
الأردن؛ وطن لا وظيفة
اضافة اعلان
تتردد في خضم النقاشات السياسية مقولة مفادها أن «الأردن وُجد ليؤدي دوراً وظيفياً في حماية إسرائيل» وهذا قول يفتقر إلى الإنصاف التاريخي ويشكل إهانةً بالغة للأردنيين الذين بنوا وطنهم من شُح وفي عناءٍ شديد، لقد حاصرته هذه الرواية الظالمة منذ مطلع عشرينات القرن الماضي، وتسللت إلى آذان النخب، وصارت تُستنتج بلا تمحيص، وكأنها حقيقة مطلقة، وبرغم إجحاف هذه الرواية، إلا أنها ما تزال حاضرة في تحليلات كثيرة بقصدين، فهي إما أن توضع في سياق تحليل سياسي يفتقر إلى المعرفة والدراية والموضوعية، أو أنها تُقال بغاية التشكيك خدمةً لأجندات معينة لكل منها غايته، وللأسف لاذ الجميع بالصمت حيال ما يقال.لا بد أن الوقت قد حان للوقوف عند هذه المقولة وتفنيدها ، التاريخ يقول بأن الأردن منذ نشأته وحتى الآن، لم يوجد لحماية أحد بل ليكون وطناً لأبنائه، وهذا ما تؤكده لحظة التأسيس عام 1921، إذ إن الأردن كان منطقة فراغ إداري وسياسي بعد إنهيار الدولة العثمانية، حيث جاء إنشاء الإمارة استجابة لطموحات السكان المحليين ورغبتهم في إنشاء كيان سياسي يعبر عنهم، تماماً بعكس رغبة المشروع الصهيوني الذي كان ينظر إلى شرق الأردن بوصفه جزءاً من أرض اسرائيل الكبرى، كما عبر عن ذلك بوضوح، كل من حاييم وايزمان وفلاديمير جابوتنسكي.فالتأسيس الأردني لم يكن وليد قرار فوقي بل ثمرة حراك شعبي مبكر تمثل في سلسلة من المؤتمرات الوطنية، أبرزها مؤتمر ام قيس في أيلول 1920 الذي رفض الانتداب البريطاني ودعا إلى إقامة حكومة عربية مستقلة، ووجه دعوة للأمير عبدالله بن الحسين لتولي زمام القيادة، وتتابعت لاحقاً المؤتمرات في السلط وعمان وجرش، ومعان، هذه المؤتمرات أكدت بوضوح أن الشعب الأردني لم يكن خاملاً، بل امتلك وعياً مبكراً بأهمية الضغط على بريطانيا للاعتراف بكيان وطني يعبر عن إرادته.أما الإدعاء «أن الأردن يحمي إسرائيل «فهي رواية تدوس عمداً على كل تضحيات الشعب الأردني منذ حرب العام 1948، فالجيش العربي الأردني هو الوحيد الذي تمكن من الحفاظ على أرض عربية، بما في ذلك الحفاظ على القدس الشرقية، وللأسف رغم ذلك اتُهم الجيش وقيادته بالخيانة، رغم انه نفس الجيش الذي مرغ أنف جيش الاحتلال بالتراب في العام 1968 في معركة الكرامة، وأتاح للمقاومة الفلسطينية أن تقاتل على أرضه، وهو نفسه الذي دفع الضفة الغربية ثمناً باهضاً للارتجال العربي، في هزيمة حزيران 1967 وفيما بعد شارك بقدر استطاعته بحرب رمضان في العام 1973، والسؤال هل يمكن أن تحدث كل تلك المواجهات والحروب والخسائر والنكسات، إذا كان هدف الأردن هو تأمين حدود إسرائيل؟ فهذا التعامي المقصود عن الحقائق لا يمكن أن يكون بريئاً.لكن ما أصل الرواية ؟ أغلب الظن أنها تشكلت في سياق الهزيمة العربية الكبرى في حرب العام 1948، عندما هزمت العصابات الصهيونية الجيوش العربية مجتمعة، وكما هي عادة العرب، فقد سلكوا أقصر الطرق بأن ألقوا باللائمة على الأردن، واتهموه بأنه عقد تفاهمات مع العدو وامتنع عن دعم الجبهات الأخرى، طبعاً بدون اي دليل موثوق، رغم أن عدد وعدة الجيش الأردني بالكاد تكفيه للدفاع عن مواقعه، لكن للأسف تم أدلجة هذه المقولة وأعاد الإعلام العربي صياغتها بل ووسع نطاقها، وأسقط كل بطولات الجيش العربي الأردني ونسبوها إلى أنفسهم زوراً وبهتاناً وصنعوا منها بطولات شعبوية، ومردّ كل ذلك فشل الدول العربية في تحمل مسؤولية الفشل الجماعي ومناقشة تبعاته والتعامل معها بإنصاف.أما حجة «الحدود الساكنة» مع دولة الاحتلال، فهي لا تصمد أمام الواقع، فخلال أقل من قرن تعرضت هذه الجبهة للعديد من الحروب، في العام 1948، وسكنت بهدنة جماعية، ثم اشتعلت في العام 1967، وخاضت فيما بعد من خلال فصائل المقاومة الفلسطينية بجبهة مفتوحة مع العدو، وفي العام 1968، وفي حرب 1973، وهدأت الجبهات مع توجه الدول العربية لعقد اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال ابتداء من مصر في العام 1979، وبعد ذلك مؤتمر مدريد ووادي عربة، فلماذا إذاً تحسب السكينة على الأردن وحده؟كل هذه الوقائع تشير إلى حقيقة واحدة أن الأردن شكل تحدياً بنيوياً للمشروع الصهيوني، لا خادماً له، وقيام الأردن كان بمثابة حجر عثرة وحاجزاً سياسياً وجغرافياً في وجهه، بالتالي فإن الوقت قد حان للوقوف في وجه تلك المقولات التي تعتبر بمثابة إهانة للشعب الأردني وإهانة لكل تضحياته، فالأردن لم يكن يوماً وظيفةً لحماية اسرائيل، بل وطناً تشكل بفعل إرادة سياسية وشعبية، ودفع ثمناً غالياً من دماء أبنائه وأرضه، واتهامه بالخيانة خيانة بحد ذاته.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 26 دقائق
- رؤيا نيوز
أورنج الأردن ترعى قمة GWTS 2025 دعماً للشمول المالي وتمكين المرأة في التكنولوجياً
قدّمت أورنج الأردن رعايتها للقمة العالمية لدور المرأة في التكنولوجيا والتحول الرقمي (GWTS 2025)، الذي عقد تحت رعاية معالي وزير الاقتصاد الرقمي والريادة، المهندس سامي سميرات، وبمشاركة نخبة من القيادات والخبراء وصنّاع التغيير من الأردن والمنطقة. وتأتي هذه الرعاية لتعكس التزام أورنج الأردن العميق برؤية 'قيادة المستقبل'، وتبنيها لاستراتيجية مستدامة للمسؤولية المجتمعية والتي تتمحور حول الشمول الرقمي، التعليم الرقمي، وريادة الأعمال، مما يعزز دورها الريادي في دفع عجلة الابتكار التقني وتعزيز الشمول المالي وبناء منظومة رقمية أكثر تنوعاً وشمولاً. كما شاركت الرئيس التنفيذي ل Orange Money المهندسة هبة الشريف، كمتحدثة ضمن فعاليات القمة، حيث ألقت الضوء على تجربتها القيادية ودور أورنج الأردن في تطوير حلول رقمية مبتكرة تعزز الشمول المالي وتدعم حضور المرأة في قطاع التكنولوجيا. وأكدت الشريف على التزام الشركة بتمكين المرأة اقتصادياً من خلال تقديم خدمات مالية رقمية أكثر شمولاً وسهولة، تتيح لفئات أوسع من المجتمع، وبالأخص السيدات، الوصول إلى أدوات مالية آمنة وفعالة تعزز استقلاليتهن وقدرتهن على النمو. وتواصل أورنج الأردن جهودها لتمكين مختلف فئات المجتمع من خلال التكنولوجيا، عبر مبادراتها الرقمية وبرامجها المجتمعية التي تواكب احتياجات المستقبل، كما تكرّس الشركة خبرتها وريادتها الرقمية لدعم الشابات والشباب وتحقيق أثر إيجابي مستدام في المجتمع الأردني. ومن الجدير ذكره أن هذه القمة تعد منصة دولية تهدف إلى تمكين المرأة في قطاع التكنولوجيا، وتعزيز حضورها وتأثيرها في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا المالية (Fintech)، وريادة الأعمال، من خلال تبادل المعرفة وبناء شبكات تواصل فاعلة تساهم في تعزيز التنوع داخل القطاع التقني العالمي. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة موقعنا: . – انتهى – نبذة عن Orange الأردن


رؤيا نيوز
منذ 26 دقائق
- رؤيا نيوز
رئيس الوزراء يستقبل المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ' الفاو'
استقبل رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، اليوم الأربعاء، في رئاسة الوزراء المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 'الفاو' شو دونيو والوفد المرافق. وجرى خلال اللقاء، الذي حضره وزير الزراعة خالد الحنيفات، التأكيد على أهمية توسيع التعاون في المجالات الزراعية والأمن الغذائي، في ضوء اعتماد منظمة الفاو، الأردن مركزاً للمرصد الإقليمي للأمن الغذائي لدول منطقة المشرق. ولفت رئيس الوزراء إلى أهمية المشاريع والبرامج المشتركة التي تعالج التحديات الرئيسية في الزراعة والأمن الغذائي والمياه وتغير المناخ. وتم خلال اللقاء التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لضمان إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، دون إعاقة وبشكل كاف ومستدام في ظل الكارثة الإنسانية التي يمر بها القطاع، وتعزيز الأمن الغذائي في الضفة الغربية. وثمن مدير 'الفاو' جهود الأردن في موضوع الأمن الغذائي لخبرته في هذا المجال، مشيداً بدور الأردن الكبير في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.


رؤيا نيوز
منذ 26 دقائق
- رؤيا نيوز
الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى إسبانيا في مستهل جولة عمل أوروبية
غادر جلالة الملك عبدالله الثاني أرض الوطن، الأربعاء، متوجها إلى إسبانيا في مستهل جولة عمل أوروبية تشمل المملكة المتحدة وفرنسا.