
أحزاب مغربية ' إختفت' في صمت… وأخرى دون تأثير
رغم أن الحياة السياسية في المغرب تتسم رسميا بتعددية حزبية واسعة، تضم أكثر من ثلاثين حزبًا معترفًا به، إلا أن عددًا كبيرًا من هذه التشكيلات أصبح اليوم في حكم الغائب، دون أن يشعر به المواطن أو يتفاعل معه الشارع، أحزاب حملت أسماء وشعارات، لكنها لم تصمد أمام متغيرات الواقع، واختفت بصمت، دون أثر سياسي يُذكر.
– أحزاب في عداد المفقودين سياسيا
لا يخفى على المتابعين أن العديد من الأحزاب التي كانت حاضرة في مراحل معينة من التاريخ السياسي المغربي، تراجعت بشكل لافت، فبعض هذه الأحزاب لم يُحل قانونيًا، لكنه لم يعد يشارك في الانتخابات أو يصدر مواقف سياسية، كما لا يظهر في الإعلام أو المنصات الرقمية.
من أبرز هذه الأمثلة، حزب الشورى والاستقلال، الذي لعب دورا بارزا بعد الاستقلال، لكنه اختفى من المشهد بشكل كامل، كذلك، حزب القوات المواطنة، الذي تأسس في فترة حساسة، لم يعد له أثر فعلي، رغم عدم الإعلان عن حله، إلى جانب حزب رابطة الحريات الذي اندمج في حزب ' البام'.
ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لـالحزب الديمقراطي الوطني، الذي فقد الكثير من زخمه بعد محاولات اندماج محدودة ضمن مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، ثم غاب تمامًا عن أي نشاط سياسي جدي.
– اندماجات بلا أثر… وتعددية شكلية
عرف المشهد الحزبي المغربي محاولات متكررة لدمج الأحزاب الصغيرة ضمن تكتلات كبرى، لكنها لم تُثمر سوى عن تغييب الهويات السياسية لتلك الأحزاب، دون تعويضها بتأثير حقيقي. فقد أدى اندماج الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية في حزب العدالة والتنمية إلى ذوبان الهوية الأصلية تمامًا، كما أن مشروع دمج أحزاب كـالحزب الوطني الديمقراطي في 'البام' لم يخلق توازنًا سياسيًا حقيقيًا، بقدر ما أدى إلى تآكل تمثيلية هذه الأحزاب على الأرض.
– مختصون: غياب المشروع الحزبي الحقيقي هو أصل الأزمة
يرى مختصون في الشأن الحزبي المغربي أن اختفاء العديد من الأحزاب من المشهد السياسي يعود إلى غياب رؤية واضحة ومشروع مجتمعي قادر على إقناع المواطنين، خصوصًا الشباب.
هذه الأحزاب تعاني من هشاشة تنظيمية، وافتقادها للتمويل، وغياب الاستراتيجية التواصلية، ما يجعلها عاجزة عن التفاعل مع محيطها.
ويُجمع المتتبعون على أن العمل الحزبي لا يمكن أن يُختزل في مقرّ فارغ أو تصريح موسمي، بل يتطلب انخراطًا فعليًا في القضايا الوطنية والمحلية، والتواجد في الميدان، وتكوين النخب، وتقديم مقترحات بديلة.
ويشير آخرون إلى أن كثيرًا من هذه الأحزاب تدير شؤونها بمنطق شخصي وذاتي، مثال حزب ' جبهة القوى الديمقراطية ' ما يفسر رفضها المتكرر لدعوات الاندماج أو الإصلاح الداخلي، وتشبثها بشكل من أشكال 'الوجود الشكلي' دون مضمون فعلي.
– غياب الانتخابات المحلية.. عامل إضافي في تهميش الأحزاب
كما يربط البعض ركود الحياة الحزبية بغياب دور الانتخابات المحلية في فترات معينة، مما قلّص من فرص الانخراط السياسي التدريجي، وحرم الكثير من المواطنين من وسيلة واقعية للتعبير والمشاركة السياسية، ومع عودة هذه الاستحقاقات لاحقًا، لم تستطع الأحزاب الغائبة أن تُعيد تموضعها، بل اختارت الانسحاب أو الاكتفاء بالحضور الرمزي.
– أزمة تمثيلية تتجاوز الأرقام
المشهد الحزبي المغربي اليوم يعيش أزمة تمثيلية لا تخفى على أحد، فعدد الأحزاب لا يعكس بالضرورة قوة الديمقراطية أو فعالية المشاركة السياسية، بل يُخفي وراءه تشتتًا تنظيمياً وفقرًا في التأطير والتجديد.
واختفاء أحزاب كثيرة من الشارع السياسي يعيد طرح سؤال جوهري: هل نحن أمام تعددية حقيقية، أم أمام تعددية شكلية محكومة بالكم دون الكيف؟.
الواقع يُشير إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الأحزاب لم يعد له مكان في وجدان المواطن، ولا في آليات صناعة القرار، ولا حتى في النقاش العمومي، ومع استمرار هذا الوضع، تبقى الحاجة ملحّة إلى إعادة هيكلة جذرية للمشهد الحزبي، انطلاقًا من تقييم حقيقي للدور، والجدوى، والمصير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 29 دقائق
- هبة بريس
منخرطون في نادي الوداد يرفضون "مؤسسة المنخرط" ويشككون في شرعيتها
هبة بريس عبّر عدد من منخرطي نادي الوداد الرياضي، في بيان توضيحي، عن رفضهم لما يُعرف بـ'مؤسسة منخرطي نادي الوداد'، معتبرين أنها لا تمثلهم ولا تحظى بأي شرعية تنظيمية أو تفويض ديمقراطي، كما جاء في نص البيان الذي تداولته صفحات تواصل اجتماعي. وأشار الموقعون على البيان إلى أنهم تابعوا 'ببالغ الاستغراب' إصدار المؤسسة المذكورة لبيان باسم عموم المنخرطين، دون استشارة أو عرضٍ مسبق على الأغلبية، مؤكدين أن عددًا كبيرًا من المنخرطين لم يكونوا على علم بوجوده أصلًا. وانتقد البيان ما وصفه بـ'الانشغال بتثبيت شرعية صفحات افتراضية بدل الانكباب على القضايا الجوهرية للنادي'، معتبرًا أن بعض الأطراف تُدافع عن كيان افتراضي أكثر مما تُدافع عن استقرار نادي الوداد ومستقبله المالي والرياضي. كما عبّر المنخرطون عن استيائهم من محاولات تكميم أفواه الصحافة الحرة، التي قامت – بحسبهم – بدورها في نقل الرأي الآخر داخل المؤسسة، مشيرين إلى أن ذلك يُخالف روح الديمقراطية وحرية التعبير. وأكد البيان أن تأسيس الإطار التواصلي السابق لم يكن بهدف التصعيد، بل جاء ردًا على 'حالة من الوصاية وتهميش الآراء المخالفة' داخل منظومة المنخرطين، لافتين إلى أن ما يُعرف بـ'مؤسسة المنخرط' مجرد عرف غير مُنتخب ولا يستند إلى أي سند قانوني أو تنظيمي داخل النظام الأساسي للنادي. وفي ختام البيان، شدّد المنخرطون المعنيون على التزامهم بحرية التعبير والنقد البناء، مؤكدين أن 'النادي لا يُبنى بالولاءات العمياء، بل بالانتماء الصادق والمسؤولية الجماعية'، وأعلنوا أن هذا البيان سيكون آخر تعقيب يصدر عنهم في هذا السياق، متمنين أن يُغلق النقاش بما يخدم مصلحة نادي الوداد الرياضي. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
منخرطون في نادي الوداد يرفضون 'مؤسسة المنخرط' ويشككون في شرعيتها
هبة بريس عبّر عدد من منخرطي نادي الوداد الرياضي، في بيان توضيحي، عن رفضهم لما يُعرف بـ'مؤسسة منخرطي نادي الوداد'، معتبرين أنها لا تمثلهم ولا تحظى بأي شرعية تنظيمية أو تفويض ديمقراطي، كما جاء في نص البيان الذي تداولته صفحات تواصل اجتماعي. وأشار الموقعون على البيان إلى أنهم تابعوا 'ببالغ الاستغراب' إصدار المؤسسة المذكورة لبيان باسم عموم المنخرطين، دون استشارة أو عرضٍ مسبق على الأغلبية، مؤكدين أن عددًا كبيرًا من المنخرطين لم يكونوا على علم بوجوده أصلًا. وانتقد البيان ما وصفه بـ'الانشغال بتثبيت شرعية صفحات افتراضية بدل الانكباب على القضايا الجوهرية للنادي'، معتبرًا أن بعض الأطراف تُدافع عن كيان افتراضي أكثر مما تُدافع عن استقرار نادي الوداد ومستقبله المالي والرياضي. كما عبّر المنخرطون عن استيائهم من محاولات تكميم أفواه الصحافة الحرة، التي قامت – بحسبهم – بدورها في نقل الرأي الآخر داخل المؤسسة، مشيرين إلى أن ذلك يُخالف روح الديمقراطية وحرية التعبير. وأكد البيان أن تأسيس الإطار التواصلي السابق لم يكن بهدف التصعيد، بل جاء ردًا على 'حالة من الوصاية وتهميش الآراء المخالفة' داخل منظومة المنخرطين، لافتين إلى أن ما يُعرف بـ'مؤسسة المنخرط' مجرد عرف غير مُنتخب ولا يستند إلى أي سند قانوني أو تنظيمي داخل النظام الأساسي للنادي. وفي ختام البيان، شدّد المنخرطون المعنيون على التزامهم بحرية التعبير والنقد البناء، مؤكدين أن 'النادي لا يُبنى بالولاءات العمياء، بل بالانتماء الصادق والمسؤولية الجماعية'، وأعلنوا أن هذا البيان سيكون آخر تعقيب يصدر عنهم في هذا السياق، متمنين أن يُغلق النقاش بما يخدم مصلحة نادي الوداد الرياضي.


هبة بريس
منذ 15 ساعات
- هبة بريس
أحزاب مغربية " إختفت" في صمت... وأخرى دون تأثير
هبة بريس – عبد اللطيف بركة رغم أن الحياة السياسية في المغرب تتسم رسميا بتعددية حزبية واسعة، تضم أكثر من ثلاثين حزبًا معترفًا به، إلا أن عددًا كبيرًا من هذه التشكيلات أصبح اليوم في حكم الغائب، دون أن يشعر به المواطن أو يتفاعل معه الشارع، أحزاب حملت أسماء وشعارات، لكنها لم تصمد أمام متغيرات الواقع، واختفت بصمت، دون أثر سياسي يُذكر. – أحزاب في عداد المفقودين سياسيا لا يخفى على المتابعين أن العديد من الأحزاب التي كانت حاضرة في مراحل معينة من التاريخ السياسي المغربي، تراجعت بشكل لافت، فبعض هذه الأحزاب لم يُحل قانونيًا، لكنه لم يعد يشارك في الانتخابات أو يصدر مواقف سياسية، كما لا يظهر في الإعلام أو المنصات الرقمية. من أبرز هذه الأمثلة، حزب الشورى والاستقلال، الذي لعب دورا بارزا بعد الاستقلال، لكنه اختفى من المشهد بشكل كامل، كذلك، حزب القوات المواطنة، الذي تأسس في فترة حساسة، لم يعد له أثر فعلي، رغم عدم الإعلان عن حله، إلى جانب حزب رابطة الحريات الذي اندمج في حزب ' البام'. ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لـالحزب الديمقراطي الوطني، الذي فقد الكثير من زخمه بعد محاولات اندماج محدودة ضمن مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، ثم غاب تمامًا عن أي نشاط سياسي جدي. – اندماجات بلا أثر… وتعددية شكلية عرف المشهد الحزبي المغربي محاولات متكررة لدمج الأحزاب الصغيرة ضمن تكتلات كبرى، لكنها لم تُثمر سوى عن تغييب الهويات السياسية لتلك الأحزاب، دون تعويضها بتأثير حقيقي. فقد أدى اندماج الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية في حزب العدالة والتنمية إلى ذوبان الهوية الأصلية تمامًا، كما أن مشروع دمج أحزاب كـالحزب الوطني الديمقراطي في 'البام' لم يخلق توازنًا سياسيًا حقيقيًا، بقدر ما أدى إلى تآكل تمثيلية هذه الأحزاب على الأرض. – مختصون: غياب المشروع الحزبي الحقيقي هو أصل الأزمة يرى مختصون في الشأن الحزبي المغربي أن اختفاء العديد من الأحزاب من المشهد السياسي يعود إلى غياب رؤية واضحة ومشروع مجتمعي قادر على إقناع المواطنين، خصوصًا الشباب. هذه الأحزاب تعاني من هشاشة تنظيمية، وافتقادها للتمويل، وغياب الاستراتيجية التواصلية، ما يجعلها عاجزة عن التفاعل مع محيطها. ويُجمع المتتبعون على أن العمل الحزبي لا يمكن أن يُختزل في مقرّ فارغ أو تصريح موسمي، بل يتطلب انخراطًا فعليًا في القضايا الوطنية والمحلية، والتواجد في الميدان، وتكوين النخب، وتقديم مقترحات بديلة. ويشير آخرون إلى أن كثيرًا من هذه الأحزاب تدير شؤونها بمنطق شخصي وذاتي، مثال حزب ' جبهة القوى الديمقراطية ' ما يفسر رفضها المتكرر لدعوات الاندماج أو الإصلاح الداخلي، وتشبثها بشكل من أشكال 'الوجود الشكلي' دون مضمون فعلي. – غياب الانتخابات المحلية.. عامل إضافي في تهميش الأحزاب كما يربط البعض ركود الحياة الحزبية بغياب دور الانتخابات المحلية في فترات معينة، مما قلّص من فرص الانخراط السياسي التدريجي، وحرم الكثير من المواطنين من وسيلة واقعية للتعبير والمشاركة السياسية، ومع عودة هذه الاستحقاقات لاحقًا، لم تستطع الأحزاب الغائبة أن تُعيد تموضعها، بل اختارت الانسحاب أو الاكتفاء بالحضور الرمزي. – أزمة تمثيلية تتجاوز الأرقام المشهد الحزبي المغربي اليوم يعيش أزمة تمثيلية لا تخفى على أحد، فعدد الأحزاب لا يعكس بالضرورة قوة الديمقراطية أو فعالية المشاركة السياسية، بل يُخفي وراءه تشتتًا تنظيمياً وفقرًا في التأطير والتجديد. واختفاء أحزاب كثيرة من الشارع السياسي يعيد طرح سؤال جوهري: هل نحن أمام تعددية حقيقية، أم أمام تعددية شكلية محكومة بالكم دون الكيف؟. الواقع يُشير إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الأحزاب لم يعد له مكان في وجدان المواطن، ولا في آليات صناعة القرار، ولا حتى في النقاش العمومي، ومع استمرار هذا الوضع، تبقى الحاجة ملحّة إلى إعادة هيكلة جذرية للمشهد الحزبي، انطلاقًا من تقييم حقيقي للدور، والجدوى، والمصير. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X