logo
انحسرت الموجة .. ماذا بعد؟

انحسرت الموجة .. ماذا بعد؟

عمونمنذ يوم واحد
هذا العام، تلقّى الأردن إنذارين مناخيين شديدي الوضوح: الأول تمثّل في انخفاض معدلات الهطل المطري، والثاني في موجة حر غير مسبوقة حطّمت الأرقام القياسية من حيث شدّتها ومدّتها. هذان الحدثان لا يمكن النظر إليهما كظرفين عابرين، بل هما مؤشران صريحان على طبيعة المناخ التي تنتظرنا في السنوات المقبلة، حيث تصبح الظروف الاستثنائية هي 'الطبيعي الجديد' الذي يجب الاستعداد له مؤسسيًا وتقنيًا.
جاهزية قطاع الطاقة: بين التخزين والابتكار
يمثل قطاع الطاقة أحد المفاتيح الحاسمة للتأقلم مع الظروف المناخية المتطرفة. صحيح أن الأردن قطع خطوات مهمة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، حيث بلغت مساهمتها ٢٦،٩٪؜ من مزيج الطاقة الكهربائية. لكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على تخزين هذه الطاقة للاستفادة منها في أوقات الذروة أو عند انخفاض الإنتاج، خاصة في فترات الموجات الحارة التي تزيد من الطلب على الكهرباء.
الفرصة تكمن في الاستثمار في تقنيات التخزين، سواء عبر البطاريات الضخمة، أو مشاريع الهيدروجين الأخضر، أو الربط الإقليمي الذكي لتبادل الفائض بين الدول. كما يمكن التوجه نحو حلول مبتكرة مثل محطات التخزين اللامركزية التي أثبتت جدواها عالميًا في تحقيق الاستقرار للشبكات الكهربائية.
أزمة المياه: الخطوط الحمراء تقترب
في قطاع المياه، تبدو الصورة أكثر إلحاحًا. هذا العام، وصلنا إلى حدود قصوى في المصادر السطحية، حيث أعلن أمين عام سلطة وادي الأردن – الجهة المسؤولة عن إدارة السدود – عن الخطوط الحمراء في المخزون المائي. هذا الإنذار لا يدع مجالًا للتأجيل في تنفيذ حلول جذرية لزيادة كفاءة إدارة المياه وتعزيز مصادرها.
هنا، تكمن الأهمية القصوى لمشروع الناقل الوطني لرفع الحرج المائي عن كاهل كافة القطاعات الانتاجية في مقدمتها القطاع الزراعي، والاستمرار في بناء منظومة حصاد مياه الأمطار بكفاءة عالية، وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة. كما يجب تطوير نظم ذكية لمراقبة الفاقد المائي، الذي يشكّل نسبة مرتفعة في الشبكات الحالية.
الزراعة: خسائر في تمور المجهول
القطاع الزراعي لم يكن بمنأى عن آثار هذه الظروف. فقد تكبد خسائر ملموسة، خصوصًا في إنتاج تمور المجهول، الذي حقق الأردن فيه مكانة عالمية وبات أحد القطاعات الرئيسة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. هذه الخسائر تذكير بأن الأمن الغذائي يتأثر مباشرة بالمناخ، وأن الاستثمار في تقنيات الزراعة الذكية وإدارة الموارد بكفاءة لم يعد خيارًا، بل نهج متكامل ومستدام.
٩،٥ مليار دولار: كلفة التأخير باهظة
يشير تقرير البنك الدولي (٢٠٢٢–٢٠٣٠) بوضوح إلى أن الأردن تتوفر فيه فرص استثمارية خضراء بقيمة ٩،٥ مليار دولار في قطاعات المياه، والطاقة، والزراعة، باعتبارها قطاعات أساسية للأمن الوطني. هذه الاستثمارات ليست رقماً تقديريًا بل فرص متاحة وممكنة لتقليل الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للأزمات المناخية، وتحويل المخاطر إلى فرص نمو حقيقية.
من الوثائق إلى التنفيذ
يمتلك الأردن وثائق وطنية متقدمة في مجال التغير المناخي، من سياسة التغير المناخي، إلى وثيقة المساهمات المحددة وطنيًا (NDC)، وخطط التكيف القطاعية. لكن التحدي يكمن في جعل هذه الوثائق قابلة للحياة من خلال خطط تنفيذية واضحة، وموازنات مخصصة، وآليات متابعة دقيقة.
الموجة الحارة التي انحسرت قد تعود، والجفاف قد يشتد، والظروف الاستثنائية قد تصبح أكثر حدة. ما بعد هذه الموجة يجب أن يكون مرحلة جديدة من الجاهزية المؤسسية، حيث تتكامل التكنولوجيا مع التخطيط، ويتحول الحديث عن التغير المناخي من نصوص في التقارير إلى مشاريع على الأرض. فالمناخ لا ينتظر، والاستثمار في المرونة المناخية هو استثمار في بقاء واستدامة الأردن.
* رئيس اتحاد الجمعيات البيئية/ النوعي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم
8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم

سرايا الإخبارية

timeمنذ 21 دقائق

  • سرايا الإخبارية

8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم

كشف تقرير جديد صادر عن منظمة أوكسفام عن أرقام مثيرة حول التفاوت الكبير في الثروة حول العالم، حيث تبين أن ثروة أغنى ثمانية رجال تعادل ثروة أفقر نصف سكان الكرة الأرضية. كما أشار التقرير إلى أن أغنى اثنين من المليارديرات في أستراليا يمتلكان ثروة أكبر من أفقر 20% من سكان البلاد، في حين أن أغنى اثنين من المليارديرات في كندا أغنى من أفقر 30% من سكان كندا. يصدر تقرير أوكسفام بشكل سنوي قبيل انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي، ويستخدم في حساباته بيانات من قائمة مليارديرات فوربس وتقارير ثروة بنك كريدي سويس العالمي. ووفقًا للتقرير، فإن أغنى ثمانية أفراد يمتلكون ثروة إجمالية تبلغ حوالي 426.2 مليار دولار، بينما يمتلك أفقر نصف سكان العالم حوالي 410 مليار دولار فقط، ما يؤكد صحة الفجوة الكبيرة في التوزيع. لكن التقرير يشير إلى أن البيانات تحمل تعقيدات فنية، حيث يعتمد بنك كريدي سويس على بيانات عالية الجودة لنحو 55% من سكان العالم فقط، في حين يتم تقدير بيانات الثلث المتبقي بطرق مختلفة. كما أن حساب الثروة يطرح الديون من الأصول، مما يعني أن بعض الفئات مثل الطلاب أو المشتريين الجدد للعقارات قد يظهرون كأصحاب ثروة سلبية. وأوضحت أوكسفام أن استبعاد الديون الصافية من الحسابات يزيد من ثروة أفقر نصف سكان العالم إلى حوالي 1.5 تريليون دولار، مما يجعل الفارق أقل، لكنه لا يزال كبيرًا للغاية. ويشير التقرير أيضًا إلى تأثير تقلبات أسعار الصرف في تقييم الثروة، مشيرًا إلى أن استخدام تعادل القوة الشرائية قد يقدم صورة أكثر دقة لتفاوت الثروة عبر البلدان، لكنه لا يغير بشكل جذري الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء. في المجمل، يعكس التقرير استمرار الفجوات الهائلة في توزيع الثروة العالمية، بالرغم من التحديات الفنية في حساب وتفسير البيانات.

الأردن ومصر: تكامل اقتصادي وفرص صناعية واعدة*موسى الساكت
الأردن ومصر: تكامل اقتصادي وفرص صناعية واعدة*موسى الساكت

Amman Xchange

timeمنذ 4 ساعات

  • Amman Xchange

الأردن ومصر: تكامل اقتصادي وفرص صناعية واعدة*موسى الساكت

الغد شهدت عمّان قبل أيام انعقاد اجتماعات الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا الأردنية – المصرية المشتركة، برئاسة رئيسي وزراء البلدين. وجاءت هذه الاجتماعات لتؤكد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ولتفتح آفاقاً جديدة للتعاون، حيث تم توقيع تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات متنوعة، تعكس إرادة سياسية واضحة نحو شراكة اقتصادية أعمق. من بين أبرز الملفات التي طُرحت، مشروع رفع قدرة الربط الكهربائي بين الأردن ومصر من 500 ميغاواط إلى 2000 ميغاواط، وهو ما سيخلق شبكة طاقة إقليمية أكثر مرونة ويعزز أمن الإمدادات. كما برزت مبادرات لتوسيع التعاون في الصناعات الغذائية والدوائية والأسمدة، عبر إنشاء مناطق صناعية مشتركة تستفيد من الخبرات الأردنية في صناعة الأدوية والأسمدة، والقوة الإنتاجية والسوق الواسعة في مصر. التكامل الزراعي والغذائي بدوره يشكل فرصة مهمة، خصوصاً في ظل التحديات الإقليمية لأمن الغذاء. فالأردن قادر على زيادة صادراته من الخضراوات والفواكه للأسواق المصرية، فيما توفر مصر للحكومة والقطاع الخاص الأردني فرص استيراد الحبوب والزيوت بأسعار تنافسية. وعلى الصعيد اللوجستي، هناك توجه لتطوير النقل البحري بين العقبة والموانئ المصرية، وتبسيط الإجراءات الجمركية لتسريع حركة السلع وخفض التكلفة. حجم التبادل التجاري بين البلدين تعدى 950 مليون دولار في 2024، مقابل 706 ملايين دولار للفترة نفسها من 2023، بزيادة تقارب 30 %. ورغم هذا التحسن، ما يزال الميزان التجاري يميل لصالح مصر، ما يستدعي خطوات عملية لتعزيز الصادرات الأردنية. ورغم غياب إعلان رسمي عن أرقام مستهدفة، فإن المؤشرات الحالية والاتفاقيات الجديدة تفتح المجال لتجاوز حاجز المليار دولار سنوياً خلال العامين المقبلين، مع إمكانية الوصول إلى 1.5 مليار دولار خلال خمس سنوات إذا تم تنفيذ المشاريع المعلنة ورفع القيود أمام التجارة والاستثمار. لتحقيق هذه الأهداف، لا بد من إنشاء منصة استثمارية مشتركة للترويج للفرص الواعدة، وإطلاق مشاريع صناعية ثنائية، وتسريع الربط الجمركي والإلكتروني، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للشعبين. إضافة إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الرقمي. كما يجب تمكين القطاع الخاص ليكون شريكاً فاعلاً في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. العلاقات الأردنية – المصرية اليوم أمام لحظة فارقة. الزيادة الملحوظة في حجم التبادل التجاري تعكس إمكانات كبيرة، لكن تحويل هذه الإمكانات إلى إنجازات واقعية يتطلب عملاً جاداً وإرادة مستمرة. فالتكامل الاقتصادي بين البلدين ليس خياراً ترفياً، بل ضرورة إستراتيجية لمواجهة التحديات وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للشعبين.

8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم
8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم

خبرني

timeمنذ 9 ساعات

  • خبرني

8 مليارديرات يملكون ما يعادل ثروة نصف سكان العالم

خبرني - كشف تقرير جديد صادر عن منظمة أوكسفام عن أرقام مثيرة حول التفاوت الكبير في الثروة حول العالم، حيث تبين أن ثروة أغنى ثمانية رجال تعادل ثروة أفقر نصف سكان الكرة الأرضية. كما أشار التقرير إلى أن أغنى اثنين من المليارديرات في أستراليا يمتلكان ثروة أكبر من أفقر 20% من سكان البلاد، في حين أن أغنى اثنين من المليارديرات في كندا أغنى من أفقر 30% من سكان كندا. يصدر تقرير أوكسفام بشكل سنوي قبيل انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي، ويستخدم في حساباته بيانات من قائمة مليارديرات فوربس وتقارير ثروة بنك كريدي سويس العالمي. ووفقًا للتقرير، فإن أغنى ثمانية أفراد يمتلكون ثروة إجمالية تبلغ حوالي 426.2 مليار دولار، بينما يمتلك أفقر نصف سكان العالم حوالي 410 مليار دولار فقط، ما يؤكد صحة الفجوة الكبيرة في التوزيع. لكن التقرير يشير إلى أن البيانات تحمل تعقيدات فنية، حيث يعتمد بنك كريدي سويس على بيانات عالية الجودة لنحو 55% من سكان العالم فقط، في حين يتم تقدير بيانات الثلث المتبقي بطرق مختلفة. كما أن حساب الثروة يطرح الديون من الأصول، مما يعني أن بعض الفئات مثل الطلاب أو المشتريين الجدد للعقارات قد يظهرون كأصحاب ثروة سلبية. وأوضحت أوكسفام أن استبعاد الديون الصافية من الحسابات يزيد من ثروة أفقر نصف سكان العالم إلى حوالي 1.5 تريليون دولار، مما يجعل الفارق أقل، لكنه لا يزال كبيرًا للغاية. ويشير التقرير أيضًا إلى تأثير تقلبات أسعار الصرف في تقييم الثروة، مشيرًا إلى أن استخدام تعادل القوة الشرائية قد يقدم صورة أكثر دقة لتفاوت الثروة عبر البلدان، لكنه لا يغير بشكل جذري الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء. في المجمل، يعكس التقرير استمرار الفجوات الهائلة في توزيع الثروة العالمية، بالرغم من التحديات الفنية في حساب وتفسير البيانات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store