logo
الهدية أكبر من طائرة لترامب

الهدية أكبر من طائرة لترامب

إيطاليا تلغراف١٤-٠٥-٢٠٢٥

إيطاليا تلغراف
ياسر أبو هلالة
كاتب وصحفي.
بوينغ 747 وقد كُتب عليها 'HAMAS FORCE ONE'، وهو تعديل ساخر ومركّب على الاسم الشهير لطائرة الرئاسة الأميركية 'Air Force One'. علم الولايات المتحدة ظاهر على ذيل الطائرة. الصورة معدّلة 'فوتو شوب' وليست حقيقية، وهي تردّ بسخرية على الحملات التي شنّت على قطر بسبب إهدائها للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الطائرة الفاخرة، وكأن الطائرة ثمن الصفقة لوقف الحرب في غزّة.
احتلت قصة الطائرة حيزاً كبيراً في الإعلام الأميركي، وهاجم الرئيس ترامب منتقديه '… حقيقة أن وزارة الدفاع تحصل على هدية، مجاناً تماماً، طائرة من طراز 747 لاستبدال طائرة 'إير فورس ون' التي عمرها 40 عاماً، مؤقتاً، وفي عملية علنية وشفافة جداً، تزعج الديمقراطيين الفاسدين إلى درجة أنهم يصرّون على أننا ندفع مبالغ طائلة مقابل الطائرة. أي أحد يمكنه فعل ذلك! الديمقراطيون خاسرون من الطراز العالمي!'.
ويؤكد مسؤولون في البيت الأبيض والإدارة، بحسب صحيفة واشنطن بوست، أن الهدية تتوافق مع القوانين ذات الصلة، على الرغم من المخاوف التي أثارها منتقدو ترامب بشأن انتهاكها بند المكافآت في الدستور. بينما كانت المناقشات بشأن نقل ملكية الطائرة جارية، صاغ مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل مذكّرةً توضح أسباب اعتقاده أن استلام ترامب الطائرة سيكون جائزاً، وفقاً لمسؤول مُطّلع على المذكرة. ووقّعت المدّعية العامة بام بوندي، المُسجّلة للضغط السياسي لصالح قطر خلال ولاية ترامب الأولى، على تلك المذكرة لاحقًا. وقال ترامب الاثنين إنه بمجرد مغادرته منصبه لن يستخدم الطائرة القطرية، وستُنقل إلى مكتبته الرئاسية المستقبلية.
المطلوب اليوم بناء تحالف عربي إسلامي داعم للحقوق العربية في فلسطين، ويرفع العقوبات عن سورية، ويعيد إعمارها، وإعمار غزّة
يدرك كل صاحب ضمير، وعربي شريف، أن قطر لم تدّخر وسعاً في الوقوف مع فلسطين، ودعمت غزّة ورام الله على السواء، وبذلت بسخاء بلا منّة. ولاقت، بسبب ذلك، حملات شعواء من الصهاينة بالحق وبالباطل، ولا تزال. لنتذكّر أن الوزيرة العربية الوحيدة التي رابطت في غزّة هي لولوة الخاطر، وأن قطر البلد الوحيد الذي يستقبل قادة حركة حماس وأسرهم.
تستطيع أن تنتقد التخاذل العربي، وترك غزّة تقاوم وحيدة الإجرام الصهيوني، وتخجل من الضعف الذي يلجئك إلى الولايات المتحدة بدلاً من الاعتماد على القوة العربية الذاتية. وتنتظر حتى ينهض العرب ثانية، ويعتمدوا على قوتهم الذاتية. في غضون ذلك، طالت أم قصرت، لا توجد في الواقع قوة قادرة على الضغط على إسرائيل غير الولايات المتحدة. ويدرك كل من يتابع الإعلام الإسرائيلي أن ثمّة فجوة بدأت تتسع بين رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو وترامب. وهذا لا يعني تحوّلاً استراتيجياً في علاقات البلدين، فتلك تتجاوزهما وتضرب عمقاً في التاريخ والثقافة والمصالح، بقدر ما يعني أن ثمّة فرصة على العرب أن يغتنموها كفّاً للأذى وجلباً للمصالح.
يوجد منطق مختلف تماماً في التعامل مع ترامب عن غيره من رؤساء البيت الأبيض، سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية. وخلال ولايته، لا بد من توثيق العلاقة به، عبر تقديم الهدايا له، من العرب، ومن حالفهم عموماً، وقد قدّمت 'حماس' هدية أيضاً بالإفراج عن الأسير ألكسندر عيدان بوساطة قطرية. وهذه ليست المرة الأولى التي تكون فيها قطر مركز ثقل دبلوماسي، ويتذكر ترامب جيداً دورها في إنهاء أطول حروب أميركا في أفغانستان، غير أن القضية الفلسطينية تظلّ الأولوية عربياً، ولا يلغي هذا سلّةً من القضايا الكبرى، ثنائياً وعربياً وعالمياً.
يحتاج العالم العربي والمنطقة إلى أميركا، ولها قواعد عسكرية في قطر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن والعراق وسورية، وهي حاجة متبادلة، وليست من طرف واحد، والمهم، والخليج يستضيف ترامب، أن تصل رسالة أن مصالح أميركا مع العالم العربي والإسلامي لا تقلّ أهمية عن مصالحها مع دولة الكيان. وتلعب الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة دوراً مهمّاً في تسهيل إيصال الرسالة وتحسين صورة العرب، باعتبارهم عقلاء في مواجهة مصاريع.
قدّمت الدولة السورية الجديدة كل أوراق الاعتماد لرفع العقوبات، بما فيها بناء برج ترامب في دمشق
بلغة المصالح، فضلاً عن عدالة قضايانا، يمتلك الخليج أكبر ثقل مالي، وفقاً لتقرير نشرته مجلة The Economist في إبريل/ نيسان 2023، يُقدّر أن الفائض في الحساب الجاري لدول الخليج النفطية قد يصل إلى حوالي 666 مليار دولار خلال عامي 2022 و2023، ما يعكس تدفّقاً نقدياً كبيراً نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز. كما نشرت 'وول ستريت' تقريراً عن دول الخليج التي تمتلك أكبر سيولة نقدية في العالم، فالسعودية تمتلك احتياطيات أجنبية تُقدّر بحوالي 452.6 مليار دولار حتى نهاية مارس/ آذار 2023، ما يضعها ضمن قائمة الدول العشر الكبرى عالميّاً، من حيث الاحتياطيات الأجنبية. وتقدّر الإمارات احتياطياتها النقدية بحوالي 300 مليار دولار، تشمل أصول جهاز أبوظبي للاستثمار وصناديق أخرى. وقطر، بحسب الصحيفة، تُقدّر احتياطياتها النقدية بحوالي 200 مليار دولار، تشمل احتياطيات مصرف قطر المركزي وأصول جهاز قطر للاستثمار. وتمتلك الهيئة العامة للاستثمار في الكويت: أصولاً تُقدّر بأكثر من 700 مليار دولار، ما يجعلها واحداً من أكبر صناديق الثروة السيادية عالميّاً.
يقدّر ترامب هذه السيولة جيداً، وتعني له أكثر بكثير من صداقة إسرائيل التي تستنزف سيولة الولايات المتحدة عبر المساعدات العسكرية والاقتصادية، ومن دونها تأتي أهمية بلدين مسلمين مهمين يتشاركان مع العرب في دعم فلسطين، تركيا وإندونيسيا، ولهما أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة لإدارة ترامب. ومعلوم أن الرئيس التركي، أردوغان، شخصياً، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لتركيا، على علاقة استثنائية مميزة مع ترامب. وفي مقال كتبه ديفيد إغناتيوس، المقرّب من الدوائر الاستخبارية والعسكرية في واشنطن، ذكر أن ترامب يحبّ الرجال الأقوياء، ووُضع على المقال رسم لرؤساء تركيا وروسيا والصين. وتركيا اليوم بيضة القبّان في أوروبا، تحتاجها أوروبا في ظل التخلي الأميركي عنها، وتحتاجها روسيا في صراعها مع أوكرانيا، ويحتاجها ترامب لوقف الحرب الأوكرانية الروسية. فوق ذلك، تركيا واحدة من الدول العشرين الكبرى في الاقتصاد العالمي.
‏أما إندونيسيا التي يتوقع أن تكون خامس اقتصاد في العالم في الأعوام المقبلة، وهي أكبر بلد إسلامي، فتشكّل بيضة القبّان في آسيا في ظل الصراع الصيني الأميركي. تحتاج إليها الصين بقدر ما تحتاج إليها أميركا، سواء بسبب موقعها الاستراتيجي وثرواتها المعدنية، وقوتها العسكرية والبشرية. سيما أن المعركة الأولى بالنسبة لترامب هي الصين، وليست روسيا. لنا أن نتخيّل حجم الهدية التي يمكن أن تقدّمها الدول العربية والخليج بخاصة، وتركيا وإندونيسيا لترامب، وتطرح عليه مقايضة ذلك برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني؟
يدرك كل صاحب ضمير، وعربي شريف، أن قطر لم تدّخر وسعاً في الوقوف مع فلسطين، ودعمت غزّة ورام الله على السواء
ستكون تلك خطوة مهمّة لها ما بعدها، المأمول أن نبدأ خطوة في الألف ميل مع ترامب. ‏قضية فلسطين هي القضية الأولى لكنها ليست الوحيدة، فسورية اليوم تحت حصار قاتل، وشعبها يعاني بسبب العقوبات الأميركية، وقد قدّمت الدولة السورية الجديدة كل أوراق الاعتماد لرفع العقوبات، بما فيها بناء برج ترامب في دمشق. من دون أن ننسى أن ترامب اعترف بضم الجولان، وهي أرض سورية عربية خالصة، وبنى الإسرائيليون فيها مستوطنة باسمه. وحتى في ملفّ إيران، يستطيع العرب ضمّها لهم، بدلاً من أن تكون عليهم، وتقديم مقاربة جديدة بخصوصها في ظل الهزيمة التي تلقّتها في سورية، فالذين هزموها هم السوريون لا الإسرائيليون، وإعاده تأهيل إيران من خلال المفاوضات النووية تسجّل للعرب أيضاً. هزيمتها في سورية سرّعت التفاوض، والوساطة العُمانية والقطرية مهمّة. مركز المفاوضات عُمان، وكان لقطر قبلها دور كبير في العلاقة الأميركية الإيرانية، وشكّل الاتفاق السعودي الإيراني الموقّع في بكّين في 2023 مقدّمة أرضية مناسبة لبناء علاقة جديدة لإيران في المنطقة، تقوم على التعاون والشراكة والاحترام في الاختلاف، بدلاً من الاحتراب والصراع الأبدي طائفياً.
واللفتة الأهم من ترامب كانت وقف الحرب مع الحوثيين، ما اعتبره الإسرائيليون ضربةً لهم. ويأتي العراق في قلب التحولات الإيرانية، وفي ظل تآكل القوة الإيرانية خفّت قبضة الحرس الثوري على العراق. وصارت حكومة محمد شيّاع السوداني جزءاً من منظومة عربية أكثر منها دائرة في فلك إيران. وقد يكون العراق المستقل عن إيران الهدية الكبرى لترامب.
المطلوب اليوم بناء تحالف عربي إسلامي داعم للحقوق العربية في فلسطين، ويرفع العقوبات عن سورية، ويعيد إعمارها، وإعمار غزّة. ويرفع هذا التحالف قيمة الجميع ويضعف إسرائيل، بدلاً من التعامل بشكل ثنائي مع أميركا، وهو ما يضعف الجميع ويقوّي إسرائيل.
… لا توجد هدية ما وراها جزية (جزاء)، لا في العلاقات الشخصية ولا علاقات الدول.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

50% رسوماً انتقامية.. ترامب يشن حربه التجارية الجديدة على أوروبا بدءاً من يونيو
50% رسوماً انتقامية.. ترامب يشن حربه التجارية الجديدة على أوروبا بدءاً من يونيو

خبر للأنباء

timeمنذ 13 ساعات

  • خبر للأنباء

50% رسوماً انتقامية.. ترامب يشن حربه التجارية الجديدة على أوروبا بدءاً من يونيو

وفي منشور على منصة "تروث سوشيال" يوم الجمعة، هاجم ترامب الاتحاد الأوروبي بسبب ما وصفه بالممارسات التجارية غير العادلة، وقال إن المفاوضات بشأن صفقة جديدة لم تحقق تقدماً. وأضاف: "لذا، أوصي بفرض تعريفة جمركية مباشرة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من 1 يونيو 2025". تقرير لجيمس بوليتي وستيف تشافيز وآندي باوندز في صحيفة "فايننشال تايمز" يشير إلى أن تصريحات ترامب صعدت من حدة المواجهة مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أقل من أسبوعين على توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع الصين لتخفيض الرسوم الجمركية، وهو ما طمأن المستثمرين العالميين. وعندما سأله الصحافيون في المكتب البيضاوي عما إذا كان يهدد بالتعريفة لإجبار الاتحاد الأوروبي على التفاوض، قال ترامب: "أعني، لقد وضعنا الصفقة. إنها عند 50%". وأضاف أنه "لا يعلم" ما إذا كان بمقدور الاتحاد الأوروبي أن يفعل شيئاً لتجنب هذه الرسوم. وقال: "سنرى ما سيحدث. لكن في الوقت الحالي، سيتم تطبيقها في 1 يونيو (حزيران)، وهكذا سيكون الأمر". وأشار الرئيس إلى أنه قد ينظر في "تأجيل طفيف" إذا بدأت الشركات الأوروبية بالتعهد بنقل مصانعها إلى الولايات المتحدة. انتهاء الهدوء وفق التقرير، تسببت تصريحات ترامب في انخفاض أسعار الأسهم والدولار، منهيةً أسابيع من الهدوء النسبي في الأسواق بعد تراجعه عن حرب تجارية مع الصين كان الاقتصاديون قد حذروا من أنها ستزيد التضخم وتُبطئ النمو في الولايات المتحدة. ويُعد فرض تعريفة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي أكثر من ضعف النسبة التي أعلن عنها ترامب سابقاً في ما وصفه بـ"يوم التحرير" في 2 أبريل (نيسان)، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 1.7% خلال ثلاث سنوات، وفقاً لتحليل من شركة "كابيتال إيكونوميكس". لكن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أشار إلى أن هذه التهديدات تهدف إلى الضغط على بروكسل للموافقة على اتفاق تجاري جديد، وهو ما يتعارض مع تصريح ترامب بأن واشنطن لا تسعى إلى اتفاق. وقال بيسنت في حديثه لقناة "فوكس نيوز": "أعتقد أن هذا رد فعل فقط على بطء الاتحاد الأوروبي. وآمل أن يكون هذا بمثابة جرس إنذار للاتحاد". وفي مقابلة أخرى مع "بلومبرغ"، قال إنه يتوقع أن تُبرم الولايات المتحدة "عدة صفقات كبرى" خلال الأسابيع المقبلة. مفاجأة لأوروبا وقد فاجأت تهديدات ترامب الجمركية يوم الجمعة المسؤولين الأوروبيين، خاصة بعد المحادثات الودية التي أجروها مع الولايات المتحدة خلال قمة وزراء المالية لمجموعة السبع في جبال الروكي الكندية هذا الأسبوع. وقال أحد المسؤولين الأوروبيين: "لقد بدأت الولايات المتحدة تعاملنا كأصدقاء مجدداً". كما أثرت الأسواق على تهديد منفصل من ترامب بفرض رسوم جديدة على شركة آبل ما لم توافق على تصنيع أجهزة آيفون داخل الولايات المتحدة. وتراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.5% في تداولات فترة ما بعد الظهر في وول ستريت، بعدما تعافى من انخفاض أكبر في افتتاح الجلسة، بينما أغلق مؤشر Stoxx Europe 600 منخفضاً بنسبة 0.9%. وقال أوستان غولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو وعضو لجنة تحديد أسعار الفائدة الأمريكية، لشبكة CNBC يوم الجمعة، إن فرض تعريفة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي ورسوم إضافية بنسبة 25% على شركة آبل "سيكون أمراً مقلقاً جداً لسلاسل التوريد"، وأنه "رفع سقف الصعوبة أمام خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة". وأوضح المحللون في رسم بياني أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بتاريخ طويل من الفوائض التجارية، بعكس الولايات المتحدة التي تعاني من عجز تجاري مستمر. وقال أندرو بيز، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة راسل إنفستمنتس، إن هذه الخطوة "تضعف الاعتقاد بأن الأسواق قادرة على تقييد ترامب". وكان من المقرر أن يتحدث الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير إلى مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفشوفيتش في وقت لاحق من يوم الجمعة. الاتحاد الأوروبي في مأزق وقد فرضت الولايات المتحدة في أبريل رسوماً "انتقامية" بنسبة 20% على معظم السلع الأوروبية، لكنها خفضتها مؤقتاً حتى 8 يوليو (تموز) لإعطاء فرصة للمفاوضات. ومع ذلك، أبقت على رسوم بنسبة 25% على الفولاذ والألمنيوم وقطع غيار السيارات، وتخطط لفرض رسوم مماثلة على الأدوية وأشباه الموصلات وغيرها من السلع. وبحسب التقرير، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقرر ما إذا كان سيرد بفرض رسوم مضادة، أو سيقدم تنازلات تماشياً مع مطالب واشنطن. وقد وافقت الدول الأعضاء على حزمة رسوم تصل إلى 21 مليار يورو اعتباراً من 14 يوليو (تموز) بنسبة تصل إلى 50% على سلع أمريكية مثل الذرة والقمح والدراجات النارية والملابس. كما تُجري المفوضية الأوروبية مشاورات بشأن قائمة موسعة تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو تشمل طائرات بوينغ والسيارات. وتعرضت الشركات المصدّرة والأسهم المرتبطة بصحة الاقتصاد الأوروبي لضربة قوية بسبب تهديدات ترامب، حيث تراجعت أسهم شركة ستيلانتيس لصناعة السيارات بنسبة 4.6%، وبنك دويتشه بنسبة 4.2%. كما بدأ المتداولون في تسعير خفض أسرع في أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي لدعم الاقتصاد المتأثر بالتعريفات. وقال كاسبر إلمغرين، كبير مسؤولي الاستثمار في السندات والأسهم لدى شركة نورديا لإدارة الأصول: "هذا تذكير بأن حالة عدم اليقين في التجارة لم تنتهِ بعد. وكل يوم بدون صفقة يعني خطراً اقتصادياً جسيماً". وقد رفضت المفوضية الأوروبية التعليق قبل المكالمة المرتقبة بين غرير وشيفشوفيتش

العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟
العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟

إيطاليا تلغراف

timeمنذ يوم واحد

  • إيطاليا تلغراف

العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟

إيطاليا تلغراف د. سامي العريان أستاذ الشؤون العامة بجامعة صباح الدين زعيم باسطنبول ومدير مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية (CIGA) قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مايو/أيار الجاري، بجولة في الشرق الأوسط شملت السعودية وقطر والإمارات، في تحوّل ملحوظ عن تحالفه غير المحدود في ولايته الرئاسية الأولى مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو. ففي الأيام التي سبقت الزيارة، قام ترامب بالتفاوض على وقف لإطلاق النار مع الحوثيين دون أن يطلب من اليمن وقف هجماته على الأهداف الإسرائيلية، كما أنه سمح بإجراء محادثات مباشرة مع حركة حماس التي تعهد فيها بإدخال مساعدات إنسانيّة عاجلة إلى غزة مقابل إطلاق سراح أسير مزدوج الجنسيّة، حيث يحمل الجنسية الأميركية بجانب الإسرائيلية. هذه التحركات الأميركية، التي جاءت رغم معارضة إسرائيلية شديدة، استطاعت أن تزعزع افتراضات وتهزّ قناعات راسخة منذ زمن طويل بشأن متانة العلاقة الإستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، وهو جدل طالما شغل المؤرّخين والأكاديميين وخبراء العلاقات الدولية لعقود. من جهة، يرى البعض أن العلاقة بين الطرفين تقوم على تلاعب اللوبي الصهيوني بالنظام السياسي الأميركي من أجل خدمة مصالح الكيان الإسرائيلي. في هذا الطرح قدّم العالمان السياسيان جون ميرشايمر، وستيفن والت حجة قوية مؤيدة لهذا الرأي في كتابهما المهم 'اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية' (The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy)، حيث استشهدا بالعديد من الأمثلة التي امتدت على مدى عقود تُظهر النفوذ القوي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، خصوصًا في مدى تأثيره على صنّاع القرار والطبقة السياسية في الكونغرس – من كلا الحزبين الكبيرين – وكذلك على الإدارات الأميركية المتعاقبة. فعلى سبيل المثال، يشير الكتاب إلى تأثير اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد – الذين يفضلون في معظم الأحيان الأولويات والمصالح الإسرائيلية – على إدارة الرئيس جورج بوش الابن خلال فترة التحضير لغزو العراق بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. علاوة على ذلك، فإنه من الصعب جدًا إن لم يكن من المستحيل تفسير التورط العميق للولايات المتحدة فيما يسمى بـ'الحرب الكونية على الإرهاب' وتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط لأكثر من عقدين من خلال جدلية المصالح الأميركية البحتة أو الدوافع الجيوسياسية وحدها. ولذا، فإنه مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني قد لعب دورًا رئيسًا في الترويج لهذه السياسات وتعزيزها. في كتابه 'القوة اليهودية' (Jewish Power)، يشرح الصحفي ج. ج. غولدبرغ جوهر قوة اللوبي الصهيوني اليهودي في تعزيز المصالح الإسرائيلية. كما تم دراسة هذا التأثير بشكل معمق في كتاب حديث للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، والذي تتبع تلاعب وسطوة اللوبي الصهيوني على الساسة الأميركيين والبريطانيين، وتأثير ذلك على السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لأكثر من قرن. وعلى العكس من ذلك، أكد المؤلف والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي في العديد من كتبه أن الولايات المتحدة هي التي تتحكم وتوجه الكيان الصهيوني لخدمة مصالحها الجيوسياسية في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يُعتبر الكيان الإسرائيلي مجرد أداة ضمن مجموعة الأدوات الأميركية الأوسع لضمان الهيمنة الأميركية والتحكم الإمبريالي في هذه المنطقة، بل وعبر العالم أجمع. وهناك بالفعل سوابق تاريخية تدعم هذا الرأي. واحدة منها تعود إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 من قبل الكيان الإسرائيلي وفرنسا والمملكة المتحدة، حيث أمر الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور حينها الكيان الإسرائيلي بالانسحاب من سيناء قبل أسبوع من إعادة انتخابه. والمثال الآخر كان أيام حرب الخليج عام 1991، حيث طالبت الولايات المتحدة الكيان الإسرائيلي بعدم الرد على هجمات صواريخ سكود العراقية أثناء الحرب لتجنب إحراج حلفائها العرب. لذلك، فإن السؤال الأكبر في هذه المرحلة يتلخّص في تحديد الطرف الذي يوجّه الآخر. هذا الأمر ليس فقط مهمًا للإجابة عن السؤال، بل إنه أيضًا ضروري في إيجاد تفسير أو تحليل يسعى لفهم كيفية تطور الأحداث في المراحل الحاسمة في منطقتَي غرب آسيا، وشمال أفريقيا. بعبارة أخرى، فإن السؤال الجوهري هو: هل إسرائيل هي من يمسك بخيوط السياسة الأميركية، ويحرك صانعها كما يشاء؟ أم إنها هي الدمية التي تتحرك بخيوط أميركية؟ خلال حملة الإبادة الجماعية التي شنّها الكيان الصهيوني منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دعمت الولايات المتحدة هذا الكيان بالكامل – حيث زوّدته بأكثر الأسلحة فتكًا، وبتمويل غير محدود، وبغطاء سياسي وحماية دبلوماسية – مما تسبب في إحداث أضرار واسعة النطاق لسمعتها ومكانتها كقوّة عظمى رئيسة مسؤولة عن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ومؤسّسات النظام الدولي. رغم أنه من العبث إنكار قوّة تأثير اللوبي الصهيوني على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإنّ مسألة تقدير من يقود الآخر على مستوى القرارات الحاسمة الكبرى، لا تزال على جانب كبير من عدم اليقين، خاصة في ضوء التحولات السياسية الأخيرة للرئيس دونالد ترامب. بدأ ترامب فترته الثانية ليس فقط كشخص معروف بسياسته المتوافقة مع الرؤى الصهيونيّة، بل كالرئيس الأكثر تأييدًا للكيان الإسرائيليّ في تاريخ الولايات المتحدة. ففي خلال ولايته الأولى (2017-2021)، اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان – متحديًا عقودًا من السياسة الأميركية المعلنة – بل وأتم نقل السفارة الأميركية خلال عهده إلى القدس. واعترف حينها أيضًا بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان السورية، وهو ما مثّل انتهاكًا فاضحًا آخر للقانون الدولي. علاوة على ذلك، أضعفت سياسات ترامب المنحازة، السلطةَ الفلسطينية بشدة من خلال إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وقطع معظم المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية، والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية، وكذلك الجمعيّات الخيرية الأميركية والدولية بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين، مثل الأونروا (UNRWA). وقد فعل كل ذلك رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي شرعنت لعملية أوسلو المترنّحة والفاشلة، والتي دشنت مسار التسوية الذي سيطرت عليه الولايات المتحدة منذ عام 1993، مما منح الكيان الصهيوني وقتًا لترسيخ قبضته على الضفة الغربية. لكن ترامب في نهاية المطاف رئيس يتبنى شعار الصفقات التجارية التبادلية، وهو يحب أن يقدم نفسه لقاعدته 'ماغا' (MAGA) التي تنادي بشعار 'أميركا أولًا' كقائد قوي ذي نجاحات وإنجازات واضحة. ولذا، فإنه ليس مستعدًا لإضاعة الوقت بانتظار تحقيق وعود نتنياهو الوهمية التي يطلقها باستمرار حول إخضاع المقاومة وجعلها تستسلم. وهي وعود فشل في الوفاء بها مرارًا. عندما انتهك نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في 19 يناير/ كانون الثاني 2025 برعاية من فريق ترامب، وأعطى جيشه الدموي أمرًا باستئناف الهجوم الإبادي على غزة في 18 مارس/ آذار، منحه ترامب شهرين إضافيين لتحقيق أهدافه المعلنة، إلا أنه لم يستطع تحقيقها في النهاية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، وخلال زيارته البيتَ الأبيض، فاجأه ترامب بإعلان بدء المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية. كان نتنياهو يعمل على إقناع الطرف الأميركي بتوجيه ضربات عسكرية مزدوجة ضد إيران، وكان يناقش تفاصيل ذلك مع مستشار الأمن القومي لترامب، مايكل والتز. بيدَ أن ترامب رفض تلك الخطط، بل وأبعد والتز عن منصبه، مقرّرًا بعد ذلك السعي لحل الموضوع النووي من خلال الدبلوماسية، مما أحبط نتنياهو وأزعجه كثيرًا. خلال نفس الزيارة، طلب نتنياهو دعم ترامب لسياسته في سوريا، والتي ينتهجها منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، حيث قام لأسابيع بعد سقوط الأسد بتدمير معظم القدرات العسكرية السورية المتبقية، ثم شنّ سلسلة من الغارات الجوية والاجتياحات البرية، مستوليًا على أكثر من 400 كيلومتر مربع أضافها إلى هضبة الجولان السورية المحتلة، والتي تبلغ مساحتها 1800 كيلومتر مربع. لم يكن هدف هذه الهجمات مجرد إضعاف سوريا، بل محاولة تفكيكها إلى أربع مناطق عرقية أو طائفية: الدرزية، العلوية، الكردية، والسنية. لكن هذا المخطط الخطير يتعارض بصورة مباشرة مع المصالح الجيوسياسية لتركيا في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. تركيا، وهي المستفيد الأكبر من تغيير النظام في سوريا والتي رحبت بالحكومة الجديدة واحتضنتها، كانت قد تعرضت إلى تهديدات واستفزازات من العديد من الوزراء الإسرائيليين. أمام دهشة وذهول نتنياهو، لم يدعم ترامب فقط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا النزاع، بل أعلن أيضًا الانسحاب الوشيك لبعض القوات الأميركية من شمال سوريا، كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي علنًا للسعي إلى التوصل إلى تسوية مع الجانب التركي. على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، كانت الخلافات السياسية في العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي نادرة للغاية. لذلك، أجبر موقف ترامب الحاسم الكيان الصهيوني على بدء تسوية تفاوضية مع تركيا في سوريا لتجنب التصعيد أو الصراع المباشر. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الاعتراضات الإسرائيلية الشديدة، أعلن ترامب رفع جميع العقوبات الأميركية والدولية عن سوريا خلال زيارته الأخيرة للسعودية، وهو قرار جاء نتيجة ضغوط مكثفة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي أردوغان، بدون مراعاة للتحفظات الإسرائيلية. كان للموضوع التجاري والاقتصادي الدور الأبرز في زيارة ترامب للمنطقة. ولقد ظهر الرئيس الأميركي متحمسًا لإظهار النجاح والإنجازات الاقتصادية أمام مؤيديه، حيث سعى إلى إنجاز صفقات أسلحة وعقود تجارية في دول الخليج الثلاث التي زارها. بيدَ أن السعودية كانت قد رفضت تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي في وسط عملية إبادة جماعية مستمرة بلا هوادة في غزة. وكان من ضمن مطالب السعودية لاتفاق التطبيع توفير ضمانات أمنية أميركية وبناء مفاعل نووي مدني. كانت جهود إدارة بايدن السابقة قد استمرت لشهور من أجل تحقيق اتفاق بين الطرفين، إلا أنها باءت بالفشل بسبب رفض الطرف الإسرائيلي دعم حل سياسي مع الفلسطينيين. غير أن ترامب فاجأ الطرف الإسرائيلي وتخلى عن شرط التطبيع وواصل زيارته للسعودية، حيث وقع أكبر صفقة أسلحة في التاريخ. ولذلك كانت المفاجأة على الإسرائيليين كبيرة ومفجعة، وهم الذين كانوا يعارضون هذه الصفقات، ولكنهم لم يستطيعوا منعها. لو كانت هذه الصفقات مبادرة من إدارة ديمقراطية، لكان نتنياهو قد استطاع أن يحشد دعم الجمهوريين لإفشال الصفقة. ولكن لأن المبادرة جاءت من إدارة جمهورية، لم يكن بوسع نتنياهو فعل الكثير حيال ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنه بعد أسابيع قليلة من زيارة نتنياهو لواشنطن، وجّه ترامب ضربة أخرى له ولشركائه المتطرفين بإعلانه اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن في 6 مايو/ أيار، دون أن يشترط عليهم وقف هجماتهم على الأهداف الإسرائيلية. كان الحوثيون يستهدفون ملاحة وأجواء ومدن الكيان الصهيوني منذ شهور في محاولة منهم لوقف الإبادة في غزة. أنفقت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار لمحاولة وقف هذه الهجمات، دون نجاح كبير. لم يستطع ترامب تحمّل الخسائر المتراكمة، مما أدى إلى تخليه عن الكيان الصهيوني لإغلاق هذا الملف. كانت السياسة الأميركية الدائمة في المنطقة، بغض النظر عن ماهية الحزب الحاكم في البيت الأبيض، هي منح الكيان الصهيوني حرية التصرف عند التعامل مع الفاعلين من غير الدول (Non-state actors) مثل حماس، وحزب الله، مع كبح الكيان عندما يتعلق الأمر بفاعلين من الدول مثل إيران، نظرًا للمصالح الإستراتيجية الأميركية الأوسع في المنطقة. ومع ذلك، فقد منح ترامب نتنياهو شهورًا من إطلاق اليد لتنفيذ حملة إبادة في غزة – بما في ذلك القيام بالقصف العشوائي الهمجي واتباع سياسة التجويع التي حرمت أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة من وصول الغذاء والماء والدواء والوقود منذ 2 مارس/ آذار. كان ترامب حريصًا على تأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهو حدث إذا ما تم لتباهى به ترامب كإنجاز باهر يُحسب له في السياسة الخارجية، لكن محاولاته في هذا الصدد قوبلت بتصلب مواقف نتنياهو وإصراره على تحقيق 'النصر الكامل'، الذي كان من المؤكد أنه سيطيل أمد الحرب، بل ويعرض حياة الأسرى للتهديد بشكل خطير. لذا، وقبل جولة ترامب في الخليج، قام فريقه بفتح محادثات مباشرة مع حماس – التي تصنّفها الولايات المتحدة رسميًا كمنظمة إرهابية منذ عام 1997 – من أجل تأمين إطلاق سراح عيدان ألكسندر، وهو المواطن الأميركي- الإسرائيلي الوحيد الباقي بين الأسرى. بعد ضغط مستمر من الوسطاء، وتعهد مباشر من الطرف الأميركي بتقديم مساعدات كبيرة للفلسطينيين الجائعين في غزة، أطلقت حماس سراح ألكساندر في 12 مايو/ أيار 2025، عشية زيارة ترامب للمنطقة، حيث قُدم الإفراج عنه كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الأميركي. أثار هذا التحرك غضب نتنياهو وحكومته اليمينية، لأنه كشف عن استعدادهم للتضحية بالأسرى في سبيل تحقيق التطهير العرقي واحتلال غزة ضمن إقامة مشروع إسرائيل الكبرى. وبدلًا من الاحتفال بإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي، اعتبر العديد من الإسرائيليين التعامل المباشر مع حماس خيانة لهم من ترامب. بيدَ أنه لا ينبغي لأحد أن يتسرع في الحكم على هذا السجال السياسي. فإدارة ترامب لا تزال تضم العديد من الصهاينة الذين هم أشد المسؤولين تأييدًا للمشروع الصهيوني بين الحكومات الأميركية على الإطلاق. ولذا، فمن غير الواضح إذا كانت هذه التحولات تشير إلى تغيير طويل الأمد في السياسة الأميركية تجاه المنطقة. ولذلك، تبدو هذه السياسات تكتيكية أكثر من كونها إستراتيجية، حيث تبقى الأهداف النهائية للطرفين هي نفسها، لكن الوسائل قد تتغير من أجل خدمة المصالح الأميركية طويلة الأجل في المنطقة. ربما يكون الاختبار الحقيقي النهائي للإجابة عن سؤال: مَن هو الطرف الذي يقود الطرف الآخر في هذه العلاقة؟، هو في قدرة ترامب على إجبار الكيان الإسرائيلي على وقف حرب الإبادة الجماعية في غزة. حينها سنصل إلى لحظة الحقيقة: هل ستقف الولايات المتحدة إلى جانب مصالحها الأمنية والاقتصادية في المنطقة، أم ستدعم مشروع إسرائيل الكبرى التوسعي والرؤية الدينية المسيانية؟ إن نتيجة هذا الاختبار ستحدد لنا الإجابة النهائية عن سؤال: أيهما الدمية؟ وأيهما يمسك بالخيط؟

العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟ - إيطاليا تلغراف
العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف

timeمنذ يوم واحد

  • إيطاليا تلغراف

العلاقة تزداد توتراً بين ترامب ونتنياهو.. من يسيطر على الآخر؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف د. سامي العريان أستاذ الشؤون العامة بجامعة صباح الدين زعيم باسطنبول ومدير مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية (CIGA) قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مايو/أيار الجاري، بجولة في الشرق الأوسط شملت السعودية وقطر والإمارات، في تحوّل ملحوظ عن تحالفه غير المحدود في ولايته الرئاسية الأولى مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو. ففي الأيام التي سبقت الزيارة، قام ترامب بالتفاوض على وقف لإطلاق النار مع الحوثيين دون أن يطلب من اليمن وقف هجماته على الأهداف الإسرائيلية، كما أنه سمح بإجراء محادثات مباشرة مع حركة حماس التي تعهد فيها بإدخال مساعدات إنسانيّة عاجلة إلى غزة مقابل إطلاق سراح أسير مزدوج الجنسيّة، حيث يحمل الجنسية الأميركية بجانب الإسرائيلية. هذه التحركات الأميركية، التي جاءت رغم معارضة إسرائيلية شديدة، استطاعت أن تزعزع افتراضات وتهزّ قناعات راسخة منذ زمن طويل بشأن متانة العلاقة الإستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، وهو جدل طالما شغل المؤرّخين والأكاديميين وخبراء العلاقات الدولية لعقود. من جهة، يرى البعض أن العلاقة بين الطرفين تقوم على تلاعب اللوبي الصهيوني بالنظام السياسي الأميركي من أجل خدمة مصالح الكيان الإسرائيلي. في هذا الطرح قدّم العالمان السياسيان جون ميرشايمر، وستيفن والت حجة قوية مؤيدة لهذا الرأي في كتابهما المهم 'اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية' (The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy)، حيث استشهدا بالعديد من الأمثلة التي امتدت على مدى عقود تُظهر النفوذ القوي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، خصوصًا في مدى تأثيره على صنّاع القرار والطبقة السياسية في الكونغرس – من كلا الحزبين الكبيرين – وكذلك على الإدارات الأميركية المتعاقبة. فعلى سبيل المثال، يشير الكتاب إلى تأثير اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد – الذين يفضلون في معظم الأحيان الأولويات والمصالح الإسرائيلية – على إدارة الرئيس جورج بوش الابن خلال فترة التحضير لغزو العراق بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. علاوة على ذلك، فإنه من الصعب جدًا إن لم يكن من المستحيل تفسير التورط العميق للولايات المتحدة فيما يسمى بـ'الحرب الكونية على الإرهاب' وتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط لأكثر من عقدين من خلال جدلية المصالح الأميركية البحتة أو الدوافع الجيوسياسية وحدها. ولذا، فإنه مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني قد لعب دورًا رئيسًا في الترويج لهذه السياسات وتعزيزها. في كتابه 'القوة اليهودية' (Jewish Power)، يشرح الصحفي ج. ج. غولدبرغ جوهر قوة اللوبي الصهيوني اليهودي في تعزيز المصالح الإسرائيلية. كما تم دراسة هذا التأثير بشكل معمق في كتاب حديث للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، والذي تتبع تلاعب وسطوة اللوبي الصهيوني على الساسة الأميركيين والبريطانيين، وتأثير ذلك على السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لأكثر من قرن. وعلى العكس من ذلك، أكد المؤلف والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي في العديد من كتبه أن الولايات المتحدة هي التي تتحكم وتوجه الكيان الصهيوني لخدمة مصالحها الجيوسياسية في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يُعتبر الكيان الإسرائيلي مجرد أداة ضمن مجموعة الأدوات الأميركية الأوسع لضمان الهيمنة الأميركية والتحكم الإمبريالي في هذه المنطقة، بل وعبر العالم أجمع. وهناك بالفعل سوابق تاريخية تدعم هذا الرأي. واحدة منها تعود إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 من قبل الكيان الإسرائيلي وفرنسا والمملكة المتحدة، حيث أمر الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور حينها الكيان الإسرائيلي بالانسحاب من سيناء قبل أسبوع من إعادة انتخابه. والمثال الآخر كان أيام حرب الخليج عام 1991، حيث طالبت الولايات المتحدة الكيان الإسرائيلي بعدم الرد على هجمات صواريخ سكود العراقية أثناء الحرب لتجنب إحراج حلفائها العرب. لذلك، فإن السؤال الأكبر في هذه المرحلة يتلخّص في تحديد الطرف الذي يوجّه الآخر. هذا الأمر ليس فقط مهمًا للإجابة عن السؤال، بل إنه أيضًا ضروري في إيجاد تفسير أو تحليل يسعى لفهم كيفية تطور الأحداث في المراحل الحاسمة في منطقتَي غرب آسيا، وشمال أفريقيا. بعبارة أخرى، فإن السؤال الجوهري هو: هل إسرائيل هي من يمسك بخيوط السياسة الأميركية، ويحرك صانعها كما يشاء؟ أم إنها هي الدمية التي تتحرك بخيوط أميركية؟ خلال حملة الإبادة الجماعية التي شنّها الكيان الصهيوني منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دعمت الولايات المتحدة هذا الكيان بالكامل – حيث زوّدته بأكثر الأسلحة فتكًا، وبتمويل غير محدود، وبغطاء سياسي وحماية دبلوماسية – مما تسبب في إحداث أضرار واسعة النطاق لسمعتها ومكانتها كقوّة عظمى رئيسة مسؤولة عن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ومؤسّسات النظام الدولي. رغم أنه من العبث إنكار قوّة تأثير اللوبي الصهيوني على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإنّ مسألة تقدير من يقود الآخر على مستوى القرارات الحاسمة الكبرى، لا تزال على جانب كبير من عدم اليقين، خاصة في ضوء التحولات السياسية الأخيرة للرئيس دونالد ترامب. بدأ ترامب فترته الثانية ليس فقط كشخص معروف بسياسته المتوافقة مع الرؤى الصهيونيّة، بل كالرئيس الأكثر تأييدًا للكيان الإسرائيليّ في تاريخ الولايات المتحدة. ففي خلال ولايته الأولى (2017-2021)، اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان – متحديًا عقودًا من السياسة الأميركية المعلنة – بل وأتم نقل السفارة الأميركية خلال عهده إلى القدس. واعترف حينها أيضًا بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان السورية، وهو ما مثّل انتهاكًا فاضحًا آخر للقانون الدولي. علاوة على ذلك، أضعفت سياسات ترامب المنحازة، السلطةَ الفلسطينية بشدة من خلال إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وقطع معظم المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية، والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية، وكذلك الجمعيّات الخيرية الأميركية والدولية بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين، مثل الأونروا (UNRWA). وقد فعل كل ذلك رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي شرعنت لعملية أوسلو المترنّحة والفاشلة، والتي دشنت مسار التسوية الذي سيطرت عليه الولايات المتحدة منذ عام 1993، مما منح الكيان الصهيوني وقتًا لترسيخ قبضته على الضفة الغربية. لكن ترامب في نهاية المطاف رئيس يتبنى شعار الصفقات التجارية التبادلية، وهو يحب أن يقدم نفسه لقاعدته 'ماغا' (MAGA) التي تنادي بشعار 'أميركا أولًا' كقائد قوي ذي نجاحات وإنجازات واضحة. ولذا، فإنه ليس مستعدًا لإضاعة الوقت بانتظار تحقيق وعود نتنياهو الوهمية التي يطلقها باستمرار حول إخضاع المقاومة وجعلها تستسلم. وهي وعود فشل في الوفاء بها مرارًا. عندما انتهك نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في 19 يناير/ كانون الثاني 2025 برعاية من فريق ترامب، وأعطى جيشه الدموي أمرًا باستئناف الهجوم الإبادي على غزة في 18 مارس/ آذار، منحه ترامب شهرين إضافيين لتحقيق أهدافه المعلنة، إلا أنه لم يستطع تحقيقها في النهاية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، وخلال زيارته البيتَ الأبيض، فاجأه ترامب بإعلان بدء المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية. كان نتنياهو يعمل على إقناع الطرف الأميركي بتوجيه ضربات عسكرية مزدوجة ضد إيران، وكان يناقش تفاصيل ذلك مع مستشار الأمن القومي لترامب، مايكل والتز. بيدَ أن ترامب رفض تلك الخطط، بل وأبعد والتز عن منصبه، مقرّرًا بعد ذلك السعي لحل الموضوع النووي من خلال الدبلوماسية، مما أحبط نتنياهو وأزعجه كثيرًا. خلال نفس الزيارة، طلب نتنياهو دعم ترامب لسياسته في سوريا، والتي ينتهجها منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، حيث قام لأسابيع بعد سقوط الأسد بتدمير معظم القدرات العسكرية السورية المتبقية، ثم شنّ سلسلة من الغارات الجوية والاجتياحات البرية، مستوليًا على أكثر من 400 كيلومتر مربع أضافها إلى هضبة الجولان السورية المحتلة، والتي تبلغ مساحتها 1800 كيلومتر مربع. لم يكن هدف هذه الهجمات مجرد إضعاف سوريا، بل محاولة تفكيكها إلى أربع مناطق عرقية أو طائفية: الدرزية، العلوية، الكردية، والسنية. لكن هذا المخطط الخطير يتعارض بصورة مباشرة مع المصالح الجيوسياسية لتركيا في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. تركيا، وهي المستفيد الأكبر من تغيير النظام في سوريا والتي رحبت بالحكومة الجديدة واحتضنتها، كانت قد تعرضت إلى تهديدات واستفزازات من العديد من الوزراء الإسرائيليين. أمام دهشة وذهول نتنياهو، لم يدعم ترامب فقط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا النزاع، بل أعلن أيضًا الانسحاب الوشيك لبعض القوات الأميركية من شمال سوريا، كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي علنًا للسعي إلى التوصل إلى تسوية مع الجانب التركي. على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، كانت الخلافات السياسية في العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي نادرة للغاية. لذلك، أجبر موقف ترامب الحاسم الكيان الصهيوني على بدء تسوية تفاوضية مع تركيا في سوريا لتجنب التصعيد أو الصراع المباشر. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الاعتراضات الإسرائيلية الشديدة، أعلن ترامب رفع جميع العقوبات الأميركية والدولية عن سوريا خلال زيارته الأخيرة للسعودية، وهو قرار جاء نتيجة ضغوط مكثفة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي أردوغان، بدون مراعاة للتحفظات الإسرائيلية. كان للموضوع التجاري والاقتصادي الدور الأبرز في زيارة ترامب للمنطقة. ولقد ظهر الرئيس الأميركي متحمسًا لإظهار النجاح والإنجازات الاقتصادية أمام مؤيديه، حيث سعى إلى إنجاز صفقات أسلحة وعقود تجارية في دول الخليج الثلاث التي زارها. بيدَ أن السعودية كانت قد رفضت تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي في وسط عملية إبادة جماعية مستمرة بلا هوادة في غزة. وكان من ضمن مطالب السعودية لاتفاق التطبيع توفير ضمانات أمنية أميركية وبناء مفاعل نووي مدني. كانت جهود إدارة بايدن السابقة قد استمرت لشهور من أجل تحقيق اتفاق بين الطرفين، إلا أنها باءت بالفشل بسبب رفض الطرف الإسرائيلي دعم حل سياسي مع الفلسطينيين. غير أن ترامب فاجأ الطرف الإسرائيلي وتخلى عن شرط التطبيع وواصل زيارته للسعودية، حيث وقع أكبر صفقة أسلحة في التاريخ. ولذلك كانت المفاجأة على الإسرائيليين كبيرة ومفجعة، وهم الذين كانوا يعارضون هذه الصفقات، ولكنهم لم يستطيعوا منعها. لو كانت هذه الصفقات مبادرة من إدارة ديمقراطية، لكان نتنياهو قد استطاع أن يحشد دعم الجمهوريين لإفشال الصفقة. ولكن لأن المبادرة جاءت من إدارة جمهورية، لم يكن بوسع نتنياهو فعل الكثير حيال ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنه بعد أسابيع قليلة من زيارة نتنياهو لواشنطن، وجّه ترامب ضربة أخرى له ولشركائه المتطرفين بإعلانه اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن في 6 مايو/ أيار، دون أن يشترط عليهم وقف هجماتهم على الأهداف الإسرائيلية. كان الحوثيون يستهدفون ملاحة وأجواء ومدن الكيان الصهيوني منذ شهور في محاولة منهم لوقف الإبادة في غزة. أنفقت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار لمحاولة وقف هذه الهجمات، دون نجاح كبير. لم يستطع ترامب تحمّل الخسائر المتراكمة، مما أدى إلى تخليه عن الكيان الصهيوني لإغلاق هذا الملف. كانت السياسة الأميركية الدائمة في المنطقة، بغض النظر عن ماهية الحزب الحاكم في البيت الأبيض، هي منح الكيان الصهيوني حرية التصرف عند التعامل مع الفاعلين من غير الدول (Non-state actors) مثل حماس، وحزب الله، مع كبح الكيان عندما يتعلق الأمر بفاعلين من الدول مثل إيران، نظرًا للمصالح الإستراتيجية الأميركية الأوسع في المنطقة. ومع ذلك، فقد منح ترامب نتنياهو شهورًا من إطلاق اليد لتنفيذ حملة إبادة في غزة – بما في ذلك القيام بالقصف العشوائي الهمجي واتباع سياسة التجويع التي حرمت أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة من وصول الغذاء والماء والدواء والوقود منذ 2 مارس/ آذار. كان ترامب حريصًا على تأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهو حدث إذا ما تم لتباهى به ترامب كإنجاز باهر يُحسب له في السياسة الخارجية، لكن محاولاته في هذا الصدد قوبلت بتصلب مواقف نتنياهو وإصراره على تحقيق 'النصر الكامل'، الذي كان من المؤكد أنه سيطيل أمد الحرب، بل ويعرض حياة الأسرى للتهديد بشكل خطير. لذا، وقبل جولة ترامب في الخليج، قام فريقه بفتح محادثات مباشرة مع حماس – التي تصنّفها الولايات المتحدة رسميًا كمنظمة إرهابية منذ عام 1997 – من أجل تأمين إطلاق سراح عيدان ألكسندر، وهو المواطن الأميركي- الإسرائيلي الوحيد الباقي بين الأسرى. بعد ضغط مستمر من الوسطاء، وتعهد مباشر من الطرف الأميركي بتقديم مساعدات كبيرة للفلسطينيين الجائعين في غزة، أطلقت حماس سراح ألكساندر في 12 مايو/ أيار 2025، عشية زيارة ترامب للمنطقة، حيث قُدم الإفراج عنه كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الأميركي. أثار هذا التحرك غضب نتنياهو وحكومته اليمينية، لأنه كشف عن استعدادهم للتضحية بالأسرى في سبيل تحقيق التطهير العرقي واحتلال غزة ضمن إقامة مشروع إسرائيل الكبرى. وبدلًا من الاحتفال بإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي، اعتبر العديد من الإسرائيليين التعامل المباشر مع حماس خيانة لهم من ترامب. بيدَ أنه لا ينبغي لأحد أن يتسرع في الحكم على هذا السجال السياسي. فإدارة ترامب لا تزال تضم العديد من الصهاينة الذين هم أشد المسؤولين تأييدًا للمشروع الصهيوني بين الحكومات الأميركية على الإطلاق. ولذا، فمن غير الواضح إذا كانت هذه التحولات تشير إلى تغيير طويل الأمد في السياسة الأميركية تجاه المنطقة. ولذلك، تبدو هذه السياسات تكتيكية أكثر من كونها إستراتيجية، حيث تبقى الأهداف النهائية للطرفين هي نفسها، لكن الوسائل قد تتغير من أجل خدمة المصالح الأميركية طويلة الأجل في المنطقة. ربما يكون الاختبار الحقيقي النهائي للإجابة عن سؤال: مَن هو الطرف الذي يقود الطرف الآخر في هذه العلاقة؟، هو في قدرة ترامب على إجبار الكيان الإسرائيلي على وقف حرب الإبادة الجماعية في غزة. حينها سنصل إلى لحظة الحقيقة: هل ستقف الولايات المتحدة إلى جانب مصالحها الأمنية والاقتصادية في المنطقة، أم ستدعم مشروع إسرائيل الكبرى التوسعي والرؤية الدينية المسيانية؟ إن نتيجة هذا الاختبار ستحدد لنا الإجابة النهائية عن سؤال: أيهما الدمية؟ وأيهما يمسك بالخيط؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store