logo
مدن تغرق: من واشنطن وحتى الإسكندرية، وطوكيو تجد الحل

مدن تغرق: من واشنطن وحتى الإسكندرية، وطوكيو تجد الحل

الوسطمنذ 2 أيام

Getty Images
تعد بعض المدن الساحلية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين، معرضة بشكل خاص لارتفاع منسوب مياه البحر.
وقد أجرت جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، دراسة على 48 مدينة ساحلية، وعزت هبوط الأرض في هذه المناطق إلى تغيرات المناخ وما يسمى بـ"غرق الأرض".
وتُقدر بي بي سي أن ما يقرب من 160 مليون شخص يعيشون في هذه المناطق، بناءً على الدراسة وبيانات السكان الصادرة عن الأمم المتحدة.
ورُصدت أشد حالات هبوط الأرض تطرفاً في تيانجين في الصين، التي شهدت تطوراً صناعياً وبنيوياً سريعاً، وتبيّن أن بعض أجزاء المدينة غرقت بمعدل 18.7 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020.
كما تعد العاصمة الإندونيسية جاكرتا، واحدة من عشرات المناطق الساحلية التي تهبط بسرعة مثيرة للقلق، وفقاً للدراسة.
ارتفاع معدلات استخراج المياه الجوفية
ويُعتبر استخراج المياه الجوفية سبباً رئيسياً لهبوط الأرض في نصف المدن الساحلية الـ 48 التي حددتها جامعة نانيانغ وحللتها بي بي سي، وبالإضافة إلى تأثير الأنشطة البشرية الأخرى، مثل البناء والتعدين.
كما يُمكن للعوامل الطبيعية، بما في ذلك التحولات التكتونية والزلازل والتماسك الطبيعي للتربة - إذ تضغط التربة على بعضها البعض وتصبح أكثر كثافة مع مرور الوقت - أن تلعب دوراً أيضاً، لكن بعض الخبراء يعتقدون أن تأثيرها أقل من تأثير البشر.
وتقول شيريل تاي الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن "الكثير من المدن التي غرقت تقع في آسيا أو جنوب شرق آسيا"، مرجحةً أن ذلك يعود إلى ارتفاع الطلب على المياه بشكل كبير في تلك المناطق، مع النمو السكاني السريع والتطور العمراني الكبير.
وتضيف: "قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات استخراج المياه الجوفية، ومن ثم قد يتفاقم الوضع.. وهذا يعني أن الفيضانات ستكون أكثر تواتراً وكثافةً وطولاً في المستقبل"، موضحةً أنه قد يكون هناك أيضاً "تسرب للمياه المالحة، مما قد يؤثر على الأراضي الزراعية وجودة مياه الشرب".
وتتأثر بعض أنواع الأراضي أكثر من غيرها، وتعتقد الباحثة تاي أن المخاطر حادة بشكل خاص بالنسبة للعديد من المدن الساحلية التي تقع في منطقة دلتا منخفضة، حيث تنقسم الأنهار قبل أن تصل إلى البحر. ويشمل ذلك أماكن مثل جاكرتا وبانكوك ومدينة هو تشي وشنغهاي.
"تأثير الوعاء"
وفي حين تُواجه العديد من المدن الساحلية مزيجاً من هبوط الأرض وارتفاع منسوب مياه البحار، فإنها تبحث عن حلول، لكن هذه الحلول قد تُسهم أحياناً في مشاكل أخرى.
وقامت بعض المدن، بما في ذلك جاكرتا والإسكندرية في مصر ومدينة هو تشي في فيتنام، ببناء سدود وجدران وحواجز رملية على طول سواحلها في محاولة لمنع الفيضانات من البحر.
لكن مع ارتفاع الجدران واتساعها، قد ينشأ ما يُعرف بـ"تأثير الوعاء"، كما يقول البروفيسور بيترو تيتيني من جامعة بادوفا في إيطاليا، مما قد يؤدي إلى احتجاز مياه الأمطار والأنهار في بعض المناطق ومنعها من التدفق إلى البحر. وهو ما قد يُسهم في حدوث فيضانات.
وقامت مدينتا جاكرتا وهو تشي ببناء محطات ضخ لتصريف المياه الزائدة، إلّا أن ذلك لا يُعالج أسباب هبوط الأرض و الفيضانات.
Getty Images
كيف حلّت طوكيو المشكلة؟
عندما لاحظت طوكيو أن أجزاءً من مدينتها تهبط، اتخذت نهجاً مختلفاً وقررت معالجة جذور المشكلة.
وتباطأ هبوط الأرض بشكل ملحوظ في سبعينيات القرن الماضي بعد أن فرضت طوكيو لوائح صارمة على استخراج المياه الجوفية.
كما أنشأت نظاماً لإدارة إمدادات المياه، الذي يرى العلماء أنه الطريقة الأكثر فعالية لوقف هبوط الأرض.
ووجدت دراسة جامعة تايوان أن المدينة أصبحت أكثر استقراراً، على الرغم من انخفاض منسوب المياه في بعض المناطق الصغيرة بمعدل يتراوح بين 0.01 و2.4 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020.
حلول أخرى
ولا تزال بعض المدن الآسيوية تنظر إلى نهج طوكيو كنموذج يُحتذى به. فعلى سبيل المثال، خفضت تايبيه، عاصمة تايوان، من استخراج المياه الجوفية في سبعينيات القرن الماضي، مما ساعد بدوره على إبطاء معدلات هبوطها.
كما تُنظم العديد من المدن الأخرى، بما في ذلك هيوستن وبانكوك ولندن، استخراج المياه الجوفية لضمان ألا يكون منخفضاً جداً أو مرتفعاً جداً.
وعلى الرغم من فعالية نظام طوكيو، إلا أن هناك شكوكاً حول إمكانية تطبيقه على نطاق واسع نظراً لارتفاع تكاليف البناء والصيانة، كما يقول البروفيسور ميغيل إستيبان من جامعة واسيدا في اليابان.
وقد جربت بعض المدن أساليب مختلفة، مثل شنغهاي التي طبقت أسلوب "حقن المياه"، حيث قامت هذه المدينة بحقن مياه نقية من نهر اليانغتسي في باطن الأرض عبر آبار كانت تُستخدم سابقاً لاستخراج المياه الجوفية.
وقد تبنت مدن أخرى، مثل تشونغ تشينغ في الصين وسان سلفادور في السلفادور، مبادئ المدن الإسفنجية.
وتعتمد المدينة الإسفنجية على أسطح مصممة لامتصاص المياه بشكل طبيعي، مثل التربة والعشب والأشجار. وتُعطى الأولوية لبناء الحدائق والأراضي الرطبة والمساحات الخضراء، على ضفاف البحيرات والبرك حيث يمكن تحويل المياه وتخزينها خلال موسم الأمطار.
ويحذر الخبراء أنه وبدون تغيير، سيخوض العديد معركة خاسرة مع هبوط منازلهم تدريجياً.
وفيما يلي قائمة بأسماء المدن الـ 48 التي شملتها الدراسة:
BBC
قائمة بأسماء المدن الـ 48 التي شملتها الدراسة
نُبذة عن نتائج الدراسة
الإسكندرية، مصر
وفقاً للدراسة التي أجرتها جامعة نانيانغ، غرقت أجزاء من مدينة الإسكندرية بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.7 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020.
وتُقدر بي بي سي، أن 270 ألف شخص يعيشون في المناطق المُعرّضة للغرق.
ويقول الخبراء إن ارتفاع مستويات استخراج المياه الجوفية واستصلاح الأراضي، ساهم في هبوط الأراضي عن مستوى سطح البحر على مدى عقود، مما يُنذر بخطر حدوث فيضانات أشد في المستقبل.
برشلونة، إسبانيا
غرقت معظم المناطق المعرضة للهبوط بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و0.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020، وفقاً للدراسة، كما وجدت هبوطاً ملحوظاً في ميناء برشلونة، بمعدل 7 سم سنوياً.
وتقدر بي بي سي، أن حوالي 800 ألف شخص يعيشون في المناطق المعرضة للهبوط.
ويُحذر الخبراء من أن الميناء، المبني على أراضٍ مستصلحة، معرض لاستمرار الهبوط والفيضانات الشديدة في المستقبل.
إسطنبول، تركيا
انخفضت أجزاء من إسطنبول بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و13.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020.
وتقدر بي بي سي، أن أربعة ملايين شخص يعيشون في المناطق التي تشهد هبوطاً في الأراضي.
وكان مطار إسطنبول من أسرع المناطق هبوطاً في المدينة، حيث إذ هبط بمعدل 13.2 سم سنوياً.
لندن، المملكة المتحدة
انخفضت معظم المناطق المُعرّضة للغرق في لندن بمعدل أقل من سنتيمتر واحد سنوياً بين عامي 2014 و2020.
وحدث هبوط كبير في بعض المواقع، مثل جنوب أبمينستر، الذي هبط بمعدل 4 سنتيمترات سنوياً.
ويرتبط هذا الهبوط، الذي تسبب في عدم استواء أسطح الأرض، بعوامل مختلفة، بما في ذلك استخراج المياه الجوفية، والحمل الذي تشكله البنية التحتية، وطبيعة التربة الطينية، وفقاً للخبراء.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية
انخفضت أجزاء من واشنطن العاصمة بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020.
وتقدر بي بي سي، أن 100 ألف شخص يعيشون في المناطق التي تعرضت لهبوط الأرض.
وتعمل العاصمة الأمريكية حالياً على الحد من استخراج المياه الجوفية التي لطالما استخدمتها لأغراض الشرب في المنازل والمكاتب الحكومية والمستشفيات والصناعات، قبل أن تستبدلها تدريجياً بالمياه السطحية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير الجامعات نحو الأفضل؟
هل ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير الجامعات نحو الأفضل؟

الوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الوسط

هل ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير الجامعات نحو الأفضل؟

Getty Images أفادت دراسة استقصائية بأن 44 في المئة من طلاب المملكة المتحدة متحمسون للذكاء الاصطناعي وما يوفره من فرص أثّر الذكاء الاصطناعي منذ انتشاره الواسع على مختلف الصناعات حول العالم، لكن تأثيره على التعليم العالي كان أكثر وضوحاً وقوة. وأحدثت القدرة على الحصول على معلومات مفصلة بضغطة زر، تحولاً جذرياً في شكل الدراسات الجامعية، لكن يبقى السؤال: هل هذا التغيير يصب في مصلحة التعليم؟ كشفت دراسة حديثة شملت آلاف الطلاب حول العالم أن كثيرين من هؤلاء الطلاب لجأوا إلى التكنولوجيا للمساعدة في دراستهم، إلا أن بعضهم أعرب عن قلقه من تأثيرها المحتمل على مستقبلهم المهني. وقالت طالبة لبي بي سي إن الذكاء الاصطناعي كان نقطة تحول في مسيرتها التعليمية، مؤكدة أنه ساعدها على الشعور بثقة أكبر في أدائها الأكاديمي. في المقابل، تبنى الخبراء موقفاً أكثر تحفظاً تجاه تأثيرات الذكاء الاصطناعي، حيث وصفها أحدهم بأنها تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية على دراسات التعليم العالي. Getty Images تمكّن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي" المستخدمين من الحصول على ردود مفصلة بسرعة وسهولة سانجايا فيليبس، من مواليد ورشيسترشاير، تدرس حالياً إدارة الاتصالات التسويقية في جامعة أكسفورد بروكس. وقالت الطالبة البالغة من العمر 22 عاماً إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي، بإذن من المحاضرين، للحصول على أفكار ولهيكلة المقالات أثناء دراستها. وقالت فيليبس، التي تقضي حالياً سنة تدريب عملي، إن التكنولوجيا منحتها "الطمأنينة"، وساعدتها على "زيادة ثقتها" في أداء عملها. وأضافت: "في سنتي الثانية، أصبح الذكاء الاصطناعي بارزًا للغاية، خصوصًا عند استخدامه كأداة للدراسة أو لدعمي في التكيف مع مهامي الجامعية". وتابعت: "في جامعة بروكس، تجري نقاشات مفتوحة حول طرق استخدام الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن الاستفادة منه في مساعدة إعداد الواجبات وتنظيمها، أو الوصول إلى أفكار إبداعية". وأضافت: "في بعض الأحيان، قد تقضي يوماً كاملاً في البحث عن أفكار إبداعية، لكن باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن توليد هذه الأفكار خلال 30 دقيقة فقط". وقالت: "لقد غير هذا بالتأكيد تجربتي الأكاديمية". وشارك طلاب آخرون مع بي بي سي تجاربهم في استخدام الذكاء الاصطناعي للغش أثناء الدراسة، حيث عبرت إحدى الطالبات عن "ندمها الشديد" على استخدام هذه التكنولوجيا. وأشار الدكتور تشارلي سيمبسون، الكاتب المتخصص في الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلى أن "البحث عن جوانب في التعليم العالي لا يؤثر عليها الذكاء الاصطناعي أصبح أمراً في غاية الصعوبة". وأضاف سيمبسون، وهو أيضاً محاضر أول في العلوم الرياضية والتمارين الرياضية في جامعة أكسفورد بروكس: "عندما تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، فإنها تمكن الطلاب من توجيه انتباههم إلى الأجزاء الأكثر أهمية من التعلم وتحسين تنميتهم الذاتية". وتابع: "ومع ذلك، إذا لم يُستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول في إطار برنامج دراسي للحصول على درجة علمية، واستعان الطلاب بالتكنولوجيا فقط للحصول على مؤهل، فإن هذا لن يخدم أي غرض مفيد". وكشفت دراسة حديثة أجرتها شركة سكن الطلاب "يوغو" أن 44 في المئة من طلاب المملكة المتحدة يشعرون بالحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، وأن نسبة مماثلة منهم استخدمته بالفعل خلال دراستهم. وقال البروفيسور كييتشي ناكاتا، من كلية هنلي لإدارة الأعمال، إن "الذكاء الاصطناعي، كأي تقنية جديدة، له تأثيرات إيجابية وسلبية على التعليم". يشغل البروفيسور ناكاتا منصب مدير قسم الذكاء الاصطناعي في معهد "عالم العمل" التابع لكلية الأعمال، وهو جزء من جامعة ريدينغ، حيث يعمل على مساعدة المؤسسات في فهم التكنولوجيا. وأوضح أن "هذا أمر إيجابي، لأنه يمنح الطلاب الآن مجموعة إضافية من الأدوات للعمل بها عند استخدامها بشكل مناسب ومسؤول". وأضاف: "ومع ذلك، إذا استُخدم فقط لتوفير الجهد أو لإنجاز العمل بدلاً عنك، فإنه لا يساعد الطلاب على اكتساب المعرفة والمهارات والسلوكيات اللازمة من خلال دراستهم". "نظام الدعم" وأوضح الدكتور سيمبسون أنه في حال تبنت الجامعات الذكاء الاصطناعي وتكيفت معه بفعالية، فإن خريجي المستقبل قد يمتلكون قدرات "تفوق بكثير" ما امتلكته الأجيال السابقة. وأضاف أن "الشهادات الجامعية في المستقبل سيكون من الصعب الحصول عليها كما هو الحال الآن، لكن قدرات الخريجين سوف تزيد، وبالتالي فإن معايير الدرجات العلمية يجب أن ترتفع أيضاً". وتوصلت دراسة أجرتها مؤسسة "يوغو"، وشملت 7274 طالباً من مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا، إلى أن 78 في المئة من طلاب المملكة المتحدة يخشون فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي. وأظهرت دراسة حديثة، أجرتها كلية هينلي للأعمال الشهر الماضي أن موظفي المملكة المتحدة ينظرون للتكنولوجيا بتفاؤل، إلا أنهم يشعرون بالإجهاد نتيجة استخدامها. وأوضحت فيليبس أنها لا تشعر بالقلق من احتمال فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أنها تنظر إلى هذه التكنولوجيا على أنها "وسيلة دعم". وشددت على ضرورة أن يقوم الناس بـ "تغيير طريقة فهمهم للذكاء الاصطناعي وكيفية الاستفادة منه، بدلاً من رؤيته كبديل لهم". ويرى البروفيسور ناكاتا أن "الكفاءة في التعامل مع الذكاء الاصطناعي" ستصبح مطلباً شائعاً لدى أصحاب العمل في المستقبل القريب، مشابهاً لمهارات تكنولوجيا المعلومات". وأضاف: "من الواضح أن هذا يختلف باختلاف الصناعات والأدوار الوظيفية، لكن القدرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب ومسؤول لتعزيز الإنتاجية في العمل من شأنها أن تؤثر إيجابياً على فرص الطلاب الجامعيين المستقبلية".

مدن تغرق: من واشنطن وحتى الإسكندرية، وطوكيو تجد الحل
مدن تغرق: من واشنطن وحتى الإسكندرية، وطوكيو تجد الحل

الوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الوسط

مدن تغرق: من واشنطن وحتى الإسكندرية، وطوكيو تجد الحل

Getty Images تعد بعض المدن الساحلية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين، معرضة بشكل خاص لارتفاع منسوب مياه البحر. وقد أجرت جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، دراسة على 48 مدينة ساحلية، وعزت هبوط الأرض في هذه المناطق إلى تغيرات المناخ وما يسمى بـ"غرق الأرض". وتُقدر بي بي سي أن ما يقرب من 160 مليون شخص يعيشون في هذه المناطق، بناءً على الدراسة وبيانات السكان الصادرة عن الأمم المتحدة. ورُصدت أشد حالات هبوط الأرض تطرفاً في تيانجين في الصين، التي شهدت تطوراً صناعياً وبنيوياً سريعاً، وتبيّن أن بعض أجزاء المدينة غرقت بمعدل 18.7 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020. كما تعد العاصمة الإندونيسية جاكرتا، واحدة من عشرات المناطق الساحلية التي تهبط بسرعة مثيرة للقلق، وفقاً للدراسة. ارتفاع معدلات استخراج المياه الجوفية ويُعتبر استخراج المياه الجوفية سبباً رئيسياً لهبوط الأرض في نصف المدن الساحلية الـ 48 التي حددتها جامعة نانيانغ وحللتها بي بي سي، وبالإضافة إلى تأثير الأنشطة البشرية الأخرى، مثل البناء والتعدين. كما يُمكن للعوامل الطبيعية، بما في ذلك التحولات التكتونية والزلازل والتماسك الطبيعي للتربة - إذ تضغط التربة على بعضها البعض وتصبح أكثر كثافة مع مرور الوقت - أن تلعب دوراً أيضاً، لكن بعض الخبراء يعتقدون أن تأثيرها أقل من تأثير البشر. وتقول شيريل تاي الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن "الكثير من المدن التي غرقت تقع في آسيا أو جنوب شرق آسيا"، مرجحةً أن ذلك يعود إلى ارتفاع الطلب على المياه بشكل كبير في تلك المناطق، مع النمو السكاني السريع والتطور العمراني الكبير. وتضيف: "قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات استخراج المياه الجوفية، ومن ثم قد يتفاقم الوضع.. وهذا يعني أن الفيضانات ستكون أكثر تواتراً وكثافةً وطولاً في المستقبل"، موضحةً أنه قد يكون هناك أيضاً "تسرب للمياه المالحة، مما قد يؤثر على الأراضي الزراعية وجودة مياه الشرب". وتتأثر بعض أنواع الأراضي أكثر من غيرها، وتعتقد الباحثة تاي أن المخاطر حادة بشكل خاص بالنسبة للعديد من المدن الساحلية التي تقع في منطقة دلتا منخفضة، حيث تنقسم الأنهار قبل أن تصل إلى البحر. ويشمل ذلك أماكن مثل جاكرتا وبانكوك ومدينة هو تشي وشنغهاي. "تأثير الوعاء" وفي حين تُواجه العديد من المدن الساحلية مزيجاً من هبوط الأرض وارتفاع منسوب مياه البحار، فإنها تبحث عن حلول، لكن هذه الحلول قد تُسهم أحياناً في مشاكل أخرى. وقامت بعض المدن، بما في ذلك جاكرتا والإسكندرية في مصر ومدينة هو تشي في فيتنام، ببناء سدود وجدران وحواجز رملية على طول سواحلها في محاولة لمنع الفيضانات من البحر. لكن مع ارتفاع الجدران واتساعها، قد ينشأ ما يُعرف بـ"تأثير الوعاء"، كما يقول البروفيسور بيترو تيتيني من جامعة بادوفا في إيطاليا، مما قد يؤدي إلى احتجاز مياه الأمطار والأنهار في بعض المناطق ومنعها من التدفق إلى البحر. وهو ما قد يُسهم في حدوث فيضانات. وقامت مدينتا جاكرتا وهو تشي ببناء محطات ضخ لتصريف المياه الزائدة، إلّا أن ذلك لا يُعالج أسباب هبوط الأرض و الفيضانات. Getty Images كيف حلّت طوكيو المشكلة؟ عندما لاحظت طوكيو أن أجزاءً من مدينتها تهبط، اتخذت نهجاً مختلفاً وقررت معالجة جذور المشكلة. وتباطأ هبوط الأرض بشكل ملحوظ في سبعينيات القرن الماضي بعد أن فرضت طوكيو لوائح صارمة على استخراج المياه الجوفية. كما أنشأت نظاماً لإدارة إمدادات المياه، الذي يرى العلماء أنه الطريقة الأكثر فعالية لوقف هبوط الأرض. ووجدت دراسة جامعة تايوان أن المدينة أصبحت أكثر استقراراً، على الرغم من انخفاض منسوب المياه في بعض المناطق الصغيرة بمعدل يتراوح بين 0.01 و2.4 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020. حلول أخرى ولا تزال بعض المدن الآسيوية تنظر إلى نهج طوكيو كنموذج يُحتذى به. فعلى سبيل المثال، خفضت تايبيه، عاصمة تايوان، من استخراج المياه الجوفية في سبعينيات القرن الماضي، مما ساعد بدوره على إبطاء معدلات هبوطها. كما تُنظم العديد من المدن الأخرى، بما في ذلك هيوستن وبانكوك ولندن، استخراج المياه الجوفية لضمان ألا يكون منخفضاً جداً أو مرتفعاً جداً. وعلى الرغم من فعالية نظام طوكيو، إلا أن هناك شكوكاً حول إمكانية تطبيقه على نطاق واسع نظراً لارتفاع تكاليف البناء والصيانة، كما يقول البروفيسور ميغيل إستيبان من جامعة واسيدا في اليابان. وقد جربت بعض المدن أساليب مختلفة، مثل شنغهاي التي طبقت أسلوب "حقن المياه"، حيث قامت هذه المدينة بحقن مياه نقية من نهر اليانغتسي في باطن الأرض عبر آبار كانت تُستخدم سابقاً لاستخراج المياه الجوفية. وقد تبنت مدن أخرى، مثل تشونغ تشينغ في الصين وسان سلفادور في السلفادور، مبادئ المدن الإسفنجية. وتعتمد المدينة الإسفنجية على أسطح مصممة لامتصاص المياه بشكل طبيعي، مثل التربة والعشب والأشجار. وتُعطى الأولوية لبناء الحدائق والأراضي الرطبة والمساحات الخضراء، على ضفاف البحيرات والبرك حيث يمكن تحويل المياه وتخزينها خلال موسم الأمطار. ويحذر الخبراء أنه وبدون تغيير، سيخوض العديد معركة خاسرة مع هبوط منازلهم تدريجياً. وفيما يلي قائمة بأسماء المدن الـ 48 التي شملتها الدراسة: BBC قائمة بأسماء المدن الـ 48 التي شملتها الدراسة نُبذة عن نتائج الدراسة الإسكندرية، مصر وفقاً للدراسة التي أجرتها جامعة نانيانغ، غرقت أجزاء من مدينة الإسكندرية بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.7 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020. وتُقدر بي بي سي، أن 270 ألف شخص يعيشون في المناطق المُعرّضة للغرق. ويقول الخبراء إن ارتفاع مستويات استخراج المياه الجوفية واستصلاح الأراضي، ساهم في هبوط الأراضي عن مستوى سطح البحر على مدى عقود، مما يُنذر بخطر حدوث فيضانات أشد في المستقبل. برشلونة، إسبانيا غرقت معظم المناطق المعرضة للهبوط بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و0.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020، وفقاً للدراسة، كما وجدت هبوطاً ملحوظاً في ميناء برشلونة، بمعدل 7 سم سنوياً. وتقدر بي بي سي، أن حوالي 800 ألف شخص يعيشون في المناطق المعرضة للهبوط. ويُحذر الخبراء من أن الميناء، المبني على أراضٍ مستصلحة، معرض لاستمرار الهبوط والفيضانات الشديدة في المستقبل. إسطنبول، تركيا انخفضت أجزاء من إسطنبول بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و13.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020. وتقدر بي بي سي، أن أربعة ملايين شخص يعيشون في المناطق التي تشهد هبوطاً في الأراضي. وكان مطار إسطنبول من أسرع المناطق هبوطاً في المدينة، حيث إذ هبط بمعدل 13.2 سم سنوياً. لندن، المملكة المتحدة انخفضت معظم المناطق المُعرّضة للغرق في لندن بمعدل أقل من سنتيمتر واحد سنوياً بين عامي 2014 و2020. وحدث هبوط كبير في بعض المواقع، مثل جنوب أبمينستر، الذي هبط بمعدل 4 سنتيمترات سنوياً. ويرتبط هذا الهبوط، الذي تسبب في عدم استواء أسطح الأرض، بعوامل مختلفة، بما في ذلك استخراج المياه الجوفية، والحمل الذي تشكله البنية التحتية، وطبيعة التربة الطينية، وفقاً للخبراء. واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية انخفضت أجزاء من واشنطن العاصمة بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.2 سم سنوياً بين عامي 2014 و2020. وتقدر بي بي سي، أن 100 ألف شخص يعيشون في المناطق التي تعرضت لهبوط الأرض. وتعمل العاصمة الأمريكية حالياً على الحد من استخراج المياه الجوفية التي لطالما استخدمتها لأغراض الشرب في المنازل والمكاتب الحكومية والمستشفيات والصناعات، قبل أن تستبدلها تدريجياً بالمياه السطحية.

استراتيجية لحماية المحيطات قبل قمة للأمم المتحدة في نيس
استراتيجية لحماية المحيطات قبل قمة للأمم المتحدة في نيس

الوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الوسط

استراتيجية لحماية المحيطات قبل قمة للأمم المتحدة في نيس

قدّم الاتحاد الأوروبي الخميس استراتيجيته لتحسين حماية المحيطات، في سعيه إلى إظهار دوره «الريادي» قبل قمة رئيسية تنظمها الأمم المتحدة في مدينة نيس الفرنسية الأسبوع المقبل. وأكد المفوض الأوروبي كوستاس كاديس أن «المحيط يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة، ومنسوبه آخذ في الارتفاع، وحمضيته تزداد. ويؤثر التلوث الناتج عن البلاستيك والمواد الكيميائية والضوضاء سلبا على النظم البيئية البحرية، هناك حاجة إلى إجراءات عاجلة»، وفقا لوكالة «فرانس برس». وينص هذا «الميثاق» الأوروبي بشأن المحيطات على تعزيز القواعد الرامية لحماية هذه الأنظمة البيئية في السنوات المقبلة. وكانت المنظمات غير الحكومية قد أبدت مخاوف من عدم اتخاذ إجراءات «فورية» في هذا المجال. سيقترح الاتحاد الأوروبي بحلول العام 2027 قانونا بشأن المحيطات سيُعرض على أعضاء البرلمان الأوروبي. ولحماية التنوع البيولوجي بشكل أفضل، تنوي المفوضية الأوروبية مراجعة قانونين بشأن البيئة البحرية وتخطيط الحيز البحري. - - - كذلك، تعهدت المفوضية إنشاء «احتياطيات أوروبية للكربون الأزرق». ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى القيام بمسح للنظم البيئية البحرية القادرة على احتجاز المزيد من ثاني أكسيد الكربون وتوسيع نطاقها. لمكافحة التلوث، تعتزم المفوضية تعزيز نظام «كلين سي نت» CleanSeaNet للرصد عبر الأقمار الصناعية، الذي يمسح البحار لرصد أي تسربات نفطية محتملة. أوجه قصور في النظام أظهر تقرير حديث صادر عن ديوان المحاسبة الأوروبي أوجه قصور كبيرة في هذا النظام. ففي الفترة 2022-2023، استجابت الدول الأعضاء لأقل من نصف التنبيهات، وأكدت وجود تلوث في 7% فقط من الحالات. ويرجع ذلك غالبا إلى الفارق الزمني بين التقاط صورة القمر الصناعي ووقت التفتيش في البحر. وفي السياق نفسه، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز مكافحة الصيد غير القانوني. وكما أُعلن سابقا، سيصبح نظام شهادات الصيد الرقمي (آي تي كاتش) IT Catch إلزاميا لواردات الأسماك إلى الاتحاد الأوروبي في يناير 2026. وتعتزم المفوضية أيضا تقديم «رؤية طويلة المدى» لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العام 2026. وأثارت مسودة أولية من هذا «الميثاق» سُرّبت في منتصف مايو، خيبة أمل لدى منظمات بيئية نددت بغياب أي «إجراءات ملموسة لمعالجة أكثر التهديدات إلحاحا». في المناطق البحرية المحمية، تدعو منظمات غير حكومية مثل «سورفرايدر» Surfrider و«الصندوق العالمي للطبيعة» WWF و«كلاينت إيرث» ClientEarth و«أوشيانا» Oceana إلى حظر فوري لصيد الأسماك بشباك الجر القاعية، وهي تقنية صيد تثير انتقادات لتأثيرها البيئي المدمر. لكن هذه القضية، التي تُعدّ حساسة للكثير من الدول الأعضاء، تُثير انقساما بين القوى السياسية، إذ يدعو اليمين والوسط إلى اتباع سياسة تقوم على دراسة «كل حالة على حدة». في استراتيجيته الجديدة، يَعِد الاتحاد الأوروبي بإيلاء اهتمام خاص لـ«صغار الصيادين» و«المجتمعات الساحلية الضعيفة». تُشدد بروكسل على أهمية البحر في الحياة اليومية للأوروبيين الذين يعيش حوالى 40% منهم على بُعد 50 كيلومترا من الساحل. ويوفر «الاقتصاد الأزرق» ما يقرب من خمسة ملايين وظيفة، ويُساهم بأكثر من 250 مليار يورو في الناتج المحلي الإجمالي السنوي للاتحاد الأوروبي. ولكن من المفارقات أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يستورد 70% من المأكولات البحرية التي يستهلكها الأوروبيون. ويحدث ذلك فيما يواجه المحيط ضغوطا متزايدة من جراء تغير المناخ والتلوث.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store