
اتفاق أمني بين العراق وإيران يثير قلق واشنطن
الاتفاقية الأمنية التي وقعها العراق وإيران في الحادي عشر من أغسطس/ آب في إطار "تعزيز العمل الأمني المشترك على الحدود العراقية-الإيرانية" التي تمتد لأكثر من 1400 كيلومتر، أثارت حفيظة الولايات المتحدة، التي تعمل على تحييد نفوذ إيران في المنطقة من خلال استهداف حلفاءها ومصالحها، بينما تسعى إيران للحفاظ عليها.
الاتفاقية، التي أُعلن عن توقيعها في العراق بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، وبرعاية رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لقيت رداً من المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس.
ففي معرض ردها على سؤال من شبكة رووداو الإعلامية الكردية العراقية، عمّا إذا كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية مخاوف من الاتّفاق لا سيما وأن واشنطن عبّرت عن قلقها بشأن قانون الحشد الشعبي الذي يعمل على شرعنة التنظيم الإداري له، قالت بروس إنّ بلادها تعارض "أي تشريع يتعارض مع أهداف شراكتنا ومساعدتنا الأمنية الثنائية، ويتناقض مع جهود تعزيز المؤسسات الأمنية العراقية القائمة".
وأكدت بروس أن واشنطن تدعم "السيادة العراقية الحقيقية، وليس التشريعات التي من شأنها أن تحوّل العراق إلى دولة تابعة لإيران"، مضيفة أن "مستقبل الأوطان يجب أن يكون بأيدي شعوبها، وبالتأكيد، فإن هذا التوجّه، كما أوضحنا، يتعارض مع التزامنا العام تجاه الأمن".
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور علاء مصطفى، أوضح أنَّ "العلاقة العراقية-الإيرانية بعد زيارة لاريجاني إلى بغداد لا تنحصر في معالجة الحدود المشتركة بين البلدين، وإنما تشمل أموراً استراتيجية، لا سيما أنَّ إيران تعاني من مخاطر اختراقات حدودية، وقد سجلت ملاحظات كثيرة خلال حرب الأيام الـ12 مع إسرائيل".
ويقول إن "القضية الآن تتعلق بأمن مشترك، وحتى تصريحات لاريجاني في بيروت حول الاتفاقية مع العراق أوحت بأنها تتعلق بأمن البلدين، وبالتالي فإن هذه العلاقة ترتقي إلى علاقة استراتيجية، وهي جزء من استعداد إيران للمواجهة المقبلة".
ويؤكد أن "هذه الاستعدادات هي ما يثير حفيظة الولايات المتحدة الأقرب إلى إسرائيل، لا سيما أن الإيرانيين يقولون إن حربهم لم تنتهِ بعد".
ويعتقد مصطفى أن "الولايات المتحدة استشعرت وجود دعم، وإن لم يكن مطلقاً، من طهران لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مبيناً أن هذا الدعم أوحى بأن رئيس الوزراء قريب جداً من إيران".
لماذا لم تعترض واشنطن على اتفاق مارس/آذار 2023
وعن أسباب عدم اعتراض الولايات المتحدة أو الدول الغربية بشأن اتفاقية العراق وإيران الأمنية في 19 مارس/آذار 2023، كما حصل الآن أوضح مصطفى، بأن الاتفاقية التي تم توقيعها حينها "كانت واضحة وصريحة وتتعلق بمجاميع معارضة، وهذا يُعدّ من الشؤون الداخلية للدول، ولذلك لم يُسجَّل أي اعتراض".
ووقع العراق وإيران في 19 مارس/ آذار 2023 ببغداد اتفاقاً أمنياً يهدف إلى تعزيز التنسيق في حماية الحدود المشتركة، إلى جانب توسيع مجالات التعاون الأمني بين البلدين.
وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية، تضمن الاتفاق في أبرز بنوده نزع سلاح المجموعات الانفصالية المسلحة التي تصفها طهران بـ "الإرهابية" والمتواجدة في إقليم كردستان، وإخلاء الثكنات العسكرية التابعة لها، على أن تُنقل عناصرها إلى مخيمات تخصصها الحكومة العراقية لهذا الغرض.
كما شددت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك بين بغداد وطهران آنذاك على ضرورة إخلاء مقار الجماعات والأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لإيران والمنتشرة في أراضي إقليم كردستان، بشكل نهائي، تمهيداً لمنح أفرادها صفة لاجئين.
رد بغداد: العراق دولة ذات سيادة كاملة
السفارة العراقية في واشنطن ردت على تصريحات بروس مؤكدة أن "العراق ليس تابعاً لسياسة أي دولة".
وقالت في بيان، "إن العراق دولة ذات سيادة كاملة، وله الحق في إبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وفقاً لأحكام دستوره وقوانينه الوطنية، وبما ينسجم مع مصالحه العليا، وأن قراراته تنطلق من إرادته الوطنية المستقلة"، موضحاً أن الاتفاقية "تأتي في إطار التعاون الثنائي لحفظ الأمن وضبط الحدود المشتركة، وبما يحقق استقرار البلدين وأمنهما، ويخدم أمن المنطقة ككل".
هذا الرد يعتبره مصطفى أنه "لم يأت من فراغ وهي المرة الأولى" على حد قوله. ويتابع "الرد أتى بعد زيارة لاريجاني إلى بغداد، ويعتقد أن "لاريجاني أعطى جرعة من الدعم، الذي انعكس على السياسية الخارجية العراقية".
من جانبها، أدانت السفارة الإيرانية في العاصمة العراقية بغداد ما وصفته بـ"الموقف التدخلي" للولايات المتحدة الأمريكية تجاه العلاقات الثنائية بين طهران وبغداد.
وقالت السفارة في بيان، إن إيران والعراق يمتلكان "إرادة مشتركة" لتعزيز العلاقات بين الشعبين على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل، معتبرة ذلك "ضماناً للسلام والاستقرار والأمن" على حدودهما وفي المنطقة.
وأضافت أن تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الرافضة لتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في مجال تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، تمثل "تدخلاً غير مقبول" في شؤون دولتين مستقلتين، و"دليلاً على النهج المزعزع للاستقرار" الذي تتبعه واشنطن في المنطقة، وفق البيان.
ورأت السفارة أن هذه المواقف تمثل "انتهاكاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي القائم على التعاون بين الدول".
ويرى مراقبون أن زيارة لاريجاني إلى العراق ومن ثم توجهه إلى لبنان للقاء القادة والمسؤولين هناك، تهدف إلى تعزيز التنسيق السياسي والأمني بين إيران وكل من العراق ولبنان، وتعكس حرص طهران على تعزيز نفوذها الإقليمي وإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 12 دقائق
- شفق نيوز
ماء مسمم في بغداد.. بيان رسمي يوضح الحقائق
شفق نيوز- بغداد نفت محافظة بغداد، مساء السبت، صدور تحذيرات لأهالي قضاء أبو غريب بعد القبض على إرهابيين قاموا بتسميم خزانات مياه الإسالة. وذكرت المحافظة، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أن "ما تم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي بشأن صدور تحذيرات لأهالي قضاء أبو غريب بعد القبض على إرهابيين قاموا بتسميم خزانات مياه الإسالة، هي أخبار عارية عن الصحة تماماً". وأوضحت أن "ما جرى هو إيقاف مؤقت للضخ في منطقة محددة بناحية عكركوف، وتنظيف الخزانات من قبل مديرية ماء محافظة بغداد بشكل احترازي، وذلك بعد الشك في صلاحية المياه داخل الخزان، حرصاً على سلامة المواطنين". وتابعت: "كما تم عقب إيقاف الضخ، إرسال 50 حوضية لتأمين المياه وتجنب حصول شحّة في المنطقة". وأهابت محافظة بغداد، في الختام، المواطنين باعتماد الأخبار من المصادر الرسمية الموثوقة وعدم الانجرار وراء الشائعات.


شفق نيوز
منذ 42 دقائق
- شفق نيوز
تصريح جديد للاريجاني حول الاتفاق الأمني مع العراق
أوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، يوم السبت، أن الاتفاق الأمني مع العراق ينص على تعهد البلدين بعدم السماح بالإخلال بأمنهما. وقال لاريجاني، في تصريحات صحفية: في زيارتي الأخيرة إلى بغداد، وقعت اتفاقا أمنياً يعكس رغبة مشتركة لتحقيق الاستقرار الأمني". وأضاف أن "نهج إيران هو استقرار الأمن في المنطقة بمشاركة دولها، بحيث تكون جميع الدول قوية"، لافتاً إلى أن "مسألة اختراق العدو للداخل الإيراني جدية للغاية ويجب مواجهتها". ورعى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، يوم الاثنين الماضي، توقيع مذكرة تفاهم أمنية مع الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، تتعلق بالتنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين. وبعد مرور 24 ساعة فقط على الاتفاق، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية، عن رفضها لمذكرة التفاهم الأمنية التي وقعها العراق مع إيران مؤخراً، مؤكدة معارضتها لأي تشريع يتقاطع مع أهداف الولايات المتحدة، ويتناقض مع جهود تعزيز المؤسسات الأمنية القائمة في العراق.


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
أكسيوس: ترامب يحضّر لاجتماع ثلاثي مع بوتين وزيلينسكي
شفق نيوز- واشنطن أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، يوم السبت بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ زعماء الاتحاد الأوروبي، بعزمه عقد اجتماع ثلاثي بمشاركة رئيسي روسيا فلاديمير بوتين، وأوكرانيا فلوديمير زيلينسكي في وقت مبكر من يوم الجمعة 22 آب/ أغسطس. ونقل الموقع الأمريكي، عن مصادر مطلعة على محتوى المكالمة التي أجراها الرئيس: "أبلغ ترامب القادة الأوروبيين خلال المكالمة الهاتفية التي أعقبت قمة ألاسكا، عن نيته تنظيم لقاء ثلاثي مع بوتين وزيلينسكي يوم الجمعة المقبل". هذا وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب اليوم السبت محادثات في ألاسكا حيث التقى الزعيمان بمدينة أنكوريج في اجتماع استمر ساعتين و45 دقيقة. وعقد اللقاء في القاعدة العسكرية "إلمندورف-ريتشاردسون" في ألاسكا، حيث شارك في المحادثات من الجانب الروسي مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف. ومثل الولايات المتحدة وزير الخارجية ماركو روبيو والممثل الخاص للرئيس الأمريكي ستيفن ويتكوف.