
الجزائر.. مرشحون للانتخابات الرئاسية متهمون بـ"الفساد"
طالب وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بدائرة سيدي أمحمد بالعاصمة، اليوم الخميس، بتوقيع أقصى العقوبات على عدة مترشحين للانتخابات الرئاسية 2024.
ووجهت النيابة العامة اتهامات خطيرة للمتهمين بينهم المترشحة سعيدة نغزة ، والمرشحان بلقاسم ساحلي، وعبد الحكيم حمادي ، وذلك في إطار قضية "الفساد الانتخابي" التي هزت الرأي العام، وطلبت بسجنهم 10 سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري لكل منهم، بينما طالبت بتوقيع عقوبات تتراوح بين 5 و8 سنوات سجنا مع نفس الغرامة على باقي المتهمين، وهم منتخبون محليون وأعضاء في الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية ونجل نغزة وآخرون.
كما طالبت النيابة بمصادرة جميع المحجوزات وتثبيت الأمر بالقبض الدولي الصادر ضد النجل الثاني لسعيدة نغزة، الذي لا يزال فارا من وجه العدالة.
وشهدت الجلسة الثالثة من المحاكمة مواجهات قضائية حادة، حيث استمع القاضي إلى اعترافات ونفي المتهمين حول تورطهم في عمليات شراء التزكيات الانتخابية مقابل مبالغ مالية.
ووفقا لوقائع الجلسة، وجهت اتهامات لنجل سعيدة نغزة، وشخص يدعى بشير، بتقديم مبالغ مالية تتراوح بين 2000 دينار و20 ألف دينار لأشخاص زعموا أنهم جاءوا إلى مقر الحملة الانتخابية لوالدته. إلا أنه أنكر هذه التهمة، مؤكدا أن الأموال كانت "صدقة وإحسانا" لمساعدة بعض الأشخاص على العودة إلى ولاياتهم، وليس لها أي علاقة بالحملة الانتخابية.
من جهته ، كشف أحد المتهمين، ويدعى بلعباس، عن تسلمه 67 استمارة من سعيدة نغزة لجمع توقيعات المنتخبين بولاية الجلفة، لكنه تراجع عن تصريحاته السابقة حول تلقي أموال، مبررا ذلك بـ"الضغوط النفسية" التي تعرض لها خلال التحقيق.
وواجه عدد من المنتخبين المحليين من ولايات البليدة، الجلفة، تيزي وزو، وهران، وغليزان اتهامات بتلقي أموال مقابل جمع توقيعات لصالح المترشحة نغزة، لكنهم أنكروا ذلك بشدة، مؤكدين أنهم قدموا المساعدة بدون مقابل، وأن المبالغ المذكورة في محاضر الضبطية "لا أساس لها من الصحة".
يذكر أن هذه القضية تتابع فيها النيابة العامة أكثر من 80 متهما، بينهم مترشحون ورؤساء بلديات وأعضاء في المجالس المحلية، في واحدة من أكبر قضايا الفساد الانتخابي التي تشهدها الجزائر في السنوات الأخيرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 5 ساعات
- النهار
الأردن يتحرّك نحو سوريا: فرص جديدة في التجارة والإعمار بعد رفع العقوبات
استقبل الأردن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات كاملة عن سوريا بكثير الأمل في أن تمضي العلاقات الاقتصادية بين عمّان ودمشق إلى أعلى مستوياتها، خصوصاً في ما يتعلق بملف إعادة الإعمار. والأحد، وافق مجلس الوزراء الأردني على الإطار العام لإنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين المملكة وسوريا، الذي سبق أن اتفق على إنشائه برئاسة وزيريّ خارجية البلدين، سعياً لتعزيز التعاون في العديد من المجالات، ولاسيما الأساسية منها كالتجارة والنقل والطاقة والصحة، والتوسع لاحقاً إلى بقية المجالات. ومن المقرر أن يجتمع مجلس التنسيق بالتناوب في كل من البلدين، على أن يكون الاجتماع الأول في الأردن، ويعقد دوراته مرة كل ستة شهور، ويجوز له عقد دورة استثنائيَّة في أي وقت يتَّفق عليه الطرفان إذا دعت الحاجة. وتشير بيانات غرفة تجارة عمّان إلى أن العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا شهدت تقلبات ملحوظة ما بين عام 2018 ومطلع عام 2025، نتيجة التحديات السياسية والعقوبات المفروضة على سوريا، والتي انعكست بشكل مباشر على الميزان التجاري بين البلدين. وبلغت الصادرات الأردنية إلى سوريا خلال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من بداية العام الحالي، قرابة 35.4 مليون دينار أردني (نحو 50 مليون دولار). اتفاقات ومذكرات تفاهم جديدة بشأن ذلك، يقول رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق إن "قرار رفع العقوبات من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة أمام الدول المجاورة، وعلى رأسها الأردن، نظراً الى طبيعة العلاقة الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية بين البلدين". ويضيف الحاج توفيق لـ"النهار" أن هذا القرار "سيُحدث فارقاً كبيراً على مستوى القطاع الخاص الأردني، إذ إن عودة النظام المصرفي السوري إلى المنظومة المالية الدولية ستمكننا من تبادل الحوالات المالية بحرية، وتسهيل انتقال الأموال، وهو ما كان يشكّل عائقاً رئيسياً أمامنا في السابق". ويتابع: "كانت العقوبات خصوصاً بعد تطبيق قانون قيصر عام 2020، تحظر علينا التعامل مع الحكومة السورية في ما خص العطاءات والمشاريع المرتبطة بالبنية التحتية. أما اليوم، فلدينا فرصة لإعادة النظر في هذه العلاقة عبر توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم جديدة تفيد القطاعين الخاصين في البلدين". ويؤكد أن "الحكومة الأردنية والبنك المركزي سيكون لهما دور فاعل في توثيق هذه العلاقات من خلال اتفاقات رسمية مع الجانب السوري، خصوصاً في ظل وجود رغبة مشتركة لتهيئة بيئة اقتصادية مرنة وأكثر انفتاحاً". ويشير إلى أن "قطاعي النقل والترانزيت سيستفيدان بشكل مباشر من هذا الانفتاح، كما أن العملة السورية شهدت تحسناً بنسبة 15% منذ إعلان ترامب رفع العقوبات، وهذا يُعد مؤشراً إيجابياً على الاستقرار، ودافعاً رئيسياً لإعادة بناء الاقتصاد السوري". وعن دور الأردن في إعادة الإعمار، يقول: "نتوقع أن يكون للأردن دور محوري في مرحلة إعادة الإعمار، خصوصاً في مشاريع البنية التحتية، وإعادة تأهيل النظام المصرفي السوري، إذ يتمتع الجهاز المصرفي الأردني بخبرة عميقة، ويمتلك البنك المركزي الأردني كفاءات مشهود لها، فضلاً عن وجود بنوك أردنية كانت تعمل في سوريا وتوقفت بسبب العقوبات، واليوم يمكن أن تستأنف نشاطها وتدعم الاقتصاد السوري". وبشأن التبادل التجاري، يؤكد الحاج توفيق أن "الحركة لم تتوقف يوماً رغم التحديات، لكنها كانت مكلفة، إذ كنا نعتمد على البحر في التصدير، وهو ما استنزف الوقت والأكلاف، كما أن قرابة ألفي سلعة كانت محظورة من التصدير إلى سوريا، في مقابل قيود سورية على الاستيراد من الأردن، بسبب شُح العملة الصعبة والأولويات التي فرضتها الحرب". والسوق السورية، بحسب الحاج توفيق، لا تزال "جاذبة للتاجر الأردني، لكن ليس في جميع القطاعات، إذ من المتوقع أن تحقق سوريا اكتفاءً ذاتياً ببعض السلع بعد التعافي"، قائلاً: "نحن ذاهبون إلى دمشق الأسبوع المقبل للاطلاع على الاحتياجات الفعلية. فمجالات مثل الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، تشكّل فرصة كبيرة أمام الشركات الأردنية للاستثمار والتعاون المشترك. وأتوقع أن أولى اجتماعات اللجان الحكومية ستشهد توقيع اتفاقات إيجابية تُعزز التبادل التجاري وتكرّس دور الأردن كوسيط اقتصادي فاعل في المنطقة". فرصة استراتيجية لإعادة تموضع الأردن من جهته، يرى الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت أن "رفع العقوبات يشكّل فرصة استراتيجية لإعادة تموضع الأردن كمحور تجاري ولوجستي في المنطقة، فضلاً عن أنه يمثّل فرصة كبيرة أمام المنتجات الوطنية للتصدير إلى سوريا". ويضيف الساكت لـ"النهار" إن "عودة سوريا إلى المشهد الاقتصادي الإقليمي تعني فتح خطوط النقل البري بين الأردن وتركيا وأوروبا، وأيضاً دول الخليج عبر الأراضي السورية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على أكلاف الشحن والوقت من جهة، ويعزز من تنافسية المنتجات الأردنية في الأسواق المجاورة من جهة أخرى". ويشير إلى أن "تجارة الترانزيت فقط تجاوزت حاجز 700 مليون دولار قبل عام 2011"، مؤكداً أن "استئناف هذا النوع من التجارة يعزز من نشاط قطاع الشحن ويتيح الاستفادة القصوى من إعادة فتح المعابر، لا سيما منطقة جابر الحدودية التي لطالما شكلت نقطة عبور حيوية للبضائع والمسافرين". ويتابع: "هذا الانفتاح سينعكس على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، خصوصاً في محافظات الشمال، كما سيساهم في تنويع مصادر المواد الخام والأسواق الموردة إلى الأردن، مما يقلل من الاعتماد على المنافذ المحدودة ويحسن من قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التقلبات العالمية". ويلفت إلى أن "انفتاح السوق السورية تدريجياً سيتيح للصناعات الأردنية فرصاً تصديرية جديدة إلى سوق متعطشة، خصوصاً في قطاعات مهمة مثل الصناعات الدوائية، والمنتجات الغذائية، ومواد البناء". ويؤكد أنه "رغم غياب تقديرات رسمية دقيقة، إلا أن استئناف العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا يُعد فرصة حقيقية لتحقيق مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بمئات ملايين الدولارات سنوياً على المدى القصير، وأكثر من ذلك على المدى المتوسط والطويل. فقبل عام 2011، تجاوز حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين 600 مليون دولار، وكان الأردن رابع شريك اقتصادي لسوريا. ويمكن استعادة هذا المستوى تدريجاً، بل والبناء عليه".


بنوك عربية
منذ 15 ساعات
- بنوك عربية
تأجيل ملف فساد 'الفرنسي التونسي'.. وتعويضات بالملايين
بنوك عربية قررت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية التونسية، تأجيل النظر في ملف تجاوزات وفساد تتعلق بالبنك الفرنسي التونسي إلى يوم الاثنين 26 مايو الجاري، وذلك بطلب من محامي الدفاع للاطلاع على مؤيدات جديدة قدمها المكلف العام بنزاعات الدولة. ويواجه في القضية كل من وزير أملاك الدولة الأسبق سليم بن حميدان، الذي تغيب عن الجلسة، ورجل الأعمال عبد المجيد بودن المحال بحالة فرار، إضافة إلى مستشار مقرر سابق بوزارة أملاك الدولة ومسؤولة سابقة بالوزارة حضرا الجلسة. وقدّم ممثل المكلف العام بنزاعات الدولة تقريرًا يتضمن مؤيدات تتعلق بمطالب الدولة التونسية في تعويضات بقيمة 14 مليون دينار تونسي بعنوان أتعاب تقاضي. وتعود وقائع الملف إلى بداية ثمانينات القرن الماضي، حين دخلت المجموعة العربية الدولية للأعمال (ABCI)، برئاسة عبد المجيد بودن، في شراكة بالبنك الفرنسي التونسي عبر تحويل مالي لم يستوف التراخيص القانونية اللازمة، ما أشعل نزاعًا قانونيًا مستمرًا بين الطرفين دام لأكثر من أربعة عقود. وأفضى النزاع إلى لجوء الطرفين إلى التحكيم الدولي، حيث صدر حكم عن غرفة التجارة الدولية سنة 1987 بتغريم البنك لصالح مجموعة ABCI، فيما اعتبرت السلطات التونسية الحكم باطلاً نظراً لعدم علمها بالإجراءات. توالت محاولات التسوية بين الطرفين، كان أبرزها اتفاقات صلح في 1989 بين مجموعة ABCI والشركة التونسية للبنك، وتلاها اتفاق ثانٍ مع وزارة المالية، غير أن عبد المجيد بودن تراجع لاحقًا عن التزاماته وغادر البلاد، مما أعاد الملف إلى المسار القضائي وأدى إلى صدور أحكام غيابية في حقه بالسجن والغرامة. لاحقًا، رفعت مجموعة ABCI قضايا جديدة أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID)، الذي أصدر سنة 2017 قرارًا بتحمّل الدولة التونسية مسؤولية ما اعتبره انتهاكًا لمبدأ المعاملة العادلة، مستندًا إلى تمتيع بودن بالعفو التشريعي العام سنة 2012. وقد شهد الملف تدخل هيئة الحقيقة والكرامة التي نشرت تقريرًا اعتبرته وزارة أملاك الدولة مُجحفًا ومسيئًا للدولة التونسية، لما تضمّنه من اتهامات وإشارات اعتبرتها الوزارة اعترافًا ضمنيًا بمسؤولية الدولة. ويُعد هذا الملف من أعقد قضايا التحكيم في تاريخ تونس، ويمثل اختبارًا حقيقيًا لمستقبل الدولة في النزاعات الدولية ذات الصلة بالاستثمار والشراكة المصرفية.


شبكة النبأ
منذ 2 أيام
- شبكة النبأ
الأحزاب والمفسدين من الحماية الى الشراكة
حماية الأحزاب السياسية العراقية للفاسدين لم تعد استثناءً، بل أصبحت نمطًا ثابتًا يكشف عن عمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها الدولة. ما لم تتم معالجة هذه الظاهرة بشكل جذري، فإن كل حديث عن محاربة الفساد سيظل خطابات جوفاء، وسيبقى المواطن هو الخاسر الأول... دخل العراق مرحلة جديدة من مراحل العمل السياسي والانفتاح الديمقراطي الذي يعني المشاركة في الحكم من قبل الأحزاب والكتل السياسية، اذ غيرت هذه الأحزاب النظرة العامة عن السياسة من الناحية النظرية على الأقل، ومن الطبيعي بمثل هذه الحالة او الظروف المناخية السائدة، يكون التنافس بين هذه الأحزاب على الإدارة الجيدة والتسابق نحو تقديم الأفضل. لكن ومع مرور الوقت تحوّلت هذه الأحزاب الى شبكات داخلية بصبغة سياسية لحماية المفسدين والمهيمنين على المال العام، حيث برزت هذه الظاهرة نتيجة الحاجة الفعلية لهذه الأحزاب في تسيير امورها المادية، فعمدت الى حماية المتعاملين معها او المنتمين فكريا اليها بوصفهم أدوات مالية. واخذت هذه الظاهرة بالتنامي مع تنامي الإيرادات والشروع بخطة الاستثمارات وتحسين البنى التحتية للبلاد، فعن طريق المقاولات وإحالتها بطرق غير قانونية او شرعية، بدأت الخزانات المالية الحزبية بالانتفاخ، مع الحماية او التحصين الحزبي لهؤلاء المتنفذين ولنا بهذا الصدد العديد من الأمثلة وآخرها. هي ما وصفت بصفقة او سرقة القرن وعرابها الذي اخرجه القضاء بكفالة مالية نور زهير. زهير لم يكن شخصية اعتيادية بالمرة، وجميعنا تابع مجريات احداث القضية منذ انتشارها على وسائل الإعلام ولغاية جلسات الحكم من قبل القضاء العراقي، ومن يركز في بعض التفاصيل لحديث المتهم، يجد ان العملية أكبر بكثير من حصرها في نطاق هذه الشخصية البسيطة مقارنة بحيتان الفساد المختبئة خلف الكواليس. اليك مثال آخر يؤكد ان المفسدين يحتمون او يستضلون بمضلات سياسية، فقضية عبد الفلاح السوداني وزير التجارة في زمن حكومة المالكي، الذي اختلس 4 مليار دولار من تخصيصات الوزارة المرصودة للبطاقة التموينية، انتهت في المحصلة النهائية بقبول كفالته مقابل مبلغ 50 مليون دينار عراقي، بينما عشرات المواطنين لا يزالون على ذمة التحقيق لعدم وجود حزب سياسي يحميهم او يدافع عنهم. واضح جدا امام المراقب للشأن السياسي العراقي وتحديدا ملفات الفساد يلحظها ترتبط بشخصيات سياسية أو مسؤولين مدعومين من قِبل أحزاب نافذة، وبدل أن تكون هذه الأحزاب جزءًا من منظومة محاسبة داخل الدولة، فإنها كثيرًا ما تتحول إلى مظلة تحصّن المتورطين وتمنع وصول يد القانون إليهم. مثل هذه الحماية او التحصين قد تكون مباشرة، كالتدخل لمنع إصدار مذكرات توقيف أو تأخيرها عبر الضغط السياسي، أو عن طريق غير مباشرة عبر التلاعب بمسارات التحقيق وتبديل القضاة أو نقل الملفات بين الهيئات، في محاولة لكسب الوقت والبحث عن مخارج لخفيف الحكم او تغيير مادة الحكم. الأحزاب السياسية المتبنية لهذه الشخصيات غالبا ما تبرر في خاطبها هذه الحماية من منطق الحفاظ على التوازن السياسي أو "الابتعاد عن التصعيد الطائفي"، وهي ذرائع تخفي تحتها مصلحة واضحة، منها حماية مصادر التمويل والنفوذ، إذ أن الفاسدين غالبًا ما يكونون في مواقع إدارية عليا أو يتمتعون بشبكات نفوذ داخل المؤسسات، ما يجعلهم أدوات مهمة في تعزيز سلطة الحزب أو الكتلة التي يتبعون لها. ولكل غرض وسيلة للوصول، ومن أكثر الطرق وصولا الى حماية مطلقة تستخدمها الأحزاب في حماية الفاسدين هي تسييس المؤسسات الرقابية والقضائية، وفي هذا الاتجاه تم تحويل بعض الهيئات المستقلة "نظريا" مثل هيئة النزاهة أو ديوان الرقابة المالية، إلى أدوات تُستخدم في التصفيات السياسية أو تُشل حركتها عند المساس بأحد 'المحميين'. أما القضاء، الذي يُفترض أن يكون ضامنا للعدالة، فقد أُخضع بدوره لتوازنات الكتل، ما أفرغ مبدأ استقلاليته من مضمونه في الكثير من الحالات. هذا الواقع أدى إلى نتائج كارثية على المستوى المالي، فالدولة أصبحت عاجزة عن محاسبة المتورطين في سرقة المال العام، بل وأصبحت مواقع المسؤولية تُمنح كمكافآت للولاء السياسي وليس على أساس الكفاءة أو النزاهة، أما المواطن فلم يعد يرى في الدولة ملجأً لتحقيق العدالة، بل أصبح يزداد قناعة بأن النظام السياسي بأكمله متواطئ في إنتاج الفساد. رغم الصورة القاتمة، لا يمكن القول إن الأمل معدوم، هناك جهود داخلية ودولية تضغط من أجل إصلاحات جدية، وهناك وعي شعبي متزايد بممارسات الطبقة السياسية، لكن أي إصلاح حقيقي يظل مشروطًا بتفكيك منظومة الحماية التي توفرها الأحزاب للفاسدين، وهو أمر يتطلب ليس فقط أدوات قانونية وقضائية مستقلة، بل إرادة سياسية لا تزال حتى الآن غائبة أو محدودة للغاية. حماية الأحزاب السياسية العراقية للفاسدين لم تعد استثناءً، بل أصبحت نمطًا ثابتًا يكشف عن عمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها الدولة. ما لم تتم معالجة هذه الظاهرة بشكل جذري، فإن كل حديث عن محاربة الفساد سيظل خطابات جوفاء، وسيبقى المواطن هو الخاسر الأول.