في إشارة إلى غولان ويعالون أيضا. من ناحيته كان وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أكثر مباشرة في توجيه الاتهام حيث قال إن "دم موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن على يدي يائير غولان وأصدقائه". وكان غولان قال الثلاثاء الماضي "إن الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين الفلسطينيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان"، في حين قال يعالون إن قتل حكومة نتنياهو للفلسطينيين نابع من "أيديولوجية مسيانية وقومية وفاشية". في المقابل رفض غولان الاتهامات السابقة وحمّل نتنياهو المسؤولية عن الهجوم في واشنطن وقال إن حكومته "تغذي معاداة السامية وكراهية إسرائيل والنتيجة هي خطر يهدد كل يهودي في العالم". وفي مواجهة تراشق الاتهامات هذا ناشد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الإسرائيليين "وقف المعارك البينية في الوقت الذي تواجه فيه الدولة العديد من التهديدات"، على حد قوله. وأضاف أن عليهم التحرك "معا بحزم في الحرب ضد الكراهية ومعاداة السامية وليس في الحرب الداخلية". من جهته عبر نتنياهو عن صدمته من الحادث وقال إن "الافتراءات الدموية ضد إسرائيل تسفك الدم ويجب محاربتها والقضاء التام عليها"، مؤكدا أنه "سيتم تعزيز الأمن في السفارات الإسرائيلية حول العالم". كما قال زعيم حزب "معسكر الدولة" الإسرائيلي المعارض بيني غانتس: "سنواصل الوقوف معا في وجه الشر وسننتصر عليه". في حين قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن ما حدث يرجع إلى "نفس الكراهية المعادية للسامية والتي تهدف الآن إلى نفي وجود إسرائيل"، على حد تعبيره. وأضاف أن "جريمة القتل في واشنطن استمرار لجريمة القتل التي وقعت في بروشين وللمذبحة في نير عوز" في إشارة منه إلى عملية طوفان الأقصى بتاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عندما هاجمت المقاومة الفلسطينية مستوطنات غلاف غزة ومن ضمنها مستوطنة نير عوز. بدوره قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن "هذا ما كانوا يقصدونه دائما بعبارة عولمة الانتفاضة"، واعتبر أن جريمة القتل في واشنطن "نتيجة مباشرة للتحريض الذي شهدناه في المظاهرات حول العالم" وإنها كانت "عملا إرهابيا معاديا للسامية"، على حد زعمه. واعتبر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون أن "إلحاق الأذى بالدبلوماسيين وبالجالية اليهودية يعتبر تجاوزا لخط أحمر" مؤكدا أن "إسرائيل ستواصل العمل بحزم لحماية مواطنيها وممثليها في جميع أنحاء العالم"، معبرا عن ثقته بأن "السلطات ستتخذ إجراءات صارمة ضد من قاموا بهذا العمل الإجرامي". الجزيرة