logo
لا شيء يخيف ترمب أكثر من ارتفاع أسعار البيض

لا شيء يخيف ترمب أكثر من ارتفاع أسعار البيض

Independent عربية١٠-٠٣-٢٠٢٥

لا يبدو أن الرئيس دونالد ترمب يهتم كثيراً بغضب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ولا يبالي بتخطيط الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم للانتقام، لكنه مشغول جداً بسعر البيض، إذ يبدو أن كلفة المواد الغذائية والضرورات الأخرى هي التي قد توقف مسيرته، وليس الغضب الكندي والمكسيكي نتيجة للرسوم الجمركية التي يفرضها عليهم.
أصبح ارتفاع كلفة البيض رمزاً للضغط على الأسر الأميركية العادية، ويحمل ترمب المسؤولية على سلفه، جو بايدن، ويزعم أن سياساته الخاصة، بما في ذلك الرسوم الجمركية، ستجعل هذا العنصر الأساس في وجبة الإفطار ميسوراً مرة أخرى.
لكن الآن، ووعوده بالتعامل مع التضخم وتعزيز الاقتصاد، باتت تتعرض للاختبار، فالتحذيرات من "ركود ترمبي" من قبل الاقتصاديين – الذين ينسب معظمهم ارتفاع أسعار البيض إلى إنفلونزا الطيور وليس بايدن – أصبحت أكثر شدة في الأيام الأخيرة، وبالنسبة إلى ترمب، فإن البيانات تزداد سلبية بصورة مقلقة.
تتوقع وكالة التصنيف الائتماني "أس أند بي" أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أقل 0.6 نقطة مئوية خلال الـ12 شهراً القادمة مقارنة بالتوقعات السابقة، إذ يعاني المستهلكون ارتفاع الأسعار، ويخلق عدم اليقين تردداً بين المستثمرين.
في وقت تعتقد البنوك الاستثمارية الكبرى في "وول ستريت" أن احتمالية حدوث ركود اقتصادي ازدادت بصورة كبيرة، يضع "جيه بي مورغان" فرصة الركود عند 31 في المئة، مقارنة بـ17 في المئة فقط في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
ويقول "غولدمان ساكس" إن هناك فرصة تقارب واحد من كل أربعة حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي، بزيادة على 14 في المئة قبل شهرين.
ويأتي هذا بعد تحذير حاد من "الاحتياطي الفيدرالي" في أتلانتا، الذي توقع أن ينكمش الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.5 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وهو تحول جذري عن توقعه السابق بنمو قدره 2.3 في المئة في الفترة نفسها.
5 دولارات لدزينة البيض
يثير نهج ترمب تجاه الاقتصاد الأميركي الانقسام بصورة مريرة، لكن ما لا يختلف عليه أحد هو أن البيض أصبح فعلاً باهظ الثمن للغاية.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وصل متوسط سعر دزينة من البيض الكبير إلى ما يقارب 5 دولارات، وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، بزيادة شبه مضاعفة في غضون عام.
وبينما تشهد السلع الأساس الأخرى أيضاً زيادة، فمن المتوقع أن يستمر الألم عندما تصدر بيانات التضخم الأميركية الجديدة الأربعاء المقبل، مع توقع بعض المحللين أن تسهم التعريفات الجمركية في زيادة التضخم الأميركي بنسبة تصل إلى 0.7 نقطة مئوية، والذي بلغ في آخر قراءة له ثلاثة في المئة ليناير الماضي.
وتتوقع "أس أند بي" أن يظل التضخم قريباً من ثلاثة في المئة خلال عام 2025، مع الإشارة إلى أن هدف الاحتياطي الفيدرالي هو اثنين في المئة، وهذا يعني بدوره أن البنوك المركزية قد تحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، مما قد يؤدي إلى كبح الإنفاق والنمو الاقتصادي.
التعريفات الجمركية ترفع أسعار السلع
من المرجح أن تزيد التعريفات الجمركية - وهي ضريبة يدفعها المستوردون الأميركيون على بعض السلع القادمة من الخارج - التضخم أكثر، بحسب ما يخشى بعضهم، إذ تسعى الشركات لتمرير الكلفة إلى العملاء.
وقالت محللة كبيرة في بنك "سويسكوت"، إيبك أوزكارديسكايا، لصحيفة "ديلي ميل"، "من المتوقع أن يكون للتعريفات تأثير مباشر في زيادة التضخم الأميركي وتقليص قدرة 'الاحتياطي الفيدرالي' على خفض أسعار الفائدة لدعم النمو".
وكان الاقتصاد الأميركي أظهر بالفعل علامات على الضعف قبل أن يبدأ ترمب حربه التجارية بشكل جدي الأسبوع الماضي.
وتخلق السرعة التي يتخذ بها القرارات في البيت الأبيض، إضافة إلى التغييرات السريعة في الاتجاهات، حالاً من عدم اليقين وتقوض الثقة بين الشركات والمستهلكين.
الإثنين الماضي أكد الرئيس الأميركي أن التعريفات الجمركية بنسبة 25 في المئة ستفرض على الواردات من كندا والمكسيك، وهما من أكبر شركاء التجارة مع الولايات المتحدة.
وبعد أيام قليلة، أعلن ترمب أن بعض الرسوم على السلع ستعلق لمدة شهر، مما أدى إلى مزيد من عدم اليقين بين الشركات.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتفق معظم الاقتصاديين المرموقين مع وجهة نظر ترمب بأن التعريفات الجمركية هي "كلمة جميلة"، لكن الرأي العام يميل إلى القول إنه لا يوجد فائزون في حرب تجارية تعتمد على التعريفات مثل تلك التي أشعلها ترمب، لأن ذلك يؤدي إلى دوامة من الانتقام الذي يضر الجميع، وفي هذا السيناريو، الشركات والمواطنون في جميع البلدان المشاركة يتحملون في النهاية الخسائر.
ويتوقع تحليل من مختبر موازنة جامعة ييل أن التعريفات قد تضيف ما يصل إلى 2000 دولار سنوياً إلى كلفة المعيشة للأسرة الأميركية المتوسطة.
أصبحت الشركات الأميركية عرضة للمقاطعة
على رغم أن ترمب يصر على أن التعريفات ستمنح الولايات المتحدة نفوذاً في مفاوضات التجارة، فإن آخرين يرون أنها ستضر أميركا أولاً وتضر الاقتصادات الأخرى، بما في ذلك بريطانيا، على رغم أن ترمب لم يهدد مباشرة بفرض مزيد من الرسوم على صادراتنا.
وقال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، لأعضاء البرلمان الأسبوع الماضي إن هناك "أخطاراً كبيرة" على الاقتصاد البريطاني بسبب "التغيير الكبير" في سياسة التجارة الأميركية، مضيفاً أن البنك المركزي يتعامل مع القضية "بجدية كبيرة".
ولتفاقم الأخطار أصبحت الشركات الأميركية عرضة للمقاطعة من قبل المستهلكين الذين يعارضون سياسات ترمب، وبدأت الشركات الكندية بالفعل في سحب السلع الأميركية من رفوفها، وألغت مقاطعة أونتاريو عقداً بقيمة 100 مليون دولار مع "ستارلينك"، شركة الأقمار الاصطناعية التي يملكها حليف ترمب، إيلون ماسك.
وتأثرت شركة السيارات الكهربائية "تيسلا"، التي يسيطر عليها ماسك، بانهيار المبيعات في أوروبا والصين بسبب تصاعد الغضب تجاه الروابط التي تجمعه بالحكومة الأميركية.
قد يجادل ترمب بأن إعادة ترتيب النظام الاقتصادي العالمي أمر ضروري لكي يصل الاقتصاد الأميركي إلى إمكاناته الكاملة، وأنه سيكون هناك بعض الألم على المدى القصير، لكن بالنسبة إلى الرئيس ترمب الذي ربط صدقيته كثيراً بقدراته الاقتصادية، فإن هذا بعيد من أن يكون السيناريو المثالي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأسهم الأمريكية تغلق على تباين
الأسهم الأمريكية تغلق على تباين

المناطق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • المناطق السعودية

الأسهم الأمريكية تغلق على تباين

المناطق_واس أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة 'وول ستريت' الأمريكية تعاملاتها أمس الخميس على تباين. وانخفض المؤشر 'ستاندرد أند بورز 500' (4.89) نقاط ما يعادل (0.08 %) ليصل عند (5839.72) نقطة. وتراجع المؤشر 'داو جونز' الصناعي (11.37) نقطة ما يعادل (0.03 %) ليصل هند (41849.07) نقطة. وارتفع المؤشر 'ناسداك' (45.56) نقطة ما يعادل (0.27 %) ليصل عند (18923.23) نقطة.

6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا

شبكة عيون

timeمنذ 2 ساعات

  • شبكة عيون

6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا

وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقًا استثماريًا تاريخيًا يهدف إلى إنشاء صندوق مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، يعتمد جزئيًا على عائدات استغلال مواردها الطبيعية. والاتفاق، الذي جاء بعد اجتماعات مثيرة للجدل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يمثل تحولًا كبيرًا في دبلوماسية المعادن، ويثير في الوقت ذاته أسئلة استراتيجية حول جدوى تنفيذه دون استقرار طويل الأمد في أوكرانيا. وفي هذا التقرير، نُجيب على ستة أسئلة محورية تكشف أبعاد الاتفاق وتأثير السلام على مساره. خطوة جريئة ويُعد اتفاق الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن صندوق إعادة الإعمار خطوة جريئة في مسار دبلوماسية المعادن. لكن نجاحه مشروط بتحقيق سلام دائم، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير بيئة استثمارية آمنة. كما يُمثّل الاتفاق نموذجًا أوليًا لاستراتيجية أوسع تسعى واشنطن إلى توسيعها في مناطق النزاع، مستندة إلى معادلة: الاستقرار مقابل الموارد. 1. هل تضمن الاتفاقية حماية أمنية لأوكرانيا؟ ورغم غياب الضمان الأمني المباشر الذي طالب به زيلينسكي، تؤكد الاتفاقية "شراكة استراتيجية طويلة الأمد"، وتشدد على دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار واندماج أوكرانيا في الاقتصاد العالمي. كما تعتمد لهجة أشد تجاه موسكو، وتستثني أي طرف داعم لآلة الحرب الروسية من الاستفادة من إعادة الإعمار. 2. هل يمكن تنفيذ الاتفاق في ظل غياب السلام.. وما وضع المفاوضات الحالية؟ تعرضت أوديسا لقصف روسي بعد ساعات من توقيع الاتفاق، ما يعكس هشاشة البيئة الأمنية. وتقع غالبية الموارد الاستراتيجية – بخاصة الليثيوم – في شرق أوكرانيا، تحت الاحتلال الروسي. وتحتاج مشاريع التعدين إلى استقرار طويل الأمد، نظرًا لمدة إنشائها التي قد تصل إلى 18 عامًا وتكلفتها التي تقارب مليار دولار لكل منجم. دون سلام أو حماية للأصول، تظل بيئة الاستثمار محفوفة بالمخاطر. 3. ما أبرز ملامح الاتفاق الجديد.. وكيف يقارن بالإصدارات السابقة؟ الاتفاقية الموقعة تمنح أوكرانيا سيادة كاملة على مواردها، وتُدار من خلال شراكة متكافئة بين الطرفين. بعكس الاتفاقيات السابقة، أُعفيت مشاريع الطاقة الحالية من المساهمة، مما يربط نجاح الصندوق بالاستثمارات المستقبلية. كما اعتُبرت المساعدات العسكرية الأمريكية مساهمة رأسمالية في الصندوق، مع إعفاء كييف من سدادها، خلافًا للنسخة الأولى التي طالبت بسداد 500 مليار دولار. ويُعد توقيع مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC) الأمريكية كشريك رئيسي في تنفيذ الاتفاق مؤشرًا إلى رغبة إدارة ترمب في تحويل الوكالة إلى أداة محورية في دبلوماسية المعادن العالمية، بعد أن مولت أربعة مشاريع فقط في عام 2024. 4. هل يمنح الاتفاق الولايات المتحدة وصولًا مباشرًا إلى المعادن الأوكرانية؟ الاتفاق لا يُتيح لواشنطن استرداد المساعدات عبر السيطرة على الموارد المعدنية، بل يخولها التفاوض على شراء تلك الموارد بشروط تجارية تنافسية. كما يُلزم السلطات الأوكرانية بإدراج بند يسمح للطرف الأمريكي أو من ينوب عنه بالتفاوض على حقوق الشراء ضمن تراخيص استخدام الموارد، في إطار الشراكة المحددة. 5. هل يمكن اعتبار الاتفاق نموذجًا لدبلوماسية المعادن الأمريكية؟ الاتفاق يعكس فلسفة ترمب في السياسة الخارجية القائمة على الصفقات. وتسعى واشنطن لتكرار التجربة مع دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغنية بالكوبالت والليثيوم. وقد عرض رئيس الكونغو على الولايات المتحدة اتفاق "الأمن مقابل الموارد"، في ظل صراع محتدم شرقي البلاد. وفي خطوة لافتة، قادت الولايات المتحدة جهود وساطة بين الكونغو ورواندا، أفضت إلى توقيع إعلان مبادئ في 24 أبريل 2025، يضع أساسًا لاتفاق سلام رسمي يشمل وقف دعم الجماعات المسلحة. ويتوقع أن يؤدي هذا المسار إلى تعزيز التعاون في قطاع المعادن وتقليص النفوذ الصيني الذي يسيطر على مناجم استراتيجية بالمنطقة. 6.ما أبرز العوائق التي تهدد تنمية قطاع المعادن في أوكرانيا؟ • المسوحات الجيولوجية القديمة: تعود إلى العهد السوفيتي، مما يعيق جذب الاستثمارات. أوكرانيا بحاجة إلى تحديث شامل للخرائط والتقييمات. • أزمة البنية التحتية: تعاني البلاد من انهيار كبير في قطاع الكهرباء، إذ فُقدت نصف القدرة الإنتاجية خلال الحرب، ويُعد القطاع المعدني من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة. • ضعف الدعم المؤسسي: نجاح الاستثمارات مرهون بدعم أمريكي عبر مؤسسات مثل هيئة المسح الجيولوجي ومؤسسة تمويل التنمية.

من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟
من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟

Independent عربية

timeمنذ 5 ساعات

  • Independent عربية

من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟

ظلال من الشك والتصريحات المتبادلة بين طهران وواشنطن تشي بأجواء متوترة تحيط بالجولة الخامسة من المحادثات، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نووي أو لا. وهذه التصريحات ترتبط بمطلب أميركي بالتخصيب الصفري، في حين تعتبر إيران ذلك خطاً أحمر وإنجازاً وطنياً لن تتخلى عنه. فهل وصلت المفاوضات إلى حد الخلاف؟ ولا سيما أن إيران أعلنت مرات عدة أنها لن تتنازل عن هذا الخط الأحمر وأنه ما من اتفاق إذا استمر الإصرار الأميركي على التخصيب الصفري. فهل السبب في ذلك الخلاف عدم كفاءة إدارة دونالد ترمب؟ أم خبرة إيرانية من الماضي تؤثر في رؤية طهران للمحادثات؟ أم السبب هو فعل إسرائيلي؟ يمكن القول إن السبب عبارة عن تفاعل العوامل الثلاثة، فإيران لديها تجربة من الماضي تدفعها إلى عدم التنازل عن التخصيب وقبول استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، كما أن تدخل إسرائيل بصورة غير مباشرة دفع إدارة ترمب إلى رفع المطلب الأقصى لدرجة التخصيب الصفري وتغيير مطلبها السابق بخفض التخصيب إلى درجة 3.76 في المئة، وكان حينها أقصى مطالب ترمب منع إيران من تملك السلاح النووي، لكن ذلك تغير الآن. فقبل بدء الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران، تتناثر التصريحات من الطرفين وتدور حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فتعتبر إيران أن الولايات المتحدة تغير اتفاقاتها معها، وأن المعلن غير ما اتُفق عليه خلال الجولات الماضية، إذ يشير الجانب الأميركي إلى التخصيب الصفري الذي ليست طهران في وارد القبول به. وخرجت التصريحات الإيرانية من المرشد ومجلس الخبراء ونائب وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الإيرانية لتؤكد أن تخصيب اليورانيوم هو حق للدول كما أنه "إنجاز وطني" و"حق للأجيال المقبلة". ويرفض الإيرانيون الآن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قال "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب، لا يمكننا أن نقبل حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن بلاده وافقت على الاقتراح الذي قدمته سلطنة عمان بعقد جولة أخرى من المحادثات الإيرانية- الأميركية في العاصمة الإيطالية روما، كما أكد أن "الفريق التفاوضي عازم على السعي إلى تحقيق الحقوق والمصالح العليا في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب ورفع العقوبات الجائرة، ولن يدخر أي جهد أو مبادرة في هذا الصدد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "موقف إيران واضح للغاية، التخصيب سيستمر مع أو من دون اتفاق، ولكن إذا كانت الأطراف ترغب في الشفافية في ما يتعلق بالبرنامج السلمي الإيراني، فيتعين عليهم رفع العقوبات"، مضيفاً "إذا كانت لديهم مطالب أكثر من ذلك ويريدون حرماننا من أشياء هي حقنا، فلا مجال للقبول". في البداية كان هناك تياران داخل إدارة ترمب بالنسبة إلى التعامل مع الملف الإيراني، الأول يحبذ التوصل إلى حل سلمي واتفاق مع طهران، بينما يدعم التيار الآخر الخيار العسكري، وبعدما كان ويتكوف يتحدث عن التخصيب بنسبة 3.67 في المئة، صار المطلب الأميركي على لسانه ولسان وزير الخارجية ماركو روبيو التخصيب الصفري. ومطلب التخصيب الصفري جاء بعد حديث إسرائيل عن نموذج الحل الليبي، أي تفكيك الملف النووي الإيراني. وجاء ذلك المطلب بعدما قلل بعضهم في الإعلام الأميركي من شأن الاتفاق الجديد مع إيران، معتبرين أنه لن يختلف عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما، وهنا بدأ المفاوض الأميركي يتحدث عن التخصيب الصفري على اعتبار أن هذا المطلب سيجعل اتفاق إدارة ترمب مختلفاً عن الاتفاق القديم مع أوباما. ربما لعبت الدوائر الإعلامية المرتبطة بإسرائيل داخل الولايات المتحدة بهذا الأمر للتقليل من الاتفاق الجديد بغية استفزاز ترمب للتفكير في أنه لا بد من أن يأتي بما لم يأتِ به أوباما أو جو بايدن. وما يجعل هذا الأمر مرجحاً ومرتبطاً بإسرائيل، الغائب الحاضر في الملف النووي الإيراني، هو أن أحد الأسباب الرئيسة لإقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي الأميركي هو أن التنسيق بينه ونتنياهو كان أكبر من التنسيق مع ترمب في شأن الملف النووي الإيراني. وربما كان تعقيد سير المحادثات بين طهران وواشنطن إلى حد تخريبها جزءاً من تفاهمات والتز مع نتنياهو. وفي حين اعتبر بعضهم أن ترمب حاول فعلياً إيصال رسالة إلى نتنياهو بأنه لا ينوي منحه شيكاً على بياض وجعل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط تابعة لأولويات إسرائيل، فأقال والتز من منصبه، إلا أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات ضمن ملفات عدة تميزه عن إدراتي أوباما وبايدن جعلته يطالب بفرض "التخصيب الصفري"، لتصبح تلك النقطة الخلافية الأهم في سير المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واللافت هو صدور تقرير جديد عبر شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية جاء خلاله أن إسرائيل لديها خطة جاهزة لضرب المنشآت الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم، في ما يبدو أنه نوع من الحرب النفسية للضغط على إيران. لكن كل ما سبق سواء من التقرير الإخباري لـ"سي ان أن"، أو التردد في الموقف الأميركي، أو الدور الإسرائيلي، تجاهل تماماً عاملاً مهماً عند التعامل مع العقلية الإيرانية وهو خبرات التاريخ، فإيران دولة ذات إطار نفسي يحكمه في جزء كبير ما مرت به في الماضي وتستشهد دائماً بالتاريخ. ودخلت إيران للمرة الأولى ضمن ترتيبات إنتاج الوقود النووي في أوروبا عام 1974، أي قبل عام من توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية، مع تأسيس الشركة الفرنسية- الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالانبعاثات الغازية (SOFIDIF)، ثم انضمت إيران إلى اتحاد "يوروديف" وهو المجمع الأوروبي لتخصيب اليورانيوم، ومُنحت 10 في المئة من إجمالي أسهم الاتحاد وكانت بلجيكا وفرنسا وإيران وإيطاليا وإسبانيا من المساهمين فيه لإنتاج الوقود النووي. وقدمت طهران قرضاً بقيمة 1.18 مليار دولار لتطوير "يوروديف". ومع بدء المنشأة بالعمل في فرنسا، كانت الثورة الإيرانية اندلعت، بالتالي لم يُنقل الوقود النووي إليها، وبعد ذلك أكدت فرنسا أن العقد معها انتهى عام 1990 وأن "يوروديف" لم يعُد ملزماً نقل اليورانيوم المخصب إلى إيران. وهنا يتضح سبب رفض إيران التخصيب الصفري واستيراد اليورانيوم من الخارج، وإصرارها على الاحتفاظ بذلك الحق، كما يفسر ذلك سبب اقتراحها تأسيس اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لو كانت الإدارة الأميركية على درجة عالية من فهم العقلية الإيرانية ومنطلقات تحركها، لما كرر ماركو روبيو خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي أن "الخيار أمام إيران هو استيراد اليورانيوم المخصب اللازم لمفاعلاتها." وهذا التذبذب في الموقف الأميركي الذي يبدو عائداً للدور الإسرائيلي الهادف إلى تخريب المفاوضات، وضع المحادثات أمام نقطة خلاف رئيسة إذا تراجعت أمامها إدارة ترمب فستضيف إلى كثير من المواقف المتراجعة التي مرت بها منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، سواء في ما يخص الصين والتعريفات الجمركية والحرب الأوكرانية وأخيراً ملف إيران. ربما يبدو لنا من زاوية أخرى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى هذه اللحظة، وبصورة عامة، ليس لديها تصور لكيفية التعامل مع إيران في الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج دول المنطقة إلى أن تكون أكثر دراية بما تريده هي من إيران.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store