logo
أُمراء الكنيسة الجائعون إلى المجد

أُمراء الكنيسة الجائعون إلى المجد

النشرةمنذ 3 ساعات
رحل ​ البابا فرنسيس ​، تارِكاً في دُرج مكتبه مئة دولار. تَصَوّروا مئة دولار فقط! ولكنه احتفظ بحذائه الأسود البالي الذي أُلبِس إيّاه وهو ممدّد في نعشه، وقد عَيّب على الكبار، أو مَن يظنّون بأنهم كبار، جشعهم وبَطَرهم وجوعهم إلى ثروات الدنيا وأمجادها وبهارجها وزخارفها، وعلى بعض "أُمراء ​ الكنيسة ​" الأمر نفسه. عاش البابا فرنسيس فقيراً كمار فرنسيس شفيع حبريته، ومات فقيراً كمار فرنسيس، وككلّ فقير في هذا العالم الجائر. ومع أنه كانت لديه كلّ مقوّمات العيش الغنيّ، اختار ​ الفقر ​ حياةً وموتاً كمعلّمه، وككلّ الذين تشَبَّهوا بيسوع في حياته وموته.
تنازل البابا الرّاحل فرنسيس عن مواد الغِنى وعاش حياةً بسيطة: لباسه بسيط... حذاؤه بسيط...مكان إقامته بسيط...غرفته بسيطة... سريره بسيط. لَم يُبالِ لا بسرير ولا بهندسة وتزيين غرفة لتكون على قدر المقام والمكانة، ولا بأيّ شيء يُلهيه عن محبّة الله ومحبّة إخوته؛ فالعظمة الحقيقيّة لا تحتاج إلى الفخامة، ولا إلى مظاهر الثراء والرّفاهية، وإنما إلى قلوبٍ مليئة بالحُبّ. وسيبقى ثوبه وحذاؤه شاهدين على تواضعه، وستبقى غرفته شاهدة على عظمته؛ فكلّما فرغت الغرف من الأثاث امتلأت من نور الله، وكلّما تكدّس فيها الأثاث، وتراكمت فيها الهدايا الثمينة، فرغت من نوره، وأضحت هيكلاً لعبادة مأمون!
رحلَ البابا فرنسيس مُبَكِّتاً بنهج حياته المتواضع حتّى الإمّحاء، ضمائر كل مَن اعتقدوا أنهم "أمراء الكنيسة" "عن حقّ وحقيقة"، ونسوا أنّهم أمراء "ملِكٍ مصلوب"، والعبارة هي للبابا بندكتس السادس عشر، ولطالما ذَكَّر بها البابا فرنسيس، مَن سلكوا سلوك أُمراء الأرض في حياتهم وموتهم!
ذكّر البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة"، بأنَّ يسوع ما أطلَقَ عليهم لقب أُمراء، ولا أرادَهُم أُمراء، بل دعاهُم خُدّاماً (يو22: 26)، أُسوةً بِه هو الخادم (يو22: 27)، وأرادهُم خُدّام كنيسته (متى23: 11)، خُدّاماً لا وجهاء ونافذين. خُدّاماً لا سلاطين مُسَلَّطين! وبولس الرسول من بَعده، دعا نفسه ودعاهُم "خُدّام المسيح، ووُكلاءَ على أسرار الله"(1قور4: 1). وباسم ربّ الجنود كان ناثان النبيّ قد نبّههم بأن لا ينسوا بأنهم "مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ"(2صم7: 8) أُخِذوا، ليكونوا رؤساء- خدّاماً على شعب الله من دون استحقاقٍ منهم، وأنّ السلطة في الكنيسة هي للخدمة لا للسعي إلى المجد البشري.
حذّر البابا فرنسيس " أمراء الكنيسة" من خطر "​ الإكليروس ​يّة"، ومن بشاعة أن يظنّوا بأنهم فوق الشّعب؛ أكثر سموّاً ومنزلة ورُقيّاً ورِفعَةَ منه، وأكثر نُبلاً وكرامةً منه، وأكثرَ ثراءً وقُدرة منه، وأكثر قوّة منه ! الإكليروسيّة شرّ، قال لهم، شرٌّ يَسقط " ضحيته الشعب المتواضع والفقير الذي ينتظر الرب". الشعب يُريد أن يُصدّق بأن خُدّامه هم مثاله في القداسة و​ التواضع ​، وبأنهم رجال الله حقيقةً، يلتمسون وجه الله ومسيحه، ويعملون من أجل قداسة أنفسهم وقداسة شعب الله؛ فالشعب الذي يَرى مَن مِن المفترض بهم أن يكونوا خدّامه، مَخدومين كالأمراء، وبعيدين عنه، وفي موقِعٍ يَسمح لهم بالتسلّط والإستبداد، لا يُمكنه إلاّ أن يطرح السؤال حول الإيمان بشكلٍ عام، وحول إيمانه بشكل خاصّ، وحول ما إذا كان رعاته رعاة حقيقيين أم رعاة بثوب حَمَل وحسب، يستعملون الشّعب مطيّة لأمجادهم! يطلبون الثّمر من الشعب وهُم أنفسهم لا يُثمرون!
عَيّب البابا فرنسيس على "أُمراء الكنيسة"، ممتلكاتهم وأموالهم وسياراتهم وثرائهم وشظف عيشهم، وجوعهم إلى السلطة. ذكَّرهُم بأنّهم أمراء ملِكٍ لَم يسعَ يوماً إلى مالٍ، ولا إلى تكديسه. ولا إلى مَجدٍ، ولا إلى اكتسابه. مَلِكٍ لَم "يَلعب بالمال لَعِب" و"لَم يكن له (حتّى) موضِعٌ يسنِد إليه رأسه"(متى8: 20). ملِك أطعم الجياع من دون أن يكون في جيبه، ولا في حسابه المصرفي فلس واحد، وشفى المرضى من دون أن يُحَصِّل أي شهادة في الطبّ، ودافع عن المظلومين من دون أن يدخل معهد القضاء، وشدّد الضعفاء وهو المجروح والمطعون، وعزّى الحزانى وهو المتألّم، وحمل خطايا البشر وهو البارّ الذي لَم يرتكب خطيئة!
ذكّرَ البابا فرنسيس " أُمراء الكنيسة" بأن الذي يُوزّع على أهل الأرض خُبز السَّماء، لا يجدر به أن يكون جائعاً إلى خُبز الأرض: فَمَن يَعِظ الناس بأن يَعمَلوا "للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو6: 27)، عليه أن يَسعَى أوّلاً إلى هذا الطّعام، فلا يَكنِز له كُنوزاً في الأرض حيث يفسد العثّ والسّوس، بل في السّماء حيث الحياة الأبدية (متى6: 19-20)، ولا يعبد ربّين (متى6: 24)، ولا يَسعى إلى مَجد، ولا يتعايش مع تَرَف!
حَذّر البابا فرنسيس الرّعاة "الوصوليّين" الذين يَصبون بِنَهَم إلى أن يكونوا أمراء في الكنيسة، بأنّهم إن استمرّوا في شراهتهم هذه إلى السّلطة، قد "يتحولون إلى ذئاب" مفترسة من دون أن تكون لهم أنياب، وقتَلَة من دون أن يستعملوا أيّ سلاح. صحيح أن مَن يشتهي "السّلطة" يشتهي أمراً حسناً" (1 طيم 3: 1)، ولكن عندما تُشتهى السّلطة لذاتها، وبدافع حبّ السّلطة والمجد وحسب، لا بدافع الخدمة، كما هي حال الكثيرين من مُشتهي السّلطة اليوم، تتحوّل الطريق إلى السّلطة من طريق إلى المجد السّماوي إلى اداة للسقوط في منطق العالم الذي لطالما رفضه السيد المسيح عندما قال لتلاميذه: "أنتم لستم من هذا العالم..." (يو 15: 19)، ومن ليس من العالم، لا يجدر به أن يتصرّف كما يتصرّف أهل العالم!
ذكَر البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة"، بضرورة الشهادة للحقيقة وعيشها، وبضرورة أن يكونوا هُم هُم، وأن تكون كلمتهم نعم نعم، ولا لا؛ فلا يُحابوا الوجوه، ولا يُزوّروا الحقّ، ولا يُخاطبوا الناس بحسب حُكاك آذانهم. حذّرهم من "الانفصام الرّاعوي"، ومن رياء الفريسيين الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر!
وأوصى البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة" بأن يكونوا للمسيح قلباً وقالباً. وسيكونون كذلك عندما يُصبحون خُدّاماً، لملِكٍ مصلوب؛ ملِكٍ فقير لَم يكُن عنده ما يسنُد إليه رأسه (متى8: 20)، ولم يكن همّه إلاّ فيما هو لأبيه (لو2: 49). ملِكٍ جائعٍ إلى خلاص الإنسان، خادمٍ في المحبّة، قائلٍ وعاملٍ بالحقّ، ومائتٍ من أجل الحقّ، ومنتَصرٍ بالحقّ على الموت ومملكته وحاشيته.
لقد انتصر البابا الراحل فرنسيس على ثقافة الأمراء، بثقافة ​ المحبة ​ حتى المِلء، والتواضع حتى الإمّحاء، والبساطة حتى الصّميم، والخدمة حتى النَفَس الأخير، وبكّتهم لعلّهم يستيقظون قبل قيام السّاعة!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أُمراء الكنيسة الجائعون إلى المجد
أُمراء الكنيسة الجائعون إلى المجد

النشرة

timeمنذ 3 ساعات

  • النشرة

أُمراء الكنيسة الجائعون إلى المجد

رحل ​ البابا فرنسيس ​، تارِكاً في دُرج مكتبه مئة دولار. تَصَوّروا مئة دولار فقط! ولكنه احتفظ بحذائه الأسود البالي الذي أُلبِس إيّاه وهو ممدّد في نعشه، وقد عَيّب على الكبار، أو مَن يظنّون بأنهم كبار، جشعهم وبَطَرهم وجوعهم إلى ثروات الدنيا وأمجادها وبهارجها وزخارفها، وعلى بعض "أُمراء ​ الكنيسة ​" الأمر نفسه. عاش البابا فرنسيس فقيراً كمار فرنسيس شفيع حبريته، ومات فقيراً كمار فرنسيس، وككلّ فقير في هذا العالم الجائر. ومع أنه كانت لديه كلّ مقوّمات العيش الغنيّ، اختار ​ الفقر ​ حياةً وموتاً كمعلّمه، وككلّ الذين تشَبَّهوا بيسوع في حياته وموته. تنازل البابا الرّاحل فرنسيس عن مواد الغِنى وعاش حياةً بسيطة: لباسه بسيط... حذاؤه بسيط...مكان إقامته بسيط...غرفته بسيطة... سريره بسيط. لَم يُبالِ لا بسرير ولا بهندسة وتزيين غرفة لتكون على قدر المقام والمكانة، ولا بأيّ شيء يُلهيه عن محبّة الله ومحبّة إخوته؛ فالعظمة الحقيقيّة لا تحتاج إلى الفخامة، ولا إلى مظاهر الثراء والرّفاهية، وإنما إلى قلوبٍ مليئة بالحُبّ. وسيبقى ثوبه وحذاؤه شاهدين على تواضعه، وستبقى غرفته شاهدة على عظمته؛ فكلّما فرغت الغرف من الأثاث امتلأت من نور الله، وكلّما تكدّس فيها الأثاث، وتراكمت فيها الهدايا الثمينة، فرغت من نوره، وأضحت هيكلاً لعبادة مأمون! رحلَ البابا فرنسيس مُبَكِّتاً بنهج حياته المتواضع حتّى الإمّحاء، ضمائر كل مَن اعتقدوا أنهم "أمراء الكنيسة" "عن حقّ وحقيقة"، ونسوا أنّهم أمراء "ملِكٍ مصلوب"، والعبارة هي للبابا بندكتس السادس عشر، ولطالما ذَكَّر بها البابا فرنسيس، مَن سلكوا سلوك أُمراء الأرض في حياتهم وموتهم! ذكّر البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة"، بأنَّ يسوع ما أطلَقَ عليهم لقب أُمراء، ولا أرادَهُم أُمراء، بل دعاهُم خُدّاماً (يو22: 26)، أُسوةً بِه هو الخادم (يو22: 27)، وأرادهُم خُدّام كنيسته (متى23: 11)، خُدّاماً لا وجهاء ونافذين. خُدّاماً لا سلاطين مُسَلَّطين! وبولس الرسول من بَعده، دعا نفسه ودعاهُم "خُدّام المسيح، ووُكلاءَ على أسرار الله"(1قور4: 1). وباسم ربّ الجنود كان ناثان النبيّ قد نبّههم بأن لا ينسوا بأنهم "مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ"(2صم7: 8) أُخِذوا، ليكونوا رؤساء- خدّاماً على شعب الله من دون استحقاقٍ منهم، وأنّ السلطة في الكنيسة هي للخدمة لا للسعي إلى المجد البشري. حذّر البابا فرنسيس " أمراء الكنيسة" من خطر "​ الإكليروس ​يّة"، ومن بشاعة أن يظنّوا بأنهم فوق الشّعب؛ أكثر سموّاً ومنزلة ورُقيّاً ورِفعَةَ منه، وأكثر نُبلاً وكرامةً منه، وأكثرَ ثراءً وقُدرة منه، وأكثر قوّة منه ! الإكليروسيّة شرّ، قال لهم، شرٌّ يَسقط " ضحيته الشعب المتواضع والفقير الذي ينتظر الرب". الشعب يُريد أن يُصدّق بأن خُدّامه هم مثاله في القداسة و​ التواضع ​، وبأنهم رجال الله حقيقةً، يلتمسون وجه الله ومسيحه، ويعملون من أجل قداسة أنفسهم وقداسة شعب الله؛ فالشعب الذي يَرى مَن مِن المفترض بهم أن يكونوا خدّامه، مَخدومين كالأمراء، وبعيدين عنه، وفي موقِعٍ يَسمح لهم بالتسلّط والإستبداد، لا يُمكنه إلاّ أن يطرح السؤال حول الإيمان بشكلٍ عام، وحول إيمانه بشكل خاصّ، وحول ما إذا كان رعاته رعاة حقيقيين أم رعاة بثوب حَمَل وحسب، يستعملون الشّعب مطيّة لأمجادهم! يطلبون الثّمر من الشعب وهُم أنفسهم لا يُثمرون! عَيّب البابا فرنسيس على "أُمراء الكنيسة"، ممتلكاتهم وأموالهم وسياراتهم وثرائهم وشظف عيشهم، وجوعهم إلى السلطة. ذكَّرهُم بأنّهم أمراء ملِكٍ لَم يسعَ يوماً إلى مالٍ، ولا إلى تكديسه. ولا إلى مَجدٍ، ولا إلى اكتسابه. مَلِكٍ لَم "يَلعب بالمال لَعِب" و"لَم يكن له (حتّى) موضِعٌ يسنِد إليه رأسه"(متى8: 20). ملِك أطعم الجياع من دون أن يكون في جيبه، ولا في حسابه المصرفي فلس واحد، وشفى المرضى من دون أن يُحَصِّل أي شهادة في الطبّ، ودافع عن المظلومين من دون أن يدخل معهد القضاء، وشدّد الضعفاء وهو المجروح والمطعون، وعزّى الحزانى وهو المتألّم، وحمل خطايا البشر وهو البارّ الذي لَم يرتكب خطيئة! ذكّرَ البابا فرنسيس " أُمراء الكنيسة" بأن الذي يُوزّع على أهل الأرض خُبز السَّماء، لا يجدر به أن يكون جائعاً إلى خُبز الأرض: فَمَن يَعِظ الناس بأن يَعمَلوا "للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو6: 27)، عليه أن يَسعَى أوّلاً إلى هذا الطّعام، فلا يَكنِز له كُنوزاً في الأرض حيث يفسد العثّ والسّوس، بل في السّماء حيث الحياة الأبدية (متى6: 19-20)، ولا يعبد ربّين (متى6: 24)، ولا يَسعى إلى مَجد، ولا يتعايش مع تَرَف! حَذّر البابا فرنسيس الرّعاة "الوصوليّين" الذين يَصبون بِنَهَم إلى أن يكونوا أمراء في الكنيسة، بأنّهم إن استمرّوا في شراهتهم هذه إلى السّلطة، قد "يتحولون إلى ذئاب" مفترسة من دون أن تكون لهم أنياب، وقتَلَة من دون أن يستعملوا أيّ سلاح. صحيح أن مَن يشتهي "السّلطة" يشتهي أمراً حسناً" (1 طيم 3: 1)، ولكن عندما تُشتهى السّلطة لذاتها، وبدافع حبّ السّلطة والمجد وحسب، لا بدافع الخدمة، كما هي حال الكثيرين من مُشتهي السّلطة اليوم، تتحوّل الطريق إلى السّلطة من طريق إلى المجد السّماوي إلى اداة للسقوط في منطق العالم الذي لطالما رفضه السيد المسيح عندما قال لتلاميذه: "أنتم لستم من هذا العالم..." (يو 15: 19)، ومن ليس من العالم، لا يجدر به أن يتصرّف كما يتصرّف أهل العالم! ذكَر البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة"، بضرورة الشهادة للحقيقة وعيشها، وبضرورة أن يكونوا هُم هُم، وأن تكون كلمتهم نعم نعم، ولا لا؛ فلا يُحابوا الوجوه، ولا يُزوّروا الحقّ، ولا يُخاطبوا الناس بحسب حُكاك آذانهم. حذّرهم من "الانفصام الرّاعوي"، ومن رياء الفريسيين الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر! وأوصى البابا فرنسيس "أمراء الكنيسة" بأن يكونوا للمسيح قلباً وقالباً. وسيكونون كذلك عندما يُصبحون خُدّاماً، لملِكٍ مصلوب؛ ملِكٍ فقير لَم يكُن عنده ما يسنُد إليه رأسه (متى8: 20)، ولم يكن همّه إلاّ فيما هو لأبيه (لو2: 49). ملِكٍ جائعٍ إلى خلاص الإنسان، خادمٍ في المحبّة، قائلٍ وعاملٍ بالحقّ، ومائتٍ من أجل الحقّ، ومنتَصرٍ بالحقّ على الموت ومملكته وحاشيته. لقد انتصر البابا الراحل فرنسيس على ثقافة الأمراء، بثقافة ​ المحبة ​ حتى المِلء، والتواضع حتى الإمّحاء، والبساطة حتى الصّميم، والخدمة حتى النَفَس الأخير، وبكّتهم لعلّهم يستيقظون قبل قيام السّاعة!

"ثلاثة بيوت وثلاث زيارات".. البابا تواضروس يتناول مكانة السيدة العذراء عند المصريين في عظة الأربعاء
"ثلاثة بيوت وثلاث زيارات".. البابا تواضروس يتناول مكانة السيدة العذراء عند المصريين في عظة الأربعاء

صدى البلد

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى البلد

"ثلاثة بيوت وثلاث زيارات".. البابا تواضروس يتناول مكانة السيدة العذراء عند المصريين في عظة الأربعاء

ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وصلى قداسته رفع بخور عشية بمشاركة الآباء الأساقفة، وكهنة كنائس الخليج العربي، الذين التقاهم قداسته صباح اليوم، برفقة نيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، والمشرف على كنائس الخليج. حكايات الشجرة المغروسة واستكمل قداسة البابا سلسلة "حكايات الشجرة المغروسة"، وتحدث اليوم عن موضوع "السيدة العذراء وعلاقتها الخاصة بمصر"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الأول لمعلمنا لوقا والأعداد (٣٩ - ٥٦)، وأشار إلى المكانة العظيمة للسيدة العذراء بين الأرضيين والسمائيين، وما كُتب عنها في النبوات مثال: "مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ، جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟" (نش ٦: ١٠) وأوضح أن زيارات السيدة العذراء لأرض مصر هي إحدى حكايات الشجرة المغروسة (كنيستنا). وتناول قداسته ثلاثة بيوت شهيرة دخلتها السيدة العذراء، وهي: ١- بيت زكريا الكاهن (بيت صلاة): نتيجة صلوات زكريا وأليصابات التي استمرت سنوات طويلة من أجل أن يعطيهم الله نسلًا، استجاب الله وأعطاهم يوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء،"صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ" (جا ٣: ١١). ٢- بيت عرس قانا الجليل (بيت فرح وبركة): كان يُقدم مشروب العنب في الأعراس في ذلك الحين، والذي لا تزيد نسبة التخمر فيه عن ١%، وكلمة السيدة العذراء "«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»" (يو ٢: ٣)، تدل كلمة "خَمْرٌ" في الترجمة الرمزية إلى الفرح، وكأن السيدة العذراء تتكلم بلسان العهد القديم كله. ٣- بيت يوحنا التلميذ (بيت محبة): "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ»" (يو ١٩: ٢٦، ٢٧)، اختار السيد المسيح وهو على الصليب يوحنا التلميذ لكي يعتني بالسيدة العذراء، فأقامت في بيته بعد الصليب وحتى نياحتها. وأشار قداسة البابا إلى أن السيدة العذراء تؤازرنا في حياتنا من خلال: الصلاة، والبركة والفرح، والمحبة. وقدم قداسته علاقة السيدة العذراء بأرضنا مصر من خلال ثلاثة زيارات، هي كالتالي: ١- زيارة العائلة المقدسة مصر (في القرن الأول الميلادي): عندما هربت العائلة المقدسة من هيرودس لتحتمي في مصر، وأقامت لمدة ثلاث سنوات وستة شهور وعشرة أيام، وخط سير الرحلة يدل وكأن السيدة العذراء دخلت بيوتنا جميعًا، لذلك زيارتها تعطي انطباعًا قويًّا لنا كمصريين، وتم وضع اليوم القبطي العالمي في أول يونيو، وهو يوم دخول العائلة المقدسة مصر، لما يوجد من شواهد وأماكن كثيرة موجودة حتى اليوم تؤكد هذه الزيارة، لذلك تهتم الدولة بمسار العائلة المقدسة في مصر. ٢- ظهور السيدة العذراء في القرن العاشر الميلادي: "لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ" (مت ١٧: ٢٠)، عندما ظهرت السيدة العذراء للأب البطريرك بعد صوم الشعب ثلاثة أيام وأرشدته إلى القديس سمعان الخراز، الذي من خلاله تم نقل جبل المقطم، وتصير قصة نقل جبل المقطم هي قصة إيمان كأحد حكايات الشجرة المغروسة. ٣- ظهور السيدة العذراء في القرن العشرين (في الزيتون): - تحتفل كنيسة السيدة العذراء بالزيتون هذا العام بمرور مئة عام على إنشائها. - كان ظهورها في عام 1968في عهد البابا كيرلس السادس، بعد نكسة 1967، فكان ظهورها بمثابة نهضة روحية في هذا التوقيت. - أصدرت الكنيسة القبطية بيان رسمي بظهور السيدة العذراء، وانتشر الخبر في الصحف المصرية والعالمية. - بالإضافة إلى ظهورات فردية، مثال: كنيسة القديسة دميانة في أرض بابادبلو، وفي الوراق. وأشار قداسة البابا إلى ظهور هرطقات على مر العصور تؤثر على اسم السيدة العذراء، لذلك ثبّت البابا كيرلس عمود الدين لفظ "ثيؤطوكس" بمعنى والدة الإله. اختتم قداسة البابا بأننا مسنودين بالسيدة العذراء، ونحن كمصريين لنا محبة خاصة في قلبها، وكلنا كمسلمين ومسيحيين نجلّها، لأنها قريبة لنا كأم. وعقب العظة رحب قداسته بالآباء كهنة دول الخليج وأسرهم، مشيدًا بالتقليد السنوي لهم بعقد لقاء في مصر لهم ولأسرهم، وللخدام الذين يخدمون معهم.

البابا تواضروس في عظة "حكايات الشجرة المغروسة": ظهور العذراء بالزيتون نهضة روحية بعد نكسة 67
البابا تواضروس في عظة "حكايات الشجرة المغروسة": ظهور العذراء بالزيتون نهضة روحية بعد نكسة 67

صدى البلد

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى البلد

البابا تواضروس في عظة "حكايات الشجرة المغروسة": ظهور العذراء بالزيتون نهضة روحية بعد نكسة 67

ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية. عظة البابا الأسبوعية وصلى قداسته رفع بخور عشية بمشاركة الآباء الأساقفة، وكهنة كنائس الخليج العربي، الذين التقاهم قداسته صباح اليوم، برفقة نيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، والمشرف على كنائس الخليج. واستكمل قداسة البابا سلسلة "حكايات الشجرة المغروسة"، وتحدث اليوم عن موضوع "السيدة العذراء وعلاقتها الخاصة بمصر"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الأول لمعلمنا لوقا والأعداد (٣٩ - ٥٦)، وأشار إلى المكانة العظيمة للسيدة العذراء بين الأرضيين والسمائيين، وما كُتب عنها في النبوات مثال: "مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ، جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟" (نش ٦: ١٠) وأوضح أن زيارات السيدة العذراء لأرض مصر هي إحدى حكايات الشجرة المغروسة (كنيستنا). وتناول قداسته ثلاثة بيوت شهيرة دخلتها السيدة العذراء، وهي: ١- بيت زكريا الكاهن (بيت صلاة): نتيجة صلوات زكريا وأليصابات التي استمرت سنوات طويلة من أجل أن يعطيهم الله نسلًا، استجاب الله وأعطاهم يوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء،"صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ" (جا ٣: ١١). ٢- بيت عرس قانا الجليل (بيت فرح وبركة): كان يُقدم مشروب العنب في الأعراس في ذلك الحين، والذي لا تزيد نسبة التخمر فيه عن ١%، وكلمة السيدة العذراء "«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»" (يو ٢: ٣)، تدل كلمة "خَمْرٌ" في الترجمة الرمزية إلى الفرح، وكأن السيدة العذراء تتكلم بلسان العهد القديم كله. ٣- بيت يوحنا التلميذ (بيت محبة): "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ»" (يو ١٩: ٢٦، ٢٧)، اختار السيد المسيح وهو على الصليب يوحنا التلميذ لكي يعتني بالسيدة العذراء، فأقامت في بيته بعد الصليب وحتى نياحتها. وأشار قداسة البابا إلى أن السيدة العذراء تؤازرنا في حياتنا من خلال: الصلاة، والبركة والفرح، والمحبة. وقدم قداسته علاقة السيدة العذراء بأرضنا مصر من خلال ثلاثة زيارات، هي كالتالي: ١- زيارة العائلة المقدسة مصر (في القرن الأول الميلادي): عندما هربت العائلة المقدسة من هيرودس لتحتمي في مصر، وأقامت لمدة ثلاث سنوات وستة شهور وعشرة أيام، وخط سير الرحلة يدل وكأن السيدة العذراء دخلت بيوتنا جميعًا، لذلك زيارتها تعطي انطباعًا قويًّا لنا كمصريين، وتم وضع اليوم القبطي العالمي في أول يونيو، وهو يوم دخول العائلة المقدسة مصر، لما يوجد من شواهد وأماكن كثيرة موجودة حتى اليوم تؤكد هذه الزيارة، لذلك تهتم الدولة بمسار العائلة المقدسة في مصر. ٢- ظهور السيدة العذراء في القرن العاشر الميلادي: "لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ" (مت ١٧: ٢٠)، عندما ظهرت السيدة العذراء للأب البطريرك بعد صوم الشعب ثلاثة أيام وأرشدته إلى القديس سمعان الخراز، الذي من خلاله تم نقل جبل المقطم، وتصير قصة نقل جبل المقطم هي قصة إيمان كأحد حكايات الشجرة المغروسة. ٣- ظهور السيدة العذراء في القرن العشرين (في الزيتون): - تحتفل كنيسة السيدة العذراء بالزيتون هذا العام بمرور مئة عام على إنشائها. - كان ظهورها في عام ١٩٦٨ في عهد البابا كيرلس السادس، بعد نكسة ١٩٦٧، فكان ظهورها بمثابة نهضة روحية في هذا التوقيت. - أصدرت الكنيسة القبطية بيان رسمي بظهور السيدة العذراء، وانتشر الخبر في الصحف المصرية والعالمية. - بالإضافة إلى ظهورات فردية، مثال: كنيسة القديسة دميانة في أرض بابادبلو، وفي الوراق. وأشار قداسة البابا إلى ظهور هرطقات على مر العصور تؤثر على اسم السيدة العذراء، لذلك ثبّت البابا كيرلس عمود الدين لفظ "ثيؤطوكس" بمعنى والدة الإله. اختتم قداسة البابا بأننا مسنودين بالسيدة العذراء، ونحن كمصريين لنا محبة خاصة في قلبها، وكلنا كمسلمين ومسيحيين نجلّها، لأنها قريبة لنا كأم. وعقب العظة رحب قداسته بالآباء كهنة دول الخليج وأسرهم، مشيدًا بالتقليد السنوي لهم بعقد لقاء في مصر لهم ولأسرهم، وللخدام الذين يخدمون معهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store