
تقرير إخباري: جدل "سن الترشح".. حينما تصطدم مدونة الانتخابات بدستور 2011 !
أثارت مناقشة تعديل سن الترشح في الانتخابات داخل مجلس النواب جدلاً سياسياً وقانونياً واسعاً، بعدما تقدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمقترح قانون يروم تعديل المادتين 41 و66 من القانون 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات، وذلك بغاية ملاءمتها مع المقتضيات الدستورية الجديدة التي جاء بها دستور 2011، خصوصاً في ما يتعلق بسن الأهلية القانونية للترشح.
تضارب قانوني وارتباك على مستوى الممارسة
ورغم أن المقترح لم يحظَ بالموافقة خلال الجلسة العامة المنعقدة يوم الاثنين الماضي، حيث رفضه 70 نائباً مقابل موافقة 30، إلا أن النقاش الذي أثاره كشف عن حاجة ملحة لإعادة النظر في عدد من النصوص القانونية المنظمة للانتخابات، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بسن الترشح، لما تسببه من تضارب قانوني وارتباك على مستوى الممارسة.
مقترح العدالة والتنمية دعا إلى حذف شرط بلوغ سن 21 سنة المنصوص عليه في المادة 41 من مدونة الانتخابات ، والاكتفاء بكون المرشح ناخباً ومتمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، انسجاماً مع الفصل 30 من الدستور، الذي يقر بأن "لكل مواطنة ومواطن الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية"، والتي تعني في السياق المغربي 18 سنة.
جدل 8 شتنبر
وقد استندت المذكرة التقديمية للمقترح إلى جدل واسع عرفته الانتخابات الأخيرة في شتنبر 2021، حيث تقدم عدد من المرشحين للانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في سن أقل من 21 سنة، ما أدى إلى تقديم طعون قضائية ضدهم، سواء في نتائج الانتخابات أو في أهلية الترشح، وهي الطعون التي خلفت قرارات قضائية متباينة قبل أن تحسم محكمة النقض في الأمر، وتعتبر أن المادة 41 من القانون 9.97 تظل سارية المفعول ولم يتم نسخها، وبالتالي فإن الحد الأدنى للترشح هو 21 سنة.
هذا التضارب بين المادة 41 من قانون الانتخابات والقانون التنظيمي رقم 59.11 المنظم للانتخابات، فتح الباب أمام تأويلات قانونية مختلفة، وأدى إلى حالات إرباك سياسي على مستوى الترشح وتولي المسؤوليات داخل المجالس المنتخبة، خاصة عندما تم انتخاب مرشحين تقل أعمارهم عن 21 سنة وتقلدوا مناصب رئاسة جماعات ومجالس، دون أن يتم الطعن في أهليتهم في حينها.
لكن في المقابل، اعتبر النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة هشام المهاجري أن توقيت مناقشة هذا التعديل غير مناسب، مبرراً موقفه بالحاجة إلى الحفاظ على استقرار النصوص القانونية إلى حين انتهاء الولاية التشريعية الحالية، مشدداً على أن أي تغيير في هذا الظرف قد يؤدي إلى ارتباك سياسي غير مرغوب فيه.
وأشار إلى أن الحالات المتضاربة التي شهدتها الساحة السياسية بعد انتخابات 2021 ليست سوى نتيجة غياب الانسجام التشريعي بين النصوص القانونية والدستور، وهو ما يستدعي – حسب رأيه – إرجاء التعديل إلى الولاية المقبلة، على غرار ما فعلته الحكومة السابقة التي أجلت النقاش حول عدد من القوانين التنظيمية إلى بداية ولايتها.
ضرورة إعادة النظر في المادة 41
من جانبه، شدد رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، على ضرورة إعادة النظر في المادة 41 لتحقيق الانسجام مع باقي النصوص القانونية، مذكراً بأن اللوائح الانتخابية تعتمد سن 18 سنة، وهو ما يجعل استمرار العمل بشرط 21 سنة في الترشح مناقضاً للروح العامة للدستور.
النقاش البرلماني حول تعديل سن الترشح لم يكن تقنياً فقط، بل حمل أبعاداً سياسية أعمق تتعلق بضرورة إصلاح شامل للمنظومة الانتخابية، وربطها برؤية متكاملة لإصلاح ورش الجهوية المتقدمة، خاصة بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اعتماد القوانين المنظمة لها.
ويبدو أن كل الفرق البرلمانية باتت مقتنعة بوجوب فتح نقاش سياسي شامل يعيد ترتيب الأولويات التشريعية، ويقود إلى إخراج مدونة انتخابية متماسكة ومتجانسة مع مقتضيات دستور 2011، ومع التحولات المجتمعية والسياسية التي تشهدها البلاد.
جدل 'السن القانوني للترشح' بين مقتضيات دستور 2011 و مدونة الانتخابات!
وقالت النائبة البرلمانية السابقة، آمال عربوش إن المادة 41 من مدونة الانتخابات تنص بوضوح على أن من يشترط له الترشح للانتخابات يجب أن يكون ناخباً وبلغ سن 21 سنة شمسية كاملة على الأقل في تاريخ الاقتراع. وأضافت أن هذه المادة تعود إلى ما قبل دستور 2011، وكانت واضحة ولا تترك مجالاً للتأويل، مع دعمها بعدد من الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض.
تابعت آمال عربوش ، أن دستور 2011 في فصله 30 منح لكل مواطن ومواطنة الحق في التصويت والترشح بشرط بلوغ سن الرشد القانونية، التي حددها القانون بـ18 سنة وفقاً لمدونة الأسرة، لكنها أشارت إلى أن مدونة الانتخابات لم تعدل المادة 41 لتتلاءم مع هذا التغيير، ما أحدث غموضاً قانونياً بخصوص الترشح لمن هم بين 18 و21 سنة.
وأوضحت النائبة أن هذا الغموض ظهر عملياً عند انتخاب رؤساء جماعات تقل أعمارهم عن 21 سنة، من خلال قاعدة "الأصغر سناً" عند تساوي الأصوات في تشكيل المكتب الجماعي، وهو ما يطرح، بحسبها، تساؤلات حول مدى توفر الأهلية السياسية والتدبيرية لهؤلاء الشباب الذين يتحملون مسؤوليات كبيرة في ظل تعقيدات الشأن المحلي.
وأكدت آمال عربوش أن القضاء الإداري ألغى فوز بعض هؤلاء الشباب، غير أن الجدل القانوني لا يزال مستمراً، خاصة فيما يتعلق بإمكانية إلغاء عضويتهم لأن المادة 41 تتعلق بسن الترشح وليس فقط برئاسة المجالس. وقالت إن وزارة الداخلية اعتمدت الفصل 30 من الدستور في قبول الترشح، بينما استند القضاء الإداري في الطعون ضد رؤساء المجالس القاصرين إلى المادة 41.
وأضافت أن هذا التناقض يجعل تعديل المادة 41 ضرورة ملحة للفرق البرلمانية المقبلة، وإلا فسنكون إما أمام رؤساء مجالس "قاصرين سياسياً وتدبيرياً" أو مضطرين لإعادة النظر في إجراءات انتخاب رؤساء الجماعات، وهو أمر معقد.
وختمت النائبة آمال عربوش بالتساؤل حول ما إذا كان الفصل 30 من الدستور بحاجة إلى إعادة نظر، وكذلك إمكانية الدفع بعدم دستورية المادة 41 من مدونة الانتخابات، مشددة على ضرورة نقاش قانوني عميق لضمان توافق التشريعات مع الدستور وتمكين الشباب بشكل مسؤول وفعال في الحياة السياسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
منذ ساعة واحدة
- لكم
وزير خارجية إسرائيل: نرغب بالتطبيع مع سوريا ولبنان لكننا لن نتنازل عن الجولان
قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في مؤتمر صحفي يوم الاثنين إن إسرائيل مهتمة بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا ولبنان لكنها لن تتفاوض على مصير هضبة الجولان في أي اتفاق سلام. وأحاط الغموض بشكل العلاقات في المنطقة بسبب الحرب التي استمرت لأكثر من عام بين إسرائيل ولبنان منذ أواخر 2023 بالتزامن مع بدء الحرب في قطاع غزة وبسبب سقوط حكم بشار الأسد في سوريا في دجنبر 2024. وضمت إسرائيل هضبة الجولان من سوريا في 1981 بعد أن احتلت أغلبها في حرب 1967. وذكرت رويترز في ماي أن إسرائيل على اتصال مباشر مع حكام سوريا الجدد وعقدت اجتماعات وجها لوجه معهم لتهدئة التوتر ومنع نشوب صراع في المنطقة الحدودية. والتقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية في نفس الشهر وحثه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأعلن ترامب وقتها بشكل مفاجئ رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا. وبعد فترة وجيزة من الإطاحة بالأسد، دخلت قوات إسرائيلية للمنطقة منزوعة السلاح داخل سوريا بما شمل الجانب السوري من جبل الشيخ، وهو منطقة استراتيجية تطل على العاصمة السورية دمشق.


كش 24
منذ ساعة واحدة
- كش 24
المحامي عبد الخالق الحرفاوي ينال شهادة الدكتوراه في القانون الخاص
شهد مدرج المختار السوسي برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، التابعة لجامعة القاضي عياض مراكش، اول أمس السبت 28 يونيو، مناقشة أطروحة الاستاذ عبد الخالق الحرفاوي المحامي بهيئة مراكش، لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص. وقد تمت منقاشة الاطروحة حول موضوع "الحماية القانونية لعقد الشغل عن بعد"، تحت إشراف الدكتور أشرف جنوي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وأمام لجنة المناقشة المكونة من الدكتور محمد مومن رئيسا، وأستاذ التعليم العالي كلية الحقوق، مراكش الدكتور محمد هنوش الأستاذ المحاضر المؤهل بكلية الحقوق، أيت ملول مقررا وعضوا، والدكتور زكرياء خليل الأستاذ المحاضر المؤهل بكلية الحقوق، بمراكش مقررا وعضوا، الدكتور محسن الصويب الأستاذ المحاضر المؤهل بكلية الحقوق، مراكش مقررا وعضوا. ويكتسي موضوع الاطروحة التي نال فيها عبد الخالق الحرفاوي شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، أهمية كبيرة سواء على المستوى القانوني أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وخاصة على المستوى القانوني ،حيث بالرغم من الانتشار الواسع للشغل عن بعد وزيادة الإقبال عليه دوليا ووطنيا، إلا أنه لم يحظ بتنظيم قانوني من قبل المشرع المغربي بحيث جاءت مدونة الشغل خالية من أي نص يعالج هذا الموضوع كما لا يوجد أي نص تشريعي آخر أو تنظيمي يشير إلى هذا الأسلوب من أساليب أداء الشغل. كما أن المتتبع للدراسات القانونية الفقهية وفق اطرحة الاستاذ عبد الخالق الحرفاوي، سيلاحظ قلة الاهتمام بموضوع الشغل عن بعد، إذ ظل هذا الأخير بعيدا عن مجال البحث باستثناء بعض الإشارات السريعة والمقتضبة في بعض المؤلفات العامة، وكذلك الأمر بالنسبة للاجتهاد القضائي الذي يمكن القول على أنه يعرف شحا كبيرا في القرارات، نظرا لعدم توفر منازعات من هذا القبيل تعرض عليه حتى تضعه على المحك ليبين دوره في المساهمة في إغناء هذا الموضوع.


لكم
منذ ساعة واحدة
- لكم
لشكر: 7 أكتوبر كانت 'مؤامرة' لتصفية القضية الفلسطينية ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط
انتقد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب 'الاتحاد الاشتراكي'، التغول الحكومي، معتبراً أنه بسببه تعجز المعارضة عن القيام بواجبها المنصوص عليه في الدستور. وأشار خلال المؤتمر الإقليمي لحزبه بمدينة أكادير نهاية الأسبوع المنصرم، أن إنشاء لجنة تقصي الحقائق يتطلب الثلث، مع وقت قصير لتدخلات المعارضة في جلسات البرلمان، فكيف يمكن أن تقوم المعارضة بدورها؟. وأضاف الكاتب الأول لحزب 'الاتحاد الاشتراكي ' لم نعد نطبق المقتضيات الدستورية بسبب التحراميات'، معتبرا أن هذه الاختلالات يتحمل فيها المواطنون جزء من المسؤولية لأنه عندما تصل لحظة الانتخابات يبيعون أصواتهم بثمن بخس. وتحدث لشكر عن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، متسائلا عن جدوى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بعد سقوط أكثر من 60 ألف شهيد في غزة وتدمير سوريا التي كانت جبهة للصمود والتصدي، وقتل كل القيادات في المنطقة. وتابع قائلاً: 'أليس هذا الثمن سيعيدنا إلى أوضاع خطيرة وصعبة سبق أن حذرنا منها؟ إنها مؤامرة تُحاك لرسم خريطة جديدة في المنطقة تهدف إلى إنهاء قضية الشعب الفلسطيني، وإضاعة حقه في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس'. واعتبر أنه بقليل من التحليل العقلاني والتفكير المسؤول سيفهم كل واحد هذا الكلام، فكيف يعقل أن دولة اليمن العاجزة عن حل مشاكلها أصبحت قادرة على تصدير الصواريخ. وسجل لشكر أن ما وقع كان طعما لجر المنطقة إلى شرعية الاعتداء علينا وقتل أبنائنا الفلسطينيين، معتبراً أن بعض الأحزاب تحولت إلى 'دول داخل الدولة'، لا تخدم المصلحة الوطنية بل تعمل لصالح جهات أجنبية، ومستشهدا في هذا الصدد بحالة لبنان وما آل إليه. وتساءل أين هي الشعارات الرنانة والتصدي والصمود؟ ولماذا لم نكن نفكر بمسؤولية ونحن نعرف موازين القوى وأن الولايات المتحدة الأمريكية وكل الغرب بل وكل العالم يسند قوة همجية متوحشة، إذا أعطيت لها الفرصة ستعيث فينا فسادا، وهو ما نشعر به اليوم على حد تعبيره. وتابع لشكر 'نبهنا لكل هذا وتمت مواجهتنا ورغم ذلك تحملنا مسؤوليتنا، وكنا الحزب الوحيد في المغرب، وبمجرد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل دعينا المكتب السياسي وأصدرنا مواقف لم يعلن عنها أي حزب مغربي'. وأضاف قائلا: 'أدى تفكيرنا العميق إلى إدراك أن ما حدث يمثل بداية مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خريطة المنطقة التي ستقدم فيها إيران كافة التنازلات لأمريكا. والكل شاهد كيف تم وقف إطلاق النار'. وأكد لشكر أن الأوضاع الحالية ليست في صالح القضية الفلسطينية، لذلك على الأحزاب وخاصة 'الاشتراكية' أن تلعب أدوارها كاملة، مشددا على أن ما وقع منذ السابع من أكتوبر إلى الآن كان مؤامرة محسوبة ومحسومة النتائج، وهو ما نراه اليوم على أرض الواقع، على حد وصفه.